أما بعد:
أيها الإخوة: فهذا هو لقاء شهر شوال من عام أربعة عشر وأربعمائة وألف في الجامع الكبير في عنيزة، والذي ينظم في كل شهر مرة، ونحن على مقربة من وداع شهر رمضان، الذي أدينا وأدى المسلمون فيه فريضة وركناً من أركان الإسلام وهو صيام رمضان، ومن حكمة الله عز وجل أنه لم يخرج شهر الصيام حتى دخلت أشهر الحج إلى بيت الله الحرام، ولهذا سنجعل مقدمة لقائنا هذه الليلة، في البحث عن الحج ويتلخص في الأمور التالية:
والجواب على هذا السؤال: أن العلماء رحمهم الله اختلفوا هل فرض الحج في السنة السادسة من الهجرة، أم في السنة التاسعة من الهجرة؟ والصواب: أنه في السنة التاسعة من الهجرة، فأما قوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] التي نزلت في الحديبية فهذا أمر بالإتمام وليس أمر ابتداء، أمر الابتداء جاء في قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97].
وهذه الآية نزلت في السنة التاسعة من الهجرة، ولأن الحكمة تقتضي ذلك، لأن مكة كانت قبل فتحها بلاد كفر، ومنع قريش للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من إتمام العمرة ليس ببعيد، إذ أنهم منعوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من إتمام العمرة لما جاء معتمراً في السنة السادسة من الهجرة، فليس من الحكمة أن يفرض الله سبحانه وتعالى الحج على عباده وقريش لهم بالمرصاد، ولكن لما فتحت مكة وصارت بلاد إسلام في السنة الثامنة، حينئذ اقتضت حكمة الله عز وجل فرض الحج، ففرض في السنة التاسعة من الهجرة، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة من الهجرة لسببين:
السبب الأول: أن هذه السنة كانت سنة الوفود، أي: أن العرب كانوا يفدون إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة يتلقون عنه شرائع الإسلام، فغيابه عنها مع تكاثر الوفود إليها ربما يكون فيه فوات مصلحة عظيمة، لهذا أخر النبي صلى الله عليه وسلم الحج إلى السنة العاشرة.
السبب الثاني: أنه في السنة التاسعة كان الحجاج خليطاً من المسلمين والمشركين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤذن في ذلك العام ألا يحج بعد العام مشرك حتى تتحمض حجة النبي صلى الله عليه وسلم في قوم مسلمين لا مشركين معه، ولهذا لم يحج النبي صلى الله عليه وسلم إلا في السنة العاشرة من الهجرة.
والاستطاعة نوعان: استطاعة بالبدن، واستطاعة بالمال، فالاستطاعة بالمال شرط للوجوب، والاستطاعة بالبدن شرط للأداء، فإذا كان الإنسان فقيراً ليس عنده مال، فإنه لا يجب عليه الحج، إذا كان يحتاج إلى راحلة؛ لأنه لا يستطيع ولو كان بدنه قوياً، وإذا كان عنده مال لكن لا يستطيع أن يحج ببدنه؛ لأنه ضعيف كبير أو مريض مرضاً لا يرجى برؤه، فإنه يجب عليه أن يقيم من يحج عنه، فالاستطاعة بالبدن شرط للأداء، والاستطاعة بالمال شرط للوجوب.
ومن الاستطاعة بالمال ألا يكون على الإنسان دين، فإن كان عليه دين فإنه لا يلزمه الحج، ولا يأثم بتركه، ولو مات وهو لم يحج؛ فإنه لا يعاقب؛ لأنه ليس بقادر، إذ أن قضاء الدين أهم من الحج، وإسقاط الله الحج عن المدين من رحمته به، فينبغي للإنسان أن يقبل رخصة الله، وأن يقضي دينه أولاً ثم يحج ثانياً، إذ لو حج بالمال، لفات من قضاء دينه بمقدار ما أنفق على حجه، وأضرب لكم مثلاً في رجل عليه خمسة آلاف ريال ديناً، فإذا حج فسوف ينفق ألف ريال على الأقل، إذن فات من قضاء الدين ألف ريال، نقول: اصرف الألف في قضاء دينك، فإذا صرفته في قضاء دينك لم يبق عليك من قضاء دينك إلا أربعة آلاف ريال، واقبل رخصة الله، لا تكلف نفسك، فإن قال قائل: وهل يشمل ذلك الدين الذي لصندوق التنمية العقارية؟
الجواب: إذا كان الإنسان يستطيع الوفاء كلما حل القسط، وبيده الآن مال يمكنه أن يحج به، وهو يعرف أنه إذا حل القسط استطاع الوفاء به، فإنا نقول: إن هذا الرجل قادر فليحج، أما إذا كان لو أنفق ما عنده في الحج، لحل القسط وليس بيده شيء فإنا نقول: لا تحج، وادخر ما عندك من المال للقسط، ولا تظن أنك تأثم بذلك؛ لأن بعض الناس يقول: كيف أموت وأنا ما حججت؟
نقول: أرأيت لو كنت فقيراً ولم تزك، هل تندم إذا مت وأنت لم تزك؟ لا تندم، فإذا كان الإنسان إذا مات فقيراً لا يملك مالاً ولم يزك، فإنه يموت على ملة تامة لا نقص فيها، أي لا نقص فيها نقصاً يأثم به، فكذلك إذا كان عليه دين ولم يحج ثم مات فإنه يموت على ملة تامة ليس فيها نقص يأثم به، وهذا من نعمة الله.
نقول: في هذا تفصيل وهو: أنه إذا كان الإنسان يخشى على نفسه الفتنة بتأخر النكاح، وعنده شهوة قوية، فإنه لا يحج ويصرف المال في النكاح؛ لأن الإنسان إذا كان في حاجة إلى النكاح فهو كالإنسان الذي يكون في حاجة إلى الطعام والشراب، بل ربما يفتتن بترك النكاح أكثر مما لو لم يأكل ويشرب، فالمسألة فيها تفصيل: فإذا كان الإنسان يخشى على نفسه الفتنة وهو قوي الشهوة، فإنه يقدم النكاح على الحج، وإن كان الأمر بالعكس فليقدم الحج على النكاح.
فإذا قال قائل: أنا طالب علم وفي حاجة إلى الكتب، فهل أشتري بما عندي من المال الكتب التي أحتاجها أو أحج؟
الجواب: اشتر الكتب التي تحتاجها؛ لأن حاجتك للكتب كحاجتك للطعام والشراب الكمالي ليس الضروري، فإذا كنت محتاجاً إلى الكتب التي لا بد لك منها، فإنه لا يجب عليك الحج حتى تؤمن هذه الكتب، وهذا لا شك أنه من نعمة الله عز وجل ومن رحمته بعباده.
فإن قال الإنسان: أنا علي دين وسمح لي أهل الدين أن أحج فهل أحج؟
الجواب: لا. لأنهم وإن سمحوا لك فلا يسقط عنك شيء من الدين، والكلام على شغل الذمة، نعم. لو قالوا: حج ونحن نسقط عنك من دينك بمقدار ما أنفقت في الحج، حينئذ أصبح الحج لا يضره فليحج.
أما إذا حج وأنفق الدراهم في الحج تعذر وفاء الدين، فهنا نقول: لا تحج، لأن الأمر في هذا واسع.
نقول: في هذا تفصيل، إن كان في إحرامهم مشقة عليهم أو عليه، فالأفضل ألا يجعلهم يحرمون؛ لأن الحج لم يجب عليهم بعد، وكونك تعمل عملاً يشق عليهم أو يشق عليك بدون حاجة إلى ذلك خلاف الصواب.
والآن المشقة متوقعة في موسم الحج، الرجل البالغ الكبير لا يتخلص إلا بمشقة، فكيف إذا كان معه صبيان يحملهم أو صبيان يقودهم، ففي ذلك مشقة، وسوف ينشغل بهم عن أداء النسك، سوف يطوف وقلبه يوجل، ويسعى وقلبه يوجل، وكيف يسعى ومعه هؤلاء الصغار؟ لذلك نرى أنه في مثل هذه العصور الأفضل ألا يحرم بهم، يستصحبهم ولا بأس، وإذا وصل إلى مكة يجعلهم في البيت أو في الخيمة، وينزل إلى المطاف والمسعى، ويسعى بنفسه ليستريح ويريح صبيانه.
نقول: إذا وجب على الإنسان ولكن لم يُقدَّر له أن يحج، إما لأنه قال: الحج هذه السنة فيه صعوبة أو مشقة، لكني قادر ولم يحج، فإنه إذا مات يكون الحج ديناً في ذمته، ودليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: (إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها قال: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: اقضوا لله).
فشبه النبي صلى الله عليه وسلم الحج بالدين، وعلى هذا فإذا مات هذا الرجل فأول ما نخرج مؤنة تجهيزه، مثل أجرة الغاسل، قيمة الكفن، قيمة الحنوط، قيمة القبر إذا كان لا بد من ثمن لهذه الأشياء، ثم بعد ذلك نأخذ مقدار نفقة الحج قبل الوصية، ثم بعد أن نأخذ مقدار نفقة الحج نأخذ الوصية من الباقي، فإن كانت الوصية بالخمس الباقي، إن كانت بالثلث أخذنا ثلث الباقي وهلم جرا، وإن كانت بالنصف فلا يمكن؛ لأنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث إلا برضا الورثة.
فإذا قدر أن هذا الميت الذي لم يحج مع وجوب الحج عليه لم نجد خلفه إلا مقدار نفقة الحج، فإذا أخذنا هذا الذي عنده لم يبق للورثة شيء ولم يبق للوصية شيء، نقول: نقدم الحج، وتبطل الوصية، ويسقط حق الورثة؛ لأن الدين مقدم على كل شيء.
وإذا قدرنا أن هذا الرجل الذي مات وقد وجب عليه الحج كان عليه دين للآدميين فهل نقدم الحج أو دين الآدمي؟
الجواب: يتساويان فإذا أمكن أن نقضي الدين ونحج عنه فعلنا، وإذا لم يمكن تقاسمناه، فإذا كان الباقي لا يمكن أن يكفي للحج حينئذ صرفنا المال كله للدين.
ونقتصر على هذا القدر من الكلام؛ لأن الأسئلة أظنها كثيرة، ويمكن أن نحتاج إليها كثيراً، ولم يبق في الوقت إلا دقائق يسيرة.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، قضاء رمضان إذا شرع فيه الإنسان فإنه لا يحل له أن يفطر بلا عذر لأنه واجب، وكل من شرع في واجب فإنه لا يجوز أن يخرج منه إلا بعذر شرعي، وهذه قاعدة عند العلماء: كل من دخل في فرض فإنه لا يجوز أن يقطعه إلا لعذر شرعي، ولهذا لو شرعت في الصلاة، ثم أرادت أن تقطعها هل يجوز؟
لا يجوز.
- شرعت في قضاء رمضان وأردت أن تقطعه في أثناء اليوم فلا يجوز، لأنك شرعت في واجب.
- شرعت في صوم نذر، هل يجوز أن تقطعه؟ لا.. والقاعدة الآن خذوها معكم: كل من دخل في فرض فإنه لا يجوز أن يقطعه إلا من عذر شرعي.
هذه السائلة تقول: إن أهلها يريدون القيام برحلة، وإنها صامت على شرط أنهم إن عزموا على ذلك وخرجوا في الرحلة فإنها تبطل الصوم، نقول: هذا لو أنها بقيت على صومها لكان أفضل لها، ولكن لما قطعت هذا الصوم من أجل أن تصحب أهلها في رحلتهم فإن عليها أن تتوب إلى الله، وألا تعود لمثل هذا العمل، وأن تقضي بدل هذا اليوم الذي أفطرته.
الجواب: القضاء لا تجب فيه الكفارة، فإذا كان الإنسان صائماً عن قضاء رمضان ثم جامع زوجته في أثناء النهار فإنه آثم، وعليه أن يتوب ويقضي بدل هذا اليوم، وليس عليه الكفارة، لأن الكفارة إنما تجب بالجماع في نهار رمضان لمن كان الصوم واجباً عليه.
الجواب: صيام الستة أيام من شوال لا يمكن أن يتحقق إلا إذا نوى صوم كل يوم قبل طلوع الفجر، فإن لم ينو إلا بعد طلوع الفجر، فإنه لا يصدق عليه أنه صام ستة أيام من شوال، وأضرب لهذا مثلاً: في اليوم الأول من الستة لم ينو الصوم، ولما أذن الظهر نوى الصوم على أنه يوم من الست، ثم أكمل فكم يبقى عليه؟ خمسة أيام، ثم صام الخمسة الباقية، فهذا الرجل هل نقول: إنه صام ستة أيام أو صام خمسة أيام ونصف؟ خمسة أيام ونصف، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (أتبعه ستاً من شوال) وهذا لم يصم إلا خمسة أيام ونصفاً، ولكنه يكتب له أجر صيام ذلك اليوم، إلا أنه لا يحسب من الستة، فنقول: الصوم الذي نويته عند صلاة الظهر يصح، وتثاب عليه من بدء النية، ولكنه لا يحسب لك من الستة؛ لأن الستة لا بد أن تكون أياماً كاملة.
الجواب: أما من جهة الصلاة فإنها لا تجب على واحد منهما على القول الراجح: إن زوال العقل بالإغماء من مرض أو من غير مرض يسقط وجوب الصلاة، فلا يلزمه القضاء بالنسبة للصلاة.
وأما بالنسبة للصيام، فيجب عليه أن يقضي الأيام التي لم يصمها في حال إغمائه.
والفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة تتكرر، فإذا لم يقض ما فاته فسوف يصلي في اليوم التالي، وأما الصوم فإنه لا يتكرر، ولهذا كانت الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.
الجواب: القول الصحيح في ذلك أنهم مسافرون ما داموا ذهبوا هذه المسافة، وسوف يبقون هناك يوماً أو يومين، فإنهم مسافرون، والمسافر ظُهره مقصورة أي: فلا يصلي إلا ركعتين، فإذا كان هؤلاء الجماعة لم يصلوا إلا ركعتين، فإن صلاتهم مقبولة وموافقة للسنة.
وأما قول أحدهم نصلي أربعاً لأن اليوم يوم الجمعة؛ فهذا صحيح فيما إذا فاتت الإنسان الجمعة وهو في البلد فإنه يصليها أربعاً، لأنه غير مسافر.
الجواب: نعم هذا ورد في الإنسان الذي يصرف ماله في الطين، أي في البناء الذي لا يحتاج إليه، وأما البناء الذي يحتاج إليه؛ فإنه من ضروريات الحياة، والإنسان إذا أنفق على نفسه ما هو من ضروريات الحياة، فإنه يؤجر على ذلك إذا أنفقه يبتغي به وجه الله عز وجل؛ لكن المفاخرة والتطاول في البنيان هو الذي لا خير فيه، بل ليس فيه إلا إضاعة المال، أما ما يبنيه الإنسان لحاجته فإنه يؤجر على ذلك إذا ابتغى به وجه الله، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـسعد بن أبي وقاص : (واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فم امرأتك).
الجواب: القاعدة أن الحج والعمرة إذا شرع فيهما الإنسان وجب عليه إتمامهما لقول الله تبارك وتعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ [البقرة:196] فلا يحل له أن يقطعها حتى ولو كان زحاماً، وعليه أن ينتظر حتى يخف الزحام ثم يكمل العمرة، فهؤلاء الذين قطعوا عمرتهم، نقول: الحكم فيهم:
أولاً: أنهم آثمون إلا أن يكونوا جاهلين فلا إثم عليهم.
ثانياً: أنهم لا يزالون في إحرامهم، حتى لو خلعوا ملابس الإحرام ولبسوا الثياب العادية، فإنهم لا يزالون في إحرامهم وهم آثمون في لباسهم اللباس العادي إلا أن يكونوا جاهلين.
ثالثاً: أنه يلزمهم -الآن- أن يرجعوا إلى مكة ليتمموا عمرتهم، فإذا كانوا قد طافوا ولكن لم يسعوا، نقول: بقي عليكم السعي، وإن كانوا طافوا بعض الأشواط ثم خرجوا نقول: أعيدوا الطواف من أوله، وإذا كانوا سعوا بعض الأشواط وتركوا بعضاً نقول: ارجعوا فابدءوا بالسعي من أوله.
وإذا كان رجلاً وجب عليه أن يتخلى -الآن- من لباسه المعتاد، وأن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام ويتوكل على الله.
وإنه يؤسفنا أن هذا وقع من كثير من الناس في هذا العام، لما رأوا الزحام تركوا الإكمال وذهبوا إلى أهلهم، وربما يكون الإنسان قد وطئ زوجته في هذه المدة، وربما يكون قد تزوج، وإذا كان قد تزوج فإن عقد النكاح غير صحيح؛ لأنه ما زال محرماً، والمحرم لا يصح عقد النكاح له، فإذا قدر أنه قد عقد فنقول: أمسك ولا تأت أهلك حتى تذهب وتكمل العمرة ثم أعد العقد من جديد.
الجواب: إذا كان الإنسان صام يوم الجمعة لأنه وقت فراغه، ويشق عليه أن يصوم في غير يوم الجمعة؛ فلا حرج عليه أن يصوم؛ لأنه لم يخص يوم الجمعة لأنه يوم الجمعة، ولكنه خصه لأنه وقت فراغه، وأما إذا خصه لغير سبب، فإننا نقول: إما أن تصوم يوماً قبله وإما أن تصوم يوماً بعده، وكذلك يوم السبت، لا يخصه بصيام، فإما أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده، وإلا فليترك صومه، إلا إذا قال: أنا ليس لي فراغ إلا يوم السبت، وأنا أحب أن أصوم أيام الست، نقول: لا بأس، لأنك حينئذ لم تخصه من أجل أنه يوم السبت، وكذلك إذا صادف يوم الجمعة أو يوم السبت يوماً يسن صومه كيوم عرفة فلا بأس بإفراده لما ذكرنا.
الجواب: الواجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] وإذا نشزت المرأة عن زوجها وصارت لا تعطيه حقه، أو تعطيه حقه وهي متكرهة متبرمة، فإنها تعتبر ناشزاً، وقد قال الله تعالى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً [النساء:34].
وثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أن المرأة إذا دعاها الرجل إلى فراشه فأبت عليه لعنتها الملائكة حتى تصبح) والعياذ بالله.
ولهذا يجب على هذه المرأة أن تتقي الله في نفسها وفي زوجها، وأن تعود إلى العشرة بالمعروف، وأن تذكَّر ما سبق من ماضي حياتهما وألا تجحد الجميل؛ فإن جحد الجميل -أعني: جحد جميل الزوج- من أسباب دخول النار والعياذ بالله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ النساء ذات يوم، وقال: (يا معشر النساء تصدقن؛ فإني رأيتكن أكثر أهل النار قلن: بم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير).
قال العلماء: العشير: الزوج، ومعنى تكفرن العشير: أي تجحدن حقه ولا تقمن به، فعلى المرأة هذه أن تتقي الله عز وجل فيما بقي من عمرها، ولعلها لم يبق من عمرها مع زوجها إلا القليل، فلترجع إلى حظيرة الزواج، ولتصنع معروفاً في زوجها وفي أولادهما، لأن الأولاد إذا رأوا ما بين هذه المرأة وزوجها من التباعد ربما يُحدِث في نفوسهم شيئاً، وهذه الكلمة أقولها لهذه المرأة ومن يشابهها من النساء.
كما أقول أيضاً: إن الواجب على الرجال أن يتقوا الله تعالى في النساء كما وصاهم بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في خطبته في عرفة في حجة الوداع حيث قال: (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله).
فالواجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف.
السؤال: بالنسبة للرجل الذي قاطعته امرأته وهجرته، قد يظن أنه يعمل بعض المنكرات وهو ليس من أهل المنكرات لكبر سنه ولبعده عن ذلك.
الجواب: إذا كان الأمر هكذا، صار مقاطعتها لزوجها أشد إثماً؛ لأنه ليس لمقاطعتها وجه من الوجوه، فيكون إثمها أعظم، ونكرر نصيحتنا لها أن تتقي الله عز وجل، وأن تعود إلى رشدها وإلى معاشرة زوجها بالمعروف.
الجواب: الذي أرى أن تصارح أخاك في الأمر، وألا تتعذر بأشغال موهومة، صارح أخاك فربما يجبر زوجته على أن تتحجب، وذلك أن المرأة لا يحل لها أن تكشف لأحد من أقارب زوجها إلا أن يكونوا من آبائه وأجداده أو من أبنائه وأبناء أبنائه أو أبناء بناته، يعني: الأصول والفروع، أما إخوانه وأعمامه وأخواله وأبناء إخوانه فإنه لا علاقة لهم بزوجته إطلاقاً، وليسوا من محارمها.
فنصيحتي لهذه الزوجة أن تتقي الله عز وجل في نفسها أولاً، وأن تتقي الله تعالى في أخي زوجها؛ لأنها بفعلها هذا حالت بينه وبين صلة أخيه، هي السبب في قطيعته لأخيه، فنصيحتي لهذا الأخ:
أولاً: أن يصارح أخاه، ويقول: إن زوجتك لا تقوم بما يجب عليها من تغطية وجهها، وما يجب تغطيته.
ثانياً: أن يأتي إلى أخيه وإذا جاءت الزوجة يقول: انصرفي أو احتجبي، وليكن شجاعاً، وليكن صريحاً، والشيء إذا لم يأت بالصراحة ضاعت الأمور.
ثالثاً: أنصح هذه المرأة أن تتقي الله عز وجل في نفسها وفي أخي زوجها، بل وفي زوجها؛ لأن زوجها لا يرضى أن يقطعه أخوه.
وأما قولها: إن الإيمان في القلب فهي حجة واهية داحضة؛ لأنه لو كان في القلب إيمان لصلحت الجوارح، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).
وهل يعقل أن قلباً عنده إيمان كامل ولا يقوم بطاعة الله ولا ينتهي عن معصيته، كلما كمل الإيمان في القلب كمل القيام بالطاعة واجتناب المعصية.
الجواب: أولاً: نهنئ هذا الرجل الذي منَّ الله عليه بالاستقامة وترك سفاسف الأمور ومهلكات الأرواح، ونقول: احمد الله على هذا الخلاص الذي خلَّصك به.
ثانياً: جميع ما اكتسبه من هذا الطريق المحرم حرام عليه، لكن ما كان عنده فقد قال الله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة:275] إلا نفس المخدر إذا كان عنده فإن الواجب عليه إتلافه.
وأما ما في ذمم الناس فإنه يأخذه منهم لكن يتصدق به تخلصاً منه لا تقرباً به، ولا يمكن أن يدعه عند الناس فيجتمع لهم العوض والمعوض، بل نقول: خذ منهم ما في ذممهم وتصدق به ولا تدخله على مالك، بل تصدق به تخلصاً منه وبذلك تنحل المشكلة.
أما الذي عليه للناس من أثمان هذه المخدرات فله أن يمتنع من وفائها، ويقول: أنا لا أوفيكم، هذا شيء حرام، والحرام ليس له قيمة شرعاً، ولكن في هذه الحال يتصدق بقيمة ما أخذه من الناس حتى لا يجتمع في حقه العوض والمعوض.
الجواب: أسأل: هل في عمل هذه اللوحات إعانة لهؤلاء على أعمالهم؟
نعم، وإذا كان فيها إعانة على أعمالهم صار ذلك حراماً لقول الله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
فإذا قدرنا أن هذه اللافتة إذا وضعت على هذا المحل جذبت الناس، والمحل لا يتعامل إلا بالحرام، صار صنع هذه اللافتة حراماً، وأخذ الأجرة عليها حراماً؛ لأنه داخل في قول الله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
الجواب: هذه المرأة إذا لم تنته عدتها قبل الحج فإن الحج ليس واجباً عليها، لقول الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97] والمرأة المحادة يلزمها البقاء في المسكن الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، لكن لهذه المرأة إذا كانت لا تستطيع البقاء في بيتها أن تسافر إلى بلدها؛ لأنها إما في البلد التي مات زوجها وهي فيه، وإما في بلدها الأصلي إذا كان يشق عليها البقاء، وأما الحج فليس واجباً عليها في هذه الحال لأنه لا يمكن أن تحج إلا بمحرم وليس لها محرم.
الجواب: الرجل الذي لا يصلي إطلاقاً لا جمعة ولا غيرها كافر، ولا يحل للمرأة أن تبقى عنده طرفة عين؛ لقول الله تبارك وتعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10].
وأما الرجل الذي يصلي ويترك، يعني: أحياناً يصلي وأحياناً لا يصلي، فإن الذي أرى أنه ليس بكافر لكنه فاسق والعياذ بالله، وللمرأة في هذه الحال أن تطالب بفسخ النكاح، والأفضل لها إذا كانت قد أيست من إصلاحه أن تطالب بفسخ النكاح؛ لأن هذا سيكون له الأثر السيئ عليها وعلى أولادها أيضاً، إذا رأوا أن أباهم يتهاون بالصلاة إلى هذا الحد تهاونوا بها، لكننا نسأل الله سبحانه وتعالى له الهداية، وأن يهتدي إلى الصواب، وأن تبقى زوجته معه في سعادة وفلاح.
الجواب: إذا كنت قادراً على الزواج فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) فإذا كنت قادراً على الزواج فهنا أمران: أمر والديك بعدم الزواج وأمر نبيك بالزواج فمن تطيع منهما؟
النبي صلى الله عليه وسلم، ولا إشكال في هذا.
فنقول: إذا كنت قادراً على الزواج فتزوج، سواء رضي الوالدان أم لم يرضيا، أما إذا كنت غير قادر فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم) وفي هذه الحال إذا كنت غير قادر يجب على أبيك إذا كان قادراً أن يزوجك وجوباً كما يجب عليه أن ينفق عليك؛ لأن إعفاف الإنسان كالإنفاق عليه، هو محتاج إلى إعفاف نفسه كما أنه محتاج إلى الأكل والشرب.
فخلاصة الجواب الآن: إذا كنت قادراً على النكاح فتزوج ولو منعك أبوك وأمك؛ لأن أمامك أمر الرسول عليه الصلاة والسلام وهو مقدم على أمر والديك.
أما إذا كنت عاجزاً ليس عندك مال وعند أبيك مال، فإن الواجب على أبيك أن يزوجك وإذا امتنع فإنه آثم.
فإن كان أبوك فقيراً فقد أرشد النبي عليه الصلاة والسلام الشباب إذا لم يستطيعوا الباءة أن يصوموا، قال: (فعليه بالصوم فإنه له وجاء) أي: قطع؛ لأن الصوم يقلل الشهوة.
الجواب: صيام ثلاثة أيام من كل شهر لها فضيلة ولها جواز، فالفضيلة أن تكون في اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، والجائزة في بقية الشهر، قالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي من أول الشهر أو وسطه أو آخره) وبناءً على ذلك، فإن الإنسان إذا صام ستة أيام من شوال، أجزأت عن صيام الأيام الثلاثة، لكن لو قال: أنا أريد أن أصوم الأيام البيض، قلنا صم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.
أما صيام ثلاثة أيام من كل شهر فقد حصلت من صيام الستة؛ لأن صيام الستة ثلاثة وزيادة.
أما سؤاله هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين صيام الستة أيام من شوال، وصيام أيام البيض، فقد عرف الجميع الآن، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، ثم إننا لا نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصوم الستة أيام من شوال، لكنه حث أمته على ذلك فقال: (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كمن صام الدهر).
الجواب: الذي فهمناه من السؤال أنها في أول سنة لم تصم، فإن كانت بعيدة عن العلم كامرأة نشأت في بادية وليس عندهم عالم يسألونه وهم غافلون عن هذا الشيء، فإنه لا شيء عليها؛ لأنها لم تبلغها الشريعة.
وأما إذا كانت في البلد وعندها العلماء ولكنها فرطت وتهاونت؛ فإن عليها أن تقضي الأيام التي لم تصمها، ولا يلزمها أكثر من قضائها، أي: لا يلزمها فدية ولا كفارة.
الجواب: يعني: كأنه أراد أن يقطع الستة، أو أراد أن يضيف إليها الثلاثة، على كل حال نجيب على الاحتمالين:
رجل شرع في صيام ستة أيام من شوال، ولما صام ثلاثة أيام قطعها وقال: يكفيني أن أصوم من كل شهر ثلاثة أيام، نقول: يكفيه لكنه فاتك أجر صيام ستة أيام من شوال.
أما الاحتمال الثاني: وهو أنه لما صام ثلاثة أيام من شوال قال: أريد أن أنوي بالثلاثة الباقية صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فهذا قد يحصل له ثواب الأمرين جميعاً؛ لأنه يصدق عليه أنه صام ستة أيام من شوال وصيام ثلاثة أيام من كل شهر فيحصل له الأجران جميعاً.
الجواب: وطء المرأة في دبرها حرام ومن كبائر الذنوب، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الرجل إذا عرف به، فإنه يجب أن يفرق بينه وبين زوجته، وسماه بعض العلماء اللوطية الصغرى.
وهو مع كونه ضلالاً في الدين وسفه في العقل، إذ كيف يعدل الإنسان عما خلق الله له إلى محل القذر والنتن والرائحة الكريهة، أليس هذا قذراً في الحقيقة؟
قال لوط لقومه: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنْ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ [الشعراء:165-166] وقال الله تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ[البقرة:223] أين محل الحرث؟ القبل: لأنه هو محل الولد، فكيف تعدل عن الأمر الذي أمرك الله به إلى أمر آخر من أوامر الشيطان والعياذ بالله!
فنصيحتي لهؤلاء الشباب ولغيرهم من الذين ابتلوا بهذا الأمر، أن يتقوا الله في هذا الأمر، وأن يقلعوا عنه، وقد جعل الله لهم ما هو خير منه، وهو أن يأتي الإنسان زوجته في محل الحرث (في الفرج) وله أن يأتيها مقبلة ومدبرة، أي: له أن يأتيها وهي على ظهرها، أو مدبرة يأتيها وهي على بطنها فالأمر في هذا واسع، ولهذا قال الله: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ[البقرة:223] لكن لا يأتيها في الدبر، يكون الوطء في القبل.
الجواب: فعل هذا السائل ليس بجائز، لأن الواجب عليه أن يغتسل، والغسل والحمد لله سهل، يسخن الماء (وربما يكون عنده سخانة) فيغتسل ويذهب ويصلي ولو فاتته الصلاة، بل لو طلعت الشمس في هذه الحال فإنه معذور، أما إذا كان يخشى من البرد وليس عنده ما يسخن به، وتيمم وصلى فإن صلاته صحيحة، وإذا قدر على الماء استعمله.
وهذا السائل يقول: هل صلاتي تلك صحيحة أم لا؟ فنقول: الأولى والأحوط أن تعيد تلك الصلاة؛ لأن حقيقة الأمر أنه صلاها وهو على جنابة إذ لا يسوغ له أن يذهب ويصلي في المسجد وهو على جنابة، بل نقول: يجب أن تغتسل ولو فاتتك الجماعة.
السؤال: قلت في جوابك في السؤال الماضي بالنسبة للرجل الذي صلى وهو محتلم وتوضأ: الأحوط أن يعيد الصلاة، فهل قولك حفظك الله: الأحوط دليل على أنه لم يتبين لك وجوب الإعادة عليه أم ماذا؟
الجواب: نعم. لم يتبين؛ لأن هذا الرجل فعل ما ذكره متأولاً يظن أنه هو الصواب.
الجواب: الواجب على المريض الذي معه عقله أن يصلي الصلاة على حسب حاله، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـعمران بن الحصين : (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب).
فالواجب على المريض ما دام عقله ثابتاً أن يصلي، يصلي قائماً فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب، يومئ برأسه فإن عجز فقيل يومئ بعينيه، وقيل يصلي بقلبه، وأما أن يترك الصلاة من أجل أنه يتعب وهو قادر عليها فهذا خطأ عظيم، ثم المريض قد يسر الله له من وجه ثالث وهو أن يجمع بين الصلاتين بين صلاة الظهر والعصر، أو بين صلاة المغرب والعشاء، إذا كان يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها وأما ترك الصلاة فهذا حرام لا يجوز، وعلى هذا الأخ السائل أن يتوب إلى الله مما صنع ويقضي الصلاة التي تركها.
الجواب: كلاهما صحيح، الأمر واسع؛ إن شئت فامسح عليهما جميعاً وإن شئت فابدأ باليمين قبل اليسار، وذلك أن حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ يقول: (فأهويت لأنزع خفيه، قال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما) ولم يذكر أنه بدأ باليمنى قبل اليسرى فيحتمل أنه مسح عليهما جميعاً.
وبهذا قال بعض العلماء وقاسه على الأذنين، فإن الأذنين تمسحان جميعاً، وقال بعض العلماء: يقدم اليمنى؛ لأن المسح بدل عن الغسل، والبدل له حكم المبدل، والغسل تقدم فيه الرجل اليمنى على الرجل اليسرى، والأمر في هذا واسع، إن شاء مسح عليها جميعاً في وقت واحد، وإن شاء بدأ باليمنى ثم اليسرى.
الجواب: الصواب أن يقوم الإنسان لقضاء ما نسيه بلا تكبير، مثاله: رجل سلم في صلاة الظهر من ثلاث ركعات، ثم ذكر فإنه يدخل في صلاته ويقوم بلا تكبير؛ لأن التكبير هنا للقيام من السجود وقد حصل، فيقوم بلا تكبير، ولأنه لو كبر لظن الناس أن هذه تكبيرة إحرام وأنه ابتداء ركعة، فيفصلون الركعة الأخيرة عن بقية الصلاة، فلهذا نقول: إنه يقوم بلا تكبير، ولكن يبقى النظر فيما لو كان هناك أناس يصلون في مكان آخر من المسجد، فكيف يتوصل إلى تنبيههم؟ نقول: يمكن أن يتوصل إلى تنبيههم بأن يجهر بالبسملة أو بالآية الأولى من الفاتحة حتى يعرفوا أنه دخل في صلاته.
الجواب: التوبة مع القضاء، يجب عليه أن يتوب إلى الله من تأخيره، ويجب عليه أن يقضي، وإن كان ظاهر السؤال الأول أنه قضى، لكننا نقول: الآن يجب عليه أن يقضي، وليس كما يظنه بعض العوام أنه يقضي كل صلاة مع نظيرتها بل يقضيها جميعاً سرداً.
الجواب: الظاهر أن الذين كتبوا هذا يريدون تنبيه الداخل إلى المقبرة أن يقول هذا الذكر، ولكن يبقى النظر فيما لو مر الإنسان هل يسلم أو لا؟ يحتمل في ذلك وجهين: إما أن نقول يسلم لأنه صدق عليه أنه مر بالمقبرة، وإما أن نقول: إنه لا يسلم؛ لأنه كما قال السائل: لا يشاهد القبور ولم يدخل عليها، ولهذا لو مر الإنسان ببيت إنسان داخل بيته، وهو يعلم أنه في بيته فهل يسلم عليه؟ لا يسلم لكن لو دخل سلم عليه.
الجواب: ليس عليه كفارة حتى وإن جامع زوجته وذلك لأنه جاهل، والقاعدة الشرعية: أن من فعل شيئاً محرماً عليه وهو جاهل فإنه لا شيء عليه، لا إثم ولا كفارة ولا فدية.
ويبدو لي من السؤال الأخير أن الرجل يظن أنه يذهب إلى مكة يبتدئ عمرة جديدة وليس كذلك، بل هو الآن محرم، ويجب عليه إن كان رجلاً أن يتجرد من المخيط أي من ثيابه وأن يلبس ثياب الإحرام، ويتوكل على الله يذهب إلى مكة، ويكمل عمرته وليس هذا ابتداء عمرة، فهو الآن لا يزال في عمرته لكن ما فعله من المحظورات نظراً لكونه جاهلاً لا يؤاخذ بها.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر