أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثالث والتسعون بعد المائة من اللقاءات المعروفة باسم (لقاء الباب المفتوح) التي تتم كل يوم خميس، وهذا هو يوم الخميس السابع من شهر شعبان عام (1419هـ).
نبتدئ هذا اللقاء بالكلام على ما تبقى من سورة الرحمن.
فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:66-67].
لأن هذا الجمع يعود على الجنان الأربع كلها، ففي الجنان الأربع (قاصرات الطرف) كما سبق، وفي الجنان الأربع (خيرات حسان) (فيهن) أي: في الجنان الأربع، (خيرات) خيرات في الأخلاق، أخلاق طيبة، (حسان) الوجوه والهيكل، فالأول حسنٌ باطن وهذا حسن ظاهر.
فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:70-71].
لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:74-75].
وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:76-77] ومعنى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) التقرير، أي: أن النعم واضحة، فبأي شيءٍ تكذبون؟
الجواب: لا نكذب بشيء، نعترف بآلاء الله -أي: بنعمه- ونقر بها، ونعترف أننا مقصرون، لم نشكر الله تعالى حق شكره، ولكننا نؤمن بأن عفو الله أوسع من ذنوبنا، وأن الله تبارك وتعالى عفوٌ كريم يحب توبة عبده، ويحب التوابين ويحب المتطهرين، حتى قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم) وذكر الرجل في فلاة أضل راحلته -ضيعها- وعليها طعامه وشرابه، فطلبها ولم يجدها وهو في فلاة من الأرض ليس حوله أحد، فأيس منها، فاضطجع في ظل شجرة ينتظر الموت -أي: يئس من الحياة- فإذا بخطام ناقته متعلق بالشجرة، فأخذه وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، ماذا يريد؟ يريد: أنت ربي وأنا عبدك، لكن من شدة الفرح أخطأ، فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، فالله تعالى أشد فرحاً بتوبة عبده من هذا الرجل بناقته، اللهم تب علينا يا رب العالمين.
يرى الإنسان الصيد الزاحف أو الطائر فيرميه ولم يسم ماذا يكون هذا الصيد؟
يكون حراماً، ميتة، نجساً، مضراً على البدن.
الإنسان إذا أتى أهله -يعني: جامع زوجته- وقال: (باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) كان هذا حمايةً لهذا الولد الذي ينشأ من هذا الجماع من الشيطان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أن أحدكم أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً) الإنسان يسعى يميناً وشمالاً لحماية ولده، ويخسر الدراهم الكثيرة، وهنا هذا الدواء من الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو غالٍ أم رخيص؟ رخيص ومن حيث العمل سهل، هذا يحميه من الشيطان أبداً، (باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) كل هذا دليل على بركة اسم الله عز وجل، ولهذا قال: تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:78] أي: ذي العظمة والإكرام، هل الإكرام يعني: هو يُكَرم أم هو يُكِرم؟ كله، فهو يُكَرم ويحترم ويعظم عز وجل، وهو -أيضاً- يُكِرم، قال الله تعالى في أصحاب الجنة -اللهم اجعلنا منهم- : أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ [المعارج:35] فهو ذو الجلال والإكرام، يكرم من يستحق الإكرام وهو يكرمه عز وجل عباده الصالحون، جعلنا الله وإياكم منهم بمنه وكرمه.
وإلى هنا تنتهي قراءاتنا في التفسير وبه تنتهي سورة الرحمن.
الجواب: لا شك أن هذه الأفلام التي خرجت أن فيها فائدة ومصلحة من وجه، وفيها كف مفسدة، مما ينشر في الإعلام الذي يريد به ناشروه (هدم الأخلاق) والعقيدة، لعلكم تدركون معنى قولي: هدم الأخلاق؛ لأن كثيراً من الذين يشاهدون ما يبث -ولا سيما في الدشوش- فسدت أخلاقهم وانحطت، يعني: هناك أناس متخرجون من كليات شرعية، ملتزمون ابتلوا بمشاهدة هذه الأفلام فانسلخت أخلاقهم إنسلاخاً كاملاً -والعياذ بالله- وصاروا إلى حدٍ لا أحب أن أتكلم ما أسمع، وهذا واضح، لكن كيف تكون هدماً للعقيدة -الإيمان بالله عز وجل- لأن الإنسان إذا مال إلى الشهوات وتعلق بالشهوات المحرمة فإن ذلك يسبق عقيدته، ويكون همه يقظان ونائم، همه هذه الشهوات فتنسلخ العقيدة وتذهب -والعياذ بالله- القلب إناء، الإناء إذا ملأته بماء هل يمكن أن تزيده لبناً؟ لا، لو صببت عليه لبناً تناثر، فهو إناء إن ملأته بالخير امتنع عن الشر، وإن ملأته بالشر امتنع عن الخير، فهذه الأفلام التي سأل عنها أخونا لا شك أنها مفيدة، لكن بقي أن هذه الأفلام التي اصطنعها ليس عنده علمٌ فيما وراء المظهر، فمثلاً: نسمع أنه يعرض فيها محمد الفاتح، الصبي إذا صار يشاهد هذا الفيلم لا تفكر أنه يتصور أن أحداً من أبطال الإسلام أعظم من محمد الفاتح، ويظن أن محمد الفاتح هو بطل الإسلام الوحيد، وهذه مشكلة، وإن عرض خالد بن الوليد وأشباهه من أبطال الصحابة فهي مشكلة أيضاً؛ لأن الصحابة لا نرى جواز تمثيلهم أبداً، فهي مشكلة.
لكن لو عرض في هذه الأفلام معارك بين المسلمين وأعدائهم دون التنصيص على شخصٍ معين حتى لا تتعلق به النفوس لكان خيراً، حتى لو لم تكن على هذا الوضع وكانت على عرض ما يشاهد في الكون من الكواكب والنجوم والشمس والقمر وما يشاهد في الأرض من الأنهار وغيرها فهذا أيضاً طيب، ولو عرض -أيضاً- ما شوهد في الأسبوع الماضي من الشهب الكبيرة التي انتشرت والبعض منكم رآها، واستفاضت بها الأخبار من الساعة الثالثة إلى الساعة السادسة حتى طردها نور الشمس والناس يشاهدونها من الشرق والغرب والشمال والجنوب وفوق الرءوس، لكنها من الشرق أكثر، بالآلاف حسب من نقل لنا هو وجماعة معه ليست بالمئات ولا بالعشرات تتهاوى.
لكن يقول: لا يصطدم بعضها ببعض على كثرتها، حتى يقول: أيقظنا نورها وظننا أن هذا فرق مستمر.
فمثل هذا المشهد لو عرض صار من أعظم ما يكون تخويفاً ورقة للقلب.
فنرجو من أصحاب الأفلام أن يستعملوا مثل هذه الأشياء، أما أن يُخصص فاتح في العصور المتأخرة بعد الصحابة حتى يظن الطفل أو الصبي أنه لا أعظم بطولة من هذا الرجل هذا لا نراه؛ لأن هذا ينسي خالد بن الوليد وحمزة بن عبد المطلب وغيرهما من الأبطال.
الجواب: أولاً: يجب أن نعلم أن الغناء مع الدف في ليالي العرس من الأمور المطلوبة، لكن بالدف لا بالطبل، الدف الذي ليس له إلا وجه واحد، هذا جاءت به السنة، وأمر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا ينكر ولا يقام عن المكان الذي هو فيه، لكن إذا كان فيه موسيقى أو طبول فلا بد من الإنكار أولاً، فإن أبوا فالواجب الخروج من المكان، ثم من الأحسن الخروج حتى من القصر إذا أمكن أن نهجر هؤلاء الذين أصروا على معصيتهم، وإذا كانت المرأة المدعوة تعلم أن هذا سيكون فلا تذهب أصلاً، لكن أحياناً لا تدري إلا وقد وقعت في هذا.
وتوزيع الكتيبات النافعة أو الأشرطة النافعة هذا طيب جداً ويستمر عليه، إن شاء الله مطلوب في نفس المكان، ورأيت بعض الناس يتوجه ببطاقة الدعوة وضع فيها كتيباً أو شريطاً.
الجواب: هذه لا إشكالات فيها وحلها: أنك تدخل معهم بنية المغرب، فإن دخلت من أول ركعة فإذا قام الإمام للرابعة اجلس واقرأ التشهد وسلم، وادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، وإن أدركتهم في الركعة الثانية سلم معهم؛ لأنك صليت ثلاثاً، وإن أدركتهم في الركعة الثالثة تأتي بركعة وهلم جراً، هذا هو الحل ولا إشكال في هذا إن شاء الله.
الجواب: هذان سؤالان بارك الله فيك، أدخلتهما في سؤال والحيلة في العلم ما فيها بركة.
أما الأول: فأرى أنه من أكل المال بالباطل، يعني: إني أسمع أنه إذا قال: يا محمد وهو اسمه عبد الله، قال: عليك حق، بأي شيء؟ السهو يكون من كل إنسان، وربما نفس الذي قال: يا عبد الله لمن اسمه محمد واسمه عبد الله ربما يكون هنا قصدك من أجل أن يكون عليك حق ويضحكون عليك، أرى أن هذا من أكل المال بالباطل، ما الذي حصل؟ فالعدول عنه لا شك أبرأ للذمة وأحوط.
أما إذا تنازع شخصان ثم اصطلحا أن يصلح بينهما شخص ورأى أن أحدهما ظالم وأنه لا يسمح صاحبه إلا أن يصنع وليمة فأرجو ألا يكون به بأس، بشرط: ألا يكون هذا على وجه الإلزام، أو يكون بدلاً عن حكم الله، كما يوجد في بعض القبائل؛ لأن هذا محرم ولا يجوز.
الجواب: أولاً: نرد على هؤلاء فنقول: إن القرآن لم ينزل مكتوباً كالتوراة، التوراة نزلت مكتوبة، القرآن نزل بالسماع -بالصوت- إذاً ما هناك حرف معين منقط أو غير منقط فهو كلام يبقى النظر في كتابته، الصحابة رضي الله عنهم حينما كتبوه على عهد عثمان المصحف الموحد كتبوه حسب القواعد المعروفة في ذلك الوقت، وهي في ذلك الوقت على هذا الواقع، ولذا على نفس الموضوع الموجود في المصاحف، ولهذا تجد أن هذه القاعدة تخالف القاعدة المعروفة عندنا، فالصلاة مثلاً تكتب بالواو في المصحف والزكاة بالواو، والربا بالواو، وحسب القاعدة التي عندنا، كذلك الصلاة والزكاة تجد أن فيها الألف المشالة، وهذه فيها الألف بدلها، وأشياء كثيرة مختلفة، فهذا خاضع للاصطلاح، ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله: هل يجوز أن نكتب المصحف الآن على الرسم الموجود في عصرنا، أو لا بد أن نلتزم بالرسم العثماني؟ فيها ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه لا بأس أن نرسمه على حسب رسمنا نحن.
القول الثاني: أنه لا يجوز مطلقاً، وأنه يجب إبقاء الرسم كما هو؛ وذلك لأن القواعد الرسمية -الخط يعني- يختلف من بلدٍ لآخر، فالواجب إبقاء القرآن محترماً على ما جاء أولاً.
القول الثالث: هو التفصيل: إذا كتبناه للصغار الذين يتعلمون نكتبه حسب القواعد المعروفة عندهم؛ لئلا يغيروا اللفظ؛ لأن الصبي لا يعرفها، إذا قرأ (أقيموا الصلاة) يجول حسب قواعد الصوت مثلاً، فيقول: إذا كان للتعليم فلا بأس أن يكتب بالحرف الموجود الآن، وإذا كان للتلاوة من الكبار فإنه لا يجوز.
وهذا القول لا شك أنه أحسن وهو التفصيل.
الجواب: هو يظن إذاً أن الاستفتاح يقال في أول ركعة، من بداية الصلاة، هذا يجب عليه أن يسجد للسهو، إن أوجبنا عليه سجدة السهو؛ لأنه ترك الواجب وهو سبحان ربي العظيم، وصلاته صحيحة ما دام يكبر للإحرام وهو قائم فالصلاة صحيحة، ولا إعادة عليه ولا شيء.
الجواب: لا بأس بذلك، بشرط ألا يؤلمها، بمعنى: أن يبنج الموضع الذي يريد أن يقطع منه حتى لا تتألم، ولهذا جاز لنا أن نكوي البهائم بالوسم حفاظاً عليها لئلا تضيع.
الجواب: تفسيرها: أن الرسول عليه الصلاة والسلام حريص على هداية الخلق، يحب عليه الصلاة والسلام أن يهتدي به جميع الخلق، ولكن هذا ليس إليه، عليه شيء واحد وهو البلاغ والدعوة فقط، أما أن يهدي الخلق فليس عليه شيء، كما قال في آيةٍ أخرى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ[البقرة:272] هذه مثلها: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56] والهداية هنا بمعنى التوفيق، لا بمعنى الدلالة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يدل الخلق، كما قال تعالى: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52] لكن ليس بيده أن يجعل الإنسان يهتدي، ولهذا حرص غاية الحرص على أن يختم الله تعالى لعمه أبو طالب بكلمة التوحيد، ولم يتمكن، أبو طالب كلنا يعرف ما له من أيادٍ ونصر للرسول عليه الصلاة والسلام ويحوطه ويذب عنه بقوله وفعله، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حريص على أن يهتدي، أتى إليه وهو في سياق الموت، وقال له: (يا عم! -لفظة رقيقة- قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله، وكان عنده رجلان من قريش، وجليس السوء كله سوء، فكان الرسول يقول له: قل: لا إله إلا الله وهما يقولان له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟) ما هي ملة عبد المطلب؟ اللات إله والعزى إله ومناة إله- أترغب عن ملة عبد المطلب؟ آخر ما قاله -والعياذ بالله- هو على ملة عبد المطلب -اللهم أحسن خاتمتنا يا رب، اللهم أحسن خاتمتنا، اللهم أحسن خاتمتنا- قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، أتدرون ماذا حصل؟ كان النبي صلى الله عليه وسلم من أشد الناس وفاءً بالمعروف، كافأ عمه وشفع له عند الله، فكان في ضحضاح من نار وعليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه -والعياذ بالله- وهما في رجليه ودماغه أعلى بدنه يغلي منهما، ما بالك في بطنه وصدره؟ أشد وأشد؛ لأنه أقرب إلى النار -نسأل الله العافية- فكان في ضحضاح من نار يغلي منهما دماغه أبد الآبدين، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار) الرسول عليه الصلاة والسلام جزع وقال: (لأستغفرن لك ما لم أنه عنك) أي: جزع من فعل أبي طالب وامتناعه، لا من قدر الله، قدر الله هو راضٍ به لا شك، لما قال: (لأستغفرن لك ما لم أنه عنك) اسمع ما الذي نزل؟ أنزل الله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113] ثم أجاب الله عن شيء آخر ورد استغفار رسول -لا تتعجب- استغفار رسول من أولي العزم لأبيه، أجاب الله عنه فقال: وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التوبة:114] ولهذا لا يجوز لنا إذا علمنا أن أحداً من أقاربنا أو أصدقائنا مات وهو لا يصلي لا يجوز أن نستغفر الله له، لو فعلنا لخرجنا عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا؛ لأن الله يقول: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى [التوبة:113] فإذا علمت أن أباك أو أخاك أو ابنك مات وهو لا يصلي لا تستغفر له، أتريد أن تحاد وتضاد الله في قدره؟! إن الله قضى على الكافرين أنهم في النار، ولا أحد يستغفر لأحد من المشركين أبداً.
إذاً.. الرسول صلى الله عليه وسلم يستطيع أن يهدي الخلق إلى الحق -يدلهم عليه- ولا يستطيع أن يهتدوا، الأمر بيد من هو فوق الرسول عليه الصلاة والسلام وفوق كل أحد وهو الله عز وجل، سبحان الله! عجائب الخلق، إبراهيم أبوه كافر أم مسلم؟ كافر، نوح ابنه كافر سبحان الله! كافر خرج من رسول من أولي عزم، ورسول خرج من كافر من أولي العزم، ليتبين لك بذلك قدرة الله عز وجل، وأنه على كل شيءٍ قدير، اللهم اهدنا فيمن هديت.
الجواب: الشماغ ليس بديلاً للرداء، والفروة مثل الرداء؛ لأنها على البدن، والمشلح أيضاً، لكن الغترة لا، الغترة أشبه في عهد الرسول بالعمامة، فلا تدخل في الحديث.
الجواب: الكذب في ثلاث الأولى: الحرب.
الثانية: حديث الرجل مع زوجته والعكس.
الثالثة: للإصلاح بين متخاصمين.
بعض العلماء يقول: هذا هو الكذب الصريح؛ لأن التورية تجوز في هذا وغيره.
ومنهم من يقول: إن المراد التورية كما قال إبراهيم: إنه يعتذر بأنه كذب ثلاث كذبات وهي كلها تورية، والاحتياط: ألا يقول إلا تورية، حتى في الحرب لا يقول: إلا تورية، ولذلك يقال: إن عمرو بن ود أراد المبارزة مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والمبارزة: إذا التقى الصفان طلبوا المبارزة، رجل منكم يبرز لرجل منا؛ لأنه إذا غلب أحدهما حصلت الذلة لأصحابه، لما خرج عمرو بن ود ليبارز علي بن أبي طالب، وعلي بن أبي طالب معروف بالذكاء رضي الله عنه صاح به، وقال: ما خرجت لأبارز رجلين، ما الذي حصل؟ عمرو بن ود التفت يحسب أن معه أحداً، يحسب أن أحداً لحقه، فلما التفت ضربه علي بن أبي طالب على رقبته وخلصه، هذه تورية طيبة وفي الحرب.
كذلك الإصلاح بين الناس، إذا رأيت اثنين متخاصمين تصلح بينهما تقول: لا والله لا يذكرك إلا بخير وما أشبه ذلك وتنوي شيئاً آخر.
أما حديث الرجل مع زوجته فاحذر أن تكذب عليها، لا تكذب عليها، لا تقل: والله أنا اشتريت الثوب هذا بألف ريال وهو بعشرين ريالاً، وتسأل عن قيمته في السوق وهو بعشرة ريالات، ماذا يصير؟ مشكلة، يحصل الضد، فلا تكذب عليها، احذر هذا، لا بأس أن تقول: إني أحبك وأنتِ غالية عليَّ وما أشبه ذلك، وهي كذلك أيضاً، وأيضاً لا تحدثها بهذا، لو حدثتها بهذا الحديث لأخذته بظاهره ثم صارت كل يوم تكذب عليك، فالظاهر لي والله أعلم: أن المراد بذلك التورية وأن الكذب الصريح لا يجوز إلا عند الضرورة القصوى.
والحمد لله رب العالمين، وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر