أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثاني والثمانون بعد المائة من اللقاءات المعروفة باسم: لقاء الباب المفتوح، التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الخامس والعشرون من شهر محرم عام (1419هـ).
أكد الله تعالى في هذه الجملة: (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ) بأنهم أي: قريشاً (جاءهم من الأنباء) أي: الأخبار التي فيها رشدهم وصلاحهم وفلاحهم (ما فيه مزدجر) أي: ازدجار عن الشرك والعصيان، لكنهم لم ينتفعوا بذلك، وهذه الجملة كما تسمعون فيها اللام وفيها قد، وهما من أدوات التوكيد، وفيها قسم مقدر دلت عليه اللام في قوله: (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ) وعليه فتكون هذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم، واللام، وقد، والله سبحانه وتعالى صادق بغير توكيد لخبره لكن هذا القرآن بلسان عربي مبين، واللسان العربي من بلاغته تأكيد الأشياء الهامة حتى تثبت وترسخ في الذهن.
وقوله: (بَالِغَةٌ) أي: تامة واصلة إلى الغرض المقصود منها.
قوله: (فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ) (ما) هذه يحتمل أن تكون نافية، بمعنى: أن النذر لا تغنيهم شيئاً، ويحتمل أن تكون استفهاماً على وجه التوبيخ يعني: فأي شيء تغنيهم، وكلاهما صحيح، فالنذر لن تغنيهم شيئاً وإذا لم تغنهم هذه النذر المشتملة على الحكمة البالغة فأي شيء يغنيهم؟!!
الجواب: لا شيء؛ لأنهم معاندون مستكبرون.
وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * فَتَوَلَّ عَنْهُمْ [القمر:5-6] سوف يأتيهم ما وعدوا به وسوف يتحقق لك ما وعدت به، ويحسن هنا أن تقف: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ثم تستأنف وتقول: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ لأنك لو وصلت لأوهم أن التولي يكون يوم يدعو الداعي، ومعلوم أن التولي في الدنيا وليس يوم يدعو الداعي.
وقوله: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ هو ظرف، والظرف لابد له من عامل كالجار والمجرور، وكجميع المفعولات لابد لها من عامل، فما هو العامل في قوله: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ [المعارج:43]؟ العامل قوله: (يَخْرُجُونَ).
يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ [القمر:6-7] فهي متعلقة بـ(يخرجون) أي: سوف يأتيهم العذاب في ذلك الوقت: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ .
وقوله: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ هو داعٍ يوم القيامة، (إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ) أي: منكر عظيم لشده أهواله، فإنه لا شيء أنكر على النفوس من ذلك اليوم لأنهم لم يشاهدوا له نظيراً.
خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ [القمر:7] (الأجداث) هي القبور، و(كأنهم جراد منتشر) الجراد المنبث في الأرض الذي لا يدري أين وجهته، ليس له طريق قائمة يعرف كيف ينتهي، ولكنهم منتشرون، وهذا من أدق التشبيهات؛ لأن الجراد المنتشر تجده يذهب يميناً ويساراً لا يدري أين يذهب، فهم سيخرجون من الأجداث على هذا الوجه بينما هم في الدنيا لهم قائد، لهم أمير، لهم موجه يعرفون طريقهم وإن كان طريقاً فاسداً.
فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا [القمر:9] وهو نوح، وصفه الله بالعبودية لأن العبودية أشرف ألقاب البشر، العبودية لله أشرف ألقاب البشر، وهي: التذلل له في الطاعة والإنابة والتوكل وغير ذلك، العبودية من حيث هي ثلاثة أنواع:
الأول: عبودية عامة تشمل جميع الخلق وهي: التذلل للأمر الكوني، كقوله تبارك وتعالى: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً [مريم:93] (إن كل) يعني: ما كل من في السماوات والأرض إلا ستكون حاله هذه: أنه آتي الرحمن عبداً، وهذه العبودية للأمر الكوني، لأن أمر الله عز وجل كوني لا يمكن لأحد أن يفر منه مهما كانت قوته.
الثاني: العبودية الخاصة بالمؤمنين، مثل قوله تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً [الفرقان:63] هذه عامة لكل مؤمن.
الثالث: العبودية الخاصة بالأنبياء، وهذه مثل قوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً [الإسراء:1] .. تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ [الفرقان:1] .. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ [الكهف:1] ومن ذلك هذه الآية: فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا [القمر:9].
وقد لبث فيهم نوح ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله، لكنهم كلما دعاهم إلى الله ليغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا قوله، واستغشوا ثيابهم حتى لا يروه واستكبروا استكباراً، ولا أبلغ من هذا الاستكبار: أن يضع الإنسان يده في أذنيه حتى لا يسمع قول الداعي، وأن يستغشي ثوبه فيتغطى به حتى لا يراهم.
قوله: وَقَالُوا مَجْنُونٌ [القمر:9] المجنون: فاقد العقل، الذي يهذي بما لا يدري، قالوا: إنه مجنون، وهذه القولة قيلت في كل الرسل، قال الله تعالى: كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ [الذاريات:52] و(أو) هنا إما للتنويع، فبعضهم يقول: ساحر، وبعضهم يقول: مجنون، أو أنهم يقولون هذا وهذا، وعلى كل حال قالوا في نوح إنه مجنون. وَازْدُجِرَ [القمر:9] قيل: إنه زجر زجراً شديداً، والزجر: هو النهر بشدة وعنف، والدال هنا منقلبة عن تاء، وقد قال العلماء: إن زيادة المبنى يدل على زيادة المعنى، والمعنى: أنه زجر شديد، وقوله: (وَازْدُجِرَ) ينبغي ألا توصل بما قبلها؛ لأنك لو وصلت وقلت: وقالوا مجنون وازدجر. لتوهم السامع أنهم يقولون: مجنون وازدجر يعني: زجره غيره، لكن المعنى خلاف ذلك، فكذبوا عبدنا وازدجر هذا المعنى.
إذاً: الأولى أن تقف: (وقالوا مجنون) ثم تبدأ وتقول: (وازدجر) فيكون هنا لم يقتصر هؤلاء المكذبون على أن كذبوا بل كذبوا وزجروا وتوعدوا وسخروا.
كما نقول هذا أيضاً في العبادات المتنوعة تفعل هذا مرة وهذا مرة كالاستفتاحات ونحوها.
قوله: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ) (أبواب) كل باب في السماء انفتح (بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ) أي: منصب صباً شديداً، فكان كأفواه القرب، ليس كالذرات المعروفة، لا، بل أشد.
وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ [القمر:12] هنا ماء نازل من السماء دل عليه قوله: فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ [القمر:11] وماء من الأرض نادر دل عليه قوله: (وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً) فلماذا لم يقل: فالتقى الماءان؛ لأن المراد ماء السماء وماء الأرض؟ قال العلماء: إنه أراد الجنس؛ لأن جنس الماء هنا واحد ماء الأرض وماء السماء، أو يقال: لأنه لما كان المقصود بهاذين الماءين شيئاً واحداً وهو عذابهم صح الإفراد، (فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) أي: على شيء قد قضاه الله تعالى وقدره في الأزل، فإنه ما من شيء يحدث إلا وهو مكتوب، قال تعالى: وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ [يس:12] يعني: من أعمال بني آدم، ومما يقع في الأرض كل شيء محصى، ولهذا قال: (عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ).
الجواب: أرى أن هذا لا ينبغي أن يستشهد بما نزل عذاباً على ما حصل رحمة؛ لأن (التقى الماء على أمر قد قدر) هذا ماء العذاب، فكيف يستشهد به على ماء يسر الله تعالى الوصول إليه فهو نعمة من الله تبارك وتعالى.
لكن هذا كما يقول بعض الناس الآن إذا أنجز مشروعاً: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105] هذا غلط.
أولاً: هذه الآية نزلت في المنافقين، أي: اعملوا فلن يخفى أمركم.
ثانياً: سيرى الله عملكم ورسوله، هل يمكن أن الرسول يرى ما يحدث الآن؟ لا يمكن، لكن الجهل وتنـزيل الآيات على غير المراد بها أو الاستشهاد بها على ما لا يماثل هذا لا شك أنه من الغلط.
الجواب: هذا المثال يعتبر مثالاً لكن نأخذ قاعدة: إذا زاد الإمام ركعة وقد دخل معه أحد في الركعة الثانية أي صلاة تكون، فهل يعتد المأموم بهذه الركعة الزائدة؟
الجواب: يرى بعض العلماء أنه لا يعتد بها، وأن المأموم إذا سلم الإمام وقد فاتته ركعة يجب أن يقوم ويأتي بركعة، لكن هذا القول ضعيف.
والصواب: أنه يعتد بركعة الإمام الزائدة للمأموم الذي فاته بعض الصلاة، فمثلاً: إذا دخل مع الإمام في الركعة الثانية في المغرب -كالمثال الذي ذكر الأخ- ثم زاد الإمام ركعة سهواً فيكون هذا المأموم المسبوق بركعة قد أتى بثلاث ركعات، إذاً: انتهت صلاته ويجب عليه أن يسلم، فإن زاد ركعة فهذا يعني: أنه تعمد الزيادة وصلى المغرب أربعاً وهذا لا يجوز، والإمام إن كان معذوراً بالزيادة لسهوه فأنت لست بمعذور، فلا يجوز أن تأتي بما زاد على فرض صلاتك، فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا، أو قال: فاقضوا) قلنا: بلى. قال هكذا، لكن قوله: فاقضوا أو فأتموا يدل على أن المأموم قد بقي عليه شيء، والمأموم الآن أتم ولم يبق عليه شيء، فهذا هو القول الراجح والصواب والمتعين، وإليه ذهب شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله.
الجواب: الغالب أن الرؤيا تكون سارة يفرح بها المؤمن وينشرح لها صدره وتكون مركزة، وأما الحلم فمن الشيطان، يأتي بالأمثال يضربها للنائم تزعجه وتروعه وتقلق راحته، وهناك ما يشبه الحلم مما لا أساس له ولا معنى له، مثل ما سئل الرسول عليه الصلاة والسلام؛ سأله رجل، قال: (يا رسول الله! إني رأيت في المنام أن رأسي قد قطع وهرب -رأسه هرب- فجعلت أشتد وراءه -هو يركض وراء رأسه- فقال صلى الله عليه وسلم: لا تحدث الناس بتلاعب الشيطان بك في منامك) فالغالب أن الحلم ليس له أصل ولا له معنى وإنما يكون ليروع الإنسان، ولهذا ينبغي إذا رأيت رؤيا تكرهها أن تستعيذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت وألا تحدث بها أحداً، فإن استيقظت من منامك فانقلب على الجانب الآخر، وإن عادت إليك فقم وتوضأ وصل فإنها تذهب عنك بإذن الله.
الجواب: أولاً: ينبغي أن نسأل عن لبس العدسات قبل كل شيء، العدسات الطبية إذا كانت لتقوية النظر فلا بأس بها؛ لأنها مما منَّ الله به على العباد ويسرها لهم وهي أيسر من النظارات المتحركة هذه بشرط: ألا يكون على العين ضرر ولو في المستقبل.
الشيء الثاني: العدسات التي تلبس للتجمل، فهذه لا نشير على الرجل أن يلبسها لا سيما الشباب، اللهم إلا إذا كان سواد عينه مشوهاً فهذا لا بأس به؛ لأن هذا إزالة عيب وليس زيادة تجميل، لكن المرأة هي التي تحتاج إلى التجميل، كما قال عز وجل: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:18] يعني المرأة، لا بأس أن تلبسها للتجميل بشرط: ألا تكون على شكل أعين الحيوان كعين القطط والأرانب وما شابهها؛ لأن مثال الحيوان لم يأت في القرآن والسنة إلا على وجه الذم، كما في قول الله تعالى: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [الأعراف:176]، وكقوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً [الجمعة:5]، وكقول النبي صلى الله عليه وسلم في العائد في هبته: (كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه) فلا تلبس ما يشبه أعين الحيوان.
كذلك ما يشبه أعين الكافرات، وهذه المسألة أهون من الأولى؛ لأن أعين الكافرات ليس بفعلهن.
فعلى كل حال لا بأس به، هذا من جهة استعمال اللاصقات كما سمعت.
أما بالنسبة للطهارة فهي لا تؤثر إطلاقاً؛ لا في الغسل من الجنابة ولا في الوضوء؛ لأن داخل العين لا يجب غسله، بل ولا ينبغي أن يغسل، بل ومن التعمق في دين الله الضار للبدن.
الجواب: المناولة حركة في الصلاة والحركة في الصلاة للحاجة لا بأس بها، فإذا صاح الصبي وهو إلى جنبك وأعطيته ما يتلهى به فلا بأس، وكذلك إذا احتاج من إلى جانبك إلى منديل أو أنت أيضاً احتجت فلا بأس؛ لأن كل شيء لحاجة لا بأس به.
الجواب: الظاهر لي أن ما عاد إلى الأفعال فهو من جنس الصفات الفعلية، ما عاد إلى الأفعال ليس إلى الذات، المسعِر يعني في مقابل قول الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم: سعر لنا. يبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن التسعير من فعل الله عز وجل، هو الذي يقدر زيادة القيمة أو نقص القيمة.
فالذي يظهر لي أن هذا من باب الخبر وليس من باب التسمية.
الجواب: ليس عليه حرج، يعني: فإذا أعطيت زكاتك من يستحق الزكاة من قريب أو غير قريب ثم دعاك أو أنت دخلت عليه وشربت مما يشرب وأكلت مما يأكل فلا بأس؛ لأنه ملكها وأنت تناولتها على سبيل الدعوة أو التبرع أو ما أشبه ذلك، حتى لو فرضنا أنه أهداها إليك لمناسبة ما فلا بأس، المحذور أن تشتريها منه؛ لأنك إذا أعطيته زكاتك ثم ذهبت تشتريها منه فالغالب أنه ينزل لك في الثمن؛ لأنك أنت الذي مننت عليه بها، فإذا نزل لك من الثمن فمعناه أن بعض زكاتك عاد إليك بهذه المحاباة.
الجواب: لا يحتاج هذا إلى جمع، أتظن أن ربك سبحانه وتعالى يبيح لك ما فيه ضررك؟ لا يمكن، إذا كان أباح لحم البقر بنص القرآن، كيف يقال: إن لحمها داء؟!! إذا كان الحديث الشاذ المخالف للأرجح منه في الرواية يرد، فالحديث المخالف للقرآن يجب رده.
ولهذا نقول: من صححه من المتأخرين وإن كان على جانب كبير من علم الحديث فهذا غلط، يعتبر تصحيحه غلطاً، والإنسان يجب ألا ينظر إلى مجرد السند بل عليه أن ينظر إلى السند والمتن، ولهذا قال العلماء في شرط الصحيح والحسن: يشترط ألا يكون معللاً ولا شاذاً. لكن إذا تأملت أخطاء العلماء رحمهم الله ووفق الأحياء منهم علمت بأنه لا معصوم إلا الرسول عليه الصلاة والسلام، كل إنسان معرض للخطأ؛ إما أن يكون خطأً يسيراً أو خطأ فادحاً، أنا أرى أن هذا من الخطأ الفادح، أن يقول: إن لحمها داء ولبنها شفاء أو دواء. كيف؟ سبحان الله!! احكم على هذا الحديث بالضعف ولا تبالي.
الشيخ: وينام الظهر؟
السائل: لا. يصلي الظهر وينام ولا يقوم إلا بعد العشاء.
الشيخ: والعصر؟
السائل: العصر والمغرب والعشاء لا يصلي لكي يقوم للمذاكرة.
الشيخ: العصر الصلاة الوسطى التي دعا النبي صلى الله عليه وسلم على الأحزاب لما شغلوهم عنها.
لكن إذا كان صحيحاً يتعب ولا يستطيع لشدة أخذ النوم له، فليجمع العصر مع الظهر.
السائل: هو يصلي العصر مع الظهر ..
الشيخ: أنت ما قلت يجمع، أنت قلت: يصلي الظهر وينام.
أنا أقول: الجمع إذا كان يشق على الإنسان أن يصلي كل صلاة في وقتها فهو جائز، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في المدينة من غير خوف ولا مطر) قالوا: أراد ألا يحرج أمته، فهذا يدل على أن مناط الحكم في الجمع هو المشقة.
الجواب: يصطادون الصقر؟
السائل: نعم يصطادون الصقر بالحمام الحي.
الشيخ: لكن كيف يصل إلى الحمامة وهي في الشبك؟
السائل: يلبسون الحمام شبكاً مثل الثوب طويل على عقب أجنحتها ويطلقونها على مسافة بحبل طويل ثم يختبئون فيجيء الصقر ويهاجمها ويمزقها وأنا رأيت شخصاً منهم يأتي كل يوم يدرب صقره بحمام حي، يربطها في حبل ويدعها تطير ثم يدرب عليها الصقر، فإذا اصطادها شجعه بمكافئة قطعة من لحم.
الشيخ: الذي أسمع أنهم يطلقون الحمام ولا يضعونه في شبك، ثم يطلقون الصقر عليه.
السائل: يطلقونه أحياناً، ويضعونه في شبك عند صيده عندما يكون الصقر جديداً ليس في يده يعني: في الفضاء وحشي، فيضع الحمامة في شبك ويطلقها على مسافة فيأتي الصقر فتعلق مخالبه في الشباك بعد أن يمزق الحمامة ويجرها ويصطادها.
الشيخ: هل لا يمكن تعليمه إلا بهذه الطريقة؟
السائل: قالوا: لا يمكن إلا بهذه الطريقة، أما صيده هو عندما كان وحشياً في السابق لا يكون بهذه الطريقة.
الشيخ: إذا كان لا يمكن الوصول إلى الانتفاع به إلا بهذه الطريقة وهي حية فلا بأس، أما إذا كان يمكن ولو بطريقة بعيدة فلا يجوز إيذاؤها.
السائل: وصيد الصقر الوحشي بحمام حي؟
الشيخ: لا بأس به إذا لم يكن إلا بهذا.
السائل: ولكنه تعذيب للحيوان؟
الشيخ: تعذيب لمصلحته مثلما نعذبه بالوسم لمصلحته.
الجواب: حسناً والعصر ما هو الدليل؟
السائل نفسه: العصر يقولون: يحتاج أن الناس ينامون ويأتون متعبين من الدوام ونؤخره حتى يدركوا الصلاة.
الشيخ: القاعدة الشرعية التي تدل عليها السنة: أن الأفضل تقديم الصلوات الخمس كلها، إلا العشاء الأفضل تأخيرها ما لم يشق، وإلا الظهر في شدة الحر.
الفجر ورد حديث في صحته نظر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بتأخيرها في ليالي الصيف، الليالي القصيرة، وبتقديمها في ليالي الشتاء كالعادة، وأما حديث: (أسفروا بالفجر) وما أشبه ذلك فالمعنى لهما أحد معنيين: إما أن المعنى: لا تتعجلوا فيها حتى تتيقنوا الإسفار، أو المعنى: أطيلوا القراءة فيها حتى ينتشر الإسفار ويتبين.
الجواب: أما الذي معك بيدك من الضبان فلابد من ذبحه؛ لأنك قادر عليه، وأما الطليق فلا تقدر عليه، إن قدرت عليه فلا يجوز إلا بذبحه، وإن لم تقدر فيجوز أن تصيده بالبندقية، إذا كان البعير الآن إذا ند وشرد ولم تقدر عليه يجوز أن ترميه وتقتله بالرمي، أو إذا وقع في بئر ولم تتمكن من النـزول إليه لنحره اضربه بالبندق فكيف بالضب.
وأنت إذا سمعت عني شيئاً تستنكره فاتصل بي؛ لأنه كثيراً ما ينقل عني وعن غيري من العلماء أشياء ليست صحيحة، إما أنها كذب محض، أو أن السائل سأل ولم يفهم الجواب، أو سأل على غير وجه الواقع فأجيب بحسب سؤاله، أو أنه يريد تشويه السمعة؛ لأن النقل عن العلماء إما أن يكون خطأ في السؤال، أو خطأ في فهم الجواب، أو إرادة السوء، ولم يقع شيء أبداً من هذا.
فإذا سمعت عن أي عالم من العلماء شيئاً تستنكره اتصل به حتى تكون على يقين.
الجواب: أيسرها بارك الله فيك التعاهد، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتعاهد القرآن، وقال: (تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها) فأحسن شيء أن تتعاهده، من السور ما يكفي أن تتعاهده مرة في الأسبوع، ومنها ما يحتاج مرتين، ومنها ما يكفي مرة في خمسة عشر يوم.
السائل: بالنسبة للتفسير؟
الشيخ: التفسير أم الحفظ؟
السائل: التفسير.
الشيخ: التفسير إذا نسيته فراجعه.
السائل: ما هو الأولى يا شيخ! قراءة تفسير السلف في القرآن، أم تفسير اللغويين؟
الشيخ: الأولى تفسير السلف ؛ لأنهم أعلم الناس بمعنى القرآن.
الجواب: بارك الله فيك! لا ندري ممن السبب أهو من الرجل أو من المرأة.
السائل: يا شيخ! المرأة تدعي أن أهل الزوج عملوا لها عملاً بعدم الخلفة، وهي تطالب بذلك، تقول: لا تستطيع العيش مع هذا الرجل لأن أهله عملوا لها عملاً.
الشيخ: يعني: الرجل لا يستطيع أن يجامعها؟
السائل نفسه: يجامعها ولكن لم يقع الحمل.
الشيخ: على كل حال: ينظر إذا كان البلاء من الزوج فللزوجة الحق في طلب الطلاق، فإن لم يطلق طلق عنه القاضي.
السائل: لا. لا يوجد في الرجل أي خلل، وليس فيها خلل أيضاً.
الشيخ: إذا لم يكن الخلل من هذا ولا من هذا فبقاء النكاح بحاله هو الصواب.
السائل: ولكن الأهل -يا شيخ- يطلبون الطلاق.
الشيخ: حسناً لماذا لا يؤخذ حَكم من أهله وحكم من أهلها؟ واحد من هؤلاء وواحد من هؤلاء فينظرون في الموضوع.
السائل: الآن يا شيخ! لجئوا إلى المحكمة.
الشيخ: إذاً: الحمد لله ما دام لجئوا إلى المحكمة ينتهي الموضوع.
الجواب: لا. الأخرى ليست أمه من الرضاعة.
السائل: ما العلاقة؟
الشيخ: له علاقة على رأي جمهور العلماء: أنها زوجة أبيه من الرضاع، وزوجة أبيه من الرضاع كزوجة أبيه من النسب.
و شيخ الإسلام رحمه الله يرى خلاف ذلك، يقول: الرضاع لا يؤثر في المصاحبة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وزوجة الأب حرام على الابن من جهة المصاحبة، فصارت الزوجة الثانية فيها خلاف بالنسبة للمرتضع.
الجواب: أي: أن دار لوط عليه السلام دار إسلام لا يأتونها لأن فيها مسلمين، حتى زوجته الكافرة لا تعلن كفرها، لكن لما أراد الله إنجاء أهل الدار أنجى المؤمنين إيمانهم ظاهر وباطن، فبقيت هي لأنها مسلمة وليست مؤمنة.
الجواب: هذا صحيح، كلامه صحيح من حيث الظاهر؛ أنه إذا أخبرك رجل ثقة فلا حاجة للتثبت؛ لأن الله قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6] لكن قد يكون الإنسان ثقة ولكن له هوى فتضعف الثقة من هذه الناحية.
الجواب: أنت تدري يوم القيامة كم يوم؟
السائل: خمسون ألف سنة.
لكن تتغير الأحوال، فهم كأنهم جراد منتشر، ثم بعد ذلك يهتدون إلى الطريق ويسعون.
الجواب: إي نعم. يعتبر من الصداق.
السؤال: بعض الناس يطلقون على الشيطان يقولون: إنه طويل العمر. لأنه منذ خلقه الله إلى قيام الساعة وهو حي طوال هذه الفترة، فهل هذا إطلاق صحيح؟
الجواب: ليس بصحيح، حتى هذه (طويل العمر) لا تقال إلا في مقام الثناء، من يثني على الشيطان؟!!
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر