إسلام ويب

اللقاء الشهري [7]1،2للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذه المسيرة يتحدث الشيخ عن الإجازات، وأصناف الناس في كيفية قضائها، مصنفاً إياهم إلى خمسة أصناف، معطياً كل صنف شيئاً من التوجيهات والأحكام التي يحتاجونها في هذه الإجازة، ثم بعد ذلك يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

    1.   

    ليس في العمر إجازة إلا بالموت

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإن لقاءنا هذه الليلة الأحد السابع عشر من شهر رجب عام (1413هـ) يصادف استقبال الإجازة الربيعية، وكنا بصدد أن نتكلم على تفسير سورة (ق والقرآن المجيد) كما وعدنا بذلك، ولكن نظراً إلى أن هذه الإجازة تحتاج إلى كلام يبين عمل الناس فيها، ماذا يعملون؟ أيبقون في بلدانهم أم يسافرون وإذا سافروا فهل يسافرون إلى خارج البلاد أم إلى داخل البلاد أم ماذا؟

    المسألة تحتاج في الواقع إلى نظر وتأمل وإلى توجيه، نقول:

    أولاً: ليس في العمر إجازة، فالعمر كله عمل ولا إجازة إلا بالموت؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) فلم يجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاطعاً للعمل إلا هذا الشيء الواحد وهو الموت.

    إذاً: لا بد أن يعمل الإنسان دائماً وأبداً، فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.

    إذاً: كل الدنيا عمل، إذا فرغنا من الدراسة النظامية فلا بد أن نعمل عملاً آخر، ما هذا العمل؟

    يجب أن يكون هذا العمل من ثمرات هذه الدراسة وخصوصاً للشباب والطلبة المعنيين بما تحملوه من العلم؛ لأن الله إذا منَّ عليك بالعلم فلا تظن أن المسألة دسم على خبز وانتهى الأمر! المسألة مسألة عظيمة تحمل وتحميل: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187] هل أحد منا يشعر بأنه جرى بينه وبين الله عهد وميثاق حين تعلم العلم؟

    الجواب: لا نشعر بذلك لا في زمانه ولا في مكانه، لا نشعر بأننا عاهدنا الله في المكان الفلاني أو في الوقت الفلاني على أن نبين ذلك، ولكن مجرد ما يؤتي الله الإنسان العلم فهذا هو العهد.

    لماذا أعطاك الله العلم وحرمه غيرك؟

    من أجل أن تقوم به، تبينه للناس بالقول وهو التعليم، وبالفعل وهو المنهج والهدي؛ لأن العلماء عليهم مسئوليتان:

    المسئولية الأولى: التعليم بالقول وسواء كان عن طريق اللسان أو عن طريق الكتابة.

    المسئولية الثانية: التعلم بالمنهج والسيرة، فكم من عالم اقتدى الناس بعمله ومنهجه وسيرته أكثر مما يقتدون بتعليمه وقوله، وهذا مشاهد.

    ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يعلمون الناس كيف يتوضأ الرسول عليه الصلاة والسلام، يعلمونهم بالقول ويعلمونهم بالفعل، حتى الخلفاء منهم، عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بإناء من ماء وجاء ليتوضأ أمام الناس من أجل أن يهتدوا بهديه، وقال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه).

    إذاً: علينا نحن الذين وهبنا الله العلم من شباب وكهول وشيوخ أن نبينه للناس بالقول وبالعمل.

    1.   

    أصناف الناس في استغلال الإجازة

    ثانياً: الناس في هذه الإجازة لهم مناحٍ شتى، كل واحد ينحى منحى:

    استغلال الإجازة في زيارة الحرمين الشريفين

    منهم: من يذهب إلى الحرمين: النبوي والمكي؛ ليقضي الإجازة هناك مع أهله وفي أشرف بقاع الله، فالصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام، والصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، فيغتنمون هذه الفرصة ويغتنمون -أيضاً- فرصة أخرى وهي الدفء؛ لأن الحرمين ولا سيما مكة أشد دفئاً من نجد كما هو مشاهد معلوم، فيغتنمون هذه الفرصة، وهؤلاء ماذا يلزمهم إذا ذهبوا هذا المذهب ونحوا هذا المنحى؟

    نقول: أيهما تريد البراءة به: أبـمكة أم بـالمدينة؟

    والجواب على هذا السؤال ينبني على أيهما أفضل: العمرة أو زيارة المسجد النبوي؟

    الجواب: العمرة أفضل من زيارة المسجد النبوي وعلى هذا فالقاعدة أن نبدأ بالأفضل قبل المفضول، نبدأ بالعمرة ثم بالزيارة -زيارة االمسجد النبوي- ولكن قد لا يتسهل للإنسان أن يبدأ بالعمرة قبل زيارة المسجد النبوي من حيث الطريق، قد يقول: إن طريق المدينة أسهل علي إذا كنت في القصيم، والإنسان مطلوب في حقه أن يتبع الأسهل، وسوف أحصل العمرة لكن في ثاني الحال.

    فنقول: إن الأمر واسع إن بدأت بهذا أو بهذا، ولكن ينبغي أن نعلم أحكاماً في العمرة وأحكاماً في الزيارة.

    العمرة: يحرم الإنسان بها من الميقات .. إن كان عن طريق الطائف فمن قرن المنازل الذي يسمى الآن: (السيل الكبير ) وإن كان من طريق المدينة فمن ذي الحليفة، الذي يسمى الآن: (أبيار علي ) وعند الإحرام يسن للإنسان أن يغتسل حتى المرأة الحائض والنفساء؛ لأن أسماء بنت عميس زوج أبي بكر رضي الله عنهما نفست في ذي الحليفة فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ماذا أصنع؟ قال: (اغتسلي واستثفري بثوبٍ وأحرمي)فالاغتسال سنة للرجال والنساء عند إرادة الإحرام، وليس بواجب لو تركه الإنسان فلا إثم عليه ولا فدية عليه، لكنه أفضل وأكمل، ثم يلبس الرجل إزاراً ورداءً أبيضين .. نظيفين أو جديدين.

    أما المرأة فليس لها ثياب معينة في الإحرام، تلبس ما شاءت إلا أنها لا تتبرج بالزينة؛ لأنها منهية عن التبرج بالزينة، ثم يتطيب الرجل بما طاب ريحه، والمرأة بما حسن لونه دون ريحه؛ لأن رائحة الطيب في المرأة فتنة ورائحة الطيب في الرجل سنة، يتطيب الرجل فيضع الطيب على رأسه وعلى لحيته بعد أن يغتسل ثم يلبس ثياب الإحرام.

    وبعد هذا: هل يصلي ركعتين للإحرام -كما هو مشهور- أم لا يُصلي؟

    جواباً على هذا أن نقول: ليس للإحرام سنة، إنما السنة للوضوء، ولكن إن كنت قريباً من وقت الفريضة فاجعل الإحرام بعد الفريضة، مثلاً: لو أنك وصلت الميقات وقت الضحى واغتسلت وتطيبت، وليس عندك نية أن تمشي قبل الظهر، فاجعل الإحرام بعد صلاة الظهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بعد صلاة فرض وإذا صليت تلبي للعمرة، تقول: لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

    ولكن هل تشترط فتقول: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أم لا تشترط؟

    الجواب: الأفضل ألا تشترط واعتمد على الله، إلا إذا خفت أن يحدث لك مانع من إتمام النسك فاشترط، ومن ذلك لو خافت المرأة أن تحيض في أثناء النسك ولا تطهر قبل أن تسافر، ففي هذا الحال ينبغي لها أن تشترط فتقول: (إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) من أجل إنها إذا حاضت تحللت من الإحرام ولا شيء عليها.

    وتسير متجهاً إلى مكة وتكثر من التلبية، فإذا وصلت المسجد الحرام وشرعت في الطواف فاقطع التلبية، وفي هذا الطواف يسن للرجل أن يفعل شيئين:

    الأول: الاضطباع.

    الثاني: الرمل.

    فالاضطباع: أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر، وهذا الاضطباع لا يسن إلا في الطواف.

    كثيراً من العوام من حين أن يحرم يضطبع. وهذا بدعة، فالاضطباع إنما يكون في الطواف فقط وهذا سنة للرجال، والمرأة لا تضطبع؛ لأن ثيابها ثياب معتادة.

    يسن له أن يرمل ولكن الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط لا في كل الطواف، والرمل: أن نسرع في المشي بدون أن نمد الخطا -أي: تكون متقاربة ويسرع- وبدون أن يهزكتفيه؛ لأننا نشاهد بعض الناس في الرمل يمشي ولكن يهز الكتفين، والرمل يكون في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، أما بقية الأشواط الأربعة الباقية فإنه لا رمل فيها.

    مسألة: بماذا يبتدأ الطواف؟

    الجواب: يبتدأ بالحجر الأسود، وقد وضعت الحكومة وفقها الله خطاً بُنياً يمتد من قلب الحجر الأسود إلى منتهى المطاف، فهذا هو مبتدأ الطواف، تستقبل الحجر وتشير إليه، وتقول: (باسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم). وإن تمكنت أن تصل إلى الحجر بدون مشقة عليك ولا على غيرك وتمسحه وتقبله فهذا أفضل، فإن لم تستطع التقبيل فامسحه بيدك وقبل يدك، فإن لم تستطع فأشر إليه إشارة، هذا هو السنة وليس من السنة أن تزاحم.

    أما في بقية الطواف فتقول ما شئت من ذكرٍ ودعاء وقرآن إلا ما بين الركن اليماني والحجر الأسود فإنك تقول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) وتقتصر على ذلك، وأما الذين يقولون: وأدخلنا الجنة مع الأبرار، فهذه زيادة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

    مسألة: الركن اليماني: هل يفعل فيه كما يفعل في الحجر الأسود، من التقبيل والاستلام والإشارة عند التزاحم؟

    الجواب: لا. الركن اليماني يستلم فقط، يمسح باليد اليمنى ولا يقبل ولا يشار إليه إذا لم يمكن استلامه.

    مسألة: الركن الغربي والركن الشمالي هل يمسحان؟

    الجواب: لا يمسحان، لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، كانت الكعبة أطول من هذا نحو الشمال، تستوعب من الحجر نحو ستة أذرع ونصف، لكن لما انهدمت في عهد قريش في الجاهلية قالوا: لا تبنوا الكعبة إلا من مال حلال طيب، كفار جهال يقولون: لا تبنوا الكعبة إلا بمال طيب، وهذا من حماية الله للكعبة، أي: لا تبنوه من الربا ولا من الميسر ولا من الظلم، لا تبنوه إلا بمال طيب، اتفقوا على هذا، فلما شرعوا في البناء وجدوا أن النفقة لا تكفي، فماذا صنعوا؟

    قالوا: نبني بعض البيت (ما لا يدرك كله لا يترك جله) ابنوا بعض البيت، ومن أي جهة يكون النقص؟

    قالوا: من الجهة الشمالية التي ليس فيها الحجر، لا يمكن أن يكون النقص في الجهة التي فيها الحجر، ففعلوا ذلك فبنوا الكعبة على ما هي عليه، وضعوا حائطاً يسمى: الحجر، ويسمى: الحطيم من أجل أن يكمل الناس الطواف وبقيت الكعبة على هذا، فلما فتح النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة قال لـعائشة : (لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم، ولجعلت لها بابين: باباً يدخل منه الناس وباباً يخرج منه الناس) ولكنه ترك ذلك صلى الله عليه وآله وسلم تأليفاً لأصحابه حتى لا ينفروا ويقولوا: هذا أحدث في بيت الله ما أحدث.

    ولكني أقول لكم: إنه من نعمة الله وفضل الله أن ما أراده النبي صلى الله عليه وسلم حصل بالمعنى، الآن الكعبة لها بابان: باب يدخل منه الناس وباب يخرج منه الناس .. كيف؟ الحجر من الكعبة وفيه باب يدخل منه الناس وباب يخرج من الناس مع الهواء الطلق، أرأيتم لو كانت مسقوفة ولها بابان، باب يدخل منه الناس وباب يخرجون منه ماذا يكون؟ يكون هلاك، نشاهد عند الجمرات مع الهواء الطلق يموت الناس بالتزاحم فكيف بالكعبة وهي مسقوفة، لكن من نعمة الله وتحصيل مراد النبي صلى الله عليه وسلم أن جعل البناء على هذا الذي هو عليه الآن.

    ولما تولى ابن الزبير رضي الله عنه الحجاز هدم الكعبة وبناها على قواعد إبراهيم بناءً على ما حدثت به خالته عائشة وجعل لها بابين، فلما تولى بنو أمية وقتل ابن الزبير رضي الله عنه على يد الحجاج بن يوسف الثقفي ردها الحجاج وبناها على ما كانت عليه في عهد الجاهلية وبقيت على ما كانت عليه اليوم، ولما تولى الرشيد أراد أن يهدمها ويبنيها على قواعد إبراهيم، فأشار عليه مالك بن أنس رحمه الله وقال له: [لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك كلما تولى ملك هدم وبناه على غير البناء السابق] فتركه وبقي إلى الآن.

    نرجع عوداً على بدء إلى الطواف..

    إذا أتم الإنسان سبعة أشواط فإنه يتقدم إلى مقام إبراهيم عليه السلام يتلو قول الله تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125] فيصلي فيه ركعتين، هاتان الركعتان تتميزان بأنهما خفيفتان لا يطيل فيهما، السنة أن يخفف ويقرأ فيهما بـ(قل: يا أيها الكافرون) مع الفاتحة في الركعة الأولى، وبـ(قل هو الله أحد) في الركعة الثانية مع الفاتحة، ثم ينصرف ولا يدعو بعدهما متجهاً إلى المسعى، فإذا دنا من الصفا فليقرأ قول الله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] (أبدأ بما بدأ الله به) كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

    مسألة: متى يقرؤها؟

    الجواب: إذا صعد الصفا أو دنا منه قبل أن يصعد يقرأ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] ولا يعيدها مرة ثانية، لا تقرأ عند المروة ولا تقرأ عند الصفا في المرة الثانية لا تقرأ إلا مرة واحدة إذا دنا من الصفا أول مرة، فإن هذه هي سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، فإذا صعد الصفا اتجه إلى القبلة ورفع يديه يدعو ولكنه يكبر ثلاثاً قبل الدعاء ويحمد الله ويقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) ثم يدعو بما شاء، ثم يعيد الذكر مرة ثانية، ثم يدعو، ثم يعيد الذكر مرة ثالثة، ثم ينزل متجهاً إلى المروة يمشي مشياً معتاداً حتى يصل إلى العلم الأخضر -أي: العمود الأخضر- والآن ولله الحمد هناك عمود أخضر وفيه مصابيح خضراء (نجفات خضراء) فإذا وصل إلى ذلك المكان فليسع، أي: يشتد بالمشي، ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسعى ويشتد في السعي حتى أن إزاره لتدور به من شدة السعي، والسعي هنا ليس كالرمل في الطواف، الرمل في الطواف ليس سعياً، بل الإسراع في المشيء فقط، أما هذا فهو سعي شديد، ما لم يكن هناك زحام يتأذى به أو يؤذي غيره، فليسع حسب الزحام، فإذا وصل إلى المروة فليصعد عليها وليتجه إلى القبلة ويفعل كما فعل على الصفا.

    وهل يقول إذا دنا من المروة: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158]؟ لا.

    فإذا أتم سبعة أشواط، من الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة إلى الصفا راجعاً شوط آخر، فسيكون اختتامه بـالمروة ، فإذا اختتمت بـالصفا فاعلم أنك أخطأت؛ لأنها سبعة أشواط فلا بد أن يكون اختتامك بـالمروة ، فإذا أتممت سبعة أشواط فاحلق الرأس أو قصره وكلاهما جائز ولكن الحلق أفضل، أما المرأة فلا حلق في حقها وإنما تقصر من أطراف شعرها بقدر أنملة، وبذلك تمت العمرة، فتخلع ثياب الإحرام وتلبس الثياب العادية، وتبقى حلاً إلى أن ترجع إلى بلدك.

    ولا ينبغي أن يكرر الإنسان العمرة مرة أخرى لا لنفسه ولا لوالديه، لأن ذلك لم يكن من هدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولا من هدي أصحابه، فإن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بقي في مكة بعد الفتح تسعة عشر يوماً ما اعتمر مرة واحدة؛ لأنه دخل مقاتلاً ولما استتب الأمن لم يخرج إلى التنعيم ليحرم منه، وفي عمرة القضاء مكث ثلاثة أيام، اعتمر أول ما قدم ولم يعد العمرة مرة أخرى، ولم يعد العمرة أحد من الصحابة إلا عائشة رضي الله عنها لسبب معين، فإن عائشة رضي الله عنها، أحرمت بالعمرة وحاضت قبل أن تصل إلى مكة ، فأمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تدخل الحج على العمرة، فلما فرغ الناس من الحج طلبت من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن تأتي بعمرة مستقلة فأذن لها.

    وفي مكة ينبغي للإنسان أن يحرص على الصلاة في المسجد الحرام بقدر ما يستطيع، لأن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة، أما المرأة فتصلي في بيتها فإنه أفضل لها، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (بيوتهن خير لهن) وإن صلت في المسجد الحرام فلا حرج؛ لأن هذا مما أباحه الله لها.

    وإذا أراد الرجوع إلى وطنه فإنه يجب أن يطوف للوداع سبعة أشواط بدون سعي وبدون إحرام، وليكن هذا الطواف آخر أموره إذا أراد أن يركب، وبهذا تكون انتهت العمرة، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) وقال: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر).

    أما المدينة ففيها عدة أمور:

    الأول: الصلاة في المسجد: فإن الإنسان يدخلها بلا إحرام ويقصد مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيصلي فيه ما شاء ركعتين أو أربع ركعات أو أكثر.

    الثاني: زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم يتجه الرجال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه فيقف أمامه والقبلة خلفه ويسلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأحسن سلام يسلم به عليه ما علمه أمته: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) ثم يخطو عن يمينه خطوة واحدة ليكون أمامه أبو بكر رضي الله عنه فيقول: (السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمة الله وبركاته رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيراً) ثم يخطو خطوة أخرى عن يمينه ليكون أمامه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيقول: (السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيراً) ثم يخرج.

    إذاً: هذان شيئان، هما: الصلاة ثم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه.

    والثالث: يخرج إلى البقيع مقبرة أهل المدينة، وفيها الصحابة رضي الله عنهم وفيها من الخلفاء عثمان بن عفان فيسلم على أهل البقيع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى البقيع ويسلم عليهم، ويقول: (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم) يقف عند باب المقبرة في داخل المقبرة، وإن أراد أن يسلم على أحد معين كأمير المؤمنين عثمان فليفعل، يتجه إلى قبر عثمان وهو معروف، يقول: (السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيراً) ثم يخرج ولا يتمسح بالقبور ولا بحجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا بجدران المسجد ولا بأي شيء، ليس في الدنيا شيء يمسح إلا شيئان هما: الحجر الأسود والركن اليماني.

    الرابع: الخروج إلى قباء، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخرج إليه ويصلي فيها، وهو أحد المسجدين اللذين قال الله فيه: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ [التوبة:108] فيصلي فيه ركعتين أو أكثر ثم ينصرف.

    الخامس: أن يخرج إلى أحد مقبرة الشهداء الذين استشهدوا في أحد وكانوا سبعين رجلاً وعلى رأسهم عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه سيد الشهداء، فيقف عند الباب وهو مغلق لا يفتح، ويقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) كما قال في السلام على أهل البقيع .

    هذه خمسة أشياء تفعل في المدينة، ولا شيء سواها، لا المساجد السبعة، ولا مسجد الغمامة، ولا غيرها من المشاهد، كل هذه زور لا أصل لها، ولا يستحب الذهاب إليها بقصد البقعة، وذلك لأننا نقول: أين الدليل على أن هذه المساجد السبعة هي مساجد الذين زعموها؟

    ثم لو فرض أنها مساجد لهم، فأين الدليل على أنها معظمة تزار؟ ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

    وبعد هذا إن شاء أن يبقى في المدينة بقي وإن شاء أن ينصرف إلى أهله ينصرف، هذا القول في الذين يذهبون في هذه الإجازة إلى الحرمين: مكة والمدينة.

    استغلال الإجازة للنزهة والترفيه

    هناك قسم آخر من الناس يذهب إلى النزهة في البر وهذا لا حرج فيه ولكن يجب في هذا أمور:

    أولاً: المحافظة على الصلاة إما بالطهارة: بحيث لا يتهاونون في الوضوء إذا كان الماء قريباً منهم، وبإمكانهم أن يحملوا معهم (جوالين) أو (توانك) يضعونها هناك يتوضئون منها، وليس هذا بصعب في الوقت الحاضر ولله الحمد.

    ثانياً: الصلاة جماعة في وقتها، يجب أن يصلوا جماعة في الوقت، أما أن يتخلفوا عن الجماعة مع إمكانها وسهولتها فإنهم آثمون بذلك.

    ثالثاً: أن يحرصوا على أن تكون مجالسهم مجالس خير، يأخذون معهم شيئاً من كتب التفسير أو كتب الحديث أو كتب الوعظ الصحيحة يقرءونها في فراغهم.. في أول ليلهم، ولا يحرصوا على أن يطيلوا السهر؛ لأن طول السهر مضرة على البدن وحجب عن الصلاة في آخر الليل وهم كالذين في البلد ينبغي لهم أن يكثروا من النوافل والتطوع كغيرهم.

    رابعاً: أن يحرصوا على زيارة من حولهم من النزلاء للتأليف والتعليم والإرشاد؛ لأن هذا ينفع نفعاً عظيماً ولا يحقرن أحد شيئاً من العلم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (بلغوا عني ولو آية) وما أحسن القوم إذا زار بعضهم بعضاً؛ يسيأنس بعضهم إلى بعض، ويألف بعضهم بعضاً، ويتعلم بعضهم من بعض، ويعظ بعضهم بعضاً، ويذكر بعضهم بعضاً، ففيه مصلحة كبيرة.

    خامساً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا سمعوا من قومٍ ما لا يجوز أو رأوا منهم ما لا يجوز، فالواجب الاتصال بهم والتحدث إليهم بالرفق واللين والموعظة الحسنة، وأن ينهوهم عن المنكر، فيقول: ليس هذا جزاء النعمة التي أنعم الله بها علينا؛ أمن ورخاء وهذه نعم ولله الحمد، غيث ومطر، فيذكرنهم بنعمة الله ويقولون: لا تكونوا ممن بدل نعمة الله كفراً، ولكن بالتأني والرفق.

    وليعلم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أنه كالطبيب مع المريض يستخدم اليسر واللين والتخفيف عن المريض حتى يتوصل إلى القضاء على المرض.

    إذاً: هؤلاء الذين أصيبوا بالمعاصي مرضى، ولهذا تجدون في القرآن كل مرض يضاف إلى القلب فهو مرض المعاصي: أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا [النور:50] .. فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً [البقرة:10].

    سادساً: الحرص على أن يكون الخارجون للنزهة على مستوىً واحدٍ في السن أو متقارب، بمعنى أنه لا ينبغي أن يكون بعضهم صغاراً وبعضهم كباراً، اللهم إلا من كانوا مع أهليهم فهذا شأن آخر، لكن الذين تجمع بينهم الصحبة لا ينبغي أن يذهبوا بالصغار مع الكبار؛ لأن هذا قد تحصل به الفتنة من حيث لا يشعر الإنسان، والإنسان مثلاً قد يقول في نفسه: أنا والحمد لله مطمئن ولا أخشى على نفسي شيئاً، ولكن ليعلم أن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من سمع بالدجال فلينأى عنه -يبعد- فإن الرجل يأتيه وهو مؤمن -وواثق من نفسه- ولكن لا يزال به حتى يتبعه لما يقع في قلبه من الشبهات) اللهم اعصمنا من فتنة المسيح الدجال.

    إذاً: لا تقل: إني آمن وواثق! لا. الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، لذلك يجب أن يكون الخارجون على سنٍ واحدة متساوين أو متقاربين إلا من كان مع أهله فإنه مع أهله فيهم صغار وفيهم كبار.

    سابعاً: أن يحرص على ألا يُبعد عن مخيمه، فإن هذا قد يحصل به الضياع ويتيه الرجل، والإنسان إذا تاه فإنه يُغمى عليه كما يقول العامة: ينجم ولا يستطيع أن يدرك المكان، لذلك يتجنب البعد عن المخيم إلا مع إنسان عارف يدله إذا ضل، ومعلوم أن الإنسان إذا ضاع فسوف يتعب هو بنفسه ويعرض نفسه للخطر .. إما خطر البرد وإما خطر أهل السوق وإما غير ذلك، وكذلك يشغل أصحابه وأهله، فلهذا يجب أن يتجنب البعد عن مخيمه؛ لما في ذلك من الخطر إلا إذا كان مع شخصٍ عارف يعرف المكان ويعرف الأرض، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

    هذه الأمور ينبغي للإنسان أن يلاحظها، لأنها هامة يحتاج الناس إليها.

    استغلال الإجازة في مساعدة الأهل وفي طلب العلم

    الصنف الثالث من الناس: من يبقى في بلده لا يخرج لا للنزهة ولا للعمرة ولا للزيارة، فهذا لا حرج عليه أن يبقى، ولكن ينبغي ألا يُضيع الفرصة في هذه الإجازة وألا يجعلها عطلة بل يجعلها استراحة يستمتع بما معه من الكتب أو الأشرطة أو غيرها مما ينفعه، على أن يستعيد نشاطه للمستقبل، وإذا كان هذا الإنسان له أب أو أخ أكبر منه وساعده في تجارته أو في زراعته أو في حرثه فهذا خير وفائدة كبيرة، المهم ألا يُضيع الوقت سدىً وبلا فائدة.

    استغلال الإجازة في الدعوة إلى الله

    الصنف الرابع من الناس: من يخرج في الدعوة إلى الله وهذا طيب، هذا نوع من الجهاد في سبيل الله؛ لأن الجهاد نوعان:

    1- جهاد بالسلاح.

    2- جهاد بالعلم.

    وكلاهما قرينان، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ [التوبة:122] أي: وبقيت طائفة .. ماذا تصنع؟ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة:122] فبين الله أن المؤمنين لا يمكن أن يكونوا كلهم للجهاد، تكون طائفة في الجهاد وطائفة تبقى في المدينة مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) فجعل الله طلب العلم عديلاً للجهاد في سبيل الله، ما أحسن أن يخرج أناس من طلبة العلم وأريد بطلبة العلم الذين عندهم علم وقدرة على البيان، لا نكتفي بإنسان عنده قدرة على البيان لكن ليس عنده علم.

    بعض الناس يستطيع أن يتكلم ويعظ ويؤثر ولكن ليس عنده علم، وهذا يؤثر على القلوب في الوقت الحاضر وينفع ولكن نفعه قليل، لو أن هذا الذي عنده بيان وفصاحة وتأثير ولكن ليس عنده علم، لو قام أحد يسأله أو يعارضه في مقال لم يستطع التخلص، وحينئذ تنقلب المنفعة مضرة والمصلحة مفسدة، ولذلك أحث إخواني الذين عندهم علم إذا تمكنوا من أن يذهبوا يميناً أو شمالاً أو شرقاً أو غرباً للموعظة والدعوة إلى الله كان في هذا خير كثير، وما أكثر الذين يلحون من الشمال ومن الجنوب ومن الشرق ومن الغرب يلحون علينا بطلب إرسال من يعظهم ويحاضر عندهم وينفعهم.

    استغلال الإجازة في الذهاب إلى خارج البلاد

    الصنف الخامس من الناس: الذين يخرجون إلى خارج البلاد، -هؤلاء أيضاً- إن خرجوا للدعوة إلى الله وكان معهم علم يدفعون به الشبهات ودين يدفعون به الشهوات فهذا طيب، أما الذين يخرجون للتمتع فهؤلاء على خطر عظيم، وهم واقعون في المحظور، لأنه لو لم يكن من هذا الخروج إلا واحدة لكفى. وهي إضاعة المال، وهذا شيء محقق ولا يمكن أن يختلف فيه اثنان، أن فيه إضاعة المال؛ لأن نفقات التذاكر باهظة، ونفقات الفنادق هناك باهظة، هذا مع ما يحصل للقلب من البلاء، وما يحصل للنفس من الشرور، لذلك نحذر إخواننا من السفر إلى الخارج فإنه علة وبلاء، وإضاعة وقت، وإضاعة مال، وإفساد أخلاق، وربما إفساد عقيدة، لأن مما يخل بالعقيدة ونحن لا نشعر به، مسألة المودة والمحبة، هل كراهة الناس اليوم لغير المسلم مثل كراهتهم له بالأمس؟

    أبداً كانوا بالأمس إذا ذكر اسم النصراني أو اليهودي اقشعر الجلد أما الآن فلا، بل إن من الناس -والعياذ بالله- من تتولى غير المسلمين أكثر من تولي المسلمين، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51].

    والسفر إلى بلادهم سبب للمودة وإثراء لأموالهم وإعزاز لأوطانهم، مع ما فيه من خطر على عقيدة الإنسان وعلى خلقه، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم في هذه الدنيا ممن اكتسبوها في العمل الصالح، إن أذنبوا استغفروا، وإن غفلوا ذكروا، وإن أعطوا شكروا، وإن ابتلوا صبروا، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    1.   

    الأسئلة

    مخالفات شرعية يقع فيها أصحاب الإجازات

    السؤال: فضيلة الشيخ: جرت عادة بعض الناس بل الكثير وخاصة الشباب أن يقضوا إجازة نصف العام في البراري يحصل لكن عند بعضهم بعض الأمور التي نرجو من فضيلتكم التوجيه عليها:

    أولاً: السهر الطويل الذي يكون على حساب صلاة الفجر فلا يصليها إلا ضحى بل لربما صلاها مع الظهر؟

    ثانياً: الأوقات تقضى في لعب الورق وقد تكون على مال وعلى استعمال آلات اللهو من عود وطبل ويصحبها دخان وغيره؟

    ثالثاً: تساهل الآباء وثقتهم الزائدة في أبنائهم الصغار فيخرجونهم مع من لا يساويهم سناً وثقافة؟

    الجواب: هذه الأشياء الثلاثة كلها أشرنا إليها في كلامنا إلا مسألة تأخير الصلاة عن وقتها فأنا أقول زيادة على ما سبق: إذا أخرها عن وقتها متعمداً؛ فإن الله لا يقبلها منه ولو صلاها ألف مرة، والذين ينامون ويعرفون أنهم لن يقوموا إلا بعد طلوع الشمس هؤلاء متعمدون تأخيرها عن وقتها، هؤلاء لا تقبل منهم إطلاقاً، ودليل ذلك: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). أي: مردود عليه، والذي يتعمد تأخير الصلاة عن وقتها قد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله.

    قد يقول قائل: أليس النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) أي: استيقظ، أليس النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فنزل في آخر الليل وقال لـبلال: اتل علينا الفجر -أي: راقبه- ولكن بلالاً نام ولم يصح إلا بعد طلوع الشمس؟

    قلنا: بلى. كان هذا، ولكن هل كان هذا هو العادة؟ وهل النبي عليه الصلاة والسلام لم يتخذ الأسباب التي يحصل بها الاستيقاظ؟

    إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلب من بلال أن يراقب الفجر.

    وإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من نام عن صلاة أو نسيها) ليس عمداً، ولكن هؤلاء الذين يتعمدون النوم في آخر الليل ويعلمون أنهم لن يقوموا إلا بعد طلوع الشمس هؤلاء أين العذر لهم؟!

    نعم. لو فرض أنهم فعلوا كلما يمكن أن يستيقظوا به من الساعات المنبهة وغيرها، ولكن لم يكن ذلك، أي: لم يقوموا، فحينئذٍ إذ استيقظوا صلوا.

    أما لعب الورق إذا كان على عوض فهي حرام، لأنه من الميسر، وسواء كان العوض دراهم أو ثياباً أو إيلاماً بضرب أو غيره أو حبساً، أي شيء على عوض فهو حرام، أما إذا لم تكن بعوض فهي مضيعة للوقت بلا شك، وسبب في بعض الأحيان إلى النزاع إذا غلب أحدهم الآخر صار معه في نزاع، وقد قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: إنها حرام بكل حال.

    مفاسد اللعب بالسيارات في البراري

    السؤال: فضيلة الشيخ! يكثر في هذه الأيام خروج بعض الشباب للدوران في البراري ويسمى عندهم التطعيص، فنجد بعضهم يمضي جل ليله يجوب الرمال صعوداً ونزولاً ومن جراء ذلك نتج ما يلي:

    أولاً: تحميل السيارات أكثر مما تطيق ولربما أفسدها وقصر من عمرها.

    ثانياً: إزعاج الناس وإيذاؤهم خصوصا إذا جلس الرجل مع عائلته.

    ثالثاً: إتلاف ما من الله به علينا من نبات فلا تكاد تجد مكاناً علا أو نزل إلا وقد أفسدته السيارات.

    رابعاً: ما حدث من حوادث رهيبة ذهب ضحيتها بعض الناس أو أصابهم بعض الجروح والكسور.

    خامساً: ما يفعله بعضهم من قفز على السيارات بالدراجات النارية، وذلك بأن يجعلوا السيارات مصفوفة تحت كثبان الرمال ثم يأتي السائق في دراجته من أعلى الكثبان ويقفز إلى الجهة المقابلة، فما حكم ذلك كله وبم تنصحون الأولياء وما توجهون به الشباب وما توجيهاتكم للجهات الأمنية؟

    الجواب: كل هذه الأشياء التي ذكرها السائل كلها محظورة، وبعضها يقع كثيراً وبعضها يقع قليلاً، والواجب على الشاب المسلم أن يعرف قدر نفسه وأنه مسلم مؤمن بالله عز وجل ممتثل لأمره، وفي هذه الأشياء من المفاسد ما هو ظاهر .. إضاعة المال .. إفساده .. الخطر العظيم .. إيذاء المؤمنين: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً [الأحزاب:58] إن الفاعل لهذا لا شك أنه سفيه، وقد قال الله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً [النساء:5].

    أما الجهات الأمنية فإن الواجب عليها أن تمنع ما فيه الشر والفساد بقدر المستطاع، ولكن هناك شيء آخر أو خطوة أولى قبل تدخل الجهات الأمنية، وهو الشباب الذي له قول مقبول عند الآخرين ينبغي أن يكثر التحذير من هذا، وبيان أن هذا منافٍ للشرع والعقل والحلم والرجولة.

    وعلى أولياء الأمور الذين يستطيعون أن يمنعوا أبناءهم من ذلك، عليهم أن يمنعوهم حتى من الخروج إذا كان خروجهم على هذا الوجه، ولكن إن شاء الله تعالى أن الشباب سوف يرعوي وسوف يعلم أن هذا ليس من مصلحته بل هو من دنيا وأخرى، وحينئذ يغلب جانب العقل على جانب السفه، وجانب الصلاح على جانب الفساد.

    الحث على الاهتمام بالأسرة

    السؤال: يلاحظ على بعض الأولياء وخاصة الأزواج تركهم لعوائلهم طيلة أيام الإجازة، فلا يؤنس أولاده ولا يسافر معهم، بل ينشغل بأصحابه ولربما ترك أمه وأباه وزوجته وأولاده وصلة أرحامه يضيعون، فما عاقبة ذلك؟

    الجواب: لا شك أن العائلة أحق من غيرهم بما يدخل السرور والأنس عليهم، ولو أن العوائل اجتمعوا وخرجوا في نزهة جميعاً لكان هذا خيراً وأولى، بشرط ألا يكون هناك اختلاط بين الرجال والنساء.

    أما ما ذكره السائل من أن بعض الناس يذهب مع أصحابه وينسى أهله وينسى عائلته، فإن هذا لا شك أنه سوء تصرف وأنه غير محمود، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول) هذا وإن كان في المال، لكن حتى في غير المال أيضاً، أهلك أحق بك من غيرهم، ولكن إذا كان أهله لا يرغبون الخروج، وخرج مع أصحابه وصار يأتي إلى أهله في اليومين أو في الثلاثة أو في كل يوم، أي: أن الأمر سهل والحمد لله، الآن السيارات تأتي بالبعيد فإن هذا لا بأس به ولا ضيق على الإنسان فيه.

    حكم أخذ وإعطاء إجازة مرضية لغير مستحقيها

    السؤال: هل يجوز للطبيب أن يعطي أحداً من الناس إجازة مرضية وخاصة للموظفين، عندما يكون هذا الشخص لا يحتاج حقيقة إلى هذه الإجازة وهذا الطبيب لم يعاين هذا الشخص ولم يكشف عليه، وهل يأثم الطبيب لو أعطى المريض إجازة مرضية أكثر مما يستحق؟

    الجواب: في الصحيحين عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ألا أنبؤكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله،؟ قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: وقول الزور وشهادة الزور) ولا شك أن الطبيب إذا أعطى شخصاً إجازة مرضية وهو ليس بمريض لا شك أنه قال الزور وشهد شهادة الزور، وأنه آثم وأتى كبيرة من أكبر الكبائر، وكذلك الذي أخذ هذه الإجازة آثم وكاذب على الجهات المسئولة وآكل للمال بالباطل، فإن الراتب الذي يقابل هذه الإجازة أخذه بغير حق، وكذلك إذا أعطاه أكثر مما يحتاج، مثل أن يحتاج إلى ثلاثة أيام إجازة مرضية ويعطيه أربعاً، فإن هذا حرام من أكبر الكبائر.

    والحقيقة أن الإنسان كلما فكر في مثل هذه الأمور، يعجب كيف يقع هذا في شأن المسلم، ألسنا كلنا مسلمين؟

    أليس دين الإسلام يحرم هذا؟ أليس العقل المجرد عن الإيمان والإسلام يحرم هذا؟

    الجواب: بلى لكن مع الأسف أن يقع هذا من المسلمين ويكون وصمة عار في جبين كل مسلم.

    الآن يقول بعض السفهاء: إن الكفار أنصح من المسلمين وأصدق من المسلمين وأوفى من المسلمين، وهذا قد يكون صدقاً في بعض الأحيان، لكننا نقول لهذا: دين الإسلام أكمل من كل ما سواه من الأديان، ومنهج الإسلام خير من كل منهج، وشرعة الإسلام فوق كل شريعة، لكن البلاء من أهل الإسلام وليس من الإسلام، وما دمت رجلاً أنتمي إلى الإسلام وأفخر به وأعتز به وأرجو به ثواب الله، فلماذا أخالف شريعة الإسلام؟! لماذا أقول الزور؟ لماذا أشهد الزور؟ لماذا آكل المال بالباطل؟ لماذا أخون الجهات المسئولة؟ كل هذا مما يؤسف له، وكل هذا مما أوجب تأخر المسلمين وتسلط الأعداء عليهم.

    إخواننا المسلمين في بعض الجهات الإسلامية ينحرون نحر الخروف، يذبحون ذبحاً، تنتهك حرماتهم، تسبى ذراريهم، تغتنم أموالهم، لماذا؟ كل هذا بذنوبنا ومعاصينا.

    فنسأل الله أن يعاملنا بعفوه وأن ينصرنا على أعدائنا.

    حكم استعمال الكتاب الذي يستخدمه العوام أثناء أشواط العمرة والسعي

    السؤال: نرجو من فضيلتكم توضيح حكم استعمال هذا الكتاب الذي يستخدمه الناس للقراءة منه أثناء الأشواط في العمرة أو الحج، ولم يرد هذا الدعاء الذي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: السائل يشير إلى منسك صغير يحمله الحجاج والعمار مكتوب فيه لكل شوط دعاء، دعاء الشوط الأول، دعاء الشوط الثاني، دعاء الشوط الثالث .. إلى آخره، وهذه بدعة باتفاق الفقهاء، بدعة لا تزيدك من الله إلا بعداً؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).

    أين هذه الأدعية من البخاري، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجة، والترمذي، وغير ذلك من المسانيد والسنن .. أين فيها هذا الدعاء لكل شوط؟

    وأقول للأخ السائل: إن استعمال هذه الأدعية لا يزيد الإنسان من الله إلا بعداً ولا يزيده إلا ضلالاً، لكن يقول: ماذا أقول؟ قل ما تريد على ربك، اسأل ربك ما تريد من حاجات في نفسك، أشخاص في نفسك تريد الدعاء لهم، ادع لأهلك، لإخوانك المسلمين، ادع بما شئت، (ليسأل أحدكم ربه حتى شراك نعله) كرر إذا نفد ما عندك من أدعية، فالإلحاح في الدعاء مطلوب، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دعا، دعا ثلاثاً، وإذا سئمت فاقرأ القرآن، فالأمر واسع، أما أن تحمل هذه البدعة وتتقرب بها إلى الله فهذا خطأ، ثم إن في هذه الكتيبات من الأدعية ما ليس بمشروع أصلاً، ومنها ما لا يعرف معناه من قرأه، حتى الذي يقرؤه لا يعرف معناه حتى نسمع أناساً يقلبون الكلمات.

    سمعت رجلاً يقول: اللهم أغنني بحلالك عن حرامك فقال: اللهم أغنني بجلالك، لا أدري هل قال: عن جرامك أو عن حرامك، المهم أنه أخطأ؛ لأنه لا يعرف معنى ما يقرأ.

    حكم دخول مكة لمن لم ينو العمرة

    السؤال: أتيت من الرياض في طريقي إلى المدينة ، ثم إلى مكة وهذه رحلة عمل حيث أني أتوقف في كل بلدة أمر بها في طريقي حسب طبيعة عملي، فأنا مندوب مبيعات ويصعب علي الإحرام وأداء العمل في نفس الوقت ونهاية رحلة العمل في الجموم داخل حدود الميقات، فإذا أردت أداء عمرة حيث أنويها من الآن فمن أين أحرم؟ وهل أعود بعد انتهاء العمل إلى الميقات؟

    الجواب: نعم إذا مر الإنسان بالميقات وهو صاحب عمل ولم ينو العمرة فلا حرج عليه، يدخل مكة بلا عمرة ويطوف إن شاء أو لا يطوف، فما دام أدى العمرة الواجبة عمرة الإسلام.

    لكن إذا مر بالميقات وهو يريد الأمرين: العمل والعمرة، فلا بد أن يحرم من الميقات، ثم يكمل العمرة وينهي عمله، فإذا قال: هذا يشق عليّ؛ لأني سأبقى في جدة مثلاً أو في الجموم قبل أن أصل إلى مكة قلنا: لا تنوِ العمرة في هذا السفر اجعل العمرة في سفر آخر والأمر ولله الحمد واسع.

    حكم من نوى العمرة بعد مجاوزة الميقات

    السؤال: سافرت إلى الحجاز ولم يكن عندي نية للعمرة وعندما وصلت إلى جدة ومكثت فيها أياماً وجدت من يشجعني على أداء العمرة فهل أعتمر مع العلم أني لم أعتمر قبل ذلك أبداً؟

    الجواب: نقول: في هذه الحال لك أن تحرم من جدة ؛ لأنك في الأول لم ترد العمرة، ولكن يجب أن تعلم أن العمرة واجبة على الفور، وأن الواجب عليك أن تنوي العمرة حين مررت بالميقات، ثم تؤدي العمرة وترجع إلى جدة، ولكن ما دام الأمر كما قال السائل إنه قد ذهب إلى جدة وهناك وجد من يشجعه على العمرة فأحرم من هناك وأدى العمرة، نقول: لا حرج عليك، وليس عليه فدية، وعمرته هذه مجزئة عن عمرة الإسلام.

    حكم بيع الحيوانات حية بالوزن

    السؤال: فضيلة الشيخ: مع كثرة الرحلات يكثر شراء الذبائح وقد سمعنا أن هناك أناساً يبيعون الذبائح حية بالكيلو، أي يزنها حية دمها ولحمها وفرشها وجميع ما فيها الكيلو بكذا، فهل هذا جائز؟

    الجواب: ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الغرر) فلنطبق هذه المعاملة على هذا؟

    إذا باعها حية بالوزن فهل في ذلك غرر أم لا؟

    الجواب: فيه غرر، قد يكون بطنها مملوءاً بالماء، فيزيد وزنها فيحسب عليه كيلو الماء مثل كيلو اللحم، وهذه جهالة لا شك، وربما يتعمد البائع الغش في هذه الحال، فإذا أراد أن يبيعها ملأ بطنها ماءً، كما أن بعض الناس إذا أراد أن يبيع الشاة اللبون صراها، حتى يظن من رأى ضرعها أنها ذات لبن كثير، لهذا نقول: لا يجوز أن يبيعها وزناً، ونقول: بدل أن يبيعها وزناً يبيعها هكذا جزافاً وما المانع؟ لكن أحياناً يزين للإنسان سوء عمله -والعياذ بالله- فيظنه حسناً، فبدلاً من أن تقول: زنها، فتكون مائة كيلوا أو خمسين كيلو أو ما أشبه ذلك والكيلو مثلاً بخمسة، إذا كانت خمسين كيلو والكيلو بخمسة فيكون ثمنها مائتين وخمسين كيلو نقول: مائتين وخمسين بدون وزن، ثلاثمائة أو مائتين بدون وزن.

    حكم التسمي باسم ملاك وما شابهه

    السؤال: ما حكم التسمي باسم ملاك (بالفتح) أو ملاك (بالكسر) للأنثى؟ وما هو قولكم فيمن يقول: إن هذا لا يجوز؛ لأن هذه الكلمة مأخوذة من الملك وهم الملائكة ولا يجوز مشابهة الملائكة في ذلك، وهل ذلك من تسمية الملائكة تسمية الأنثى كما ورد في القرآن نرجو الإجابة وفقكم الله؟

    الجواب: أنا أكره أن يسمى الإنسان ابنته مِلاك أو مَلاك وأقول: هل ضاقت عليه الأسماء؟ الأسماء ألوف مؤلفة، وربما لا يكون عنده إلا هذه البنت، فالأسماء كثيرة يأخذ من أسماء نساء الصحابة رضي الله عنهن .. من أسماء نساء بلده، أما أن يأتي إلى أشياء أدنى ما نقول إن فيها شكاً، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك.

    والأسماء والحمد لله واسعة، أما الأسماء التي فيها التزكية فإن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غير اسم برة إلى جويرية أو إلى زينب -امرأتان- ومثل ذلك أبرار لا يُسمى بها؛ لأن أبرار جمع بر، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غير برة مع أنها اسم أنثى فيها التأنيث، فكيف لا نغير اسم أبرار التي هي جمع لبر وبر اسم مذكر.

    حكم إيقاف النسل بحجة التفرغ للعبادة

    السؤال: رجل له أربعة أبناء ويقول: إنه يرغب في إيقاف النسل ويكتفي بما عنده من أولاد ليتفرغ لعبادة ربه؛ لأن كثرة الأبناء تلهي فهل يأثم بذلك أم لا؟

    الجواب: هذه نظرة قاصرة، فالأولاد تربيتهم من طاعة الله، وإذا اهتدى أولادك على يدك نفعوك حياً وميتاً كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ثم نقول لك: كثرة الأولاد كثرة للأمة.

    والنبي صلى الله عليه وآله وسلم حثَّ على أن يتزوج الإنسان الودود الولود من أجل كثرة الأولاد، وأخبر أنه يباهي الأنبياء بأمته يوم القيامة يكاثر بهم، فليعدل السائل عن هذا الاتجاه، وليكثر من الأولاد؛ ليكثر رزقه، وليكثر الاهتداء على يده، وليكون هؤلاء الأولاد ذخراً له في حياته وبعد مماته ولتحقيق مباهاته النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.

    حكم قراءة الفاتحة في التشهد نسياناً

    السؤال: رجل يقرأ الفاتحة في التشهد ناسياً فهل يعيد الصلاة؟

    الجواب: لا يعيد الصلاة إذا قرأ الفاتحة في التشهد ناسياً، لكن يجب أن يقرأ التشهد؛ لأن التشهد الأخير الذي يعقبه السلام ركن والتشهد الأول (الأوسط) واجب من واجبات الصلاة، وليعلم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً) فلا يجوز للمصلي أن يقرأ القرآن وهو راكع ولا أن يقرأ القرآن وهو ساجد.

    نعم لو دعا بدعاء من القرآن فلا بأس، أما أن يتلو القرآن وهو راكع أو ساجد فإن ذلك حرام عليه، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن من قرأ وهو راكع أو ساجد فإن صلاته تبطل؛ لأنه منهي عنه.

    حكم أخذ المصاحف من المساجد وإبدالها بغيرها

    السؤال: فضيلة الشيخ: يوجد في بعض المساجد مصاحف قديمة كبيرة الحجم وردت قديماً من خارج هذه البلاد كهدية للحرم أو غيره من المساجد، وبعد فتح المجمع لطبع المصحف في المدينة ترك الناس هذه المصاحف فتراكم عليها الغبار أو قل القارئ فيها، فهل يجوز لي أن آخذ واحداً منها لوضوح حروفها ولحاجتي للقراءة فيها، وأجعل مكانه مصحفاً آخر مما يقرأ الناس فيه، بل أجعل بدله عشرة بنية صاحبها فهل يجوز لي ذلك؟

    الجواب: الناظر على المساجد وعلى ما يُرى فيها من المصاحف والكتب هي وزارة الأوقاف، هي الجهة المسئولة، فإذا اتفقت مع الوزارة أو مع الناظر على مساجد هذا البلد الذي أنت فيه على أن تأخذ هذا المصحف وتضع بدله مصحفين أو ثلاثة أو أربعة ووافقوا على ذلك فهذا جائز، ولا يحل لهم أن يوافقوا إلا إذا كان هذا المصحف الذي تريده متعطلاً لا يقرأ فيه.

    أما أن تفعل ذلك بنفسك فإن هذا حرام؛ لأنه لا ولاية لك على هذا المسجد.

    حكم من نسي عدد أشواط الطواف والسعي

    السؤال: إذا نسي الرجل كم طاف حول الكعبة أو كم سعى ستة أم سبعة فماذا يفعل؟

    الجواب: أما الطواف فنسيانه وارد، يطوف الإنسان فلا يدري هل هذا الخامس أو السادس أو السابع؟ وإذا شك فإن كان عنده غلبة ظن فليبن على غلبة الظن، مثلاً: غلب على ظنه أنها سبعة أشواط يجعلها سبعة، وإذا غلب على ظنه أنها ستة أو سبعة، لكن غلبت الستة، يجعلها ستة، أما إذا لم يغلب على ظنه شيء بل هو شك محتمل، فليبن على الأقل، لأنه يقين، فإذا شك هل هي خمسة أو ستة بدون أن يرجح فليجعلها خمسة.

    أما السعي فالخطأ فيه قليل .. لماذا؟ لأن فيه علامة إن ختمت بـالصفا فأنت إما زائد شوطاً وإما ناقص شوطاً يقيناً.

    وإن ختمت بـالمروة فأنت إما مصيب أو زائد.

    وعلى كل حال نقول فيه ما قلنا في الطواف: إذا غلب على ظنك أحد العددين فاعمل به، وإذا كان الشك متساوياً فخذ بالأقل.

    ولكن هل يسجد للسهو في الطواف والسعي؟

    الجواب: الساعي لا يسجد، أما الطواف وأن كان صلاة إلا أن الله أباح لنا فيه الكلام إلا أنه لا يسجد، لأنه لا يتعبد في الطواف بالسجود، فإذا كان الأصل ليس فيه سجود، فكيف إذا كان فيه الشك، أي: كيف يجبر بالسجود وهو أصله ليس فيه سجود.

    حكم جلوس المرأة الحائض في المسعى

    السؤال: إذا كنا جماعة ومعنا امرأة فحاضت هذه المرأة وليس لنا مسكن، وهذه المرأة قد تحفظت تحفظاً كاملاً هل يجوز لها الجلوس في المسعى من أجل البرد أم تخرج خارج المسجد في التوسعة الجديدة أم ماذا تفعل؟

    الجواب: لا حرج عليها أن تجلس في المسعى؛ لأن المسعى ليس من المسجد بل خارج المسجد، له حدود معينة وجدار تحجزه عن المسجد الحرام، فليس من المسجد، فإذا جلست فيه الحائض فلا حرج عليها أن تنتظر أهلها أو ما أشبه ذلك.

    حكم طواف الوداع للمعتمر

    السؤال: هل هناك مدة معينة يجوز للإنسان بعدها أن يطوف طواف الوداع أو أن الأمر مفتوح؟ وهل يجوز للإنسان أن يبقى بعد طواف الوداع ساعات خصوصاً ليشتري بعض الحاجيات أو الهدايا أم ماذا يفعل؟

    الجواب: أما الشق الأول: الرجل إذا أتى معتمراً وطاف وسعى وقصر ومشى فهذا يغنيه عن طواف الوداع، ولا حاجة للوداع، وأما إذا مكث ولو ساعة فلا بد أن يودع، ثم الذي ينبغي ألا يشتري بعده شيئاً ولو كان من الأغراض التي يحتاج إليها، يشتري الأغراض التي يحتاج إليها قبل أن يطوف ثم يطوف هذا هو الأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أن يكون الطواف آخر شيء: (فليكن آخر عهده بالبيت الطواف) لكن لو فرض أنه طاف ثم مشى وفي أثناء الطريق رأى ما يعجبه مما يحتاجه واشتراه فلا حرج عليه، وكذلك لو طاف وخرج وتخلف بعض الرفقاء وجلس لانتظار الرفقاء فإن ذلك لا بأس به.

    حكم تارك الصلاة

    السؤال: لي أخ لا يصلي وإذا كلمناه عن ذلك ونصحناه بدأ يسب الدين فماذا نفعل مع مثل هذا؟

    الجواب: الواجب عليكم نحو هذا الرجل المناصحة، فإذا أيستم منه فالواجب أن ترفعوا أمره إلى الجهات المسئولة، ويجب في هذه الحالة على الجهات المسئولة أن تدعوه إلى الصلاة، فإن صلى وإلا وجب قتله كافراً مخلداً في النار، لأن الذي لا يصلي كافر، خارج عن الإسلام والعياذ بالله، فالواجب عليكم ما دامت هذه حاله أن تبلغوا الجهات المسئولة حتى تلزمه بشرائع الإسلام، فإن التزم فذاك، وإن لم يلتزم فلا بد أن يُقتل.

    حكم تغطية المرأة وجهها أثناء تأدية مناسك العمرة

    السؤال: هل يجب على المرأة تغطية وجهها خلال جميع مناسك العمرة؟ وهل يستثنى شيء من أعمال العمرة تكشف المرأة عن وجهها فيه؟

    الجواب: أما إذا كان ليس حولها رجال فلتكشف وجهها هذا هو الأفضل، وإذا كان حولها رجال لا يحل لها الكشف عندهم فالواجب عليها أن تستر وجهها، ومعلوم أنها في المطاف والمسعى والأسواق عندها رجال لا يحل لها أن تكشف وجهها أمامهم، أما في السيارة أو في البر، فإن المشروع في حقها أن تكشف وجهها ما دام الذين معها من محارمها.

    مشروعية سوق الهدي في العمرة

    السؤال: قرأت في بعض كتب الفقه أنه يشرع للمعتمر أن يذبح هدياً بعد عمرته استحباباً، هل هذا من السنن المندثرة في هذا الوقت، وحبذا لو نبهتمونا على هذه السنة إن كانت سنة وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب: هذه من السنن المندثرة، لكن ليس السنة أنك إذا اعتمرت اشتريت شاة وذبحتها، السنة أن تسوق الشاة معك تأتي بها من بلادك أو على الأقل من الميقات أو من أدنى حل عند بعض العلماء، ويسمى هذا (سوق الهدي) أما أن تذبح بعد العمرة بدون سوق فهذا ليس من السنة.

    حكم صلاة المرأة في المسجد الحرام

    السؤال: هل فضل مضاعفة الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي خاصة بالرجال أم بالرجال والنساء؟ فإذا كان يشمل النساء أفلا نقول: إن صلاة المرأة في المسجد الحرام أو المسجد النبوي أفضل من بيتها، وكيف نرد على قول النبي صلى الله عليه وسلم (وبيوتهن خير لهن

    الجواب: هذه كلمة خشنة جداً (كيف نرد على قول الرسول) صعبة! لكن الظاهر أن قصده: كيف نجيب عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم.

    أقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) وهذا المسجد هو الذي قال فيه: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن) فأخبر أن صلاة المرأة في بيتها في المدينة خير من صلاتها في المسجد النبوي مع المضاعفة، مع أن الصلاة في المسجد النبوي مضاعفة، كذلك في مكة صلاتها في بيتها خير من صلاتها في المسجد الحرام.

    ولكن قد يقول قائل: كيف يكون خيراً وهذه مائة ألف صلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي بألف أو خير من ألف؟

    نقول: هناك كمية وهناك كيفية، فالأجر في كيفيته وضخامته في بيتها يقابل العدد الحاصل بالكثرة، ثم إنه قد يقول قائل: إن المرأة إذا صلت في المسجد الحرام لا يحصل لها مائة ألف صلاة أو في المسجد النبوي لا يحصل لها أن تكون صلاتها خيراً من ألف صلاة؛ لأن المخاطب بذلك أهل المساجد، ومن أهل المساجد؟ الرجال دون النساء.

    ولذلك يقع في النفس شك لو صلت المرأة في المسجد الحرام هل تنال مائة ألف؟ ولو صلت في المسجد النبوي هل صلاتها خير من ألف صلاة؟ هذا محل نظر ومحل تأمل، لأن المخاطب في فضل المساجد هم أهل المساجد وهم الرجال، أما المرأة فبيتها خير لها من المسجد حتى من المسجد الحرام ومن المسجد النبوي.

    حكم الهرولة بالنسبة للنساء في السعي

    السؤال: أشرتم وفقكم الله في الطواف والسعي إلى الهرولة .. هل الهرولة خاصة بالرجل وإذا كان الرجل معه امرأة بل نساء فهل يهرولن معه أم لا؟

    الجواب: ذكر بعض أهل العلم أن علماء المسلمين أجمعوا بأن المرأة لا تهرول لا في الطواف ولا في السعي، وكان يتراءى لي في الأول أن المرأة في السعي تسعى بين العلمين، أي: تركض؛ لأن أصل السعي من أجل أم إسماعيل، لما تركها إبراهيم وولدها في مكة وترك عندهما جراباً من التمر ووعاءً من الماء، فلما نفد التمر والماء قل لبنها على ابنها وصار الابن يجوع لأن الأم ليس فيها لبن فجعل الابن يصيح، فضاقت عليها الأرض بما رحبت، فنظرت أقرب جبل إليها؛ لأن الولد كان عند محل الكعبة، وأقرب جبل إليها هو الصفا. فذهبت فصعدت تتسمع لعل الله أن يأتي بأحد، لأن ذلك الوقت ليس فيه أحد، فنزلت متجهة إلى المروة، لأنه أقرب جبل إليها أيضاً، وفي أثناء مسيرها مرت بوادي مجرى الشعيب، وهو عادة يكون منخفضاً فلما هبطت بالوادي أسرعت لئلا يغيب عنها ولدها، فلما صعدت مشت عادة حتى أتت المروة، فلما أتمت سبع مرات نزل الفرج من رب الأرض والسماوات، الله أكبر.

    نزل جبريل فركض برجله أو جناحه محل زمزم حتى نبع الماء، فجعلت من شفقتها عليه تحجره لئلا ينساب في الأرض، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت عيناً معيناً) وجعلت تشرب من هذا الماء، وكان ماء زمزم لما شرب له، فكان يغنيها عن الطعام والشراب، فدرت على ولدها واستأنست، فمر ركب من جرهم، ورأوا الطيور تنزل على هذه الجهة لتشرب من الماء، فتعجبوا وقالوا: ليس في هذا المكان ماء! فكيف يكون هذا؟ فذهبوا نحو ما تأوي إليه الطيور، فإذا بأم إسماعيل وولدها، فنزلوا عندها وصارت قرية، مدينة.

    سبحان الله! بعد أن لم يكن فيها إلا الوحش، وإسماعيل وأمه.

    كان يتراءى لي إن المرأة تسعى بين العلمين؛ لأن أصله من سعي أم إسماعيل، لكن لما رأيت بعض أهل العلم نقل إجماع العلماء على أن المرأة تمشي ولا تسعى، رأيت أن الصواب أن تمشي بلا سعي.

    بقي علينا المحرم الذي معها هل يسعى ويتركها أو يمشي معها حسب مشيها؟

    نقول: إن كانت المرأة تهتدي بنفسها وامرأة مجربة ولا يخشى عليها، فلا حرج أن يرمل في الأشواط الثلاثة ويقول لها في آخر الطواف: نلتقي عند مقام إبراهيم، وإن كانت لا تستقل بنفسها ويخشى عليها، فإن مشيه معها أفضل من الرمل وأفضل من السعي الشديد بين العلمين.

    نصيحة لأولياء الأمور تجاه بناتهم

    السؤال: من ابنتكم المحتارة الغيورة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    فضيلة الشيخ: تعلم أن الفتاة في هذا الزمن باتت مهيضة الجناح مهانة مزدراة تباع وتشترى، وإني إذ أكتب هذا الكلام لأبتغي من وراء هذا إلا الدفاع عن فتاة الإسلام ودفاعي هو دفاع لها عن عقيدتها وعفافها وعن شقاوتها وعن حياتها، لأن الفتاة المسلمة هي أم الأجيال ومربية الرجال وعليها أساس صلاح المجتمع، وقد يكون والد الفتاة سبباً رئيسياً في انحرافها أو خيانتها لزوجها، وكم في البيوت من مآسٍ بسبب الجشع وحب المال، فهل من كلمة للنساء وأولياء أمور النساء، جزاكم الله خيراً، كاتبة ذلك: فتاة وقف أبوها وأخوها في وجهها وهي تريد الزواج؟

    الجواب: هذه المسألة مسألة عظيمة ومشكلة كبيرة، فإن بعض الرجال -والعياذ بالله- يخونون الله ويخونون أماناتهم ويجنون على بناتهم، والواجب على الولي أن يتبع ما يرضي الله ورسوله، وقد قال الله تعالى: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ [النور:32] أي: زوجوا: وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32] أي: زوجوا الصالحين من العبيد والإماء الرقيقات، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) وبعض الناس -والعياذ بالله- يجعل ابنته سلعة يبيعها على من يهوى ويمنعها عمن لا يهوى، فيزوجها من لا يرضى دينه ولا خلقه؛ لأنه يرى ذلك، ويمنعها عمن يرضى دينه وخلقه؛ لأنه لا يرى ذلك، وليت أننا نصل إلى درجة تجرؤ فيها المرأة على أنه إذا منعها أبوها من الكفؤ الذي رضيته ديناً وخلقاً تذهب إلى القاضي فيقول لأبيها: زوجها أو أزوجها أنا أو ولي غيرك،لأن هذا حق للبنت، إذا منعها أبوها من هو كفؤ فعليها أن تطلب من القاضي أن يزوجها ولي آخر أو يزوجها القاضي.

    وهذا حق شرعي فليتنا نصل إلى هذه الدرجة، لكن أكثر الفتيات يمنعها الحياء من أن تقدم على هذا، وتبقى النصيحة للولي أن يتقي الله عز وجل وألا يمنعها فتَفسد وتُفسد، وليزن ذلك بنفسه، لو أنه أراد النكاح ومنع منه ماذا تكون نفسه؟

    ولقد حدثت قديماً أن رجلاً -والعياذ بالله- كان يمنع بناته من تزويجهن، وكبرن فمرضت إحداهن، قد يكون مرضها أيضاً بسبب منعها من الزواج والله أعلم، لكنها في سياق الموت وعندها نساء أوصتهن وقالت: قلن لأبي: حسبي الله عليه، وإن موعدي معه يوم القيامة، والعياذ بالله هكذا تقول لأبيها.

    وإن لم تقله فهذا هو الواقع حتى لو لم تقله فستكون خصماً له يوم القيامة: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ [عبس:34-36] فنصيحتي للأولياء من آباء أو إخوة أن يتقوا الله عز وجل، وألا يمنعوا النساء من هو حق لهن من تزويجهن من يرضى دينه وخلقه، نعم لو اختارت من لا يرضى دينه فله أن يمنعها، لكن تختار رجلاً صالحاً في دينه قيماً في أخلاقه ثم يمنعها لهوىً في نفسه، هذا والله حرام وإثم وخيانة، وأي شيء يكون منعه سبباً له من الفساد فإثمه عليه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767949942