أما بعد:
فهذا هو اللقاء السادس والثلاثون بعد المائتين من اللقاءات التي يعبر عنها بلقاء الباب المفتوح، التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الرابع عشر من شهر صفر، عام (1421هـ) وسيكون هذا هو ختام هذا الفصل إلا أن يحدد بعد إن شاء الله تعالى؛ نظراً لأن الطلاب مشغولون بالامتحانات، ونخشى أن يبقى الإنسان نادماً على عدم الحضور، وإذا حضر ربما يفوته بعض الأشياء؛ لذلك سنؤجل -إن شاء الله- بعد هذا اليوم حتى يتبين فيما بعد.
يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً (ناجيتم) أي: أردتم مناجاة الرسول، والمناجاة: هي الكلام السر بين المتناجيين، والرسول هو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكان الصحابة رضي الله عنهم لمحبتهم الاجتماع برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والتحدث إليه سراً، كانوا يكثرون على الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويكثرون التردد عليه، ولا يخفى ما في هذا من الإزعاج، ولهذا أمر الله تبارك وتعالى الذين يأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ضيوفاً أمرهم أنهم إذا انتهوا لا يبقون؛ لأن ذلك يؤذي النبي فيستحي النبي، كذلك هذه المناجاة إذا كثرت لا شك أنها تؤذي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأراد الله تعالى أن يمتحنهم فأمرهم أن يقدموا بين يدي مناجاته -أي: قبلها وأمامها- صدقة، ولم يحدد، فيتصدق بالرغيف وبالتمرة وبالدرهم وبالدينار وبالثوب وغيرها، والصدقة تحتاج إلى مال وتحتاج إلى عمل وتحتاج إلى بحث عن فقير، فليست بالأمر الهين، فسوف تقل المناجاة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا كان الإنسان لا يناجيه إلا إذا قدم صدقة، وهذا هو الواقع، فإن المناجاة قلَّت.
قوله: ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ (ذلك خير لكم) في الدين؛ لأنه يدل على رغبتكم التامة لمناجاة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأطهر لأن الصدقة تطهر الإنسان من الذنوب، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار).
قوله: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا أي: إن لم تجدوا مالاً تتصدقون به فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي: فقد غفر لكم ورحمكم فناجوا الرسول بدون تقديم صدقة، وهذه هي القاعدة العامة الشاملة في هذه الشريعة المبنية على اليسر والسهولة؛ وهو أنه (لا واجب مع العجز، ولا محرم مع الضرورة) بمعنى: أن الإنسان إذا عجز عن الواجب سقط عنه، وإذا اضطر إلى المحرم حل له، بشرط أن يضطر إليه بألا يجد سواه مما يدفعه إلى الضرورة، وأن يكون تناول هذا المحرم رافعاً لضرورته.
فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المجادلة:13] أي: عليم بكل ما نعمل من خير وشر، وسنلاقيه إن شاء الله تعالى فيحكم بيننا بما تقتضي حكمته ورحمته.
وفي هذه الآية كما رأيتم نسخ، فما هو الناسخ وما هو المنسوخ؟ الناسخ هذه الآية الأخيرة، والمنسوخ الآية التي قبلها، فقد أوجب الله الصدقة ثم أسقطها، وهذا نسخ من الوجوب إلى الجواز، والله تبارك وتعالى ينسخ ما شاء كما قال: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا [البقرة:106].
من الأشياء المنسوخة: استقبال القبلة .. كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول ما قدم المدينة يستقبل بيت المقدس، ثم نسخ ذلك إلى وجوب استقبال القبلة أول بيت وضع للناس.
ومن المنسوخ: أنه أول ما وجب الصيام كان الإنسان مخيراً بين أن يصوم أو يفطر، يقال للإنسان: إن شئت فصُم، وإن شئت فأطعم عن كل يوم مسكيناً، ثم نسخ ذلك إلى وجوب الصيام عيناً.
ومما نسخ أيضاً: أن الواجب على المسلمين الجهاد في سبيل الله ألا يفروا من عشرة أمثالهم، بمعنى: أنه إذا كانوا مائة فإنهم لا يفرون من الألف، وإذا كانوا مائتين لا يفرون من الألفين، فقال الله عز وجل: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:66].
والنسخ لا يعني أن الله سبحانه وتعالى لم يعلم المصلحة ثم بدا له، الناسخ تابع لحال العباد، فقد يكون الأصلح لهم إيجاب هذا الشيء في وقت ونسخه في وقت آخر؛ لأن الأحكام تابعة للمصالح، والمصالح تختلف في كل زمان ومكان وأمة، ولهذا تجدون أن التوحيد وجب من أول الرسالة، والصلاة تأخر إيجابها عشر سنوات بعد البعثة، والزكاة تأخرت إلى الهجرة، والصيام كذلك إلى الهجرة، والحج إلى السنة التاسعة، كل ذلك صار تبعاً لما تقتضيه المصلحة والتدرج في التشريع الإسلامي.
الشيخ: السؤال يقول: إن رجلاً دخل مع الإمام في أثناء صلاة الظهر وقد فاته ركعتان، ولما سلم الإمام قدمت جنازة، وهذا الرجل صلى بعد سلام الإمام ركعة وخاف أن تفوته الجنازة، فتراجع بقية صلاته ودخل في صلاة الجنازة ثم أراد أن يقضي ركعة واحدة..
السائل: كان ناسياً.
الشيخ: نعم. ما قلت كان ناسياً ..
الجواب: هذا الرجل لما صلى ركعة بعد سلام الإمام نسي فسلم ودخل مع الإمام في صلاة الجنازة ثم أتم صلاته بعد صلاة الجنازة، فنقول: هذا لا تصح صلاته لوجود الفاصل بين أجزاء الصلاة، والواجب عليه أنه لما ذكر أتم صلاته وإن فاتته صلاة الجنازة؛ لأن صلاته فريضة فرض عين، وصلاة الجنازة فرض كفاية، وقد قام بها من يكفي.
الجواب: يسأل عن رجل لم يعق عنه في عهد الصغر فهل يعق عنه بعد الكبر؟ فالجواب: إن كان أبوه فقيراً وقت مشروعية العقيقة فلا شيء عليه، ولو اغتنى فيما بعد، كما أن الرجل إذا كان فقيراً لا زكاة عليه ولو اغتنى فيما بعد، فتسقط العقيقة لعدم القدرة عليها، وأما إذا كان غنياً لكنه يقول كل يوم: اليوم أعق عنه، فهذا يعق ولو كبر الولد.
أما الوقت الأفضل فيها فهي اليوم السابع ثم الرابع عشر ثم الحادي والعشرين، ثم بعد ذلك لا تعتبر الأسابيع، وهي للذكر اثنتان، وإن اقتصر على واحدة أجزأ، وللأنثى واحدة والأفضل ألا يزيد؛ لأنه إذا فتحت باب الزيادة صار الناس يتباهون في هذا وربما تصل إلى عشرات، فيقال: اقتصر على السنة، فإذا قال: لي أصحاب، لي أقارب، لي جيران، قلنا: وليكن، إن كفت الواحدة للأنثى أو الاثنتان للذكر فهذا المطلوب، وإن لم تكفِ فاشترِ دجاجاً أو لحماً ولا تذبح سوى ما جاءت به السنة، أما العق عن نفسه ففيها خلاف، والأقرب أنه لا يعق؛ لأن هذا مما يناط بالأب.
الجواب: من الآداب الشرعية التي جاءت بها الشريعة: أن الإنسان لا يفرق بين اثنين، بمعنى: أنه لا يجد اثنين في الصف فيفرق بينهما ويجلس؛ لأن في هذا امتهاناً لهما، وتضييقاً عليهما، أما لو وجد فرجة بين اثنين فلا بأس أن يدخل فيها، لأن هذين الاثنين هما اللذان فرطا في هذه الفرجة.
الجواب: أكل البصل جائز في البر وفي البلد.
السائل: قبيل الصلاة؟
الجواب: حتى قبيل الصلاة، ما دام أنه لا يريد أن يتخلف عن الجماعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إنه حلال، وليس لي أن أحرم ما أحل الله. ولم يقل: إلا عند الصلاة، كما قال الله عز وجل قبل أن تحرم الخمر: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43]، فلا حرج أن يأكلوا قبل أن تقام الصلاة، وما داموا كلهم اشتركوا في هذه الرائحة فلا حرج.
السائل: والملائكة؟
الجواب: الملائكة إنما تكون في المساجد، والحديث: (فلا يقربن مساجدنا).
الجواب: بارك الله فيك .. ليس لنا الحق أن نفتي بخلاف ما قضى به القاضي، وإذا كان لديك اعتراض فلك الحق أن تعترض في خلال خمسة عشرة يوماً بأن تطلب رفعها إلى التمييز.
السائل: اعترضنا وطلبنا من التمييز وجاءت مؤيدة.
الشيخ: مؤيدة؟
السائل: نعم.
الشيخ: أجل انتهت ما بعد هذا شيء.
السائل: هل يوجد لديكم إعتاق رقبة، فقد أخبرنا بأنه يوجد عندكم عناوين هنا؟
الشيخ: لا والله! يا أخي! لا يوجد لا عندي ولا عند غيري، وقد قال لنا بعض الناس: إن هؤلاء الذين يدعون أنهم سبوا نساءً في الحرب بعضهم وليس كلهم كذبة، يأتي بابنه أو بنته ويقول: هذا عبدي اشتره، فيشتريه بعشرة آلاف، ثم يقول: اعتقه، فيعتقه ويأخذ العشرة الآلاف ويرجع بابنه، فليس هناك عبد ولا شيء.
السائل: هل الأفضل إعتاق رقبة؟
الجواب: ليس هو بالأفضل، هو الواجب قبل الصيام، لكن أين الرقبة المؤكدة؟
السائل: قالوا: عندكم عناوين لأناس.
الشيخ: لا أبداً، أنا أعرف أناساً كانوا بالأول يفعلون هذا الشيء، ثم تبين لهم أن المسألة فيها لعب وتركوه، لكن الحمد لله قد يكون هذه الأيام فيها مشقة عليك وسط الحر وطول النهار فلا بأس أن تؤخر إلى الشتاء.
الشيخ: ما هي الفتن؟
السائل: نساء كاسيات عاريات.
الجواب: أرأيت لو احتجت إلى البقول وهي في السوق والسوق ملآن من النساء والفتن، أتبقى في بيتك وتقول: لن أشتري حاجة البيت لأني إذا خرجت وجدت الشر؟
السائل: لا، يا شيخ!
الشيخ: هذا مثله.
السائل: هذا سيخرج يا شيخ!
الشيخ: أنت لا تدري متى يخرج.
السائل: هي ولادة يا شيخ! إذا كانت امرأة والدة بعد يومين أو ثلاثة تخرج.
الجواب: انظر إذا كان ليس هناك حق بين، بمعنى: أنها ليست أختك ولا عمتك ولا خالتك ولا أمك هذه أمرها واسع، أما إذا كانت من القريبات لك فعدم زيارتها، بل الصواب: عدم عيادة المريض، يقال: عيادة، وهو قال: زيارة، وهذا غلط، ولا ينبغي أن نشدد على أنفسنا، الآن الطائرة فيها منكرات، فهل أقول: ما أذهب بالطائرة لأن فيها منكراً؟ لا يا أخي! اذهب وخفف من المنكر ما استطعت، وغض البصر.
الشيخ: تعني إلى وليمة يحضر؟
السائل: لا، إلى مجالس عادية.
الجواب: أولاً: بارك الله فيك .. ينبغي للإنسان أن يكون مباركاً بقدر الاستطاعة، فليحضر المجالس، وإذا رأى منكراً نصح، فإن اهتدى أهل المجلس -وهذا هو الغالب- وإلا قام وتركهم؛ لأن كون الإنسان ييأس ويقول: لو ذهبت ما نفعت، هذا فيه نظر، بل الذي أرى أن يذهب ثم إذا رأى المنكر أنكره، وإذا لم ينتهِ الحاضرون قام وتركهم، هذا هو الصواب.
الجواب: إذا قام الإمام إلى الرابعة وهو قد دخل معهم في أول ركعة فإنه يجلس ويتشهد ويسلم ثم يلحق الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، ويتم أربعاً، إذا أدرك ركعة، والغالب أنه يدرك لأنه يأتي بالتشهد ويعجل فيه وبالتعوذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ثم يدخل مع الإمام ويدرك الركوع، أما إذا لم يدرك الركوع فقد فاته الأجر.
الجواب: الدم المسفوح نجس، لقول الله تبارك وتعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ أي المذكور رِجْسٌ [الأنعام:145] أي: نجس. قال أهل العلم: ويعفى عن يسيره؛ وذلك لمشقة التحرز منه، لأنه قلَّ أن يقوم إنسان بذبح بهيمة ولا يناله منها، فعفوا عن يسيره رحمهم الله، ولكن ما هو اليسير؟ هل اليسير ما استيسره الإنسان بنفسه، أو ما استيسره عامة الناس؟ ما استيسره عامة الناس، لأننا لو جعلنا كل إنسان وما يرى في نفسه لكان صاحب الوسواس يرى اليسير كثيراً، والمتهاون يرى الكثير يسيراً، فلذلك نقول: العبرة بأوساط الناس، وأما تقديره بربع درهم أو ما أشبه ذلك فلا حظ له من النظر؛ لأن هذه التقديرات لابد أن يكون فيها دليل.
السائل: ما رأيك بالدم الذي يبقى بعد موت الشاة؟
الجواب: الدم الذي يبقى بعد موت الشاة ولو كان كثيراً طاهر، ولذلك لو أن الإنسان بعد أن ماتت الذبيحة ووصل إلى قلبها أخذ القلب وشرب الدم الذي فيه كان ذلك جائزاً لأنه طاهر.
الجواب: يجب على الإنسان أن ينظر في الأمر ويصبر حال القوي، وهم إذا دعوا أو إذا بين لهم توحيد الربوبية فلابد أن الإنسان يستغرب ويقول مثلاً: هذا الرب الذي خلق كل شيء لا يجوز أن نسوي به غيره ممن لا يخلق شيئاً، كما قال عز وجل: أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ [الأعراف:191]، لأني أخشى إن استمر في تقرير توحيد الربوبية أن يعجز فيما بعد عن تقرير توحيد الألوهية، فليهتم بهذا وكما كانت الرسل عليهم الصلاة والسلام إذا دعوا قومهم يقولون: اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36].
الجواب: مرق لحم الإبل لا ينقض الوضوء على القول الراجح؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (توضئوا من لحوم الإبل)، ولأنه لما أمر العرنيين أن يذهبوا إلى إبل الصدقة ويشربوا من أبوالها وألبانها لم يأمرهم بالوضوء مع أنهم يشربون لبنها، فالذي ينقض هو اللحم سواءٌ كان لحماً أحمر أو شحماً أو أمعاءً أو كرشاً أو كبداً أو رئة أو قلباً، كل ما كان يؤكل من البعير فإنه ينقض الوضوء.
الجواب: هذا غلط، الوتر إذا طلع الفجر انتهى وقته، ويقضيه الإنسان في النهار، فإذا كان يوتر بثلاث في العادة فليقضه أربعاً، وإذا كان يوتر بخمس فليقضه ستاً، وإذا كان يوتر بإحدى عشرة فليقضه باثنتي عشرة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا غلبه وجع أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة.
السائل: بتشهد واحد أم يفرق التشهد؟
الشيخ: بتشهد واحد، ولا يجوز بتشهدين؛ لأنه لو جعله بتشهدين أشبه صلاة المغرب، وقد نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الوتر بما يشبه صلاة المغرب.
الجواب: الحائض لا تقرأ القرآن إلا لحاجة أو مصلحة، فالحاجة مثل أن تخاف من نسيانه، أو تكون معلمة تقرأ القرآن على الطالبات، أو تكون متعلمة تسمع للمدرسة ما حفظت من القرآن، هذه حاجة، فإذا كان هناك حاجة فلا بأس، أو امرأة تخاف أن تنسى القرآن فلا بأس أن تقرأ القرآن، وما عدا ذلك فالأفضل ألا تقرأ، ومن المصلحة والحاجة الأوراد مثل آية الكرسي، وسورة الإخلاص، وسورة الفلق، وسورة الناس، فتقرؤها.
الجواب: إذا أقيمت الصلاة والإنسان في صلاة سواء تحية المسجد أو الراتبة، فإن كان في الركعة الثانية أتمها خفيفة، وإن كان في الركعة الأولى قطعها، وربما يستأنس لهذا التفصيل بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) فهذا الرجل أدرك ركعة كاملة قبل أن تقام الصلاة، فيكون له الحق في أن يكمل صلاته لكن تكون خفيفة، وأما إذا أقيمت الصلاة ولو أنت في السجدة الثانية من الركعة الأولى فاقطعها بدون سلام، انو القطع وقم مع الناس.
الشيخ: مثل ماذا؟
السائل: مثل أن يحلف عبد الله على أن يعطي خالداً مالاً عند ناصر، أن يأخذ عبد الله المال من ناصر.
الشيخ: يعني قال عبد الله: واللهِ! لتأخذنَّ المال من فلان ولكنه لم يأخذه.
السائل: نعم. كأن يقول: إذا فعلت يا عبد الله! هذا الشيء فإنك تأخذ المال من ناصر.
الشيخ: أجرة؟
السائل: شيء حلف عليه ليس أجرة.
الشيخ: ما تصورت هذا جيداً.
السائل: الآن خالد ليس عنده مال فحلف على أن يأخذ عبد الله المال من خالد.
الشيخ: هم ثلاثة ولا اثنين؟
السائل: هم ثلاثة، والشخص الذي حلف حلف على عبد الله أن يأخذ المال من خالد، فما الحكم هنا؟
الشيخ: أخذه أم لم يأخذه؟
السائل: ما أخذه.
الجواب: عليه كفارة يمين، على الحالف كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
الجواب: نرد عليه بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ما أسفل من الكعبين ففي النار)، وقال: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه)، وأبو بكر رضي الله عنه يقول: (يا رسول الله! إن أحد شقي إزاري يسترخي عليَّ إلا أن أتعاهده) يستخري عليَّ، ما هو بقصد، ومع ذلك هو يتعاهده، فقال: (إنك لست ممن يصنع ذلك خيلاء)، فنقول للرجل: إذا كانت حالك كحال أبي بكر لم تتعمد أن يكون الثوب نازلاً عن الكعب وإنما يسترخي عليك وترفعه، وإذا شهد لك الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنك لا تصنع هذا خيلاء، فعلى العين والرأس، لكن أنى له ذلك، وهذا وأمثاله ممن يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق، يأتون بالمتشابه ويتركون المحكم، كالذي يقول: إذا قيل له: يا فلان، هذا البيع والشراء الذي أنت تستعمله لا يجوز، اسأل العلماء، فيقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101] الآية في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا يسألون عن أشياء لم تحرم فتحرم من أجل مسألتهم، أو لم توجب فتوجب من أجل مسألتهم، فهذا هو الذي وردت به الآية، أما الآن فيجب على كل إنسان ذكر له أن هذا واجب أو أن هذا محرم أن يسأل ويستثبت، وفي هذه الحال لا يعذر بالجهل، فلو أنه -مثلاً- فيما بعد فرط في واجب أو فعل محرماً وقد نبه ولكنه تهاون، فهذا لا يعذر بجهله؛ وذلك لتفريطه في عدم السؤال.
الشيخ: وإياكم ومن سمع.
السائل: الآن في الصيف تعرض مكاتب الخطوط للسفريات تذاكر بالتقسيط، تأخذ هذه المكاتب أو المقاعد تحجزها من الخطوط العامة وتزيد عليها مبالغ ثم تقسطها على من أراد أن يسافر، وهذا يكثر جداً في الصيف، فنريد الحق في ذلك جزاك الله خيراً؟
الجواب: الحق -إن شاء الله- أنه ما فيها شيء، لكن أقول: أصل السفر إلى البلاد الأوروبية أو البلاد الغير أوروبية لكنها كلها خلاعة وفساد، الخمر في الأسواق يباع علناً، والنساء يتبرجن ويعرضن أنفسهن ليس بالقول ولكن بالفعل وما أشبه ذلك، أرى ألا يسافر أحد لهذا؛ لأنه سيخسر وقتاً، وسيخسر مالاً، وسيخسر ديناً، وسيخسر خلقاً، فهذا لا يحل له أن يسافر على هذا الوضع أصلاً، ثم يجب أن نعلم أن هذه المكاتب منها ما هو خبيث يسهل على السفهاء الأمر ويقول: نعطيك تذكرة مؤجلة لإغرائه على السفر، فينبغي لنا أن نقف ضد هذا الرأي، وإلا فإنه لا بأس أن الإنسان يؤجر شخصاً بمائة إن كان نقداً، وبمائتين إن كان مؤجلاً، ما فيه شيء، لكن أصل الغرض غرضٌ سيئ.
السائل: هل يجوز السفر؟
الشيخ: لا، أنا قلت: أصل السفر ما يجوز.
السائل: أجرة الراكب كيف يزيد عليها مبلغاً من المال؟
الجواب: ما فيه شيء، أنا جعلت المبلغ لأني أجلت الثمن الأجرة، مثلما لو قلت: هذا البيت أؤجره بألف ريال في السنة لمن أعطاني إياها نقداً، وبألف ومائتين لمن أعطاها بالتقسيط.
الجواب: قال العلماء: يثبت النفاس إذا تبين في الجنين خلق الإنسان، ويتبين خلق الإنسان من ثمانين يوماً فما فوق، لقول الله تعالى: ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ [الحج:5] المضغة تبدأ من ثمانين يوماً، فمن ثمانين يوماً فما فوق يمكن أن يخلَّق، فمتى خُلِّق وتميزت رجلاه ويداه ورقبته ورأسه صار الدم دم نفاس، وما قبل ذلك الدم فهو دم فساد لا يمنع من صلاة ولا صيام ولا زوج.
الجواب: هذا يسأل ويقول: إنسان أعطي دراهم ليسلمها لشخص وقبل أن يصادف الشخص احتاج للدراهم، فهل يجوز أن يستعملها في حاجته؟
فالجواب: لا يجوز، وكان عليه لما أعطاه الدراهم أن يقول: أنا أخشى أني أحتاجها؛ حتى يأذن له بالتصرف فيها، وأما بدون إذن فلا يجوز.
السائل: ولو وثق من نفسه أنه سيسلمها؟
الجواب: ولو وثق، لا يمكن أن يثق الإنسان من دفع درهم واحد، فقد يموت الإنسان بغتة ويبقى الدين في ذمته والورثة ينكرون هذا.
السائل: عند الحاجة؟
الجواب: أبداً، ولو عند الحاجة لو أكل الميتة ولا يأخذه.
السائل: لكنه تصرف به، فما عليه؟
الجواب: الآن عليه أن يسترخص من صاحبه، فإذا أجازه فلا حرج.
الجواب: الفرح بالمعاصي، هذا هو الذي نهى عنه الشرع.
السائل: ودون المعصية يفرح كما شاء؟
الجواب: بشرط ألا يحمله الفرح على البطر والكبرياء وما أشبه ذلك، فيحرم من هذه الجهة .
الجواب: لا بأس به إن دعت الحاجة إليه. وأنت قلت: ليس له مكان، أين بيته؟
السائل: بيته ما يمكنه أن يذاكر.
الشيخ: أين المساجد الأخرى؟
السائل: المساجد الأخرى موجودة.
الشيخ: إذاً يذهب إلى أحد المساجد.
السائل: تعني مسجداً آخر؟
الشيخ: مسجد آخر، ويهيئ فيه الخطبة ثم يأتي إلى مسجده الذي يريد أن يخطب فيه في وقته.
الجواب: إذا قام المسبوق بعد سلام إمامه فلم أعلم في ذلك سنة، لكن بناءً على أن القيام من التشهد الأول ترفع فيه الأيدي فهذا مثله.
الجواب: إذا كان لا يعلم أن فيه قبراً فلا شيء عليه، لقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].
السائل: وإن كان يعلم أن فيه قبراً لكنه يجهل الحكم؟
الجواب: كذلك لو كان يعلم أن فيه قبراً ويجهل الحكم لا شيء عليه؛ لأن هذا فَعَلَ محرماً جاهلاً، وفعل المحرم إذا كان عن جهل لا يؤثر.
السائل: هل إذا كان المسجد مبنياً على قبر، أو قبر أدخل المسجد على حد سواء؟
الجواب: لا، إذا بني المسجد على قبر وجب هدمه، ولا تصح الصلاة فيه، وإذا دفن أحدٌ في المسجد لم يجب هدم المسجد وإنما يجب نبش القبر ودفنه مع الناس، ثم الصلاة في هذا المسجد صحيحة، لكن لا يجعل القبر بينه وبين القبلة.
الجواب: لا يجب الوضوء ولكنه سنة، الوضوء سنة من مس المرأة بشهوة وليس بواجب.
وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، نسأل الله لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر