أما بعد:
أيها الإخوة: فإن لقاءنا هذه الليلة، هو لقاء شهر صفر عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، وكان المقرر أن يكون في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وما زال الأمر كذلك لكن في الأسبوع الماضي حصل مانع من إقامته في وقته المقرر والحمد لله القضاء كما يقولون يحكي الأداء.
والاقتراح الذي تقدم به أخونا الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ اقتراح مقبول؛ لأنه في وقت مناسب، فالناس في أيام الإجازة في هذه المنطقة وفي غيرها من المناطق، في المملكة العربية السعودية، يكثر منهم الزواج، وكثرة الزواج بين الشباب أمر يَسُر؛ لأن ذلك امتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) واتباع لآثار المرسلين عليهم الصلاة والسلام، لقول الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً [الرعد:38].
فيسرنا أن نجد من شبابنا ومن شاباتنا تزاوجاً كثيراً، لهذا الأمر ولأمر ثان وهو تحصيل مصالح النكاح من إعفاف الفروج، وغض الأبصار، وحصول الأولاد، والأمة كلما كثر أفرادها قويت شوكتها، وتعددت أعمالها، ما بين مشتغل بالمصانع، مشتغل بالمزارع، مشتغل بالمواشي، بأعمال النجارة، بأعمال الحدادة، فكلما كثرت أفراد الأمة، فإن ذلك لا شك عز لها، واستغناء بنفسها عن غيرها، ومهابة لها؛ لأن الأمم الكثيرة تهاب ولو كانت ضعيفة في مسألة الصناعة والتكنولوجيا، ففي كثرة الزواج كثرة النسل، وهذا أمر مقصود للشارع، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (تزوجوا الودود الولود) الودود يعني: كثيرة الود؛ لأنه إذا حصل الود بين الزوجين كثرت الملاقاة بينهما، وإذا كثرت الملاقاة كثر التناسل، ولهذا أعقب قوله: (تزوجوا الودود) بقوله: (الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء) .
فالزوج يضرب زوجته على أتفه شيء، وهي تعانده وتخاصمه في أدنى شيء، لذلك يجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف، كما أمر الله تعالى بذلك.
بعض الناس تغلبه الشهوة، فيجامع المرأة وهي حائض، وهذا محرم وفيه الكفارة عند كثير من العلماء، وفيه ضرر عظيم جداً جداً على المرأة كما أخبرنا بذلك الثقات من الأطباء؛ لأن الأغشية في هذه الحال غير قابلة لهذه العملية، فتتمزق ويحصل بها ضرر كثير على المرأة، ثم إن تلاقي ماء الرجل مع الدم النازل من الرحم يحصل فيه مضرة أيضاً، فلذلك حرم الله عز وجل أن تُجامع المرأة في حال الحيض وقال: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222].
ولكن الله تعالى قد وسع هذا الأمر، فللزوج أن يباشر زوجته حال الحيض حيث شاء إلا في الفرج، الذي يخرج منه الحيض، وإلا في الدبر فالدبر يحرم وطؤه في كل حال، وما عدا ذلك فليفعل ما شاء، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر عائشة وهي حائض فتأتزر فيباشرها وهي حائض، وإنما أمرها بالاتزار لئلا يشاهد منها ما تعافه النفس من آثار الحيض، وإذا شاهد الإنسان من زوجته ما تعافه النفس فإن ذلك يولد في قلبه كراهة لها، فالوقاية -كما يقولون- خير من العلاج.
هل الزواج من الأمور النادرة التي لا تحصل إلا بعد شق الأنفس، حتى أن الإنسان يؤدي به الفرح إلى أن يخسر هذه الخسارة؟ الزواج أمر معهود ونعمة سائرة، ولا ينبغي أن نخرجه عن طوله لا في الولائم ولا في بطاقات الدعوة، ولا في كثرة المدعوين أيضاً، بعض الناس يوزع بطاقات يصل عددها إلى خمسمائة بطاقة على أناس قد لا يأتون إلا مجاملة، لو قيل للرجل هل أحب إليك أن تأتي أو لا تأتي؟ قال: أحب إلي أن أستريح، لكني آتي إليه على سبيل المجاملة، فنقول: لماذا هذا الإفراط وهذا الإسراف؟
انظر من له حق عليك من الأقارب، ومن له حق عليك من الأصحاب، انظر من إذا لم تدعهم حملوا عليك في نفوسهم، ومن سوى هذا فلا داعي له.
ومن المهم أن نعرف أن ما يفعله بعض الناس من طول السهر في مجامع العرس فإنه أمر لا ينبغي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها، وإذا أطال الإنسان السهر فإنه لا يعطي بدنه حظه من النوم، ولا يقوم لصلاة الصبح، إلا وهو كسلان تعبان، ثم ينام في أول نهاره عن مصالحة الدينية والدنيوية، والنوم الطويل في أول النهار يؤدي إلى فوات مصالح كثيرة، وقد جرب الناس أن العمل في أول النهار أبرك من العمل في آخر النهار، وأنه أسد وأصلح وأنجح، وأنه أبرك فإن البكور مبارك فيه، وهؤلاء الذين يسهرون الليالي، لا شك أنهم لا يستطيعون البقاء بدون نوم، فلا بد للجسم من النوم، وطول السهر يحول دون ذلك.
ما فائدة التصوير؟ لا شيء، الذكرى كما يزعمون لا فائدة منها، الكلام على القلب: هل أنت الآن مسرور مع أهلك، ففقد الذكرى لا يضرك، هل أنت على الحال الأخرى، أي: غير مسرور، فالذكرى لا تنفع.
إذاً لا نعرض أنفسنا لشيء محرم، قليل الفائدة بل كثير المضرة.
وأقبح من ذلك أن بعض النساء تجعل مكبرات الصوت على شرفات القصر، وأركان السور، وتغني عبر هذه السماعات، فيكون في هذا فتنة للسامع وإقلاق لأهل الحي وإتعاب للناس، فتنقلب هذه النعمة نقمة، وهذه الرخصة تنقلب حراماً لما فيها من الأذية.
والأمور التي تكون بمناسبة الزواج كثيرة، والوقت انتهى الآن بالنسبة للكلمة، ولم يبق إلا دور الأسئلة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل فيما قلنا خيراً وبركة، وأن يوفقنا جميعاً للصواب والسداد، إنه على كل شيء قدير.
الجواب: أما الصيام فلا أثر للجنابة فيه، إذ أن الجنب يصح صومه، لكن ترك الغسل للصلاة هو المشكل، فالصلاة لا تصح بدون الاغتسال لبقاء الجنابة، وأكثر العلماء على أنه يجب على هذا الإنسان أن يقضي جميع الصلوات التي لم يغتسل لها، لكن من المعلوم أن هذا الرجل سوف يجامع مرة أخرى ويحصل الإنزال فيغتسل، إلا أنه قد يخفى عليه مقدار ما حصل فيه الخلل مما اغتسل له، فنقول له: تحر واقض احتياطاً، وإذا كنت لا تعلم عن هذا شيئاً ولم يخطر ببالك أن الجماع المجرد عن الإنزال يوجب الغسل فنرجو ألا يكون عليك شيء، أي: ألا يكون عليك قضاء، لكن عليك التوبة والاستغفار من التفريط في ترك السؤال.
الجواب: نعم، إذا التقى الختانان وجب الغسل، لكن لا يمكن أن يلتقي الختانان إلا بتغييب الحشفة، ليس مجرد الملامسة موجباً للغسل إذا لم ينزل، بل لا بد من إيلاج الحشفة؛ لأن هذا هو الذي يكون فيه التقاء الختانين، إذ أن ختان الرجل هو أعلى الحشفة من القضيب، وختان المرأة معروف، فإذا التقى الختانان وجب الغسل، ولا يمكن أن يلتقي الختانان إلا بإيلاج الحشفة.
الجواب: الواقع كما ذكر السائل بالنسبة لبعض أهل البادية، أنهم يسرفون في الولائم ويسرفون في الدعوات، ويسرفون في المهور وأن من لم يسرف فهو محل العيب والسب والغيبة فيه، هذه من جهة الدعوات؛ أما الولائم فكل واحد يأتي بذبيحة، وهذه الذبيحة ستبقى ديناً عليه إذا تزوج الذي أتى بهذه الذبيحة أو ولده، فلا بد أن تردها عليه، فتحصل المفاخرة، أما بالنسبة لما يشترطه الأب أو الأم أو العم أو الأخ أو الخال على الزوج زائداً عن مهر امرأته فإنه حرام عليهم، ولا يحل لهم وهم يأكلونه ظلماً وسحتاً؛ لأن ما زاد على المهر فلا حق للأب ولا للأم ولا للأخ ولا للعم ولا للخال فيه، بأي شيء أخذوه؟! ما هو العوض الذي أعطوه مقابل هذا المال؟! ولهذا قال العلماء: لو شرط لغير الأب فكله لها يعني، مثلاً: لو أن الأخ زوج أخته، وقال للزوج: عشرة آلاف لي، وخمسون ألفاً للزوجة مثلاً، ووافق الزوج فإن العشرة الآلاف التي اشترطها الأخ تكون للزوجة وليس له حق فيها، والزوجة تخصمه عند القاضي، ويكون مهرها ستين ألفاً.
أما الأب فبعض العلماء يقول: لا بأس أن يشترط لنفسه وأنه إذا اشترط شيئاً لنفسه فهو له، لكن الصحيح أنه لا يحق له أن يشترط شيئاً لنفسه.
لأنه جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن ما كان قبل العقد فهو للزوجة، وما كان بعده فهو لمن شرط له، لكن لا يجوز للأب أن يشترط لنفسه شيئاً؛ لأنه لو فتح الباب لكانت البنات مثل السلع تباع وتشترى.
فنصيحتي لهؤلاء الذين ذكر عنهم السائل ما ذكر أن يتوبوا إلى الله عز وجل، وأن يجعلوا المهر خفيفاً بينهم حتى يكثر التزاوج بينهم، وحتى لا يرهقوا أنفسهم بالديون، فما أكثر المدينين الذين يأتون ويقولون: نحن علينا دين كذا وكذا بسبب الزواج.
الجواب: الذي يخرج من الإنسان أربعة أنواع: البول، والودي، والمذي، والمني.
فأما البول والودي، فحكمهما واحد، يجب تطهير العضو منهما؛ لأن الودي ماء أبيض يكون عند انتهاء البول هو عبارة عن بول، فله حكمه.
وأما المذي: فهو الذي يخرج بسبب الشهوة، لكنه يخرج من غير شعور به وعند برودة الشهوة، أي: أنه إذا بردت شهوة الإنسان وجد هذا البلل دون أن يشعر به، وهذا يوجب غسل الذكر والأنثيين؛ كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، ويوجب الوضوء أيضاً، وما أصاب الثوب منه فإنه ينضح كما ينضح بول الغلام الصغير، أي: أنه يصب عليه الماء حتى يعمه، وبذلك يكون طاهراً.
وأما المني: فإنه ماء غليظ يخرج عند اشتداد الشهوة ويحس به الإنسان، وهذا طاهر ولكنه يوجب الغسل.
وعلى هذا فما يحدث من بعض الناس عند مداعبة زوجته من الرطوبة، إذا أحس أنه مني وهو ما يخرج بشهوة وبقوة وبدفق، وجب عليه الغسل، وإذا لم يكن كذلك بل أحس بالرطوبة دون أن يكون بدفق ولذة فإن هذا مذي يجب فيه غسل الذكر والأنثيين، ونضح ما أصاب من الثياب أو من البدن.
الجواب:
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل |
وربما فات قوماً جل أمرهم مع التأني وكان الرأي لو عجلوا |
لا ينبغي للإنسان أن يضيع الفرصة إذا وجدها، فإذا خطب شخص ذو خلق ودين فإنه لا يُفوَّت من أجل ارتقاب من هو أصلح منه وأحسن؛ وذلك لأن هذا قد لا يحصل ولا سيما مع تقدم السن وكبر المرأة، فإنه لا ينبغي لها أبداً أن تفرط فيمن خطبها، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه).
فإذا كان الخاطب مرضي الدين والخلق، فلتتزوج، ولا تنتظر لأمر لا تدري أيحصل أم لا يحصل.
الجواب: أما الدعوة التي تحتاج إجابتها إلى سفر، فإن الإنسان لا يلزمه أن يسافر من أجلها، لما في السفر من المشقة وإضاعة الوقت، والفائدة بالنسبة للداعي قليلة، اللهم إلا ما كان بين الأقارب القريبين جداً فهذا قد يفقد إذا لم يحضر.
وأما إذا كان في بلده ولا ضرر على الإنسان في إجابة الدعوة، وليس في المكان منكر وعينه الداعي وقال: يا فلان احضر، وعلم أن الدعوة حقيقة لا مجاملة، فإن الواجب إجابة الدعوة، ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله.
أما ما يوزع من البطاقات فإنه لا تجب إجابتها إلا إذا أكد عليك الداعي، وذلك أن كثيراً من الناس يوزع بطاقات الدعوة للإشعار بأن لديه نكاحاً وهو لا يهمه أن تحضر أو لا تحضر.
لكن إذا أعاد الدعوة هاتفياً أو مباشرة فإنه يجب عليك إجابة الدعوة، لكن بالشروط التي ذكرناها، بألا يكون هناك منكر في البيت، فإن كان منكر، فإن كان المدعو يقدر على تغييره وجب عليه الحضور إجابة للدعوة وتغييراً للمنكر، وإن كان لا يقدر على تغييره فإنه لا يجوز له أن يحضر.
الجواب: الزواج ليس عائقاً عن طلب العلم إذا كان عند الإنسان ما يقيته، نعم لو فرض أن الإنسان ليس عنده ما يقيته، وخاف إذا تزوج أن يترتب على زواجه نفقات لا يستطيع تحملها مع طلب العلم، فحينئذ قد يكون عائقاً، ومع ذلك فإننا لا نحبذ للشاب ترك الزواج ولو في هذه الحال، بل نقول تزوج والله سبحانه وتعالى يغنيك أنت وأهلك، وفي الحديث: (إن ثلاثة حق على الله عونهم، وذكر منهم: المتزوج يريد العفاف) فأقبل يا أخي على الزواج، ولو كنت طالب علم، وربما يكون زواجك فتح باب رزق لك كما هو مشاهد في بعض الأحيان.
الجواب: ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أن أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج) ومن المعلوم أن الوفاء بالشروط المذكورة في العقود واجب؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] ولقوله: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً [الإسراء:34].
فإذا اشترطت المرأة على الزوج شروطاً غير ممنوعة شرعاً وجب عليه الوفاء بها، فإن لم يف بها فلها الفسخ، أي: يكون الأمر بيدها، ومن ذلك إذا اشترطت عليه أن تبقى مدرسة، أو أن تبقى طالبة والتزم بهذا الشرط؛ فإنه يجب عليه الوفاء بذلك، ولا يحل له أن يترك الوفاء به، فإن ترك الوفاء به ورغبت في الفسخ، فلها حق الفسخ؛ لأنه لم يف بالشرط.
وأما ما يتعلق بالخادم، فأنا لا أحبذ جلب الخدم إلا عند الضرورة، فإذا كان هناك ضرورة فلا بأس أن يأتي بالخادم، ولكن يلاحظ أنه لا بد من حضور محرمها معها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فإذا قال صاحب البيت: ماذا أصنع بمحرمها؟ ليس عندي له شغل؟ قلنا: من الممكن أن يخدمك في البيت بشراء الحوائج اليومية أو غير ذلك، ومن الممكن أن تدعه حتى هو بنفسه يتكسب ويحصل خيراً لك وله، المهم ألا تأتي بخادم إلا ومعها محرم.
الجواب: جاء في السؤال ذكر الطبول، والطبل لا يجوز استعماله في النكاح، وإنما يستعمل الدف، وفرق العلماء بين الطبل والدف، بأن الدف مختوم من جانب واحد، والطبل من الجانبين، وإنما منع الطبل دون الدف، لأن رنة الطبل أشد إيقاعاً من رنة الدف، والمعازف كلما كان أقل منها تأثيراً فهو أولى، فإذا أبيح الدف في النكاح، فإننا لا نرتقي إلى ما هو أكثر تأثيراً منه، والطبل أكثر تأثيراً من الدف.
أما ما يتعلق بالرقص على ضرب الدف، فإنه بلغنا أنه يحصل منه فتنة، ولو كان بين النساء، وذلك أن بعض النساء تكون امرأة رشيقة خفيفة جميلة، فإذا قامت ترقص حصل بها فتنة حتى مع النساء، وحدثنا عن أشياء من هذا، لذلك لا نفتي بجواز الرقص ولو أمام النساء.
أما رقص المرأة أمام زوجها وليس عندهما أحد فلا بأس به؛ لأن ذلك ربما يكون أدعى لرغبة الزوج فيها، وكل ما كان أدعى لرغبة الزوج فيها فإنه مطلوب ما لم يكن محرماً بعينه، ولهذا يسن للمرأة أن تتجمل لزوجها، كما يسن للزوج أيضاً أن يتجمل لزوجته كما تتجمل له.
الجواب: أما الأولى وهي الطريقة لتخفيف المهور، فهذا يحتاج إلى علاج من المسئولين من كبراء البلد، وأغنياء البلد، ويحتاج إلى وقت طويل لكني أخبركم أن في الناس -ولله الحمد- من يكفيه القليل من المهر، ولقد عقدت مرة نكاحاً لرجل، فلما أردت أن أقول يا فلان زوج الرجل، قل زوجتك بنتي، قال: زوجتك بنتي على مهر ريال، فقلت له: هذا لا يجوز لأنه كذب؛ لأني سمعت أن بعض العوام يرسل المهر مائة ألف ريال مثلاً، وعند العقد يقول زوجتك على مهر ريال، والمهر حقيقة مائة ألف ريال، فقلت: هذا لا فائدة فيه، المهر هو ما دفعه الزوج؛ ليس هو الريال الذي يكون عليه العقد، هذا من البدع، قال: لا، أنا أقول لك قولاً حقاً، المهر ريال واحد، قلت: أصحيح؟! قال: نعم، فسألت الزوج: هل هذا صحيح؟ قال: نعم، والباقي على أبي الزوجة، هو الذي تكفل بجميع مؤونة الزواج من فرش وغرفة نوم وغيرها، واكتفى بالمهر ريالاً واحداً لكن هل يكفي الريال مهراً؟
الجواب: نعم يكفي، لقد قال النبي عليه الصلاة والسلام لرجل: (التمس ولو خاتماً من حديد).
وقال الفقهاء: كل ما صح أن يكون ثمناً أو أجرة فإنه يصح أن يكون مهراً؛ لقوله تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [النساء:24] فعلى كل حال تقليل المهور يحتاج إلى عمل كبير من اجتماع الوجهاء وكبار البلد، حتى يتعاونوا على البر والتقوى.
وهل للولي أن يجبر ابنته على النكاح؟
الجواب: لا. ليس للولي لا الأب ولا غير الأب أن يجبر ابنته على النكاح، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الأيم حتى تستأمر) وفي رواية لـمسلم : (البكر يستأمرها أبوها) فنص على البكر ونص على الأب.
فلا يجوز أن يزوج الأب ابنته بغير رضاها، ولا أخته ولا أي امرأة له عليها ولاية، إلا برضاها، فإن أجبرها فالنكاح غير صحيح.
ولا يحل للزوج أن يدخل عليها وهي مجبرة عليه؛ لأن النكاح غير صحيح.
وهل لها أن تفسخ العقد؟
إذا قلنا: إن النكاح غير صحيح، فلا بد من فسخه؛ لأنه لم يصح، لكن لو فرضنا أن المرأة دخلت على الرجل، وأعجبها الرجل وأجازت العقد فإن ذلك لا بأس به، ويكون النكاح صحيحاً بناءً على إجازتها.
الجواب: لا يحل للشاب أن يستقرض من البنوك الربوية ليتزوج، وذلك لأن الربا محرم، ومن كبائر الذنوب، وملعون فاعله، وربما لا يبارك الله له في هذا الزواج، ولا يحل له أيضاً أن يستجدي الناس، ويذهب إلى البيوت يقرعها: أعطوني .. أعطوني، بل قد قال الله عز وجل: وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:33] فنقول له تعفف واصبر حتى يغنيك الله من فضله، وانتظر الفرج من الله.
ولهذا لم يرشد النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي قال: لا أجد خاتماً من حديد، لم يقل استقرض من إخوانك، ولم يقل اسأل الناس، بل قال لما قال: لا أجد ولا خاتماً من حديد قال: (زوجتكها بما معك من القرآن).
الجواب: العلماء يقولون: إن الدف مشروع للنساء، والاقتصار على النساء أولى؛ لأنه لو فتح الباب للرجال فربما يحصل في هذا شر كثير، فلهذا نرى ما قاله أهل العلم في هذه المسألة وأنه يقتصر فيه على النساء فقط.
الجواب: على كل حال الحكم على شيء بناء على تصوره، لكني أقول: أقصد في مشيك، واغضض من صوتك، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير، فإن كان الأمر كما وصفتم أو قربتم لي، فهو أقرب إلى صوت الحمير من صوت النساء.
إذا كان حولهن رجال يحصل به فتنة، وإذا لم يكن حولهن رجال فأنا أشك في جوازه.
الجواب: إذا صار على المرأة جنابة وهي حائض، فإن الأفضل أن تغتسل من الجنابة، ولا يجب الاغتسال لأنها لا تصلي وهي حائض، والغسل إنما يجب للصلاة لكن الأفضل أن تغتسل لتتمكن من قراءة القرآن؛ لأن من عليها الجنابة لا تقرأ القرآن، وكذلك الرجل إذا كان عليه الجنابة لا يقرأ القرآن.
والحائض تقرأ من القرآن ما تحتاج إلى قراءته، وعلى هذا فيسن لها أن تغتسل من الجنابة، فإن أخرت ذلك وجعلت غسلها من الحيض عن الحيض وعن الجنابة فلا بأس، ولكن لا يحل لزوجها أن يجامعها حتى تغتسل من الحيض، لقول الله تبارك وتعالى: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ [البقرة:222] أي اغتسلن: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ [البقرة:222].
والدليل على أن التطهر هو الغسل قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6] وقد أخطأ من قال إن المراد به غسل الفرج عن دم الحيض؛ لأن الله قال: حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ [البقرة:222] يعني اغتسلن.
الجواب: أقول: اسأل الله لهذا الرجل الشفاء والعافية، سبب هذا الذي أصابه الوساوس، يتخيل الإنسان أنه أحدث بأي حركة في دبره أو في ذكره، فتجده إذا أحس بهذا الوهم، ذهب يُعصِّر ذكره لينظر هل يخرج شيء أم لا، ومعلوم أنه لو فعل ذلك سوف يخرج شيء، تجده مثلاً يعرق فيقول: إنه خرج شيء من دبره، وهو يعلم أنه عرق لم يصبه شيء، فلا يزال به الوهم حتى يتأكد في بعض الأحيان أنه أحدث وليس بمحدث.
ولهذا نقول لهذا الأخ الذي نسأل الله له العافية أن يعرض عن هذا كله، ويتجنب هذا كله، وإذا عزم على نفسه وتركه أعانه الله، وأنا أعلم أنه لو عزم على نفسه سيكون منقبضاً وسيبقى مضطرباً؛ لأن نفسه تقول له: صليت بغير وضوء، أحدثت في الصلاة وما أشبه ذلك،ولكن إذا عود نفسه وعزم على نفسه، فإنه بعد ذلك سوف يشفى من هذا إن شاء الله، فنسأل الله لنا وله الشفاء من كل داء، وأن يطهر قلوبنا وأبداننا إنه على كل شيء قدير.
الجواب: ما ذكره السائل فهو محنة على الأمة الإسلامية، والإنسان أحياناً يفكر ويقول: كيف يطيب لي أن أشرب هذا الماء الزلال البارد وإخواننا في البوسنة والهرسك يشربون من المياه القذرة، من المياه التي تجري من البول والغائط، يتألم الإنسان تألماً عظيماً، ولكن ما حيلة الإنسان؟ الشعوب ليس لهم حيلة.
والقائمون على الشعوب كثير منهم ليس عندهم مبالاة، أهم شيء أن يبقى على كرسيه وليس له أي شأن، وإلا ففي ظني أن الحكومات الإسلامية لو استعانت بالله عز وجل وقاطعت الأمة النصرانية مقاطعة تامة في كل شيء حتى ترجع عن غيها وعدوانها وظلمها؛ لكان في هذا خير كثير، ولا يخفى على كثير منا ما حصل من مقاطعة في البترول منذ سنوات مضت وخلت كيف انصاعت الدول إلى أن رضخت وجاءت على ما نريد أو على بعض ما نريد.
فالواجب على الأمة الإسلامية القادرة على إزالة هذه المحنة عن البوسنة والهرسك وغيرها من بلاد الإسلام حتى الجمهوريات الإسلامية التي انفكت ممن الاتحاد السوفيتي فيها أيضاً من البلاء والحروب والتضييق على المسلمين ما لا يعلمه إلا الله، ثم أيضاً بلاد أخرى كثيرة مبتلاة بهذا الشيء، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع كلمة المسلمين على الحق، وأن ينصرهم على عدوهم وأن يعرفنا بأعدائنا حقيقة، وأن كل إنسان على غير الإسلام فهو عدو للمسلمين مهما كان.
اللهم اختم لنا مقامنا هذا بقبول الدعاء، اللهم انصر الإسلام والمسلمين في كل مكان، اللهم انصر إخواننا في البوسنة والهرسك وغيرها من بلاد الإسلام والمسلمين على أعدائهم.
اللهم سلط على أعدائهم، واجعل بأسهم بينهم يا رب العالمين.
اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر