أما بعد:
فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في الجامع الكبير في مدينة عنيزة ، يتم في هذه الليلة ليلة خمس وعشرين من شهر جمادى الأولى عام (1420هـ).
فنسأل الله عز وجل الذي يسر مثل هذه اللقاءات أن يجعلها لقاءات مباركة نافعة، اللهم اجعلها لقاءات مباركة نافعة لنا ولإخواننا المستمعين ولإخواننا الذين يسمعون.
وما دمنا في استقبال عام دراسي جديد كما ذكر ذلك أخونا الشيخ/ حمود بن عبد العزيز الصايغ وهو معلوم، فإن من الأجدر والأولى أن نتكلم فيما ينبغي أن نستقبل هذا العام الجديد به.
فنقول: هذا العام كغيره من الأعوام يدخل حقل التعلم الصغار والكبار، من أولى ابتدائي إلى آخر الجامعة والدراسات العليا، كل واحد منهم كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (كلكم يغدو -يخرج في الغداة- فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها).
إن علينا في استقبال هذا العام أن نلاحظ الملاحظات الآتية:
الذي يريد أن يتعلم الدين ليعمل به ويعلم الناس هل يفوته شيء من العلم؟
الجواب: لا. والذي يتعلم للدنيا إن لم يفته شيء من العلم وصار كالأول فقد اختلفا اختلافاً عظيماً في الثواب والأجر، لذلك أحث إخواني طلبة العلم أن تكون نيتهم خالصةً لله، وأعني بذلك: طلبة العلم الشرعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من طلب علماً مما يبتغى به وجه الله يريد عرضاً من الدنيا لم يرح رائحة الجنة) والعياذ بالله! وتأمل قوله: (مما يبتغى به وجه الله) لأن العلوم أنواع، والعلوم التي يبتغى بها وجه الله هي العلوم الشرعية التي يحيا بها دين الله عز وجل، أما الأمور الدنيوية كعلوم الحساب والهندسة وما أشبهها فهذه للدنيا من أصلها وفرعها. فعليك -يا أخي- بالإخلاص لله عز وجل في طلب العلم.
وقد يقول بعض الناس: إنكم إذا قلتم هذا منعتمونا من دخول المدارس والمعاهد والجامعات التي تمشي على النظام ويتدرج فيها الإنسان حتى يصل إلى الغاية؛ لأن كثيراً من الناس يريدون أن يقرءوا ليأخذوا الشهادة، فما الحل؟ أنترك هذه المدارس ونقول: عليكم بالدراسة في المساجد وفي البيوت أما هذه المدارس والمعاهد والجامعات فاتركوها، أم نصحح النية ونقرأ في هذه الجامعات؟ أيهما أولى؟ الثاني وهو أن نصحح النية، وكيف نصحح النية؟
من المعلوم في الوقت الحاضر أن الإنسان لا يمكن أن يرتقي إلى مكان ومنـزلة ينفع بها الناس إلا إذا كان معه شهادة، ولهذا إذا قال: ليس معي شهادة، ركلوه، فإذا طلبت العلم في هذه المدارس والمعاهد والجامعات من أجل أن تنال الشهادة التي ترتقي بها إلى مكان تنفع الناس به، فهذه النية نية صحيحة يثاب عليه العبد، فأنت -يا أخي- ادخل المدارس والمعاهد والجامعات بنية أنك تريد شهادة تتمكن بها من نفع الناس .. تكون مديراً .. تكون وزيراً .. تكون أستاذاً؛ لأنه لا توجد مرتبة كهذه إلا إذا كان لديك شهادة.
فلا بد أن يكون طالب العلم على خلق فاضل، أسأل الله أن يهديني وإياكم لأحسن الأخلاق والأعمال .. حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) احرص كل الحرص على حسن الخلق، ومن حسن الخلق أنك إذا لقيت صاحبك فسلم عليه، قل: سلام عليك؛ لأن هذا من الأخلاق الفاضلة، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الأخلاق الفاضلة وعلى السلام بالذات، فقال في حق المسلم على أخيه: (إذا لقيته فسلم عليه) وقال صلى الله عليه وسلم: (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) أظهروه وأعلنوه وأكثروا منه.
ولقد كان بعض السلف يدخل إلى السوق ليسلم على الناس .. كيف يدخل ليسلم؟! أليس الناس يدخلون السوق ليربحوا؟ الجواب: بلى. وهذا يدخل ليربح، لأنه إذا سلم مرة كان له عشر حسنات، وهذا ربح عظيم. فمن الخلق أن تسلم على من لقيت من المسلمين، وأما من غير المسلمين فلا تسلم عليهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن نبدأ اليهود والنصارى بالسلام وغيرهم كذلك.
فإذا قال قائل: إذا لقيت شخصاً هو أصغر مني فهل أبدؤه بالسلام، أم أقول: أنا أحق منه أن يبدأني بالسلام؟
أقول أيها الإخوة: لا تأخذك العزة بالإثم فتقول: أنا الأكبر لي الحق، فقد كان من خلق النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ من لقيه بالسلام، مع أنه أشرف الخلق وأعظم الخلق حقاً على الخلق ومع ذلك يبدأ من لقيه بالسلام، لا تقل: أنا أكبر منه، ابدأ أنت ولك الأجر ولك الأسوة الحسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم. فالسلام إذن من الأخلاق الفاضلة، ومن السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
مسألة: هل يكفي من السلام أن تقول: مرحباً وأهلاً؟ لا يكفي؛ لأن الله تعالى ذكر السلام، وقال نبيه صلى الله عليه وسلم: (إذا لقيته فسلم عليه)، وكذلك لا يكفي أن ترد على من سلم عليك وتقول: أهلا وسهلاً بأبي فلان، بل لا بد أن تقول: وعليك السلام، ثم ترحب.
إذاً: أنت يا طالب العلم مجاهد في سبيل الله، وحاجة الناس إلى العلم أشد من حاجتهم إلى الجهاد؛ لأن الجهاد في ناحية خاصة وعمل خاص، لكن العلم في كل نواحي الحياة، العلم يعرف الإنسان بعقيدته في ربه عز وجل .. يعرف كيف يتطهر، وكيف يتوضأ، وكيف يصلي، وكيف يزكي، وكيف يصوم، وكيف يحج، وكيف يجاهد. والعلماء هم ورثة الأنبياء، وذلك في العبادة والخلُق والمعاملة والدعوة، إذا قاموا بهذا فقد ورثوا الأنبياء، أما العالم الذي لا يعمل بعلمه فليس بوارث للأنبياء، ولكن اعلم أنك ربما تطلب العلم وتتساهل في العمل به، لكن كلما طلبت العلم ازددت رغبةً فيما عند الله وحينئذٍ تعمل بالعلم، ولهذا قال بعض أهل العلم: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله. سبحان الله! فالعلم الشرعي كله خير، فاعمل به تفز بربحه.
وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
وإلى الأسئلة، نسأل الله أن يوفقنا فيها إلى الصواب.
ثانياً: المعلمات يلبسن ملابس مخالفة للحشمة والتستر .. فتحات وشفاف وضيق، فما توجيه فضيلة الوالد في ذلك؟
الجواب: أقول: إن الواجب على من يحمل النساء من طالبات أو معلمات أو موجهات أو مديرات أن يتقي الله في نفسه، وأن يبتعد عن أسباب الفتنة، ومن الفتنة: أن يخرج بأجمل ما يكون من اللباس وأحسن ما يكون من الهيئة، وكأن هذا اليوم يوم عرسه، وربما ينثر على نفسه من الطيب ما تفتتن به المرأة .. هذا ما أنصحه لله عز وجل، فإن تيسر أن يعرف الأمر من نفسه وإلا فالواجب أن يرفع أمره إلى المسئولين ويمنع، ولقد كانت الرئاسة العامة لتعليم البنات إذا رأت من أحد ما ينِمُّ عن فعل ما يفتتن به النساء فصلته، وهذا هو الواجب، وهي مشكورة إذا قامت بهذا.
أما بالنسبة للنساء فلا يحل للمرأة أن تركب وحدها مع السائق، حتى لو كان بينها وبين المدرسة مسافة قريبة فلا يحل لها ذلك؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وما الذي يمنع أن يكون بينه وبينها كلام يَنِمُّ عن بلاء؟! قد لا يكون هذا في أول يوم ولا في ثاني يوم، ولكن مع كثرة المساس يقل الإحساس، ويتدرج مع المرأة شيئاً فشيئاً، لو لم يكن من ذلك إلا أنه يتلذذ بصوتها وتثور شهوته، والإنسان بشر، فلا يجوز للمرأة مهما كانت ومهما كان السائق أن تنفرد معه في السيارة. وكيف إذا كانت المرأة شابة وكان قائد السيارة شاباً؟! إنها ظلمات بعضها فوق بعض، نسأل الله السلامة.
ثم إن على المتعلمات والمعلمات والمديرات وجميع النساء أن تخرج بثوب عادي، ولقد أحسنت الرئاسة صنعاً حيث جعلت الزي زياً واحداً، فجزاها الله خيراً، ولكن مع ذلك تريد الرئاسة الإصلاح وبعض النساء يردن الإفساد، تأتي بثوب جميل تحصل فيه الفتنة لمن شاهدها ثم تقتدي بها بقية النساء.
فالواجب تقوى الله عز وجل على الجميع، نسأل الله تعالى أن يحمي بلادنا من كل سوء وشر وبلاد المسلمين عامة.
الجواب: أولاً: الناس يختلفون في هذا، بعض الناس يكون عنده قوة في الحفظ والذكاء، فيحفظ الكتاب بمجرد أن يمر عليه مرة واحدة ويفهم المعنى، وبعض الناس يكون عنده حفظ وليس عنده ذكاء، وبعض الناس عنده ذكاء وليس عنده حفظ، لكن الناقص يجب أن يحاول تكميل نفسه بكثرة المراجعة، ومن أحسن الشيء أن تقدر -مثلاً- خمسة أسطر وتحفظها وتكررها حتى تكون عندك مثل الفاتحة، ثم تنتقل إلى موضع آخر، ثم تعيد ما حفظته بالأمس، ولقد كنت -أتحدث عما كنت أفعله- أتحفظ المتن في العصر وفي الصباح أراجع فأجدني قد حفظت، وبعض الناس يقول بالعكس: أتحفظ في أول النهار وأراجع في آخر النهار فأجدني حفظت، والإنسان أمير نفسه.
ثانياً: إذا مرت بك فائدة عزيزة قلَّ أن تمر بك؛ فقيدها واجعل لك دفتراً خاصاً تقيد فيه هذه المسائل، ولهذا قيل: قيدوا العلم بالكتابة.
ثالثاً: احرص على أن تتباحث مع زملائك وتنهي الأمر إلى الشيخ، لأنه مع المباحثة يتفتح الذهن، ويتعود الإنسان على المناظرة، ونحن في هذا العصر محتاجون إلى جودة في المناظرة؛ لأن أهل الفسوق والفجور عندهم من قوة البيان وطلاقة اللسان ما قد يضيع الحق بباطلهم.
الجواب: هذه العلوم في حد ذاتها ليس فيها أجر؛ لأنها لا تَمُتُّ إلى الشريعة بصلة من حيث أن الشريعة لا تقوم إلا بها، إذ أن الشريعة تقوم بدونها، فهي في حد ذاتها ليس فيها أجر، لكن إذا نوى الإنسان بها سد حاجة الناس واستغناءهم عن غيرهم صار له الأجر بهذه النية، وقد رأيت كلاماً لبعض العلماء قال: إن مثل هذه الأمور تعلمها من فروض الكفاية؛ لأن الناس محتاجون إلى الصنعة، ومحتاجون إلى البناء، ومحتاجون إلى الأعمال التي يطلبها هؤلاء، والنية لها تأثير كبير في حصول الأجر، فتنوي أنت إذا لم يكن لديك رغبة في طلب العلوم الشرعية، تنوي بذلك أنك تريد أن تسد بعلمك حاجات المسلمين، فالناس محتاجون، وينبغي أن نكون أمة نستغني عن غيرنا.
والآن لو قلت لك: إننا نفتقر إلى غيرنا في أشياء كثيرة، لكن الحمد لله بدأت الأمور الآن تتحسن، وبدأت الصناعات الآن في بلادنا تتطور ونرجو لها مستقبلاً أزهر.
الجواب: أولاً: ادفع، بمعنى: قبل أن تستعمل هذا الغراء اجعل على يدك قفازين من البلاستيك، فما دمت تعرف أنك سوف تمارس هذه المهنة فاجعل قفازين من البلاستيك، وهذه تمنع أن يعلق بك شيء من هذا الغراء.
ثانياً: إذا قدر أنك لم تلبس القفازين فهل الغراء لا يذوب بأي شيء، أم له أشياء تذيبه؟ له أشياء تزيله وهو البنـزين أو القاز (الكيروسين) لكن ذكر لي بعض الناس: أن بعض الغراء لا يزيله بنزين ولا قاز، وأنه لا يذهب إلا إذا ذهب شيء من الجلد معه، فمثل هذا لا تلزم إزالته، ويكفي أن يمر عليه الماء، وإن حصل أن تمسحه مع مرور الماء عليه فهذا أحسن.
الجواب: لا شك أن كون الطالب يبحث عن العلم حتى في بلاد أخرى ثم يهاجر إلى طلب العلم أنه أفضل ممن يطلب العلم في بلده، مع تساوي نوع الطلب ونوع العمل بالعلم؛ لأن هذا فارق الأوطان وفارق الأهل وفارق المألوف من أجل تحصيل العلم، فيكون هذا أفضل، كما أن الغالب أن الذي يسافر لطلب العلم يكون أكثر تفرغاً من الذي يطلب العلم في بلده؛ لأنه في بلده قد يشغله أهله في حاجاتهم أو غير هذا فيفوته خير كثير، ثم إن طالب العلم الذي يسافر في طلب العلم يلتقي بأناس لا يجدهم في بلده، والغالب أن الأصدقاء من البلد يلهون الإنسان، والأصدقاء من غير البلد ما داموا جاءوا كلهم لطلب العلم سوف يساعدونه على طلب العلم.
أما طلبه أن أذكر فضائل العلم فهذا موجود في الكتب.
الجواب: أقول: هذا الأخ قد بارك الله له في عمره، فإن عمره خمس عشرة سنة، وقد سرق من أبيه وسرق من الناس وصارت عليه ديون كثيرة، نسأل الله أن يعينه على أدائها إلى أهلها، وما دام الرجل إمام مسجد وملتزم وعليه ديون، فإنه يجوز أن يدفع له من الزكاة ما يقضي به دينه؛ لأنه داخل في قوله تعالى: وَالْغَارِمِينَ [التوبة:60] لكن إذا خشي الإنسان أنه لو أعطاه ليقضي الدين صرفه في كماليات وترك الدين، فهناك لا يُعطه بل يذهب إلى الدائن ويسدد عنه.
بقي أن يقال: كيف يتخلص من قوم سرق منهم؟ هل يذهب إليهم ويقول: أنا سرقت منكم؟!
لكن هناك حيلة، وهي أن يرسل بالبريد المضمون، ولكن وهذه فيها إشكال، وهو أنه قد لا يسلم إلى يد صاحبه، لكن بعض الناس يكتب: خاص يسلم بيده ولا يفتحه إلا هو، وهذا يكتب على الظرف وأحياناً يأتينا هكذا، فهنا إذا علمنا أنه وصل أرجو ألا يكون فيه بأس.
وهناك طريقة أخرى: ما دام أنه إمام مسجد فإنه يستطيع أن يذهب إلى صاحبه الذي سرق منه ويقول: هذه دراهم من رجل يقول لي سلمها لفلان فإني قد سرقتها منه. وهذا صحيح؛ لأنه قال: من رجل، وهو رجل قد سرقها، وهذه أيضاً أحسن من الأولى؛ لأنه يطمئن إلى وصولها إلى صاحبها. وهناك حل ثالث: أن يضعها في سيارة المسروق منه، أو يلقيها إلى بيته، لكن في السيارة أخشى أن يجدها أحد الركاب، لكنه إذا عين وقال: هذه إلى فلان وعين اسمه، فتبرأ الذمة إن شاء الله.
الجواب: إذا فرغ الناس من دفن الميت فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: (استغفروا لأخيكم فإنه الآن يسأل)، ولم يكن يدعو بهم دعاءً جماعياً بل كل إنسان يدعو لوحده، ولم يكن يطيل الوقوف، ومن عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا دعا دعا ثلاثاً، وعليه فيكفي أن تقف وتقول: اللهم اغفر له، اللهم اغفر له، اللهم اغفر له .. اللهم ثبته، اللهم ثبته. اللهم ثبته، وتنصرف، وأما الجلوس أو الوقوف بقدر ما تنحر الجزور ويقسم لحمها فهذا قاله عمرو بن العاص رضي الله عنه وأوصى به، ولكن هذا ليس من الهدي العام للنبي صلى الله عليه وسلم ولا للصحابة، فهو أوصى به اجتهاداً منه رضي الله عنه، وقال: [حتى أراجع رسل ربي] أي: الملائكة الذين يسألونه.
والذي أرى: أن يؤخذ بما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال: وصية عمرو بن العاص رضي الله عنه اجتهاد منه، والسنة قائمة بعدم ذلك.
الجواب: إذا نزل دم الحيض على الصائمة ولو قبل الغروب بلحظة بطل صومها، فإن كان صوماً واجباً وجب عليها أن تقضيه، وإن كان تطوعاً فهي بالخيار: إن شاءت قضته وإن شاءت لم تقضه، لكن إذا كان صومها لهذا اليوم تطوعاً لكونه يوماً معيناً فلا تقضي.
مثاله: امرأة من عادتها أن تصوم الإثنين والخميس، وفي آخر يوم الإثنين قبل الغروب أتاها الحيض ففسد صومها، فهل تقضي ذلك اليوم؟ الجواب: لا تقضه، لأنه صوم مسنون في يوم معين وقد فات اليوم، فهو سنة فات محلها.
مسألة: لو أن المرأة أحست عند الغروب بمغص الدم -دم الحيض- ولكن لم يخرج إلا بعد الغروب بخمس دقائق، فهل يفسد صومها؟ لا يفسد؛ لأنه لا يفسد إلا إذا خرج الحيض.
الجواب: أقول: إذا كانت المرأة أو الرجل يريد أن يكون داعيةً إلى الله وتخصصه في العلم الذي نجح فيه بعيد عن هذا الغرض؛ فإنه يمكن أن يدعو الله بما عنده من العلم الآخر ولو يسيراً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) وإذا كان تخصصه بشيء يتعلق بالأحياء فبإمكانه أن يشرح كيف ركب الله البدن، وكيف جعل فيه هذه القوى، البدن الآن فيه معامل مختلفة، انظر إلى طعامك كيف يدخل وكيف يخرج؟ ما الذي حوله من حاله الأولى عند دخوله إلى حاله الثانية عند خروجه؟ الله عز وجل، لكن بما أودع في الجسم من المعامل والتكريرات، فيمكن إذا كان هو عالم بهذا أن يدعو إلى الله بهذه الواسطة، كما قال الله عز وجل: وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [الذاريات:21] إذا كان عالماً بالجيولوجيا والنبات فإنه يمكن أن يشرح للتلاميذ ما يتعلق بهذا مما يدل على كمال الله عز وجل وقدرته، وقد قال الله تعالى: وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ [الذاريات:20].
الجواب: الذي يظهر لي: أنه إذا كان لا يعلم أن هذا حرام فله كل ما أخذ وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة:275].
أما إذا كان عالماً فإنه يتخلص من الربا بالصدقة به تخلصاً منه، أو ببناء مساجد أو إصلاح طرق أو ما أشبه ذلك.
الجواب: أرى أنه يجب عليها البقاء في المنـزل الذي مات زوجها وهي فيه؛ لأن تأخير تأثيث الفِلة حتى تنتهي العدة لا يضر، لكن إن احتاجت إلى الخروج فإنها تخرج نهاراً وترجع ليلاً.
أما الأشياء التي تمنع منها المحتدة فهي:
أولاً: التحلي .. أي: لبس الحلي بجميع أنواعه، سواء كان في اليدين أو في الأذنين أو على الرأس أو في الرجلين، المهم يجب عليها أن تتجنب جميع أنواع الحلي في أي مكان من بدنها.
ثانياً: يجب أن تتجنب كل لباس الزينة، كل ما يعد زينة، وأما ما لا يعد زينة فلها أن تلبسه، سواء كان أخضر أو أسود أو أحمر أو أبيض، ليس هناك لون يجب أن تتقيد به، المهم ألا يكون ثوب زينة، بمعنى: ألا يقال إن المرأة تجملت.
ثالثاً: الطيب .. يجب عليها أن تتجنب جميع أنواع الطيب، لا الدهن كالعود والورد ونحوه، ولا البخور، إلا إذا طهرت من الحيض فلا بأس أن تستعمل البخور شيئاً يسيراً.
رابعاً: تزيين الجسم .. فلا تكتحل، ولا تتورس كمحمر الشفاه مثلاً، ولا تتمكيج، فكل هذا ممنوع.
وأما الاغتسال فلها أن تغتسل كما شاءت في الليل أو في النهار، في الجمعة أو غير الجمعة، وكل هذا لا يضر.
خامساً: ألا تخرج من بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، بل تبقى فيه ليلاً ونهاراً حتى تنتهي العدة؛ لأن الله قال: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] أي: ينتظرن في بيوتهن أربعة أشهر وعشرة أيام.
وإن كانت حاملاً؟ فإلى وضع الحمل، طالت المدة أو قصرت، ولهذا يمكن أن تنتهي المرأة من الإحداد قبل أن يدفن زوجها إذا كانت حاملاً، بأن تكون -مثلاً- في الطلق حين مات الزوج، وحين خرجت روحه خرج الطفل من بطنها، نقول: هذه الآن انتهت عدتها وإحدادها، وإن بقيت عشرة أشهر فتبقى حتى تضع؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4].
الجواب: الواجب على من كان مشاركاً لهؤلاء في أعمالهم وهم لا يصلون أن ينصحهم أولاً، ويحذرهم من عقوبة الله سبحانه وتعالى، ويبشرهم بما لهم إذا قاموا بطاعة الله، فإن نفع بهم ذلك فهو ذاك، وإن لم ينفع وجب عليه أن يبلغ صاحبهم الذين يعملون عنده، يبلغه عن أحوالهم، وهذا الذي يعملون عنده يجب عليه أن يأمرهم بالصلاة، فإن لم يفعلوا وجب أن يسفِّرهم؛ لأنه لا خير فيهم، ولا يحل السكوت عليهم، بل الواجب أن ينصحوا أولاً ثم يسفَّروا إلى بلادهم ثانياً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر