أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثاني بعد المائتين من اللقاء المعروف بـ(لقاء الباب المفتوح) الذي يتم في كل يوم خميس، وهذا الخميس هو السادس من شهر المحرم عام (1420هـ)، أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل هذه اللقاءات وما شابهها مفيدة للجميع.
العوض أي: أن الشيئين متكافئان، فالباء للسببية، ولا تصلح أن تكون للعوض؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لن يدخل الجنة أحدٌ بعمله -أي: بعوض- قالوا: ولا أنت يا رسول الله! قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته).
إذاً.. الباء في قوله: جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الواقعة:24] أي: بسبب عملهم، وليس بمعنى أنه عوض؛ لأن الله لو أراد أن يعوضنا لكانت نعمة واحدة تحيط بجميع أعمالنا، أليس كذلك؟ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [النحل:18] لكن إن نعد أعمالنا أحصيناها، ولذلك استشكل بعض العلماء كيف يقول الله عز وجل: جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الواقعة:24] والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (لن يدخل الجنة أحد بعمله) أجابوا عن ذلك بأن الباء في النفي باء العوض، والباء في الإثبات باء السببية.
العوض أي: أن الشيئين متكافئان، فالباء للسببية، ولا تصلح أن تكون للعوض؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لن يدخل الجنة أحدٌ بعمله -أي: بعوض- قالوا: ولا أنت يا رسول الله! قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته).
إذاً.. الباء في قوله: جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الواقعة:24] أي: بسبب عملهم، وليس بمعنى أنه عوض؛ لأن الله لو أراد أن يعوضنا لكانت نعمة واحدة تحيط بجميع أعمالنا، أليس كذلك؟ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [النحل:18] لكن إن نعد أعمالنا أحصيناها، ولذلك استشكل بعض العلماء كيف يقول الله عز وجل: جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الواقعة:24] والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (لن يدخل الجنة أحد بعمله) أجابوا عن ذلك بأن الباء في النفي باء العوض، والباء في الإثبات باء السببية.
مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ استفهام تعجب وتفخيم، يعني: أي قوم هؤلاء؟ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ [الواقعة:27-34].
وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ [الواقعة:29] (الطلح) قيل: إنه شجر الموز، والمنضود: معناه الذي ملأ ثمرةً، ولكن مع هذا ليس الذي في الجنة كالذي في الدنيا.
وَظِلٍّ مَمْدُودٍ [الواقعة:30] (ظل) أي: لا نهاية له، لأنه لا يوجد شمس في الجنة، بل هي ظل، وصف بعض السلف بأنها كالنور الذي يكون قرب طلوع الشمس، تجد الأرض مملوءة نوراً ولكن لا تُشاهد شمس، فهو (ظل ممدود) أي: ممدود في المساحة ممدود في الزمن، دائماً.
أنهارها في غير أخدود جرت سبحان ممسكها عن الفيضان |
الله أكبر! سبحانه، لا تحتاج إلى تعب لا إقامة أخدود ولا حفر خنادق، إذا قال قائل: هل هذا ممكن؟ نقول: لا تتحدث فتقول: هل هذا ممكن؟ صدِّق، أخبار الغيب ليس فيها ممكن وغير ممكن، صدِّق ولا تتحدث، أليس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبرنا بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر؟
الجواب: بلى، وهو سبحانه وتعالى له العلو المطلق، كيف يكون عالي وينزل؟ ما هو الواجب؟
الواجب التصديق ولا نقول: كيف ولم، هذا شيء فوق مستوى عقولنا.
أمور الغيب لا تسأل عنها، ما دام أنها ثبتت في القرآن أو السنة فلا تسأل عنها؛ لأنه لا يمكنك الإحاطة بها، قل: آمنت بالله ورسوله واستمر، هنا نقول: أنهار الجنة تمشي بغير أخدود هل هذا ممكن؟ أمكن أو لم يمكن، ما دام ثبت عن المعصوم وجب علينا التصديق، على أنه في الدنيا ممكن، الآن لو مسحت يدك بدهن وصببت عليها الماء لا تجد أنها تكون زبراً بدون شيء، بدون حائل، بدون حفرة، هذا وهو في الدنيا أما في الآخرة فهو أعظم، أليس الله تعالى يقول في أهل الجنة: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ [الصافات:50-53] قرينه في الدنيا يقول: أنت تصدق إننا بعد ما نكون تراباً وعظاماً أننا نبعث ونجازى تصدق بهذا؟ انظر كيف التلبيس، ما جواب المؤمن؟ هل تصدق أنك بعد أن تموت وتغمس في التراب وتصير عظاماً ورفاتاً أنك تبعث؟ انظر والله، أشد مما أصدق الشمس، هذا القرين السيئ يقول قرينه: أنت تصدق بهذا؟ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ [الصافات:53] وهو قرينه في الدنيا، لكن هذا منَّ الله عليه بالثبات وثبت وصار من أهل الجنة فقال لأصحابه: هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ [الصافات:54] تعالوا نطلع على قرينه الذي كان يقول له هذا الكلام فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ [الصافات:55] في قعر الجحيم، وهذا في أعلى عليين في الجنة، قال له يخاطبه: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ [الصافات:56] أي: لتهلكني، بماذا؟ بقوله: أتصدق بهذا، وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنْ الْمُحْضَرِينَ [الصافات:57] للعذاب، كما أنت محضر الآن، يخاطب وهذا في أعلى عليين، وهذا في أسفل السافلين، ويطلع عليه فيقول: هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ ؟ هل هذا ممكن؟ كلنا نقول: هذا لا يمكن في الدنيا، لكن في الآخرة مصدقون، لكن وجدنا الآن أنه يوجد في الدنيا من صنع الآدمي، هواتف يتخاطب بها القريب والبعيد ويتراءون الصور، من صنع البشر، كيف بصنع الخالق عز وجل؟!
أنا أقصد بهذا يا إخوان أن لا تستبعدوا شيئاً مما أخبر الله به ورسوله، ويجب عليكم أن تصدقوا، ولا توردوا على أنفسكم ولا على غيركم كيف يكون هذا، هذا خبر صادق عن الله ورسوله، قل: آمنت بالله واستقم على دين الله.
هنا يقول الله عز وجل: وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ [الواقعة:32-33].
فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً [الواقعة:36-37] (العُرب) المتحببات إلى أزواجهن، سبحان الله! هذا كمال المتعة، أن تكون الزوجة تتحبب لزوجها وتتقرب إليه وتغريه في نفسها، بخلاف نساء الدنيا، نساء الدنيا إذا أتاها الزوج يريدها، وإذا بها متكرهة متبذلة تتعبه، قبل أن ينال مراده منها، لكن هن (عُرباً) متحببات للزوج، يفعلن كل ما يوجب محبته لهن (أتراباً) على سن واحدة، لا تختلف أسنانهنَّ ونساء الدنيا واحدة عجوز لها خمسين سنة، والثانية شابة لها خمسة عشر سنة، وما بينهما ثنتين لأن الزوج في الدنيا ما يملك إلا أربعاً، واحدة خمسين سنة والثانية أربعين، والثالثة ثلاثين والرابعة عشرين، السنين مختلفة، وبالطبع إذا اختلفت السنين اختلفت رغبة الزوج، وفي الغالب يرغب في الصغيرة أكثر مما يرغب في الكبيرة، فيبقى متذبذباً لكن في الآخرة أتراب، لا تختلف أسنانهنَّ على سن واحدة، ثم قال عز وجل: لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ [الواقعة:38] أي: ذلك المذكور من النعيم النفسي والبدني لأصحاب اليمين، اللهم اجعلنا من السابقين الأولين يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير.
الجواب: إنني أسأل هؤلاء البسطاء لو أن أحداً جنى على ميتهم أيمكنونه من هذا؟ لا يمكنونه، تأخير الميت جناية على الميت؛ لأنه معصية للرسول عليه الصلاة والسلام حيث قال: (أسرعوا بالجنازة) والعلماء قالوا: يسرع في تجهيزه إلا أن يموت فجأة ويشك في موته فينتظر حتى يتيقن، وإلا فيسرع في تجهيزه، فتأخير ذلك معصية للرسول عليه الصلاة والسلام ، هذه من جهة.
ومن جهة أخرى: جناية على الميت، الميت إذا كان صالحاً ماذا تقول نفسه: (قدموني قدموني) لأنه شاهد عند الموت النعيم الذي سيئول إليه وبشر بالجنة، كيف تأخره؟ أرأيت لو كان هناك مائدة من أحسن الموائد بينك وبينها خمسمائة متر، ويوجد شخص مشتاق لها من أقاربك، وحجزته عنها وقلت له: انتظر، أتكون ضغطت عليه أم لا؟ ضغطت عليه لا شك في ذلك ومنعته ما هو أسر له، فيكون في هذا جناية على الميت ومعصية للرسول عليه الصلاة والسلام، ومخالفة لهدي السلف الصالح ، فـالسلف الصالح يسرعون بالجنازة حتى في السير بها إلى المقبرة، يسرعون إسراعاً عظيماً حتى تكاد نعالهم تتقطع من الإسراع، فلماذا نؤخر الميت المسكين، وهو قد بشر عند قبض روحه بروح وريحان ورب غير غضبان، لماذا نهينه؟
قالوا: من أجل أن يأتي أخوة من لندن .. من أمريكا .. من كذا من كذا!! نقول: الحمد لله، إذا جاء يصلي على قبره، الباب مفتوح ودعوا الميت يتنعم بالنعيم مبكراً.
فأقول: إن هذا معصية للرسول عليه الصلاة والسلام، وجناية على الميت وغلط عظيم وسفه، وما الفائدة من أن يقيم بين أظهرهم، وفي حديث لكنه ضعيف (لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله) وكلمة (لا ينبغي) معناها المنع، وهذا محبوس من أجل أن يحضر أخوه أو ابن عمه أو أبوه أو ابنه، هل هذا حفل عرس حتى ينتظر قدوم الغائب، فهذا أكبر غلط وما علمناه إلا متأخراً، كان الناس في الأول يموت الإنسان قبل الصلاة بساعة واحدة ويؤتى بالغاسل والكفن ويجهز في نصف ساعة أو ساعة إلا ربع وجيء به إلى المسجد، يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم تأخر دفنه، مات يوم الإثنين ودفن ليلة الأربعاء، بقي الثلاثاء كاملاً وبقية يوم الإثنين، نقول: نعم هذا صحيح، لكن الصحابة أخروا دفنه، لسبب لا يوجد في غيره وهو أنهم قالوا: لا يمكن أن يدفن الإمام وهو ولي الأمر قبل أن يخلفه خليفة، ولو دفن قبل أن يخلف خليفة لكان نزاع وشقاق، لكن إبقاؤه حتى يقوم الخليفة بعده متعين، وأنتم تعلمون المسألة ليست هينة، في موت الرسول عليه الصلاة والسلام، اجتمع المهاجرون والأنصار في السقيفة، وحصل ما حصل حتى استقر الأمر والحمد لله بالإجماع على أن أبا بكر هو الخليفة، فتأخير دفن الرسول عليه الصلاة والسلام لحاجة ضرورية، ولا يقاس عليه غيره.
نعم، لو فرض أن التأخير يسير ساعات قلائل من أجل كثرة الجمع، كما لو فرض أن الناس في صلاة الظهر لا يكثرون لأن كل واحدٍ في وظيفته، وفي صلاة العصر يكثرون هذه ربما يتسامح فيها، أما أن يبقى يوماً أو يومين أو ثلاثة فهذا غلط.
الجواب: هذه بدعة ومكروه، إلا لغرض صحيح فيصح، أما لمجرد أن تكون البقعة أفضل أو ما أشبه ذلك، فلا، وكذلك لأجل أن يصلي عليه أهل المدينة الثانية فلا، وأقول: يا إخوان! الإنسان لا ينفعه إلا عمله، الذي ليس عنده عمل لو صلى عليه آلاف الناس لا ينفعونه إلا بمقدار ما ينفعون في الصلاة على غيره.
الجواب: السنة الراتبة التي قبل الصلاة لا يمكن أن تأخرها، والتي بعد الصلاة لك أن تؤخرها إلى آخر الوقت، وقت العشاء كما نعلم جميعاً ينتهي منتصف الليل، فلك أن تأخر راتبة العشاء إلى ما قبل منتصف الليل، والأفضل في جميع الرواتب أن تكون في البيت، بل كل النوافل الأفضل أن تكون في البيت كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة).
الجواب: يقول العلماء: لا بأس للمريض أن يوزع تركته على ورثته على حسب الميراث، لكن هذا غلط وليس بصحيح.
أولاً: لأنه تعجل شيئاً لم يكن، والله عز وجل يقول في الميراث: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ [النساء:12] والإنسان ما دام حياً فلم يترك شيئاً.
ثانياً: أنه ربما يموت بعض ورثته قبله، قد يكون هذا مريضاً مدنفاً قد قرب أجله، وله ورثة ثم هؤلاء الورثة يصابون بحادث بين عشية وضحاها، فينقلب الوارث موروثاً.
ثالثاً: أنه إذا قسمه بينهم فربما يوفق أحدهم فيما أخذه فيتجر به ويزداد وينمو ويكون عند الموت ما بيده أكثر ما بيد الورثة الآخرين فيوقع هذا في قلوبهم شيئاً، وإن كان هذا ليس له أثر، ولا ينبغي أن يوقع لكن لا بد أن يوقع، فلذلك نرى أن نبقي الأمر كما أبقاه الله عز وجل، أن الميراث لا يكون مقسوماً إلا بعد الموت.
الجواب: إي نعم، لعب الأطفال أنا لا أشدد فيها، أولاً: لأن حديث عائشة (أنها كانت تلعب بالبنات) صحيح ثابت في البخاري وغيره، في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، لا نعلم أن الصناعة وصلت إلى هذا الحد المعروف الآن.
فنقول: ما دام المعنى الذي من أجله أبيح للبنات اللعب هو موجود الآن حتى في هذه الصور، ولذلك تجد الصبية إذا صار لها بنت من هذه الصور تعتني بها اعتناءً كاملاً، تلبسه الثياب، وتغسله، وتضعه أمام المكيف وتقول له: يا حلالي ويا حبيبتي وما أشبه ذلك، فالحكمة من ذلك اعتياد البنت على تربية أبنائها، فما دامت هذه العلة فهي موجودة، لكن مع ذلك لا نحبذ هذا الشيء ونقول: من الممكن تأتي بالصورة هذه وتقلع وجهها بالسكين وتجعلها شيئاً آخر، وتكون كأنها بنت متغللة عليها غلال واحد.
الجواب: حديث (اقرأ ورتل كما كنت ترتل) يشمل القراءة عن ظهر قلب أو في المصحف، لكن الثواب المجزوم به هو الذي يقرأه عن ظهر قلب.
الشيخ: التهنئة بحلول العام الجديد ليس لها أصل من عمل السلف الصالح ، فلا تبتدئها أنت، ولكن إن هنَّاك أحد فرد عليه، لأن هذا أصبح معتاداً في أوساط الناس، وإن كان هذا بدأ يَقِل الآن، لما حصل ولله الحمد عند الناس علم، وكانوا من قبل يتبادلون الرسائل.
السائل: ما هي الصيغة التي يتبادلها الناس؟
الشيخ: أن يهنئوك ببلوغ العام الجديد، ونسأل الله أن يتجاوز عنك ما مضى في العام الماضي، وأن يعينك على ما يستقبل أو كلمة نحوها.
السائل: هل يقال: كل عام وأنتم بخير؟
الشيخ: لا، كل عام وأنتم بخير لا تقال لا في عيد الأضحى ولا الفطر ولا بهذا.
الجواب: يعني أنها تنفيذاً لوصية والده، ولكن اعلم أن الإنسان إذا حج عن شخص نافلة نواها نافلة وإذا كان لم يحج الفريضة صارت فريضة، حتى إذا لم ينوها، لأن من خصائص الحج أن الإنسان إذا لم يؤد الفريضة فما حجه فهو الفريضة حتى ولو حج عن غيره، إن شاء الله لا بأس بذلك ما دام الإنسان يعلم أن قصد والده أن يحج عنه فقط، أما إذا كان يعلم أن والده يقصده هو بنفسه؛ لأنه طالب علم وفاهم فلا يوصِ بها أحداً.
الجواب:
الشيخ: أولاً: هل تعرف معنى في سبيل الله؟
السائل: الدفاع عن العرض.
الشيخ: لا، الدفاع عن العرض لا شك أنه شهادة ولكنه ليس شهادة في سبيل الله، بمعنى لو أن إنساناً أراد أهلك مثلا يفعل بهم الفاحشة فلك أن تدافع حتى تموت إذا قتلت فأنت شهيد، لكنه ليس شهادة في سبيل الله، الشهادة في سبيل الله هو: أن يقتل الإنسان وهو مقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، هذا الميزان، إذا قتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو شهيد، لكن هل أشهد على هذا الرجل بعينه أنه شهيد؟
لا يجوز، فلا تغتر بكلام الناس، كل مقتول حتى ولو قتل من أجل القومية والعروبة وما أشبه ذلك قالوا: شهيد؛ هذا ليس بصحيح، اسمع كلام البخاري رحمه الله في صحيحه قال: باب لا يقال فلان شهيد، إلا على من ثبت أنهم شهداء مثل قول الرسول عليه الصلاة والسلام لما صعد الجبل في أحد اهتز الجبل فقال: (اسكن أو اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان) النبي محمد عليه الصلاة والسلام، والصديق أبو بكر، والشهيدان عمر وعثمان رضي الله عنهم.
إذاً.. نشهد أن عثمان شهيد وعمر شهيد وعلياً شهيد، لكن من قتل مجاهداً لا نقول: إنه شهيد.
ثم استدل البخاري رحمه الله بحديث، قد يخفى على كثير من الناس، لكن البخاري عنده استنباطات عجيبة للأحاديث، حتى أنه يأتي بترجمة، ثم يأتي بحديث فتظن أنه بعيد من الترجمة، لكن فهمه دقيق رحمه الله، أتى بحديث (ما من مكلوم يكلم في سبيل الله -والله أعلم بمن يكلم في سبيله- إلا إذا كان يوم القيامة يجيء وجرحه يثعب دماً، اللون لون الدم، والريح ريح المسك) أخذ من قوله: (والله أعلم بمن يكلم في سبيله) أنه لا يجوز أن نقول: فلان شهيد؛ لأن هذا علمه عند الله، وذكر صاحب فتح الباري أثراً عن عمر رضي الله عنه أنه خطب وقال: [أيها الناس! إنكم تقولون: فلان شهيد، فلان شهيد ولعله أن يكون فعل كذا أو كذا ولكن قولوا: من قتل في سبيل الله أو مات فهو شهيد].
إذاً.. لا نقول لشخص معين: إنه شهيد حتى لو كان قتل في صفوف المسلمين وهو يقاتل الكفار، والله أعلم.
الجواب: أما جزاؤه قال الله عز وجل: وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ [الحديد:19] وقال عز وجل: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [آل عمران:169-170] وقال عز وجل: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ [البقرة:154].
الشيخ: يسأل الأعلى.
السائل: ويسكت.
الشيخ: أنت تقصد في الصلاة أم خارج الصلاة.
السائل: صلاة وفي غيرها.
الشيخ: الرسول صلى الله عليه وسلم ما أثر عنه ذلك إلا وهو في صلاة الليل فقط، هكذا أثر عنه، ولهذا نقول: يسن للإنسان في صلاة الليل إذا مر بآية وعيد تعوذ وبآية رحمة سأل، وبآية تسبيح سبح، وفي غيرها لا نقول: يسن، ولكن إن فعله فلا بأس، في الفريضة مثلاً لا نقول: افعل؛ لأن الواصفين لصلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الفريضة ما ذكروا أنه يفعل هذا، فلذلك الإنسان يتوقف في الفريضة أن يقول هذا، ونرجو أن لا يكون فيه بأس إن شاء الله، لكن لا نندب له أن يقول.
السائل: وفي غير الصلاة؟
الشيخ: ما ورد فيها لكن لا بأس ولا يوجد مانع.
السائل: ويسأل في الأولى أم يسأل في الثانية؟
الشيخ: يسأل في الأعلى ليس فيه إشكال، أيهما أحب لنا: أن نكون من السابقين أم من أصحاب اليمين؟
السائل: من السابقين لا شك.
الشيخ: لكن نسيء الظن بأنفسنا، قل: عسى أن نكون من أصحاب اليمين وعسى أن نسلم من العذاب.
الجواب: تكون أثناءه، وبعض العلماء يشدد ويقول: إن بدأ قبل أن ينتقل أي: قبل أن يتحرك من الانتقال لم تصح، وإن كملها بعد أن وصل لا تصح، لا بد أن تكون بينهما، لكننا نرى أن في هذا تشديداً، وأنه لا يمكن العمل به، إنما الأفضل ألا ينطق بها حتى يتحرك، وأن ينهيها إذا وصل، من حين وصل يكون قد أنهاها، وأنه لو بدأ بها قبل وكملها في أثناء الحركة فلا بأس، أو بدأها في أثناء الحركة وكملها بعد الوصول لا بأس، أما إذا لم يكبر إلا إذا وصل فلا ينفع، أن يكبر قبل أن يتحرك، ولهذا لو نسي أن يقول: الله أكبر! حتى سجد لا يكبر فيسجد للسهو لأنه ترك التكبير.
الجواب: لا بأس به؛ لأنه لا يمكن الوصول إلا المعلومة إلى بهذا، والله عز وجل يقول: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ [البقرة:29] ولهذا لو شردت الناقة مثلاً، ولحقها القوم ثم رموها رمياً، فأصابوها حتى سقطت وماتت تحل، مع أن هذا ليس هو النحر المعروف.
الجواب: الحكم أنه لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى عن بيع عسب الفحل) أي: طرقه البعير، وعجباً من هذا الرجل كيف يحسد إخوانه شيئاً لا يضر جمله، بل ينفع الجمل؛ لأن الجمل كما يتلذذ الإنسان بهذا هو يتلذذ أيضاً، فليعط الجمل حريته، ولذلك من أخطر ما يكون أن تصد الجمل عن الناقة إذا أرادها، فإنه سيطوي لك وبعد حين يقضي عليك، المهم أن عسب الجمل أو التيس أو الخروف أو الثور كله لا يجوز له، إما أن تمنحه مجاناً، وإما أن تمنعه إذا كان يضر الفحل.
هم الآن يسلفونني خمسين ألفاً وتبقى عندهم مثلاً وهذه بعد أربعة أشهر أقوم بإرجاعها إن كان فيها مكسب لي وإن كان فيها خسارة أدفع من جيبي أنا؟
الجواب: لا يجوز هذا، لكن إذا شئت إن كان البنك صادقاً يتعامل بالبيع والشراء أعطيه أنت خمسين ألفاً أو أكثر أو أقل ويتجر بها، ويكون الربح بينكما على ما شرطتما، والخسارة عليك أنت، هذا إذا علمنا أن البنك صادق يبيع ويشتري حقيقة.
الجواب: إن كان منها فمنها، وإن لم يكن منها فإن الله ذكر المعروف عند العرب، والجاموس ليس بمعروف عند العرب.
الجواب: هذا رجل دخل ليصلي مع الجماعة فوجد الصف مكتملاً فيصلي وحده خلف الصف، يصلي وحده تابعاً للإمام، لقول الله تبارك وتعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
الجواب: الاحتفاظ بصورة الميت لا يجوز، ومن عنده شيء منه فليحرقه الآن؛ لأن تذكر الميت يجدد الأحزان، وكذلك ما يبقى من ثيابه إما أن يستعمل ويلبس حتى يبلى أو يتصدق به، أما أن تبقى ذكرى للميت فهذا أيضاً مما يجدد الحزن، وهو نعي فعلي، نعي الميت يكون إما بالقول وإما بالفعل، وهذا نعي له بالفعل، فلا يجوز إبقاء صورة الميت، ولا يجوز أيضاً إبقاء ثيابه لتذكره.
الجواب: أولاً: لا يجوز لأحد أن يتقدم قبل الإمام الراتب إلا إذا كان قد قال لهم: إذا مضى ثلث ساعة أو ربع ساعة أو نصف ساعة كما يقرر فأقم الصلاة، وبعض الناس -والعياذ بالله- يتهاون، إذا تأخر الإمام دقيقتين أو ثلاثاً قالوا له: أقم، هذا لا يجوز؛ لأن الإمام في مسجده كالسلطان في رعيته، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا يأمن الرجل الرجل في سلطانه) فلينتظر، لكن إذا كان قد أذن لهم وقال: إذا مضى ثلث ساعة، فأقيموا الصلاة ومضى ثلث ساعة فأقاموا الصلاة يتقدم أحدهم، ثم إذا حضر الإمام فللإمام أن يتقدم وذاك أن يتأخر في الصف، لأن الإمام هو صاحب السلطة في مسجده.
وهل الأفضل أن يتقدم ويتأخر الذي أقام أم أن الأفضل أن يدخل في الجماعة؟
الغالب أن الثاني أحسن وأبعد من العداوة والبغضاء، فأرى أنه إذا جاء وقد تقدم أحد المصلين أن يبقيه على تقدمه ولا يحاول أن يزيحه ويكمل بالناس، سواء في الركعة الأولى أو الأخيرة.
الجواب: الصبر حقيقة عند الصدمة الأولى؛ لأنه هو الذي يأتي الإنسان ويكون متأثراً، فإذا لم يصبر فليس هناك فائدة، يعني مثلاً: لو أنه حينما أصيب بمصيبة مباشرة قام يشق جيبه ويلطم خده، ثم بعد ذلك فكر وقال: أنا غلطان، فإنه فاته أجر الصابرين، لأن الصبر عند الصدمة الأولى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (مر بامرأة تبكي عند قبر فكلمها فقالت له: إليك عني فإنك لم يصبك ما أصابني) أو كلمة نحوها، ولما انصرف قالوا لها: هذا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فجاءت تعتذر، فقال لها: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى).
الجواب: هذا ليس بصحيح، الأعداد ذكر لها الثلاثة والخمسة والسبعة، وليس فيها شيء.
السائل: يقولون: رقم سبعة إذا لم تكن هناك دلالة على أنه سبع وحدات مثلما جاء في الحج: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [البقرة:196] فهذه قرينة تدل على أن هذا الرقم هنا سبع وحدات، أما سبع سماوات أو غيره فمن الأرقام يقولون: إنها من إعجاز علمي أو هكذا.
الشيخ: أبداً هذا من غلطهم؛ لأن الله قال: تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [البقرة:196] لئلا يظن الظان أنها لما تفرقت صار كل واحد لا يتصل بالآخر، لأنه يصوم ثلاثة أيام في رجب وثلاثة أيام في ربيع مثلاً متفرقاً، فهنا يقول: ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجعتم ربما لا يرجع إلى بلده إلا بعد شهر أو شهرين، فقال: تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [البقرة:196] لئلا يظن الظان أنها عندما تفرقت لا يضم بعضها إلى بعض.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر