إسلام ويب

اللقاء الشهري [72]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ابتدأ الشيخ جلسته بالكلام عن ثلاث نقاط ليست من الموضوع، أولاها: عدوان الروس على الشيشان، وكيف أن المجاهدين ما زالوا يقاومون بالرغم من قلتهم وقلة أسلحتهم وكثرة الروس وأسلحتهم. وثانيها: حكم صلاة الجمعة إذا كانت في يوم عيد. وثالثها: صلاة الكسوف وبعض أحكامها، ثم انتقل إلى موضوع اللقاء وهو الحديث عن الحج وصفته وأحكامه.

    1.   

    عدوان الروس على الشيشان

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء الثاني والسبعون من اللقاءات الشهرية التي تتم ليلة الأحد الثالث من كل شهر، لكننا هذا الشهر أخرناها أسبوعاً؛ نظراً لأن أوله قد شغل الناس بصيام الأيام الستة من شوال، وهذه الليلة هي ليلة الأحد الثالث والعشرون من شوال حسب التقويم، أو الرابع والعشرون منه حسب رؤية الهلال عام (1420هـ).

    نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل في هذه اللقاءات الخير والبركة، وأن يعيدها علينا وعليكم في أمن وإيمان وإسلام واتباع.

    في هذا اللقاء حدثت أشياء لا بد أن نتكلم عليها قبل أن نشرع في موضوع اللقاء.

    الشيء الأول: هو ما حصل من عدوان دولة الروس على إخواننا في الشيشان : وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [البروج:8-9] ونحن نؤمن بالله وقدره وقضائه ونعلم علم اليقين أن لو شاء الله ما فعلوه، ولكن الله تعالى فعله لحكمة عظيمة لعل المسلمين يرجعون إلى الله عز وجل، فإن ما حصل في جانب من أراضي المسلمين فكأنما حصل في قلب كل بلد مسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبك بين أصابعه).

    ونحن نعلم أن الملحدين الروس إنما قاتلوا هذه الجمهورية الفتية؛ لأنها أقبلت على تطبيق الدين الإسلامي في التوحيد والمتابعة، علمنا هذا من علمائهم ورؤسائهم الذين واجهناهم في الحج، ولكن مع الأسف أن الجمهوريات الأخرى لا يريدون أن تطبق الشريعة على ما ينبغي مع أنها إسلامية، ولذلك لم يقوموا بنصر إخوانهم في الشيشان ، وإلا لو قامت هذه الجمهوريات ورجت دولة الروس لحصل في هذا شيء كثير، لكن نعلم أن هناك خونة حتى في نفس الشيشان كما نسمع من الأخبار (خونة يتبعون الروس) فما موقفنا الآن؟

    من المعلوم أنه ليس لنا حيلة ولا قدرة ولا قوة، وأن الموقف كان يجب أن يكون من الدول الإسلامية في إنكار هذا الأمر الفظيع، ولكن قدر الله وما شاء فعل، موقفنا الآن هو أن ندعو الله عز وجل بأن ينصرهم عليهم وأن يدمر هذه الدولة الكافرة الملحدة؛ في كل وقت مناسب حتى في السجود، في صلاة الفريضة والنافلة، حتى في آخر نهار الجمعة، في وقت صلاة الجمعة، في كل وقت إجابة، والله سبحانه وتعالى قد يملي لهؤلاء الظلمة الكفرة ويمكنهم بعض الشيء من أجل أن يوغلوا في الكفر والعدوان ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وهذا الذي نؤمله ونرجوه من الله عز وجل.

    1.   

    حكم صلاة الجمعة إذا كانت في يوم عيد

    ثانياً: صادف عيد الفطر هذا العام عيد الأسبوع، أي: كان عيد الفطر وعيد الأسبوع في يوم واحد يوم الجمعة، فما موقف المسلمين من الصلاتين صلاتي العيدين: هل يكتفون بصلاة العيد عن الجمعة، أو بالجمعة عن العيد؟ كل هذا لا يكون؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا صادف العيد يوم الجمعة صلى العيد في وقتها والجمعة في وقتها كما ثبت ذلك في صحيح مسلم ، وبناءً على ذلك فالزموا إقامة صلاة العيد في وقتها في أول النهار، وتلزم إقامة صلاة الجمعة في وقتها بعد الزوال، لكن يرخص لمن حضر صلاة العيد مع الإمام ألا يحضر صلاة الجمعة، ولكن يجب أن يصلي الظهر دون أن تقام صلاة الجماعة في المساجد؛ لأنه لا يمكن أن تقام صلاة الجماعة في المساجد والجوامع يصلون جمعة، لكن الذي حضر صلاة العيد يصلي في بيته -مثلاً- أو في استراحته مع زملائه صلاة الظهر فقط، ولكن حضورهم للجمعة أفضل، ولهذا وجب على الإمام الذي يصلي بالناس صلاة العيد أن يصلي الجمعة مع أنه حاضر صلاة العيد، لكن يجب أن تقام هذه الشعيرة صلاة الجمعة.

    1.   

    صلاة الكسوف

    الشيء الثالث: الكسوف الذي حدث في آخر ليلة الجمعة قبل الماضية، حدث الكسوف بعد طلوع الفجر، فاختلف الناس هل يصلون أو لا يصلون؟ وذلك لأن العلماء رحمهم الله اختلفوا في هذه المسألة فمنهم من قال: إذا طلع الفجر فإنه لا يصلى صلاة الخسوف، يعني: لو كسف القمر بعد طلوع الفجر ولو قبل الصلاة لا تصلى بناءً على أن هذا وقت نهي والنهي لا تصلى فيه صلاة الخسوف، لكن هذا القول ضعيف، والصواب أنها تصلى صلاة الخسوف -خسوف القمر- ولو كان ذلك بعد طلوع الفجر، إلا إذا انتشر ضوء النهار حتى غطى على ضوء القمر لو كان صاحياً فحينئذٍ لا يصلى؛ لأن القمر زال سلطانه والانتفاع به، وقد جعل الله تعالى القمر آية ليلية، فقال تعالى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً [الإسراء:12] قال مجاهد وغيره: آية الليل هي القمر، وإذا انتشر ضوء النهار ما بقي آية؛ لأنه زال سلطانه فحينئذٍ لا يصلى.

    أما ما دام ظلام الليل غالباً على ضوء النهار وخسف القمر فإنه يصلى ولا نهي عن صلاة الكسوف، وصلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان، يطول القراءة الأولى التي قبل الركوع الأول ثم الثانية أقصر منها ثم القراءة في الركعة الثانية أقصر من القراءة الأولى وهكذا، ركعتان فيهما أربعة ركوعات وأربع سجدات، هكذا صلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    كسفت الشمس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في التاسع والعشرين من شوال عام عشر من الهجرة بعد أن ارتفعت؛ كسفت كسوفاً كلياً حتى صارت كأنها قطعة نحاس، وفزع الناس لذلك حتى النبي عليه الصلاة والسلام قام فزعاً؛ حتى إنه لحق بردائه وخشي أن تكون الساعة؛ لأن الشمس إذا كسفت كسوفاً كلياً أظلم الجو وأمر أن ينادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس وصلى بهم الصلاة التي سمعتم عنها، في هذه الصلاة أطال القراءة إطالة طويلة حتى إن بعض الصحابة يسقط مغشياً عليه من طول القيام، وفي مقامه عرضت عليه الجنة وعرضت عليه النار، قال: (ولم أر كاليوم قط أفظع) يعني: رأى شيئاً فظيعاً صلوات الله وسلامه عليه، ولما انتهت الصلاة وقد تجلت الشمس خطب الناس خطبةً بليغةً عظيمةً جداً، خطبهم قائماً لكن لم يرد أنه صعد على المنبر، ولكنه خطب قائماً صلوات الله وسلامه عليه، كان هذا اليوم هو اليوم الذي مات فيه إبراهيم رضي الله عنه ابن محمد صلى الله عليه وسلم، وكان هذا الابن من مارية القبطية ، يعني: ليس من حرة، وكان صلى الله عليه وسلم يحبه، ومات وله ستة عشر شهراً، وكان له مرضع في الجنة، ولما مات بكى عليه الصلاة والسلام وقال: (العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون) في هذا اليوم كسفت الشمس، فقال الناس: كسفت لموت إبراهيم ؛ لأنهم جهال، فيظنون أن كسوف الشمس يعني موت عظيم، أو القمر إذا خسف فيعني موت عظيم، فأعلن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وما الحوادث في الأرض حتى تؤثر في أجواء السماء؟ الأرض لا تؤثر في السماء، لكن السماء تؤثر في الأرض بالقواصف والصواعق والبرد وغير ذلك، أما الأرض حوادثها لا تؤثر في السماء، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان يخوف الله بهما عباده) نسأل الله أن يعاملنا جميعاً بعفوه.

    إذا نظرنا إلى حالتنا اليوم وجدنا أن كثيراً من المسلمين على وجه غير مرضي: يضيعون الصلاة، ويتبعون الشهوات، ويقرون المنكر ولا يتناهون عنه، ويجهلون المعروف أو ينكرون المعروف، ولذلك ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41] أسأل الله أن يوقظنا وإياكم بآياته، وأن يعفو عنا ويغفر لنا ويعيننا على طاعته.

    1.   

    الحج

    أما موضوع هذا اللقاء بما أن موسم الحج قد قرب ونحن الآن في شهر من أشهر الحج، أليس كذلك؟ فما هي أشهر الحج؟ شوال وذو القعدة وذو الحجة، هذه أشهر الحج، ونحن الآن -أيضاً- على القرب من شهر من الأشهر الحرم وهو ذو القعدة؛ لأن ذا القعدة وذا الحجة والمحرم هذه الثلاثة أشهر حرم، والرابع رجب، وبما أننا قريبون من الحج ينبغي أن نعرف من الذي عليه الحج؟ ينبغي أن نعرف متى فرض الحج؟ ينبغي أن نعرف كم حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟

    السنة التي فرض فيها الحج

    فنقول: إن الحج لا يجب إلا بشروط نذكرها إن شاء الله، أما متى فرض؟ فقد فرض الحج في السنة التاسعة من الهجرة لقوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97] ونزلت هذه الآية في السنة التاسعة، كل أول سورة آل عمران نزل في السنة التاسعة وتسمى: عام الوفود، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم في تلك السنة، لكنه خلَّف على الحجاج خليفته الأول أبا بكر رضي الله عنه، لم يحج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنه بقي في المدينة تسهيلاً للوفود الذين يقدمون المدينة ليتعلموا دينهم.

    ومن جهة أخرى كان الناس في السنة التاسعة يحج المشرك والمؤمن، فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك السنة: ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف في البيت عريان، فصارت السنة العاشرة خالصةً للمسلمين، وهي التي حج فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    وهنا تعليل ثالث وهو أن هؤلاء الوفود الذين يأتون في السنة التاسعة إذا أسلموا سيحجون في السنة العاشرة، فيكون ذلك أكثر جمعاً للمسلمين.

    أما كم حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ فإنه لم يحج بعد الهجرة إلا مرة واحدة، قبل الهجرة جاء في السنن أنه حج مرة أيضاً، ولكن الثابت هو ما بعد الهجرة فلم يحج إلا مرة واحدة صلى الله عليه وسلم.

    شروط الحج

    أما شروط الحج فهي خمسة جمعت في هذا البيت:

    الحج والعمرة واجبان     في العمر مرةً بلا توان

    بشرط إسلامٍ كذا حريه     عقلٌ بلوغٌ قدرةٌ جليه

    الإسلام: وضد الإسلام الكفر، فالكافر لا يجب عليه الحج؛ لأنه لو حج لم يقبل منه، قال الله تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ [التوبة:54] من المعلوم أن الكافر بالهوية لا يمكن أن يدخل مكة ، هناك شرطة تمنعه، لكن المسلم بالهوية الكافر في الحقيقة يدخل مكة ، مثاله: رجل لا يصلي وحج، فهل يصح حجه؟

    لا. لا يصح؛ لأن الذي لا يصلي كافر كفراً أكبر مخرجاً عن الملة، فلو حج لم يكن مسلماً ولا يقبل منه، ولهذا نقول لمن ابتلوا بهذه البلية (بعدم الصلاة) صلوا أولاً، ثم حجوا، أما أن تذهبوا إلى مكة وأنتم لا تصلون فحرام عليكم أن تدخلوا الحرم؛ لأن حدود الحرم لا يحل للكافر أن يدخله، ولست أقصد بالحرم المسجد، فالحرم ما كان داخل الأميال.

    الثاني: الحرية ضدها الرق، فالرقيق لا يجب عليه الحج؛ لأنه أولاً لا مال عنده، وثانياً: هو مشغول بخدمة سيده.

    الثالث: العقل: وضد العقل الجنون، فلو فرض أن إنساناً كان مجنوناً -نسأل الله السلامة- لكنه غني هل يجب عليه الحج؟ الجواب: لا. هل يحجج عنه؟ الجواب: لا. لأن من شرط الوجوب العقل، كذلك لو فرض أن شخصاً كبيراً ليس عنده مال ثم أصابه الهرم وصار يهذي ما له عقل، ثم مات له قريب فورثه، فكان عنده مال هل يجب عليه الحج؟ لا يجب، لماذا؟ لأنه غير عاقل فلا يجب عليه الحج.

    الرابع: البلوغ وضده الصغر، فالصغير لا يجب عليه الحج، لكن لو حج صح حجه إلا أنه يجب عليه إذا بلغ أن يأتي بحجة الإسلام؛ لأنه إذا حج قبل أن يبلغ فقد حج قبل أوانه فصار كالذي يصلي قبل الوقت لا تجزئه عن الفريضة، لو صلى إنسان قبل أذان الظهر يعني: قبل زوال الشمس، نقول: لا تجزئك عن الفريضة، ولا بد أن تصلي بعد دخول الوقت.

    الشرط الخامس: القدرة على الحج، القدرة بالبدن والقدرة بالمال، فمن كان قادراً ببدنه قادراً بماله وجب عليه أن يحج بنفسه، ولا يجوز أن يؤخر الحج، لا يقول: هذه السنة أريد أن أتريث والسنة الثانية أحج؛ لأنه لا يعلم ما يعرض له، ربما تأتي السنة الثانية وهو عاجز أو فاقد للمال أو ميت هالك، فلا يجوز أن يتأخر؛ هذا إذا كان قادراً بماله وبدنه.

    إذا كان قادراً بماله لكنه عاجز ببدنه عجزاً لا يرجى زواله كإنسان غني لكنه كبير السن أو مشلول أو ما أشبه ذلك، فهنا نقول: أقم من يحج عنك، الدليل: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت: (يا رسول الله! إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج شيخاً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم) قالت: فريضة الله، فأقرها على هذا القول، فدل ذلك على أن العاجز ببدنه لا تسقط عنه الفريضة ما دام عنده مال.

    إذا كان عاجزاً بماله قادراً ببدنه يلزمه أن يحج بنفسه مثل أن يكون من أهل مكة ليس عنده مال لكن يستطيع أن يخرج إلى عرفة ومزدلفة ومنى بكل سهولة، نقول: يجب عليك أن تحج؛ لأنك قادرٌ ببدنك.

    حسن إذا كان عاجزاً بالمال والبدن فلا شيء عليه والحمد لله.

    من ذلك -أي: من القدرة على الحج- أن يكون للمرأة محرم، فمن لا محرم لها لا حج عليها، حتى لو بلغت أربعين سنة أو خمسين سنة أو أكثر، فلتهنأ بالعافية ولا تحزن؛ لأن الحج ليس فريضة عليها لعدم وجود المحرم، فلو لقيت ربها للقيت ربها غير عاصيةٍ في ترك الحج، بل هي ممتثلة لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم).

    لقد كان بعض النساء تتألم وتحزن إذا لم تجد محرماً، فنقول: الحمد لله لا تألَّمي ولا تحزني؛ لأن الحج لا يجب عليك، وهنا أسألكم: هل الفقير الذي لا زكاة عليه يندم ويحزن لأنه لم يزك، الجواب: لا يندم ولا يحزن؛ لأنه لم تجب عليه الزكاة، وإن كان يتمنى أن عنده المال فيتصدق، فنقول: الحمد الله أيتها المرأة المسلمة إنك إذا تركت الحج لعدم وجود المحرم فقد أطعت الله ورسوله حيث قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم).

    حسن إذا قال قائل: لماذا لا تجعلونها كالشيخ الكبير تنيب من يحج عنها؟ قلنا: لا نقول هذا؛ لأنه لا يجب عليها الحج حتى يجب عليها أن تنيب من يحج عنها، فهي لم يجب عليها الحج.

    ما رأيكم في امرأة ليس لها محرم فقالت لرجل له ثلاثون سنة: أريد أن أرضعك لتكون محرماً لي وعمره ثلاثون سنة! وصارت تحلب له خمسة أيام من لبنها ليشرب، فرضع خمس مرات، ما تقولون؟ الجواب: لا يصلح؛ لأنه فاته وقت الرضاعة، فالكبير لا يتغذى بالرضاع، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة) المعنى: الرضاعة المؤثرة هي التي يندفع بها الجوع ويحتاج الطفل إليها، أما الكبير فلا ينفعه الرضاع ولو رضع مائة مرة.

    ومن الاستطاعة: ألا يكون على الإنسان دين، فإن كان عليه دين نظرنا: إن كان الدين حالاً وجب عليه أن يقضي الدين أولاً، ثم إن بقي شيء حج به وإلا فلا حج عليه، وإن كان مؤجلاً نظرنا إذا كان هذا الدين المؤجل إذا حل وجد عنده -أي: عند هذا الإنسان- رصيداً فليحج سواءً راجع من له الدين أو لم يراجعه، ما دام الدين مؤجلاً وهو واثق من نفسه أنه إذا حل القسط يستطيع دفعه، فهنا نقول: حج، ومن ذلك إذا كان الإنسان عليه أقساط للبنك العقاري، فقال: القسط قدره اثنا عشر ألفاً وأنا ليس عندي إلا ثلاثة آلاف، نقول: ليس عليك حج إلا إذا وثقت أنك إذا حل القسط أديته فتوكل على الله حج.

    أقول بارك الله فيكم الذي عليه الدين سنقسمه إلى قسمين:

    الأول: الحال، فنقول: أوف الدين ثم حج.

    الثاني: المؤجل، فنقول: إذا كنت تعلم من نفسك أنه إذا حل الأجل فعندك قدرة على الوفاء فحج؛ سواءً استأذنت من صاحب الدين أو لا، أما إذا كان ليس عندك ثقة من نفسك لا تحج، فإذا قال: أنا أرغب في الحج فالحج واجب، قلنا: لا. ما هو بواجب عليك، وإذا كنت صادقاً فكن راغباً في قضاء الدين؛ لأن الدين أمره خطير خلافاً لمن يتساهل فيه، ألم تعلموا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي قال الله عنه: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128] أنه إذا قدمت إليه جنازة يصلي عليها كان لا يصلي عليها إذا كان عليه دين، قدم رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليصلي عليه، فلما خطا خطوات سأل: (هل عليه دين؟ قالوا: نعم. عليه ديناران، فتأخر وقال: صلوا على صاحبكم) الله أكبر، يا لها من مصيبة على أهل الميت! يتراجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الصلاة عليه! صعبة جداً جداً.

    فقام أبو قتادة رضي الله عنه وقال: (يا رسول الله! الديناران عليَّ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: حق الغريم وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم. يا رسول الله! فتقدم وصلى) هذا يدل على أن الدين أمره عظيم، حتى الشهادة وهي القتل في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدين فلا تكفره، صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلا تتهاون بالدين، الآن تجد بعض الناس يتهاون؛ تجده -مثلاً- يشتري بيتاً بأقساط، لماذا يا أخي؟ استأجر حتى يغنيك الله، تجده يشتري السيارة يمكن أن يجدها بعشرين ألفاً ولكن يشتري سيارة بثمانين ألفاً لماذا؟ تجد بيته مستقيماً ويكفيه، لكن يقول: أريد أن أضع فيه ديكور وأريد أن أضع فيه فرشاً غالية الثمن، هذا غلط، الدين ليس بهين، لا تتهاون بالدين، فالمنزلة الشرعية أنه عظيم فضلاً عما يقال: الدين سهر في الليل وهَمٌّ في النهار.

    هذا المدين الذي قلنا أنه إذا كان دينه مؤجلاً وليس واثقاً أن يوفي عند حلول القسط، إذا لم يحج ولقي الله هل يعاقبه الله؟ لا يعاقبه؛ لأنه لم يجب عليه الحج، ولقد قال الله تعالى: مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97].

    طالب علم عنده مكتبة يحتاجها، ولو باعها أو باع بعضها تمكن من الحج لكن يحتاجها، هل نقول: بع من مكتبك ما تحج به؟ الجواب: لا. لا نقول بع، ما دمت تحتاج إلى هذه الكتب ولو كانت غالية الأثمان وليس عندك دراهم فإنه لا يلزمك أن تبيع منها وتحج؛ لأن هذا مما يحتاجه الإنسان.

    كذلك -مثلاً- في البيت أواني يحتاجها في الشهر مرة أو في السنة مرة هل نقول: بعها وحج، أم نقول: لا حج عليك؟ الجواب: هو الثاني (لا حج عليه) لأن هذه من حوائجه، والدين والحمد لله يسر ليس فيه مشقة ولا تعسير.

    وإلى هنا ينتهي هذا الكلام، وإن شاء الله في الدرس القادم سنذكر بحول الله محظورات الإحرام وكيفية الحج، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً، ونكمل هذا اللقاء بالإجابة على الأسئلة، وأرجو من الجميع أن ينتبهوا ويتابعوا الجواب على الأسئلة، لا يقول أحدكم: أنا لم أقدم سؤالاً ويبقى في هواجس فيضيع عليه الوقت، فانتبهوا فربما يأتي في الأسئلة أشياء أهم مما سمعتم.

    1.   

    الأسئلة

    من أحكام الكسوف

    السؤال: فضيلة الشيخ! نريد من فضيلتكم بيان الأحكام التالية في الكسوف:

    بماذا تدرك صلاة الكسوف؟

    وهل تشرع خطبة الكسوف لكل أحد؟ وهل يكون الإمام واقفاً أم جالساً؟

    الجواب: تدرك الركعة في الكسوف بإدراك الركوع الأول، يعني مثلاً: لو جئت والإمام قد ركع الركوع الأول ثم دخلت معه وهو يقرأ ثم ركع الثاني، فإن هذه الركعة قد فاتتك؛ لأن الإمام ركع ركوعين، وأنت الآن ركعت ركوعاً واحداً إذاً فاتتك الركعة، فالضابط: أنك متى دخلت مع الإمام بعد الركوع الأول في الركعة فقد فاتتك الركعة، فإذا قمت تقضيها هل تصلي القضاء بركوع واحد أم بركوعين؟ بركوعين لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) وفي لفظ: (فاقضوا).

    هل تشرع فيها الخطبة لكل أحد؟

    الجواب: من كان قادراً على أن يوجه الناس فليتكلم، فإن لم يكن الإمام قادراً على أن يخطب الناس ويوجههم، قام أحد من الجماعة الذين يمكنهم ذلك يخطبون الناس.

    وأما هل يخطب قائماً؟ فنعم. يخطب قائماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطب في صلاة الكسوف قائماً، وهذا يدل دلالة واضحة على أن الخطبة فيها مشروعة وليست من الخطب العوارض، بل هي خطبة ثابتة كلما صلى الكسوف يخطب بعدها، لكن هذا من كان قادراً، وأما من لا يعرف فلا يتكلم، ولينظر أحد طلبة العلم في المسجد ويطلب منه أن يتكلم.

    تقديم صلاة الفريضة على الكسوف

    السؤال: إذا جاء الكسوف بعد دخول وقت الصلاة فأيهما يبدأ به؟

    الجواب: نعم. يبدأ بصلاة الفريضة، يعني مثلاً: حصل الكسوف بعد الأذان نقول: صل الفريضة أولاً، ثم صلاة الكسوف، لماذا؟

    أولاً: لأن الفريضة أهم، الفريضة واجبة.

    ثانياً: أن الفريضة أحب إلى الله لقوله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه).

    ثالثاً: أنها أيسر على الناس؛ لأن المرء إذا صلى الفريضة قد يكون لديه شغل، قد يكون محتاجاً إلى البول أو الغائط أو ما أشبه ذلك فيذهب.

    رابعاً: أنه إذا صلى الفريضة، لو بدأ بالكسوف وجاء إنسان دخل بعد أن كبر الإمام ماذا ينوي هذا الداخل؟ سينوي أنها الفريضة وهي صلاة الكسوف، فنقول: ابدأ بما يتبادر إلى أذهان الداخلين وهي صلاة الفريضة.

    الخلاصة: أن نقدم صلاة الفريضة على صلاة الكسوف.

    حكم من صلى مع جماعة صلاة الخسوف ويظن أنها صلاة الفريضة

    السؤال: فضيلة الشيخ! دخل رجل مع الإمام وهو يصلي صلاة الخسوف، والرجل يظن أنها صلاة الفرض فدخل معه، فماذا يفعل هذا المأموم؟

    الجواب: هذا هو الذي ذكرنا قبل قليل، دخل فظن أن الإمام يصلي صلاة الفريضة ثم ما قام الإمام بعد الركوع الأول وشرع في القرآن عرف أنها صلاة الكسوف ماذا يصنع؟ ينفرد عن الإمام ويكمل الفريضة؛ لأنه قد دخل على أنها فريضة فيكملها وينفرد عن الإمام؛ لأنه لا يمكنه متابعة الإمام إذ أن الإمام سوف يركع في الركعة الواحدة ركوعين، وهذا لا يصح في الفريضة، فإذا علمت أنها صلاة الكسوف فانو الانفراد وكمل صلاة الفريضة؛ لأنك نويتها من أول الصلاة، ثم ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة الكسوف.

    تهنئة للشيخ بإتمام صيام رمضان

    السؤال: فضيلة الشيخ! بما أن هذا أول لقاء بعد شهر الصيام فإن الإخوة بـبريدة يهدونك السلام جميعاً ويهنئونك وأنفسهم بإتمام شهر الصيام، ويدعون الله لك بأن تكون ممن طال عمره وحسن عمله.

    الشيخ: أقول جزاهم الله خيراً، وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته، ولهم التهنئة بما من الله به على الجميع من إكمال شهر الصيام بصيامه وقيامه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبله منا وأن يجعله شاهداً لنا يوم نلقاه، وأن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية بالإيمان والعمل الصالح والانتصار والظهور على الأعداء إنه على كل شيء قدير.

    حكم بيع الاسم لآخر في قرض الصندوق العقاري

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم بيع الاسم لشخص آخر في قرض الصندوق العقاري؟

    الجواب: هذا يرجع إلى النظام المعروف عند الصندوق، فإذا كانوا يجيزون أن يبيعه فلا بأس، وذلك لأن العقار مرهون للصندوق، والمرهون لا يباع إلا بإذن المرتهن، فإذا أذنوا فلا بأس.

    حكم جعل الطلاق بيد المرأة .. وحكم الدخان

    السؤال: يا فضيلة الشيخ! في هذه الأيام في غير بلاد الحرمين صدرت في بعض البلاد الإسلامية بعض الفتاوى التي في الدين منها: أن يكون الطلاق بيد المرأة، ومثل فتوى جواز الدخان لصاحب المال الوفير، ما توجيهكم لذلك يا فضيلة الشيخ؟

    الجواب: توجيهنا لهذا: أما من قال: إن الطلاق يكون بيد المرأة، فهذا ليس بصواب وليس بصحيح، وهو معارض للقرآن الكريم، فالقرآن يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ [الأحزاب:49] ويقول عز وجل: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [البقرة:237] ويقول عز وجل: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] ويقول عز وجل: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:34] وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) وهذا فيما أظن خلاف إجماع المسلمين أن يكون الطلاق بيد المرأة.

    ومن الناحية العقيلة: المرأة ذات عاطفة سريعة وعقل ناقص، لو ترى رجلاً أجمل من زوجها لجاءت إلى الزوج وقالت: أنت طالق ثلاثاً، طلقتك طلاقاً بائناً لا رجعة فيه؛ لأنها ترجو هذا الرجل الجميل، ولو يسيء الرجل إليها أدنى إساءة خلاص لركبت الطلاق بالثلاث، هذا شيء غريب أعني: قلب الحقائق والعياذ بالله.

    نعم لو فرض أن هناك شروطاً اشترطتها على الزوج ولم يف بها فلها الفسخ ولا نسميه طلاقاً؛ نسميه فسخاً لا يحسب من الطلاق ولا ينقص به عدد الطلاق.

    وأما مسألة الدخان، فالدخان أهون من هذه المسألة؛ لأن الدخان قد اختلف فيه العلماء من قديم الزمان وحديثه، فمنهم من قال: إنه مباح، ومنهم من قال: إنه مكروه، ومنهم من قال: إنه حرام، ومنهم من قال: إنه مستحب، ومنهم من قال: إنه واجب، نعم أول ما خرج على الناس اختلفوا فيه كعادة الأشياء الجديدة، الذين قالوا إنه واجب كيف يصير واجباً؟ قال: نعم. لو فرضنا بعد ما أذن المؤذن والإنسان يشرب الدخان وله ساعة أو ساعتين ما شرب وهو دايخ الآن ما يمكن يروح يصلي إلا إذا شرب سيجارة، قالوا: فلابد أن يشرب من أجل أن يصلي بطمأنينة، فقالوا: هذا يجب، (لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثان) لكنا نقول: هذا لنبين للناس أن مسألة الدخان تحريمه ليس إجماعياً، بل هو مختلف فيه.

    في الوقت الحاضر وبعد أن تقدم الطب، وعرفت مضار الدخان لا يشك أي إنسان يعرف مصادر الشريعة ومواردها أنه حرام، ولا يمكن أن يفتي بحله، ونحن لا نفتي بحله ونرى أنه حرام، وأنه لا يليق بالعاقل فضلاً عن المؤمن، ويحصل فيه من الشر والبلاء ما تقشعر له الجلود، الشاب إذا ابتلي بهذا يمكن يبيع عرضه من أجل أن يأخذ سيجارة والعياذ بالله.

    الواجب على من ترك المبيت بمزدلفة

    السؤال: ذهبنا إلى الحج ولما صعدنا عرفة تعطلت السيارة في نهاية عرفة وصلينا المغرب وأصلحنا السيارة ومشينا، ولكن لم نعرف الطريق، فتهنا وتعطلت السيارة مرة ثانية ولم نصل مزدلفة إلا بعد طلوع الشمس ما الحكم يا فضيلة الشيخ؟

    الجواب: أولاً: لن أجيب على هذا السؤال، متى كان هذا وفي أي سنة؟

    السائل: لا أتذكر يا شيخ.

    الشيخ: هب أنه في آخر عام، لماذا يسأل الآن وقد مضى إلى الآن أحد عشر شهراً، فلماذا أخر السؤال إلى اليوم؟

    السائل: ما الحكم يا شيخ؟

    الشيخ: والله أنا أرى أن مثل هؤلاء لا يستاهلون الجواب اللهم إلا أن يكون جاهلاً لا يعرف شيئاً، لكن هذه الصورة التي ذكرت لا أحد يجهل أن فيها خطأ، وكان عليه أن يسأل وهو في مكة قبل أن ينتهي الحج، ولكن على حسب القواعد المعروفة عند العلماء: أن على من لم يدرك المبيت في مزدلفة أو على الأقل يأتي قبل الفجر أن عليه دماً يذبح في مكة ويوزع على الفقراء، ومن لم يجد فلا شيء عليه.

    حكم الودك إذا وضع مع الطعام

    السؤال: فضيلة الشيخ: أشهد الله على حبك في الله، وسؤالي هو: نعلم أن لحم الجزور ينقض الوضوء فهل الودك الناتج عن شحم الجزور ينقض الوضوء إذا وضع مع الطعام أو بعض المأكولات مثل الكليجة وغيرها؟

    الجواب: أكل لحم الإبل ينقض الوضوء بلا شك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بالوضوء من أكل لحمها، وسئل عن الرجل يأكل من لحم الإبل أيتوضأ؟ قال: نعم. ثم سئل عن الرجل يأكل من لحم الغنم يتوضأ؟ قال: إن شاء. هذا معنى الحديث، وعليه فنقول: إن لحم الإبل ناقض للوضوء سواءً الشحم أو اللحم الأحمر أو الأمعاء أو الكرش أو الكبد أو غيره، وسواء كان نياً أو مطبوخاً، وسواء كان قليلاً أو كثيراً، وأما الودك الذي يخلط بغيره لإصلاحه فإنه لا ينقض الوضوء كالودك الذي يجعل في الكليجة أو ما أشبه ذلك، فإن هذا لا ينقض الوضوء؛ لأنه لا يصدق عليه أنه أكل لحماً.

    نصيحة لرواد الإنترنت

    السؤال: فضيلة الشيخ! أرجو أن توجه نصائح ذهبية لبعض الشباب الملتزم الذين يعكفون على الإنترنت وجزاكم الله خيراً.

    الجواب: معلوم أن الإنترنت فيه خير وفيه شر، والذي يبتغي فيه الخير يجده، وفيه علوم شرعية وعلوم لغوية وعلوم صناعية وغير ذلك، وفيه شر محض وشر كثير، وقد بلغني أنها في خطورتها أشد من القنوات الفضائية.

    فنصيحتي لإخواني: بالنسبة للإنترنت أو للقنوات الفضائية أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يعلموا أنهم ما خلقوا لهذا وإنما خلقوا لعبادة الله عز وجل، وأنهم إذا نزلوا بأنفسهم إلى ما يشبه الحيوانات وهو إشباع الرغبات والشهوات فقد خسروا الدنيا والآخرة والعياذ بالله، فعلى إخواني المسلمين أن يحفظوا دينهم، وأن يحفظوا أوقاتهم، وألا يضيعوا هذا العمر الثمين الثمين الثمين، والله لدقيقة واحدة أعز من ألف درهم، أرأيتم إذا حضر الموت لو قيل للإنسان: أعطنا كل الدنيا ونؤجلك دقيقة واحدة لقال: نعم. ولهذا قال الله عز وجل: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99-100].

    أسأل الله لنا جميعاً حسن الخاتمة، ولهذا جاء في الحديث (ما من ميت يموت إلا ندم، إن كان محسناً ندم ألا يكون ازداد، وإن كان مسيئاً ندم ألا يكون استعتب) احفظ العمر يا أخي، والله إنه لأغلى من الذهب والفضة، وإذا كان الإنسان لا يضيع درهماً من الدراهم فكيف يضيع هذا العمر الذي عليه مدار السعادة أو الشقاء، اللهم اجعلنا من السعداء، اللهم اجعلنا من السعداء، اللهم اجعلنا من السعداء يا رب العالمين.

    أخبار المسلمين في الشيشان وحكم الذهاب للجهاد

    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله ورعاكم، إخواننا المسلمين في الشيشان ، ما هي آخر أخبار إخواننا المسلمين هناك؟ وما رأيكم فيمن يريد الذهاب هناك للجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الله؟ وما هي شروط الجهاد في سبيل الله؟ وهل المتزوج يلزمه بر والديه إن كانا ليسا بحاجته؟ وفقكم الله.

    الجواب: الأخبار عنهم والحمد لله سارة إذا نظرنا إلى حجم القوات الظالمة المعتدية بالنسبة إليهم، يعني: وما بقاؤهم هذه المدة يكابحون ويكدحون إلا نصر من الله عز وجل وآية من آيات الله، كيف تقف هذه الأمة الضعيفة أمام هذه القوة الظالمة التي تقصف المدن والقرى والشعاب والطرق ليلاً ونهاراً، ومع ذلك لا زالوا والحمد لله يدافعون، والذي نسمع خيراً كثيراً، سمعنا أن طائفة منهم نزلوا من الجبال لفك حصار من الروس، فلما نزلوا خافوا أن يفطن لهم الروس فيقضون عليهم، فأرسل الله سبحانه وتعالى ثلوجاً عظيمةً وضباباً ثخيناً كثيفاً، فمر هؤلاء القوم من عند جيوش الروس وهم لا يشعرون بهم حتى فكوا الحصار، هكذا سمعت مباشرة من الذين كلمونا من هناك، وهذه نعمة.

    أما الذهاب إليهم فقد حدثني من له صلة بهم وهو في المملكة أنه لا ينبغي الذهاب إليهم في الوقت الحاضر؛ لأن هناك ثلوجاً عظيمة وبرداً شديداً، نفس أهل المنطقة بعضهم يموت، وهم يقولون: ننتظر من إخواننا أن يأتي الدفء، فإذا أتى الدفء فمرحباً بهم.

    حكم صلاة الكسوف للمرأة

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم صلاة الكسوف للمرأة في البيت، وهل يجوز للمرأة أن تصلي في المسجد؟

    الجواب: تصلي في المسجد؛ لأن نساء الصحابة حضرن صلاة الكسوف حين كسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويجوز أن تصلي في بيتها، وأصح أقوال العلماء: أن صلاة الكسوف فرض كفاية، وأنه يجب أن تقام صلاة الكسوف في البلاد، مثلاً: إذا كنا في مدينة فيجب أن تقام صلاة الكسوف، ولكن لا تجب في كل المساجد إلا على سبيل الاستحباب والأفضل أن تقام صلاة الكسوف في الجوامع كما نص على ذلك أهل العلم وكما يدل عليه ظاهر السنة، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جمع الناس في مكان واحد، ثم قرأ بهم قراءة تدل على أن هذه صلاة اجتماع وذلك أنه قرأ به جهراً وهو يصلي بهم نهاراً، ولا نعلم صلاة يقرأ فيها جهراً في النهار إلا الصلوات التي يجتمع إليها كصلاة العيد وصلاة الجمعة وصلاة الاستسقاء، فدل هذا على أن الأفضل أن يجتمع المسلمون في الجوامع، وهو أيضاً أولى لأجل أن يخطب المصلي؛ لأنه هو خطيب المسجد يخطب بالناس بعد انتهاء صلاة الكسوف.

    حكم قول القائل: أسألك بالله

    سائل صدر سؤاله بقوله: أسألك بالله إلا تقرأ هذا السؤال على الشيخ؟

    السؤال: التعليق على مقولته: أسألك بالله إلا تقرأ هذا السؤال؟

    الجواب: أولاً: لا ينبغي للإنسان أن يلجأ أخاه ويحرجه في قوله: أسألك بالله؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من سألكم بالله فأجيبوه) فإذا قلت للشخص: أسألك بالله. أحرجته؛ لأنه يبقى متردداً هل يجيبك أو لا يجيبك وقد يكون في إجابته لك ضرر عليه، فلا ينبغي للإنسان أن يسأل أخاه هذا السؤال؛ على أن بعض أهل العلم قال: إن معنى من سألكم بالله أي: من سألكم بدين الله، أي سؤالاً جائزاً له فأجيبوه، وليس المعنى من قال: أسألك بالله؛ ولذلك أنا أنصح جميع إخواني المسلمين ألا يقولوا لإخوانهم: أسألك بالله، ثم هذا المسئول إذا كان في إجابته ضرر لا تلزمه الإجابة.

    نصيحة لمن يظن أنه يطلب العلم من أجل الشهادة

    السؤال: يا فضيلة الشيخ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يريد به إلا عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة) أو كما قال، أنا طالب في الجامعة وأدرس علوماً شرعية، وكثيراً ما أقول: إني سأترك الدراسة لهذا الحديث؛ لأني لست مخلصاً في دراستي، بل وأنا أدرس لأجل الشهادة والمال، وأنا متردد أرجو من فضيلتكم توجيهي وجزاكم الله خيراً.

    الجواب: أقول: جزاه الله خيراً على هذا السؤال الذي قد يشكل على كثير من الطلاب، من المعلوم أن الذين يدرسون في الجامعة إنما يريدون أن يتبوءوا مكاناً ينفعون به الناس، ولا طريق إلى ذلك إلا بالشهادة، فهو إذا درس في الجامعة من أجل أن يحصل على الشهادة، فيكون مدرساً أو قاضياً أو معلماً مرشداً أو واعظاً فهذا خير، وهذه نية سليمة ما فيها شيء؛ لأنه من المعلوم الآن لو جاء إنسان عالم بدون شهادة وقدم ليكون أستاذاً في الجامعة هل يطاع؟ ما يطاع؛ لأنه ما معه شهادة، فإذاً نقول لإخواننا: نيتكم سليمة إذا كنتم تريدون بهذه الشهادة أن تتبوءوا مكاناً تنفعون به عباد الله، فهي نية سليمة ولا إشكال فيها، وكم من أناس درسوا في الجامعة فنفع الله بهم، صاروا قضاة.. صاروا دعاة.. صاروا موجهين.. صاروا مدرسين، فنفع الله بهم.

    حكم من حبسه حابس عن الحج

    السؤال: فضيلة الشيخ! أحرمت بالحج العام الماضي أنا وأولادي السبعة من ذي الحليفة ولم نشترط عند الميقات، وعندما وصلنا إلى الحج ردونا؛ لأننا ليس معنا تصاريح للحج، علماً بأنني قلت لأحد أقاربي في المدينة : احجز لنا شقة من أجل أن نجلس فيها، فرجعنا إلى الشقة في المدينة واستحللنا من الإحرام، فماذا علينا؟ وفقكم الله.

    الجواب: الواقع أن هؤلاء مفرطون ما داموا يعرفون أنهم ربما يردون، فعليهم أن يشترطوا فيقولوا: إن حبسنا حابس فمحلنا حيث حبستنا، لكن يبقى الآن هل إنهم أحرموا على نية أنهم إن ردوا رجعوا وحلوا من الإحرام، إذا كانوا على هذه النية فلهم ما نووا، وأرجو أن يكون إحلالهم صحيحاً ولا شيء عليهم.

    نصيحة لمن قسى قلبه وثقلت الطاعة عليه

    السؤال: فضيلة الشيخ! أشكو من قسوة قلبي وثقل الطاعة عليَّ فهل من حل؟ رغم أني مسرفة على نفسي بالمعصية، فما نصيحتك لي ولأخواتي الفتيات اللاتي شغلن بالموضة ونحوها من الأمور التي تفتن المرأة عن دينها؟

    الجواب: أقول: إن قسوة القلب لها دواء وهو الإكثار من قراءة القرآن، دليل ذلك قول الله عز وجل: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [الحشر:21] والجبل كما نعلم حجارة صماء لو نزل القرآن عليها لخشع وتصدع، كذلك القلب إذا ورد عليه القرآن وقرأ الإنسان بتفكر وتمعن فلا بد أن يؤثر في قلبه، واسمع إلى قول الله تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق:37] فعليك أيتها الأخت! بتلاوة كتاب الله بتدبر وتخشع، وسيبدل الله هذه القسوة ليناً ورجوعاً إلى الله تبارك وتعالى.

    أما النساء اللاتي شغلن بالموضات فقد خسرن الدنيا والآخرة إلا أن يشاء الله، وإنك لتعجب من هؤلاء النساء اللاتي شغلن بالموضات يتعبن أنفسهن، ويتعبن أزواجهن، ويتعبن آباءهن ويتعبن أولياء أمورهن، ثم إن هذا المال يذهب إلى من؟ إلى الشركات التي تورد هذه الموضات وقد تكون الشركات شركات كافرة، فينتفع أعداؤنا بأموالنا.

    فنصيحتي للنساء ولأولياء أمورهن: ألا يذهبوا وراء هذه الموضات التي لا خير فيها إلا إضاعة الوقت وإتلاف المال، مع ما فيها من تأثير على القلب في انصرافها عن طاعة الله.

    نصيحة للذين يدخلون الدش إلى منازلهم

    السؤال: فضيلة الشيخ! حفظه الله، تعلمون أنه حصل فتنة كبيرة بمشاهدة الدشوش، وبعض الناس والعياذ بالله ربما أدخله في منزله وبين أولاده فما تعليقكم حفظكم الله؟

    الجواب: تعليقنا على هذا: أن يتقي الله المرء في نفسه وأهله، وألا يدخل هذه الدشوش في البيوت؛ لأن الإنسان يدخلها على أنه سيشاهد الأخبار فقط أو ما يبث فيها من علوم، لكن لا تزال به حتى ينغمس في طينها -والعياذ بالله- ولقد سمعت عن أناس ملتزمين على درجة عالية من العلوم أدخلوا هذه الدشوش على أنهم يشاهدون الأخبار، ويطالعون بعض المعلومات، وإذا بهم ينتكسون والعياذ بالله، فخطرها عظيم.

    أما بالنسبة لمن يدخلها في بيته وهو يشاهد أهله يطالعون هذه المنكرات العظيمة، فأنا أسأل: هل يعد هذا ناصحاً لأهله أم غاشاً لهم؟ هو غاش بلا شك؛ لأنه قادر على أن يمنعهم منها لإخراجها وتكسيرها، فإذا كان غاشاً فهل يدخل في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ما من عبدٍ يسترعيه الله على رعيه يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة

    الأمر خطير يا إخواني، فلذلك أرى أنه يحرم على الرجل أن يدخل هذه الدشوش إذا كان يعرف من أهله أنهم سيشاهدون ما لا تجوز مشاهدته.

    حكم ركوب المرأة مع السائق الأجنبي لوحدها

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم ركوب المرأة مع السائق الأجنبي لوحدها إذا كانت في الشارع والسيارة مكشوفة يرى ما بها من الداخل، ما رأيكم في ذلك حيث أن كثيراً من الناس يقول: إنها ليست خلوة ما دامت أمام الناس؟

    الجواب: رأينا أنه حرام ولا يحل، والمفسدة التي في الخلوة موجودة في هذه الصورة، وقوله: إنه ليس خلوة؛ لأن الناس يشاهدونها، الجواب عنه من وجهين:

    الأول: أن السيارة ماشية. ما كل واحد يشاهدها وليس الناس يطالعون في كل سيارة تمشي.

    الثاني: أنه وإن كانت ترى لكن الهمس واللمس والضحكة لهذه المرأة التي هو خالٍ بها لا يدري عنها الناس، فالمحظور الذي في الخلوة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم موجود في هذا، بل قد يكون هذا أشد، فربما يراودها عن نفسها ويقول: إن لم تفعلي وإلا فسأمشي على البر وأكرهك على ما أريد ولا تريدينه أنت، فالمسألة خطيرة جداً، ولقد حدثت بحوادث لا أحب أن أذكرها لفظاعتها فيمن ركبت مع السائق لوحدها.

    فالحذر الحذر من هذا! وباب الزنا أحاطه الشارع بسياج قوي حتى حرم النظر إلى المرأة، والخلوة بها، والسفر بلا محرم، وذلك أن النفوس تدعو إليه، النفوس ضعيفة الإيمان، فلذلك جعل له سياج يحمي المرء من أن يقوم به.

    حكم من يؤخر صلاة الفجر إلى وقت الوظيفة

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم من لا يصلي الفجر إلا عند قيامه لأجل الوظيفة أي: في الساعة السابعة والنصف تقريباً في الغالب، مع العلم بأنه لا يتأخر عن عمله بدقيقة واحدة؛ لأنه يحرص على أن يسجل في سلك المتقدمين في الوظيفة؟

    الجواب: يرى بعض أهل العلم أن من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها بلا عذر كافر كفراً أكبر مخرجاً عن الملة، وبناءً على هذا يكون هذا الرجل كافراً كفراً مخرجاً عن الملة؛ لأن تأخير الصلاة إلى ما بعد الوقت عمداً بلا عذر شرعي لو صلاها لم يستفد منها ولا تقبل منه.

    ويرى آخرون: أن ترك الصلاة الذي ورد أنه كفر هو أن يتركها بالكلية لا الفجر ولا غيره، وهذا أقرب إلى ظاهر النصوص؛ فهذا لا يكفر على هذا القول الذي نرجحه، لكن على خطر عظيم -والعياذ بالله- ما لم يعتقد أنه يجوز تأخير الفجر إلى ما بعد الوقت فحينئذٍ يكون أنكر فرضيتها فيكفر بالإنكار.

    حكم قص المرأة لشعرها إلى ما فوق الكتفين لأجل زوجها

    السؤال: يا فضيلة الشيخ! هل يجوز قص الشعر إلى ما فوق الكتفين للمرأة إذا كانت لا تقصد التشبه وإنما إجابة لطلب زوجها، وما حكم لبس النقاب وإخراج العينين فقط؟

    الجواب: أما الأول وهو قص المرأة شعرها: فالمشهور عند الحنابلة أنه يكره أن تقصه ولو شيئاً يسيراً، وقالوا: إنه إذا كانت في النسك لا تقص منه إلا قدر أنملة، فما بالك بغيره؟

    وقال بعض العلماء: إنه يجوز أن تقص رأسها بشرط ألا يرتفع فوق الكتف، وألا يكون فيه مشابهة لشعر الرجال أو لشعر المومسات العاهرات أو الكافرات، وبناءً على هذا نقول: لا تقص المرأة شعر رأسها إلى ما فوق الكتفين حتى وإن رضي الزوج بذلك، بل حتى وإن أمر بذلك، وعلى الأزواج أن يتقوا الله وألا يكرهوا النساء على أمر يكرهنه، والإسلام أيضاً لا يراه.

    أما بالنسبة للنقاب: فالنقاب في الأصل جائز؛ لأن الصحابيات كن ينتقبن في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في المحرمة: (لا تنتقب) لكن نظراً لما حدث من النساء اليوم وتوسعهن في ذلك لا أفتي بجوازه، بل أرى منعه؛ لأن النساء تلاعبن به فصار بعضهن يفتح فتحة كبيرة حتى يظهر الحاجب وأعلى الخد، وصار بعضهن الآن يتلثم في الخمار تلثماً، وبناءً على هذا التوسع أرى منعه ولا أفتي بجوازه، ولا حرج علي في ذلك؛ لأن الأشياء المباحة إذا كان يترتب عليها محظور فإنها تمنع؛ كما منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من طلق زوجته ثلاثاً من مراجعتها، وقال: [أرى الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم] فأمضاه عليهم.

    حكم توكيل الحاج من يضحي عنه في بلده

    السؤال: ما الحكم في رجل ذهب إلى الحج وكان قبل ذهابه قد وكل من يضحي عنه في بلده، فهل يجوز له ذلك، أم هل يكتفي بحجه ولا أضحية عليه، فما هو الأفضل في حقه؟ وما الذي يترتب على ذلك من أحكام شرعية؟ وجزاك الله خيراً.

    الجواب: إذا كان أهله معه فالأفضل ألا يوصي بأضحية أي: ألا يوكل أحداً يضحي عنه، وأما إذا كان أهله في بلدهم، فهنا ينبغي أن يوكل من يضحي عنه في أهله، وحينئذٍ لا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئاً إلا إذا أحرم بالعمرة فله أن يقصر؛ لأن التقصير صار نسكاً.

    حكم الاغتسال في غير الميقات لمن أراد العمرة

    السؤال: هل يجوز لمن أراد العمرة أن يغتسل في بيته ثم يسافر وهو في القصيم وينوي إذا ما وصل إلى الميقات؛ خصوصاً في مثل هذه الأيام الباردة؟

    الجواب: نعم. لا بأس أن يغتسل في بيته ويسافر إذا كان اغتساله عند السفر، ولكنه إن تمكن من أن يغتسل في الميقات فهو أفضل.

    إلى هنا ننتهي من المجلس، نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعله مجلس خير وبركة، وأن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً متقبلاً، ورزقاً طيباً واسعاً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767945152