أما بعد:
فهذا هو اللقاء الحادي والثمانون بعد المائة من اللقاءات المعروفة باسم: (لقاء الباب المفتوح) الذي يتم كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا الخميس هو الثامن عشر من شهر محرم عام (1419هـ).
نبتدئ هذا اللقاء كجاري العادة في تفسير آيات من كتاب الله عز وجل، وقد اخترنا أن نبدأ بالمفصل الذي يبتدئ من سورة (ق) إلى آخر القرآن؛ لأنه هو الذي يكثر سماعه عند العامة حيث إنه يقرأ في الصلوات المفروضة.
يقول الله عز وجل: أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ أيها المكذبون بالنبي صلى الله عليه وسلم! ومعنى ( تَعْجَبُونَ أي: ترونه عجباً منكراً؛ ولهذا قالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:5]، وقال الله تعالى: بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ [ق:2-3] فهم يتخذون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عجباً، والمراد عجب الإنكار والاستبعاد.
قوله: وَلا تَبْكُونَ أي: لا تبكون من هذا الحديث خشية وخوفاً وإنابة إلى الله عز وجل، بل هم أقسى الناس قلوباً والعياذ بالله، أو من أقسى الناس قلوباً، لا تلين قلوبهم ولا يبكون من خشية الله.
وهذا نظير ما قاله المكذبون لأول رسول أرسل إلى بني آدم، حيث قال الله تبارك وتعالى عن قوم نوح: وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ [نوح:7] حتى لا يسمعوا: وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ [نوح:7] أي: تغطوا بها حتى لا يروا ولا يبصروا: وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً [نوح:7] كما كان في أول أمة كان في آخر أمة.
انتهى الكلام الذي منًّ الله به على هذه السورة؛ سورة النجم، أسأل الله تعالى أن ينفعني وإياكم به.
إذاً: الجار والمجرور في البسملة متعلق بمحذوف يقدر فعلاً لا اسماً، متأخراً لا متقدماً، مناسباً لما ابتدئ به.
قلنا: إنه مقدر فعلاً لا اسماً؛ لأن الأصل في العامل أن يكون فعلاً، ولذلك يعمل الفعل عمله بدون أي شرط، وأما الأسماء فلا تعمل أعمالها إلا بشروط، المصدر له شروط، حتى يعمل عمل الفعل، اسم الفاعل يعمل بشروط، اسم المفعول كذلك يعمل بشروط، الصفة المشبهة، جميع العوامل غير الفعل لا تعمل إلا بشروط، أما الفعل فإنه يعمل بدون شرط، وقدرناه متأخراً تبركاً بالبداءة بباسم الله، وثانياً: ليفيد الحصر، أي: إني أقرأ باسم الله لا باسم غيره، فنقدم الآن المؤخر تبركاً بالبداءة بباسم الله. ثانياً: لإفادة الحصر، نقدره مناسباً لما ابتدئ به لأنه أدل على المقصود، فمثلاً: لو أردنا أن نقرأ وقلنا: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) التقدير: باسم الله ابتدئ. هل يفهم السامع أنك تريد أن تقرأ؟ لا. يفهم أنك تريد أن تبتدئ، لكن لو قلت: باسم الله أقرأ فهم أنك تريد القراءة، لذلك قلنا أنه يقدر فعلاً مناسب.
هذه البسملة آية من كتاب الله لا يقرأها الجنب باعتبار أنها القرآن، لكن يقرأها باعتبار أنها ذكر، فلو أراد أن يأكل وقال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فليس حراماً عليه، لكن لو أراد القراءة وقال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وهو جنب، قلنا: هذا حرام عليه.
أما معناها: (باسم الله) اسم مفرد مضاف فيعم جميع الأسماء، فإذا قلت: باسم الله فكأنما قلت: بكل اسم من أسماء الله، وأسماء الله تعالى كلها خير وبركة، حتى إن الإنسان ليذبح الذبيحة بآلة حادة وينهر الدم ولا يسمي فتكون ميتة لا تحل، فإذا سمى صارت طيبة حلالاً، وإن الإنسان ليأكل فيشاركه الشيطان في أكله ويأكل معه وتنزع البركة من أكله، فإذا قال: باسم الله امتنع الشيطان من الأكل معه.
وإن الإنسان ليسمي عند إتيان أهله فإذا قدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً، إذا قال: (باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا).
وإن الإنسان ليسمي على الوضوء فيكون صحيحاً ويدع التسمية على الوضوء فيكون غير صحيح عند بعض أهل العلم.
الخلاصة: أن البسملة كلها بركة.
أما (الله) فهو علم على رب العالمين جل وعلا لا يسمى به غيره.
(الرحمن): ذو الرحمة الواسعة العامة لكل شيء.
(الرحيم): الرحمة الخاصة التي قال الله فيها: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب:43].
وقيل: الرحمن باعتبار الوصف، والرحيم باعتبار الفعل.
قوله: اقْتَرَبَتِ بمعنى: قربت، لكن العلماء يقولون: إن زيادة المبنى يدل على زيادة المعنى، وهنا (اقتربت) فيها زيادة في المبنى على قربت، والزيادة هي الهمزة والتاء، فيدل على أن الاقتراب قريب جداً، أو يدل على أن القرب قريب جداً، فمعنى (اقتربت) أي: قربت جداً.
قوله: السَّاعَةُ هي: يوم القيامة، وقد قال الله تعالى فيها: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [محمد:18] أي: علاماتها.
من علاماتها:
بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام وكونه خاتم الأنبياء دليل على أن الساعة قد اقتربت؛ ولهذا حقق النبي صلى الله عليه وسلم هذا بقوله: (بعثت أنا والساعة كهاتين، وقال بإصبعه الوسطى والسبابة) الآن السبابة قريبة من الوسطى أليس كذلك؟ ليس بينهما إلا جزء يسير مقدار الظفر، وهذا يدل على قربها، لكن مع ذلك كم بيننا وبين الرسول صلى الله عليه وسلم الآن، نحن في القرن الخامس عشر الهجري يعني: بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاث عشرة سنة، ومع ذلك ما زالت الدنيا باقية، مما يدل على أن ما مضى طويل جداً، حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم خطب الناس ذات يوم عند غروب الشمس، فقال: (إنه لم يبق من الدنيا -يعني بالنسبة لمن سبقكم- إلا كما بقي من يومكم هذا) إذاً: (اقتربت الساعة) أي: قرب يوم القيامة.
قوله: (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) وكأن الله عز وجل أشار إلى أن هذا من أشراط الساعة، (وانشق القمر) أي: صار فرقتين، تميز بعضهما عن بعض، أحدهما على جبل أبي قبيس والثاني على جبل قعيقعان، يعني: واحد على الصفا وواحد على المروة، والمسافة في رؤيا العين ما بين الصفا والمروة بعيدة جداً قد تستغرق سنوات، وانشق القمر في لحظة بأمر الله عز وجل، وتباعدت أجزاؤه بلحظة؛ لأن قريشاً كانوا يتحدون الرسول صلى الله عليه وسلم، ويطلبون منه الآيات، وقد قال الله رداً عليهم: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ [العنكبوت:50-51] لكن ليس بكافيهم لأنهم معاندون لا يريدون الحق، أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا محمد! أنت تقول: إنك رسول وإنه يأتيك الخبر من السماء وكذا وكذا أرنا آية، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى القمر ودعا ربه فانفلق فلقتين في لحظة، من يفلق هذا الجسم العظيم السماوي العالي إلا رب العالمين عز وجل، أراهم إياه، لكن هل نفع؟ لا. لم ينفع؛ بل قالوا: سحرنا محمد، وبعضهم قال: سحر القمر، وأنكروا، وقال بعضهم لبعض: اسألوا المسافرين إذا قدموا هل رأوه أم لا؟ فصاروا يسألون المسافرين من كل وجه يقدمون مكة فيقولون: نعم. رأيناه في الليلة الفلانية كذا وكذا، وهذا بالنسبة للقريبين منهم كأهل الجزيرة مثلاً، أما البعيدون فقد لا يرون هذا، لماذا؟ للبعد، وكما نعلم الآن أن الليل هنا يكون نهاراً في مكان آخر، أو يوجد غيوم وضباب كثير يمنع الرؤية، ولهذا لا يمكن أبداً لأي عاقل أن ينكر انشقاق القمر انشقاقاً حسياً لأنه لم يذكر في تاريخ اليونان ولم يذكر في تاريخ الهند ولم يذكر في كذا وكذا، هذا ليس حجة يبطل به ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من أن القمر انشق فعلاً انشقاقاً حسياً، ونحن نؤمن بأن القادر على أن يطوي السماوات بيمينه كطي السجل للكتب قادر على أن يفلق القمر فلقتين، أي شيء يعجزه؟ لا شيء: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً [فاطر:44].
ولهذا لا وجه لإنكار من أنكر ذلك ممن ينتسبون إلى الإسلام، ويقولون: إن الأفلاك السماوية لا يمكن أن تتغير، الله أكبر! من الذي خلق الأفلاك السماوية؟ أليس الله؟ بلى. إذاً: هو قادر على أن يغيرها: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82] انشقاق القمر انشقاق حسي، انفلق فلقتين، ورآه الناس وشاهدوه ولكن المكابر المعاند لا يقبل شيئاً.
(آية): نكرة في سياق الشرط (إن يروا) أي آية يرونها يعرضون عنها ولا يقبلونها، ويجمعون بين الإعراض وبين الإنكار باللسان: (يعرضوا): أي بقلوبهم وأبدانهم، (ويقولوا) بألسنتهم: (هذا سحر مستمر) وتعرفون أن السحر يؤثر لا في قلب الأعيان ولكن في رؤية الأعيان.
ألم تروا أن موسى عليه السلام لما ألقى السحرة سحرهم كان يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى، انقلب الوادي كله حيات تسعى، حتى أن موسى أوجس في نفسه خيفة من هول ما رأى، لكن هذه الحبال والعصي هل انقلبت إلى حيات أم هي هي؟ هي هي، لكن حسب نظر الرائي أنها حيات، فهم يقولون: (هذا سحر) سحر محمد حتى كانت أعيننا ترى القمر وهو واحد فلقتين.
وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [القمر:2] قيل: إن المعنى: زائل ذاهب، من مر بالشيء إذا تجاوزه، قال: هذا سحر ولن يستقر ولا قرار له، وقيل: (مستمر) أي أن كل الآيات التي يأتي بها سحر، أي: مستمر من إمرار الشيء ودوام الشيء، وأياً كان فإنهم أنكروا وكذبوا، ولهذا قال: وَكَذَّبُوا [القمر:3] أي: كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم وكذبوا بآياته: وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [القمر:3] أي: ما يريدون من الباطل: وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ [القمر:3] أي: لابد له من قرار، فهؤلاء المكذبون قرارهم الذل والخسران في الدنيا، والنار في الآخرة، والنبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه أمرهم مستقر بالنصر والتأييد في الدنيا، والجنة في الآخرة، جعلنا الله وإياكم منها.
الجواب: السلام على المصلي جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الذين يسلمون عليهم، إلا إذا خاف المسلم أن يشوش على المصلي فلا يسلم، أو خاف أن يتكلم بالرد، يعني: العامة أكثرهم لا يفهم، ربما إذا سلمت عليه قال: وعليك السلام. فبطلت صلاته إذا كان عالماً بأنها تبطل بذلك.
فعلى كل حال نقول: السلام على المصلي غير منكر؛ لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم عليه، إلا إذا خاف التشويش أو إبطال صلاة المسلَّم عليه فلا يسلم، أما كيف يرد؟ فلا يرد باللفظ فلا يقول: عليك السلام، وإنما يرد بالإشارة يرفع يده حتى يعرف المسلم أنه رد عليه، ثم إن بقي المسلَّم عليه حتى يسلم وينصرف من صلاته رد عليه باللفظ، وإن ذهب لم يجب على المصلي أكثر مما ذكرت من الإشارة.
وظاهر النصوص: أن الرد واجب لكنه يتعذر بالقول لأنه مبطل للصلاة.
الجواب: ليس بصحيح بالنسبة إليَّ، وليس بصحيح بالنسبة للحكم الشرعي، لكن يجب عليه أن يوقظهم وأن يؤدبهم وأن يضربهم على ترك الصلاة لعشر سنين فأكثر، وأما صلاته فهي صحيحة، ولا علاقة لصلاته بصلاة هؤلاء.
الجواب: إذا كان هذا الرجل يعتبر أن محله في الشرقية ومحله هنا كلاهما وطناً له فإنه لا يقصر ولا يجب، يعني: لا يترخص برخص السفر، لا بالجمع ولا بالقصر ولا بمسح الخفين ثلاثة أيام؛ لأن له منـزلين: منـزلاً هناك ومنـزلاً هنا، أما إذا كان يعتبر وطنه ومقره الشرقية وجاء إلى هنا للزيارة أو الاستجمام لمدة قصيرة فإنه مسافر، لكنه يجب عليه إذا سمع النداء أن يجيب ولا عذر له في ذلك في ترك الصلاة جماعة، وإذا أجاب فسوف يتم الصلاة تبعاً لإمامهم، فإن فاتته فله القصر.
الجواب: تعدد الزوجات سبيل لقضاء دينه؟!!
الشيخ: يعني: إذا تزوج امرأة ثانية قضى الله دينه، وثالثة يقضي دينه؟
السائل: نعم.
الشيخ: لا. هذا مخالف، لا أعلم هذا، لكن لا شك أن الذي يتزوج يريد العفاف سواء بزوجة أو أكثر فإنه قد جاء في الحديث أن الله يعينه أي: على الزواج، أما أن يقضي دينه فلا أعلم ذلك، لا أعلم لهذا أصلاً، وإلا كان كلما ضاقت على الإنسان الديون ذهب يتزوج ثانية وثالثة ورابعة، إن قضي الدين وإلا طلق الأولى وأخذ خامسة، لكن قضاء الدين غير مسألة الزواج ما ينفق على نفسه وأهله.
الجواب: هذه الآية: قال قوم من الأعراب: (آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) اختلف المفسرون في هذه الآية: هل المراد المنافقون، أو المراد المؤمنون ضعيفو الإيمان؟ والصواب: أن المراد المؤمنون ضعيفو الإيمان، ولهذا قال: وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14] أي: وهو قريب من أن يلج فيها ويستقر.
فالصواب: أنها في غير المنافقين وأنها في قوم ضعفاء الإيمان، فقال الله تعالى: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا أي: لم يصل الإيمان إلى قلوبكم وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا أي: عملنا بالإسلام ظاهراً وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ لكنه قريب، ولهذا قال الله تعالى: بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ [ص:8] أي: لم يذوقوه ولكنه قريب منهم.
قوله: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إذا أتيتم بشيء من الطاعة لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ لم ينقصكم من أعمالكم شيئاً فسوف يجازيكم عليها وإن لم تقولوا: أسلمنا، حتى ولو لم يكمل الإيمان، أما الذي ليس بقلبه إيمان أصلاً هذا لا ينفعه الآن العمل الصالح.
السائل: ظاهر الآية أنه ليس في قلبه إيمان؟
الشيخ: لا. الإيمان كامل، هذا المراد بها هذا الصحيح، أما إذا قلنا: المنافقون الذين ليس فيهم إيمان أبداً ليس عندهم عمل صالح لو فعلوا لا ينفعهم.
السائل: الذي عنده إيمان قليل ينفعه؟
الشيخ: نعم. ربما يكون عمله الصالح يقوي إيمانه ويزداد.
الجواب: لا شيء في هذا، إذا أحرم الرجل بالإفراد أو بالقران وخرج إلى عرفة ووقف بها ثم بـمزدلفة ثم قدم إلى منى ونزل إلى مكة وسعى سعي الحج وأخر الطواف إلى وقت السفر فلا حرج.
السائل: لكن تحللنا يا شيخ؟!
الشيخ: يتحلل بالرمي والحلق ..
السائل: تحلل قبل الرمي؟
من تحلل قبل الرمي وكان جاهلاً لا شيء عليه.
الجواب: لا شيء عليه، ما دام الرجل لا يعلم أنها بلغت النصاب فلا شيء عليه، فمن شك في وجوب الزكاة ببلوغ النصاب ليس عليه شيء، يعني: يقول: لا أدري هل هو النصاب أم أقل أم أكثر؟ فما عليه شيء.
الجواب: التبرد ليس عبادة وليس طاعة، فإذا اغتسل للتبرد لم يجزئه عن الوضوء، الذي يجزئ عن الوضوء هو الغسل من الجنابة، أو غسل المرأة من الحيض والنفاس؛ لأنه عن حدث، وأما الغسل المستحب كالغسل عند الإحرام مثلاً فإنه لا يجزئ عن الوضوء، وكذلك الغسل الواجب لغير حدث كغسل يوم الجمعة لا يجزئ عن الوضوء، لا يجزئ عن الوضوء إلا الغسل الذي يكون عن حدث؛ جنابةً أو حيضاً أو نفاساً.
السائل: وماذا يكون لو نوى؟
الشيخ: ولو نوى؛ لأنه لابد من الترتيب.
السائل: والغسل عن الحدث، هل لابد من نية؟
الشيخ: إذا نوى الغسل عن الجنابة كفى عن الوضوء، لقول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6] ولم يذكر الوضوء.
الجواب: الجلوس للعزاء صرح كثير من العلماء أنه بدعة، وصرح بعض العلماء كأصحاب الإمام أحمد رحمه الله بأنه مكروه؛ لأنه ليس معروفاً في عهد الصحابة، ولأنه ينبئ عن نوع من الجزع والسخط، كأن هذا يقول للناس: يا ناس! إني مصاب فعزوني. وواجب الإنسان عند المصيبة أن يصبر ويحتسب، ويعلم أن لله ما أخذ وله ما أبقى وأن كل شيء عنده بأجل مسمى، ولا يمكن أن يتعدى الإنسان ما حدد له، ويغلق بابه.
أما بالنسبة للذهاب إليه فإن كان من الأقارب الذين يرون أن عدم المجيء إليهم قطيعة رحم فاذهب إليهم وعزهم وانصرف ولا تجلس.
وأما لو أمره أبوه فإن كان من الأقارب فكما قلت يذهب، سواءً أمره أبوه أم لا، وإن كان من غير الأقارب يقنع أباه ويقول: يا أبت! ليس لهم حق عليك وإن كانوا أصدقاء إذا رأيتهم في السوق أو في المسجد عزهم وإن لم يرهم فليس بواجب.
السائل: هذا يجوز؟
الشيخ: الأقارب يجوز لكن مع ذلك لا يجلس وينصحهم فيقول: أغلقوا الباب فهذا ليس خيراً لو كان خيراً لسبقونا إليه، يعني: سبقنا إليه الصحابة والتابعون.
الجواب: أولاً: يجب على هذا الرجل أن يتوب إلى الله عز وجل وأن يدع الربا، ثم إذا كان هذا الربا الذي جمعه عن جهل لا يدري أنه حرام، أو عن شبهة كأن يقال: إنه حرام ولكن لم يتيقن، فإنه حلال له أن يبقيه عنده، لقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ [البقرة:275].
أما إذا كان عالماً لكنه كان عاصياً ثم منَّ الله عليه بالتوبة والهداية فمن تمام توبته أن يتصدق بهذا المال، تخلصاً منه لا تقرباً به إلى الله؛ لأنه لو تقرب به إلى الله لم يقبل منه، لكن ينوي التخلص، إذ لا سبيل له إلى الخلاص إلا بهذا، بإنفاقه صدقة على فقير، أو في إصلاح طرق، أو إصلاح مساجد وما أشبه ذلك.
أما بالنسبة لأولاده فلا حرج عليهم أن يأكلوا منه في حياة أبيهم ويجيبوا دعوته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة اليهود مع أنهم يأكلون الربا.
وأما إذا ورثوه من بعده فهو لهم حلال؛ لأنهم ورثوه بطريقة شرعية، وإن كان هو حراماً عليه لكن هم كسبوه بطريق شرعي بالإرث، وإن تبرءوا وتصدقوا به عن أبيهم فلعل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه الصدقة تمحوا ما قبلها من السيئات.
الجواب: البلوت بارك الله فيك لو سألت الذين يلعبون البلوت: ما يكون الوقت في حقهم؟ لقالوا: إنه يذهب بسرعة، وإننا نقضي الساعات الطويلة ونحن منكبون عليه، وهذا ضياع للوقت، والوقت في الحقيقة أغلى من الأموال، قال الله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99-100] ما قال: لعلي أكمل لعبي.
وهي أيضاً ليس فيها مصلحة للإنسان؛ لا في جسمه، ولا في تفكيره وعقله، إنما هي لهو وضياع وقت، وإذا كان لعبها ضياع وقت فلا ينبغي للعاقل أن يمضي وقته بلا فائدة.
السؤال: رجل يرغب النقل من منطقة إلى منطقة، ومن شروط النقل: أن يُوجد بديلاً، فأوجد بديلاً لكن البديل اشترط مبلغاً من المال مقابل النقل، فهل يجوز أن يعطيه المبلغ؟
الجواب: لا بأس، يعني: إذا كان شخص يريد أن يتبادل مع آخر في مكان الوظيفة ووافقت الجهات المسئولة فلا بأس بذلك، ولا حرج أن يعطي المتنازل عوضاً عن تنازله؛ لأن هذا حق فيما بين الموظفين ولا علاقة له بالجهات المسئولة.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
نفعنا الله وإياكم بهذا الجلوس، وجعلنا وإياكم ممن يمشون بطلب العلم حتى يكتب لنا الأجر.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر