أما بعد:
فهذا هو اللقاء الرابع والسبعون بعد المائة من اللقاءات التي يعبر عنها بلقاء الباب المفتوح التي تتم في كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا الخميس هو الحادي عشر من شهر شعبان عام (1418هـ).
وبما أننا مقبلون على الاختبار عند كثيرٍ من الإخوة الذين يحضرون، وأننا في استقبال شهر رمضان المبارك فإنه يعتبر هذا اللقاء آخر اللقاء في هذا الشهر، ويستأنف اللقاء إن شاء الله تعالى بعد عيد الفطر، حتى لا يفوت الإخوة الذين يحبون أن يستمعوا إلى هذا اللقاء شيءٌ من اللقاءات، وحتى يقبلوا على دروسهم وامتحاناتهم بطمأنينة.
وبما أننا في استقبال شهر رمضان فإننا نفضل أن نتكلم الآن على ما يتعلق بالصيام والقيام.
فمرتبة صيام رمضان في الدين الإسلامي مرتبة عالية؛ لأنه أحد أركانه، وصيامه فرض بإجماع المسلمين المبني على دلالة الكتاب والسنة، ولهذا قال العلماء: من أنكر فرضيته فإنه مرتدٌ كافر؛ لأن هذا مما يعلم بالضرورة من دين الإسلام، إلا إذا كان حديث عهدٍ بالإسلام، ولم يعرف عن الإسلام شيئاً فحينئذٍ يعرّف، فإن أصر على إنكار الفرضية بعد التعريف حكم عليه بأنه مرتد وقتل، إلا أن يتوب ويقر بالفرضية.
وأما من تركه متهاوناً دون أن يجحد فرضيته فقد اختلف العلماء رحمهم الله هل يكفر ويرتد؛ لأنه ترك ركناً من أركان الإسلام؟
فمنهم من قال بذلك، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله: أن تارك الصيام كسلاً وتهاوناً كافر كتارك الصلاة.
لكن جمهور العلماء: على أنه لا يكفر؛ لأن عبد الله بن شقيق رحمه الله أحد كبار التابعين قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة.
فالصواب: أنه لا أحد يكفر بترك ركن من أركان الإسلام إلا في الشهادتين والصلاة فقط.
وهذه واضحة في التخيير، ثم تعين الصوم وصار الإطعام لمن لا يستطيع الصوم على وجه دائم، وهكذا عادة الله تبارك وتعالى في الشرائع التي تشق على الناس أن يجعلها بالتدريج كما جعل الخمر تحريمه بالتدريج، وكذلك كان الناس في أول الأمر إذا نام الإنسان أو تعشى فإنه يجب عليه أن يبقى إلى أن يصوم من اليوم الثاني ثم نسخ هذا والحمد لله.
الشرط الأول: البلوغ.
الثاني: العقل.
الثالث: الإسلام.
الرابع: القدرة.
الخامس: الإقامة.
السادس: الخلو من الموانع.
المجنون لا يؤمر به ولو صام لن يقبل منه ولا يصح منه؛ لأنه مجنون ليس له قصد.
أما من يرجو زوال عجزه فإنه ينتظر حتى يزول عجزه ثم يقضي، لقول الله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185].
فهذه شروط وجوب أداء الصيام.
لكن يمكن أن يقال: إن الدليل هو قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي يرويه عن الله تعالى أن الله قال في الصائم: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) فإن المني شهوة، ولهذا لا يسمى التلذذ بالجماع إلا بالإنزال، ويدل لهذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (وفي بضع أحدكم صدقة -يعني جماع امرأته فيه صدقة- قالوا: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: نعم، أرأيتم إن وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟ قالوا: نعم، قال: كذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) وهذا هو رأي جمهور العلماء: أنه يفطر بالإنزال بشهوة إذا كان بفعله، ولا شك أن هذا أحوط، وأنه لا يحل لإنسان وهو صائم صوماً واجباً أن يفعل ذلك، أي: أن ينزل بشهوة بفعله، وأنه إذا فعل فليقض.
وقولنا: نزول المني بشهوة احترازاً مما لو أصيب الإنسان بمرض وصار المني ينزل منه، أو سقط من جدار ومع السقطة نزل المني فهذا لا يفطر.
وقولنا: بفعله، احترازاً مما لو فكر الإنسان للجماع فأنزل؛ فإنه لا يفطر بذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم)، لكن لو كان عند التفكير حرك ذكره فأنزل بهذا التحريك فإنه يفطر أو لا يفطر؟ يفطر؛ لأن هذا بفعله فهو استنماء في الواقع.
الجواب: أن الرسول عليه الصلاة والسلام إنما قال: (أفطر الحاجم والمحجوم) لحاجمٍ معروف معتاد حجمه في ذلك الوقت، وكانوا في ذلك الوقت يحجمون بالقوارير التي فيها الأنابيب الصغيرة يمصها الحاجم حتى يصل الدم إلى هذا الأنبوب ويعلم أنه بدأ يلتقط الدم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: لأنه ربما مع جذبه الدم يصل إلى معدته شيءٌ منه وهو لا يشعر به، ولهذا قال: (أفطر الحاجم والمحجوم).
فعلى هذا: إذا حجم وظهر دم من الذي يفطر؟ الحاجم وحده أو المحجوم وحده؟ كلاهما يفطران الحاجم والمحجوم.
وبناءً على ذلك: إذا كان الصوم واجباً كرمضان، وقضائه، والكفارة، والفدية، وما أشبه ذلك هل يجوز أن يحتجم أو لا؟
الجواب: لا، لا يجوز أن يحتجم لأن إفساد الواجب حرام إلا إذا اضطر إلى ذلك وصار يأتيه غشية من هيجان الدم واحتاج إلى أن يحتجم فهنا نقول: احتجم وأفطر: كل واشرب.
ولكن قد يقول قائل: هذا عكس الأكل والشرب؛ الأكل والشرب يوصل الطعام والشرب إلى المعدة وهذا أيش هو؟ يخرج الطعام والشراب من المعدة، فكيف يكون مفطراً؟
فجوابنا على هذا من وجهين:
الوجه الأول: أن هذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا حكم الرسول عليه الصلاة والسلام بشيء فهو كحكم الله، لقوله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80]، وإذا كان هذا حكم الله ورسوله فشأن المؤمن أن يقول: سمعنا وأطعنا، قال الله تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ [النور:51-52]، وقال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:36] هذا جواب، أن نقول: هذا حكم رسول الله، وحكم رسول الله كحكم الله وليس لنا أن نخرج عنه.
الجواب الثاني أن يقال: خروج الطعام من المعدة يوجب ضعف البدن وانحلاله فهو كخروج الدم بالحجامة وعلى هذا فالتفطير بالحجامة كالتفطير بالقيء، يساند بعضهما بعضاً، فنقول لمن كان صومه واجباً: لا تتقيأ حرامٌ عليك، فإن اضطررت إلى ذلك فتقيأ وأفطر وكل واشرب من أجل أن ترد إلى البدن قوته ونشاطه.
الثامن: خروج دم الحيض، فإذا خرج دم الحيض ولو قبل الغروب بدقيقة واحدة فسد الصوم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟) وأجمع العلماء على أن الحائض لا يصح صومها.
أما لو خرج دم الحيض بعد الغروب ولو بدقيقة فالصيام صحيح؛ لأن الأحكام تتعلق بخروج الدم لا بالإحساس به بدون خروج.
هذه هي المفطرات، فتبين الآن أن المفطرات منها ما هو اختياري ومنها ما هو بغير اختيار، فما هو الاختياري؟
السبعة الأولى التي ذكرناها هذه اختياري.
وأما ما ليس اختيارياً فهو: الحيض والنفاس.
الشرط الأول: العلم.
الشرط الثاني: الذكر.
الشرط الثالث: القصد.
الشرط الرابع: الاختيار.
ودليلٌ آخر في نفس الموضوع: ما أخرجه البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (أفطرنا في يوم غيمٍ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم) ولم يؤمروا بقضاء، فإذا كان الصحابة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام أفطروا في يوم الغيم ظناً منهم أن الشمس قد غربت، ثم تبين أنها لم تغرب ولم يأمرهم بالقضاء، علم أنه لا قضاء على شخصٍ جاهل.
لقال: لا. إذاً: هو لم يقصد فصيامه صحيح.
ولو فرض أنه في مكانٍ فيه دخان أو غبار وثار الغبار أو الدخان حتى استنشقه وصل المعدة فإنه لا يفطر، ولهذا نقول: يجوز للصائم أن يتبخر، العامة يقولون: الصائم ما يتبخر، هذا ما هو صحيح، له أن يتبخر لكن لا يستنشق البخور، حتى لو فرض أنه أخذ المبخرة ووضعها تحت ذقنه ثم ضم إليها الغترة فلا بأس؛ لأن هذا لم يقصد إدخال الدخان إلى بطنه، لكن لا يستنشقه، هذا القصد.
إنسان أيضاً جذب البنـزين بخرطوم الماء وكان من قبل لا توجد محطات كثيرة فيأخذون البنـزين في البراميل، ثم يضعون الخرطوم في البرميل ثم يجذبه السائق من أجل أن يعبئه في السيارة، أحياناً بل كثيراً ما ينزل شيء من البنزين إلى بطنه، فإذا كان صائماً هل يفسد صومه؟ لا يفسد صومه؛ لأنه بغير قصد.
إن كان في رمضان فلا يجوز، ولكن كيف يجوز للزوج أن يطأ وهي لا يجوز أن توطأ؟
صورة ذلك: أن رجلاً مسافراً وكان مفطراً في سفره، ثم قدم البلد وهو على إفطاره فهذا له أن يأكل ويشرب حتى تغيب الشمس؛ لأنه لا يلزمه الإمساك على القول الراجح، حينئذٍ يكون الزوج يحل له الفطر ومنه الجماع، لكن الزوجة صائمة لا يحل له أن يفسد صومها.
كذلك إذا كانت تقضي قضاء رمضان، وقد شرعت في القضاء بإذنه فإنه لا يحل له أن يفسد صومها بالجماع؛ لأنه قد أذن لها.
وكذلك إذا صامت نفلاً بإذنه، فإنه لا يحل له أن يفسد صومها؛ لأنه أذن لها.
ولكن في هذه الحال وهي صائمة صيام نفل بإذنه لو طلب منها أن تأتي للفراش فهل الأفضل أن تستمر في الصوم وتمتنع أو أن تجيب الزوج؟
الثاني أفضل: أن تجيب الزوج؛ لأن إجابتها الزوج من باب المفروضات في الأصل، والصوم تطوع من باب المستحبات، ولأنه ربما لو أبت مع شدة رغبته، ربما يكون في قلبه شيءٌ عليها فتسوء العشرة بسبب ذلك.
كذلك لو بقي من قضاء رمضان من شعبان بقدر الأيام التي عليها وشرعت في الصوم ولو بغير إذنه، فإنه لا يجوز له أن يفسد صومها؛ لأن صومها القضاء قبل دخول رمضان الثاني أمرٌ واجب.
هذا ما يتعلق بالصيام والمفطرات.
أما آداب كثيرة في الصيام والحرص على الطاعة والذكر وقراءة القرآن وغيرها فهذا أمرٌ لا يتسع المقام لذكره.
والسنة أن تصلى جماعةً في المساجد؛ لأن هذا فعل الرسول عليه الصلاة والسلام، صلى بهم ثلاثة ليال ثم تأخر وقال: (إني خشيت أن تفرض عليَّ) وخشية الفريضة الآن غير واردة؛ لأنه انتهى زمن التشريع فليست واردة.
وينبغي للإمام ألا يزيد على ثلاث عشرة ركعة، إما إحدى عشرة وإما ثلاث عشرة، ولا يجوز له أن يقرن بين الركعات، يعني بمعنى: أن يصلي أربعاً جميعاً وأربعاً جميعاً؛ لأن هذا ليس من السنة، بل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى)، ثم إنه قد يشق على الناس إذا جمع أربع ركعات جميعاً يشق على الناس بماذا؟ قد يكون بعض الناس محصوراً يحتاج إلى قضاء الحاجة، أو مشغولاً بشغلٍ ضروري، أو ما أشبه ذلك، فيكون هذا من جنس فعل معاذ -رضي الله عنه- حينما أطال بقومه في صلاة العشاء، فنهاه الرسول عليه الصلاة والسلام.
لكن قد يقول قائل: ما تقولون في حديث عائشة : (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً)؟نقول: هي حكت عدد القيام أنه إحدى عشرة، ثم فصلت فقالت: أربع وأربع وثلاث، ومعنى ذلك: أنه إذا صلى أربعاً توقف، ثم صلى أربعاً، هذا هو المتعين، ولا يمكن أن يحمل على أنها أربع مسرودة لوجهين:
الوجه الأول: أن هذا الإجمال الذي حصل في حديث عائشة فصل من عائشة رضي الله عنها نفسها: (أنه كان يصلي ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ثلاث).
ثانياً: أن الرسول عليه الصلاة والسلام نفسه قال: (صلاة الليل مثنى مثنى) ومن فهم من بعض الناس أنه يجمع الأربع فقد فهم خطأً، ولم يجمع بين النصوص.
كذلك أيضاً: لا نرى أنه لا يجوز للإنسان أن يوتر بسبع أو تسع سرداً في التراويح؛ لأن بعض الناس قال: أنا أوتر خمساً جميعاً أو تسعاً جميعاً لأعلم الناس السنة، فيقال: أأنت أحرص على إبلاغ السنة والشريعة من رسول الله؟
الجواب قطعاً: لا، هل قام الرسول بالناس على هذا الوجه؟
لا، إنما أوتر بنفسه في بيته، أوتر بخمس ولم يسلم إلا في آخرها، وبسبع لم يسلم إلا في آخرها، وبتسع لم يسلم إلا في آخرها، ما صلى بالناس على هذا.
والإنسان الذي يصلي بالناس يجب أن يراعي أحوال الناس، أرأيتم رجلاً جاء ليصلي في المسجد وصلى بهم تسعاً جميعاً ماذا يكون؟
مشقة على الناس، قد يحدث لإنسان أنه يحتاج إلى الخلاء، وقد يدخل إنسان على أنها ركعتين يريد أن يصلي ركعتين أو أربع ركعات وينصرف إلى البيت لحاجة، ثم إذا دخل الآن ماذا ينوي؟
لأن هذه الخمس أو السبع أو التسع ستكون وتراً أو قياماً؟ وتراً، ماذا ينوي الداخل؟ الداخل سينوي أنها تهجد قيام؛ لأنه لا يدري عن الإمام، فتختلف النية وحينئذٍ سيتعب هذا الداخل ثم في التالي نقول: إنك لم توتر؛ لأنك ما نويت الوتر.
فلهذا يجب على الأئمة أن يراعوا أحوال الناس، وأن يضموا السنة بعضها إلى بعض حتى يتبين الأمر.
ثم إذا قال: أنا أريد أن أعلم الناس السنة، نقول: جزاك الله خيراً أبلغ الناس السنة بالقول، قل: إن الرسول يوتر بخمسٍ جميعاً، وسبعٍ جميعاً، وتسعٍ جميعاً، أُعْلِم الناس بهذا اللفظ، وأما أن تقول: أُعْلِمُهم بشيء يشق عليهم، وليس فعله من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام، فهذا غلط.
لذلك أحث إخواني الأئمة وكذلك غير الأئمة: أن يحثوا الناس على هذه التراويح، وأحث الأئمة على أن يصلوا التراويح صلاةً مطمئنة ليس فيها سرعة ولا عجلة؛ لأن الله تعالى يقول: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك:2] لم يقل: أيكم أسرع عملاً، والناس في رمضان يحبون أن يطمئنوا كثيراً في الركوع والسجود والتشهد، الآن كثيرٌ من الأئمة حسب ما نسمع في الركوع يسبح ثلاثاً بسرعة، والمأموم يقول الإمام: سمع الله لمن حمده قبل أن يسبح مرة واحدة؛ لأن المأموم سوف يشرع في الركوع بعد وصول الإمام إلى الركوع، فيقوم الإمام قبل أن يقوم المأموم من ركوعه كيف هذا؟!
كذلك في التشهد ما أن يصل الناس إلى قولهم: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا ويسلم الإمام، أعوذ بالله دع الناس يكملوا الصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام على حسب ما علمهم الرسول؛ الرسول علمهم كيف يصلون عليه، ماذا قال لما قالوا: كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد).
ثم إنه أمر أمته عليه الصلاة والسلام إذا تشهدوا التشهد الأخير أن يقولوا: (أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال).
كثيرٌ من الأئمة مع الأسف في قيام رمضان لا يصلون إلا هذا الحد، فتجد المأموم يرتبك هل يسلم قبل أن يكمل التشهد أو يبقى يكمل التشهد وإذا بالإمام قد قرأ الفاتحة من التسليمة الثانية.
فأرجو من إخواننا الأئمة أن يراعوا هذا.
وأسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يدرك رمضان فيصومه إيماناً واحتساباً وأن يتقبل منا ومنكم.
ولعل هذا المجلس يكون إن شاء الله فيه فائدة، والتفسير ليس وقته محدوداً حتى نقول: لابد منه، إن شاء الله تعالى نحن في مستقبل الأيام ونسأل الله أن يعيننا على الخير والطاعة.
الجواب: إذا حجم الحاجم بغير الأنبوب يعني: بآلات منفصلة عن فمه فالمذهب أنه يفطر؛ لأنهم يرون أن الحجامة المفطرة على وجه التعبد لا على وجه القياس والنظر.
واختار شيخ الإسلام رحمه الله أنه لا يفطر، بناءً على أن العلة معقولة، وإذا انتفت العلة انتفى الحكم، وهذا عندي أقرب من القول بأنه يفطر، فإذا كان هناك آلات يحتجم بها الناس بدون أن يمص القارورة، فإنه لا يفطر في ذلك، كما أنه لو أخرج الدم بالفصد أو التشريط أو لأجل أن يحجم في مريض يحتاج إلى دم فإنه يفطر على القول الراجح وإن لم يكن حجامة.
الجواب: لا. لم يرد في فضل رجب حديثٌ صحيح، وأجود ما فيه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية أجود ما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا دخل رجب: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان) على أن الحديث هذا أيضاً متكلم فيه، وعلى هذا فلا يمتاز شهر رجب عن جمادى الآخرة الذي قبله إلا بأنه من الأشهر الحرم فقط، وإلا ليس فيه صيام مشروع، ولا صلاة مشروعة، ولا عمرة مشروعة ولا شيء، هو كغيره من الشهور.
أما شعبان فنعم يمتاز عن غيره بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر صومه، بل كان يصومه كله إلا قليلاً، فينبغي الإكثار من الصيام في شعبان.
الجواب: لا النظر مقدم، مثلاً لو كان التقويم يقرر أن الشمس غربت وأنت ترى الشمس لا يجوز أن تؤذن ما دمت ترى الشمس، وهذا يقع كثيراً، يعني: شوهد أن التقويم قد قرر غروب الشمس، والذين في البر يقولون: ما غابت، فالنظر مقدم.
الجواب: لا. ما ثبت أنه احتجم وهو صائم، ثبت أنه احتجم وهو محرم، فيه مثلاً تقرير قاعدة في هذه المسألة يعني: لو فرضنا أن الرسول ثبت أنه احتجم وهو صائم فلدينا أمران:
احتجامه وهو صائم بناء على أن الأصل عدم الفطر بالحجامة، فإذا جاء دليل يدل على أن الحجامة مفطرة أخذنا به؛ لأن هذا الدليل الذي يدل على أن الحجامة مفطرة دليلٌ ناقلٌ عن الأصل، فيكون فيه زيادة علم، فيقال: أن نأخذ بما فيه زيادة علم، هذا أمر.
الشيء الثاني: أن الرسول احتجم وهو صائم أي صيام كان؟ هل هو فريضة أو نافلة؟ إذا كان نافلة فلا توجد مشكلة؛ لأنه يحتجم ويفطر وليس به إشكال، وإن كان صيام الفريضة وكان محتاجاً إلى ذلك جاز أن يحتجم، فهذه قضية عين لا يمكن أن نجعلها معارضة للحديث القولي، بل إن بعض العلماء كـالشوكاني رحمه الله يرى أنه لا تعارض بين قوله صلى الله عليه وسلم وفعله؛ لأن فعله صلى الله عليه وسلم يحتمل الخصوصية فلا يعارض به القول العام.
لكننا لا نوافقه على هذا، نقول: يجب الجمع بين قوله وفعله، لكن فعله يكون قضية عين له احتمالات فلا يعارض، والأصل عدم وجود الاحتمال.
الجواب: لا. أهم شيء الاتفاق على الصيام، نحن نرى أن هذا مبدأ لم يكن عليه الصحابة أنهم يتواعدون أن يصوموا الإثنين والخميس وما أشبه ذلك، ويخشى أن تتطور المسألة حتى يرتقي إلى ما هو أشد، ثم نشبه أهل التصوف الذين يتفقون على ذكر معين يفعلونه جماعة، فلذلك يقال للشباب: من صام غداً فسيكون الإفطار عند فلان مثلاً، هذا لا بأس به، لكن الاتفاق على صوم يومٍ معين هذا ليس من هدي الصحابة، ثم كون الإنسان يعود نفسه أنه لا يصوم إلا إذا صام معه غيره هذا بعد مشكلة، فكون الإنسان يصوم من طوع نفسه سواء كان معه غيره أو لا، هذا هو الذي عليه السلف الصالح .
الجواب: أما إذا كان المؤذن يقول: أنا لا أؤذن إلا إذا رأيت الفجر فإنه يجب قطعه من حين ما يسمع الأذان؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن
أما إذا كان على التقويم فالتقويم عندنا فيه تقديم في الفجر خاصة، يعني: حوالي خمس دقائق، كما يعرف الإخوان بعض المؤذنين يؤذن على التوقيت وبعضهم يتأخر، فعلى كل حال الإنسان يجعل عنده ساعة مضبوطة يمكن أن يعرف طلوع الفجر بأن يضيف على التقويم خمس دقائق وحينئذٍ يمسك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر