أما بعد:
فإنه بمناسبة حلول الإجازة الصيفية وكثرة عقود النكاح فيها أحببت أن يكون موضوع هذا اللقاء الحديث عن النكاح وما يتعلق به.
فأقول أولاً: النكاح مرغوب إلى الإنسان بمقتضى الفطرة والطبيعة، وجعله الله تعالى مرغوباً للإنسان بمقتضى فطرته وطبيعته من أجل أن يبقى النسل الإنساني، لأنه لولا هذه الفطرة والطبيعة التي تحدو الإنسان إلى النكاح ما كان ليبدي الإنسان عورته أمام امرأة كانت أجنبيةً منه، وما كان ليمارس هذا الفعل، لكن الله تعالى ركب في الإنسان طبيعة فطرية تحدوه إلى هذا النكاح.
وهو مع ذلك -أيضاً- هو من سنن المرسلين، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تزوج وقال: (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة) ولما أراد بعض الصحابة أن يدع النكاح تعبداً لله عز وجل بتركه، خطب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأنكر ذلك، قال: (أما أنا فأتزوج النساء، وأصلي وأنام، وأصوم وأفطر، ومن رغب عن سنتي فليس مني) فتبرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ممن ترك النكاح تعففاً ورهبانية، وقال: (من رغب عن سنتي فليس مني).
ولهذا أجمع العلماء على أن النكاح مشروع، وأنه عبادة، ولكن اختلفوا: هل يجب على الإنسان القادر للشهوة؟ على قولين، والصحيح: أنه يجب على الشاب - ذي الشهوة إذا كان قادراً - أن يتزوج، ويحرم عليه أن يؤخره من أجل الدراسة أو التجارة أو غير ذلك، ما دام عنده شهوة وقادر يجب أن يتزوج، دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة -يعني النكاح- فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الشباب القادرين على النكاح أن يتزوجوا، وبين الفائدة العظيمة منه وهو أنه أغض للبصر وأحصن للفرج، وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هاتين الفائدتين مع أن فيه فوائد كثيرة لأن هاتين الفائدتين أسرع ما يكون إلى الإنسان، بمجرد ما يتزوج الإنسان يكف بصره عن النساء، ويحصن فرجه، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، يصوم؛ لأن الصوم عبادة وهو في نهاره صائم، كاف، غافل عما يتعلق بالنساء، وفي ليله نائم.
ثم إن الصيام يضعف مجاري الدم، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فإذا ضعفت المجاري ضعفت مسالك الشيطان وصار ذلك أقرب إلى السلامة، ولكن إذا لم يستطع الصوم، كشاب لا يستطيع النكاح ولا يستطيع الصوم ماذا يفعل؟
يفعل ما أمر الله به بقوله: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:33] يستعف، يتصبر فإن من يتصبر يصبره الله عز وجل، وإذا كان الإنسان متعففاً كافاً عما حرم الله فإنه يدخل في قول الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4].
ثم إذا لم يقدر الله التلاؤم بينهما وساءت العشرة، إذا كان المهر قليلاً هل يسهل عليه أن يطلقها؟ نعم يسهل عليه ويستريح وتستريح هي - أيضاً - لكن إذا كان كثيراً لا يمكن أن يطلقها حتى يتعبها تعباً كثيراً. ثم إذا قال: أنا أطلقها لكن أعطوني ما أنفقت عليها. من أين يحصلون ذلك؟ قد لا يدركون هذا فيحصل بهذا شر كثير، حياة زوجية لكنها حياة شقاء، وكله بسبب تكثير المهر.
ونحن نقول لهذا الرجل: أرأيت لو كنت تشتهي أن تتزوج ومنعك مانع من ذلك، أما ترى أنه قد اعتدى عليك وظلمك؟ الجواب: بلى، يرى أنه اعتدى عليه وظلمه، فإذا كان يرى أن من منعه من النكاح مع شدة رغبته فيه قد اعتدى عليه وظلمه؛ فكيف يمنع هذه المسكينة من أجل مصلحة نفسه؟!
والعجب أن هذا مبني على ظلم وعلى جهل، أما الظلم فواضح: يمنعها حقها من الزواج، وأما الجهل: فلأن الإنسان إذا زوج بنته ولها مال هل يمنع من الأخذ من مالها لأنه زوجها أم يجوز أن يتملك من مالها ما لا يضرها؟ الجواب: الثاني، لأنه حتى لو تزوجت المرأة -بنتك مثلاً- وعندها مال فلك أن تأخذ من مالها ما شئت ما لم يضرها؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أنت ومالك لأبيك) فتزويجها لا يمنع أن تأخذ من راتبها شيئاً؛ لأنه أبوها، وإذا كان أباها فله أن يأخذ من مالها ما لا يضرها، لكن هذا من الجهل.
وهو إذا منعها أن تتزوج الكفء وأجبرها على أن تتزوج ابن عمها فهذا النكاح نكاح فاسد، المرأة لا تحل لزوجها به، وزوجها يطؤها على أنها فرج حرام والعياذ بالله، فيكون هذا الرجل قد مكن ابنته أن يجامعها رجل ليس زوجاً لها والعياذ بالله؛ وذلك لأن من شرط النكاح رضا المرأة كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (البكر تستأذن، والثيب تستأمر) وقال - أيضاً -: (البكر يستأمرها أبوها) فنص على البكر ونص على الأب فكيف تزوجها من لا تريد وهي غير راضية؟!
وسبحان الله! لو أن الإنسان باع من مال ابنته ما يساوي درهماً واحداً بدون رضاها هل بيعه صحيح أم غير صحيح؟ البيع غير صحيح، لو أن الرجل باع من مال ابنته ما يساوي درهماً واحداً دون أن يتملكه فإن البيع غير صحيح، فكيف يبيع حياة هذه المرأة بدون رضاها؟ هذا لا تأتي بمثل الشريعة، ولذلك أرى أن هؤلاء الذين يمنعون بناتهم من النكاح إلا ببني أعمامهن أرى أنه ظالم، وأنه معتد، وللبنت أن ترفع الأمر إلى المحكمة ونقول لهذا الرجل: ليس لك ولاية.
أهل العلم يقولون: الرجل إذا منع المرأة أن يزوجها كفئاً رضيته فإن الولاية تنتقل إلى من بعده وتسقط ولايته، قالوا: وإذا تكرر ذلك منه صار فاسقاً، والفاسق ضد العدل، يعني: لو أن هذا الرجل خطبت منه ابنته؛ خطبها رجال أكفاء في الدين والخلق، وهي ترضاهم وقال: لا. وخطبها آخر وقال: لا. وخطبها آخر وقال: لا. صار هذا الرجل فاسقاً لا يتولى شيئاً من أمور المسلمين، إن أذن لم يصح أذانه، وإن صلى إماماً بالناس لم تصح إمامته، وإن شهد فشهادته مردودة، وإن أراد أن يتولى على أحد لم يمكن من ذلك..لماذا؟ لأنه فاسق، حتى شهادته لا تقبل لأن الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6] أي: لا تقبلوه، وتثبتوا.. المسألة خطيرة.
وهذا الذي قررته الآن -أن الفاسق لا ولاية له ولا إمامة له ولا أذان له ولا شهادة له- هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، والمسألة فيها خلاف لكني أقول: المسألة عظيمة جداً، وهؤلاء الظلمة الذين يمنعون بناتهم أن يزوجوهن من أكفاء رضيته المرأة هؤلاء سوف يلقون جزاءهم عند الله يوم القيامة.
ولقد حكى لي بعض الناس عن امرأة كان أبوها يمنعها، وكل من يأتيه يخطبها يقول: صغيرة، فايتة، مخطوبة.. وما أشبه ذلك. المرأة أصيبت بمرض، الله أعلم هل هو من أسباب منعها من النكاح أم لغير ذلك، المهم أنها أصيبت، لما حضرتها الوفاة كان عندها أمها ونساء أخريات قالت: بلغوا أبي أنني لم أحلله، وهو مني في حرج، وبيني وبينه يوم القيامة. أمر خطير! لكن بعض الناس - نسأل الله العافية - قلبه حجر أو أشد من الحجارة، أناني، لا يراعي شعور غيره، ولا يبالي بغيره، وهو إذا زوج ابنته خرج من الظلم، وأدى الأمانة، وربما يحصل منها أولاد يدعون له حياً وميتاً، وكم من أولاد من البنات كانوا خيراً من أولاد البنين.. فلماذا يمنعها؟!!
فهم في الحقيقة يسرفون، تجده يطبع كروتاً للدعوة، الكرت يكلف ريالاً ونصف أو خمسة ريالات أو عشرة ريالات، مع أن الكرت إذا أعطي شخصاً يرمي به في الأرض ولا ينتفع به، والعجب أنهم لا يكتفون ببطاقة دعوة بأن يكتب مثلاً الدعوة في ورقة ويصور منها ما شاء، ولا تحتمل إلا عشرين ريال أو ما أشبه ذلك.
المهم يا إخواني أن النكاح الآن له عقبات كثيرة مع أنه سنة، ويترتب عليه أحكام شرعية عظيمة، حتى إن الله تبارك وتعالى جعله قسيماً للنسب - يعني: للقرابة - بنو آدم الرابطة بينهم القرابة والمصاهرة، قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً [الفرقان:54] نسباً أي: قرابة، وصهراً أي: قرابة بالنكاح، تجد هؤلاء القوم ليس بينهم وبين الآخرين صلة، فإذا تزوج منهم صاروا كأنهم أقارب خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً [الفرقان:54].
ومن ثم أكثر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من النساء حتى مات عن تسع من أجل أن يكون له في كل قبيلة صلة، ولهذا لم يتزوج الرسول عليه الصلاة والسلام إشباعاً لشهوته وغريزته، ولكن لأجل أن يكون له في كل قبيلة من قبائل العرب صلة، ولو كان رجلاً شهوانياً لكان يتزوج الأبكار، مع أنه لم يتزوج بكراً إلا واحدة فقط، وهي أم المؤمنين عائشة والباقي كلهن قد تزوجن من قبل، وبعضهن لهن أولاد وبنات.
فالحاصل يا إخواني: أن النكاح وشيجة وتقريب للناس بعضهم من بعض، وهذا من فوائد النكاح.
أبو الزوج -إذا تزوج إنسان امرأة- صار أبو الزوج محرماً للزوجة، يخلو بها ويواجهها، ويسافر بها.
ابن الزوج -إذا تزوج رجل امرأة- صار ابنه محرماً لها، انظر.. كان من قبل رجلاً أجنبياً في السوق الآن صار محرماً لها، يأتي إليها في البيت، يخلو بها، يسافر بها، تكشف وجهها له.
بنت الزوجة -لو تزوج إنسان امرأة معها بنت- صارت بنتها إذا جامع أمها صار محرماً له .. هذا مما يترتب على عقد النكاح.
الجواب: تستحق خمسة لقوله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [البقرة:237] تستحق نصف المهر مع أنه ما دخل عليها، وإن دخل عليها وبقي عندها ساعة ثم خرج وطلقها.. كم تستحق من المهر؟ تستحق المهر كاملاً.
فإذا طلقها قبل الدخول، كرجل تزوج امرأة ثم قبل أن يدخل عليها ثم بدا له أن يطلقها، هل عليها عدة؟ ما عليها عدة، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49].
لو طلقها في الصباح قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها ثم جاء رجل في المساء وتزوجها.. يجوز أم لا يجوز؟ يجوز؛ لأنها لا عدة لها.
فإن مات عنها، كرجل عقد على امرأة ومات قبل أن يدخل بها، مثلاً: كان الدخول في شهر ربيع، وقد عقد له في شهر صفر ثم مات، هل عليها عدة؟ نعم. عليها عدة، انظر الفرق بين الطلاق وبين الموت، إذا مات عنها قبل أن يدخل بها ويخلو بها وجبت عليها العدة، ولها الميراث، ولها المهر كله، فلو أصدقها عشرة آلاف ثم مات قبل أن يدخل بها فلها المهر كاملاً، وعليها العدة، ولها الميراث.
وإن أنزل بدون جماع فعليه الغسل، يعني: لو أن الرجل قبل زوجته فأنزل وجب عليه أن يغتسل، فإن جامع وأنزل فمن باب أولى يجب عليه الغسل؛ لذلك أرجو منكم أن تبثوا هذا في الناس: أن الرجل إذا جامع امرأته ولم ينزل فعليه وعليها الغسل، وإن أنزل من مباشرة فعليه الغسل، وهي إن أنزلت مثله وجب عليها الغسل وإلا فلا.
انتبه إلى هذه المسألة، يعني: رجل أراد أن يطلق امرأته وهي في حيض.. هل يجوز أن يطلقها وهي في حيض؟
الجواب: حرام، لا يجوز. هل يجوز أن يطلقها وقد جامعها في هذا الطهر؟ لا، لا يجوز، بل ينتظر حتى تطهر من الحيض فيطلقها، أو إذا كان جامعها في الطهر ينتظر حتى تحيض وتطهر أو يتبين حملها، إلا إذا كانت المرأة ممن تعتد بالشهور فهذه يطلقها متى شاء، فمن التي تعتد بالشهور؟
الجواب: هي الصغيرة التي لم يأتها الحيض بعد، والكبيرة الآيسة التي انقطع عنها الحيض، هاتان المرأتان عدتهن ثلاثة أشهر؛ لأنه ليس عندهن حيض فيطلقهن متى شاء، حتى لو فرض أنه جامع امرأته وهي لا تحيض، ثم طلقها قبل أن يغتسل، فلا شيء عليه، بمعنى: أن الطلاق حلال وواقع لأن هذه المرأة عدتها بالشهور.
كذلك الحامل، الحامل يقع عليها الطلاق خلافاً لما يعرفه بعض الناس يقول: الحامل ما عليها طلاق.. هذا غير صحيح، بل الحامل يقع عليها الطلاق لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] إلى قوله: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] فالحامل يقع عليها الطلاق لكن عدتها وضع الحمل، لو فرض أنه طلقها الآن، ووضعت بعد نصف ساعة، انتهت العدة.
كما أن المرأة لو مات عنها زوجها وهي حامل ثم وضعت الحمل قبل أن يغسل الرجل انتهت عدتها أم لا؟ انتهت عدتها، وهذه مسألة غريبة، يمكن أن تكون لغزاً فيقال: امرأة جاز لها أن تتزوج بعد موت زوجها قبل أن يدفن.. أيمكن هذا أم لا يمكن؟ يمكن، يكون الزوج حينما مات وهي تطلق، وبعد موته بخمس دقائق وضعت، فتزوجها رجل آخر قبل أن يدفن زوجها الأول.. يجوز أم لا يجوز؟ يجوز؛ لأن العدة انتهت، قال الله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4].
امرأة مات عنها زوجها وبقي الحمل في بطنها سنتين.. متى تنتهي عدتها؟ تبقى حتى تضع، لو زادت على سنة أو سنتين، تبقى حتى تضع، وتبقى -أيضاً- محادة، يجب عليها أن تتجنب ما تتجنبه المحادة.
وعليه أن يأخذ ما تسهل من أخلاقها ويتسامح في الباقي كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة -أي: لا يبغضها- إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) فأشار إلى المعادلة، لا تكن كالمرأة إذا رأيت إساءة واحدة قلت: ما رأيت خيراً قط.
كن رجلاً، حازماً، صبوراً، خذ ما عفا من أخلاقها وتجاوز عما لا ينبغي، ولقد أشار الله تبارك وتعالى إلى هذه المسألة فقال: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19] لا تتعجل، اصبر، ربما تكرهها اليوم وتحبها غداً، ربما تسيء إليك اليوم وتحسن إليك غداً، اصبر.
ثم إننا في وقتنا الحاضر هل النساء يتيسرن بكل طريق؟ لا، فاضبط نفسك، وشدد عليها، وتحمل، ولا تتسرع في الطلاق، إنه من المؤسف أنه إذا دخل بعض الناس الجهال على أهله وقال: أين الشاي؟ فقالت: انتهى الغاز، ولم أتمكن من صنعه. ألم تعلموا أن بعض الناس يغضب ويقول: أنت طالق؟! مع أن الخطأ قد يكون منه هو أو ليس منه، لكن ليس منها.
وبعض الناس -أيضاً- إذا دخل عليه رجل عزيز عليه فأخذ السكين ليذبح الشاة، فقال له صاحبه الضيف: لا نحتاج إلى ذبح فأنا وأنت سواء، البيت واحد، وكلنا إخوان. قال: عليه الطلاق أن يذبح الشاة. هل هو محدود على هذا الشيء؟ لا النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت).
ثم حتى الحلف لا ينبغي إطلاقاً لأنك تحرج صاحبك أو يحرجك، صحيح اعرض عليه الضيافة، وصمم عليه خصوصاً إذا عرفت أنه مستحي، أما أن تحلف أو تأتي بالطلاق فهذا سفه، يا أخي عامل الناس بالسهولة، ما أحسن أن يقول الإنسان: يا فلان أريدك أن تتغدى عندي! قال: لا والله عندي شغل. فتقول: الله يساعدك، اذهب.
نزل ضيف عليك أردت أن تكرمه بشيء زائد قال: ما يحتاج. تقول: أجل أنا آتيك كما تريد. فهذه هي الأخلاق، وهذه هي السهولة، أما التصعب فهذا لا ينبغي إطلاقاً.
والخلاصة الآن: الطلاق لا ينبغي للإنسان أن يقدم عليه، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلينظر هل المرأة حامل أم لا، إن كانت حاملاً فإنه يقع الطلاق، وإن كانت حائضاً فلا يطلق، بل ينتظر حتى تطهر ثم إذا طهرت إن شاء طلق قبل أن يجامع وإن شاء أبقاها.
إذا كانت في طهر لم يجامعها فيه، فله أن يطلق؛ لأنه من حين أن يطلق تبدأ بالعدة.
إذا كان في طهر جامعها فيه فإنه لا يطلق.. لماذا؟ لأنه يحتمل أنها نشأت بحمل من هذا الوطء فتكون عدتها بوضع الحمل، ويحتمل أنها لم تنشأ فتكون عدتها بالحيض، فهي الآن مترددة فلا يجوز أن يطلقها على هذه الحال، لكننا استثنينا مسألة: وهي إذا كانت المرأة ممن لا يحيض فهذه يطلقها متى شاء، أو كانت المرأة لم يدخل بها فليطلقها ولو كانت في حيض لأنه ليس عليها عدة.
نكتفي بهذا القدر لنتفرغ للأسئلة، نسأل الله أن يوفقنا للصواب، وأن يثيبنا وإياكم على هذا اللقاء، وأن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً ورزقاً طيباً واسعاً.
الجواب: هذه أربعة أشياء:
أولاً: الدبلة، الدبلة: هي عبارة عن خاتم يهديه الرجل إلى الزوجة، ومن الناس من يلبس الزوجة إذا أراد أن يتزوج أو إذا تزوج، هذه العادة غير معروفة عندنا من قبل، وذكر الشيخ الألباني وفقه الله: أنها مأخوذة من النصارى، وأن القسيس يحضر إليه الزوجان في الكنيسة ويلبس المرأة خاتم في الخنصر وفي البنصر وفي الوسطى، لا أعرف الكيفية لكن يقول: إنها مأخوذة من النصارى فتركها لا شك أولى؛ لئلا نتشبه بغيرنا.
أضف إلى ذلك: أن بعض الناس يعتقد فيها اعتقاداً، يكتب اسمه على الخاتم الذي يريد أن يعطيها، وهي تكتب اسمها على الخاتم الذي يلبسه الزوج، ويعتقدون أنه ما دامت الدبلة في يد الزوج وعليها اسم زوجته، وفي يد الزوجة وعليها اسم زوجها أنه لا فراق بينهما، وهذه العقيدة نوع من الشرك، وهي من التولة التي كانوا يزعمون أنها تحبب المرأة إلى زوجها والزوج إلى امرأته، فهي بهذه العقيدة حرام، فصارت الدبلة الآن يكتنفها شيئان:
الشيء الأول: أنها مأخوذة عن النصارى.
والشيء الثاني: أنه إذا اعتقد الزوج أنها هي السبب الرابط بينه وبين زوجته صارت نوعاً من الشرك.. لهذا نرى أن تركها أحسن.
أما الشبكة: فالشبكة والله ما أعرف هل معنى الشبكة يعتقدون أنها تشبك بين الزوجين، أو هي عبارة عن رضى الزوجة بالزوج والزوج بالزوجة؟ الظاهر هي هذه، وكانوا يسمونها عندنا في الزمن السابق يسمونها "قضب الرقبة" أو "قضابة الرقبة" وقضب بمعنى: إمساك، فالرجل إذا خطب امرأة أرسل إليها حلياً يسمى "قضاب القبول" والمتأخرون يسمونها "شبكة" هذه لا أظن أن فيها بأساً وأنه لا حرج فيها.
لكن المحظور أني سمعت في بعض البلاد: أن الرجل يأتي بالشبكة وفيها القلادة، ويلبسها المرأة المخطوبة، وهذا حرام، المرأة المخطوبة مع خطيبها كالمرأة في السوق، لا يحل له أن يستمتع منها بأي شيء، وهذه تجرنا إلى مسألة:
وهي أن بعض الخطاب إذا خطب امرأة صار يكلمها في الهاتف كلاماً كثيراً، حتى بلغني أن بعضهم يمضي عليه الليل كله -ليالي الشتاء من الليالي البيض- وهو يحدثها.. سمعنا هذا، وهذا حرام، المرأة هل هي زوجته أو غير زوجته؟ غير زوجته، فكيف يتحدث إليها؟! وهل يعقل أنه يتحدث إليها هذه المحادثة الطويلة بدون أن تتحرك شهوته؟ هذا بعيد، بعض الناس يقول لك: أنا والله أتحدث معها أرى ماذا عندها من الثقافة، إذا دخلت عليها فاختبرها، أما الآن فهي أجنبية منك لا تحل لك ولا تحل لها.
والثالث: الصباحة التي تعطى الزوجة صباح العرس -صباح الزواج- هذه أيضاً من العادات التي لا نرى فيها بأساً، هي عادة عند الناس منتشرة، وفيها تأليف للزوجة وتطييب لخاطرها، ما فيها شيء.
الرابعة: الفتاشة، كلمات غريبة! الفتاشة تعني ماذا؟ يعني: المرأة أم الزوجة لا يحل لها أن تكشف وجهها عند الزوج، لكن عند فتشه للزوج تحتاج إلى شيء، هذه ما سمعتها إلا الآن، فهل سمعتموهما أنتم من قبل؟ الجواب: موجودة، والله هذه أتوقف فيها حتى أتأملها.
الجواب: الواقع أن ما ذكر في السؤال قد يحدث، بمعنى: أن النساء يأتين إلى الحفلات وهن في ثياب رقاق أو قصيرة، أو متطيبات طيباً فاتناً، أو غير ذلك من أسباب الفتنة، وهذا حرام ولا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) فسر العلماء ذلك -أي: قوله (كاسيات عاريات) بأنهن عليهن كسوة لكنها قصيرة أو شفافة أو ضيقة، كل هذا فسره العلماء.
وليست عورة المرأة كعورة الرجل بل هي أشد، ولهذا نقول: عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل، لكن ليس معنى ذلك أن المرأة تلبس ما يستر ما بين السرة والركبة فقط، ولا أحد من العلماء قال هذا أبداً، حتى نساء الفرنج والكفار لا يفعلن هذا، لا بد أن يكون عليها شيء يستر صدرها أو يستر ثدييها على الأقل.
وهل يعقل أن الشريعة الإسلامية الطاهرة المطهرة تبيح للمرأة ألا تستر إلا ما بين السرة والركبة؟ هذا غير معقول، المرأة لباسها لباس حشمة، يقول شيخ الإسلام رحمه الله: نساء الصحابة في البيوت تلبس القمص الذي يستر من الكف إلى الكعب، من الكف -كف اليد- إلى الكعب -كعب الرجل-.. هذا في البيت، أما إذا خرجت فمعلوم الحديث المشهور أن الرسول رخص لهن أن يجررن ثيابهن إلى ذراع من أجل أن تستر القدم، فلباس المرأة غير لباس الرجل، ولهذا لم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام: رجال كاسون عارون. مع أنه قال: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة) لكن فرق في اللباس بين الرجال وبين النساء، فالنساء قال: (كاسيات عاريات) ولم يقل في الرجال: إنهم كاسون عارون؛ لأن الرجل لا بأس أن يبدي صدره للرجل أو يبدي ساقه، لا بأس بهذا، لكن المرأة ممنوعة من ذلك.
وأما قول السائل: إن هذا من باب سد الذرائع. فنقول: سلمنا أنه من باب سد الذرائع، فهل تبقى الأمور مفتوحة من شاء فعل ما شاء؟ لا الشريعة لها ضوابط تضبط الأعمال، ليس كل إنسان يفعل ما يشاء ويقول: هذا ذريعة، والذريعة إن أوصلت إلى المحرم صارت حراماً. كل ذريعة إن لم توصل إلى المحرم اليوم توصل إليه غداً، لهذا نرى أن هذه الألبسة التي أشار إليها في السؤال ألبسة محرمة حتى بين النساء.
الجواب: لا شك أنه إذا تعنت الأب ومنع تزويج بناته من الأكفاء أن من الخير الذي يترتب عليه الثواب أن يتدخل الإخوة أو الأعمام الذين هم إخوة الأب في المسألة، ويقولون: إما أن تزوج هذا الخاطب وإلا زوجنه، ولهم ذلك، وهذا لا شك أنه من برهم بوالدهم ومن صلة الرحم لأخواتهم، أما كونه براً بالوالد فلأنهم يمنعونه من الظلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله هذا المظلوم فكيف ننصر الظالم؟ قال: تمنعه من الظلم).
إذاً في تزويجهن منع للأب من الظلم، ومنعه نصر له، ونصر الأب بر به؟ لذلك أقول: هؤلاء الأخوة لهم أجر وثواب وإحسان على أخواتهم وعلى أبيهم -أيضاً- فإن حصل ما أشار إليه في السؤال من التقاطع فمن الآثم بهذا التقاطع؟ الآثم الأب، الأولاد ليس عليهم إثم، بل الإثم على الأب، هو الظالم، هو قاطع الرحم.
فأقول لهؤلاء الإخوة: استعينوا بالله وقولوا لأبيكم: إما أن تزوج أخواتنا لهؤلاء الخطاب الأكفاء وإلا زوجناهن، وهم إذا وصلوا إلى القاضي فالقاضي يتصرف: إما أن يأتي بالأب ويشير عليه ويناصحه وتنتهي المسألة من عنده، وإما أن يقول: ارفع يدك، يزوج هؤلاء النساء إخوانهن.
الجواب: أعتقد أن حلها سهل، أن يتقدم الشاب، وإذا كان الأب يحب أن تتزوج بنته يقول: أعطني ما شئت، ولقد بلغنا أن من الناس الموفقين من يعطون الخاطب المهر يقدمه، وهذا لا شك أنه خير عظيم، بر ببناته وإحسان إلى الخطاب.
حل المشكلة هذه: أن يوفق الله تبارك وتعالى قوماً في قبيلتهم أو في غير قبيلتهم ويعلنون بأنهم يزوجون بمهور رخيصة، وأنا واثق أنهم إذا فعلوا ذلك فسوف يأتيهم الخطاب الكثيرون.
الجواب: من السنة أن يأخذ الإنسان بناصيتها -أي: ناصية المرأة- ويقول: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه. ولكن لا يقول هذا الكلام بصوت رفيع، لأنه لو قاله بصوت رفيع ربما تنفر المرأة منه، لكن يمسك برأسها كأنه يريد أن يقبلها مثلاً ويتكلم بهذا الكلام.. هذا ما أعلمه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا.
كذلك -أيضاً- عندما يريد أن يأتيها لا بد أن يداعبها ويباشرها حتى تصل إلى ما وصل إليه هو من الشهوة.
ثالثاً: عند الجماع يقول: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. فإنه إذا قال ذلك وقدر الله بينهما ولداً لم يضره الشيطان أبداً.
الجواب: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين الكفء بياناً واضحاً فقال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) وامرأة ثابت بن قيس بن الشماس رضي الله عنه أتت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت: يا رسول الله! ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين. فدل هذا على أن المعتبر كله هو الخلق والدين.
أما ما اشتهر عند الناس الآن من كونه لا يزوج أحداً من غير قبيلته، أو لا يزوج أحداً إلا من أبناء أخيه الأقربين، أو يقول مثلاً: أنا قبيلي وأنت غير قبيلي فلا أزوجك! أو يقول غير القبيلي للقبيلي: لا أزوجك.. فهذا كله غلط ولا أصل له، بل يزوج القبيلي من ليس بقبيلي، ويزوج غير القبيلي من كان قبيلياً، وأكرم الخلق عند الله أتقاهم، وهذه كلها من الرواسب التي لا ينبغي للإنسان أن يعتبرها أبداً، والعبرة بالخلق والدين، ألم تعلموا أن كثيراً من الأحاديث التي نقلت إلينا إنما نقلها من ليسوا من العرب، وأثروا بها الدين الإسلامي، وما أكثر العلماء الذين ليسوا من العرب، فلهذا أرجو ألا يلتفت الناس إلا إلى شيئين فقط وهما: الخلق والدين.
الجواب: مفهوم الإجازة وأنها نوم وعبث هذا لا شك أنه مفهوم خاطئ، من يمضي عمره الثمين بمثل ذلك، العمر أثمن من المال وأغلى من المال، إننا نتعجب: يخسر الإنسان من دهره وزمنه الشيء الكثير، لكن لو طلب منه أن يخسر درهماً واحداً ما أخرجه إلا بشح، والعمر أثمن من المال، اسمعوا قول الله عز وجل: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99-100] وما من ميت يموت إلا ندم، إن كان محسناً ندم ألا يكون ازداد، وإن كان مسيئاً ندم ألا يكون استعتب.. هؤلاء في الحقيقة خسروا الدين والدنيا.
الثاني: الأبناء والبنات .. ما دور الآباء في حفظهم وإلحاقهم بحلق الجماعة والمراكز الصيفية؟
الآباء مأمورون بأن يرعوا أبناءهم وبناتهم رعاية حسنة، وإلحاقهم بحلق القرآن لا شك أنه خير عظيم لهم ولأبنائهم وبناتهم، وكذلك -أيضاً- في المراكز الصيفية إذا كان القائمون على المراكز ممن يوثق بدينهم وأمانتهم وأخلاقهم.
ثالثاً: الناس والسهر؛ هذا أيضاً ضياع وقت، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكره الحديث بعد العشاء؛ لأن الإنسان إذا تحدث بعد العشاء طال به السهر، وصعب عليه التهجد في الليل، وربما تصعب عليه صلاة الفجر، فالذي ينبغي للإنسان أن ينام مبكراً، مع أنه أصح للجسم وأنفع للقلب.
نصيحتك لطلبة العلم في حفظ المتون والتحصيل..
نصيحتي لطلبة العلم: أن يتخذوا من هذه الإجازة وقتاً يتمكنون به من حفظ كتاب الله عز وجل، وحفظ ما تيسر من صحيح السنة، أما القرآن فظاهر، أما صحيح السنة فمن أحسن ما يكون عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله؛ لأن أحاديثها كلها صحيحة، يحفظها الإنسان وينتفع بها، يحفظ مثلاً العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، يحفظ كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، يحفظ زاد المستقنع في الفقه، يحفظ ألفية ابن مالك في النحو، حسب ما تيسر.
الجواب: هذا صحيح، ما داموا أدركوا ركعة مع الإمام فإنهم يكملونها بركعة، وإذا تقدم بهم أحدهم فلا حرج، وهذا طيب، لكن لو لم يدركوا ركعةً مع الإمام حينئذ نقول: لا بد أن تخرجوا وتصلوا مع الإمام ولو على الأرصفة والطرق، أو تجعلوا إنساناً يسمع تكبير الإمام ويسمعكم -يعني: يبلغ- لأنه في هذا الحال لا يمكن أن يتموها جمعة حيث لم يدركوا ركعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) إذا لم يمكن أن يتموها جمعة فلا بد أن يسعوا إلى الجمعة مع الإمام.
الجواب: هذه مشكلة؛ عليهم الآن أن يخلعوا ثيابهم ويلبسوا ثياب الإحرام، ويذهبوا إلى مكة لإتمام النسك، لأن نسكهم ما تم حيث فرقوا في الطواف بين أوله وآخره، ومن شروط صحة الطواف: الموالاة بين أشواطه، وهؤلاء لم يوالوا بين أشواطه، وخرجوا -أيضاً- من المسجد الحرام، وربما تكون السيارة بعيدة؛ لذلك نقول لهؤلاء الذين خرجوا ثم رجعوا وأتموا: يجب عليكم الآن أن تخلعوا الثياب وتسافروا إلى مكة وتطوفوا الطواف من أوله، وتسعوا وتقصروا أو تحلقوا وترجعوا، وهذا في العمرة؛ أما إذا كان ذلك في طواف القدوم للحج فليس عليهم مشكلة.
الجواب: الإفادة هو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) وترك الصلاة كبيرة، بل كفر عند بعض العلماء، بعض العلماء يقول: الإنسان إذا ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها بلا عذر فإنه يكفر، قال بذلك علماء قديمون وقال بذلك علماء معاصرون: إن ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها بدون عذر كفر.
فنقول لهذا الرجل: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر) وإن كنت تريد أن تفهم هذا الفهم فإني أزيدك، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) إذاً لا تصم ولا تصل واعتمر عمرة بعد عمرة وحينئذ تكون كفارة، هذا لا شك أنه إن كان جاهلاً فهو جاهل ويجب أن يعرف، وإن كان عالماً فهو معاند بلا شك، ولا أحد من العلماء يفهم أن معنى الحديث: أن الجمعة كفارة وأنها تسقط عن الإنسان وجوب الجماعة أو وجوب الصلاة أيضاً.
الجواب: هذا عمل محرم، فكونه يخص بعض أبنائه بقطعة أرض دون الآخرين محرم عليه ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ولما أراد بشير بن سعد أن يشهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على إعطائه ابنه النعمان قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور) وما المانع أن يعطي الصغار والكبار من هذه الأراضي؟ ويعطي المرأة نصف ما يعطي الرجل، هذا الواجب، حتى لو قال: أنا سأستأذن منهم. نقول: ربما يستأذن ويأذنون خجلاً وحياءً من أبيهم لا عن طيب نفس، فالواجب عليه الآن أن يعطي بقية الأولاد الذكور مثلما أعطى هذا الولد، ويعطي الإناث نصف ما يعطي الذكر.
الجواب: حكم ذلك بينه النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (من تشبه بقوم فهو منهم) فإذا قص الإنسان شعر أولاده الذكور أو الإناث على صفة رءوس الكفار فإنه آثم، قال شيخ الإسلام رحمه الله معلقاً على هذا الحديث: (من تشبه بقوم فهو منهم) قال: هذا الحديث أقل أحواله التحريم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم لأنه قال: (من تشبه بقوم فهو منهم) فعلى الإنسان أن يتقي الله ربه وأن يعلم أنه مسئول عن تربية أولاده.
الجواب: ستبدأ إن شاء الله تعالى بعد الأسبوع الثاني؛ لأن هذا الأسبوع فيه اختبارات عند بعض المدارس، والأسبوع الثاني نجعله إجازة، الأسبوع الثالث إن شاء الله يوم السبت تبدأ الدراسة، والدراسة بعد المغرب ستكون -إن شاء الله- في كتابين مختصرين: أولهما: البرهانية في الفرائض ، نقرأ منها فقه الفرائض فقط؛ حتى نتمكن إن شاء الله من إنهائه في هذه الإجازة، والثاني: في شرح نخبة الفكر في مصطلح الحديث .
أما الدروس الصباحية فهي معلومة من قبل لكن ربما نحذف بعضها لنأخذ بعض الدروس الجديدة، وإلى الآن لم يتقرر فيها شيء.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر