أما بعد:
فهذا هو اللقاء المتمم للستين من اللقاءات الشهرية التي تتم في الجامع الكبيرة في عنيزة ، وهذه الليلة هي ليلة التاسع عشر من شهر رجب عام (1419هـ).
أسأل الله تعالى أن يجعل لقاءاتنا خيراً وعاقبتها خيراً؛ إنه على كل شيء قدير.
وقبل أن نشرع في موضوع هذا اللقاء نتكلم عن صلاة الاستسقاء..
صلاة الاستسقاء سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، والاستسقاء يعني: طلب السقيا، ومن المعلوم أن الذي ينـزل الغيث هو الرب عز وجل، كما قال الله تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ [لقمان:34] وقال الله عز وجل: أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ [الواقعة:68-69].
الجواب: أنت يا ربنا، أنت الذي أنزلته وجعلته مباركاً تنبت به من كل زوج بهيج.
هذا المطر يصرفه الله تبارك وتعالى حيث شاء كيف شاء على قدر ما شاء عز وجل، ولذلك تجد بعض البلاد يكون فيها أمطار كثيرة، وبعض البلاد تكون قاحلة، وبعض البلاد تكون بين هذا وهذا، واستمع إلى قول الله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً [الفرقان:50].
منها: أن يستسقي الخطيب يوم الجمعة في خطبة الجمعة، ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أنس بن مالك رضي الله: (أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل -فبدأ رضي الله عنه بسبب السؤال قبل السؤال- قال: هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه ورفع الناس أيديهم معه، وقال: اللهم أغثنا -ثلاث مرات- قال
وفي هذا الأسبوع ستقام -إن شاء الله- صلاة الاستسقاء بعد غدٍ بأمر ولي الأمر، وتعلمون أن بلادنا واسعة الأرجاء، حتى لو فرض أننا في وسط المملكة لم يكن هناك حاجة إلى المطر؛ لأن موسم المطر بدأ قريباً، لكن هناك أماكن شاسعة تحتاج إلى مطر، والعلماء يقولون: يستسقي ولو كان القحط في غير أرضه، فالأمر واضح والحمد لله، فينبغي لنا أن نخرج مع المسلمين في هذا اليوم؛ لدعاء الله عز وجل والتقرب إليه بالصلاة، وليعلم الناس أنه لا ملجأ لهم عند الشدائد إلا الله عز وجل القادر على إزالتها تبارك وتعالى.
هذا ما أردنا أن نقدمه بين يدي موضوع اللقاء الذي ابتدأناه في الشهر الماضي.
فهم لا يدعون مع الله إلهاً آخر لا دعاء مسألة ولا دعاء عبادة .. دعاء العبادة كالركوع والسجود وجميع أنواع العبادة، فهم لا يذبحون لصنم، ولا ينذرون لصنم ولا لقبر ولا لشمس ولا لقمر، وإنما يجعلون العبادة لله الذي خلقهم.
ولا يدعون غير الله دعاء مسألة؛ فلا يأتون إلى صاحب القبر ويقولون: يا سيدي! يا مولاي! يا ولي الله! أعطني كذا وكذا، لا يقولون هذا؛ لأنهم يعلمون أن غير الله لا يملك نفعاً ولا ضراً لا لنفسه ولا لغيره، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أمره الله أن يقول ويعلن: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ [الأعراف:188] وإذا كان الله أمره أن يعلن: قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً [الجن:21-22] فإذا كنت أنا لا أدفع عن نفسي لو أرادني الله تعالى بسوء فكيف أملك ذلك لكم؟!!
وإذا كان الله أمره أن يعلن: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ [الأنعام:50] فكيف يُتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلهاً مع الله يدعى ليكشف الضر؟!! هذا لا يمكن، والنبي صلى الله عليه وسلم نعلم علم اليقين أنه لو خرج لهؤلاء لقاتلهم واستباح دماءهم وأموالهم ونساءهم؛ لأنهم مشركون. فعباد الرحمن لا يدعون مع الله إلهاً آخر.
والشرك الأصغر أنواعه كثيرة، وهو خفي جداً، قد يحصل في القلب من غير أن يعلم الرجل .. الرياء شرك أصغر، مثال ذلك: رجل تصدق بدراهم أمام الناس من أجل أن يقولوا: فلان جواد متصدق، فهذا شرك أصغر، هو يريد التقرب إلى الله، لكن يريد من الناس أن يمدحوه لأنه يتقرب إلى الله .. انتبهوا! هو لم يرد أن يتقرب إلى الناس بهذا، لو كان يريد هذا لكانت المسألة خطيرة ربما نقول: شرك أكبر، لكنه يريد أن يتقرب إلى الله فيمدحه الناس بأنه جواد يتقرب إلى الله تعالى بالصدقات.
كذلك إنسان قام يصلي وحوله أناس؛ فصار يطمئن في صلاته ولا يتحرك، وقد طمأن رأسه من أجل أن يقال: إن فلاناً يتقن صلاته، هو لا يريد التقرب إلى الناس بالصلاة أبداً، وإنما يريد التقرب إلى الله لكنه حسنها من أجل أن يقول الناس: إن الرجل يتقن صلاته لله عز وجل، وهذا رياء.
أولاً: أن الإنسان يأثم.
ثانياً: أن عبادته مردودة لا يقبلها الله عز وجل؛ لقوله تعالى في الحديث القدسي الصحيح: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) فاحذر الرياء، واجعل نيتك لله خالصة، لا يهمك الناس مدحوك أو ذموك.
بقي مسألة: لو قال قائل: أنا سأترك الصدقة خوفاً من الرياء. وهذا يقع، كأن وجد فقيراً يسأل وظاهر حاله أنه فقير حقاً، فقال: لن أتصدق عليه خوفاً من الرياء، فماذا نقول؟
نقول: هذا تخاذل وغلط، هذا يعني: أن الشيطان غلبك حتى منعك من الصدقة، تَصدقْ ولا تبالِ، فأنت إن تصدقت من أجل أن يمدحك الناس كان رياء، وإن تركت الصدقة خوفاً من الرياء فإن ذلك خذلان ونصرٌ للشيطان عليك والعياذ بالله، فلا يهمنك هذا.
كذلك بعض الناس يحب أن يصوم، فيترك الصوم مخافة أن يقال: إنه صائم، فيخشى من الرياء، وهذا غلط.
ثم إن الإنسان إذا أظهر العبادة من أجل أن يتأسى الناس به كان إماماً فيها -انتبه إلى هذه النقطة- أحياناً يقول الإنسان: لا أحب أن يطلع الناس أني صائم، لكن لو اطلع الناس عليه من أصحابه وأصدقائه تأسوا به وصاموا، فهل الأفضل الإخفاء أم الإعلان؟ الإعلان أفضل؛ لماذا؟ ليكون إماماً يتأسى به في الخير ويُقتدى به، ولهذا امتدح الله عز وجل الذين ينفقون سراً وعلانية، لم يمتدح الذين ينفقون سراً فقط بل سراً وعلانية؛ لأن العلانية قد تكون أفضل من السر حسب ما يترتب عليها من المصالح.
أولاً: نفس المؤمن.
ثانياً: نفس الذمي.
ثالثاً: نفس المعاهد.
رابعاً: نفس المستأمن.
أربع أنفس محرمة إلا بالحق ..
إذاً: الذمي هو: الذي يقيم بدارنا آمناً مطمئناً لكن يبذل الجزية؛ وهي ما يفرضه الإمام عليه كل عام، فيبقى في حمايته، وإذا تم العام يأتي بالجزية.
مسألة: إذا كان هذا الرجل -الذمي- غنياً وعنده خدم، فأرسل الخادم بالجزية إلى المسئول، فهل يكفي أم لا؟
الله سبحانه وتعالى يقول: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29] اختلف العلماء في قوله: (عن يد)، فقيل: المعنى: أن يأتي بها الذمي ولا نأخذها منه على طول، يقف عند الماسة أمام المسئول ولا يكلمه المسئول، بل يهينه ويتلهى عنه وهو واقف، فإذا أراد أن يسلم الجزية أخذها منها بقوة حتى يكاد أن ينزع يده؛ لأنه قال: عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29] أذلة. هذا قول لبعض الفقهاء إلا أنه ضعيف، ولا يمكن أن يعامل الإسلام الذميين هذه المعاملة، لكن المعنى: عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29] أي: أن الذمي يبذلها بيده لا يرسل بها خادماً، وأيضاً لا يأتي بفخر وهينمة، بل يبذلها وهو صاغر.
وهذا الذمي حمايته علينا، وصد العدوان عنه علينا،؛ لأننا نستلم منه مقابل ذلك الجزية.
ومن يتولى المعاهدة؟ أيتولاها رعاع الناس وغوغاء الناس، أم ولي الأمر؟ يتولاها ولي الأمر، فإذا عاهد ولي الأمر تاجراً أو مهندساً أو عاملاً أو غير ذلك؛ فلا يحل لأي واحد من الرعية أن يؤذيه أو يقتله، بل من قتله لم يرح رائحة الجنة والعياذ بالله! فكيف يدخلها؟ لا يدخلها ولا يرح رائحتها، والمسألة ليست فوضى كل واحد يقول: أنا السلطان، أنا الأمير، أنا المدبر، أنا الذي أكتب العهد، وما أشبه ذلك، فالمسألة ترجع لولاة الأمور.
عباد الرحمن لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق، وعلى هذا فمن قتل نفساً معصومة فإنه ليس من عباد الله، أي: اختل من صفات من عباد الرحمن فيه هذا الوصف العظيم.
والقصاص حياة، مثاله: زيد قتل عمراً فقتلنا زيداً؛ نقول: هذه حياة. وقد قال بعض العلمانيين والمعترضين على الشريعة: كيف يكون حياة وقد قتل واحداً والآن نقتل اثنين، أين الحياة؟! فنقول: سبحان الله! إذا قتلنا هذا القاتل فكم ينكفُّ عن القتل من مجرمين؟ كثير، كل مجرم يهم بالقتل إذا علم أن مآله أن يقتل توقف؛ لأن أشد الناس حباً للحياة وكراهةً للموت أبعدهم عن الإيمان، بمعنى: أن أبعد الناس عن الإيمان هو أشد الناس حباً للحياة، قال الله تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا [البقرة:96] والمشرك لا يود الموت، اليهودي والنصراني لا يود الموت: قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ [البقرة:94-95] المجرم لا يمكن أن يقدم على شيء وهو يعلم أنه سيقتل به أبداً.
إذاً: النفس بالنفس جائز، وهل ينافي وصف عباد الرحمن؟ لا، لأنه قتل بحق، والقتل بحق جائز.
والزنا -والعياذ بالله- قال الله فيه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] أيهما أشد وأقبح: الزنا أم نكاح ذوات المحارم؟ نكاح ذات المحارم، ولهذا قال الله عز وجل: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً [النساء:22] وفي الزنا قال: إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] ولهذا كان القول الراجح من أقوال العلماء: أن من زنى بأحد محارمه يقتل بكل حال، حتى وإن لم يكن ثيباً.
أقول: الزاني إذا زنى وهو محصن قد منَّ الله عليه بالنكاح واستمتع بزوجته ثم زنا؛ فيرجم على كل حال، يرجم إذا تمت الشروط .. وكيف يكون الرجم؟
يوقف ويجمع حصى، ويأخذ الناس من هذا الحصى ويضربونه حتى يموت، وهنا نسأل: أليس قتله بالسيف أهون؟! فلماذا قتل بالحجارة؟ نقول:
أولاً: حكم الله عز وجل لا تعترض عليه، قل: سمعنا وأطعنا، فإذا قلت: سمعنا وأطعنا فتح الله عليك.
ثانياً: لا تظن أن الإسلام يفرق بين شيئين إلا لسبب، فهذا الرجل الزاني الشهوة تعلقت بجميع بدنه؛ لأن كل البدن مع الشهوة يهتز فينال من اللذة، فكان من المناسب أن نرجمه بالحجارة حتى يتألم جميع بدنه الذي تلذذ بالحرام، وهذه حكمة عظيمة، ولهذا قال العلماء: لا يجوز أن يرجم بحجارة كبيرة تقتله بأول مرة، ولا يجوز أن يقصد المقاتل بحيث يموت بسرعة، بل يفرق الأحجار على بدنه حتى يموت.
إذاً: زنا المحصن مبيح لقتله لكن بالرجم.
فإذا تلوط رجل برجل وكلٌّ منهما بالغ غير مكره وجب قتلهما وجوباً، حتى وإن لم يحصنا وإن لم يتزوجا .. الزاني لا يرجم إلا إذا كان قد تزوج وجامع زوجته بالحلال، أما اللواط فلا يشرط فيه هذا، يقتل الفاعل والمفعول به، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الصغير واسمه: السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية ، قال: إن الصحابة أجمعوا على قتل الفاعل والمفعول به.
لكن اختلفوا:
فمنهم من قال: يُصعد بهما إلى أعلى مكان في البلد ثم يلقيان منه ويتبعان بالحجارة.
ومنهم من قال: يرجمان رجم الزاني.
ومنهم من قال: يحرقان بالنار، وقد فعل ذلك أبو بكر رضي الله عنه وبعض الخلفاء؛ لأن جريمتهم جريمة عظيمة وليست بهينة.
إذاً: مما يبيح القتل: اللواط.
وهناك أشياء معروفة عند العلماء لا نطيل الكلام فيها، وهي معروفة -والحمد لله- عند الفقهاء رحمهم الله في كتاب الحدود وفي كتاب المرتد.
ولنتفرغ للأسئلة لأنها كثيرة، وربما يكون فيها تعرض لبعض ما نريده.
الجواب: الظاهر لا، المرأة الستر لها أفضل ولا تقلب عباءتها، والشماغ أيضاً لا يقلب؛ لأنه ليس رداءً ولا لباساً على الجسم فهو يشبه العمامة على الرأس، ولم أعلم إلى ساعتي هذه أن الصحابة كانوا يقلبون عمائمهم، لكن المشلح للرجال قد يكون مشبهاً للرداء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن: ما الحكمة في هذا؟ ما الحكمة في أن الإنسان يقلب المشلح مثلاً؟
الجواب: من باب التفاؤل، أن الله يقلب الشدة إلى رخاء، وهذا تعليل لا بأس به، تفاؤلاً لعل الله عز وجل أن يقلب الحال من الجدب وقحط المطر إلى الرخاء.
ولكن أهم من ذلك عندي التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسبة لنا، نقلب ذلك تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لقول الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ [الأحزاب:21] أما بالنسبة لفعل الرسول إياه فالتعليل ما سبق.
أيضاً قال بعض العلماء: وكأن الرجل التزم بأن يغير عمله السيئ إلى عملٍ صالح؛ لأن الأعمال لباس، قال الله تعالى: وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26] فكأن الإنسان بهذا الفعل التزم أن يغير حاله ولباسه الديني إلى لباس آخر، والله أعلم.
وعلى كل حال: أهم شيء بالنسبة لنا أننا نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: هذا غلط؛ لأن المصائب كلها قد تكون بسبب الذنوب، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى:30] وقد تكون امتحاناً من الله عز وجل يمتحن بها العبد هل يصبر أو لا يصبر. هذه واحدة.
ثانياً: إذا قلنا: إن علينا ذنوباً، أليست هذه الصلاة من أسباب مغفرة الذنوب؟! إذاً: فلنخرج إلى الله عز وجل، ولنضح له في البر نستسقيه ونتعبد له بالصلاة والذكر وغير ذلك.
فلهذا أرجو من إخواننا طلبة العلم -إذا صح السؤال- أن يتأملوا الموضوع، وألا يثبطوا الناس عن الخير وأن يشجعوهم عليه.
الجواب: شهر رجب كغيره من الشهور لكنه من الأشهر الحرم، والأشهر الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، هذه ثلاثة متوالية، ورجب منفرد، ولهذا يسميه بعض الناس: رجب الفرد.
والأشهر الحرم المعاصي فيها أعظم من غيرها؛ لقول الله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة:36] وشهر رجب كان بعض السلف يعتمرون فيه؛ لأنه نصف الحول؛ فإذا أسقطنا الثلاثة الحرم الأول: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، وبدأنا من صفر صار رجب هو الشهر السادس، أي: نصف السنة، وإن بدأنا من محرم صار شهر رجب هو السابع، فكان بعض السلف يعتمرون في هذا الشهر؛ لئلا يتأخرون عن زيارة البيت الحرام، حتى يبقى البيت الحرام معموراً في آخر السنة وفي وسط السنة.
أما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يعتمر فيه، وإنما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في أشهر الحج، كل عمر الرسول كانت في أشهر الحج، ولم يعتمر لا في رمضان ولا في رجب، لكن رمضان ورد فيه: (عمرة في رمضان تعدل حجة) أما رجب فلم يرد.
ويعتقد بعض الناس أنه تسن في رجب زيارة المسجد النبوي ويسمونها الرجبية، وهذا لا أصل له، ولا يعرفه السلف ولا قدماء الأمة، فهو بدعة محدثة ليست من دين الله عز وجل، وزيارة المسجد النبوي مشروعة في كل وقت، أي وقت تذهب إلى المسجد النبوي تزوره فهو خير.
كذلك يظن بعض الناس أن الإسراء والمعراج كان في رجب في ليلة سبعة وعشرين، وهذا غلط، ولم يصح فيه أثر عن السلف أبداً، حتى إن ابن حزم رحمه الله ادعى الإجماع على أن الإسراء والمعراج كان في ربيع الأول، ولكن الخلاف موجود ولا إجماع، وأهل التاريخ اختلفوا في هذا على نحو عشرة أقوال، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كل الأحاديث في ذلك ضعيفة منقطعة مختلفة لا يعول عليها.
إذاً: ليس المعراج في رجب وأقرب ما يكون أنه في ربيع.
ولو فرضنا أنه في رجب وفي ليلة سبعة وعشرين هل لنا أن نحدث في هذه الليلة احتفالاً وفي صبيحتها تعطيلاً للأعمال؟
أبداً، هذه بدعة دينية قبيحة، لم ترد لا عن الرسول، ولا عن الخلفاء، ولا عن الصحابة، ولا عن التابعين، ولا عن أئمة المسلمين، فهي بدعة منكرة.
وبعض الناس يظنون أن ليلة المعراج أفضل من ليلة القدر والعياذ بالله، وهذا غلط محض، فلذلك يجب علينا نحن أواخر هذه الأمة أن ننظر إلى ما فعله سلف الأمة قبل ظهور البدع، وأن نبين للناس، ومن بان له الحق فلم يتبعه فهو على خطر؛ لقوله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء:115].
الجواب: النصيحة: يجب أن نعلم أن الحيل في الشريعة الإسلامية باطلة؛ سواء كانت هذه الحيل على إسقاط واجب، أو على فعل محرم، فكلها باطل، والذي يتحيل فيه شبهٌ من أخس عباد الله وهم اليهود، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل) والمتحيل على الله لاعب على الله -والعياذ بالله- مستهزئٌ بالله: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ [البقرة:9] ومع ذلك كل من تحيل على واجب لإسقاط الواجب فإنه لا يسقط ويكون مطالباً به عند الله، وكل متحيل على محارم الله فإنها لا تحل ويكون معاقباً على هذه المعصية، فحذار حذار من الحيل! فإنكم لا تعاملون إلا من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ونقول: لو فرض أن امرأة باعت حليها في شعبان أو في رجب فراراً من وجوب الزكاة عليها في رمضان، فإن الزكاة تجب عليها في رمضان في الحلي الجديد؛ لأنه عوض عما تجب فيه الزكاة، أرأيت لو أن إنساناً عنده -مثلاً- دراهم من فضة، ثم باعها قبل رمضان بشهر أو شهرين وحولها إلى دنانير، فهل تجب الزكاة في الدنانير في رمضان أم نقول: حتى يتم الحول؟ تجب في رمضان، فالحيل لا تسقط الواجب، وما سمعت أحداً قال مثلما جاء في هذا السؤال من هذه الحيلة.
نعم. أسمع من بعض الناس يقول: إن حلي المرأة لا تجب فيها الزكاة، وهذا خلاف مشهور من قديم الزمان، ولكن الخلاف يجب على المؤمن أن يرده إلى الله ورسوله، قال الله عز وجل: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10] وقال عز وجل: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59] ولم يرد لا في القرآن ولا في السنة أن حلي المرأة لا زكاة فيه أبداً، ومن وجد شيئاً من ذلك فليسعفنا به، بل النصوص عامة في وجوب زكاة الذهب والفضة، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار).
لا يوجد نص يقول: ليس في حلي المرأة زكاة، والقياس على الثياب غلط، فلو كان عند الإنسان ألف ثوب لا تجب في الزكاة، فقياس الحلي على الثياب غلط:
أولاً: لأنه قياس في مقابلة النص، وكل قياس في مقابلة النص فإنه فاسد باطل.
ثانياً: أنه لا يتم القياس؛ لأن الذهب والفضة الأصل فيهما وجوب الزكاة، والثياب ونحوها الأصل فيها عدم الوجوب.
ثالثاً: أن الذين يقولون بعدم الوجوب، قالوا: لو أن المرأة أعدت الذهب للكراء -تؤجره- ففيه الزكاة، ولو أن إنساناً صنع ثياباً كثيرة للكراء فليس فيها زكاة، فإذاً: القياس غير صحيح.
والحمد لله، زكاة الحلي ربع العشر، أي: (2.5%) وهذه لا تضر الإنسان، إن كانت واجبة في دين الله فقد أدى ما عليه وأبرأ ذمته، وإن لم تكن واجبة فهي تطوع: (وكل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة) والله ليتمنين كل واحدٍ منا بعد الموت أنه تصدق بدرهم واحد، لأن كل الأموات يتمنون أن في حسناتهم زيادة حسنة واحدة، والصدقة من أفضل الأعمال.
الجواب: إذا كان هذا العنب يفسده الطير حتى لا يبقى ما يبلغ النصاب فلا زكاة على صاحبه، وأما إذا كانت تفسده ويبقى مقدار النصاب ففي ففيما بقي الزكاة.
وأما هل يجوز أن يجعل على العنب شبكاً يمنع الطيور منه، أو يجعل أشياء يحدث منها صوت ويفزع منه الطير ويذهب فلا بأس؛ لأنه يجوز للإنسان أن يدافع عن ماله، حتى لو هاجمه رجل مسلم فله أن يدافع عن ماله، فكيف بالطيور؟ فلا بأس أن يضع الإنسان شيئاً ينفر الطيور عن إفساد ماله وهو غير ملوم في ذلك.
الجواب: إذا كان خروجكم من هذا المصرف إلى المسجد يؤثر ضرراً، أو يُخشى من سرَّاق أو ما أشبه ذلك فلا بأس أن تبقوا وتصلوا في مكانكم، والسؤال كما سمعتم يقول: مصرف إسلامي، أي: أنه خالٍ من الربا، وهذا عذر؛ حتى إن العلماء قالوا: لو أن الخباز خاف إذا ذهب إلى المسجد أن تحترق الخبز فله أن يبقى، والخبز ليس بشيء بالنسبة للدراهم، ثم إن العلماء يقولون: إنه معذور بترك الجماعة مع أن هؤلاء سوف يصلون جماعة، فلا أرى حرجاً عليهم إذا كان ذهابهم إلى المسجد يتضمن ضرراً أو يُخاف من السرَّاق.
الجواب: هذا يشبه هدايا العمال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد : (هدايا العمال غلول) والغلول حرام، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161] فإذا كان هذا الرجل يذهب بأبناء رئيسه أو بناته إلى المدرسة ويرجع بهم إلى البيت فهذا لا شك أنه مثل الهدية، فإن كان بأجرة جاء أمر آخر، وهو أنه يشغله عن العمل الرسمي؛ لأن الذهاب بالأولاد إلى المدارس أو الرجوع بهم من المدارس يكون في وقت العمل الرسمي، ولا يجوز للمدير أو الرئيس أن يستعمل من تحت يده في أعماله الخاصة أبداً، فإن فعل فهو ظالم للدولة، وإن أكرهه فهو ظالم للدولة وظالم للموظفين، وبعض الناس -والعياذ بالله- إذا لم يعمل الموظف بما يريد تعرَّض له، وإذا كان بيده أن ينقله إلى مكان يعيد نقله، أو أن يحرمه من ميزات واجبة له، وهذا حرام.
والواجب علينا -يا إخواني- أن نتقي الله عز وجل، وأن نعلم أننا ملاقو الله، وأن نعلم أننا سنحشر حفاة عراة غرلاً، فلا يحل لأحد أن يظلم أحداً ممن جعله الله تحت يده.
الجواب: الواقع أن اللبن للأب والأم، فإذا أرضعت امرأة طفلاً صار ولداً لها، وصار جميع من أتوا من المرأة إخوة له؛ سواء من زوج سابق أو زوج لاحق، كذلك أولاد الزوج الذي كان زوجاً لها حين إرضاع الولد يكونون إخوةً لهذا الطفل، إخوةً له من الأب، ولذلك أقول: يمكن أن يكون الإخوة إخوة من الأم، ويمكن أن يكونوا إخوة من الأب، ويمكن أن يكونوا إخوة من الأب والأم.
فلو أن امرأة تزوجت رجلاً وولد لها أولادٌ منه ثم مات عنها أو طلقها، ثم تزوجت آخر فولدت منه، ثم أرضعت طفلاً بلبن الآخر، فما صلة الأولاد من الزوج الأول بهذا الطفل؟ هم إخوة من الأم، وبالنسبة لأولاد الزوج الثاني من الأم والأب، وأولاد الزوج الثاني من امرأة أخرى يكونون إخوة من الأب.
الجواب: القمح الذي باع هذه السنة هل هو القمح الذي أدخله على الدولة؟ إذا كان كذلك فهذا غلط؛ لأن القمح الذي دخل على الدولة ملك للدولة وخرج من ملكه، فكيف يبيعه؟ الدولة الآن عندها قيمة القمح، فإذا كان أدخله بسبعين ألفاً ثم باعه بأربعين ألفاً فمعناه: أنه باع سبعين ألفاً عند الدولة بأربعين ألفاً، وهذا حرام لا يجوز، أما مشكلته مع الرجل فهذه إلى القاضي وليست إلينا هنا.
الجواب: الاحتياط ألا يقصروا ولا يجمعوا؛ لأن مثل هذا لا يعد عند الناس سفراً، وإن كان سفراً عند بعض العلماء، فالذي أرى لهم: ألا يجمعوا ولا يقصروا.
إلا لو فرض أنهم إذا وصلوا إلى أهليهم متعبين ويخشون إن ناموا ألا يقوموا إلا عند الغروب، أو يخشون إن بقوا حتى يؤذن العصر أن يصلوا العصر وهم في شدة النعاس، فهنا نقول: اجمعوا؛ لأن الجمع أوسع من القصر، لا حرج أن يجمعوا، وإذا وصلوا إلى بلدهم ينامون إلى الغروب، أما القصر فأرى أن الاحتياط ألا يقصروا؛ لأن هذا لا يسمى سفراً في عرف الناس الآن.
الجواب: ليس عليها الكفارة، ولا فرطت، امرأة سافرت بطفلها معها هذا ليس بتفريط، هذا شيء معتاد عند الناس ولا يعدونها مفرطة، وأما بالنسبة لسائق السيارة فينظر: إذا كان انفجار الكفر بتفريطه أو بتعديه فهو ضامن، أما إذا كان بغير تفريطه ولا تعديه، بمعنى: أنه قد تفقد السيارة ولم يعلم فيها عيباً ولكن قضاء الله وقدره فوق كل شيء؛ فهذا لا شيء عليه، وهذا يقع كثيراً، أحياناً ينفجر الكفر بدون أي سبب لا بسرعة ولا بتحميل فوق الطاقة، ولكن الله إذا أراد شيئاً نفد، فهذا لا شيء عليه، والقاعدة: كل حادث ليس بتفريط من السائق ولا بتعدٍ منه فإنه لا شيء عليه فيه.
الجواب: لو أنك -جزاك الله خيراً- لما فعلت هذا أعطيته الورقة يقرؤها لكان أحسن! هذا ليس بمشروع وغلط منك، والميت لا يسمع مثل هذا، وغاية ما يسمع أنه من سلم عليه وهو يعرفه رد عليه السلام، هذا إن صح الحديث في ذلك؛ لأن العلماء اختلفوا في صحة هذا الحديث: (أن الرجل إذا أتى قبراً يعرفه في الدنيا وسلم عليه رد الله عليه روحه فرد السلام) هذا إن صح الحديث، أما أن تجعل له رثاء تأتي وتنشد عنده فليس بصحيح؛ ولا شك أن هذا بدعة.
وإني أنصح إخواني: ألا يتعبوا أنفسهم في التعلق بالأموات؛ لأنهم إذا تعلقوا بالأموات وأكثروا من زيارة الصديق والقريب بقي الحزن في قلوبهم لا يزول، وصاروا كلما زاروا تجدد الحزن، والحمد لله كل حي ميت، والمصيبة تبرد بطول الأيام إذا لم يوجد ما يجددها، ويكفي إحساناً إلى الميت من صديق أو قريب أن تدعو الله له، هذا خير ما تهديه إلى الميت .. ادع الله له، استغفر له .. اللهم اغفر لفلان، اللهم ارحمه، اللهم افسح له في قبره، اللهم نور له فيه، وما أشبه ذلك من الدعاء المناسب.
ولا أدري هل الأبيات مع أخينا أم لا؟ لعله يعرضها عليَّ ولو بعد انتهاء الدرس، لنرى ما فيها؛ لأنني أخشى أن يكون فيها بلاء، فأرجو منه أن يعرضها عليَّ حتى إذا كان فيها شيء مخالف أو غلو ينبه عليه.
الجواب: أما على كلام الفقهاء رحمهم الله فيجوز أن يصليها فرداً أو مع أهله في البيت أو في المدرسة، لكن السنة والأكمل أن يجتمع المسلمون في مكان واحد على إمام واحد ويسألون الله؛ لأنه كلما كثر الجمع واتحدوا كان أقرب إلى الإجابة.
فلذلك ننصح إخواننا أن يحضروا إلى مصلى العيد للاستسقاء، والفقهاء قالوا: يخرج إلى مصلى العيد ومعه الشيوخ والصبيان المميزون وأهل الصلاح، لأن ذلك أقرب إلى الإجابة، فالحضور هو الأفضل.
الجواب: النصيحة: إن أسباب الشر في عصرنا كثرت، وهي فتنة يفتتن بها من أراد الله فتنته، وهي ابتلاء من الله عز وجل، فإن الله تعالى قد يبتلي العباد بتيسير سبل المعاصي لهم، وما ذكره السائل واقع: فإن الجوالات وسيلة قريبة لاتصال الشابات بالشباب؛ لأنها تستخدمه في كل مكان حتى ولو كان في المرحاض -في الحمام- ولأنه إذا اتصل أحد يظهر رقمه في الجوال ويسهل الاتصال به، فهو خطير.
ولذلك أولاً: أنصح شبابنا وشاباتنا من هذا العمل المشين، وأرجو أن يكون مستقبل الإسلام على أيديهم خير مستقبل.
ثانياً: أنصح الآباء والأولياء أن يتحسسوا وينظروا ببصر ثاقب: كيف تستعمل الشابة هذا الجوال، وكيف يستعمله الشاب؟ وقلت لكم: إن الله قد يبتلي العباد بتيسير أسباب المعاصي ليمتحنهم عز وجل، ولنا مثلان:
المثل الأول: في أمم قبلنا.
والمثل الثاني: في صدر هذه الأمة.
فاليهود حرم عليهم صيد السمك يوم السبت، فإذا كان يوم السبت جاءت الأسماك على ظهر الماء: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ [الأعراف:163] في أيام الأسبوع الباقية لا تأتي، وطال عليهم الأمد، فقالوا: لا بد من حيلة، وهي أن نضع شباكاً يوم الجمعة فيأتي السمك ويتكاثر فيها، وإذا كان يوم الأحد خذوه، فماذا فعل الله بهم؟ قال الله عز وجل: وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ [البقرة:65] فكانوا قردة.
وصدر هذه الأمة ابتلاهم الله عز وجل وهم محرمون بالصيد المحرم على الحرام، فكان الصيد تناله أيديهم ورماحهم .. الزاحف تناله اليد، فالأرنب يمسكه بيده، والغزال يمسكه بده، والطائر يدركه برمحه، مع أن الطيور لا تدرك إلا بالسهام، والرمح -كما تعرفون- عبارة عن عصا أو نحوه في رأسه حديد مدبب، ينالها برمحه .. فالصحابة؟ أمسكوا عن هذا، ما أحد منهم صاد صيداً مع أنه سهل.
والآن المعصية سهلت بواسطة هذه الأجهزة فعلينا أن ننتبه، وأخشى أن يعمنا الله تعالى بعقاب، وأن يبدل هذا الأمن خوفاً، وهذا الشبع جوعاً، وهذه الكسوة عرياً؛ لأن الله عز وجل يقول: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:96-99].
أجارنا الله وإياكم من هذا!
الجواب: أقول: إذا صح أن الرجل عاد إلى الإسلام بالصلاة فلا حرج أن تعود إليه بعقدٍ جديد، وأما إذا كان لم يزل تاركاً للصلاة، فإنه لا يجوز أن ترجع إليه.
الجواب: شهر شعبان كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الصوم فيه، حتى كان يصومه إلا قليلاً، أي: إلا يوماً أو يومين، ولذلك ينبغي للإنسان أن يكثر الصيام في شهر شعبان.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر