إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [227]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تحدث الشيخ في هذه المادة عن محظورات الإحرام التي تجب على الحاج إذا أحرم من الميقات ولبس ثوب الإحرام، ثم بين أحكامها بأن الإنسان إذا فعلها ناسياً أو جاهلاً لا شيء عليه، وإن فعلها تعمداً فيكون في بعضها فدية وبعضها قد يبطل الحج كالجماع، وكل هذا رحمة بالعبد حتى يكون حجه صحيحاً مقبولاً عند الله تعالى.

    1.   

    محظورات الإحرام

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء السابع والعشرون بعد المائتين من اللقاءات المعروفة باسم لقاء الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الثامن عشر من شهر ذي القعدة عام (1420هـ).

    نفتتح هذا اللقاء بذكر محظورات الإحرام أي: الأشياء التي تمنع بسبب الإحرام، وذلك أن من حكمة الله عز وجل أنه جعل للعبادات شروطاً لا تتم إلا بها، وجعل لها موانع أي: ممنوعات تفسدها أحياناً وهو الأصل، والأصل أن الممنوعات تفسد العبادات، لكن قد لا تفسدها أحياناً لسبب.

    محظورات الإحرام: هي الأشياء التي تمتنع بسبب الإحرام، فأما الأشياء العامة فإنها ليست من محظورات الإحرام، الفسوق نهى الله عنه في الحج، قال: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ [البقرة:197] لكن هل هو من محظورات الإحرام، أو هو محظور على كل حال؟

    الجواب: محظور على كل حال، إذاً.. ليس من محظورات الإحرام.

    حلق شعر الرأس

    نبدأ بمحظورات الإحرام:

    منها: حلق شعر الرأس، فلا يحل للمحرم بحج أو عمرة أن يحلق شعر رأسه، والدليل: قول الله تبارك وتعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] والتعليل: لأن شعر الرأس يتعلق به نسك، ما هو النسك؟ الحلق أو التقصير عند الفراغ من الحج أو العمرة، فلو حلق وهو محرم ما بقي محلاً للنسك، ولهذا حرم على المحرم أن يحلق شعر الرأس، فأما شعرة أو شعرتان أو ثلاث فلا يسمى حلقاً.

    ولهذا لو سقط من رأس المحرم شعرة أو شعرتان أو ثلاث شعرات أو أربع فإنه لا يعتبر فاعلاً للمحظور؛ لأن هذا لا يسمى حلقاً لا في الشرع ولا في العرف.

    الجماع ومقدماته

    من المحظورات: الجماع؛ لقول الله تعالى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] (رفث) الجماع، ومقدمات الجماع مثل المباشرة، التقبيل، الضم، تكرار النظر بشهوة، كل هذا حرام في الإحرام، بل أشد من هذا: أن عقد النكاح حرام، يحرم على المحرم أن يعقد النكاح، فإن عقده فالنكاح باطل يعني: غير صحيح، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يَنكح المحرم ولا يُنكح) بل لو كان الإنسان محرماً وعقد لابنته النكاح وهي غير محرمة لرجل غير محرم فالزوجان غير محرمين لكن الولي محرم لم يصح النكاح. إذاً: يحرم على المحرم أن يعقد النكاح لنفسه أو لغيره بولاية أو وكالة.

    كذلك خطبة المحرم حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا يخطب) لماذا؟ لأنه إذا خطب تعلق قلبه بمخطوبته فصده عن إتقان الحج والعمرة، وقد قال الله تعالى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ [الشرح:7]. كم محظورات: حلق الرأس، الجماع، عقد النكاح، خطبة النكاح، المباشرة، التقبيل، الضم، كل هذا حرام في الإحرام.

    استعمال الطيب

    من محظورات الإحرام: الطيب. فلا يجوز للإنسان أن يتطيب بعد عقد الإحرام، أما ما بقي من الطيب الذي تطيب به قبل عقد الإحرام فلا يضر، الدليل على تحريم الطيب على المحرم: قصة الرجل الذي وقصته راحلته وهو واقف بـعرفة ، يعني: هو على بعيره وسقط ومات، فجاءوا يستفتون النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم: (اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه) أربعة أشياء:

    أولاً: اغسلوه بماء وسدر.

    ثانياً: كفنوه في ثوبيه، يعني: في إحرامه لا تكفنوه كفناً جديداً لا، يكفن في إحرامه كما يدفن الشهيد في ثيابه التي استشهد فيها.

    الثالث: لا تخمروا رأسه.

    والرابع: لا تحنطوه، الحنوط: أخلاط من الطيب يوضع على جسد الميت في مواضع معروفة.

    ثم قال: (فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) يخرج من قبره يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.

    إذاً.. الطيب على المحرم حرام إذا كان بعد عقد الإحرام، أما إذا كان من الطيب الذي تطيب به قبل أن يعقد الإحرام فلا بأس به، ولا يلزمه أن يزيله، دليل هذا: قول عائشة رضي الله عنها: (كنت أرى وبيص المسك في مفارق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو محرم) (وبيص) يعني: بريقه ولمعانه.

    هذا من محظورات الإحرام.

    قتل الصيد

    من محظورات الإحرام: قتل الصيد. قتل الصيد يعني: الحلال البري المتوحش، ثلاثة قيود:

    1/ أن يكون برياً.

    2/ وأن يكون حلالاً.

    3/ وأن يكون متوحشاً طبعاً، أي: ليس من الذي يألف الناس، كالدجاج مثلاً هذا لا بأس به.

    وأن يكون برياً ضده البحري، فلو فرض أن قوماً أحرموا في البحر لمحاذاة الميقات، ونزلوا يصيدون السمك فلا حرج عليهم لأنه بحري.

    الثاني: الحلال، فالمحرم وإن كان برياً وصاده المحرم فلا شيء عليه.

    الثالث: أن يكون متوحشاً طبعاً، يعني: أصله متوحش لا يألف، مثاله: الحمام تنطبق عليه الشروط، فإن توحش عارضاً لا طبعاً كشاة شردت وعجزوا عنها، هذه حكمها حكم الصيد، لكن بالنسبة للمحرم هي حلال؛ لأن توحشها عارض ليس بأصلي.

    ثلاثة شروط: أن يكون برياً، حلالاً، متوحشاً طبعاً يعني: في الأصل، دليل ذلك قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [المائدة:95] أي: محرمون. وقال تعالى في صيد البحر: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً [المائدة:96]

    لو قتل الصيد شخص غير محرم فهل يجوز للمحرم أن يأكله؟

    الجواب: نعم يجوز، إلا إذا كان صاده لأجل المحرم فإنه لا يجوز، لحديث جابر وهو في السنن: (صيد البر حلال لكم ما لم تصيدوه أو يصد لكم).

    لبس القميص والسراويل والعمائم والبرانس والخفاف

    من محظورات الإحرام: ما بينه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل: ما يلبس المحرم؟ يعني: ما هي الثياب التي يلبسها المحرم؟

    قال: (لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا العمائم، ولا البرانس، ولا الخفاف) خمسة أشياء، والباقي يلبسه.

    القميص: هو الدرع، ثيابنا هذه التي لها أكمام تسمى قميصاً وتسمى درعاً.

    السراويل: معروفة.

    البرانس: لباس واسع له غطاء للرأس متصل به، يلبسه أهل المغرب .

    العمائم: ما يطوى على الرأس.

    الخفاف: ما يلبس على الرجل.

    قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إلا من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين) فاستثنى هذا للحاجة إلى ذلك.

    لبس النعل المخروز جائز أو غير جائز؟

    الجواب: جائز لأنه ليس من هذه الممنوعات الخمسة، القميص، البرانس، العمائم، الخفاف، السراويل.

    لباس الإزار المخيط جائز أو غير جائز؟

    الجواب: جائز؛ لأنه إزار وليس سراويل، حتى لو خيط وصار من جنس (التنورة) فإنه جائز؛ لأنه لا زال إزاراً، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: وعلى الإزار المخيط، قال: ولا السراويل.

    لو لبس رداءً مرقعاً فيه رقع مخيطة يجوز أو لا يجوز؟

    الجواب: جائز، لأنه ليس قميصاً ولا من هذه الخمسة، فاعرف ما حدده النبي صلى الله عليه وسلم واقتصر عليه.

    طيب لو لبس غترة؟

    الجواب: لا يجوز، لأنه لباس في الرأس كالعمامة، ولأنها تستلزم تغطية الرأس وتغطية الرأس حرام كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم للمحرم الذي مات: (لا تخمروا رأسه).

    لو لبس ساعة؟

    الجواب: جائز.

    لبس نظارة عين؟

    الجواب: جائز.

    سماعة أذن؟

    جائز.

    (كمر) يربطه على وسطه؟

    جائز.

    هو مخيط يا جماعة؟

    جائز.

    نعم جائز؛ لأنه ليس من الممنوعات، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أعطي جوامع الكلم.

    هذه المحظورات ليس فيها إثم ولا فدية إلا إذا فعلها عالماً ذاكراً مختاراً، هذه شروط ثلاثة:

    عالماً: ضده الجاهل، فلو أن الإنسان أبقى سراويله عليه ظناً منه أنه لا بأس به، ولبس الإزار فوقه فلا شيء عليه، لا إثم ولا كفارة.

    لو نسي أن يخلعه وبقي عليه حتى انتهى النسك، أو في أثناء النسك تذكر وخلع السراويل، لا شيء عليه، لأنه ناسٍ.

    لو وطئ أرنباً ما علم بها ماذا عليه؟

    لا شيء عليه؛ لأنه جاهل لم يعلم بها.

    لو أن رجلاً حلالاً وزوجته محرمة بعمرة وجامعها كرهاً عليها ماذا عليها؟

    لا شيء عليها.

    لو جامع الرجل زوجته في ليلة مزدلفة يظن أن الحج عرفة وانتهى ماذا عليه؟

    لا شيء عليه.

    فإذا قال قائل: أين الدليل على هذا؟ قلنا: الدليل قول الله تبارك وتعالى في الصيد: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة:95] وقال تعالى في عموم المحرمات: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله: قد فعلت).

    وقال في الكفر وهو أعظم الذنوب: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106] فإذا كان الرجل إذا أكره على الكفر وهو أعظم الذنوب فلا شيء عليه فما دونه فلا شك أنه من باب أولى، وهذا من نعم الله عز وجل، أن يسر على العباد ولم يؤاخذهم بما أخطئوا به، ولكن ما تعمدت قلوبهم.

    والعلماء الفقهاء رحمهم الله لهم في ذلك تفاصيل ليس عليها دليل، لا من القرآن ولا من السنة، ما هي إلا اجتهادات أو أخذ بعمومات مقيدة في الآيات الأخرى التي يسقط بها الإثم، والفدية والجزاء عمن كان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً.

    1.   

    الأسئلة

    حكم أخذ أوراق الأشجار في الحرم وإيقادها للتدفئة

    السؤال: بالنسبة للمحرم إذا كان أخذ بعض أوراق الشجر لكي يوقدها للتدفئة مثلاً إذا كان الجو بارداً، فهل يجوز له ذلك أم لا؟

    الجواب: أولاً: اعلم أن قطع الشجر ليس من محظورات الإحرام، ولا له تعلق بالإحرام، قطع الشجر متعلق بالمكان فما كان داخل حدود الحرم فأخذه حرام، للمحرم وغير المحرم، وما كان خارج حدود الحرم فأخذه حلال للمحرم وغير المحرم، وعلى هذا فالأشجار التي في عرفة مثلاً لا بأس بأخذها للمحرم وغير المحرم، والتي في منى ومزدلفة حرام على المحرم وغير المحرم، إلا الأشجار التي غرسها الإنسان فهذه حلال، ولو كانت داخل حدود الحرم.

    وأما قولك: أنه يأخذ الأشجار للتدفئة، فالأشجار الخضراء ما فيها تدفئة ما فيها إلا دخان يعميك.

    السائل: بعض اليابسة.

    الشيخ: على كل حال: اليابس ما له حرمة، خذه ولا حرج عليك.

    مشكلة التساهل بالسنن والرواتب والأسباب المؤدية لذلك

    السؤال: فضيلة الشيخ: وفقكم الله يرى الإنسان المسلم من الشباب عموماً تساهلاً في أمور الدين كالسنن الرواتب وغيرها، مما يغيض قلب كل مسلم، من وجهة نظركم ما هي الأسباب لهذا التساهل، وما هو الحل وفقكم الله؟

    الجواب: الأسباب لهذا التساهل هو الهوى والشيطان، قال الله عز وجل: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ [المائدة:91] فالشيطان يثبط بني آدم عن الطاعات كلها ولا سيما الصلاة، ويقاوم هذا قوة الإيمان بالله عز وجل والرغبة فيما عنده؛ لأن الإنسان إذا علم أن الحسنة بعشر أمثالها مدخرة له في يوم هو أحوج ما يكون إليها، لا مال، ولا بنون، ولا شفاعة إلا بإذن الله عز وجل، فإنه يحرص.

    وإذا تأمل أنه لا بد من ملاقاة الله عز وجل كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ [الانشقاق:6] كلنا سنلاقي الله عز وجل ويكلمنا، فإذا آمن بهذا استعد له.

    ثم هناك أيضاً أسباب لهذا التهاون: وهو كثرة المغريات في وسائل الإعلام وغير وسائل الإعلام، التي أوجبت في القلوب أن تكون قاسية والعياذ بالله.

    فعلى الإنسان أن يحرص على ما ينفعه، ويستعين بالله عز وجل، ولا يكسل، وأن يسأل الله الثبات، وإذا نزغه من الشيطان نزغ بتثبيط عن واجب أو حض على محرم، فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [الأعراف:200].

    حكم بيع الذهب عن طريق بطاقة الصرف

    السؤال: ما حكم شراء الذهب من محلات بيع الذهب عن طريق بطاقة الصرف (الشبكة السعودية) حيث أن بعض المحلات يوجد بها جهاز لهذا الغرض، وهل هذا من التقابض؟

    الجواب: إذا اشترى ذهباً فهل يكفي أن يعطيه بطاقة الصرف؟

    نعم. بشرط أن يكون تحويل المال من حساب المشتري إلى حساب البائع في نفس الوقت، فإذا كان كذلك فهذا قبض، أما مجرد شيك ولو كان مصدقاً فليس بقبض.

    السائل: هو يأخذ من الصرافة ثم يذهب إلى البنك.

    الشيخ: لا. أنا سمعت أن هناك بطاقة يدخلها في الجهاز ثم يحوله إلى حساب الثاني، المهم إذا كان كذلك فهذا قبض، أما مجرد التحويل فليس بقبض، والدليل أنه ليس بقبض: أنه لو ضاع هذا الشيك فهل الذي قبض الشيك يرجع على صاحبه أم لا يرجع ؟

    السائل: نعم يرجع.

    الشيخ: يرجع؟!

    الشيخ: شيك مصدق حولتك على بنك أو على الراجحي شيك مصدق من نفس البنك وضاع منك، هل ترجع عليه أم لا؟

    السائل: يرجع.

    الشيخ: عجيب!

    السائل: يرجع على حساب يعوض.

    الشيخ: ترجع إليه أم لا؟

    السائل: ترجع.

    الشيخ: ترجع؟!

    السائل: والله على حسب معلوماتي.

    الشيخ: جسناً! لو أعطيتك الثمن نقداً وضاع منك ترجع إلي أم لا؟

    السائل: لا ما ترجع.

    الشيخ: إذاً فليس الشيك قبضاً، صار تحويلاً، ولا يمكن يكون قبضاً حتى تذهب إلى البنك الذي حولت عليه ويخصم من حساب المشتري إلى حسابك.

    حكم المرور بين يدي المصلي تعمداً

    السؤال: ما حكم من مر بين مصلٍ وسترته متعمداً، أو كان لضرورة؟

    الجواب: لا يحل له أن يمر، لو يبقى أربعين سنة، نحن نقول له: الحمد لله ابق أربعين سنة وإذا تمت مر، هل سوف يستطيع أن يبقى أربعين سنة؟

    السائل: لا.

    الشيخ: لا يقدر، النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً من أن يمر بين يديه) نعم للضرورة مثل: لو اشتعلت النار في المسجد وهرب الإنسان فهذا ضرورة، حتى المصلي يجب عليه أن يهرب.

    جواز أخذ الجائزة نقداً في الإجابة على السؤال

    السؤال: هل يجوز أخذ مبلغ من المال مقابل الإجابة عن سؤال، بحيث يلقي السؤال على مجموعة من الطلاب والذي يجيب إجابة صحيحة يأخذ هذا المبلغ من المال؟

    الجواب: يقول: لو ألقى شخص سؤالاً على جماعة وقال: من أجاب إجابة صحيحة فله ألف ريال، هل يجوز لمن أجاب إجابة صحيحة أن يأخذ ألف ريال؟

    نقول: نعم، يجوز لأن هذه جائزة، وليست رهاناً.

    كيفية معالجة مواقع الشر في الإنترنت

    السؤال: هجم علينا أسد كاسر هذا الزمن، بأسه شديد، وبطشه أشد، ألا وهو شبكة الإنترنت التي انتشرت بين الشباب وانتشرت المقاهي في كل مكان، واللافت للنظر أن معظم الذين يذهبون للمقاهي هم هؤلاء الشباب، فأي آفة هذه أفتونا؟

    الجواب: ماذا يحصل من هذا الإنترنت؟

    السائل: فيها أشياء.

    الشيخ: فيها خير وفيها شر، أليس كذلك؟

    السائل: بلى.

    الشيخ: لكن أيهما أغلب الشر أو الخير؟ أما أهل الخير فلا يرجعون إلى الشر، وأما أهل الفسق والشر فهم يرجعون ويجدون بغيتهم، ولهذا يجب أن يكون لها ضوابط، ضوابط تحبس هذا الشر وتبقي الخير، وهذا لا يكون إلا من جهات عليا يمكنها أن تمنع أو لا تمنع.

    حكم مقولة: (تباركت علينا)

    السؤال: أصبح عندنا مقولة: (تباركت علينا.. يا فلان) فإذا كانت لا تجوز فكيف التوفيق مع قول أسيد بن حضير : [ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر

    الجواب: يقولون: أن كلمة (تبارك) خاصة بالله عز وجل، وأما (نزلت فينا البركة حين نزلت) أو ما أشبه ذلك فلا بأس بها، لكن (تبارك) بهذه الصيغة يقولون: إنها خاصة بالله، والعوام لا يقصدون المعنى الخاص بالله أبداً، وإنما يقصدون بقولهم: (تباركت علينا) أنه حصل في مجيئك بركة وخير.

    ثم هذه البركة إن كانت بركة صوفية بمعنى: أن البركة في شخصه فقط، فهذه حرام، وإن كانت البركة أنه أسدى إليهم علماً بأن جلس وعلمهم مثلاً، أو نفعهم بمال، فهذا حق، وإن لم ينفعهم فهو كذب لا يجوز.

    حكم صلاة الظهر في المدرسة مع وجود طلاب يصلون بغير وضوء

    السؤال: تقام صلاة الظهر أحياناً في بعض المدارس، وأحياناً يعلم أن بعض الطلاب يصلون بلا وضوء، فهل الأفضل ترك المجال لمن أراد أن يصلي في المدرسة يصلي، ومن أراد أن يصلي في بيته يصلي؟

    الجواب: إذا لم يكن في المدرسة مواضئ تكفي فنعم، أعطوا الطلاب الحرية، وكل إنسان على نفسه بصيرة، أما إذا كان فيه محلات تكفي فالطلاب لا بد أن يصلوا، لأنه ما له عذر.

    السائل: لكن الطلاب أحياناً يصلون متعمدين بلا وضوء.

    الشيخ: لا. هؤلاء يؤدبون، وينبغي أن يؤدبوا أدباً بين الطلاب، بالإيقاف، أو بخصم درجات من حسن السيرة والسلوك، أو ما أشبه ذلك.

    السائل: يا شيخ! أحياناً ما يعلم نفس الطالب لكن يعلم أن هناك طلاباً يفعلون ذلك.

    الشيخ: أنت قلت الآن: يعلم.

    السائل: يعلم يعني: الكل لكن بالتفصيل لا يعلم ذلك.

    الشيخ: ما تقدر تعلم بالكل، ما يدريك؟

    السائل: من جهة الطلاب يخبروني أن كثيراً منهم.

    الشيخ: ما يخالف إذا أخبرك ووثقت بخبره في اليوم الثاني أعلن مخالفة هذا الطالب.

    وجوب إخراج زكاة الحلي إذا بلغ النصاب

    السؤال: هل المرأة تزكي في الذهب الذي في يدها؟

    الجواب: نعم، الذهب الحلي الذي على المرأة تجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب، والنصاب خمسة وثمانون جراماً، فلما يبلغ هذا الحد وجب عليها أن تزكي، إن كان لديها مال أخرجت من مالها، وإن لم يكن لديها مال وأخرج عنها زوجها أو أبوها أو ابنها حصل المطلوب، وإلا تبيع من الذهب بقدر الزكاة وتزكي.

    قد يقول قائل: إذا قلتم هكذا وصارت تبيع كل سنة من ذهبها انتهى.

    نقول: ما يمكن ينتهي أبداً، لأنه إذا نقص على النصاب انتهت الزكاة، فلابد أن يبقى عندها شيء.

    لزوم طاعة ولي الأمر في عدم القنوت في الصلوات للمجاهدين في الشيشان

    السؤال: تعلم وسبق أن اطلعت على نداء الإخوان المجاهدين في الشيشان بمناشدة القنوت من المسلمين في العالم الإسلامي، وتعلم أيضاً -يا شيخ- أنه قد تم منع ذلك إلا بإذن ولي الأمر، فما هو الواجب تجاه هذا النداء وهم يناشدون المسلمين بالدعاء والتعارض مع هذا المنع، فما هو الجواب على ذلك جزاك الله خيراً؟

    الجواب: حسناً، من الذي تجب عليك طاعته، أولي أمرك، أم أناس آخرون؟

    السائل: ولي الأمر.

    الشيخ: حسناً، إذاً: ما يحتاج إلى سؤال، ما دام ولي الأمر قال: لا. إلا بإذن؛ الحمد لله، ثم هل الأبواب سدت إلا باب القنوت أعني في الدعاء؟

    السائل: لا.

    الشيخ: لا. تدعو الله لهم في السجود، بعد التشهد، في آخر الليل، بين الآذان والإقامة، الأبواب مفتوحة والحمد الله.

    السائل نفسه: لكن في دعاء القنوت هذا يحيي أنفس الناس وواقع المسلمين هناك وكذا.

    الشيخ: إيه نعم. لكن ما دام لنا ولي أمر وقال: لا. فنقول: الحمد لله، سمعاً وطاعة لله ما هو لولي الأمر، لأننا مأمورون بأمر الله أن نطيع ولاة أمورنا إلا في المعصية، وترك القنوت لهم ليس بمعصية، هذا أمر.

    ثانياً: ألم تعلم أن فقهاء الحنابلة يقولون: إن القنوت للإمام الأعظم فقط. غيره من الناس ما يقنتون، ومن الإمام الأعظم عندنا؟

    السائل: الملك.

    الشيخ: الملك فهد بن عبد العزيز فقط، قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي قنت حين قتل القرَّاء ولم يأمر أحداً بالقنوت في مساجد المدينة ، ولا علمنا أن أحداً من مساجد المدينة قنت، إذاً فالقنوت لولي الأمر الذي له السلطة على كل المسلمين.

    ثم إن الإمام الأعظم في وقتنا لا يوجد إمام أعظم لماذا؟ الإمام الأعظم هو الذي له السلطة على كل المسلمين، وهذا قد انقرض من زمان.

    يقولون: الإمام الأعظم، ويستدلون بأنه لم يقنت إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا من جهة الأثر، من جهة النظر: الإمام الأعظم هو المسئول عن المسلمين عموماً، أما الأفراد لا.

    وأنا أقصد أن بعض الناس الآن يستنكر لماذا لا نقنت؟ والله! ندعو لهم حتى في الفريضة، وفي يوم الجمعة في الخطبة وهو وقت إجابة، ونسأل الله أن يفرج عنهم، لكن لا ينبغي أن يجعل هذا ناقوساً يدق به في لوم الحكومة ولوم الناس؛ لأنه الحمد لله الدعاء في الخطبة، الدعاء في السجود، في كل مكان.

    سمعت عن بعضهم أنهم قالوا: لما كان الناس يقنتون لنا في رمضان، كنا أشداء وأقوياء، قنوت الناس في رمضان هل هو في الفرائض؟ في قنوت الوتر المشروع.

    ثانياً: من الناحية الحسية، هم في رمضان أقوى من اليوم، في رمضان عندهم قوة في الجسد وعندهم مال وعندهم ذخائر وفي عاصمتهم، فلابد أن يكونوا أقوى من الآن، الآن هم مجردون من السلاح إلا القليل، وأنا سألت من له صلة بهم: لماذا خرجتم من العاصمة؟ قال: نفذت الذخيرة، يعني: يمسكون الروس كمسك العصافير ما يقع، وهذا الانحياز إلى المأمن قد جرى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في قصة خالد بن الوليد ، وفي قصة عمر لما قال: [يا سارية الجبل] فنحن انحزنا إلى هذه الجبال لئلا نقتل؛ لأنه ما معنا شيء ندافع به، فكان انحيازهم والحمد لله نصراً وتجاوزهم الأطواق الثلاثة التي طوقت الروس قاتلها الله العاصمة قروزني صار ما صار.

    فأنا أرجو من إخواني المسلمين أن يساعدوهم بالدعاء في مواطن الإجابة، ومن الخطباء أن يدعوا لهم في الخطب، وكذلك أيضاً في التبرع بالمال، إذا كان الذي يحمله يداً أمينة توصله إياهم.

    السائل: بعض المساجد ما وصلهم البيان التعميمي هذا، فهم يقنتون، هل يجوز لهم ذلك؟

    الشيخ: لا.

    السائل: وإن لم يصلهم، وإن لم يعلموا بذلك؟

    الشيخ: يمكن يكونوا معذورين بالجهل لكن يعلمون؛ لأن كون بعض الناس يقنت وبعض الناس لا يقنت هذا مشكلة، سيقول الناس: هؤلاء الذين لا يقنتون لا يحبون انتصار المسلمين ويتهمونهم، مع أن الذين لا يقنتون تركوا القنوت تقرباً إلى الله عز وجل؛ لأن الله أمرهم أن يطيعوا ولاة أمورهم، وهذه مسألة يغفل عنها كثير من الناس المتحمسين، مع أنه خلاف هدي الصحابة.

    أنس بن مالك رضي الله عنه وغيره من الصحابة لما كان الأمراء في الحج يخالفون السنة النبوية في بعض الأشياء كانوا يبينون السنة النبوية ويقول: افعل ما يفعل أمراؤك. لكي لا يحصل خلاف، فمثلاً: في الحج السنة أن الناس في اليوم الثامن يصلون الظهر في منى بعض الأمراء يتخلف ما يصلي إلا في مكة فيقول الصحابة: افعل ما يفعله أمراؤك. ويبينون السنة، وهذا دليل على أن مسألة المخالفة ما هي هينة.

    ضرورة معاهدة ومراجعة القرآن الكريم

    السؤال: نحن طلبة تحفيظ القرآن الكريم، وفي ختام دراستنا نتخرج وقد حفظنا القرآن الكريم، ولكن نكون قد نسينا أغلب ما حفظنا، فهل نحن آثمون بذلك؟ وما هو الحل الأمثل للحفاظ على هذه الثروة الكبيرة؟

    الجواب: بارك الله فيكم، الحل الأمثل ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: (تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها) فالدواء أن يردده الإنسان كثيراً، ويخصص الأماكن التي نسيها بزيادة تكرار، أما كونه يحفظ وينسى ما سبق هذا غلط.

    حكم الجوائز التي تجعلها الشركات في البضاعة

    السؤال: بعض الشركات تعمل مهرجان في بعض البضاعة عندهم، تشتري بضاعة والأخرى مجاناً هل يجوز هذا؟

    الشيخ: يعني تعطي جوائز؟

    السائل: تشتري نفس البضاعة والثانية مجاناً نفسها بالضبط، والمحلات الثانية ما تعمل يعني: تكسد سوقهم.

    الشيخ: يعني: تعطي جوائز، أسألك: يعني: يشتري مثلاً قلماً وتعطيه قلماً آخر ..

    السائل: مجاناً.

    الشيخ: إذاً مكافئة أو لا؟

    السائل: نعم.

    الشيخ: إذا باعت القلم بعشرة وأعطت الثاني مجاناً صار الاثنان بعشرة كم قيمة الواحد؟

    السائل: تقريباً ديناراً.

    الشيخ: خله نقول: عشرة، لا نقول: ريالاً ولا ديناراً ولا شيئاً.

    السائل: نعم.

    الشيخ: قيمة القلم خمسة فهمت.

    السائل: نعم.

    الشيخ: أعطته هذه الشركة قلماً آخر قيمته خمسة، كم صار قيمة القلم الواحد؟

    السائل: عشرة.

    الشيخ: لا. ريالين ونصف، اثنين ونصف، التبس عليك الأمر.

    السائل: نعم يا شيخ.

    الشيخ: طيب أعطته هذا القلم بعشرة وقيمته عشرة، أعطته قلماً مثله بعشرة كم صار قيمة الاثنين؟

    السائل: خمسة دنانير.

    الشيخ: عشرة كل واحد بخمسة، عرفت فهمت الآن أو ما فهمت؟

    السائل: فهمت.

    الشيخ: طيب أنت تقول: إذا عملت هذا العمل كسبت السوق على الآخرين؛ لأن الناس يبيعون القلم الواحد بعشرة وهذه باعت اثنين بعشرة، وهذا يضر الأسواق، بعض العلماء يقول: لا بأس لينزل ما شاء؛ لأنه لم يذهب إلى شخص وقف عنده الزبون يريد يشتري يقول: تعال سوف أعطيك أرخص منه، هذا مفتوح، وإذا نزل السعر إلى النصف فلينزل الآخرون السعر إلى النصف ما منعوا.

    وبعض العلماء يقول: لا. لابد أن الناس يكونون سواء أو متقاربين؛ لئلا يفسد بعضهم على بعض، ولئلا تحصل العداوة والبغضاء بين الناس.

    والمرجع في هذا فيما أرى ما دامت المسألة خلافية بين علماء الفقه فيرجع في هذا إلى ولي الأمر، الأمير أو المحافظ وليقدر ما شاء.

    أما لو كانت المسألة الهدية منقطعة يعني: في أول بيعة فقط معناه: ما صار شيء، لأن بعض الناس يجعل هدية في أول بيعة ولما الناس توجهوا إليه وقف الجائزة، هذه إن شاء الله ما فيها شيء.

    السائل: طيب يا شيخ إذا اشترى البضاعة تدخل السحب.

    الشيخ: نعم.

    السائل: اشتري البضاعة هذه ويدخل السحب، على جائزة سيارة.

    الشيخ: سهم؟

    السائل والحضور: سحب سحب.

    الشيخ: ما فيه بأس إذا كانت القيمة هي القيمة، وأنت شاري السلعة لغرض، يعني مثل: محطة البنزين الآن، السعر واحد، وأنت أتيت تشتري بنـزيناً لابد تشتري، فلا حرج إذا جاءتك جائزة سيارة فالحمد لله؛ لأنك أنت الآن إما سالم أو غانم فلا يدخل في الميسر.

    الحلول المعالجة لداء التعالم

    السؤال: من المعلوم أن مقاصد الشريعة الكلية تزكية النفوس، ولكن نرى بين أوساط الشباب وخاصة ما يطلق عليهم الدعاة إلى الله يعني: الموجهين للناس، يتعلم العلم الشرعي لا لتزكية النفس، وإنما ليماري به السفهاء، ويجاري به العلماء.

    الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون.

    السائل: فتكثر وتتغلغل الفتن بكل سهولة بين أوساط الشباب يا شيخ! فالتفرقة واقعة، وأهل الدين الذين يريدون النصر لدين الله والعلو له، يتذمرون من هذا الشيء، فما هو الحل الجذري لهذه المشكلة، إن الناس عندما تتأمل الواقع لا ترى فيها ديناً وإنما أي فتنة تتخللهم وتتغلغل فيهم، فما هو الواقع السليم الذي يجب أن يطبق حتى ترتفع هذه الظاهرة؟

    الجواب: الواقع السليم تقوى الله عز وجل، الذي يرفع هذا الأمر هو تقوى الله عز وجل، وأن يعلم المفتي أنه أجرؤ الناس على النار، كما جاء في الأثر: [أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار].

    وليعلم المفتي أنه يتكلم عن الله عز وجل، فليحذر أن يقول على الله ما لا يعلم، لكن المشكل كما تفضلت: أن بعض الناس يريد أن يجاري العلماء، ويماري السفهاء، ويجعل لنفسه منصباً، وكما يقول العوام: (خالف تذكر) وهذه مشكلة، هذا عمله حابط وما تجر فتواه من مخالفة الشريعة فإثمه عليه.

    والحمد لله -يا أخي- أنت في سعة في حِلَّ، كان الصحابة يتدافعون الإفتاء حتى ترجع المسألة إلى الأول، وما بالنا نتعجل السيادة، إن أراد الله أن تكون إماماً للمسلمين أو للمتقين سيحصل لك، لكن ثق بأنك لن تكون إماماً للمتقين وأنت تقول على الله ما لا تعلم، أو تسلك بنيات الطريق لتذكر، ويقال: قال فلان .. قال فلان.

    فما أرى حلاً لهذا إلا تقوى الله عز وجل، ويعلم الإنسان أن أي كلمة تصدر منه فهي مكتوبة، وأي كلمة يكون بها ضرر الناس فهو مسئول عنها وعليه إثمها وإثم من اتبعها.

    السائل: نتيجة هذا الأمر يا شيخ! أن هناك في بعض الإخوان والجماعات الدعوية لا يوجد لديهم كفاية من العلم وكذا تجد منهم التحمس الزائد عن حده الذي يفسد الأمر من أصله، وبعضهم مقصر جداً، وكل ذلك ناتج عن بعض الموجهين أو التمسك بفتاوى من غير أمر يقتضي هذا التمسك، تأتي فتوى على عاتقها فتتمسك بها هذه الجماعات وأخرى تنبذها وهكذا يا شيخ! فما هو الحل؟

    الشيخ: كما قلت لك يا أخي! الحل التقوى.

    السائل: من الناحية العلمية يا شيخ.

    الشيخ: حتى من الناحية العلمية، أما من ناحية الشباب الذين لا يتصدرون لهذا نقول: احذروا أنصاف العلماء، قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه: الفتوى الحموية يقال: ما أفسد الدنيا والدين إلا نصف متكلم ونصف فقيه ونصف نحوي ونصف طبيب. فنصف المتكلم أفسد الأديان، ونصف الفقيه أفسد البلدان، ونصف النحوي أفسد اللسان، ونصف الطبيب أهلك الأبدان، وهذا صحيح يجب أن يحذر من هؤلاء ويحذر منهم أيضاً ويقال: الحمد الله عندكم علماء راسخون اسألوهم. ولهذا قال بعض السلف : [إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم].

    ثم إن بعض المتحمسين لو فكرت في أحوالهم لوجدت عندهم تقصيراً كثيراً في أمور كثيرة، وكم من نساء الآن يبكين ندماً حين تزوجن ملتزمين ووجدن أنهم من أسوأ الناس معاملة لزوجاتهم، مع أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) يحتج هذا المسكين يقول: الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن النساء عوان عندكم) والعواني: جمع عانية وهي الأسيرة، ولكن يقال: الرسول قال هذا حثاً على الرفق بهن، لا فتحاً لأبواب الاسترقاق لهن. إلى الله المشتكى يا إخوة! الله المستعان.

    حكم مشاهدة المباريات الرياضية

    السؤال: ما حكم مشاهدة المباريات الرياضية؟

    الجواب: لماذا تشاهد المباريات الرياضية؟ ما الفائدة منها؟ ما تستفيد منها إلا إضاعة الوقت، وصرف المال، ودمار العين، وحب من لا يستحق أن يُحب، وتعظيم من أمرنا بالغلظة عليه، يوجد من يجيد هذه اللعبة كافر متمرد فيقع في قلوب الهواة لهذه الرياضة تعظيم هذا الرجل ومحبته.

    إذاً: يا أخي! أبعد عنها، اربأ بنفسك أن تشاهدها، وماذا جلبت الألعاب الرياضية على الناس؟ ما جلبت إلا التلهي بها، وإضاعة كثير من الأمور المهمة، وصرف الأبناء عن آبائهم، مع أن آباءهم قد يحتاجون إليهم في تجارة أو زراعة أو سفر أو ما أشبه ذلك.

    وقد ذكر لي: أن هذه من دسائس اليهود التي يسمونها (برتوكولات صهيون) فالله أعلم هل هي منهم أو من غيرهم؟ المهم أنها ما جلبت للإنسان نفعاً، بل هي إلى الضرر أكثر.

    وجوب الخروج من البيت الذي فيه معاصٍ بعد الإنكار عليهم

    السؤال: عند زيارة بعض الأقارب وعندما يفتحون التلفاز في المجلس تأتي بعض الأحيان الموسيقى وبعض المعاصي الأخرى، فهل يخرج المرء على الفور إذا أنكر ولم يسمع لإنكاره، أو لم يستطع المرء الإنكار؟ وكيف تكون صلة هؤلاء ومن عندهم المعاصي أتكون بالهاتف فقط، أم يسكت عنها -أي: عن المعاصي- مع الدعوة والتأليف؟

    الجواب: هذا يسأل يقول: إذا زرت أقاربي وصار عندهم شيء محرم مشاهداً في التلفاز أو مسموعاً بالإذاعة، فهل يجوز أن أبقى أو لا؟

    أقول: إذا كان يمكن أن تبقى وتنصحهم فافعل، وإذا كان لا يمكن ولو تكلمت لم يسمع فاخرج بعد أن تقول: إما أن تغلقوا هذا، أو أخرج؟ ولكن لا تترك صلتهم ولو كانوا على معصية؛ لأن الأقارب لهم حق ولو كانوا عصاة، وأنت لا تحضر المعصية.

    السائل: على هذا لأنه بعض البيوت يكون فيها التلفاز والمذياع في بعض الأحيان يعمل أربعة وعشرين ساعة يعني: على طول اليوم ..

    الشيخ: إيه: لكن إذا حضرت وقلت: يا إخواني! هذا حرام عليكم ولا يجوز وأبقوه، فقلت لهم: إما أن تغلقوه وإما أن أخرج، ما أظنهم يقولون: اخرج، سيغلقونه حياءً وخجلاً، فإن كانوا متمردين وأبقوه فاخرج، لأن الله تعالى قال: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ [النساء:140].

    حكم ترك الجماعة الثانية لأجل الالتحاق بالجماعة الأولى

    السؤال: مجموعة من الأشخاص دخلوا المسجد فوجدوا الجماعة قد فاتتهم، والإمام يسلم صلوا جماعة ثانية، وأثناء ذلك تذكر إمام الجماعة الأولى أنه لم يأت بركعة حيث صلى الظهر ثلاثاً فقام ليأتي بها فتردد إمام الجماعة الثانية، هل يقطع الصلاة ويدخل مع الجماعة الأولى، أو يستمر في الصلاة، وركع الإمام وسجد وسلم وهذا لا زال متردداً هل يقطع الصلاة أو لا، ثم قطع صلاته لتردده في النية وصلى من جديد هو وجماعته، سؤالي: هل يلزمهم قطع صلاته والدخول مع الجماعة الأولى؟

    الجواب: أرى أن يقطع صلاته ويدخل في الجماعة الأولى، وهذه مسألة نادرة الوقوع يعني: تحتاج أن تكتب في التأليف الجديد في الفقه، لأنه ما مرت عليَّ في كلام الفقهاء السابقين ولكنا لم ندرك كل شيء، لكنها مسألة نادرة، فنقول: هؤلاء الأفضل أن يقطعوا صلاتهم ويدخلوا مع الإمام؛ لأنهم ينالون بذلك كثرة الجمع، وينالون الجماعة الأم التي فيها فضل سبع وعشرين درجة؛ لأن جماعتهم الثانية ما لها سبع وعشرون درجة، لكنها أفضل من الانفراد، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله) فهم لا يدركون سبعاً وعشرين درجة لكنهم أفضل مما لو ما صلوا فرادى.

    فأقول: الأفضل في هذه الحال أن يقطعوا صلاتهم وأن يدخلوا مع الإمام ليدركوا الركعة وإذا سلم أتوا بما بقي.

    أما هذا الذي تردد فصلاته لا تبطل بالتردد؛ لأنه لم يتردد في الدخول إنما تردد في القطع، والتردد في القطع لا يضر حتى يقطع، أما التردد في الدخول نعم يمنع الدخول، فانتبه لهذه القاعدة: التردد في الدخول يمنع الدخول، والتردد في القطع لا يقطع، لماذا؟ لأن الأصل في الأول عدم الدخول، ما دمت متردداً لا تدخل، وفي الثانية الأصل عدم القطع فاستمر حتى تقطع.

    ولهذا: لو أن الصائم عزم أن يأكل أو يشرب، ولكن لم يأكل ولم يشرب يبطل صيامه أو لا يبطل؟ لا يبطل.

    المصلي عزم أن يقطع صلاته لوعد نسيه ولكنه لم يقطعها؟ ما تبطل صلاته حتى يقطعها بالفعل، حتى يعزم على الخروج منها، فانتبه لهذه الفائدة: التردد في القطع ليس كالقطع، والتردد في الدخول ليس دخولاً.

    تخيير المسبوق في الالتحاق بالإمام وعدمه إذا كان الإمام نسي ركعة ثم أتمها

    السائل نفسه: تابع للسؤال يا شيخ: بعض المسبوقين قام ليكمل ما فاته وذلك بالجماعة الأولى فهل يلزمهم متابعة الإمام حينما قام ليأتي بالركعة الناقصة، أم له أن يستمر في صلاته، أو ما حكم صلاة من لم يتابع الإمام من المسبوقين؟

    الشيخ: هذا سؤال ثانٍ لا نجيب عليه إلا إذا سمح الإخوة، تسمحون؟

    الحاضرون: نسمح يا شيخ!

    الشيخ: يعني يقول: هذا الرجل الذي نسي ركعة سلم من ثلاث قام المسبوقون الذين فاتهم شيء من الصلاة ليقضوا ما فاتهم، فهل إذا تذكر الإمام وقام يلزمهم أن يرجعوا معه، أو يستمرون في قضاء صلاتهم؟

    الجواب: هم مخيرون إن شاءوا رجعوا مع الإمام، وإن شاءوا استمروا في صلاتهم.

    حكم وجود التلفاز في المنزل

    السؤال: ما حكم وجود جهاز التلفاز في المنزل؟

    الجواب: والله! أما الإنسان الذي يقتني التلفاز لمشاهدة ما ينفع فلا حرج عليه، وهذا لا يكون إلا في شخص يملك التصرف في هذا التلفاز تماماً، بألا يكون في البيت إلا هو، أو من كان مثله ممن يتحاشى المحرم، وأما إذا كان يقتني التلفاز ليشاهد ما هب ودب فليَحْذَرْ اقتناءه.

    وجوب الاستمرار في اعتبار الحيض حتى تطهر وإن تخلله طهر يسير

    السؤال: امرأة أجرت عملية اللولب وكانت عادتها قبل العملية سبعة أيام، وبعد العملية زادت دورتها إلى عشرة أيام، مع العلم أنها في اليوم السابع يقلُّ خروج الدم، وفي الثامن والتاسع يشتد خروج الدم، ثم انقطع بعد العاشر؟

    الجواب: تستمر حتى تطهر.

    السائل: تكون من دورتها؟

    الشيخ: لأن هذا اللولب يغير العادة؛ لأنه يضيق مخارج الدم، ويكون الدم مترسلاً فتطول المدة.

    الوسائل لها أحكام المقاصد

    السؤال: إذا كان متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أحد شرطي قبول العمل، ونعلم أن الأعمال المتعدية النفع ليست توقيفية على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ما هو فقه هذه المسألة حيث نرى كثيراً من الناس في دعوتهم يتخلل مواعظه بالمزاح الكثير، والدخول فيما لا يعنيه من سياسة أو غير ذلك، فما فقه هذه المسألة الصحيحة؟

    الجواب: الوسائل لها أحكام المقاصد، والوسائل لا تنحصر، قد تكون وسيلة اليوم وغير وسيلة في اليوم الثاني، أما العبادات الثابتة فهذه لا يجوز فيها التغيير، لا في زيادة ولا نقص، مثلاً الآن في وسيلة لإيصال خطبة الجمعة إلى المسجد ولو كان كبيراً ما هو؟ مكبر الصوت، نقول: هذا طيب ومفيد، أو وسيلة الخطوط التي في فراش المسجد هذه أيضاً طيبة، لأنها وسيلة إلى ماذا؟ إلى تسوية الصفوف، وكم كنا نعاني في الأول قبلها من تسوية الصفوف، الآن والحمد لله صارت وسيلة إلى هذا الأمر المطلوب، والأمثلة على هذا كثيرة.

    وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767952212