أما بعد:
فهذا هو اللقاء الرابع عشر بعد المائتين من اللقاءات التي يعبر عنها بلقاء الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو السادس من شهر جمادى الثانية عام (1420هـ).
نبتدئ هذا اللقاء بتفسير آيات من كتاب الله عز وجل مما انتهينا إليه في سورة الحديد.
المهم أن الله تعالى ينكر على من لم يؤمن ويقول: ما الذي حملك على ألا تؤمن وقد تمت أسباب وجوب الإيمان في دعوة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخذ الميثاق؟!
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ يعني إن كنتم مؤمنين فالزموا الإيمان بالله ورسوله.
وقوله عز وجل: لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ [الحديد:9] قوله: (لِيُخْرِجَكُمْ) يحتمل أن يكون المراد بذلك الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أي ليكون سبباً لإخراجكم من الظلمات إلى النور، ويحتمل أن يعود إلى الله عز وجل، أي ليخرجكم الله تعالى بهذه الآيات من الظلمات إلى النور وكلا المعنيين حق، قال الله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [البقرة:257] وقال الله تعالى: الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [إبراهيم:1] فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سبب أن يخرج الناس من الظلمات إلى النور، وأما المخرج الحقيقي هو الله عز جل.
والمراد بالظلمات ظلمات الجهل والشرك وظلمات العدوان والعصيان، فكل ما خالف الحق فهو ظلم، وكل ما وافقه فهو نور، فقوله عز جل: لِيُخْرِجَكُمْ الضمير يعود على من؟ إما على الله وإما على الرسول، ما هو الذي يؤيد أنه يعود إلى الله؟ قول الله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [البقرة:257] والذي يؤيد أنه يعود إلى الرسول؟ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [إبراهيم:1] وإذا كانت الآية تحتمل معنيين، ولا منافاة بينهما، تحمل عليهما جميعاً، فالله المخرج حقيقة والرسول مخرج على أنه سبب.
وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ [الحديد:9] الجملة هذه خبرية مؤكدة بإن واللام وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ والرأفة أرق الرحمة، والرحمة أعم، فهو عز وجل رءوف رحيم أي ذو رحمة بالمؤمنين عز وجل، كما قال تعالى: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب:43] رحمة الله سبحانه وتعالى إما عامة وإما خاصة، فالعامة: الشاملة لجميع الناس، والخاصة: بالمؤمنين، كما قال عز وجل: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب:43].
فإذا قال قائل: أي رحمة من الله عز وجل للكافر؟ أمده بأنعام وبنين وعقل وأمن ورزق بل إنه أي الكفار قد عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، أليس كذلك؟ قال الله عز وجل: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً [النحل:61] فإذا سألك سائل: هل لله رحمة على الكافر؟ فلا تقل: نعم، ولا: لا، أما بالمعنى العام فنعم، ولولا رحمة الله به لهلك، وأما بالمعنى الخاص فلا، الرحمة الخاصة بالمؤمنين فقط كما قال عز جل: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً .
والإنفاق في سبيل الله يشمل كل شيء أمر الله بالإنفاق فيه، ففي سبيل الله هنا عامة، وعليه يدخل في ذلك الإنفاق على النفس، والإنفاق على الزوجة، والإنفاق على الأهل، والإنفاق على الفقراء، واليتامى، والإنفاق في سبيل الله، كل ما أمر الله بالإنفاق فيه فهو داخل في هذه الآية، حتى على النفس، إنفاقك على نفسك صدقة، إنفاقك على زوجك صدقة، لكن لاحظ النية لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـسعد بن أبي وقاص : (واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها) وهذا القيد لازم، فلابد من أن تبتغي بها وجه الله (إلا أجرت عليها) أي: أثبت عليها.
إذاً: وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ما المراد بالإنفاق في سبيل الله؟ كل ما أمر الله بالإنفاق فيه.
وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [الحديد:10] يعني كيف لا تنفق والذي سيرث السماوات والأرض هو الله، ومن جملة ذلك مالك الذي بخلت به سيرثه الله عز وجل، فإذا وُرث مالك من بعدك، فإما أن يرثه صالح فيكون أسعد به منك، وإما أن يرثه مفسد فتكون خلفت له ما يستعين به على إفساده، أفهمتم هذا؟
إذا خلفت المال فإما أن تخلفه إلى من ينفقه في سبيل الله فيكون هو أسعد بمالك منك، وإما أن تخلفه لمفسد يستعين به على معصية الله فتكون أعنته على معصية الله بما خلفت له من المال.
إذاً: ما هو اللائق بك؟ أن تنفقه في سبيل الله، حتى يكون لك غنماً، وتسلم من غائلته لو ورثه من يفسد به. وتذكر -يا أخي- عندما تفكر في الإنفاق فيأتيك الشيطان ويأمرك بالبخل ويعدك الفقر فكر أنك إذا خلفت هذا المال فلابد أن يورث، فهو لن يدفن معك، ويكون الإرث دائراً بين الأمرين السابقين اللذين ذكرتهما وهو: إما أن يرثه من ينفقه في سبيل الله فيكون أسعد بمالك منك، وإما أن يرثه من يستعين به على الفساد في الأرض فتكون أنت سبباً في الإفساد في الأرض ولابد من هذا.
فاحذر أن تتبعهم فتكون كالذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداءً، بدلاً من أن تقول: الدين الإسلامي دين مساواة قل: دين العدل الذي أمر الله به أن يعطى كل ذي حق حقه، أرأيت المرأة مع الرجل في الإرث سواء أم يختلفون؟ يختلفون، في الدية؟ دية المرأة نصف دية الرجل، وكذلك في العقيقة، فك الرهان: الذكر اثنتان والأنثى واحدة، وفي الدين المرأة ناقصة، إذا حاضت لم تصل ولم تصم، في العقل المرأة ناقصة: شهادة الرجل بشهادة امرأتين، وهلم جرا، الذين ينطقون بكلمة مساواة إذا قررنا هذا وأنه من القواعد الشريعة الإسلامية، ألزمونا بالمساواة في هذه الأمور، وإلا لصرنا متناقضين، فنقول: دين الإسلام هو دين العدل، فهو يعطي كل إنسان ما يستحق، حتى جاء في الحديث: (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود) يعني إذا أخطأ الإنسان الوجيه الشريف في غير الحدود فاحفظ عليه كرامته وأقله، هذا الذي تقيله إذا كان من الشرفاء، إقالتك إياه أعظم تربية من أن تجلده ألف جلدة، لأنه كما قيل: الكريم إذا أكرمته ملكته، لكن لو جاء إنسان فاسق ماجن فهذا اشدد عليه بالعقوبة وعزره، ولهذا لما كثر شرب الخمر في عهد عمر بن الخطاب ماذا فعل؟ ضاعف العقوبة، بدل أربعين جعلها ثمانين.
كذلك الحديث الصحيح الذي رواه أهل السنن: (من شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب يعني الرابعة فاقتلوه) يعني هذا ليس فيه فائدة، ثلاث مرات نعاقبه ولكن لا فائدة، إذاً خيرٌ له ولغيره أن يقتل، إذا قتلناه استراح من الإثم، كما قال عز وجل: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [آل عمران:178].
الخلاصة: التعبير بأن دين الإسلام هو دين المساواة خطأ والصحيح أنه دين العدل ولا شك.
العجب أن هؤلاء الذين يقولون هذا الكلام يقولون: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى) فيتناقضون، الحديث ما نفى مطلقاً قال: إلا بالتقوى، إذاً يختلفون بالتقوى أو ما يختلفون؟ يختلفون، ثم إن هذا الحديث أظنه لا يصح للنبي عليه الصلاة والسلام، لأنه قال: (إن الله اصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) ففضل، ولا شك عندنا أن العرب -أعني جنس العرب- أفضل من جنس غير العرب، والدليل على هذا أن الله جعل في العرب أكمل نبوة ورسالة، وهي نبوة ورسالة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد قال الله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [الأنعام:124] فالأجناس تختلف، وقال عليه الصلاة السلام: (خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا) احذر أن تتابع في العبارات التي ترد من المحدِثِين المحدَثَين حتى تتأملها وما فيها من الإيحاءات التي تدل على مفاسد ولو على المدى البعيد.
أسأل الله أن يهدينا وإياكم الصراط المستقيم وأن يتولانا في الدنيا والآخرة إنه على كل شيء قدير.
الجواب: أرى بارك الله فيك أنه لا يجوز إطلاقاً أن نقر بأن النصارى على دين أو أن اليهود على دين، كلهم لا دين لهم؛ لأن دينهم منسوخ بدين الإسلام، فكوننا نقول: الأديان ما نقر بهذا أبداً، نقول: ليست اليهود على شيء وليست النصارى على شيء، والدين دين الإسلام، كما قال عز وجل: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85].
إذا كان كذلك فهل يمكن أن نقارب بين حق وبين منسوخ؟ لا يمكن، وما ذاك إلا مداهنة كما قال عز وجل: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [القلم:9] نعم إذا كان مقاربة خاصة محدودة بين شخص وآخر، لأجل أن يدعوه إلى دين الإسلام فهذا شيء آخر، لكن أن نداهن ونقول: أنتم يا يهود! على دين، وأنتم يا نصارى! على دين، ونحن على دين؛ والأديان كلها سماوية، فهذا لا يجوز.
أولاً: التوراة التي بيد اليهود والإنجيل الذي بيد النصارى محرف مبدل مغير، فهو ليس على ما جاء به الرسل.
ثانياً: أنه لو فرض أنهم على ما جاء به الرسل مائة بالمائة فهو منسوخ، والذي يحكم بالأديان ويشرعها هو الله الخالق عز وجل، قال الله تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ [المائدة:48] فدين اليهود ودين النصارى انتهى ولا قيام له أبداً.
أما بالنسبة للشيعة وأهل السنة فكل منهم يقول: إنه مسلم، ولكن يجب أن يوزن ذلك بميزان الحق، وينظر هل الخلاف بينهم كالخلاف بين الشافعي وأحمد وأبي حنيفة ومالك وسفيان الثوري وغيرهم أو خلاف جذري في العقيدة، إن كان الثاني فلابد أن يدعى هؤلاء إلى دين الإسلام، ويبين لهم أنهم على ضلال، ولا يمكن أن نقارب بين الإسلام وبين ما ليس بإسلام، ولذلك أنا أرى أنه يجب على علماء أهل السنة أن يدعوا إلى السنة دون أن يهاجموا بذكر بطلان مذهب الرافضة مثلاً الذين يسمون أنفسهم شيعة؛ لأن الإنسان مهما كان إذا كان له مبدأ وهوجم نفر وابتعد، لكن تبين له السنة، وتبين فضائل الصحابة ولا سيما الخلفاء الراشدين أبو بكر عمر عثمان علي، وإذا بُين الحق فالنفوس مجبولة على قبول الحق، لكن الذي يضر الناس الآن المهاجمة، وهذا غلط ليس من الحكمة، قال الله عز وجل: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام:108] مع أن سب آلهة المشركين واجب، لكن لا نسبه؛ لأنه إذا سببنا آلهتهم وهي باطلة سبوا إلهنا وهو حق، كذلك الآن الدعوة، أنا لا أحب من الدعاة أن يهاجموا، بل أحب أن يبينوا الحق، وإذا بان الحق فالنفوس مجبولة على قبوله.
الجواب: أولاً: -بارك الله فيك- أصل الإهداء إلى الأموات ليس مشروعاً ولا مسنوناً، لا صدقة ولا عمرة ولا حجاً ولا شيء، والمشروع هو الدعاء، والدليل على هذا قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) والحديث الآن في سياق عمل أم في سياق دعاء؟ عمل، عدل النبي عليه الصلاة والسلام عن العمل للميت إلى الدعاء له، فدل هذا على أن هذا المشروع، أما العمل فليس بمشروع، ولكن هل ينفع الميت إذا أهديت إليه العمل أو لا؟
نقول: ما جاءت به السنة فلا مناص عنه، كالصدقة فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أذن لـسعد بن عبادة رضي الله عنه أن يتصدق بمخرافه لأمه، وأذن للرجل الذي قال: (يا رسول الله! إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم) وأذن للرجل الذي كان يلبي عن شبرمة قال: (أحججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن
اختلف في هذا أهل العلم، فمنهم من قال: الأصل أن عمل الإنسان لنفسه كما قال عز وجل: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم:39] وقال: لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ [البقرة:134] وما جاء استثناؤه في السنة فعلى العين والرأس، أما الباقي فلا، ومنهم من قال: إن هذه المسائل التي جاءت بها السنة قضايا أعيان يعني: ليست ألفاظاً لها عموم، فلا ندري لو أن أحداً استأذن من الرسول عليه الصلاة والسلام، أن يسبح لأبيه أو يقرأ لأبيه هل يمنعه أم لا؟ ما ندري، وإذا كانت السنة جاءت بهذا الأصل أي بأصل جواز إهداء القرب فالعموم أولى، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكذلك أيضاً قبله الإمام أحمد قال: أي قربة فعلها وجعل ثوابها لميت مسلم أو حي نفعه، لكن مع ذلك لا نحبذ هذا، ونقول: الدعاء للميت أفضل، دعوة واحدة أفضل من ألف درهم، اجعل العمل لنفسك فأنت محتاج إذا مت سوف تتمنى أن يكون لك حسنة واحدة، واجعل الدعاء لميتك هذا هو السنة.
الجواب: لا، كل ما خرج من البدن لا ينقض الوضوء إلا البول والغائط، أما الدم والقيء والقيح وما يسميه النساء بالطهر الذي يسيل من فرج المرأة دائماً، حتى إن بعض العلماء قال: سلس البول فلا ينقض الوضوء أيضاً، إذا تطهر الإنسان أول مرة فإنه لا ينتقض وضوءه ما لم يحدث بحدث آخر، وعلل ذلك بأنه لا يستفيد من الوضوء، إذ أن الحدث دائم فلا فائدة من الوضوء، نعم لو انتقض وضوءه من ريح مثلاً وفيه سلس بول فهنا يجب أن يتوضأ، وهذا القول ليس ببعيد من الصواب، وكنت بالأول أرى أنه ينقض الوضوء وأنه لا يجوز أن يتوضأ الإنسان للصلاة إلا بعد دخول وقتها لكن بعد أن راجعت كلام العلماء واختلافهم، وقوة تعليل من علل بأن هذا الوضوء لا فائدة منه إذ أن الحدث دائم تراجعت عن قولي الأول، وهذا القول أرفق بالناس بلا شك، ولا سيما بالنسبة للنساء اللاتي يخرج منهن هذا السائل الدائم، ولا سيما في أيام الحج والعمرة عندما تذهب المرأة مثلاً إلى المسجد من بعد المغرب لتصلي صلاة العشاء، إذا قلنا بانتقاض الوضوء، يعني لابد أن تبتدئ الوضوء بعد دخول الوقت، فصار في هذا مشقة عظيمة، لا سيما في أيام الزحام، شيء فيه مشقة على المسلمين، والدليل فيه ليس بواضح، وقد قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ [البقرة:185] وقال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78].
والظاهر أيضاً أن الذي يصيب النساء هو الذي يصيب النساء السابقات، ولم يبلغ أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر النساء أن تتوضأ لوقت كل صلاة، غاية ما هنالك المستحاضة على خلاف في هذا؛ فإن مسلماً رحمه الله أشار إلى أن قوله: توضئي لكل صلاة لم يصح، ولذلك حذفها عمداً من حديثه، المهم الشيء المعتاد لا ينقض إلا البول والغائط فقط والريح لأنه ثبت به الحديث.
السائل: خروج الفاحش النجس ما المقصود به؟
الشيخ: لا يضر، والفاحش النجس: هو الدم والقيء، والصحيح أن دم الإنسان وقيء الإنسان طاهر، لأنه لا يوجد دليل على النجاسة، كثرةً وقلةً، ما دام أنه لا يوجد دليل فالأصل الطهارة.
الشيخ: لما أشرك به أليس كذلك؟
السائل: والله! هذا نظره، يقول: شفقة مني؟!
الشيخ: المهم لما سجد ولما أشرك بالله رق له، فهذا خطأ ومن أكبر الخطأ.
السائل: بدون قصد هذا.
الجواب: المهم على كل حال شيء مضى، لكن انصح هذا الكفيل وقل: تب إلى الله عز وجل، كان الواجب عليه لما سجد له أن ينهاه وينهره، ويقول: السجود لله، لكن نظراً لجهله أرجو الله ألا يعاقبه، أليس النبي عليه الصلاة والسلام لما قال له رجل: (ما شاء الله وشئت، أنكر عليه وقال: أجعلتني لله نداً؟!! بل ما شاء الله وحده) على كل حال بلغ سلامي للكفيل وقل له: يتوب إلى الله ويستغفر، وكان عليه أنه لما سجد له أن يقول له: هذا ما يصلح، هذا لا يجوز إلا لله، ربما لو قال له في هذه الحال ربما ينتبه ويعرف أنه على خطأ.
الجواب: أقول: هذه الوصية لا عبرة بها ولا يعمل بها، بل متى خطب المرأة رجل كفء ورضيت به تزوجت، ولا عبرة بوصية أبيها.
وأما قوله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ [البقرة:181] فالمراد به الوصية النافعة، أما غيرها فقد قال الله تعالى: فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:182] وهذا لا شك أنه جنف، فهذه شابة تريد الزواج نقول: لا، حتى تتخرجي من الجامعة، ولا ندري ربما ترسب مرتين أو ثلاثاً وتبقى سنوات، المهم أن هذه الوصية جائرة ولا تنفذ.
الجواب: هل بلغته الدعوة على وجه صحيح أو لا؟
إن لم تبلغه الدعوة على وجه صحيح، وهو ينتسب إلى الإسلام فهو مسلم ظاهراً، أما في الآخرة فأمره إلى الله، أما إذا كانت الدعوة بلغته، لكن قال أنه وجد آباءه على هذا فهذا كافر، لأنه كالذين قال الله فيهم إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ [الزخرف:22].
الجواب: الحجامة من الأدوية السنية، فإذا كان الإنسان عنده دم كثير فاسد فلابد من الحجامة، وحينئذٍ يعرض الأمر على طبيب مختص، فإذا قال: لابد من الحجامة فلابد منها، ثم اعلم أن الإنسان إذا حجم أول مرة اعتاد بدنه على هذا، وصار لابد أن يحتجم كل عام وإلا غشى عليه الدم، وإذا لم يحتجم أصلاً فإنه في الغالب لا يحتاج إليه.
أما أنها تورث النسيان فلا، كيف الرسول يبين أنها من الأدوية النافعة ونقول: إنها تورث النسيان، هذا ليس بصحيح. النسيان من أكبر أسبابه معصية الله عز وجل، كما قال الله تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة:13].
الجواب: اختلف بهذا أهل العلم فقال بعضهم: إنه يصلي ستاً، ركعتان ثبتتا بالسنة الفعلية، وأربع بالسنة القولية هذا قول.
قول ثاني: أن المعتبر القول، وهو أن يصلي أربعاً فتكون سنة الجمعة أربعاً فقط.
القول الثالث: التفصيل: إن صلى في المسجد صلى أربعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا صلى الله عليه وسلم أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً) ولم يقيد، فيكون إن صلى في المسجد فأربع، وإن صلى في بيته فركعتان، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يعني التفصيل، والحمد لله الأمر واسع يعني: لو أنه ذهب إلى البيت وصلى أربعاً بتسليمتين كان حسناً ما يضر إن شاء الله.
الجواب: يتابع القراءة ويشفيه الله عز وجل.
الجواب: تكلمنا قبل قليل عن العدل، فإذا كان العمل ليس مأموراً به ولا منهياً عنه وفعله الإنسان، ما هو العدل؟ لا يثاب ولا يعاقب، ولهذا العلماء أجمعوا على ما دل عليه الكتاب والسنة من أن هناك قسماً في الشريعة الإسلامية يسمى الحلال أو المباح ليس فيه ثواب ولا عقاب، إلا إذا كان وسيلة لمطلوب شرعاً ففيه ثواب، أو كان وسيلة لمحرم ففيه عقاب، ولهذا لو قال لنا قائل: ما تقولون في شراء الماء للصلاة؟ قلنا: فيه أجر أو ما فيه أجر؟ فيه أجر، ولو أن أحداً اشترى سلاحاً ليقاتل به المسلمين، فيه إثم أو لا؟ فيه إثم، مع أن أصل الشراء والبيع حلال.
السائل: لكن قول بعض السلف يا شيخ: (أني أحتسب على الله نومتي وقومتي)؟
الشيخ: لأنه ينوي بالنوم الاستعانة على الطاعة، وينوي بالقيام العمل الصالح والدعوة إلى الله وما أشبه ذلك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر