أما بعد:
هذا هو اللقاء الثامن والتسعون بعد المائة من اللقاءات المعروفة بـ(لقاء الباب المفتوح) التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو التاسع من شهر ذي القعدة عام (1419هـ).
ذكرنا أننا سنخصص هذه اللقاءات بمناسبة موسم الحج بالكلام على الحج، ففي اللقاء الذي قبل هذا تكلمنا عن شروط وجوب الحج، وبيَّنا أنها خمسة: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة. وتكلمنا عن هذا تفصيلاً وانتهى الكلام عليه، أما هذا اللقاء فإننا سنتكلم فيه عن صفة الحج والعمرة.
فنقول أولاً: اعلم أن الأنساك ثلاثة، علم ذلك بالتتبع للسنة النبوية المطهرة: التمتع والقران والإفراد.
والتمتع: هو أن يحرم الإنسان بالعمرة في أشهر الحج -أي: من بعد دخول شهر شوال- ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج من تلك السنة، فيكون له عمرة مستقلة وحج مستقل، وعليه الهدي، لقول الله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196].
والقران: له صورتان:
الصورة الأولى: أن يحرم بهما -أي: بالحج والعمرة- جميعاً من الميقات، فيقول: لبيك عمرةً وحجاً.
والصورة الثانية: أن يحرم بالعمرة أولاً ثم يخشى أن يفوته الوقوف لو قضى العمرة فيدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها.
أما الصورة الأولى فدليلها: فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (فإنه أتاه آتٍ وهو في
وأما الصورة الثانية فدليلها: حديث عائشة رضي الله عنها: (أنها أحرمت بالعمرة، تريد التمتع، ثم أتاها الحيض قبل أن تدخل
أما الإفراد: هو أن يحرم بالحج مفرداً بدون عمرة، بمعنى: أن يسافر من بلده إلى مكة ناوياً الحج فقط، فكيف يقول المتمتع في تلبيته؟
يقول: لبيك عمرة. ولا حاجة أن يقول: متمتعاً بها إلى الحج؛ لأن النية كافية، وأما القارن فيقول: لبيك عمرةً وحجة. وأما المفرد فيقول: لبيك حجاً.
هذه الأنساك الثلاثة أفضلها التمتع؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بها وحث عليها، وقال: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها عمرة) -وكان قارناً- ثم القران، ثم الإفراد، القران بعد التمتع؛ لأنه داخلٌ باسم التمتع عند سلف هذه الأمة، ولأن المحرم يجمع فيه بين عمرةٍ وحج وكان أقلها الإفراد؛ لأنه حجٌ فقط، القارن عليه هديٌ كالمتمتع، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام وسبعةً إذا رجع إلى أهله.
أما المرأة فتفعل هكذا أي: بالاغتسال وتتطيب بما لا يظهر ريحه لمن حولها، وتلبس الثياب التي تريد من غير تقييد، إلا أنها لا تتبرج بالزينة خوف الفتنة، ثم يقول: لبيك اللهم عمرة. ويستمر يلبي، يرفع الرجل صوته بذلك، والمرأة تسر به، وأفضل كيفية للتلبية تلبية رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) ويرفع الرجل صوته بذلك، فإنه لا يسمعه شيء إلا شهد له يوم القيامة، فإذا وصل إلى مكة ودخل البيت -أعني: المسجد- قال عند دخوله كما يقول عند دخوله سائر المساجد: (باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك) ويمضي إلى الحجر فيستلمه بيده اليمنى -أي: يمسحه ويقبله- إن تيسر له وإن لم يتيسر أشار إليه، لفعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويقول: باسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، كما كان ابن عمر يقول، ثم يجعل البيت عن يساره ويطوف سبعة أشواط، فإذا مر بالركن اليماني الذي يليه الحجر الأسود استلمه بيده اليمنى فإن شق عليه ذلك أشار إليه، ويقول في طوافه ما شاء من قراءة القرآن والذكر والتسبيح والتحميد والتكبير والدعاء، وليس هناك دعاءٌ مخصوص في الطواف إلا التكبير عند الحجر الأسود كلما مر به وقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] بين الركن اليماني والحجر الأسود، وما عدا ذلك فهو راجع إلى اختيار الطائف.
وإياك أيها الحاج! أن تدعو بهذا الدعاء البدعي وهو أن تدعو لكل شوطٍ بدعاء مخصوص، فإن هذا بدعة لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم هو دعاءٌ قد يكون ما يريده الطائف غير هذا الدعاء، ثم إن كثيراً من الذين يتلونه لا يدرون ما معناه، فانصحوا إخوانكم إذا رأيتم معهم مثل هذا، وقولوا: هذا بدعة، وادع الله بما تريد، وكل إنسان له حاجة غير حاجة الآخر، وفي هذا الطواف يسن للرجل سنتان:
الأولى: الاضطباع.
الثانية: الرمل.
فأما الاضطباع: فهو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر، فيخرج كتفه الأيمن في جميع أشواط الطواف.
وأما الرمل: فهو أن يسرع المشي، لكن في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، فإذا أتم سبعة أشواط تقدم إلى مقام إبراهيم وقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً[البقرة:125] يقول ذلك تذكيراً لنفسه بأمر الله عز وجل، وتأسياً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيصلي ركعتين خلف المقام خفيفتين، يقرأ في الأولى: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ[الكافرون:1] بعد الفاتحة، والثانية: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[الإخلاص:1] بعد الفاتحة، ويخففهما ولا يبقى بعدهما ينصرف فوراً تأسياً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتركاً للمكان الذي يحتاجه غيره ممن فرغ من الطواف.
ثم يتجه إلى الحجر الأسود فيستلمه إن تمكن وإلا انصرف -بدون إشارة- إلى الصفا ، فإذا دنا من الصفا قرأ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ[البقرة:158] قبل أن يصعد على الصفا تأسياً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتذكيراً بالآية الكريمة التي أخبر الله فيها أن الصفا والمروة من شعائر الله، فإذا صعد إلى الصفا استقبل القبلة ورفع يديه، وقال ما ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومنه أن يكبر ثلاثاً ويقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) ثم يدعو بما أحب، ثم يعيد الذكر مرةً ثانية ويدعو بما أحب، ثم يعيد الذكر مرةً ثالثة، ثم ينزل متجهاً إلى المروة يمشي على عادته حتى يصل إلى العلم الأخضر -أي: العمود الأخضر- الذي جعل بحذائه لمبات خضر من فوق، فيسعى في هذا -أي: يركض ركضاً شديداً إذا تيسر له- حتى يصل إلى العلم الآخر، ثم يمشي مشياً معتاداً حتى يصل إلى المروة ، فإذا وصل إلى المروة صعد عليها واتجه إلى القبلة رافعاً يديه يقول مثلما قال على الصفا ، ثم ينزل متجهاً إلى الصفا يمشي في مواضع مشيه ويركض في موضع ركضه، ولا يقرأ الآية: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة: 158] إلا مرة واحدة، إذا أقبل على الصفا بعد الطواف، ولكن يذكر الله تبارك وتعالى ويقرأ القرآن ويدعو، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول وهو يسعى في الوادي الذي جعل عليه العلم علامة يقول: [ربِّ اغفر وارحم، ربَّ اغفر وارحم، ربِّ اغفر وارحم] فإذا أتم سبعة أشواط من الصفا إلى المروة شوط ورجوعه من المروة إلى الصفا شوطٌ آخر، قصَّر رأسه -أي: قصه بالمقص أو بالماكينة- ولا يسن الحلق إذا كان وقت الحج قريباً؛ لأنه لو حلق لم يبق شعرٌ للحج، ثم يحل من إحرامه حلاً كاملاً، ويبقى إلى اليوم الثامن من ذي الحجة، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة يحرم بالحج، ويفعل عند إحرامه كما فعل عند إحرام العمرة.
ويأتي إن شاء الله الكلام على صفة الحج في اللقاء القادم إن شاء الله.
الشيخ: يمكن للإنسان أن يأتي بهما جميعاً.
السائل: إذا لم يستطع الجمع؟
الشيخ: إذا لم يستطع الجمع فيمكن، بمعنى: أن يذهب إلى مكة يوماً وليلة قبل دخول العشر الأواخر؛ لأن الاعتكاف إنما يكون في العشر الأواخر فقط، ويرجع ويعتكف في بلده، وهذا سهل.
الجواب: لا بأس بذلك؛ لأن اغتسال المحرم جائز، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يغتسل وهو محرم، وأما الشامبو فالظاهر أن رائحته ليست عطرية وإنما رائحة نكهة، نكهة محبوبة للنفس كما يرى في النعناع وفي ورق التفاح وما أشبهه.
السائل: إذا كان من الورد يوضع مثل الياسمين مثلاً؟
الشيخ: المهم ما كان طيباً فلا يجوز استعمال المحرم.
الجواب: أقول: لم أذكره؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما شرب من ماء زمزم في الحج.
الشيخ: مثل؟
السائل: لا يحضرني الآن يا شيخ.
الشيخ: يجب أن نعلم أن العبادات الأصل فيها المنع، فكل من تعبد لله بشيءٍ عقيدة أو قول أو عمل فإن عمله باطل إلا أن يقيم دليلاً على أنه مشروط، هذا هو الأصل، ودليل هذا قول الله تبارك وتعالى منكراً على الذين يشرعون ما لم يرسل الله به سلطاناً: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21] فأنكر عليهم، وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) هذه القاعدة: الأصل في العبادات المنع والتحريم والبطلان ما لم يقم دليلاً صحيحاً عليه.
وأما غير العبادات فالأصل فيها الحل، كالمعاملات الجارية بين الناس، والعادات الجارية بين الناس، والأخلاق الجارية بين الناس، الأصل فيها الحل حتى يقوم دليل على المنع، فهاتان قاعدتان بهما توزن جميع الأعمال التي لا يعرف لها سابق، فمثلاً: صلاة التسبيح حديثها ليس بصحيح، بل هو باطل كما صرح به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعلى هذا فلا تسن، يعني: لا يمكن أن نعمل عملاً يقربنا إلى الله إلا بدليل.
كذلك: صلاة الحاجة، الإنسان إذا كان له حاجة صلى ركعتين ثم سأل الله على صفة مخصوصة معروفة، هذه أيضاً ليست صحيحة.
كذلك: الاحتفال بالمولد النبوي كما يزعمون، هذا أيضاً باطل لا يصح؛ لأنه أولاً من الناحية التاريخية ليس بصحيح؛ لأن ولادة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اختلف فيها المؤرخون على ثمانية أو سبعة أقوال، وقد حقق بعض المعاصرين: أنها كانت في اليوم التاسع من شهر ربيع الأول، عكس ما هو معروف الآن أنه في اليوم الثاني عشر، وحتى لو فرضنا جدلاً ثبوت الولادة في هذا اليوم، فإنه لا يجوز أن تتخذ عيداً.
السائل: أنا أقصد العمل المنهي عنه يا شيخ.
الشيخ: ما في عمل منهي عنه إلا الشرائع، فالعبادات الأصل فيها النهي والمنع حتى يقوم دليل على أنها مشروعة، نضرب لك مثالاً: لو أن إنساناً طاف بالكعبة وصار يمسح جميع الأركان الأربعة، قلنا: أما الحجر الأسود فهو الركن اليماني، فهذا مشروع، وأما الاثنان فاستلامهما غير مشروط، فيكون منهيٌ عنه مبتدئاً، ولهذا لما طاف معاوية وابن عباس رضي الله عنهما بالبيت جعل معاوية يستلم كل الأركان، فأنكر عليه ابن عباس ، فقال معاوية : [ليس شيءٌ من البيت مهجوراً. فقال له
السائل: حضرني مثال يا شيخ: (لا صلاة بحضرة الطعام) هذا عمل منهي عنه، هل هذا يبطل الصلاة، وما هو الضابط فيه؟
الشيخ: نرجع إلى القواعد، (لا صلاة بحضرة الطعام) لماذا؟
السائل: لأجل الانشغال.
الشيخ: إذاً لو صلى الإنسان وهو لا يأبه بهذا الطعام ولا يشوش له، يدخل في النهي؟ ما دام أننا عرفنا العلة فإنه لا يدخل في النهي، بقي إذا كان يصلي وهو جائع -يريد أن يأكل- نقول: غاية ما فيه أنه انشغال القلب وأكثر العلماء يقولون: إنه لا يبطل الصلاة. ويستدلون بالحديث: (إن الشيطان يأتي لابن آدم وهو يصلي يقول: اذكر كذا في يوم كذا) وعلى رأي من يقول: إن الخشوع واجب في الصلاة، يقول: إذا أدى حضور الطعام الذي يشتهيه إلى أن ينشغل قلبه عن الصلاة بحيث لا يدري ما يقول فصلاته باطلة.
الجواب: ليس هناك دليل نبوي، لكن إذا كانت النار مشتعلة فإن الذي يصلي إليها يشبه عبادة المجوس؛ لأن المجوس يشعلون النار ويصلون خلفها؛ لأنهم يعبدونها، فمن ثم قال أهل العلم: يكره ذلك؛ لئلا يتشبه بالمجوس فقط.
وبناءً على هذا: لو كانت جمراً ما فيها لهب فإنه لا تكره الصلاة إليها.
السائل: أخبرنا بذلك فكان الرد: أن هناك من يعبد الماء، وهناك من يعبد الشجر، وهناك من يعبد كذا، فأخذ يسترسل في قضية أن إذا كانت العبادة على نار مجوس إذاً لا تصلون أمام شجر، ولا تصلون أمام ماء؛ لأن هناك أناساً يعبدون هذه الأشياء؟
الشيخ: نعم. لكن أي شجرة يعبدونها؟ الشجرة الخاصة التي يعبدونها نلحقها بهذا، لكن هل هم يعبدون كل الشجر؟ لا يعبدون كل الشجر.
السائل: قال: إن المجوس نارهم ليست كناركم هذه، يقول: إنها لا تأتي من تنور أو من شيء آخر.
الشيخ: أبداً، على كل حال العلماء يقولون: لا نص فيها، كلامه أن ما فيها نص صادق، لكن في هذا تشبه وربما يلقي الشيطان في قلب الإنسان خصوصاً إذا كان يعرف أن المجوس يعبدون النار ربما يلقي في نفسه أنه يتشبه بهم، والبعد عن الشك أمرٌ مطلوب.
السائل: إن صلينا مرة أمامها ما فيها بأس؟
الشيخ: لا. لا تبطل الصلاة، ولا إشكال في هذا، ولولا هذا التعيين الذي قلت لك لقلنا: لا يكره، ولهذا نعرف خطأ بعض الناس حين يقول: هذه الدفايات الكهربائية لا تجعلوها أمام المصلين، غلط هذا، هذا غلط على العلماء وغلط على الشريعة، ليس هذا صحيحاً.
الجواب: إذا جمع -أي: في المساجد- بين الصلاتين جمع تقديم فإنه لا يؤذن في الثانية؛ لأن الثانية برأت منها الذمة بالعلم، انتهى، أما الذي في البيوت فإنه -كما قلت- يمكن أن يستدلوا لدخول الوقت بالساعات وبالإذاعة وبالتحري أيضاً.
الشيخ: هذا الحديث لا يصح عن الرسول عليه الصلاة والسلام، لكنه مشهور بين الفقهاء، ولهذا اختلف العلماء: هل يقتل الوالد بالولد أم لا؟
والصحيح: أنه يقتل به، وكيف نقول: هذا الرجل الذي قتل ولده عمداً لا يقتل به، والله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى [البقرة:178]، ويقول: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة:45] وكذلك صحت السنة بأن النفس بالنفس: (لا يحل دم امرئٍ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس) فنقتله، وإذا كنا نقتله بمقتضى الأدلة العامة، فإن القول: بأن الوالد لا يقتل بالولد قولٌ ضعيف، والحديث مشهور بين الفقهاء لكنه ضعيف، ولا يمكن أن نمنع القصاص الذي دلت عليه النصوص في مثل هذا الحديث الضعيف، يقولون: بالتعليل أيضاً: لأن الوالد سببٌ في إيجاد الولد، فلا ينبغي أن يكون الولد سبباً في إعدامه.
ونقول: هذه العلة عليلة بل ميتة، هل الولد هو الذي كان سبباً في إعدام أبيه إذا قتله، أو السبب هو الأب؟
السائل: الأب هو السبب.
الشيخ: الأب هو السبب، هو الذي قتله، لماذا يقتله؟ فالتعليل باطل، والحديث ضعيف، والنصوص عامة في وجوب النفس بالنفس.
أما على القول: بأن الوالد لا يقتل بالولد، فهم لا يفرقون بين الأم والأب، يقولون: لا تقتل الأم بولدها، ولا يقتل الأب بولده.
السائل: بالنسبة لنص الحديث ألا يقيد الآية أحياناً؟
الشيخ: لا. ما يصح.
السائل: حسنه كثير من أهل العلم.
الشيخ: دعنا من الذين حسنوه، لكن نحن نرى أنه ضعيف، ثم كونه حسناً لا يمكن لضعفه؛ لأن الحسن تعرف أنه دون الصحيح درجة، لا يمكن أن يقيد عموم واضح في القرآن والسنة، ثم نقول: أي عقلٍ وأي قطيعة أشد من أن يقتل الوالد بابنه لخصومةٍ بينهما فيضجعه ويأتي بالسكين ويذبحه؟ أكبر قطيعة، ونجازي قاطع الرحم بأن نمنعه من القتل.
وهنا فائدة: بعض الناس يصحح أحاديث أو يحسنها بمقتضى ظاهر الإسناد، ثم لا يلتفت إلى المعنى، مع أن أهل العلم قالوا: إن من شرط الصحة والحسن ألا يكون معللاً ولا شاذاً، فبعد أن تنظر إلى الإسناد يجب أن تنظر إلى المعنى: هل هو مخالف لقواعد الشريعة أم لا؟ انظر مثلاً إلى حديث: (إن لحوم البقر داء، وألبانها شفاء) هذا الحديث باطل ولا يجوز للإنسان أن يصدقه، لماذا؟ لأن الله نص على حل البقر، حل لأكلها؛ فقال: وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ [الأنعام:144] وأحلها، فكيف يحل الله لعباده ما يكون داءً عليهم؟!! إن الله يحرم الداء على عباده، بل قد يكون المطعوم طيباً ونحرمه على شخص، إذا قال الأطباء أو تواتر عند الناس: أن هذا الطعام مؤثر على الإنسان وهو طيب، نقول: هو على هذا الإنسان حرام للضرر، كيف يكون لحم البقر داءً ثم يحله رب العباد الذي هو أرحم من العباد من الوالدة بولدها؟!
فمثلاً: هذا الحديث لو جاء إنسان وصححه، نقول: أخطأ في تصحيحه، هذه قاعدة أحب أن ينتبه لها طلبة العلم.
الجواب: نصيحتي له: أن يبين لهم الدين ويرغبهم فيه، ويعالجهم معالجة الطبيب للمريض حتى يشفوا بإذن الله، لو أن مريضاً مرض وفيه -مثلاً- جرح يحتاج إلى شق، فجاء الطبيب وشقه بعنف لا يزيد الجرح إلا بلاءً، لكن لو شقه برفق حتى يتمكن من السيطرة عليه صار هذا هو الصواب، ثم ينصحهم عن مصاحبة الأسافل والبعد عنهم؛ لأن المجالسة والمصاحبة تؤثر، وكثيرٌ من الصغار ينخدعون بوسوسة الكبار وغرورهم، فليحذرهم من هذا.
الجواب: العلماء رحمهم الله اختلفوا في السفر المبيح للرخص، فمنهم: من يحده بالمسافة ويقول: المسافة (83كم) فإذا جاوزها الإنسان ولو بنصف ذراع حلت له الرخص.
وبناءً على هذا القول: يكون هؤلاء ممكن يكون لهم الرخص؛ لأنك قلت: (100كم) أو أكثر.
هؤلاء يقولون: له القصر وله الفطر وله الجمع ولو قطع هذه المسافة، أعني: (83كم) بنصف ساعة أو أقل، على هذا القول يكون لهؤلاء أن يقصروا إذا صادفتهم الصلاة وهم في غير بلدهم، ويجوز لهم أن يجمعوا.
وأما على القول الثاني الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أقرب إلى الصواب فيقول: العبرة بما يسميه الناس سفراً، وهؤلاء القوم الذين يذهبون صباحاً ويرجعون مساءً قبل المساء لا يعدون مسافرين فلا يقصرون، أما الجمع فإذا كان يشق عليهم انتظار صلاة العصر بمعنى: أنهم يصلون إلى بلدهم وهم متعبون ويخافون إن ناموا لا يقومون، فلهم الجمع لكنه جمعٌ بلا قصر.
السائل: يعني: لا يجوز لهم أن يترخصوا برخص السفر؟
الشيخ: هذا على رأي شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه.
السائل: الفتوى التي يسندوها إليكم يا شيخ.
الشيخ: لا. هذه ما نفتيها، نقول: الذي يذهب يدرس بمسافة (100كم أو 200كم) ويرجع بيومه هذا ليس مسافراً، فلا يترخص -بمعنى لا يقصر- لكن مسألة الجمع شيء آخر؛ لأن الجمع يجوز إذا كان على الإنسان مشقة في انتظار الصلاة الثانية.
السائل: لو كان شبه يومي الجمع؟
الشيخ: ولو كان شبه يومي.
الشيخ: هل تظن أن الذي يشرب الدخان شربه ليموت؟
السائل: لا.
الشيخ: إذاً ليس منتحراً، لكن الذي يضع متفجرات في بطنه ويذهب إلى العدو ويفجرها هناك هل منتحر أم غير منتحر؟ منتحر.
فرق بين من يقصد قتل نفسه، ومن لا يقصد. لكن يقال: إذا كان ضرر الدخان يؤدي إلى القتل، فهذا من أقوى الأدلة على القول بالتحريم، وهو لا شك عندي أنه محرم -الدخان- لما فيه من أضرار بدنية، وأضرار خلقية، وأضرار مالية، ألم تعلم أن الذي يشرب الدخان إذا لم يجده ربما يبيع عرضه؟ قل لي: بلى أم لا؟
السائل: لا.
الشيخ: أحسن تقول: بلى. إذا قال لك: أليس قل: بلى.
على كل حال: الدخان عندنا لا نشك أنه حرام، لكن لا نقول: إن من شربه قاتل نفسه؛ لأنه ما قصد قتل نفسه.
الجواب: لا. غير صحيح؛ لأن أقوال التابعين في أمور الغيب ليست كأقوال الصحابة، الصحابة قد يكون مستندهم الرسول عليه الصلاة والسلام، والتابعون قد يكون مستندهم الأخبار الإسرائيلية التي شاعت بعد الفتوحات الإسلامية، وعلى أعلى تقدير نقول: السند منقطع. لو قلنا: إنهم يستندون في هذا إلى قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالسند منقطع، والمنقطع من أقسام الضعيف، وتصحيح بعض العلماء السند إلى هؤلاء قصدهم بذلك لو وجدت شواهد من وجهٍ آخر تدل على اتصال السند إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم صار هذا السند المنقطع مقوياً له.
الجواب: هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال للعلماء:
القول الأول: أن صلاته ناقصة وليست باطلة، سواء كان الصف تاماً أو غير تام، وهذا مذهب الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل ، ويؤولون قوله: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) أي: لا صلاة كاملة كما في قوله: (لا صلاة بحضرة طعام).
والقول الثاني: أن صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح مطلقاً، سواءً تم الصف الذي قبله أم لا، وهذا هو المشهور عند أصحاب الإمام أحمد رحمهم الله.
القول الثالث: الوسط، يقول: إن كانت الصفوف تامة فله أن يصلي خلف الصف منفرداً، وإلا فليس له ذلك، ويستدلون لهذا بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين رأى رجلاً يصلي وحده خلف الصف، فأمره أن يعيد الصلاة، وقالوا في عذره: إذا كان الصف تاماً، أن الله تعالى قال في الكتاب العزيز: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صحح صلاة المرأة خلف الصف؛ لأنه ليس لها محلٌ في الصف شرعاً، والذي يجد الصف تاماً ليس له محلٌ في الصف حساً وواقعاً، والتعذر الحسي كالتعذر الشرعي، وهذا الذي قلته أخيراً هو الصواب، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية واختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله.
قال بعض الناس: يجذب شخصاً من الصف ليكون معه. وهذا خطأ؛ لأن هذا جناية على المصلي في الصف، وسببٌ لانقطاع الصف، (ومن قطع صفاً قطعه الله)، وهو أيضاً موجب للتشويش على المجذوب، وموجب لحركة الصف كله؛ لأن الصف سوف يتحرك ليدنو بعضهم من بعض، ففيه جنايات.
وقال بعضهم: يتقدم فيكون مع الإمام. وهذا خطأ؛ لأن الشريعة تريد أن يكون الإمام وحده منفرداً ليس معه أحد؛ لئلا يظن الرائي أن لهؤلاء الجماعة إمامين.
ثم إذا قلنا: تقدم مع الإمام، إن كان بينه وبين الإمام صفوف أدى ذلك إلى تخطي الرقاب، ثم إذا تقدم مع الإمام وجاء آخر ولم يجد مكاناً قلنا: تقدم، ربما يكمل الصف مع الإمام، لكن لو بقي هذا يصلي وحده خلف الصف وجاء آخر صاروا صفاً.
على كل حال القول الراجح بلا شك: أنه إذا كان الصف تاماً فيصلي وحده مع الجماعة منفرداً.
الجواب: إذا خرج من بلده.
السائل: من أول ما يشرع في السفر؟
الشيخ: لا. إذا خرج من البلد أي: صارت مساكن البلد وراءه.
الجواب: إذا دخل وهو لم يصل المغرب والناس يصلون العشاء يدخل معهم بنية المغرب، ثم إن كان دخل معهم في أول الصلاة فإنه إذا قام الإمام للرابعة يجلس ويتشهد ويسلم ويدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، وإن كان دخل معهم في الثانية فما بعدها فالأمر واضح. إن دخل في الثانية متى يسلم؟ مع الإمام، وإن دخل في الثالثة أتى بركعة بعد سلام الإمام.
السائل: هل يجمع؟
الشيخ: لا أدري هل هو من أهل الجمع أم لا؟
السائل: للمطر.
الشيخ: إن كان أدرك شيئاً من العشاء -أي: بعد أن تشهد- فليجمع، وإن كان لا يدرك فعندي محل توقف؛ لأنه لا يستفيد من هذا الجمع شيئاً، إذ أنه سوف يخرج لبيته ونقول: انتظر حتى يدخل وقت العشاء وصل في بيتك، لكن إذا كان يدرك شيئاً من العشاء مع الإمام فليجمع ليدرك فضيلة الجماعة.
الجواب: سنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يتخذه، كان معه عنزة تركز أمامه ويصلي إليها.
السائل: إذا لم يتخذ الإمام سترة، هل ينكر عليه أم لا؟
الشيخ: لا ينكر عليه على أن ما فعله منكر، بل يرشد إلى السنة، ونقول: أنت فعلت محرماً تب إلى الله من هذا.
السائل: بعض المصلين ينكر على الإمام يقول: لماذا تتخذ سترة ونحن في البرية؟
الشيخ: لا. هذا خطأ؛ لأنه ما يعرف أن الرسول كان يفعل هذا، لو علم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يفعل هذا ما أنكر.
الشيخ: هل تعرف شيئاً من هذه الطريقة؟
السائل: لا أعلم.
الشيخ: كيف تنكر ما لا تعرف؟ قل: إذاً أنسحب ولا أنكر، هل أحد منكم يعرف الطريقة الشاذلية؟ أنا لا أعرفها.
أحد الحاضرين: عندهم أفكار بدعية يعني: يجتمعون في أماكن مثلاً في الليل بعد صلاة العشاء ويجلسون يقولون أشياء ليست معروفة، مثل قولهم: هوه هوه بذكر جماعي.
الشيخ: يعني: يتقربون إلى الله بهذا؟
أحد الحاضرين: نعم يتقربون إلى الله بهذا.
الشيخ: على كل حال لا شك أنها بدعة منكرة؛ لأن (هو هو) هذه ماذا تعني؟ ضمير لا له أول ولا تابع، وأخشى -أيضاً- أنهم يقولون: (هو هو) يعنون الكون كله، فيكونون قد أرادوا الوحدة أو الاتحاد. لا ندري.
السائل: يا شيخ! هم يرون الآية أن هذا اسم الله نوع، قال الله سبحانه وتعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [الحشر:22] فيأخذون هذه الآية لاسم الله الأعظم.
الشيخ: على كل حال قولهم هذا منكر، وربما يتسترون بهذا القول، والضمائر في حد ذاتها ليس لها معنى، حروف ما لها معنى في حد ذاتها إلا حسب المرجع، فعلى كل حال تنكر هذه الطريقة، وإذا رأيت من هجرهم مصلحة فاهجرهم، وإن لم تر مصلحة لا تهجرهم.
الجواب: السؤال أورده عليك كما أوردته على الأخ الذي سأل عن شارب الدخان: هل أسرع ليموت؟
السائل: لا.
الشيخ: إذاً ليس منتحراً، لكنه أخطأ، كل ما كان سبباً للهلاك يجب على الإنسان أن يتجنبه، لقول الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء:29] وقد استدل عمرو بن العاص بهذه الآية: على أن الإنسان إذا تعرض للبرد الذي يخشى أن يمرض منه فقد دخل في الآية، فإن عمرو بن العاص بعثه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في سرية فأجنب، وكانت الليلة باردة فتيمم وصلى بأصحابه، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد الرجوع: (أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: يا رسول الله! ذكرت قول الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29] فضحك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى بدت نواجذه أو أنيابه) موافقةً له على استدلاله بهذه الآية.
الجواب: بالغسل، السجادات تغسل، بعضها خفيف مثل الثياب العادية هذه تغسل، وأما الشيء الثقيل، أولاً تزال النجاسة، ثم يصب الماء، ثم يشفط بالإسفنج، ثم يصب ثانية ويشفط، ثم ثالثة ويشفط، ويطهر بهذا.
الشيخ: اختر أي الأمرين شئت.
السائل: العقيقة.
الشيخ: كل الذبائح المشروعة فحكمها حكم الأضحية؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) كل الذبائح المشروعة: العقيقة، والفدية، والهدي كالأضحية تماماً.
السائل: شخص ذبح أقل من ستة شهور، مجزئة أو غير مجزئة؟
الشيخ: لا تجزئ، لا من الضأن ولا من الماعز، وستة أشهر تجزئ من الضأن ولا تجزئ من الماعز.
الجواب: أولاً: ينبغي للإمام ألا يأتي إلا بعد زوال الشمس ولا يتقدم؛ لأن هذا هو الوقت المتفق عليه عند العلماء، فإن من العلماء من يقول: إذا خطب الإمام قبل الزوال لا يجزئ، فالوقت المتفق عليه بعد الزوال، فيقال للإمام: الأفضل ألا تأتي إلا بعد الزوال مباشرة، وإذا كان بعد الزوال مباشرة وأذن فقد دخل وقت الظهر فتصلي النساء في البيوت صلاة الظهر، ولكن لا بأس أن يأتي قبل الزوال بساعة أو نحوها، وإذا أتى فليكن عند النساء والمرضى في البيوت خبر بأن الإمام يأتي قبل الزوال فينتظرون، والآن والحمد لله الساعات موجودة، فيقال للنساء: لا تصلين إلا في الوقت الذي كنتن تصلين فيه في الأيام الأخرى. ينبهن على هذا.
الشيخ: لأي شيء نعلق الآيات القرآنية في الجدار؟
السائل: للزينة.
الشيخ: إذا كان للزينة فقد اتخذ آيات الله هزواً، كيف القرآن الكريم العظيم الذي نزل شفاء لما في الصدور وموعظة يجعل زينةً في الجدر؟!
السائل: للتبرك.
الشيخ: هل ورد عن السلف أنهم كانوا يتبركون بمثل هذا؟
الجواب: لا ما ورد، ونحن الخلف يسعنا ما وسع السلف . هات غرضاً ثالثاً؟
السائل: للتذكر.
الشيخ: هل الناس الذين يجلسون في هذا يتذكرون ويقرءون؟
الجواب: لا. اللهم إلا قليلاً إن كان. هات الرابع؟
السائل: اتقاء الجن.
الشيخ: هل ورد أن السلف يتقون الجن بمثل هذا؟
السائل: لا.
الشيخ: لا. إذاً كيف غاب عن السلف هذه الطريقة وفتحت لنا؟!!
الواقع أن هذا أقل ما نقول فيه: إنه بدعة، مع ما فيه من نوع امتهان للقرآن؛ لأنه يكتب مثلاً على الجدار في لوحة أو على الجدار نفسه: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [الحجرات:12] وتجد المجلس مملوءاً بالغيبة، هذا استهزاء، لذلك انصحوا كل إنسان تجدونه معلقاً الآيات على جدره، سواءً كان على الجدار نفسه، أو في ورق، أو ما أشبه ذلك، انصحوهم عن هذا، قل لأخيك: كلام الله لا يقام لهذا الغرض، ومثل ذلك ما نسمعه في الهواتف، عند الانتظار تسمع الهاتف يقرأ القرآن، لا إله إلا الله! القرآن يقضى به غرض؟! ثم إنه قد يسمعه كافر، أو شبه كافر، ويتضجر جداً من سماعه، فتكون أنت السبب في كراهة الإنسان لهذا القرآن الكريم، فلذلك -أيضاً- انصحوا من تسمعون في هاتفه عند الانتظار قراءة الآيات، ثم إنه أحياناً تكون اسطوانة واقفة على كلمة في مخاطبة سابقة فتقرأ الاسطوانة من هذا المنتهى آيةً مقطوعة لا يدري أولها ولا صلتها بالذي قبلها.
فسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر