إسلام ويب

اللقاء الشهري [3]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذه المادة تفسير بعض الآيات من سورة (ق)، مع ذكر بعض الفوائد بشيء من البسط والتيسير، ثم يتبعها بالإجابة عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ)

    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق، فبلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    أيها الإخوة: فإن هذا هو اللقاء الشهري الذي ينظمه مكتب الدعوة في الجامع الكبير في عنيزة، وهذا اللقاء في هذا الشهر يصادق ليلة الخامس عشر من شهر جمادى الثانية عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل مثل هذه اللقاءات لقاءات خير وبركة.

    كنا تكلمنا على تفسير قول الله تبارك وتعالى في سورة: (ق) (والقرآن المجيد) إلى قوله: وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ [ق:11].

    قال الله تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ [ق:12-14] هذه الآيات فيها فائدتان:

    الفائدة الأولى: تسلية النبي صلى الله عليه وسلم، وأن تكذيبه ليس ببدع من الخلق، فالخلق من قبل الأمة التي بُعث فيها الرسول كذبوا رسلهم.

    والفائدة الثانية: تهديد هؤلاء المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام، أن يصيبهم ما أصاب الأمم من قبلهم، فهنا يقول الله عز وجل: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ [ق:12] فمن نوح؟

    نوح أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، وكان الناس من قبل على دين آدم، وآدم نبي وليس برسول؛ لأن الناس لم يختلفوا حتى يُرسلَ إليهم رسولٌ يحكم بينهم.

    كان الناس على هذه الملة عشرة قرون كما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما، فاختلفوا لأنهم كثروا ونموا وتنازعوا فاحتاجوا إلى الرسل، فأرسل الله إليهم الرسل، وأول من أرسل نوحاً، أرسله إلى قومه ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله ولا يزيدهم ذلك إلا طغياناً، قال تعالى: وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ... [نوح:8-10] إلى آخره. وأنزل الله في قصة نوح سورة كاملة؛ لأنه أول رسول وأول من كُذب، بقي فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وتوعدهم ولكن لم ينفعهم هذا الوعيد شيئاً، وأوحى الله تعالى له أن يصنع سفينة عظيمة، تحسباً لما سيقع، فجعل يصنع هذه السفينة، وكلما مر به ملأ من قومه سخروا منه، فقال لهم: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ [هود:38-39].

    ولم يؤمن معه إلا قليل من قومه، وكفر به من قومه أحد أبنائه، ابنه الذي هو من صلبه يكفر به، وسبحان الله ما أعظم قدرة الله! نبي كفر به ابنه، ونبي آخر كفر به أبوه، من الذي كفر به أبوه؟ إبراهيم: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ [الأنعام:95].

    كفر به قومه، وما آمن معه إلا قليل، مع أنه بقي ألف سنة إلا خمسين عاماً، ونحن مساكين إذا دعا الرجل أهله لمدة يومين فلم يستجيبوا له، يمل ويكل ويترك الدعوة، ولكن الرسل لهم صبر لا يماثله صبر: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35] ونوح من أولي العزم.

    النتيجة أهلكهم الله عز وجل، بماذا؟ قال الله تعالى: فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ [القمر:9-12] الماء النازل من السماء والماء النابع من الأرض: عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ [القمر:12] في قراءة أخرى: فَفَتَّحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ [القمر:11] ففتَّحنا، والتضعيف يدل على الكثرة، يعني: جعلنا السماء كأفواه القرب تصب المياه، وجعلنا الأرض تجيش بالمياه، ولم يقل الله فجرنا عيون الأرض بل قال: وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً [القمر:12] كأن الأرض كلها صارت عيوناً.

    وقد بين الله تعالى أن التنور الذي هو مكان النار الحارة اليابسة فار، فوصل الماء إلى قمم الجبال، وكانت امرأة من هؤلاء الكافرين معها صبي كلما ارتفع الماء صعدت على جبل حولها، كلما ارتفع صعدت الجبل، كلما ارتفع صعدت الجبل، حتى وصلت إلى قمة الجبل، ولما وصلت إلى قمة الجبل، وصلها الماء حتى ألجمها فرفعت صبيها عالياً من أجل أن تغرق هي قبل الصبي، وفي الحديث: (لو كان الله راحماً أحداً لرحم أم الصبي) لكن إذا نزل العذاب لا ينفع الإيمان، إذا نزل العذاب حلت حكمة عز وجل محل الرحمة، ولهذا لما غرق فرعون وأدركه الغرق قال: آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ [يونس:90].

    انظر إلى كمال الذل ما قال: آمنت بالله، وإنما قال: آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل فجعل نفسه تبعاً لبني إسرائيل، الذي كان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، أصبح الآن ذيلاً لهم، ولكن ما نفعه ذلك، وقيل له: آلْآنَ يعني: تؤمن آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [يونس:91].

    المهم أن هذه خلاصة رسالة نوح عليه السلام، وهنا نقطة: أننا نجد في بعض الشجر التي ترسم أسماء الأنبياء يجعلون إدريس قبل نوح، وهذا خطأ كبير، فإدريس ليس قبل نوح، بل هو من بني إسرائيل؛ لأن الله يذكر قصته مع قصة أنبياء بني إسرائيل، ولا يمكن أن نقول: إنه قبل نوح والله عز وجل يقول: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ [النساء:163] ويقول جل وعلا: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ [الحديد:26] فما من رسول قبل نوح. وفي الحديث الصحيح حديث الشفاعة أن الناس يأتون نوحاً يوم القيامة ليشفع لهم فيقولون له: أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض المسألة بينة واضحة ونكتفي بهذا القدر على قصص الأنبياء حتى نكملها إن شاء الله في جلسات قادمة.

    1.   

    تفسير آيات من سورة الشعراء

    تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

    ونعرج إلى آية قرأناها في الصلاة، وهي قوله تعالى: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:192-195] الضمير في قوله: (وإنه) يعود إلى القرآن الكريم، وهذ الجملة مؤكدة بإن واللام: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:192] فهو منـزل من عند الله عز وجل. إذاً هو كلام الله أنزله إلينا.

    ولله المثل الأعلى: المراسيم الملكية إذا نزلت من البلاط الملكي أو من الديوان الملكي صار لها شأن كبير، وصار الذي يخالف نصها أو لفظها معرضاً للعقوبة.

    وهذا القرآن الكريم نزل من عند من؟ من عند الله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ [التكوير:19-20] نزل من عند الله.

    تفسير قوله تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ)

    نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [الشعراء:193] وهو جبريل وسماه الله روحاً؛ لأنه ينزل بالروح.

    وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا [الشورى:52] يعني: القرآن، فهو ينـزل بالوحي الذي هو حياة القلوب وروح القلوب: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [الشعراء:193] أمين أمانة عظيمة، وليس كما قيل: إنه أرسل إلى علي بن أبي طالب فأخطأ وذهب إلى محمد، سبحان الله! أمين مؤتمن: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ [التكوير:20] كيف يخطئ في الرسالة، ويقره الله على ذلك حتى يموت محمد عليه الصلاة والسلام.

    تفسير قوله تعالى: (عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ)

    نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ [الشعراء:193-194] وهنا قال: على قلبك وفي آيات أخرى يقول: (عليك).

    لماذا قال على قلبك؟ لأن القلب محل الوعي، فالرسول صلى الله عليه وسلم وعى هذا القرآن ولم يسقط منه حرفاً ولا كلمة ولا آية، وكان عليه الصلاة والسلام إذا نزل عليه الوحي يتعجل، يقرأ، يتابع جبريل، فقيل له: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهُِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ [القيامة:16-18] يعني قرأه جبريل الذي هو رسولنا إليك: فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ [القيامة:18-19] من تكفل ببيانه؟ الله عز وجل ونعم الكفيل.

    تكفل بأن يبين هذا القرآن لعباده لفظاً ومعنى، ولهذا لا يوجد في القرآن كلمة لا يفهم أحد معناها، بمعنى أن الأمة كلها تطبق على عدم معرفتها، هذا لا يمكن، صحيح أن من القرآن ما يخفى على بعض الناس دون بعض، وهذا واضح، لكن لا يمكن أن يوجد في القرآن شيء لا تفهمه الأمة كلها أبداً: ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ [القيامة:19] فتكفل الله عز وجل أن يبين للناس هذا القرآن لفظاً ومعنى وهذا الواقع والحمد لله.

    فكتاب الله منذ نزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإلى يومنا هذا وهو محفوظ -ولله الحمد- بحفظ الله، فمن زعم أنه قد نقص منه حرف واحد غير ما اختلف فيه القراء من بعض الحروف التي مثل الواو قد تسقط في بعض القراءات أو الفاء أو ما أشبه ذلك - من زعم هذا فإنه مكذب للقرآن وإجماع الأمة، ليس في القرآن نقص، القرآن تلقاه الرسول من جبريل وأبلغه للصحابة ونعم الصحابة الأمناء، وألقوه إلى التابعين ثم بقي يأخذه الصغير عن الكبير إلى يومنا هذا ولله الحمد.

    لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ [الشعراء:194] وقد كان عليه الصلاة والسلام من المنذرين، وكان أفضل المنذرين وأصبر المنذرين وأعلم المنذرين وأخشى المنذرين لله.

    بأي لسان؟

    تفسير قوله تعالى: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)

    بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:195] وهذا فخر عظيم للسان العربي؛ أن يكون كتاب الله العظيم نزل بهذا اللسان العربي، ومع ذلك لسان عربي مبين، مبين أي: بيِّن مبيِّن، فهو نفسه بيِّن وهو كذلك مبيِّن لغيره.

    فهذا القرآن بين واضح ومبين للحق أيضاً بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:195]وهو لسان العرب الذي هم أبلغ البلغاء، وأقول: إن هذا فخر عظيم للغة العربية أن ينزل القرآن بها، ولقد تعربت الأعاجم في صدر الإسلام حتى يصلوا إلى معاني القرآن؛ لأنه مهما كان الإنسان في فهمه إذا لم يكن لسانه عربياً فإنه لن يدرك طعم القرآن تماماً.

    لن يدرك طعم القرآن إلا من وفقه الله للفهم وكان لسانه لساناً عربياً، ولهذا تعربت الأمم في صدر الإسلام حتى صاروا عرباً فصحاء في الكلام، فـالبخاري نسبه فارسي من بخارى، بعيد عن العرب، لكنه تعرب، وكذلك الفيروزآبادي الذي له القاموس المحيط في اللغة العربية أصله غير عربي لكنه تعرب؛ لأنه لا يمكن أن يفهم كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا باللسان العربي.

    وكانت اللغة العربية مزدهرة في صدر الإسلام، فالعجم يتعلمونها حتى يكونوا عرباً بلسانهم، ولكن الآن -مع الأسف الشديد- أن أقوامنا العرب يريدون أن يقضوا على لغتنا العربية، لغة الإسلام، الآن في رياض الأطفال مع الأسف هنا في المملكة العربية السعودية يعلمون الصبيان الصغار اللغة الإنجليزية أكثر مما يعلمونهم اللغة العربية. وسبحان الله! أيريدون أن يخرج أبناؤنا وأطفالنا غداً باللغة الإنجليزية البعيدة عن اللغة العربية، حتى يصبحوا لا يفقهون كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم سوف يعشقون هذه اللغة ويتكلمون بها؟!

    ولهذا أنا أنصح كل ذي طفل أن يبتعد عن هذه الرياض وألا يدخل أبناءه فيها ولا بناته؛ لأنه مسئول عنهم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب الناس إذا رطنوا رطانة الأعاجم، كيف تذهبون عن اللغة العربية لغة دينكم وكتابكم وسنة نبيكم إلى لغة أعجمية؟ إذا كان الدين ضعيفاً في عهدنا هذا، واللغة الأجنبية معشوقة يعلمها الصبيان من ذكور وإناث ماذا تكون الحال في المستقبل؟ خطيرة بلا شك.

    أنرضى أن يكون شعبنا غداً لا يتخاطب إلا باللغة الإنجليزية؟ لا أحد يرضى بذلك، وثقوا بأننا إذا علمنا أبناءنا اللغة الإنجليزية، فهو فخر للإنجليز مثلاً، هم يفخرون أن لغتهم يتعلمها العرب حتى يدعوا لغتهم العربية، فنصيحتي من هذا المكان لله -عز وجل- ولإخواني المسلمين أن يبتعدوا عن هذه الرياض ما دامت على هذه المناهج، والحمد لله في المدارس الحكومية ما يغني عنها، اصبر ودع ولدك حتى يتم السن الذي يؤهله لدخول المدرسة الابتدائية مثلاً واجعله يدخل، وإذا كنت تريد مصلحة ابنك فاجلس معه ساعة من النهار أو ساعة من الليل علمه الفاتحة .. علمه السور القصيرة من القرآن الكريم .. علمه ما يحتاج إليه في وضوئه وصلاته، حتى تنشئه تنشئة دينية صحيحة، أما أن تدخله رياضاً لا نعلم عن مناهجها، وإن كنا لا نسيء الظن، لكن أدنى ما فيها أنها تعلم اللغة الإنجليزية لهؤلاء الصبيان، وغداً تقلب ألسنتهم ألسنة أجنبية.

    لماذا؟ ألا نخاف الله؟ ألم يعلم الواحد منا أن كل شخص قد استرعاه الله ورسوله على أهله، الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، فإذا مات الإنسان وهو غاش لرعيته، أي: لأهله حيث لم يوجهم التوجيه السليم، فقد جاء في الحديث أنه: (ما من مسلم يسترعيه الله على رعيته فيموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة) وهذه مسألة ليست هينة، أولادنا لسنا نربيهم ليؤكلوننا إذا عجزنا بعد عن تحصيل الأكل، إنما نربيهم ليقوموا لله عز وجل وليعبدوا الله، فنحن مسئولون عنهم من هذه الناحية.

    أما مسألة الترف والتنعيم الدنيوي فاستمع إلى قول الله تعالى في نفس الآيات التي قرأناها الليلة: أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ [الشعراء:105-207] وقال تعالى في آل فرعون: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ [الدخان:25-27] لما عصوا الله تركوا كل هذا وهلكوا، وتركوها وراء ظهورهم.

    فالله الله أيها المسلمون لا نغلب على لغتنا؛ لأن لغتنا من مقومات ديننا، هي لغة كتاب الله ولغة سنة رسول الله .. لغة أئمة المسلمين .. لغة علماء المسلمين وليكن على أقل تقدير لدينا نخوة عربية.

    لا نأخذ بدل لغتنا شيئاً، فإني الآن أبرأ إلى الله من أولئك القوم الذين يدخلون أبناءهم مثل هذه الرياض حتى يتعلموا اللغة الإنجليزية من الصغر، وحتى ينسوا لغتهم العربية، وأرى أنهم متحملون للمسئولية أمام الله عز وجل، وأن هذا له خطره العظيم في المستقبل.

    وأرجو منكم أن تبلغوا هذه النصيحة لكل من رأيتموه قد أدخل أبناءه أو بناته لهذه الرياض التي فيها مثل هذه المناهج.

    وأقول: اصبروا .. اجعلوا أولادكم عندكم في البيوت يألفونكم وتألفونهم، ويحبونكم وتحبونهم، ثم إذا بلغوا السن التي تخولهم أن يدخلوا المدارس الحكومية فأدخلوهم، وأنتم لم تدخلوا الرياض والحمد لله أنتم على مستوى عظيم من الثقافة، فأبناؤكم مثلكم، هذا ما أقوله وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب.

    والآن قد أتى دور الأسئلة نسأل الله أن يوفقنا فيها للصواب.

    1.   

    الأسئلة

    الحكمة في العذاب تقوم مقام الرحمة

    السؤال: فضيلة الشيخ! ذكرت أنه إذا جاء العذاب حلت الحكمة مكان الرحمة، فهل يجوز أن يقال: إن الحكمة في تلك اللحظة تقوم مقام الرحمة؟

    الجواب: نعم نقول ذلك؛ لأن عذاب الكافرين ليس رحمة في الواقع للمعذَّب، لأنه مات الآن، لا يمكن أن يستعتب، لكن هي من الواقع رحمة للمؤمنين؛ لأن المؤمن إذا رأى عدوه يعذب من عند الله لا شك أنه يفرح وينعم بذلك، ولهذا قال الله تعالى لنبيه: قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا [التوبة:52].

    فبين الله عز وجل أن المؤمنين لا يتربص بهم أعداؤهم إلا إحدى الحسنيين، إما الظفر والانتصار على الأعداء وإما الشهادة وكلاهما حسنى، أما نحن فلا نتربص بالكفار إلا أحد أمرين: أن يصيبهم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ولكن متى يكون هذا؟ إذا قمنا بما يجب لله علينا؛ فإنه سوف يصيبهم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا.

    أما إذا كان الأمر بالعكس -نسأل الله العافية- وأهملنا ما يجب علينا، فإن الأمر قد يكون بالعكس.

    أصبر الرسل (محمد صلى الله عليه وسلم)

    السؤال: فضيلة الشيخ! ذكرتَ وفقك الله أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أصبر الرسل، وقد ذكر الله تعالى أن نوحاً عليه الصلاة والسلام صبر في دعوته لقومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وأيوب أيضاً ذكر أنه كان له شيء من الصبر، فما الجمع بين هذا وما ذكرتم وفقكم الله؟

    الجواب: الصبر لا يكون أعلى بحسب الكمية وطول المدة، بل قد يكون أعلى بحسب الكيفية وما حصل لمن أصيب بأذى، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم حصل له من الأذى الشديد ما كان به أصبر الرسل أو على الأقل ما كان به مثل صبر أولي العزم؛ لأن الله قال له: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35] وإلا فمن المعلوم أن الله تعالى ابتلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام بإلقائه في النار إلا أن الله أنجاه منها فقال: يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:69].

    مراجع لمعرفة قصص الأنبياء

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما هو المرجع الذي تنصحنا به لمعرفة قصص الأنبياء وتفصيلاتها؟

    الجواب: المرجع هو كتاب الله عز وجل، قال الله تعالى: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ [إبراهيم:9] إذاً: من أين نأخذ تاريخهم؟ نأخذه من كتاب الله، ومما ألقاه الله عز وجل من الوحي على رسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهذا هو المرجع الصحيح.

    لكن بالنسبة للكتب المؤلفة فيما مر عليَّ أن أحسن كتاب يرجع إليه في ذلك هو البداية والنهاية لـابن كثير ؛ لأنه رجل محدث ومحقق، فهو من خير من كتب في تاريخ الرسل وأممهم، فالمرجع إليه جيد، لكن كما قلت المرجع الأول هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله.

    الجواب على ما أشكل من الحروف المقطعة في القرآن

    السؤال: فضيلة الشيخ! أشكل عليَّ حين قلت بأنه لا يوجد في القرآن شيء لا يعرفه أحد من علماء الأمة أو أجمع الناس على عدم معرفته، فماذا نجيب على الحروف المقطعة (ألم) و(ق) و(يس) وغيرها مما كان فيه الخلاف وأشكل على أهل العلم؟

    الجواب: نجيب على هذا أنه لا إشكال في هذا إطلاقاً؛ لأن الله تعالى قال: بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:195] ومن المعلوم أن هذه الحروف دون تركيبها كلمات ليس لها معنى.

    (ق) ليس لها معنى، (ص) ليس لها معنى، (ن) ليس لها معنى، (ألم) ليس لها معنى، فهي بمقتضى اللسان العربي ليس لها معنى، لو قال لك الرجل العربي: (ق) وهو يريد الحرف الهجائي هل له معنى؟ ليس له معنى. إذا كان ليس لها معنى والله عز وجل أخبرنا أن القرآن نزل بلسان عربي مبين علمنا أنه ليس لها معنى، لكن على هذا يبقى عندنا إشكال: كيف يكون في القرآن ما ليس له معنى والقرآن حق؟ نقول: نعم ليس لها معنى في ذاتها، لكن لها معنى في غرضها ومغزاها، كأن الله عز وجل إذا قال (ق) (ن) (ص) وما أشبه ذلك كأنه يقول: هذا الكتاب العظيم الذي أعجزكم أيها العرب لم يأت بحروف جديدة، فالحروف التي فيه هي الحروف التي تركبون منها كلامكم ومع ذلك أعجزكم، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية : لا يوجد سورة مبدوءة بهذه الحروف إلا وبعدها ذكر القرآن أو ما لا يعلم إلا بالوحي.

    هل فهمت القاعدة؟ نبدأ من الأول:

    في سورة البقرة: الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ [البقرة:1-2].

    في سورة آل عمران: الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [آل عمران:2].

    في سورة الأعراف: المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ [الأعراف:2].

    في سورة يونس: الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ [يونس:1].

    في سورة هود: الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1].

    في سورة يوسف: الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ [يوسف:1].

    في سورة إبراهيم: الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [إبراهيم:1] وهلم جرا.

    في الروم: الم * غُلِبَتْ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ [الروم:1-3] لكن فيها علم الغيب وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ [الروم:3] وعلم الغيب لا يكون إلا بالوحي.

    في العنكبوت: الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ [العنكبوت:1-2] ليس فيها ذكر القرآن لكن فيها ذكر من حملوا الإيمان: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [العنكبوت:2-3].

    فكانت هذه الحروف الآن هي بنفسها ليس لها معنى، لكن لها مغزى وغاية وحكمة عظيمة، وهي أن هذا القرآن الذي أعجزكم يا معشر العرب من أين جاء؟ جاء بحروف جديدة لا تعرفونها أو بالحروف التي أنتم تركبون الكلام منها، الثاني أو الأول؟ الثاني. وهذا واضح. وقد روي هذا عن مجاهد بن جبر رحمه الله أعلم التابعين في تفسير القرآن.

    حكم تعلم اللغة الإنجليزية

    السؤال: فضيلة الشيخ! أشرتم وفقكم الله إلى تعلم اللغة الإنجليزية فهل يعني هذا أنكم تحرمون تعلم اللغة عموماً أم هناك تفصيل؟ ثم هناك حديث: (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم) كيف نوفق بين هذا وبين هذا الحديث؟

    الجواب: أما تعلم اللغة غير العربية فهذا ليس حراماً، بل قد يكون واجباً إذا توقفت دعوة غير العربي على تعلم لغته، بمعنى أننا لا يمكن أن ندعوه للإسلام إلا إذا عرفنا لغته لنخاطبه بها صار تعلم لغته فرض كفاية؛ لأنه لا بد أن نبلغ هؤلاء الأعاجم -وأعني بالأعاجم ما ليسوا بعرب- دين الله وبأي وسيلة؟ بلغتهم كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم:4] فأحياناً يكون تعلم اللغة الأجنبية واجباً إذا توقفت دعوة أهل هذه اللغة على تعلم لغتهم.

    لكن الذي أنكره وأرى أننا على خطر منه أن نعلم أبناءنا الصغار ذوي الخمس سنين وأربع سنين وما أشبه ذلك اللغة الإنجليزية حتى تكون لسانهم الطيع في المستقبل، هذا هو الذي أنكره، وإلا إذا دعت الحاجة إلى تعلم اللغة الإنجليزية لدعوة الناس إلى الإسلام صارت فرض كفاية، وإن دعت الحاجة لأمور دنيوية مباحة صار تعلمها مباحاً.

    وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود، ولغة اليهود عبرية، وكانت تأتي رسائل من اليهود إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يبعث إليهم بالرسائل، فاحتاج إلى تعلم لغتهم حتى يقرأ ما يرد منهم ويكتب لهم ما يصدر إليهم.

    قال شيخ الإسلام : إن زيد بن ثابت تعلمها في ستة عشر يوماً، يقول شيخ الإسلام : تعلمها في هذه المدة الوجيزة؛ لأن اللغة العبرية قريبة من اللغة العربية، وهذا صحيح، ثم إن العرب فيما سبق كانوا أحسن منا وأصح أفهاماً وأقوى حفظاً، يأتي الشاعر يلقي قصيدة تبلغ مائة بيت ثم ينصرف ويحفظها الناس، نحن الآن لو ألقي بيت واحد على طلبة جاءوا للتعلم مرة واحدة، كم يحفظه منهم؟ يمكن واحد أو لا أحد.

    على كل حال أقول: إن الذي أنكره وأرى أننا على خطر منه هو أن نعلِّم أبناءنا الصغار اللغة الإنجليزية، لأنها ستكون لساناً لهم، ويخشى عليهم أيضاً من تعلم اللغة الإنجليزية هل يقف هذا التعلم على مجرد النطق؟ لا. أبداً، سوف يأخذ الكتب المؤلفة باللغة الإنجليزية ويقرأ الأدب الإنجليزي أو أدب غيرهم ممن وافقهم في اللغة ويحصل شر كثير، فليس مجرد أن اللسان يتغير، لا. الإنسان يريد أن يطالع الكتب التي من هذه اللغة حتى يتمرن على القراءة في هذه اللغة، وحتى يتمرس اللسان على النطق بها، وما ندري ما وراء هذه الكتب، ويذكرون عن الكتب التي تكتب من أجل تعليم اللغة الإنجليزية أشياء سيئة.

    وأما قول الأخ في السؤال: إنه في الحديث: (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم) فهذا الحديث موضوع مكذوب، ليس بصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى بالمعنى لا يصح، هل أنت إذا تعلمت لغة قوم أمنت مكرهم؟ لا. ولهذا نحن الآن عرب هل نأمن مكر العرب بنا؟ لا نأمن، مع إننا من أهل لغتهم.

    كذب حديث: (أول ما خلق الله خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نوره)

    السؤال: فضيلة الشيخ! يشاع عند بعض الناس حديث موضوع بأن أول ما خلق الله خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نور رسول الله صلى الله عليه وسلم نرجو التعليق على هذا وما مدى صحته؟

    الجواب: هذا أيضاً من الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والله عز وجل يقول: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ [الكهف:51] فإذا كنا لم نشهد ذلك فمن أين نتلقاه؟

    من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والله تعالى أخبرنا بأن أول من خلق من البشر آدم عليه الصلاة والسلام، خلقه من طين وجعل نسله من سلالة من ماء مهين، ولا صحة لما يقال.

    والنبي عليه الصلاة والسلام أهل للرسالة والله أعلم حيث يجعل رسالته، وازداد برسالته عليه الصلاة والسلام هدى وتوفيقاً ورشاداً وسداداً، وكان خُلُقه القرآن عليه الصلاة والسلام.

    مدى صحة قول ابن عباس: (إن القرآن نزل في رمضان جملة واحدة إلى السماء الدنيا)

    السؤال: فضيلة الشيخ! حول موضوع القرآن الذي تكلمتم عنه جزاكم الله خيراً ينسب إليكم قول ولا أدري ما صحته وأريد منكم بيانه .. ينسب إليكم أنكم ضعفتم قول ابن عباس رضي الله عنهما بأن القرآن أنزله الله في رمضان جملة واحدة إلى السماء الدنيا فهل هذا صحيح؟ وهل من دليل على خلافه؟

    الجواب: نعم الأدلة على خلافه، وأن الله سبحانه وتعالى يتكلم بالقرآن حين إنزاله على محمد صلى الله عليه وسلم، والدليل على أنه يتكلم به حين إنزاله أنه يتكلم سبحانه وتعالى عن حوادث وقعت، مثل قوله تعالى: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ [آل عمران:121] وإذ ظرف لما مضى، يتحدث الله عز وجل عن شيء مضى من الرسول عليه الصلاة والسلام، وقوله: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة:1] هل يصح أن يقال: قد سمع في شيء لم يخلق صاحبه من بعد، لا يكون سمع إلا بعد صوت، وهذا يدل على أن الله تكلم بهذه الآية بعد أن تكلمت التي تجادل: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ [آل عمران:181] لقد سمع واللام مؤكدة وقد مؤكدة والقسم المحذوف مؤكد أنه سمع قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء، فتكون هذه الآية نزلت بعد قولهم، وأمثال ذلك من السياقات الدالة على أن الله تعالى تكلم بالقرآن حين إنزاله على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    فهذا هو الذي يجعلني أشك في صحة الحديث المروي عن ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه أن القرآن نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا في بيت العزة، وهذا يحتاج إلى أحاديث صحيحة لا نشك فيها حتى نضطر إلى تأويل الآيات التي تدل على أن القرآن نزل بعد حدوث الحوادث التي يتكلم الله عنها.

    أهمية الاعتدال في الحكم على الرجال

    السؤال: فضيلة الشيخ! ظهر عند بعض الشباب الملتزم ظاهرة نريد فيها فصلاً، وهي أن بعضهم يقول: بأن أي كاتب صار في كتابه بدعة أو صار هو ممن يتكلم في شيء من البدع أو عليه ملاحظات في عقيدته فإنه لا يقبل قوله بل يرد، وأنه لا يترحم عليه، وكذلك ظهر عندهم تكفير الناس بأي معصية يرونها أو لأي تقصير فيهم، نرجو بيان الحق في ذلك وفقكم الله.

    الجواب: السؤال الآن من شقين:

    الشق الأول: إذا تكلم أحد من العلماء ببدعة أو سلك منهج قوم مبتدعة في مسألة من المسائل فهل يعد منهم؟

    الجواب: لا. لا يعد منهم ولا ينسب إليهم، إذا وافقهم في مسألة من المسائل فإنه وافقهم في هذه المسألة، ولا يصح أن ينسب إليهم نسبة مطلقة، ولهذا مثلاً: نحن الآن نتبع في فقهياتنا ما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، لكن هل إذا أخذنا برأي يراه الشافعي معناه أنا نكون شافعية مثلاً أو يراه مالك أن نكون مالكية، أو يراه أبو حنيفة أن نكون حنفية،كذلك هم أيضاً إذا أخذوا بمسألة يقول بها الإمام أحمد هل يكونون حنابلة؟ لا.

    فإذا رأينا شخصاً من العلماء المعتبرين المعروفين بالنصيحة أخذ بشيء مما ذهب إليه أهل البدع لا يصح أن نقول: هو منهم وعلى مذهبهم، نقول: هذا بما نرى له من النصيحة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعباد الله إذا أخطأ في هذه المسألة، فإن ذلك الخطأ صادر عن اجتهاد، ومن اجتهد من هذه الأمة فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد.

    ومن ردَّ جميع الحق لكلمة أخطأ فيها من قال بالحق فإنه ظالم، خصوصاً إذا كان هذا الخطأ الذي ظنه خطأً ليس بخطأ؛ لأن بعض الناس إذا خالفه أحد قال: هو على خطأ وخطَّأه أو ضلله أو ربما كفره والعياذ بالله وهذا مذهب سيئ للغاية.

    الشق الثاني: هذا أيضاً الذي يكفر الناس لأي سبب أو لأي معصية، إذا صدق هذا التعبير لأي معصية صار مذهبه أشد من مذهب الخوارج ؛ لأن مذهب الخوارج يكفرون فاعل الكبيرة، ليس في كل معصية، فإذا وجد الآن من يكفر المسلمين بأي معصية فإنه ضال مخالف للكتاب والسنة زائد على مذهب الخوارج الذين قاتلهم علي بن أبي طالب ، واختلف المسلمون في تكفيرهم، فمنهم من كفرهم ومنهم من فسقهم وجعلهم من البغاة الظلمة.

    أوليس الله يقول: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً [النساء:31] فالإنسان في اجتنابه الكبائر يكفر الله عنه الصغائر إذا لم يصر على الصغيرة، أما إذا أصر فلقد قال العلماء: إن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة.

    فهذا القول لا شك أنه ضلال، ثم ليعلم هذا القائل بتكفير المسلمين بالمعاصي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من دعا أخاه بكفر وليس كذلك، فإنه يرجع إليه).

    يكون هو الكافر، وهذا قاله الرسول عليه الصلاة والسلام، وإذا لم يكن كافراً في الدنيا كان كافراً عند الله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا بد أن يكون أحدهم هو الكافر.

    حكم التسمي بالأسماء التي فيها معنى التزكية

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم التسمي بناجي ومعتق ونحوهما مما فيه معنى التزكية وناصر وغيرها من الأسماء؟

    الجواب: الأسماء التي تدل على التزكية تارة يتسمى بها الإنسان لمجرد كونها علماً فهذه لا بأس بها، وتارة يتسمى بها مرائياً بذلك المعنى الذي تدل عليه؛ فهذا يؤمر بتغيير اسمه.

    فمثلاً ناصر: أكثر الذين يسمون بناصر لا يريدون أنه ينصر الناس، إنما يريدون أن يكون علماً محضاً فقط.

    الذي يسمى خالداً: هل يريد أن ولده يخلد إلى يوم القيامة؟ لا.

    الذي يسمى صالحاً هل أراد أنه سمى صالحاً لصلاحه؟

    لكن إذا لوحظ في ذلك معنى التزكية فإنه يغير، ولهذا غير النبي صلى الله عليه وسلم اسم برة إلى زينب ، وامرأة أخرى اسمها برة غيرها إلى جويرية ، فهذا الميزان: إذا لوحظ فيه معنى التزكية يغير، وإذا لم يلاحظ فيه معنى التزكية فإنه لا يغير.

    خطر تعلم الأطفال اللغة الإنجليزية

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما العيب إذا تم تعليم الطفل اللغتين: العربية وحفظ القرآن واللغة الإنجليزية وكان للطفل القدرة على التعامل باللغتين مع الالتزام بالخلق الإسلامي؟

    سؤال آخر: فضيلة الشيخ! أنا أدخل الصبية رياض الأطفال حيث يُعلمون اللغة الأجنبية، ولكنهم مقابل ذلك يخرجون من تلك الرياض -وأخص منها الحكومية- يخرجون منها مؤهلين للدراسة في المرحلة الابتدائية أكثر من أولئك الذين لم يدخلوا الرياض، سؤالي: هل نصحكم فتوى أم هو اجتهاد منكم أثابكم الله؟

    الجواب: أولاً: أنا لا أدري ما الفرق بين الفتوى أو النصيحة، الناصح مفت وزيادة؛ لأن المفتي يبين الحكم وقد لا يعطي ترغيباً ولا ترهيباً، لكن الناصح يعطي الحكم ويرغب أو يرهب، وأنا الذي أدين الله به أن الإنسان الذي يعلم أطفاله الصغار الذين في هذا المستوى أرى أنه ليس بناصح لهم.

    ومسألة أنهم يتعلمون اللغة العربية واللغة الإنجليزية والقرآن وما أشبه ذلك هو فرض وهمي، الآن الصبيان إذا تعلموا اللغة الإنجليزية تجدهم يتكلمون بها ويتخاطبون بها.

    الآن يقول الواحد منهم يتعلمون: باي باي! يتعلمون هذا، أي: هم يعشقون اللغة الإنجليزية لأنها غريبة على ألسنتهم.

    وأما أنهم يؤهلون فنعم، لأن رياض الأطفال الحكومية لا تنهج هذا المنهج، فقد يكون في هذه الرياض تأهيل، لكن أفضل أن يكون ولدي ما دام صغيراً عندي في بيتي أحن عليه وأألفه ويألفني، ثم إذا بلغ السن التي حدد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون الطفل قابلاً أدخله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبعٍ واضربوهم عليها لعشر) هذه هي التربية الصحيحة، أما أن أثقل عليه من يوم هو صغير في التعلم فقد لا يكون هذا من حسن التربية.

    حكم التخاطب بغير اللغة العربية

    السؤال: فضيلة الشيخ! نجد أن بعض الناس ربما يتخاطب مع غيره من الشباب وغيرهم باللغة الإنجليزية أو ببعض مفرداتها، هل يفرق هذا بين من كان في مجال عمل، كما أننا نحن مثلاً في المستشفى نتخاطب مع زملائنا باللغة الإنجليزية غالباً ولو كان الأمر لا يحتاج للكلام، ولكننا تعودنا ذلك بمقتضى مخالطتنا لهم، فهل في هذا بأس وإذا تكلم الإنسان بكلمة من غير العربية فهل يأثم بذلك؟

    الجواب: الكلام باللغة غير العربية أحياناً لا بأس به، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال لطفلة صغيرة جارية قدمت من الحبشة فرآها وعليها ثوب جميل، فقال: (هذا سنا، هذا سنا) أي: هذا حسن كلمها باللغة الحبشية؛ لأنها جاءت قريبة من الحبشة .

    فخطاب من لا يعرف العربية أحياناً باللغة التي يفهمها هو لا بأس به، وليس فيه إشكال، لكن كوننا يأتينا هؤلاء القوم لا يعلمون اللغة العربية، ثم نتعجم نحن قبل أن يتعربوا هم، مثل أن تجد بعض الناس إذا خاطب إنساناً غير عربي بدل ما يقول: لا أعرف، يقول: ما في معلوم لماذا يقول: ما في معلوم؟ لأجل أن يعرف ما يقول له، والصحيح أن يقول له: لا أعرف، حتى يعرف هو اللغة الصحيحة لكن مع الأسف الآن نخشى على أنفسنا أن نكون أعاجم.

    مناصحة أهل البدع ومناظرتهم

    السؤال: فضيلة الشيخ! أشرتم إلى مسألة الذين يتكلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أن جبريل أخطأ الرسالة إليه ونحن نجد أن أولئك القوم ربما كانوا مدرسين يلقنون أبناءنا -الآن خصوصاً في المنطقة الشرقية- العقائد وغيرها من المواد، فماذا نصنع نحن والأمر كما سمعتم؟

    الجواب: الواجب على المسلم أن يكون داعية إلى الله يدعو غيره إلى الله عز وجل وإلى المنهج السليم لكن باللطف والإقناع بالدليل الأثري والدليل العقلي، وألا يجابه غيره بسب ما هو عليه من الملة، لأن الله تعالى قال: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ [الأنعام:108] فنهانا أن نسب آلهة المشركين خوفاً من أن يسبوا الله عدواً بغير علم.

    فالواجب علينا أن ندعو إلى الله تعالى على بصيرة، وأن نبين الحق ولو أن نأخذ كل واحد بانفراده؛ لأن مجابهة الجمع صعبة، لكن إذا أخذنا كل واحد على انفراد وكلمناه بهدوء وبينا له الحق، وكنا على علم تام بما هو عليه من المنهج حتى لا نقع في تردد أو شك عندما يناظرنا؛ لأن غيرك سوف يناظرك وسوف يدلي عليك بالحجج، وإذا لم يكن لديك ما يدفع هذه الحجج فربما تتوقف وحينئذٍ تكون هزيمة لا عليك ولكن على الحق، فلهذا أرى أننا إذا رأينا أمثال هؤلاء ندعوهم بالتي هي أحسن ونبين لهم الحق ونناظرهم، لكن بشرط أن نكون على علم تام بمنهجهم حتى يتبين لهم الأمر على وجهٍ واضح وبين.

    نصيحة لمن تخلف عن صلاة الفجر

    السؤال: فضيلة الشيخ! لي مشكلة قديمة وهي أني أحاول أن أصلي صلاة الفجر في المسجد ولكن لا أصليها إلا بعض الأيام، ومشكلتي أني أنتبه من النوم ولكني لا أنهض ولا أذهب أتوضأ وأنا على هذه الحال منذ سنوات، فما نصيحتك لي وكيف الحل في ذلك خصوصاً في مثل هذه الأيام؟

    الجواب: نصيحتي للأخ السائل ولمن كان على شاكلته أن ينام مبكراً؛ لأن النوم مبكراً يجعل الإنسان يقوم لصلاة الفجر نشيطاً، أما من لا ينام إلا بعد الساعة الثانية عشرة فكيف يقوم لصلاة الفجر نشيطاً؟

    ثم إذا استيقظ ينبغي أن يقوم بسرعة فإنه في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت في صفة قيام النبي عليه الصلاة والسلام من نومه قالت: (فوثب) قال الراوي عن عائشة: والله ما قالت: (قام) بل قالت: وثب، وكأنه عليه الصلاة والسلام يقوم بنشاط، أما إذا سمعت المنبه فاحرص على أنه من حين ما تسمع المنبه أو الذي ينبهك سواء آدمي أو ساعة أن تقوم بسرعة، وإذا قمت بسرعة مستعيناً بالله عز وجل أعانك الله، ثم تذكر الله عز وجل، ثم تدعو الله سبحانه وتعالى بما تحب من خيري الدنيا والآخرة ثم تقرأ: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ [آل عمران:190] الآيات العشر في آخر سورة آل عمران، ثم تمسح النوم عن وجهك ثلاث مرات، ثم تتوضأ، ثم تصلي ركعتين خفيفتين وتتهجد.

    حكم من قدر على الزواج ومنعه أهله

    السؤال: فضيلة الشيخ! أنا شاب عمري إحدى وعشرون سنة أريد أن أتزوج ولكن يمنعني أهلي يقولون: أنا صغير، وأنا أقدر على تكاليف الزواج، ويتحججون بأن قبلي اثنين من إخوتي ويقولون: لازم يتزوج إخوانك قبلك ثم تتزوج من بعدهم، وأخواي لا يريدان الزواج فماذا أصنع: هل أطيع والدي أم ماذا أفعل؟

    الجواب: أقول للأخ السائل: إنك لست صغيراً، الذي عمره إحدى وعشرون سنة ليس صغيراً على الزواج، عمرو بن العاص تزوج وله إحدى عشرة سنة، وجاءه ولد، ولهذا يقال: ليس بينه وبين ابنه عبد الله إلا ثلاث عشرة سنة، فأقول للأخ: توكل على الله وتزوج ولست بصغير، وإخوانك: الأخوان السابقان إذا يسر الله لهما الزواج تزوجا، وهذا من الخطأ الفادح عند بعض الناس أنه لا يزوج البنت الصغيرة مع وجود أكبر منها، وهذا حرام عليه، إذا خطبها كفؤ في دينه وخلقه فليزوجها، وربما تكون هي حائلة بين الأخت الكبيرة وبين الزواج، كثيراً ما إذا زوجت الصغيرة فتح الله الباب للكبيرة، وهذا شيء معروف، تحول بنت دون بنت كما يحول ذرية دون ذرية، وورد علينا أكثر من قصة رجل يتزوج ويبقى خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة مع زوجته لا يولد له، ثم يتزوج فتحمل الثانية في ليلتها أول ليلة وتحمل الأولى في نفس الأيام وهي لها سنوات مع زوجها لم تحمل، هذه البنت ربما يفتح الله الباب لأخواتها الكبار وكذلك الابن ربما يفتح الله الباب لأخويه الكبيرين.

    وأقول للأخ السائل: تزوج واستعن بالله وإذا كنت طالباً كما هو الظاهر من حاله ففي الإجازة الربيعية إن شاء الله قبل الإجازة الصيفية يسهل الله لك من ترضاها في دينها وخلقها، ولا يعد ذلك عقوقاً للوالدين ولا قطيعة رحم للأخوين أبداً.

    حكم مخالطة الخادمة في البيت

    السؤال: هل يجوز للرجل أن يخالط الشغالة في البيت، وماذا يحل له منها؟

    الجواب: إذا تزوجها فلها أن تكشف وجهها له وهذا هو الحل، وإلا فلا يحل له منها شيء، هي كالمرأة التي في السوق، يجب عليها أن تحتجب، ويتأكد الحجاب في حقها أكثر من غيرها؛ لأنها في البيت ويسهل الخلوة بها، فإذا كشفت وجهها فإن الشيطان يجعل هذا الوجه وإن كان ليس بذاك يجعله جميلاً ليفتتن بها والعياذ بالله، فيجب على الخادمة أن تحتجب ويجب على أهل البيت أن يأمروها بذلك؛ لأنها امرأة أجنبية.

    وإذا أرادوا الحل الذي ذكرته فهو سهل، إذا لم يكن لها زوج، يستأذن من الجهات المسئولة أن يتزوجها وتبقى عنده في البيت، لكن أخشى إذا أصبحت زوجة أن تطلب خادمة فيما بعد وهذه مشكلة!!

    حكم اللقطة

    السؤال: فضيلة الشيخ: أنا مدرسة في خارج هذا البلد أذهب مع زميلاتي في الباص وفي إحدى الأيام وجدت سواراً من ذهب في الباص فعرضته على زميلاتي فقلن: ليس لنا، وعرضت ذلك على صاحب الباص فقال: ليس لي، وهي عندي منذ سنتين الآن، فهل تعتبر لي أم أبيعها وأتصدق بثمنها، وأنا أعرف أن اللقطة تنشد لمدة سنة ولكني وجدتها في الباص فكيف أنشدها وأنا امرأة؟

    الجواب: أما كيف تنشدها وهي امرأة فلا يطلب من المرأة أن تنشد الضالة بنفسها، أو تنشد اللقطة بنفسها، توكل من ينشدها من أب أو أخ أو عم أو ما أشبه ذلك، لكن في هذه المسألة بالذات نظراً إلى أنها لم تنشدها الإنشاد المطلوب وهو سنة، يجب عليها الآن أن تبيعها وتتصدق بثمنها لصاحبها، أو أن تتصدق بها لمن يحتاجها من الفقراء، لكن الصدقة بقيمتها قد يكون أفضل؛ لأن الفقير ينتفع بالقيمة في طعام وشراب وكسوة وغير ذلك.

    حكم قول القائل: (بلسان الحق جل وعلا)

    السؤال: فضيلة الشيخ: في موضوع العقيدة نسمع بعض الأشخاص يقولون إذا أرادوا أن يستدلوا بآية: كما ورد على لسان الحق جل وعلا، السؤال: هل لهذا أصل في السنة أو دليل بأن نثبت هذا الوصف بأن نقول: على لسان الحق ونحو ذلك، وما هي عقيدة المسلم الحق في أسماء الله وصفاته التي لم تُذكر؟

    الجواب: من المعلوم أن الكلام في أسماء الله وصفاته موقوف على ما جاء به الوحي، فإن أسماء الله وصفاته توقيفية؛ لأنها خبر عن مغيب والخبر عن المغيب لا يجوز للإنسان أن يتفوه به إلا بدليل؛ لقول الله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً [الإسراء:36] ولقوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33] فلا يجوز أن نقول: بلسان الحق أي: بلسان الله.

    من قال: إن لله لساناً؟!

    ولهذا يعتبر من قال ذلك قائلاً بغير علم، والقرآن الكريم ليس فيه أنه بلسان الله بل فيه: أنه بلسان عربي مبين.

    واللسان يطلق ويراد به اللغة، أي: بلغة عربية، وإنما أطلق اللسان على اللغة؛ لأن المتكلم باللغة يتكلم بلسان، أما الرب عز وجل فلا يجوز أن نثبت له اللسان ولا ننفيه عنه؛ لأنه لا علم لنا بذلك، وقد قال العلماء:

    إن صفات الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    الأول: قسم وصف الله به نفسه فيجب علينا إثباته، كالسمع والبصر وما أشبه ذلك.

    الثاني: قسم نفاه الله عن نفسه فيجب علينا نفيه كالظلم والغفلة والتعب والإعياء وما أشبه ذلك.

    الثالث: قسم سكت الله عنه فلا يجوز لنا نفيه ولا إثباته إلا إذا كان دالاً على نقص محض فيجب علينا نفيه؛ لأن الله منزه عن كل نقص.

    نصيحة للنساء

    السؤال: فضيلة الشيخ! نريد من هذه اللقاءات أن يكون فيها حظ للنساء بكلمة أو نصيحة أو غيرها؛ لأنهن يحضرن فنريد التوجيه؟

    الجواب: أنا أنصح النساء وأولياء النساء أن يكون الشيء الذي يسلكونه وينهجونه ما ذكره الله تعالى في سورة النور وما ذكره الله تعالى في سورة الأحزاب ففيه الخير والكفاية.

    قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:30-31] إلى آخره.

    وفي سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الأحزاب:59] وقال تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [الأحزاب:30-33] وغير ذلك مما ذكره الله عز وجل مما ينبغي أن تكون المرأة عليه من الأدب والحشمة والبعد عن أسباب الفتنة.

    ويجب على الرجال الذين جعلهم الله قوامين على النساء أن يراعوا هذه الأمور وأن يحفظوا نساءهم من كل ما يكون سبباً للفتنة، ونسأل الله السلامة والعفو والعافية.

    مسائل في الكسوف

    السؤال: فضيلة الشيخ! انتشر عند الناس أنه سيكون هناك خسوف أو كسوف للقمر يوم الإثنين فهل يعتبر هذا من علم الغيب وهل يتحراه الإنسان؟ وهل تنصح أيضاً الناس أن يصلي كل إمام -لو حصل- في مسجده أم يجتمعون في جامع واحد، سواء في الحي أو في البلد وهل تخرج النساء إلى تلك الصلاة أرجو توجيه ذلك؟

    الجواب: أما العلم بخسوف القمر أو كسوف الشمس فليس من علم الغيب؛ لأن له أسباباً حسية معلومة، وقد ذكر ذلك علماء المسلمين من قديم الزمان أن العلم بالخسوف أو الكسوف ليس من علم الغيب.

    وأما صلاة الخسوف فإن الذي يظهر لي أنها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، وقال: (إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله) فعبر بالفزع مما يدل على أن الأمر عظيم جداً وليس بالأمر الهين.

    وأخبر عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى يخوف بهما العباد.

    فإذا ظهر خسوف القمر في الليل يصلي الناس، وإن كان في النهار فإنهم لا يصلون؛ لأن خسوفه في النهار لا يظهر له أثر، بمعنى أنه لا يتبين؛ لأن ضوء الشمس قد غشاه، والرسول عليه الصلاة والسلام إنما جعل الصلاة سنة حيث يظهر أثر ذلك ليكون التخويف، ومعلوم أن القمر إذا خسف بعد انتشار الضوء في الأفق لا يكون بالتخويف؛ لأن الناس لا يعلمون به.

    - وأما ترقب ذلك فإن من العلماء من قال: لا بأس أن يستعد له ويترقب، ولكني أرى خلاف هذا، أرى أن الإنسان إن ابتلي وظهر له ذلك فليصل، وإن لم يظهر فليحمد الله على العافية، وقد قيل لنا: إن خسوف القمر المترقب سيكون بعد انتشار الضوء إما قبل الشمس بيسير أو بعد طلوع الشمس أو بعد غروب القمر والله أعلم.

    وعلى هذا فلا يكون هناك صلاة.

    - والفقهاء رحمهم الله نصوا على أنه إذا ظهر الفجر وخسف القمر بعد ذلك فلا صلاة، بناءً على أن صلاة الخسوف صلاة التطوع، وأن صلاة التطوع لا تفعل في أوقات النهي، لكن أرى أنه لو ظهر الخسوف وتبين بحيث يكون نوره باقياً فإنه يصلى له، أما إذا كان بعد انتشار الضوء وخفاء نور القمر فإنه لا يصلى والله أعلم.

    - أما الأفضل: فالأفضل أن تصلى في الجوامع؛ لأن اجتماع الناس على إمام واحد له قيمته، ويكون دعاؤهم واحداً، وخشوعهم واحداً، والموعظة التي تقال بعد الصلاة تكون واحدة.

    - وكذلك النساء يحضرن؛ لأن النساء حضرن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حين كسفت الشمس لكنه ليس كصلاة العيد فلا يؤمرن بذلك ولا ينهين، أما صلاة العيد فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء أن يحضرن صلاة العيد حتى الحيض أمرهن أن يخرجن لكن يعتزلن المصلى.

    حكم الغش في اللغة الإنجليزية

    السؤال: هل يجوز الغش في اللغة الإنجليزية التي منعتهم منها؟

    الجواب: أولاً: أنا ما منعت من اللغة الإنجليزية يا إخوان، أنا أتمنى أني عندي اللغة الإنجليزية، حتى أدعو من لا يعرف اللغة العربية بهذه اللغة، وقلت لكم قبل قليل: إنه قد يكون تعلمها فرض كفاية أز فرض عين.

    لكن أقول: من المنكر الذي ننكره أن نعلم أبناءنا الصبيان الصغار خمس سنين أو ست سنين اللغة الإنجليزية وهم لا يعرفون اللغة العربية، هذا الذي أنكره، أما تعلم اللغة الإنجليزية إذا كان فيها فائدة فهي فائدة.

    بقينا في الغش: أقول: من غش في اللغة الإنجليزية فواجب على المدرس أن يسقطه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767975822