فهذا هو اللقاء الحادي عشر بعد المائتين من اللقاءات التي تسمى: (لقاء الباب المفتوح) التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو السابع عشر من شهر ربيع الأول عام (1420هـ).
نبتدئ هذا اللقاء بما اعتدنا أن نبدأ به وهو التفسير, على ما ييسره الله عز وجل, لأن علم التفسير أشرف العلوم؛ لأنه يتعلق بأعظم كتاب وهو القرآن الكريم, والعلم يشرف بشرف المعلوم, وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل, قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً, فينبغي لطالب العلم أن يعتني بالتفسير, ويفهم كتاب الله عز وجل ليعمل به, لأنه لا يمكن العمل إلا بعد معرفة المانع, والعمل بالقرآن واجب, فيجب علينا أن نعرف معناه, فوصيتي لطلاب العلم أن يعتنوا بتفسير كتاب الله عز وجل عناية تامة, وإذا أمكن أن يحفظوه فهو أكمل وأفضل.
قال تعالى: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ [الحديد:5] كل الأمور، أي: الشئون العامة والخاصة, الدينية والدنيوية والأخروية, كلها ترجع إلى الله عز وجل, يتصرف بما شاء ويحكم بما شاء, ولا معقب لحكمه عز وجل, هل أمور الإنسان الخاصة ترجع إلى الله؟ الجواب: نعم. ترجع إلى الله, ولذلك يجب عليك إذا ألمت بك ملمة أن ترجع إلى الله عز وجل, لأن المشركين -وهم المشركون- إذا ألمت بهم الملمات التي يعجزون عنها يلجئون إلى الله عز وجل, إذا عصفت بهم الرياح في البحار وهم على السفن لمن يلجئون؟ إلى الله عز وجل, يسألونه أن ينجيهم وهم مشركون, فكيف بك أنت أيها المسلم؟! الجأ إلى الله في كل شيء, صغير أو كبير, ديني أو دنيوي, خاصة بك أو بأهلك, لا تلجأ إلى غير الله, فمن أنزل حاجته بالله قضيت, ومن أنزل حاجته بغير الله وكل إليه.
إذاً: نقول: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ [الحديد:5] أَيّ أمور؟ كل الأمور, الأمور العامة, الأمور الدينية والدنيوية والأخروية, والخاصة والعامة, وإذا آمنت بهذا ويجب أن تؤمن به صرت لا تلجأ إلا إلى الله عز وجل.
ثم هذا الإيلاج ليس يأتي دفعة واحدة, فلا يمكن أن تقول: أقصر ليلة في أطول ليلة في يومين! لا يمكن, ولكنه يأتي تدريجياً شيئاً فشيئاً, أول ما يبدأ بزيادة تجده يأخذ قليلاً, في اليومين أو الثلاثة دقيقة واحدة, ثم يزداد يزداد حتى يكون عند تساوي الليل والنهار يأخذ حوالي دقيقتين في اليوم تدريجياً, أرأيتم لو جاء دفعة واحدة, كنا مثلاً في أطول يوم في السنة وإذا بنا في اليوم الثاني إلى أقصر يوم في السنة, ماذا يترتب عليه؟ مفاسد عظيمة, لأن الناس سينقلبون من حر مزعج إلى برد مؤلم في خلال أربع وعشرين ساعة, وهذا لا شك مضر للأبدان والنبات والجو, لكنه عز وجل يولجه على تنظيم, موافق للحكمة تماماً, ولا أحد -والله- يستطيع أن يفعل هذا أبداً, ومهما بلغ من القوة.
وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [الحديد:6] (ذات الصدور) هي: القلوب, (ذات الصدور) أي: صاحبة الصدور وهي: القلوب, والدليل أنها القلوب: قول الله تبارك وتعالى: فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46] إذاً: هو عليم بما في القلب, هل تصدق بذلك؟ نعم. تصدق, لأن الخبر خبر الله تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً [النساء:122] إذا كنت تصدق بذلك، فهل يمكن أن تضمر في قلبك ما لا يرضاه الله؟ إن كنت مؤمناً لا يمكن, طهّر قلبك من الرياء والنفاق والغل على المسلمين, والحقد, والبغضاء, طهره لأن قلبك معلوم عند الله عز وجل -اللهم طهر قلوبنا- طهر قلبك من هذا, املأه محبة لله وتعظيماً, ومحبة للرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيماً كما يليق به, ومحبة للمؤمنين, ومحبة لشريعة الله وإن كرهتها, قال الله عز وجل للصحابة: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].
لا تضمر في هذا القلب المضغة شيئاً يكرهه الله, إن فعلت فإن الله عليم به لا يخفى عليه, فطهر قلبك حتى يكون نقياً سليماً, لأنه لا ينفع يوم القيامة إلا من أتى الله بقلب سليم, كما قال عز وجل: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89].
وتغيرات القلب تغيرات سريعة وعجيبة, ربما ينتقل من كفر إلى إيمان أو من إيمان إلى كفر في لحظة -نسأل الله الثبات- تغير القلب يكون على حسب ما يحيط بالإنسان, وأكثر ما يوجب تغير القلب إلى فساد حب الدنيا, حب الدنيا هذه آفة, والعجب أننا متعلقون بها, ونحن نعلم أنها متاع الغرور, وأن الإنسان إذا سر يوماً وسيء يوماً آخر, كما قال الشاعر:
فيوم لنا ويوم علينا ويوم نُسَاءُ ويوم نُسَرّ |
كل لذة في الدنيا فهي محوطة بمنغص، لذلك احرص على تطهير القلب من التعلق بالقلب, إلا ما ينفعك في الآخرة كأن تتعلق بالدنيا لتصبح غنياً تنفق مالك في سبيل الله, وفيما يرضي الله عز وجل فهذا شيء آخر, طلب المال للأعمال الصالحة خير, لكن طلب المال لمزاحمة أهل الدنيا في دنياهم هذا شر.
الجواب: الذي أرى أن يوجد قناة إسلامية يتكلم بها علماء راسخون في العلم, أهل عقيدة سليمة, ويبينون الحق دون مهاترات أو منازعات أو سبٍ للآخرين, فهذه إذا وجدت نفع الله بها, وأرجو الله عز وجل أن يحقق هذا, لأن بقاء الناس لا يشاهدون إلا ما ينشر في هذه الفضائيات المدمرة ضرر عظيم, لكن إذا وجدت قناة إسلامية يتكلم فيها علماء راسخون في العلم أقوياء في بيان الحق, فلكل سلعة مشترٍ, أهل الباطل يذهبون للباطل, وأهل الخير يذهبون إلى الخير.
وإذا كانت القناة الإسلامية هذه مشيقة في العرض، في طرح المسائل، وفي الإجابة عن الإشكالات سوف ينصرف إليها أناس كثيرون حتى ممن لا يريدون هذا, فأسأل الله أن يحقق هذا عن قريب حتى يشتغل الناس به عن مشاهدة القنوات الفضائية الفاسدة المفسدة.
السائل: يكون هذا مسوغاً لمن لم يحصل على الدش أن يشتري الدش بحجة هذا؟
الجواب: نعم يشتري الدش بهذه الحجة, أليس الآن عندنا إذاعة القرآن كلها سليمة, وأناس عندهم راديو وما يستمعون إلا إلى إذاعة القرآن, وما دام عندنا مصلحة محققة فالأوهام هذه مطرحة ولا عبرة بها.
الجواب: لا شك أن التهاون بالصلاة سبب الشقاء والبلاء؛ لأن الصلاة إذا صلحت صلحَت الأعمال, وإذا فسدت فسدت الأعمال, فهي للأعمال بمنزلة القلب, ولهذا عند الحساب يوم القيامة أول ما ينظر في الصلاة, إن كان قد أضاعها هو لما سواها أضيع, وإن كان قد حافظ عليها ينظر في بقية أعماله, والصلاة عمود الدين إذا سقطت سقط البناء, ولقد قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً [مريم:59-60].
هؤلاء الذين يتهاونون في الصلاة من الآباء والأبناء والإخوان، والأعمام والعمات والخالات وغيرهم من الأقارب, أو من الأصحاب أو من الجيران, يجب علينا أن ننصحهم ونحذرهم ونبين لهم ما في الصلاة من الخير والأجر العظيم, والآثار الحميدة, وما في تركها وإضاعتها من الشر والبلاء, فإن اهتدوا فهذا المطلوب, وإن لم يهتدوا نظرنا: هل في هجرهم والبعد عنهم فائدة بحيث يخجلون فيستعتبون, أو هذا لا يزيد الأمر إلا شدة ونفوراً, إن كان الثاني فإننا لا نهجرهم, وإن كان الأول فإننا نهجرهم, أي: إذا هجرناهم خجلوا واستقاموا, فهنا نهجرهم حتى يستقيموا, وإن كان الهجر لا يفيد شيئاً بل لا يزيد الأمر إلا شدة وبعداً ونفوراً منا فلا نهجرهم, لأن الهجر دواء, والدواء متى يستعمل؟ يستعمل عند الحاجة وعند ظن النفع, إذا لم تظن النفع في الدواء فلا تستعمله, إلا إذا كانوا تركوا الصلاة بالكلية فهؤلاء مرتدون عن دين الإسلام, يجب هجرهم ومقاطعتهم وعدم الإنفاق عليهم إذا كنت تنفق عليهم حتى يرجعوا إلى الإسلام.
لاحظ أيهما أعظم الكافر الأصلي الذي لم يُسْلِمْ من الأصل, أم المرتد؟ المرتد أعظم, ولهذا الكافر يمكن أن نبقيه على دينه ونتركه, المرتد لا نبقيه على ردته, نقول: أسلم وصلِ وإلا قتلناك, فإذا كان لا يجوز إقراره على الحياة فلا يجوز صلته.
الجواب: إذا تيقنت مثل الشمس انتقض وضوءك ويجب عليك الانصراف وغسل ما حصل من البول, ثم إعادة الوضوء, أما إذا كان غلبك ظن (90%) أنه حصل هذا لا تلتفت له, أنا أظن والله أعلم أن الذين يبتلون بهذا يكون عندهم (50%) أنه خرج شيء, إذا كان (90%) أو (95%) لا يؤثر فما دونه من باب أولى, ما هو الدليل من أجل أن تطمئن, أن النبي صلى الله عليه وسلم شكي إليه أن الرجل يجد الشيء في صلاته ويشك هل أحدث أم لا؟ فقال: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) أي: حتى يتيقن تيقناً ليس وهماً, فلا تلتفت لهذا, أيضاً لو كنت خارج الصلاة وأحسست لا تذهب تفتش, لأن مع تحريك الذكر للاطلاع يحصل شيء اتركه, نسأل الله أن يعافي إخواننا مما ابتلاهم به.
الجواب: الذي يترك الصلاة بالكلية يجب بغضه وكراهته, وإذا مات لا يجوز أن نقول: اللهم ارحمه, ولا يجوز أن ندفنه مع المسلمين، ولا أن نغسله ولا أن نكفنه, نخرج به في سيارة خارج البلد ونحفر له حفرة وليس قبراً ونرمسه فيها رمساً بثيابه, لأن هذا كافر, والكافر الأصلي له شيء من الحقوق, أما هذا فليس له حق ولا يجوز أن يبقى على الدنيا طرفة عين, ولا حرمة له، ويوم القيامة يحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف رءوس الكفر، والعياذ بالله.
الجواب: هذا لا شيء عليه ولو ترك الصلاة؛ لأنه الآن لا يحس أنه ترك, فيعني هذا أن الجن أغموا عليه وحالوا بينه وبين الإرادة, فتركه لذلك كالمكره تماماً, فهو على إيمانه حكماً في الدنيا وإن شاء الله في الآخرة كذلك.
الجواب: الذي يصلي فترة وينقطع فترة على رأي شيخنا ابن باز رحمه الله كافر, لأنه يرى أن من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها فهو كافر, وعلى ما نرى ليس بكافر لأن الحديث: (من تركها -أي: الصلاة- ..) ما قال: من ترك صلاة, وما ذهب إليه شيخنا رحمه الله قد ذهب إليه بعض السلف , وقال: الأصل أنه إذا ترك صلاة سيترك الباقي, ما الذي أدرانا أنه تركها نهائياً؟ فنحكم بالظاهر، نقول: متى ترك صلاة واحدة عمداً بلا عذر حتى خرج وقتها فهو كافر.
وبناء على ذلك يوجد -والعياذ بالله- أناس لا يصلون الفجر ويصلون البقية, لا يصلون الفجر لأنهم ينامون إلى أن يأتي وقت الدوام, وإذا قام غسل وجهه وأفطر ومشى, فعلى كل حال الواجب التناصح فيما بيننا, وأن نحذر من التهاون بالصلاة, لأن أمرها عظيم وخطأها جسيم, وما ابتلي الناس الآن بالمعاصي التي ظهرت والدعايات الباطلة، والدعوة إلى تحلل المرأة مثلاً إلا بسبب الذنوب, قال الله تعالى: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ [المائدة:49].
الجواب: لا يجوز للمرأة أن تصافح إلا زوجها ومحارمها فقط, فلا تصافح أخا زوجها, لأنه ليس مَحْرَمَاً, ولا ابن خالها, ولا ابن عمها, ولا غيرهم ممن ليسوا من محارمها, وإذا امتنع الإنسان من ذلك فليبين أن هذا حرام, ويقول تطييب لقلوبهم: اسألوا العلماء, فإن أبوا أن يسألوا العلماء ووصفوه بالكبرياء أو ما أشبه ذلك فليصفوه بما شاءوا, ما دام على ما يرضي الله فلا يهمه أحد, أتدري بماذا وُصف الرسول عليه الصلاة والسلام؟ المجنون، والساح، والشاعر, والكاهن, والكذاب، وكل وصف, هل هذا منعه أن يقول الحق؟ لا. بل هذا مما يضاعف الثواب به للإنسان, حيث يثاب بترك المحرم من وجه, وعلى ما يصيبه من أذىً من وجه آخر, وما أعظم الخطر على أولئك الذين يؤذون المتمسكين بالدين, لأن الله تعالى يقول: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً [الأحزاب:58].
دعهم يقولون ما شاءوا, والحق منصور ولو على المدى الطويل, يقول ابن القيم رحمه الله في النونية:
والحق منصور وممتحن فلا تعجب فهذي سنة الرحمن |
إذاً: لا تصافح، وأعلن أن هذا حرام، وقل: يا جماعة! إن كنتم في شك فهؤلاء العلماء عندكم.
الجواب: أنا أرى أن الانتخابات واجبة, يجب أن نعين من نرى أن فيه خيراً, لأنه إذا تقاعس أهل الخير من يحل محلهم؟ أهل الشر, أو الناس السلبيون الذين ليس عندهم لا خير ولا شر, أتباع كل ناعق, فلابد أن نختار من نراه صالحاً فإذا قال قائل: اخترنا واحداً لكن أغلب المجلس على خلاف ذلك, نقول: لا بأس, هذا الواحد إذا جعل الله فيه بركة وألقى كلمة الحق في هذا المجلس سيكون لها تأثير ولابد, لكن ينقصنا الصدق مع الله, نعتمد على الأمور المادية الحسية ولا ننظر إلى كلمة الله عز وجل, ماذا تقول في موسى عليه السلام عندما طلب منه فرعون موعداً ليأتي بالسحرة كلهم, واعده موسى ضحى يوم الزينة -يوم الزينة هو: يوم العيد؛ لأن الناس يتزينون يوم العيد- في رابعة النهار وليس في الليل, في مكان مستوٍ, فاجتمع العالم، فقال لهم موسى عليه الصلاة والسلام: وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى [طه:61] كلمة واحدة صارت قنبلة, قال الله عز وجل: فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ [طه:62] الفاء دالة على الترتيب والتعقيب والسببية, من وقت ما قال الكلمة هذه تنازعوا أمرهم بينهم, وإذا تنازع الناس فهو فشل, كما قال الله عز وجل: وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا [الأنفال:46] فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى [طه:62].
والنتيجة أن هؤلاء السحرة الذين جاءوا ليضادوا موسى صاروا معه, ألقوا سجداً لله, وأعلنوا: آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى [طه:70] وفرعون أمامهم, أثرت كلمة الحق من واحد أمام أمة عظيمة زعيمها أعتى حاكم.
فأقول: حتى لو فرض أن مجلس البرلمان ليس فيه إلا عدد قليل من أهل الحق والصواب سينفعون, لكن عليهم أن يصدقوا الله عز وجل, أما القول: إن البرلمان لا يجوز ولا مشاركة الفاسقين, ولا الجلوس معهم, هل نقول: نجلس لنوافقهم؟ نجلس معهم لنبين لهم الصواب.
بعض الإخوان من أهل العلم قالوا: لا تجوز المشاركة, لأن هذا الرجل المستقيم يجلس إلى الرجل المنحرف, هل هذا الرجل المستقيم جلس لينحرف أم ليقيم المعوج؟! نعم ليقيم المعوج, ويعدل منه, إذا لم ينجح هذه المرة نجح في المرة الثانية.
السائل: ... الانتخابات الفرعية القبلية يا شيخ!
الجواب: كله واحد أبداً رشح من تراه خَيِّرَاً، وتوكل على الله.
الجواب: المنافقون: هم الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر, هؤلاء هم الذين في الدرك الأسفل من النار, أما من فيه خصلة من النفاق فقد يعفو الله عنه, لأن الله يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] فلا يكون في الدرك الأسفل من النار ولا في الدرك الأعلى.
الجواب: هل هو الذي ذبحها؟
السائل: لا.
الجواب: كُلْها.
الجواب: أولاً: بارك الله فيك أنا لا أحيط بكل الفنون هذه واحدة, ولا أحيط بكل ما ألف في فن واحد, فإذا كان كذلك فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
ولكني أنصح نصيحة عامة: عليكم بكتب من سلف؛ كتب السابقين فإنها أبرك وأتقن وصادرة عن إيمان, وهم غير معصومين, المتأخرون حسب ما رأينا أكثر علومهم سطحية, ليس هناك علم راسخ, ولهذا لو أنك أخرجت هذا الدكتور العظيم الذي هو دكتور ألف واثنين ومائة وألف, لو أخرجته عن مساره وقع, هؤلاء سطحيون في أكثر ما يكتبون، نقول: وقد تكون غير محررة أو محرفة أيضاً من الأصل, لأنهم لا يعرفون المعاني كثيراً, ثم ينقل من هذا ومن هذا ومن هذا ويختلط, فوصيتي لطلاب العلم عموماً أن يأخذوا بكتب السابقين, أبرك وأقل تكلفاً وكلاماً, المتأخرون تقرأ صفحة أو صفحتين لا تحصل إلا على سطرين, عهن منفوش, لكن كتب الأولين فيها بركة، سبحان الله! لأنه ليس عندهم تكلف, والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (هلك المتنطعون) أحياناً نجد رسائل جامعية يكتب النقاش بين العلماء ثم يقول: استدل الأولون بكذا وكذا ويسرد, استدل الآخرون بكذا وكذا ويسرد, بينما تجد هذه المناقشة التي صارت بعشرة ورقات تجدها في ورقتين فقط عند السابقين, كصاحب المغني, وشرح المهذب وغيره, فنصيحتي لإخواني طلبة العلم أن يعتنوا بكتب السابقين.
السائل: في الفقه نأخذ أي كتاب؟
الجواب: المغني لـابن قدامة، شرح المهذب للنووي, هذا الذي أعرفه، ويمكن أن هناك كتباً أخرى لا أدري عنها.
الجواب: لماذا لا يصلي إلا الجمعة؟
السائل: عادته.
الجواب: عادة, إذاً: هذا الرجل لا أعتقد أن صلاته عبادة, ولهذا يصلي الجمعة عادة لأنه يلبس ويتزين ويتطيب ويذهب, وإن كنت أنا أرى أنه لا يكفر إلا من ترك الصلاة نهائياً أشك في إسلام هذا الرجل, لأن هذا الرجل إنما اتخذ صلاة الجمعة عيداً فقط؛ يتجمل ويذهب للناس وهو متطيب ومتجمل فقط, فأنا أشك في كون هذا باقياً على الإسلام.
أما على ما رآه شيخنا عبد العزيز فهو كافر, وانتهى أمره.
الجواب: الآن -والحمد لله- ما لأحد عذر, الأشرطة تسير مسار الليل والنهار, يمكن للإنسان أن يتخذ عالماً من العلماء يثق به ويستمع أشرطته وكأنه جالس عنده, فأشير عليكم أن تأخذوا أشرطة العلماء الذين تختارون, ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
أما قلة العلماء فنشكو إلى الله عز وجل, العلماء قليلون في كل مكان, حتى المدن الكبار الآن ليس فيها العدد الذي يكفي, تحتاج إلى عدد من العلماء, لكن نسأل الله عز وجل أن يجعل فيهم البركة، والحمد لله الآن اتسعت الأمور في هذه الأشرطة, وأيضاً بدأ الناس أخيراً يطلبون الاتصال عبر الهاتف: محاضرات أو لقاءات أو ما أشبه ذلك, وصار فيها خير كثير, ويمكن أن تطلبوا من أحد العلماء الذين تثقون بهم ويرتب لكم مثلاً لقاء شهرياً أو أسبوعياً أو نصف شهري, ويكون فيه خير.
الجواب: الصداق كل ما قدم للمرأة من أجل التزوج بها, هذه القاعدة, فما أهدي لها من قبل هو من الصداق.
السائل: إذا لم يدفع الإنسان مقدماً, فدفعه مؤخراً على دفعات, هل يكون حكم الزوجة أن تزكيه؟
الجواب: هذا حكمه حكم الديون على غير الزوجة.
السائل: الزوج غير قادر.
الجواب: إذا كان ليس قادراً فإذا قبضته ولو بعد سنوات تزكيه مرة واحدة, إلا إذا قبضته قبل إتمام السنة فتنتظر حتى تنتهي السنة, فمثلاً: زوجها أصدقها عشرة آلاف ريال, بعد ستة أشهر أعطاها العشرة, لا تجب عليها الزكاة حتى تتم السنة من العقد.
الجواب: تعليق الصور حرام, إذا كان إبراهيم عليه السلام أصغر من أبيه, وهذا الحال, ينصحه ويقول له: يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ [مريم:43] انظر إلى الأسلوب الرفيع, لم يقل: يا أبت أنت جاهل! لو قال: أنت جاهل فلن يقبل منه ولكن قال له: قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ [مريم:43] أي: أنت عالم لكن أنا أعلم منك, ودعاه, فقل لأبيك: يا أبتِ! لا, إبراهيم الخليل دعا أباه وهو دون الأب, وأنا إذا شئت اسأل أي إنسان من العلماء الذين يوثق بهم, وإلا أرسل له كتاباً يجيب عليه بالخط.
السائل: قراءة الآيات خطأً, مثلاً: لا يقول: (قل أعوذ برب الناس) يقرأ مباشرة, ويقرأ خطأ؟
الجواب ليس بلازم الوقوف عند كل آية, ما دام يقول: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ [الناس:1-2] الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] أنتم علموهم وتبرأ ذمتكم.
السائل: هل عليهم شيء؟
الجواب: لا. ليس عليهم شيء ما دامت هذه قدرتهم, لكن أنتم علموهم -إن شاء الله- جزاكم الله خيراً.
الجواب: أكثر العلماء على أنها واجبة, وأن الإنسان إذا طاف محدثاً فلا طواف له, وإذا أحدث في أثناء الطواف وجب عليه الخروج, لكن يرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنها ليست واجبة, وأن الطواف على طهارة أكمل وأفضل, ولكن ليست بواجبة, ولا شك أن كلام شيخ الإسلام في الوقت الحاضر في أيام الزحام هو الأنسب, لأنه أحياناً في طواف الإفاضة في الحج يحدث الإنسان -رجل كان أو امرأة- في أثناء الطواف, على رأي جمهور العلماء عليه أن يخرج من الطواف ويذهب يتوضأ, وعلى رأي الشيخ رحمه الله يقول: ليستمر في طوافه يكمل ولا عليه, ولا شك أن هذا القول أرفق بالناس, لأنه لا يوجد دليل على أن الطواف لابد فيه من الوضوء, الوضوء للصلاة: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] فعلى رأي الشيخ رحمه الله يستمر ويكمل ولا عليه، وهذا الذي نراه ونفتي به.
على رأي الجمهور إذا قلنا: اذهب توضأ, ما الذي يخرجه من الزحام أولاً؟ إذا خرج من الزحام ما الذي يمكنه من الوضوء؟ لأن الحمامات كلها مزحومة, إذا قدر أنه توضأ ثم رجع يطوف وأحدث, نقول: اذهب ثانية, وكلما رجع وأحدث، قلنا: اذهب ثالثة! هذه مشقة, وهذا وارد في أيام الزحام, كثير من الناس لا يتحمل الزحام إطلاقاً ويصيبه الحدث إما قطرة من بول تخرج, وإما ريح, فنحن نقول فتوانا: إن الأفضل بلا شك أن يطوف على طهارة, لأنه إذا طاف سوف يصلي ركعتين بعد الطواف وهذا لابد من أن يكون على طهارة في الركعتين, لكن في حال المشقة نرى أنه لا بأس أن يطوف على غير طهارة, كذلك لو أتانا إنسان وأخبرنا أنه طاف بلا طهارة، لا نقول: هل هناك مشقة أم لا؟ انتهى الأمر والطواف صحيح.
الجواب: بل أرى الخير كل الخير أن يجمع بين الأحاديث وبين كلام الفقهاء, ويحفظ لأن العلم بالحفظ, ونحن ما استفدنا إلا بما حفظنا, الحفظ كنز متى شاء الإنسان مد يده إليه, ولا تغتر بقول من يقول: عليك بالفهم دون الحفظ؛ فإن هذا خطأ, عليك بالحفظ, الحفظ يبقى أي وقت تريد استحضاره تجده, لكن إذا قال: أنا إما أن أحفظ متن الزاد أو أحفظ العمدة ولا أستطيع أن أجمع بينهما, فـالعمدة أحسن؛ لأن العمدة كلام الرسول عليه الصلاة والسلام, فهو أولى أن يحفظ ويتدبر.
الجواب: أما إذا طاف وسعى وقصر ومشى فهذا لا يحتاج إلى وداع؛ لأنه طاف ومشى ولم يجلس, وأما من جلس فعليه أن يطوف للوداع, والدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـيعلى بن أمية : (اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك) وهذا عام، لكن استثناء وقوف عرفة ومزدلفة ورمي الجمرات والمبيت في منى واضح بالإجماع, والباقي العمرة كالحج, ثم إنه ورد في حديث عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم سماها الحج الأصغر, ثم القياس أنه دخل البيت بتحية، ما هي؟ طواف القدوم للعمرة, فليخرج منه بتحية, فليست الأولى بأحق من الثانية, ثم إن ذلك أحوط وأبرأ للذمة, لأنه إذا ترك طواف الوداع قال له بعض العلماء: إنك آثم, وإذا طاف للوداع لم يقل أحد: إنك آثم.
فالذي نرى ونفتي به أنه لا بد للعمرة من طواف الوداع إلا إذا سافر فور انتهائه من عمرته فالطواف الأول مجزئ.
الجواب: أما طلب العلم -بارك الله فيك- فلا حاجة إلى أن أدلك على شيء, أدلك على كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم, قال الله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الزمر:9] يكفي هذا, وقال عز وجل: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11]، وقال تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ [آل عمران:18] جعلهم شهداء, في الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) هذا يكفي في الحث على طلب العلم.
أيضاً: العلماء هم الشهداء الذين هم في الدرجة الثالثة من طبقات الخلق, قال الله تبارك وتعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء:69] (الشهداء) أي: العلماء, لأنهم شهدوا بوحدانية الله عز وجل, وكذلك الذين قتلوا في سبيل الله.
الجواب: أنا أرى أنه مصر على معصية, والله عز وجل يقول: وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135] فعليه أن يقوي نفسه وأن يكون شجاعاً في ترك هذا الدخان, إن تيسر أن يتركه مرة واحدة فهذا واقع وحاصل وكم من أناس فعلوا هذا, وإن لم يستطع فبالتدريج, وإذا علم الله من نيته أنه صادق عازم أعانه الله عز وجل, وأما أعماله الأخرى الصالحة فلا شك أنه ينال بها درجات ويجعله في خير إن شاء الله.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت, أستغفرك وأتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر