إسلام ويب

اللقاء الشهري [71]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تنقضي الأيام، ويتصرم الزمان، بسرعة غير معهودة، وهذا كله يدعو إلى استغلال الوقت واستثماره، فهو أنفس ما يملكه الإنسان. وإذا كانت هذه قيمة الوقت، فهو في رمضان أغلى وأثمن، هذه كلها محاور دار حولها الحديث في هذا اللقاء، بالإضافة إلى تفصيل لأحكام الزكاة. وفي فقرة الأسئلة كثير من الفتاوى العامة، والإجابات الهامة، عن أسئلة الحاضرين.

    1.   

    هدي السلف في قضاء أوقات رمضان

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فقد جرت عادة السلف أو كثير منهم إذا دخل رمضان أن يتفرغوا لقراءة القرآن؛ وذلك لأن الشهر يمضي، وهو شهر القرآن، فينبغي أن يتفرغ الناس فيه لقراءة القرآن، ولكن نظراً لطلب الإخوة في مركز الدعوة في عنيزة أن يحصل هذا اللقاء العارض، ونظراً لما أرجو الله سبحانه وتعالى فيه من المصلحة، وافقت على عقد هذا اللقاء في هذه الليلة ليلة الأحد الحادي عشر من شهر رمضان المبارك عام (1420هـ).

    هذه الليلة ليلة الأحد أول أيام الأسبوع، وهي أول العشر الأواسط من رمضان، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح لنا ولكم الأولى والآخرة.

    معنى تقارب الزمان ودلالاته

    في هذه الليلة أود أن أذكر نفسي وإياكم باغتنام الوقت قبل فواته، فإن الأيام تمضي بسرعة ولا سيما في وقتنا هذا، فإن الإنسان بينما هو في يوم الجمعة وإذا بالجمعة التالية كأن لم يكن بينهما إلا يوم واحد، وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان) فإن قوله: حتى يتقارب الزمان، قال بعض العلماء: إن المعنى هو أن المدن تكبر فتكون المسافة التي بين المدينتين عشرة أيام فإذا كبرتا وصارتا أقل من ذلك، فيتقارب الزمان، ولكن الذي يظهر: أنه يفسر بما نحن عليه اليوم، الزمان متقارب جداً، وجرب نفسك، شهر رمضان في العام الماضي كأنه لم يمش إلا في شعبان، هذا ما أجده في نفسي ولا أدري أتجدون ذلك في أنفسكم أو لا؟ تجدون هذا!! كأنما دخل شهر رمضان هذا العام الليلة الماضية والآن تم ثلثه والثلث كثير، نسأل الله تعالى أن يعفو عما مضى وأن يعيننا على الأعمال الصالحة فيما بقي.

    فضل أيام رمضان

    العشر الأواسط أفضل من العشر الأول والعشر الأواخر أفضل من العشر الأواسط، وتجدون هذا في الغالب مطرد وأن الأوقات الفاضلة آخرها أفضل من أولها، ويوم الجمعة عصره أفضل من أوله، ويوم عرفة عصره أفضل من أوله، والحكمة من هذا والله أعلم: أن النفوس إذا بدأت بالعمل كلت وملت فرُغِّبت بفضل آخر الأوقات على أولها حتى تنشط فتعمل العمل الصالح.

    1.   

    من أحكام الزكاة

    الغالب أن الناس في هذا الشهر يخرجون زكاتهم نظراً لفضيلة الزمان وهذا لا بأس به ولا حرج في أن الإنسان يجعل شهر رمضان شهر الزكاة، وكان أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه يخطب في الناس ويقول: أما بعد فإن هذا شهر زكاتكم، قيل: إنه شهر محرم، وقيل: شهر رمضان، وعلى كل حال فلا حرج أن يجعل الإنسان شهراً معيناً يحصي فيه ماله الذي فيه الزكاة ويزكي، ولكن لا يؤخر ما وجبت زكاته إلى الشهر، مثلاً: لو وجبت زكاتك في رجب فلا يجوز أن تؤخرها إلى رمضان، لكن لك أن تقدم زكاتك التي لا تحل إلا في ذي الحجة تقدمها في رمضان ولا حرج، فالمهم لما كان عادة كثير من الناس أن يخرج زكاته في رمضان كان لا بد أن يعرف الإنسان.

    أولاً: الأموال الزكوية.

    ثانياً: مقدار الزكاة.

    ثالثاً: إلى من تصرف الزكاة؟

    هذه ثلاثة، أولاً: الأموال الزكوية، هل كل مال فيه زكاة؟ هذه واحدة.

    ثانياً: مقدار الزكاة نصف أو ربع أو عشر أو أكثر أو أقل، لا بد أن نعرف، كما يجب علينا أن نعرف صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء وعدد ركعاتها، فكذلك الزكاة؛ لأن الزكاة أخت الصلاة وقرينتها في كتاب الله.

    الثالث: إلى من تصرف؟ هل الإنسان بالخيار يصرفها كيف يشاء؟ لا.

    الأموال الزكوية

    الأموال الزكوية هي: بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم.

    ثانياً: الذهب والفضة.

    ثالثاً: الخارج من الأرض.

    رابعاً: عروض التجارة.

    الأول: بهيمة الأنعام، وليس كل بهيمة الأنعام تجب فيها زكاة، لا بد أن تكون سائمة -أي: ترعى- لا يعلفها صاحبها، ترعى إما كل السنة أو أكثر السنة، فأما التي تعلف فليس فيها زكاة ولو بلغت آلافاً، فمثلاً: إنسان عنده ألف شاة لكنه يعلفها وهو قد أعدها للتنمية ولم يعدها للتجارة، فهذه ليس فيها زكاة؛ لأنها ليست سائمة.

    والسائمة: هي التي ترعى مما أخرج الله عز وجل إما السنة كلها أو أكثرها.

    الثاني: الخارج من الأرض، وهل كل خارج من الأرض تجب فيه الزكاة؟

    قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ [البقرة:267] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (فيما سقت السماء أو كان عثرياً العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر) فلو أخذنا بعموم هذه الآية والحديث لقلنا: تجب الزكاة في كل خارج من الأرض، حتى في البطيخ والخضروات وفي كل شيء؛ لأن الآية عامة والحديث عام، لكن هناك شيء مقيد وهو: أنه لا بد أن يبلغ نصاباً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة).

    إذاً .. لا بد أن يبلغ خمسة أوسق فأكثر.

    الثاني: لا بد أن يكون مما يوسق. أي: يحمل ويدخر ويقتات، مثل: التمر والبر والشعير، والأرز، وأما ما لا يوسق فليس فيه زكاة.

    الآن نسأل: الخضروات والفواكه وما أشبه ذلك توسق؟

    الجواب: لا، جرت العادة أنها تؤخذ أفراداً أو بالوزن وتؤكل مباشرة فليس فيها زكاة.

    إذاً .. ليس كل خارج من الأرض فيه زكاة.

    الثالث: الذهب والفضة، والنصوص فيها عامة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ [التوبة:34] ومعنى يكنـزونها أي: لا يؤدون زكاتها وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:34-35] وهذه عامة سواء كان الذهب قليلاً أو كثيراً وسواءً كان دراهم أو دنانير، أو قطعاً من الذهب وقطعاً من الفضة أو كان حلياً مع أن الحلي حرام استعماله في الأكل والشرب، أو كان حلياً، النصوص عامة، فهل هي مخصصة أم لا؟

    الجواب: ننظر، نقول: لا بد أن تبلغ النصاب، والنصاب من الفضة خمس أواق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمس أواق صدقة) والأوقية: أربعون درهماً، فتكون الخمس الأواق مائتي درهم، وهذه الأواق بالنسبة للجرامات بلغت (595) جراماً، فمن كان عنده من الفضة دون ذلك فليس فيه زكاة.

    الذهب جاء فيه حديث رواه أهل السنن: (ليس عليك فيما دون عشرين ديناراً زكاة) والدينار مثقال، فيكون نصاب الذهب عشرون مثقالاً، تبلغ بالجرامات (85) جراماً، وما دون ذلك ليس فيه زكاة.

    لكن لو قال قائل: عندي نصف نصاب من الذهب ونصف نصاب من الفضة هل أكمل أحدهما بالآخر؟

    الجواب: قال بعض العلماء: تكمل أحدهما بالآخر، فإذا كان عندك عشرة دنانير وعندك مائة درهم، لو نظرت إلى كل واحد بعينه فلا زكاة عليه؛ لأن كل واحد منهما لم يبلغ النصاب، وإن جمعتهما صارا نصاباً، وهذا محل خلاف بين العلماء، والقول الراجح: أنه لا يضم أحدهما إلى الآخر؛ لأن السنة دلت على أن هذا له نصاب وهذا له نصاب، وكما أننا لا نضم البر إلى الشعير في تكميل النصاب فلا نضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب.

    حكم زكاة الحلي

    السؤال: امرأة عندها حلي من الذهب يبلغ النصاب هل يجب عليها أن تزكيه أم لا؟

    الجواب: هذا فيه خلاف بين العلماء، بعضهم يقول: لا زكاة فيه؛ لأن هذا يستعمل للباس فهو كالثياب التي على الإنسان لا زكاة فيها، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة) فهي حوائج معدة للإنسان يستعملها المرء للتجمل كالثياب فلا زكاة فيها.

    وقال آخرون: تجب الزكاة إذا بلغ النصاب؛ لأن الأدلة عامة لم يخصص منها شيء، والواجب على الأمة الإسلامية في نصوص الكتاب والسنة أن تتبع عموم الكتاب والسنة، فإذا كان عاماً عممت الحكم، وإن كان خاصاً خصصته، ولا يمكن لأي إنسان أن يثبت أن الحلي لا زكاة فيه وأنه مستثنى، فليس في الكتاب ولا في السنة ولا في إجماع الأمة ولا في القياس الصحيح دليل على انتفاء وجوب الزكاة في الحلي، والأدلة أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وكلها ليس فيها دليل، ومن وجد دليلاً فليتفضل به، وجزى الله شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله خيراً فقد كنا نقلد المذهب في هذه المسألة ونقول: الحلي المعد للبس ليس فيه زكاة، حتى قدر الله عز وجل أن ندرس في الرياض في المعهد العلمي، وندرس على يد الشيخ/ عبد العزيز رحمه الله في بيته أو في المسجد، فمرت بنا هذه المسألة فرأيناه يرى وجوب زكاة الحلي، وألف بذلك رسالة في وجوب الزكاة، فقلنا له: ما دليلك يا شيخ؟ قال: الدليل العمومات والخصوصات، العموم القرآن والسنة: يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34] قال أهل العلم: معنى كنـزها ألا تؤدي زكاتها، حتى لو كانت على ظهر جبل فهي كنـز، وما تؤدى زكاته ولو كان في قعر الأرض فهو ليس بكنـز، وقال أيضاً رحمه الله -وذكره في رسالته- حديث أبي هريرة في مسلم : (ما من صاحب ذهب ولا فضة إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جبينه -أي: وجهه- وظهره وجنبه كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد ثم يرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار) وتقرير هذا الدليل أن يقال: هل المرأة التي تملك الحلي هل يقال: إنها صاحبة ذهب أو فضة؟ الجواب: نعم، يقال بلا شك، إذاً .. تدخل في عموم الحديث.

    وقال أيضاً رحمه الله: هناك دليل خاص وهو ما أخرجه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم: (أن امرأة أتت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي يد ابنتها مسكتان -أي: سواران- قال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار؟) الجواب: لا يسرها، كأنه قال: إن لم تؤدِ زكاته سورك الله بهما سوارين من النار (فخلعتهما من ابنتها وألقتهما للرسول صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ورسوله) وهذا دليل خاص، وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله ورواية عن إمامنا الإمام أحمد بن حنبل ، وقد قيل: إنه في العصور الوسطى كان على مذهب أبي حنيفة ثلاثة أرباع الأمة الإسلامية؛ لأن الخلفاء في الدولة العثمانية كلهم على مذهب الأحناف والناس على دين ملوكهم.

    على كل حال: الحق لا يعرف بالكثرة، صحيح أن كثرة العلماء مرجحة بلا شك، لكن إذا وجد الدليل فهو الإمام ولا قول لأحدٍ بعده، لكن هؤلاء الذين قالوا: يقاس على الثياب.

    الجواب: هذا القياس فاسد من وجهين:

    الوجه الأول: أنه في مقابلة النص، فالنص يدل على وجوب الزكاة، فكيف تقيس شيئاً تبطل به نصاً؟! لا يمكن هذا، ولهذا يسمي العلماء القياس المعارض للنص: فاسد الاعتبار، أي: اعتباره فاسد ولا قيمة له.

    ثانياً: أن هذا القياس غير صحيح، الذهب والفضة ما هو الأصل فيهما؟ وجوب الزكاة، والثياب الأصل عكس هذا، وهو عدم وجوب الزكاة، فكيف يقاس شيء الأصل فيه الوجوب على شيء الأصل فيه عدم الوجوب؟ هذا لا يستقيم.

    ثم هو قياس متناقض، يقولون: لو كان عند المرأة دنانير ذهب تعدها للنفقة ففيها الزكاة، وإن كانت لا تعدها ففيها زكاة أيضاً على قول هؤلاء، ويقولون في الحلي: إن أعد للنفقة ففيه الزكاة وإن أعد للبس فلا زكاة فيه، والقياس يقتضي أن يتساوى الأصل والفرع.

    على كل حال لا أحب أن أطيل في هذه المسألة، المسألة خلافية، من العلماء من قال: تجب، ومنهم من قال: لا تجب، وإذا كنا نخشى أن نقف بين يدي الله يوم القيامة فلا شك أن الاحتياط لنا أن نزكي هذا.

    زكاة عروض التجارة

    عروض التجارة شامل عام لا يختص بمال معين، فكل شيء تعده للتجارة ففيه الزكاة حتى الثياب، والسيارات فيها زكاة لو كان إنسان عنده معرض سيارات معدة للتجارة يشتري ليربح ففيها الزكاة، ومن يبيع ويشتري في الأراضي يريد الربح ففيها زكاة، الأواني فيها زكاة، بهيمة الأنعام يريدها للتجارة وإن كان يعلفها كل يوم ففيها زكاة.

    أما مقدار الواجب: فالواجب من الذهب والفضة وعروض التجارة ربع العشر، أي: واحداً من أربعين، فليقل الطالب: عندك أربعون ألف ريال كم فيها من الزكاة؟! ألف ريال، إذا قال: إنه ينقص ماله، نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما نقص مال من صدقة) بل ينميه الله عز وجل ويقيه الآفات، مع ما يكون في قلب الإنسان من الكرم ومحبة الإحسان إلى الغير والفوائد العظيمة، إذاً .. لا حاجة إلى الحساب الكثير، نقول: إذا أردت أن تعرف مقدار الواجب في مالك وفي عروض التجارة فقوِّم المال وقت الوجوب، ثم اقسم ذلك على أربعين، فالناتج بالقسمة هو الواجب.

    أما الخارج من الأرض فما كان يخرج بتعب ومشقة -بسقي- ففيه نصف العشر، وما ليس فيه مشقة ففيه العشر كاملاً.

    أما الماشية، بهيمة الأنعام لا يستطيع الإنسان أن يضبطها؛ لأنها فيها أوقاص والشارع هو الذي حددها.

    بيان مصارف الزكاة

    أما البحث الثالث في الزكاة فهو من أهل الزكاة؟ هل الإنسان مخير إذا رأى أي شخص يرق له أعطاه الزكاة أم أن أهل الزكاة أصناف معلومة محددة من قبل الشرع؟

    الجواب: الثاني، استمع قول الله عز وجل: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60] أي: أن الله فرضها علينا وبيَّن أن هذا الفرض صادر عن علم وحكمة والله عليم حكيم، أي إنسان يتصف بواحد من هذه الأوصاف فأعطه زكاتك ولا تبالِ، لكن هل تعطي أباك منها وهو فقير؟

    نقول: لا تجزئ، ونقول: أي إنسان يقول لك: إنه لا يجوز أن تعطي زكاتك والدك قل: هات الدليل؛ لأنك أنت معك دليل، فأقول: إذا حابى الإنسان نفسه بالزكاة فكأنه لم يخرجها، بمعنى أنه إذا كان إعطاء الزكاة يقضي أن يسقط عنه شيء من الواجب فالزكاة لا تلزم مثلاً: هذا غني وأبوه فقير يجب عليه أن ينفق على أبيه من ماله الخاص، فإذا كان هذا الأب يحتاج في النفقة إلى عشرة آلاف سنوياً وعند الابن عشرة آلاف زكاة، لو أعطاها والده لأسقط عن نفسه عشرة آلاف فكأنه ما أدى الزكاة في الواقع؛ لأنه حمى بها ماله، وبناءً على ذلك نقول: كل القرابات الذين لا تلزمك نفقتهم أعطهم أو لا يلزمك ما تحملوه فأعطهم زكاتك، فهذا الأب الذي ذكرنا لو أنه حصل منه أ، صدم سيارة إنسان وقدرت السيارة بخمسة آلاف، هل يجوز أن تعطي والدك خمسة آلاف غرم السيارة أو لا يجوز؟ لأنه لا يلزم الابن أن يتحمل غرامات أبيه، نعم يجب عليه أن ينفق عليه، لكن الغرامات لا، انتبه إلى هذه القاعدة.

    سؤال: هل يجوز أن نصرف الزكاة في التعليم .. في إصلاح الطرق .. في بناء المساجد .. في بناء المدارس؟ لا يجوز، لأنه مخصص، والذي يأمر وينهى هو الله عز وجل، وأما قوله تعالى: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ [التوبة:60] فالمراد الغزاة، ليس المراد كل ما يقرب إلى الله، لو كان المراد كل ما يقرب إلى الله لم تكن للحصر فائدة في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ [التوبة:60] ونقول: لو أننا أذنا للناس أن يصرفوا زكاة أموالهم في هذه المشاريع الخيرية لانسد باب الإنفاق وصار الناس ينفقون زكواتهم في هذه المشاريع ولم يبق تطوع من الناس، فيكون في ذلك سد باب الخير، ولا نحب أن نطيل في هذا البحث ونقتصر على ما أوردنا ونسأل الله أن يجعل فيه الكفاية.

    1.   

    الأسئلة

    والآن إلى الأسئلة ونرجو الله أن يوفقنا للصواب.

    إذا اجتمعت صلاة التراويح وصلاة الجنازة فأيهما يقدم؟

    السؤال: فضيلة الشيخ! حصل في هذا اليوم جنازة قبل صلاة التراويح، فأيهما أفضل أن نتبع الجنازة أم نصلي صلاة التراويح؟ وما هو الأفضل بالنسبة للإمام هل يؤجل صلاة الجنازة إلى ما بعد التراويح أم يعجل بها؟

    الجواب: تعارض الآن عندنا شيئان وكلاهما له فضل، اتباع الجنازة والثاني التراويح، فهل نتبع الجنازة وندع التراويح أم العكس؟ ننظر التراويح لو فوتها الإنسان لم يفته إلا صلاة الجماعة فقط؛ لأنه يمكن أن يتهجد في بيته، له من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر والجنازة لو فوتها أو بقي في التراويح فاتت، وعلى هذا التعليم يقدم الجنازة، ولكن إذا كان يخشى أنه إذا ذهب مع الجنازة تكاسل وفاته التهجد فليبق إلا إذا اضطر إلى الخروج مع الجنازة بأن لم يكن معها من يقوم بالكفاية فحينئذٍ يتبع الجنازة.

    حكم استخدام التحاميل والحقن في نهار رمضان

    السؤال: فضيلة الشيخ! شخص مصاب بالتهاب المرارة وحصوتها ويتعرض لنوبات شديدة من الألم لا ينفع معه الإبر المسكنة فيضطر إلى وضع التحاميل، فما حكم وضع هذه التحاميل المسكنة في نهار رمضان؟ كذلك الإبر المسكنة التي ليست مغذية وكالأنسولين لمرضى السكر؟

    الجواب: الذي نرى أن هذا ليس مفطراً، سواءً التحاميل من أسفل أو إبر السكر؛ لأنها ليست مغذية فلا تكون بمعنى الأكل والشرب، وأعطيكم قاعدة أخص بهذا طلبة العلم: إذا تعارض القول بأنه مفطر أو أنه غير مفطر فما الأرجح؟ أنه غير مفطر، إذ لا يجوز لنا أن نفسد عبادة شرعية إلا بدليل شرعي؛ لأننا لو أفسدنا الصوم لكنا جنينا على هذا الصائم وأفسدنا صومه، ولكنا قلنا على الله ما لا نعلم، وهذه قاعدة تفهم في كل شيء، كلما تعارض عليك أمران وجوب أو عدم وجوب فالأصل عدم الوجوب، حرام أو غير حرام فالأصل عدم التحريم، مفسد أو غير مفسد فالأصل عدم الإفساد وهكذا.

    حكم زكاة أسهم الشركات

    السؤال: فضيلة الشيخ! عندي مائة سهم في شركة ما فهل عليها زكاة؟ وما مقدار زكاة الأسهم؟

    الجواب: إذا كانت الدولة وفقها الله تأخذ الزكاة من هذه الشركات بدقة فلا يلزمك أن تزكي؛ لأن ولي الأمر له أن يقبض الزكاة ويصرفها في مصارفها كما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يبعث عماله لقبض الزكاة وتأتي إليه في المدينة ويقسمها.

    وأما إذا كانت الدولة لا تأخذها فعليك أن تحصي السهام التي لك، فإن كنت تعدها للتجارة فقدر قيمتها عند وجوب الزكاة وأخرج ربع عشر القيمة، لأن هذه زكاة العروض، وإن لم تكن أعددتها للتجارة بل لتبقى وتنمو فلا زكاة عليك في الأمور العينية التي ليست من الأموال الزكوية، كما لو كان الإنسان مساهماً في آلات ومعدات لا للتجارة ولكن للاستغلال فلا زكاة عليه في هذه المعدات، وإنما الزكاة في النقود التي تحصل منها.

    ما يقال خلف الإمام إذا دعا بجمل دعائية أو خبرية

    السؤال: فضيلة الشيخ! يمر بنا ونحن نصلي خلف الإمام بعض الجمل خصوصاً في الدعاء بعض الجمل الخبرية وبعض الجمل الدعائية فما يقول عقب كل واحدة مثل: اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله إلى آخره؟

    الجواب: اللهم إنا نستعينك معناها: نطلب العون وهي دعاء، فتقول: آمين.

    أما نحمدك ونثني عليك فهذا خبر فإن شئت قلت: (سبحانك) وإن شئت سكت، لأنها جملة خبرية ثناء على الله عز وجل.

    حكم دفع المرأة زكاتها لزوجها

    السؤال: السلام عليكم يا فضيلة الشيخ! هل يجوز أخذ زكاة زوجتي من الذهب علماً بأنها مدرسة وأنا حتى الآن لا أعمل أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها لزوجها إذا كان من أهل الزكاة؛ سواءً زكاة الذهب أو زكاة المال، وذلك لأن الزوجة لا يجب عليها الإنفاق على زوجها حتى نقول: لو دفعت زكاتها إليه لحمت بذلك مالها، فيجوز للزوجة أن تدفع زكاة مالها لزوجها إذا كان من أهل الزكاة.

    حكم زكاة الأراضي

    السؤال: فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته! هل تجب الزكاة في الأرض التي تأخذ من الدولة علماً أنه لا يريد أن يقيم عليها مسكناً وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب: لا يجب عليه أن يزكيها؛ لأن الرجل ليس تاجر أراضٍ، لكنه أبقاها يقول: إن احتجتها بعتها وإلا بقيت، أو يكون متردداً يبن أن يتجر بها أو يبقيها ويبني عليها بناءً أو ما أشبه ذلك، فالمهم أن هذا لا تجب فيه الزكاة، كذلك لو أن الإنسان اشترى أرضاً للتجارة وفي أثناء الحول بدا له أن يبني عليها بناءً فلا زكاة فيها، وكذلك لو اشترى أرضاً ليبني عليها، ثم طابت نفسه منها وعرضها للبيع ليشتري أرضاً أخرى فلا زكاة عليه، فزكاة الأراضي إنما تجب على الذين يتجرون بالأراضي وهم أصحاب العقارات.

    حكم التأجير المنتهي بالتمليك

    السؤال: فضيلة الشيخ! التأجير المنتهي بالتمليك كثر الكلام فيه، فما هو القول الذي يفتي به فضيلتكم؟

    الجواب: أنا واحد من أعضاء هيئة كبار العلماء نسأل الله ألا يجعل ذلك فتنة لي، المسألة لا تزال تحت البحث من هيئة كبار العلماء ؛ لأنها عرضت على المجلس مرتين ولم يبت فيها بشيء، وينتظر إلى الجلسة القادمة إن شاء الله في آخر شوال وانظر ماذا يصدر، لكن لا تتعامل بها الآن حتى تصدر الفتوى.

    كيفية زكاة المال المشترك

    يقول: فضيلة الشيخ! عندنا سيارات نملكها ثم نبيعها بالأقساط الشهرية وهذا المال لمجموعة من الأشخاص احترنا في كيفية إخراج زكاته علماً بأن هذا المال في أصله كان لمجموعة من الأشخاص كجمعية، فلما زاد عن الحاجة بدأنا نشتري سيارات ونقسطها، فكيف نخرج زكاته؟

    الجواب: إخراج الزكاة سهل يوكل هؤلاء الشركاء واحداً منهم ويتولى الإخراج من مجموع المال، وكل على سهمه، فمثلاً: إذا قدر أنه مائة ألف بين عشرة أشخاص، نقول لهؤلاء العشرة: وكلوا واحداً منكم ويخرج الزكاة من المائة الألف عن الجميع.

    أقساط السيارات كغير الشركاء، أي: الديون التي لك في ذمة الناس إذا جاء وقت الزكاة احص مالك الموجود بين يديك واحص الديون التي لك على الناس وأخرج زكاتها جميعاً تسترح منها ولا تبق معلقة، لكن إذا كانت الديون على شخصٍ معسر لا يمكنك أن تطالبه لإعساره فلا زكاة عليك فيما عنده حتى تقبضه، فإذا قبضته فزكه لسنة واحدة ولو كان قد مضى عليه سنوات؛ لأن الذي عند المعسر كالمعدوم.

    إخراج الزكاة للمتسولين في الحرم

    السؤال: أنتم تعلمون يا فضيلة الشيخ أن المتسولين في الحرم كثر، فهل يجوز صرف مائة ريال من فئة خمسة ريالات ومن ثم دفعها لهم على أنها من الزكاة؟

    الشيخ: يعني معناه: تعطيهم مثلاً مائة ويعطونك تسعين، هكذا؟

    السائل: يصرف قبل أن يدخل إلى الحرم يأخذ معه مبلغ من المال يعتبره من الزكاة هل يجوز ذلك؟

    الشيخ: ويعطي هؤلاء المتسولين؟

    السائل: ويعطي هؤلاء المتسولين.

    الشيخ: إذا غلب على ظن الإنسان أن الذي أعطاه مستحق للزكاة أجزأه سواء كان متسولاً أو كانت هيئته هيئة الفقير فإنه يجزؤه؛ حتى لو بان بعد ذلك أنه غني فإنه يجزئ، ولهذا لما تصدق الرجل على غني وأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على غني، قيل لهذا المتصدق الذي ندم على تصدقه على الغني: أما صدقتك فقد قبلت.

    والله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها، لا يلزمنا أن نبحث عن الإنسان حتى نصل إلى حد اليقين .. هذا شيء متعذر أو متعسر، إذا غلب على ظنك أن هذا من أهل الزكاة فأعطه، وإذا تبين أنه ليس من أهلها فزكاتك مقبولة والحمد لله.

    حكم رد السلام في الصلاة

    السؤال: فضيلة الشيخ! إذا كنت في صلاة الظهر وسلم علي آخر هل أرد أم لا؟ وما هو الأولى للقادم؟

    الجواب: أما الرد بالقول فلا يجوز، لأنك إذا رددت بالقول بطلت الصلاة، وأما الرد بالإشارة فلا بأس وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرد السلام بالإشارة، يرفع يده إشارة إلى أني قد سمعت ولكني لن أتكلم؛ لأني في الصلاة، ولكن إن بقي المسلم حتى سلم المصلي رد عليه بالقول وإن ذهب كفت الإشارة.

    حكم زكاة البهائم السائمة التي تعد للتنمية

    السؤال: يقول: فضيلة الشيخ! الأغنام والإبل الموجودة في البادية هل تعتبر سائمة وهل فيها زكاة حيث أن صاحبها يعلفها أكثر من نصف السنة ولربما علفها السنة كلها علماً بأن الغالب أنهم يعدونها للتنمية والاتجار بها؟

    الجواب: هذه تكلمنا عليها، لكن لعل السائل لم ينتبه: إذا كانت هذه السائمة للتنمية وهي تعلف أكثر من نصف السنة فلا زكاة فيها؛ لأنها ليست سائمة شرعية، وإن كانت ترعى أكثر الحول ففيها الزكاة، أما إذا كانت للتجارة رجل يتجر بالأغنام يبيع هذه اليوم ويشتري بدلها وما أشبه ذلك، فهذه فيها الزكاة على كل حال حتى لو كان يعلفها، لأنها أموال تجارية كأموال التجار في الدكاكين.

    حكم استعمال ما يمنع الدورة الشهرية من أجل العبادة

    السؤال: يقول: فضيلة الشيخ! قد يحمل المرأة حبها للخير أن تستعمل بعض الموانع لمنع الدورة الشهرية لأجل العمرة أو لأجل صيام وصلاة رمضان فما حكم ذلك؟

    الجواب: أما من أجل صلاة رمضان أو صيام رمضان فلا تستعملها؛ لأن الأمر واسع والحمد لله، وهذا شيء كتبه الله على بنات آدم كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذه الحبوب بلغني من أطباء مخلصين صادقين أن فيها أضراراً عظيمة، وأما العمرة فهذه ربما يرخص فيها؛ لأن العمرة قد تفوت لو جاء الحيض من حين الإحرام قبل الطواف ورجعوا قبل أن تطوف، فالعمرة ربما يرخص فيها وأما من أجل الصيام والقيام وقراءة القرآن فلا.

    حكم زيارة المرأة للمقابر

    السؤال: ما حكم زيارة المرأة للمقابر؛ لأن هناك دليلاً يقال: إن عائشة رضي الله عنها زارت أخاها عبد الرحمن في المقبرة. وهذا حديث حسن خرجه النسائي فما حكم ذلك؟ والله أعلم.

    الجواب: أولاً: يجب علينا أن نعلم أنه لا يمكن أن يعارض قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقول أحدٍ كائناً من كان؛ لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36] ولقوله: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59].

    فلا يمكن أن يعارض لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زائرات القبور بما فعلته عائشة رضي الله عنها:

    أولاً: لأنها معرضة للصواب والخطأ بخلاف قول المعصوم صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    ثانياً: ربما تكون نسيت إن كان قد بلغها الحديث أو تأولت أو ما أشبه ذلك، لكن هناك حديث في صحيح مسلم حين فقدت عائشة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ووجدته زائراً للبقيع، قالت: (يا رسول الله! أرأيت ماذا أقول؟ فعلمها السلام على القبور) ولكن هذا أيضاً لا يعارض الزيارة؛ لأنا نقول: لو أن المرأة مرت في المقبرة ووقفت ودعت لأهل القبور فلا بأس، أما أن تخرج من بيتها لتزور القبور فهذا محرم.

    حكم قراءة سورة بعد الفاتحة للمأموم في الركعة الثالثة والرابعة

    السؤال: فضيلة الشيخ! في الصلاة الرباعية إذا أطال الإمام الركعة الثالثة طويلاً بعدما أنتهي من الفاتحة هل أقرأ سورة بعدها، أم ألزم السكوت حتى يركع؟

    الجواب: لا، الأولى أن تقرأ سورة بعدها؛ لأنه قد جاء في حديث أبي سعيد ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد يزيد على الفاتحة في الركعتين الأخريين، ولأن الصلاة لا سكوت فيها إلا لقراءة الإمام والإمام يقرأ سراً، وعلى هذا فنقول: اقرأ سورة بعد الفاتحة.

    لو قال قائل: هلا تقولون: إننا نردد الفاتحة؟ فالجواب: لا، لأن ذلك لم يرد وقراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأخريين قد ورد.

    حكم استخدام الهاتف الجوال للمعتكف في المسجد

    السؤال: يقول: فضيلة الشيخ! ما حكم استعمال الجوال أو الهاتف في المسجد للمعتكف؟ وما ضوابط ذلك إذا كان جائزاً؟

    الجواب: لا بأس باستعمال الجوال والهاتف للمعتكف في المسجد إذا لم يشوش على الناس، فإن شوش على الناس فإنه لا يستعمل، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج على أصحابه ذات ليلة وهم يصلون في المسجد أوزاعاً ويجهرون بالقراءة، فقال: (لا يؤذين بعضكم بعضاً في القراءة، كلكم يناجي ربه) وأمرهم ألا يجهروا لئلا يؤذي بعضهم بعضاً، فإذا كانت هذه الجوالات أو البياجر تشوش على المصلين فإن الواجب أن يصكها الإنسان ويغلقها حتى لا يشوش على إخوانه.

    وبهذه المناسبة أود أن أذكر إخواني الأئمة الذين يصلون بالميكرفون ويفتحونه على حافات المسجد أو في المنارة فإن ذلك يشوش على من بقربهم من المساجد، ويشوش على أهل البيوت الذين يصلون وحدهم، وربما يؤدي إلى الإضرار بأهل البيوت، قد يكون المريض متشوفاً للنوم فيطير عنه النوم ويتأذى بهذا، فأدعو إخواني الأئمة إلى إقفال الميكرفونات عن المنائر وقت الصلاة؛ لأنها أذية لا شك فيها، وليس فيها فائدة للمصلين؛ لأن المصلين قد يستغنون بالمكبرات الداخلية، ولا للذين خارج المسجد؛ لأن الذين خارج المسجد إذا سمعوا القراءة وظنوا أن الإمام قريباً يركع أسرعوا وركضوا لإدراك الركوع فخالفوا بذلك السنة؛ ولأن بعض الناس وقد شكي إلينا هذا يبقى في بيته ويقول: مازال في الركعة الأولى والإنسان إذا أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة، ثم يبقى إلى أن يبقى ركعة ثم قد يدرك الركعة وقد لا يدركها.

    انقطاع دم الحيض دليل طهارة المرأة

    السؤال: ما الحكم إذا انقطع الدم عن المرأة بعد الدورة الشهرية هل هذا يعد طهراً؟ علماً بأنها لم تر القصة البيضاء؟!

    الجواب: القصة البيضاء تكون بانقطاع الدم، لأنه إذا انقطع الدم ونشفت المرأة محل الخارج بقصة بيضاء ولم تجد دماً، فهذه القصة البيضاء، وعلى هذا فمتى انقطع الدم الذي هو الحيض فقد طهرت المرأة ووجبت عليها الصلاة ووجب عليها الصيام، وجاز لزوجها أن يجامعها إن كانت متزوجة.

    حكم إخراج الجنين من بطن الأم

    السؤال: فضيلة الشيخ: امرأة أصيبت بحادث في ظهرها وهي حامل في الشهر الخامس فقرر الأطباء إجراء عملية لظهرها واشترطوا إخراج الجنين فأبت الأم، فقالوا: إن عليها خطراً من الشلل أو الموت إن استمر الجنين ولم تعمل العملية، فما العمل الآن مأجورين؟

    الجواب: لا يجوز إخراج الجنين إذا كان لو أخرج لمات حتى وإن خيف على الأم الشلل أو الموت، أسمعتم الحكم؟

    إذاً بعد نفخ الروح في الجنين لا يجوز إخراجه بأي حال من الأحوال مهما كان؛ لأنك إذا أخرجته قتلت نفساً عمداً وهذا الجنين مؤمن، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93].

    ولأننا إذا أخرجناه هل نتيقن أن الأم تسلم؟ لا، ربما تكون العملية سبباً لموتها، وحينئذٍ نكون ارتكبنا محظوراً متيقناً لدفع ضرر محتمل.

    وأيضاً إذا أبقينا الجنين وماتت الأم أو شلت، فهل نحن الذين تسببنا لموتها أو شللها؟ الجواب: لا، هذا من الله عز وجل، والله تعالى يقدر ما شاء، وأيضاً لن نتيقن أنه إذا بقي يموت.

    كثيراً ما يقرر الأطباء أن المرأة لو بقي الحمل في بطنها لماتت ثم لا تموت، وأنا على يدي وتحت سمعي وبصري: قرر الأطباء على امرأة حامل أن جنينها مشوه وأنه لا بد من إخراجه، تقرير طبي! فظهر الجنين أجمل إخوانه، مما يدل على أنهم قد يخطئون.

    فعلى كل حال: لو فرضنا (100%) أنه إذا بقي في بطنها هلكت وهلك الجنين لقلنا: إن هلاكها ليس بأيدينا بل من عند الله عز وجل، والله فرق بين الذي بيد الإنسان وبين الذي من عنده كما قال عز وجل: قُلْ هَلْ َتَربَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا [التوبة:52] فنحن إذا أبقينا الجنين وماتت الأم فليس بفعلنا بل بفعل الله عز وجل: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ [الرعد:38] وهذه مما قدم فيها العقلانيون عقولهم على الكتاب والسنة وقالوا: إذا بقي في بطن أمه وماتت الأم مات هو، فنقول: وليكن ذلك، إذا ماتت الأم يموت هذا الجنين مثلاً فمن الله عز وجل على أنه يمكن الآن، حسب ترقي الطب أنه إذا تقرر موت الجنين عند الولادة أمكنهم بسرعة أن يخلصوا الأم من الموت، وهذا شيء مؤكد، فالمهم أنت يا أخي امش على الكتاب والسنة ولا يهمك أحد، والدنيا ليست للبقاء، الذي ما مات اليوم سيموت غداً.

    حكم شراء السيارة من البنوك بشروط فيها حيل ربوية

    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظك الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم الاقتراض من البنك؟ اقتراض سيارة علماً بأن شروطهم:

    أولاً: السيارة تملك ملكية جزئية وليس للمعرض حرية التصرف فيها.

    ثانياً: أن الفائدة عند تأخر القسط عن الوقت المحدد تزداد يومياً.

    ثالثاً: أن من شروطهم أخذ (1%) عندما يتراجع عن الاقتراض بحجة أنها أتعاب.

    رابعاً وهو الأخير: تحويل الراتب الشهري إليهم.

    الجواب: هذه المعاملة بارك الله فيكم محرمة؛ لأن البنك إنما اشترى السيارة من أجلك، ولم يشترها من أجلك إلا لأجل الربا، ولهذا لا يمكن أن يبيعها لك برأس مالها، فهذا البيع بيع غير مراد، بيع يتخذ حيلة لاستحلال ما حرم الله عز وجل، والتحيل على المحرم لا يجعله مباحاً كما أن التحيل على الواجب لا يسقطه، وإن أفتاك الناس وأفتوك فهي حرام، وأضرب لك مثلاً يا أخي: أهذه الحيلة أقرب إلى المحرم أم حيلة اليهود الذين حرمت عليهم الشحوم فأذابوها ثم باعوا الودك وأكلوا ثمنه؟ لا شك أن هذه الحيلة التي اشتبهت على بعض العلماء فأفتوا بحلها أقرب إلى التحريم من حيلة اليهود، نعم لو قدر أن البنك يملك السيارة وفي حوزته تساوي خمسين نقداً فجاء إنسان وقال: أنا أريد أن آخذها بستين مؤجلة، ولا يزاد الدين بتأخر الوفاء فهذا بيع صحيح، لكن اختلف العلماء فيما إذا كان طالب السيارة لا يريدها وإنما يريد قيمتها بحيث إذا اشتراها باعها مباشرة وأخذ القيمة فهذه مسألة التورق واختلف فيها العلماء رحمهم الله، وكان شيخ الإسلام رحمه الله يمنعها منعاً باتاً ويشدد فيها -أعني شيخ الإسلام ابن تيمية- وناهيك به علماً وفقهاً وورعاً، يقول: هذه حرام، ويقول: يا سبحان الله! كيف يرجع الربا المحرم في الكتاب والسنة والذي ورد من الوعيد عليه ما لم يرد على ذنب دون الشرك، كيف ينقلب حلالاً بهذه الحيلة؟ فيرى أن التورق حرام، وأنه من العينة وذكره نصاً عن الإمام أحمد رحمه الله.

    أما مسألتنا التي أشار إليها السائل فالبنك لا يملكها، لكن أتيت إليه وقلت: أنا أختار السيارة الفلانية في المعرض الفلاني قال: اذهب وانظر كم ثمنها ثم راجعني، ثم أشتريها من المعرض بخمسين وأبيعها عليك بستين إلى أجل، فهذه لا يشك إنسان تأملها حق التأمل في أنها حرام.

    حكم مشاركة اليهود والنصارى أعيادهم واحتفالاتهم

    السؤال: يا شيخ! يشتمل القرن القادم في الرابع والعشرين من هذا الشهر المبارك بحلول ما يسمونه بالألفية الثالثة، ولا يخفى على فضيلتكم احتفال اليهود والنصارى بهذه المناسبة الكبيرة عندهم، ولا يخفى عليكم أيضاً انبهار الناس بما ينشره الكفرة من التهويل عما يحدث في تلك الليلة. ما هو توجيه فضيلتكم للناس الذين يسمرون أعينهم أمام شاشات التلفزة والقنوات الفضائية في مثل هذه المناسبة فيما أن الكفرة يعتمدون على نبؤاتهم في هذه المناسبة؟

    الجواب: بارك الله فيك! هذه المسألة صدرت فيها فتوى من اللجنة الدائمة في عدة صفحات، ونشروها وهي مفيدة، وصوتي مضموم إلى صوتهم، وإني لأعجب غاية العجب من هؤلاء الكفرة الذين يدعون الذكاء، أقول: الذكاء -لأنهم ليس لهم عقول- كل إنسان كافر فليس بعاقل كما قال عز وجل في الكفرة: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ [البقرة:171] لكن أقول: ليس عندهم ذكاء، هل تمام تسعة وتسعين يعني دخول ألفين وواحد؟ الجواب: لا، إذاً الألفان ما تمت، وستتم إذا تمت ألفين أما ألف وتسعمائة وتسعة وتسعون فكيف يقال تمت الألفان؟ وكيف يقال دخلت الألفية الثالثة؟ وهذه والحمد لله أول فاضح يفضح هؤلاء ويبين أنهم سفهاء، هذه واحدة، إذاً .. هذا خطأ من الناحية التاريخية.

    ثانياً: من الناحية العقدية أتعجب غاية العجب من قوم عندهم من الذكاء ما استطاعوا أن يصنعوا هذه الصنائع الباهرة، ويعتمدون فيما يقدرونها من الألفيات على أوهام وخيالات لا حقيقة لها، ربما كانوا يضحكون على من يقول مثلها فيما سبق والآن هم قالوها، من قال لهم: إن شيئاً سيتغير بعد حلول الألفية الثالثة؟

    ولا يجوز لنا نحن المسلمين أن نصدقهم في ذلك لأن هذا من علم الغيب، وقد قال الله عز وجل: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ [النمل:65] نعم. إذا كان هناك شيء أجلوه إلى أجل معين كما يزعم عن الكمبيوتر أنه إذا مضى كذا وكذا، أنه في (2005م) أو (2001م) سيتعطل والآن هم جادون غاية الجد في التأهب لهذا، هذا هم قدروه ويمكن، ولقد حدثني إنسان أتى من أمريكا بحديث عجب، يقول: إن الكمبيوتر الآن ما له إلا رقمان، وإذا وصل إلى (99) ثم شرع في (2000) ألغيت الأرقام وصار اثنين، يقول: فهم الآن مشوش عليهم، هل معناه أن الزمن يعود من (1099) إلى (99) فقط؟ أي: يبلعون ألف سنة، أو هناك ألف ثالثة سوف تأتي، والله لو قاله إنسان صغير لقلنا: هذا مجنون، الزمان يعود ألف سنة إلى الوراء؟ لا يصلح، لكن هم سبحان الله! جاعلين بطونهم وأيديهم على قلوبهم يقولون: نخشى الآن أن يرجع الزمان إلى الوراء، سبحان الله! شيء عجيب! لكن الله عز وجل أراد أن يفضحهم وأن هؤلاء قوم سفهاء الأحلام ليس عندهم عقول، أما بالنسبة لنا نحن المسلمين فلا يحل لنا أن نتابعهم في هذا، ولا أن نصدقهم على ما يقولون ويتخرصونه، لأننا أمة حق بين واضح، لا خيالات ولا أوهام.

    ثانياً: ما يجعلونه عيداً بمناسبة دينية يحرم علينا أن نسايرهم فيه، حتى أن ابن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة ذكر أن الذي يرضى بأعيادهم إن كان قد سلم من الكفر فهو أشد ممن يرضى بكذا وكذا من المعاصي، وكلامه هذا واضح.

    إذا رضي الإنسان بشعائر الكفر فمعناه الرضا بالكفر، وهذا خطر على الإنسان، ولا يجوز لنا أن نتبادل الهدايا من أجل هذا، ولا أن نهنئهم بهذا العيد، ولا أن ننـزل قيم الأشياء من أجل هذه المناسبة، لأني سمعت بعض المحلات يقولون: ننـزل القيمة من (100) فيجعلها (90) .. لماذا؟

    ربما يكون هؤلاء التجار عندهم سلع كاسدة ويريدون أن ينزلوا فقالوا: هذه مناسبة، لكن لا يجوز حتى في هذه الحال، انتظر حتى تمضي الأيام ثم نزل ما شئت، أما أن تنزلها بهذه المناسبة فلا.

    واعلم يا أخي المسلم أن الكافر يفرح فرحاً عظيماً إذا وافقه المسلم في شيء من شعائره، حتى تعلمنا للغتهم يفرحون به، ونحن كثيرٌ منا مثل الدجاج يأكل حباً فيه سم، يعني: تعلمنا للغتهم وحتى بعض الناس يتخاطب بها ويفرحون بها فرحاً عظيماً، لو أن إنساناً غير عربي تعلم لغتك هل تفرح؟ أنا أفرح أن يتعلم لغتي وهو لغته غير العربية، كذلك هم يفرحون، ولهذا كان من حكمة عمر رضي الله عنه أنه يضرب الناس إذا رطنوا رطانة الأعاجم، لماذا يتكلم بلغة غير عربية؟! أتريد أن تقضي على هويتك وعلى عروبتك وعلى دينك؟! لأن الدين لا يمكن أبداً أن يفهم فهماً حقيقياً إلا حسب مقتضى اللغة العربية، ولهذا تجد كثيراً من العلماء الذين ليسوا أصلاً في العرب ولم يتقنوا العربية تجدهم إذا فسروا القرآن أو فسروا الحديث يكون عليهم خطأ كثير.

    على كل حال، رأينا في هذه الاحتفالات: أنه لا يجوز للإنسان أن يشاركهم فيها، ولا يهنئهم بأعيادهم، ولا يخفف من الأعمال، ولا أن ينزل من قيم السلع من أجل هذه المناسبة.

    نسأل الله تعالى أن يعيد للأمة الإسلامية مجدها وعزها وكرامتها إنه على كل شيء قدير.

    نصائح موجهة للمعتكفين

    السؤال: فضيلة الشيخ! ونحن مقبلون على العشر الأواخر من شهر رمضان بعد العشر الأواسط ما نصيحتك وفقك الله تعالى؛ خصوصاً للمعتكفين، فإنه يكثر عند المعتكفين التساؤل متى يبدأ في اعتكافه ومتى يخرج؟ وهل من السنة ألا يخرج لصلاة العيد ذلك اليوم؟ وهل من السنة الاغتسال للمعتكف بعد صلاة المغرب في كل ليلة من ليالي العشر؟

    الجواب: العشر الأواخر لا شك أنها أفضل أيام رمضان؛ لأن فيها ليلة القدر إما في الواحد والعشرين أو الثالث والعشرين أو الخامس والعشرين أو السابع والعشرين أو التاسع والعشرين، هذه الأوتار هي آكدها، ويجوز أن تكون في الليلة الثانية والعشرين والرابعة والعشرين والسادسة والعشرين والثامن والعشرين والثلاثين، وأوكد الأوتار ليلة سبعة وعشرين، لكن ليلة القدر عموماً لا تخص بشيء إلا تأكد القيام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) أما ما يفعله بعض الناس من كثرة الصدقة ليلة سبعة وعشرين يزعمون أنها ليلة القدر، أو العمرة في ليلة سبعة وعشرين يزعمونها ليلة القدر فهذا خطأ من جهتين:

    أولاً: ليلة سبعة وعشرين ليست هي ليلة القدر، فقد صادفت ليلة القدر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة واحد وعشرين.

    ثانياً: إذا ثبت أنها ليلة القدر ولن يثبت -اللهم إلا بما يشاهد من قرائن الأحوال ولكنه لا يتيقن- فلا يخصص إلا ما خصصه الشارع وهو القيام، فليس للصدقة فيها زيادة أجر ولا للعمرة فيها زيادة أجر، وهذه مسألة مهمة.

    أما مسألة الاعتكاف فالإنسان يدخل الاعتكاف إذا غربت الشمس يوم عشرين -أي: من ابتداء ليلة واحد وعشرين- وينتهي بغروب الشمس آخر يوم من رمضان سواءً تسعة وعشرين أو ثلاثين، ويخرج إلى بيته، ولا حاجة إلى أن يبقى في المسجد حتى يخرج إلى صلاة العيد، فإن هذا وإن قاله بعض العلماء ليس عليه دليل.

    أيضاً: يخرج المعتكف كغيره بأجمل وأحسن اللباس، وليس كما قال بعضهم: يخرج بثيابه التي عليه ويدعون أنها أثر عباده كإبقاء دم الشهيد عليه، نقول: الثياب ليست هي أثر الاعتكاف، الاعتكاف لا يغير من اللباس شيئاً.

    كذلك ينبغي للمعتكف ما دام قد اعتكف وحبس نفسه في المسجد أن يمضي وقته بطاعة الله عز وجل من قراءة وذكر وصلاة في غير أوقات النهي وغير ذلك من القربات، وألا يجعل هذا المكان -أعني: المسجد- مزاراً يزوره أصدقاؤه وأقاربه ومن حديث لحديث، ومن قهوة لقهوة (وربما من فصفص لفصفص) وما أشبه ذلك، هذا خطأ، الاعتكاف: التعبد لله تعالى بلزوم مسجد لطاعة الله.

    أسأل الله تعالى أن يجعل لنا ولكم من هذا الشهر نصيباً، ومن ليلة القدر نصيباً، وأن يستعملنا في طاعته ويحمينا من معاصيه.

    والاغتسال بعد المغرب ليس بسنة، وما كان معروفاً عند السلف من الاغتسال فهو من أجل أن ينشطوا على القيام، وليس مراداً لذاته، وبناءً على ذلك: ففي أيام الشتاء لا يحتاج الإنسان إلى تنشيط؛ لأن الوقت بارد والكسل قليل، وفي غير أيام الشتاء أيضاً بالنسبة لوقتنا الحاضر هناك منبهات غير الاغتسال، مثل: القهوة، والشاي، والعصير وما أشبه ذلك.

    الحكم إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة

    السؤال: إذا وافق العيد يوم الجمعة فماذا يكون العمل؟

    الجواب: العمل أنه حصل للمسلمين عيدان: عيد الأسبوع وعيد رمضان، فمن حضر صلاة العيد مع الإمام سقط عنه حضور الجمعة ولكن يصليها ظهراً، أما الإمام فيجب عليه أن يُجمِّع، والمساجد الأخرى لا تقيم الظهر، أي: لا نقول للمساجد الأخرى: أذنوا الظهر وصلوا ظهراً، ولكن نقول: احضروا إلى الجامع، ومن لم يحضر وقد حضر مع الإمام صلاة العيد فيصلي في بيته أو في مزرعته أو ما أشبه ذلك، المهم لا تقام المساجد إلا مساجد الجمعة فقط يوم العيد، تقام الجمعة، فمن حضرها فهو أفضل، ومن لم يحضرها لم يأثم إذا كان قد حضر صلاة العيد، ولكن على من لم يحضرها أن يصلي الظهر، لأنه فرض الوقت ولا بد منه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767975209