أما بعد:
فإنه يسرنا -ولله الحمد- إقبال الناس على العلم تحصيلاً وتأصيلاً وتفريعاً، ليس هنا في عنيزة ولكن حتى في غيرها، فقد رأينا إقبال الناس العظيم على تلقي العلم في المسجد الحرام وفي كل مكان، وهذا يبشر بخير، فنسأل الله تعالى أن يزيدنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً.
في هذه الليلة اقترح علينا بعض الناس أن يكون هذا اللقاء في ما يتعلق بالبيع والشراء والإجارة والاستئجار والوقف وغيرها، حسب ما يسمح به الوقت من المعاملات، وهذا اقتراح جيد؛ وذلك لأن العلم الشرعي منه ما هو فرض عين ومنه ما هو فرض كفاية، فلا يخرج العلم عن أحد الفرضين: إما فرض عين، وإما فرض كفاية.
فرض العين على كل من يحتاج إلى معرفة ما يريد أن يفعله من العبادات، فمثلاً: إذا كنت تريد أن تصلي فلا بد أن تعلم ماذا تقول في صلاتك، وماذا تفعل في صلاتك، وكيف صلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى تعبد الله على بصيرة.
إذا أردت أن تزكي وعندك مال فلا بد أن تعرف ما هي الأموال الزكوية وما مقدار زكاتها وإلى أين تصرف؟ لا بد من هذا؛ لئلا تترك الزكاة وأنت لا تعلم أو تترك زكاة مالٍ قد بلغ النصاب، أو تصرف الزكاة في غير محلها.
كذلك الحج، إذا أردت أن تحج وتعتمر لا بد أن تفهم كيف العمرة وكيف الحج حتى تعبد الله على بصيرة.
أما ما لا يحتاج الإنسان إليه كرجل فقير هل يحتاج الفقير أن يتعلم أحكام الزكاة؟ لا يحتاج؛ لأنه ليس عنده مال، ولهذا قد نقول لزيد من الناس: يجب أن تتعلم أحكام الزكاة ولعمرو لا يجب؛ لأن زيداً عنده مال وعمراً ليس عنده مال، لكن تعلم الشريعة عموماً فرض كفاية؛ ولذلك نهنئ طلبة العلم الذين يدرسون علم الشريعة بأنهم قائمون بفرض من فروض الله، ولا شك أن للفرض أجره العظيم قال الله تعالى في الحديث القدسي: (ما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) ولذلك لو سألك سائل: ركعتا الفجر -يعني: ركعتا صلاة الفجر- أو ركعتان تتهجدهما في الليل أيهما أفضل؟ الأول لأنه فرض والثاني نفل، لكن الله قال: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه).
أحكام البيع والشراء هل تلزم كل أحد؟ قد نقول: لا، وقد نقول: بلى. أليس كل واحد منا يشتري خبزاً، ويشتري إداماً، ويشتري ثوباً، ويشتري سيارة ممن أغناه الله؟ إذاً لا بد أن نعرف، الآن كل إنسان منا ممكن يذهب إلى البقال ويشتري أغراضاً للبيت، لا بد أن يعرف، لو أن البقال كتب على اللوحة: كل خبزة بريال، مثلاً، فهل يجوز هذا البيع لو أخذت خبزة ووضعت ريالاً؟ يجوز، ألم تعلموا أن بعض العلماء يقول: هذا حرام؛ لأن ما فيه صيغة، ما فيه بعت ولا اشتريت، لكن القول الصحيح أنه حلال، إذاً لا بد أن نعرف.
الجواب: لا يمكن، اللهم إلا بالقتال.
صاحب الدكان محتاج إلى الدراهم يريد أن يصفي البضاعة حتى يشتري بضاعة أخرى؛ لولا هذا لم يتيسر له أن يصفي البضاعة.
إذاً فإباحة البيع من نعم الله عز وجل على العباد، قال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا [البقرة:275]لكن البيع له شروط وله موانع، له شروط لا يصح إلا بها، وله موانع تمنع صحته مع وجود الشروط.
لو أنني استوليت على حقيبتك -حقيبة الدراسة- وبعتها على واحد أيجوز البيع؟ لا يجوز، لأني لست مالكاً ولا قائماً مقام المالك.
لو علمت أنك تريد أن تبيع هذه السلعة فبعتها بناءً على ما أعتقده من أنك تريد بيعها، ولما أخبرتك أجزتني وقلت: جزاك الله خيراً، أنا أبحث عن أحد يشتريها. هل يصح البيع أو لا يصح؟
شرط البيع أن يكون من مالك أو من يقوم مقامه، وأنا لست بمالك ولا أقوم مقامك لأنك ما وكلتني، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء، منهم من قال بالجواز، ومنهم من قال لا يجوز.
مثال آخر: رجل أعرف أنه يريد أن يبيع سيارته، ومتأكد من ذلك، فمر بي رجل وقال: هل تعرف أحداً عنده سيارة؟ قلت: نعم، هذه السيارة، والرجل لم يوكلني فاشتراها بثمن مثلها ونقد الثمن وأخذ السيارة وانصرف، هل يجوز أو لا يجوز؟ ننظر، هو لا بد أن يكون من مالك أو من يقوم مقامه، وأنا لست مالكاً ولا قائماً مقام المالك لكن بعض العلماء يقول: إن ذلك جائز وإن لم يوكلني صاحب السيارة، إذا أجازني فقد حصل المطلوب، وهذا القول هو الصحيح، لكن لو لم يجزني وقال: لماذا بعتها؟ أنا ما وكلتك، وأنا كنت أريد بيعها لكني عدلت عن هذا. فما الحكم؟ فالبيع غير صحيح قولاً واحداً.
الآن تورطت وبعت على الرجل، فماذا أصنع؟ أبحث عن الرجل في أي مكان وأسترد السيارة وأعطيه فلوسه، فإن عجزت فعلي الضمان لصاحب السيارة، فلو قدر أني بعتها بعشرة آلاف وهي تساوي عشرين ألفاً أضمن له عشرين ألفاً أو لا؟ نعم أضمن له عشرين ألفاً لكن عشرة آلاف معي أسلمها له وأزيده عشرة آلاف.
أتدرون ماذا قال له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ قال: (اللهم بارك له في بيعه وشرائه) مكافأة عظيمة، فكان -يقول الراوي عنه- فكان لو اشترى تراباً لربح منه ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم له؛ إذاً الوكالة جائزة.
ووكل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا هريرة رضي الله عنه على صدقة الفطر في رمضان؛ لأن الناس يجمعون صدقة الفطر عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويتصدق بها، في ليلة من الليالي -اسمع القصة العجيبة!- في ليلة من الليالي جاء شخص بصفة رجل فأخذ من الطعام، فأمسكه أبو هريرة وقال: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فقال: إنه ذو عيال وإنه فقير، فرحمه أبو هريرة وأطلقه، في الصباح غدا أبو هريرة -يعني: ذهب- إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الغدوة في الصباح فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما فعل أسيرك البارحة؟) ما الذي أعلم الرسول؟ الله عز وجل، قال: (يا رسول الله! إنه قال: إنه ذو حاجة وذو عيال فأطلقته، فقال: إنه كذبك وسيعود) أي: كذب عليك، وسيعود، يقول: (فعلمت أنه سيعود لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه سيعود، فجعلت أرصده فجاء وأخذ من الطعام فأمسكه
الشاهد من هذا: أن الرسول وكل على حفظ صدقة الفطر وأجاز تصرف أبي هريرة رضي الله عنه ونفذه، مما يدل على أن القول الراجح: أن الإنسان إذا تصرف في مال غيره وأجازه الغير فالتصرف صحيح.
فالولي على مال اليتيم الصغير الذي لم يبلغ أو المجنون أو السفيه له التصرف والبيع والشراء؛ لأنه نائب مناب المالك.
فصار الذين يصح أن يبيعوا نيابةً عن المالك أربعة: الوكيل، والوصي، والناظر، والولي. المهم لا بد أن يكون البيع من مالك أو من يقوم مقامه.
لو أن رجلاً سرق شيئاً وباعه هل يصح البيع؟ لا يصح البيع؛ لأن السارق ليس مالكاً ولا قائماً مقام المالك.
لو أن شخصاً غصب أرضاً يعرف أن هذه الأرض لجاره فاستولى عليها ثم باعها، أيصح البيع؟
لا يصح، لأنه ليس مالكاً.
لو أن شخصاً وجد شيئاً ثميناً كالحلي في السوق، وكتمه وباعه، أيصح بيعه أو لا يصح؟
لا يصح؛ لأنه ليس من مالك ولا من يقوم مقام المالك.
وهم الذين يبيعون في السيارات، تأتي السيارة ثم يبيعها ويقول للمشتري: ما بعت عليك إلا الغمارة أو الكفرات، ما تطالبني بأي عيب. المشتري يكون قد طمع في السيارة ويقول: ما في مشكلة، أشتريها على أن ما فيها إلا الكفرات أو الغمارة.. هذا حرام إذا كان البائع يعرف العيب الذي فيها، ويجب عليه أن يبين، ولا يقول: أنا بعت عليه برضاه؛ لأنه لو علم بالعيب حقيقةً ما اشتراها، لكنهم يكتمون العيب ويلزمون المشتري بما لم يلتزم به؛ بأنه لا يرجع.
لو أن أحداً اشترى السيارة على هذا الأساس، ثم تبين بها عيب، وثبت أن البائع يدري بهذا العيب، فهل للمشتري الخيار؟ الجواب: نعم، له الخيار، فلو قال البائع: إني قد بعت عليه والتزم. نقول: لكنك خدعته، لو بعتها بعشرة آلاف ثم علم بالعيب ما اشتراها ولا بثمانية، لكن اشتراها بعشرة مخاطرة، فالبائع إذاً وقع في الإثم، وللمشتري إذا أثبت أن البائع كان يعلم بالعيب وكتمه أن يردها ويأخذ فلوسه.
فعلى البائع أن يتقي الله عز وجل ويصدق ويبين حتى يبارك الله له في بيعه، فإن كذب وقال: إني اشتريتها بمائة. وهو ما اشتراها إلا بثمانين فبركة بيعه ممحوقة، أو كتم بأن كان يعلم بها عيباً ولكنه كتمه فبركة البيع ممحوقة، فإن قال قائل: نجد أناساً يبيعون ويشترون بالكذب والدجل والغش ومع ذلك تنمو أموالهم وتكثر. نقول: هذا لا يدل عن رضا الله عنهم، بل (إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وتلا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قول الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102]).
ونقتصر على هذا القدر مما تكلمنا عليه فيما يتعلق بالبيوع، وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى، ولنتفرغ الآن إلى الإجابة على الأسئلة، ونسأل الله أن يوفقنا للصواب.
الجواب: بيع النخيل يعني: بيع الثمرة على النخلة جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجازه بشرط أن تحمر أو تصفر، فقد نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، فإذا باعها ثم أصيبت بجائحة حر أو مطر أو رياح؛ فللمشتري الخيار لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟) فنهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم البائع إذا أصابت الثمرة جائحة أن يأخذ الثمن وقال: (بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟).
لكن لو أن العيب الذي حصل كان بسبب المشتري؛ بأن كان يخرفها ويشقق الشماريخ فلا ضمان على البائع؛ لأن العيب حصل بفعل المشتري، وكذلك لو أخر جذها حتى جاء موسم الأمطار ونزل المطر على الثمرة فأفسدها، فلا خيار للمشتري لأنه هو الذي فرط في التأخير.
فإن قال إنسان: هل يجوز للبائع أن يقول للمشتري: إن أصابتها جائحة فإنه يقدر لك النقص ولا تردها، كأن يقول: أبيع لك الثمرة لكن إذا أصابها جائحة من فساد التمر أو ما أشبه ذلك فإنه يثمن ولا تردها، فوافق المشتري على هذا الشرط، فإن ذلك جائز؛ لأن الحق للمشتري في الرد أو تقدير النقص فإذا أسقط الرد بقي له تقدير النقص.
الجواب: لا بأس به، يعني: لا بأس أن يضع عند محطة البنزين ورقة أو لوحاً بأن من عبأ كذا وكذا من البنزين فله جائزة، هذا جائز لكن بشرط أن يكون ثمن البنزين عنده كثمنه عند الناس لا يزيد؛ لأن المشتري الآن إما سالم وإما غانم، لن ينقصه شيء، أما لو زاد الثمن في البنـزين بأن كان اللتر عند غيره بعشرة وهو صار عنده بعشرين فهذا لا يجوز، لأن مشتري البنزين يكون إما غانماً وإما غارماً وهذا هو الميسر.
الجواب: يشير السائل إلى قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا) فهل المراد: التفرق بالأبدان أم بالأقوال؟ نقول: المتعين أنه التفرق بالأبدان، وأنك إذا بعت على شخص شيئاً فلك الخيار ما دمتما في المجلس ولو طال المجلس، فلو كان في طيارة -مثلاً- وهو إلى جنبه في المقعد وباع عليه شيئاً، فما داما لم يتفرقا فلكل واحد منهما الخيار، لكن لهما أن يقطعا الخيار بمعنى أن يقول: بعتك على أن لا خيار لك. فإذا قال: قبلت. لم يكن له خيار ولو كان في المجلس؛ ولهذا جاء في نفس الحديث: (ما لم يتفرقا وكانا جميعاً أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع) وإن تفرقا قبل أن يفسخا البيع فقد وجب البيع.
الجواب: هذا ليس بجائز، يعني: لو قال لك الموكل: خذ هذا بعه بمائة فبعته بمائة وعشرة فالعشرة للذي وكلك وليست لك، إلا إذا قال: خذ هذا بعه بمائة وما زاد فلك، فلا بأس أن تبيعه بمائة والزيادة لك، لكن بشرط: أن يكون الذي وكلك يعرف ثمن هذه السلعة، لأنه قد يكون الذي وكلك جاهل بالأسعار فيظن أن سلعته هذه لا تزيد عن مائة فيقول: بعها بمائة وما زاد فلك. ففي هذه الحال يجب أن تقول: يا أخي السلعة تساوي أكثر، تساوي مائتين؛ لأنك لو لم تفعل لكنت خادعاً له، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
الجواب: إذا شرط البائع على المشتري ألا يبيع ما اشتراه فهذا شرط ينافي العقد، لأن مقتضى الشراء أن يكون المشتري مالكاً يتصرف كما شاء وهذا حبسه قال: لا تبع. لكن إذا كان للبائع غرض صحيح في ألا يبيعها المشتري فالشرط صحيح، مثاله: رجل عنده عبد مملوك وهو في نفسه نفيس، فجاءه صاحب له وقال له: بع علي العبد. قال: والله العبد أنا عندي نفيس لا أرغب أن أبيعه. قال: بعه. فقال: لا أرغب ببيعه إلا بشرط ألا تبيعه أنت، وأنك إن أردت بيعه تبيعه عليَّ أنا وحدي. فهذا الشرط حينئذ جائز أو غير جائز؟ جائز؛ لأن فيه غرضاً صحيحاً.
كذلك لو كان عند الإنسان بقرة وباعها على شخص قال: بشرط ألا تبيعها على فلان لأن فلاناً يعذب البقر، مثلاً يسني عليها أو للحرث، المهم أنه يؤذيها. فهذا الشرط صحيح.
الجواب: هذا ينبني على النية، إذا كان الإنسان نوى الربح في هذه الأرض ففيها الزكاة، لأنها تكون تجارة، وأما إذا لم ينو الربح، وإنما ينوي إقامة بناء عليها يؤجره أو يسكنه أو أراد أن يحفظ دراهمه في هذه الأرض، ولم يرد الربح، فهذا لا شيء عليه، فليس عليه زكاة.
كذلك أيضاً: لو أراد الربح وبعد مضي سنتين أو ثلاث عدل عنها وأراد أن تبقى له فإن الزكاة تجب عليه في السنوات التي كان قد نواها للربح وتسقط عنه من حين عدل عن هذه النية.
الجواب: النخيل التي في البيوت إن كانت قليلة لا تبلغ النصاب فلا زكاة فيها، وإن كانت كثيرة تبلغ النصاب؛ كما يوجد في بعض الاستراحات أو في بعض الأحواش الكبيرة، فهنا يجب عليه أن يزكيها سواء أرادها للأكل أو للبيع؛ لأن الثمار تجب فيها الزكاة على كل حال، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (في ما سقت السماء العشر) وقال: (ليس في ما دون خمسة أوسق صدقة) فهنا يسأل: فإذا كانت تبلغ النصاب ففيها الزكاة وإلا فلا، ولو أنه احتاط وأخرج الزكاة مطلقاً إذا كان يشك هل تبلغ النصاب أو لا فهذا أحسن.
لكن ما مقدارها؟ مقدار الزكاة إذا كان الماء يدخل على الإنسان بدون قيمة فمقدار الزكاة العشر كاملاً؛ لأن هذا الماء لا يكلف الإنسان شيئاً فهو كالذي تسقيه السماء، والعشر (10%)، وإذا كان يدخل عليه الماء بأجرة ففيه نصف العشر يعني: (5%).
الجواب: الذهب إذا بيع بالأوراق النقدية فلا بد من التقابض قبل التفرق، فليصرف المشتري هذه الورقة ويأتي بالدراهم ويستريح، أو يكون عند البائع -بائع الذهب- ويتصل بالبنك ويقول: يا فلان اخصم من حسابي كذ وكذا -يعني: ثمن الذهب- واجعله في حساب فلان، فإذا قال: فعلت -يعني: البنك- جاز ذلك؛ لأن البائع الآن استلم، بأ، قُيد قيمة الذهب في حسابه، فيكون هذا استلاماً.
الجواب: ليس في هذا شيء، أي: كإنسان عنده حلي قديم فجاء إلى التاجر فباعه عليه، ثم اشترى منه بعد أن قبض الثمن حلياً جديداً فهذا لا بأس به ولا إشكال فيه.
الجواب: هذا لا يجوز لأن التمر جنس واحد، والجنس الواحد لا يجوز أن يزيد بعضه على بعض، ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتي إليه بتمر جيد، فقال: (من أين هذا؟ قالوا: كنا نشتري الصاع من هذا بصاعين، والصاعين بالثلاثة. فقال: ردوه، هذا عين الربا) ثم أرشدهم عليه الصلاة والسلام إلى أن يبيعوا التمر الرديء بثمن ويشتروا بثمنه تمراً جيداً لكن من غير البائع، يبيعه في السوق ثم يأخذ الدراهم ويشتري تمراً جيداً، فالزنبيل الذي في السوق قد يكون غالياً أكثر ثمناً من زنبيل الشقر، فلا يجوز أن يبيع بعضهما ببعض مع التفاضل أو زيادة الدراهم.
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يبيع الدخان؛ لأن الدخان محرم، وإذا حرم الله شيئاً حرم ثمنه، ولأن بيعه من باب التعاون على الإثم والعدوان.
وكذلك الملابس التي فيها صور تامة لا يجوز بيعها؛ لأن بيعها يؤدي إلى لبسها، ولبسها حرام، أما إذا لم يكن فيها إلا وجوه فليست حراماً.
وكذلك الحفاظات التي تربط على القبل أو الدبر من الصبـي هذه لا بأس ببيعها وشرائها وإن كانت فيها الصور لأنها ممتهنة غاية الامتهان؛ حيث تلف على محل الأذى والقذر.
الجواب: يعني: لو أن رجلاً كان يكسب المال عن طريق محرم ثم مات؛ فإن هذا المال حلال لورثته وإثمه على الميت، إلا إذا علم الورثة أن هذا المال بعينه لشخص فيجب عليهم أن يردوه إليه، مثال ذلك: رجل غصب أرضاً من شخص، بأن تعدى على حدوده، ثم مات، والورثة يعلمون أن نفس هذه الأرض لجاره، فالواجب عليهم أن يردوها إلى جاره، لأن هذه عين ماله، وكذلك لو سرق شيئاً وبقي المال المسروق عنده ثم مات فيجب على ورثته أن يردوا السرقة إلى مالكها.
الجواب: هذا يقول: إنه استأجر دكاناً أو بيتاً بخمسة آلاف، وفي أثناء السنة قال صاحب البيت أو الدكان: أعطني أربعة آلاف وأنزل عنك ألف ريال، هل يجوز أو لا يجوز؟ فالجواب: إن هذا جائز ولا بأس به؛ لأن فيه مصلحة للطرفين، المستأجر مصلحته التخفيض، والمؤجر مصلحته التقديم والتعجيل.
وكذلك لو كان عند شخص دراهم مؤجلة مقسطة تبلغ مثلاً مائة ألف مؤجلة بعشر سنين كل سنة عشرة آلاف، فقال صاحب الدين: أعطني خمسة آلاف الآن نقداً وأسقط عنك الباقي، فهذا جائز على القول الراجح؛ لأن في هذا مصلحة للطرفين، وليس فيه ربا بل فيه نقص ضد الربا.
الجواب: كيف جائز؟ إنسان لم ير المريض ولم يوصف له المريض المرض ويقول: هذا سحر، أو جن، أو عين؟! هل هو يعلم الغيب؟ هو مشعوذ، أو له أحد من الجن ما ندري، المهم على كل حال لا يصلح هذا، لكن إن علمت أن فلاناً عنده قدرة على إخراج الجن بأن يقرأ على المريض المصاب ويخرج الجني فهذا اذهب إليه بصاحبك المصاب.
واجعله يقرأ عليه حتى يخرج ما فيه.
ونحن لا ننكر أن أحداً من الناس يستطيع أن يخرج الجني من الإنسي، بل هذا أمر واقع، جاءت به السنة وعمل به الأئمة، وكان شيخ الإسلام رحمه الله له القدح المعلى في هذا، يؤتى إليه بالمصروع الذي صرعه الجني ويقرأ عليه ويعدو الصارع ويخرج.
الجواب: ينظر للقرائن (قرائن الأحوال) إذا كنت في مسجد يصلي فيه المسافرون كمساجد المطارات مثلاً، فالغالب أن الذي يصلي فيها مسافرون، فاجعل صلاتك صلاة المسافر، أما إذا كنت في البلد فمعلوم أن مساجد البلد إنما يصلي فيها المقيمون فأتمم الصلاة أربعاً، وإن شككت فالاحتياط أن تصلي أربعاً لأنه لا يضرك.
الجواب: اتبع إمامك، إذا كان الإمام يتم فأتم وإن كان يقصر فاقصر لأن القول الراجح: أن المسافر مسافر ولو طالت مدة سفره ما لم ينو الإقامة المطلقة أو يستوطن.
بالنسبة للنساء لا يصلين مع الجماعة فيقصرن الصلاة حتى يرجعن إلى بلادهن سواء حددت المدة أم لم تحدد؛ لأنه ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما يدل على التحديد، بل القرآن يقول الله تعالى فيه: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ [النساء:101] والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يرد عنه حرف أنه حدد المدة، وهو عليه الصلاة والسلام بقي في أسفاره مدداً مختلفة، بقي في فتح مكة تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة، وكان في رمضان وهو مفطر، وبقي في غزوة تبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة، وبقي في حجة الوداع آخر مرة سافرها عشرة أيام يقصر الصلاة.
قيل لـأنس بن مالك رضي الله عنه: [كم أقمتم في مكة -يعني: عام حجة الوداع-؟ قال: أقمنا فيها عشراً] فإذا كانت أسفار الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم تختلف ولم يحدد لأمته شيئاً معيناً علم أن المسألة ليس فيها تقييد، ما دمت قد أقمت لغرض متى انتهى رجعت فأنت مسافر سواء حددت المدة أم لم تحدد، والتفريق بين التحديد وعدمه لا دليل عليه.
الواجب: الظاهر لي أنكم لم تفرطوا، أبقيتم عنده الماء والطعام فمات، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (دخلت النار امرأة في هرة حبستها، لا هي أطعمتها إذ حبستها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض) قد يقول قائل: ربما ماتت الدجاج من الحر، فنقول: الحر ليس معلوماً حتى يقال: إنك فرطت في عدم اتخاذ الوقاية منه، وما دام مكانها -مكان الدجاج- مظللاً كالعادة فليس عليك إثم.
الجواب: أرى أن هذا عمل ليس بجيد، كون الإنسان يشتري الحب ويلقيه في الأرض للحمام، هذا غلط، أحياناً يداس هذا الحب بالأقدام خصوصاً في أيام الموسم؛ لأن أيام الموسوم يكون الناس بكثرة ولا تتمكن الحمام من النزول فتأكل، وهذا غلط، بل إضاعة مال وإهانة طعام.
أما المزارات التي في المدينة فهي:
أولاً: المسجد النبوي، تصلي فيه ما شاء الله.
ثانياً: قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبرا صاحبيه أبي بكر وعمر.
ثالثاً: البقيع.
رابعاً: مسجد قباء.
خامساً: شهداء أحد.
غير ذلك لا يوجد مكان تشرع زيارته في المدينة.
الجواب: يجب أن تعلموا -أيها الإخوة- أن النذر منهي عنه، نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: (إنه لا يأتي بخير ولا يرد القضاء) ولهذا ذهب بعض العلماء: إلى أن النذر حرام، لماذا تنذر؟ لماذا تكلف نفسك؟ وهل الله عز وجل لا يمن عليك بالشفاء أو على قريبك بالشفاء إلا إذا شرطت له شرطاً؟! سبحان الله! لا تنظر، اسأل الله الشفاء والعافية، فإن كان الله يريد أن يشفى شفي سواء نذرت أم لم تنذر، فإذا فعلت ونذرت فإن كان نذر طاعة وجب عليك الوفاء به، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه).
بناءً على هذا: ماذا تقولون في المرأة المذكورة؟ يجب أن تحج، لكن تبدأ بحج الفريضة ثم تأتي بحج النذر وجوباً، فإن لم تفعل فقد عرضت نفسها لعقوبة عظيمة، استمع إليها في قول الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [التوبة:75-76] انظر عاهدوا الله إن الله أغناهم أن يتصدقوا وأن يكونوا من الصالحين، فأعطاهم الله ذلك، ولكنهم بخلوا بالمال وأعرضوا عن الصلاح: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ [التوبة:77] إلى متى؟ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ [التوبة:77] أي: إلى الموت: بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ [التوبة:77].
الخلاصة يا إخواني: احذروا النذر، لا تنذروا، أنتم في عافية، لا تلزموا أنفسكم ما لم يلزمكم الله به إلا بفعلكم، من كان عنده مريض فليقل: اللهم اشفه. من كان يريد الاختبار فليقل: اللهم نجحني؛ لأن بعض الطلبة الآن إذا كانت الدروس صعبة وخاف من السقوط يقول: لله علي نذر إن نجحت لأفعلن كذا وكذا من الطاعات، ثم إذا نجح قام يسأل، يأتي إلى العالم الفلاني والعالم الفلاني انظروا حل، ما في حل، لابد أن توفي بالنذر.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر