أما بعد:
فإننا نشكر الله عز وجل على إنعامه وإفضاله حيث شرع مواسم الخيرات لعباده ليستكثروا من الخير، فمن قضى شهر الصيام حتى دخلت شهور حج بيت الله عز وجل، فإن أول شهور الحج شهر شوال، فالعباد ينتقلون من موسم إلى موسم، وما شرع الله الحج لأهل مكة وذبح الهدايا إلا وشرع لغيرهم من البلدان التقرب إليه بالأضاحي، فلله الحمد والمنة على هذه النعم.
أيها الإخوة: إن هذا اللقاء هو اللقاء الشهري الذي يتم في مساء السبت الثالث من كل شهر؛ نسأل الله أن ينفع به وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه.
اخترنا أن يكون بعد المغرب ليتسع الوقت للكلام والجواب على السؤال، نبدأ أولاً بالحج فنتكلم عن أهميته في دين الإسلام.
الحج هو في منزلة عالية من دين الإسلام؛ وذلك لأنه أحد أركانه التي بني عليها لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (بني الإسلام على خمس) أي: على خمس دعائم: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله هذه واحدة، وهي مفتاح العمل فلا يصح عمل إلا بها، حتى لو صام الإنسان وزكى وحج وصلى ولكن لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإنه لا يقبل حجه ولا يقبل صومه، ولا تقبل صدقته ولا تقبل صلاته.
فإن قال قائل: أليس الإنسان يقول في الصلاة: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ نقول: بلى يقول هذا، لكن أرأيت لو كان يقول هذا ولكنه يعبد الأموات أيكون صادقاً في هذه الشهادة؟ لا. إذاً لا تقبل منه الصلاة، وشهادته أن لا إله إلا الله شهادة كذب؛ لأن من شهد أن لا إله إلا الله أي: لا معبود بحق إلا الله، فلا يمكن أن يعبد أحداً سوى فاطر السماوات والأرض.
الركن الثاني: إقام الصلاة، أي: الإتيان بها مستقيمة حسب ما صلاها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي قال لأمته: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
الثالث: إيتاء الزكاة، أي: إعطاء المال الواجب في الأموال لمستحقيه، ولهذا نقول: إيتاء الزكاة حذف منها المفعول الثاني، والتقدير: إيتاء الزكاة مستحقها.
الرابع: صوم رمضان.
الخامس: حج بيت الله الحرام.
إذاً الحج في مرتبة عالية من هذا الدين الإسلامي؛ لأنه أحد أركانه ومبانيه العظام، وقد تأخر فرض الحج، فلم يفرضه الله عز وجل على عباده إلا متأخراً في السنة التاسعة أو العاشرة؛ وذلك لأن مكة كانت قبل ذلك تحت قبضة قريش يمنعون من شاءوا ويأذنون لمن شاءوا، ولهذا منع المشركون رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد جاء معتمراً معه الهدي يلبي الله عز وجل، ولما أقبل على الحرم منعوه، في أي مكان؟ في الحديبية، قالوا: لا يمكن أن تدخل مكة فيتحدث الناس: أنا أخذنا ضغطاً، وجرى بينهم وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الصلح الذي ظاهره هضم المسلمين حقهم، ولكنه فتح كما سماه الله عز وجل، فقال في كتابه: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد:10] المراد بالفتح هنا صلح الحديبية ، لذلك كان من حكمة الله عز وجل أن يتأخر فرض الحج إلى بيت الله إما في السنة التاسعة أو في السنة العاشرة.
في السنة التاسعة أعلن أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حاج العام المقبل، فاجتمع المسلمون من جميع الجهات من الجزيرة العربية من أجل أن يشاهدوا حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيقتدوا به وينقلوه إلى الأمة، فاجتمع خلق كثير كانوا من بين يدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن خلفه وعن يمينه وشماله مد البصر، أمم عظيمة لتقتدي برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتأتم به وتنقل حجه إلى أمته من بعدهم، وهكذا حصل.
خرج صلى الله عليه وسلم في الخامس والعشرين من ذي القعدة يوم السبت، ونزل في ذي الحليفة وأحرم منها وسار إلى مكة، ولما وصل البيت طاف طواف القدوم، وسعى سعي الحج والعمرة؛ لأنه كان قارناً وبقي على إحرامه، فلم يتحلل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنه كان قد ساق الهدي، طاف بالبيت وبقي على إحرامه وأمر أصحابه أن يحلوا، ثم خرج ظاهر مكة ونزل الأبطح وكان قدومه يوم الأحد الرابع من شهر ذي الحجة وبقي هناك يصلي ركعتين ولم ينزل إلى المسجد الحرام لا لطواف ولا لصلاة.
وفي اليوم الثامن توجه صلوات الله وسلامه عليه بأصحابه إلى منى ، فنـزل هناك وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع، ولما طلعت الشمس سار إلى عرفة ونزل بـنمرة وهي: قرية تقع جنوب غرب عرفة من أجل أن يستريح ويريح رواحلهم.
فلما زالت الشمس أمر أن ترحل ناقته، فرحلت وركبها ونزل في بطن الوادي وادي عرنة في المكان الذي بني فيه المسجد الآن، نزل هناك وأمر المؤذن فأذن للظهر، فصلى الظهر ركعتين، ثم العصر ركعتين، ثم خطب الناس خطبةً عظيمةً بليغةً تناولها أهل العلم بالشرح واستنباط الفوائد، ومن أحسن ما رأيت رسالة للشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله في شرح هذه الخطبة وهي مطبوعة ومنشورة، ويقال: إنه ما من أحد في عرفة إلا سمع الخطبة، أي: أن الله عز وجل سهل للمسلمين أن يسمعوا هذه الخطبة في أي مكان من عرفة.
ثم ارتحل ناقته إلى المكان الذي اختار أن يقف فيه، وهو عند جبل عرفات الذي يسمى: جبل الرحمة، وهي تسمية حادثة وإلا فاسمه إلال على وزن هلال أو جبل عرفة وهو معروف الآن، نزل هناك، لماذا نزل هناك؟
أظن والله أعلم أنه اختار النزول هناك ليكون خلف أصحابه؛ لأن من عادته في السير أن يكون آخر قومه ليتفقد المتخلف صلوات الله وسلامه عليه، وقف على بعيره يدعو الله عز وجل رافعاً يديه اليمنى واليسرى حتى إن خطام ناقته لما سقط أخذه بإحدى يديه وهو رافع الأخرى إلى أن غابت الشمس، ثم دفع متجهاً إلى مزدلفة ، وفي أثناء الطريق احتاج صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يبول فخرج إلى الشعب عن يسار الذاهب إلى مزدلفة ، ونزل وبال وتوضأ، ولكنه توضأ وضوءاً خفيفاً ولم يسبغ، وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أردف خلفه على ناقته أسامة بن زيد بن حارثة، فقال له أسامة: (الصلاة يا رسول الله! قال: الصلاة أمامك).
ثم ركب حتى أتى مزدلفة بعد دخول وقت العشاء فتوضأ فأسبغ وأمر فنودي للصلاة، ثم صلى المغرب والعشاء ثم بات هناك، ولما طلع الفجر أمر بالأذان للفجر ثم صلى الفجر في غلس مبكراً على خلاف العادة، وبعد ذلك ركب حتى أتى المشعر الحرام مكان المسجد اليوم، ووقف على بعيره يدعو الله ويستغفر الله حتى أسفر جداً، وكان يقول في عرفة : (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) وفي مزدلفة يقول: (وقفت هاهنا وجمع -يعني: مزدلفة- كلها موقف) كأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم يشير إلى أن يبقى كل أناس بمكانهم حتى لا يزدحموا على مكان مخصوص، والحكم واحد والأجر واحد.
ولما أسفر جداً سار من مزدلفة إلى منى وكانت منى في ذلك الوقت لها ثلاث طرق: طريق على اليمين، وطريق على اليسار، وطريق في الوسط، فسلك الطريق الوسطى؛ لأنها تخرج رأساً على جمرة العقبة، وهو يريد أن يبدأ قبل كل شيء برمي الجمرة، حتى أتى الجمرة ووقف وأمر عبد الله بن عباس أن يلقط الحصى -حصى الجمرات- فلقط سبع حصيات فقط فوق الحمص ودون البندق، وجعل يقلبها بين يديه ويقول: (بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين) رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة.
ومن المعلوم أنه لن يصل إلى الجمرة إلا بعد طلوع الشمس؛ لأنه وقف في مزدلفة حتى أسفر جداً، ثم سار على بعيره، فرمى الجمرات ثم نحر هديه، أهدى مائة بعير عليه الصلاة والسلام (مائة بعير عن سبعمائة شاة) نحر بيده الكريمة ثلاثاً وستين بعيراً، وأعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الباقي فينحر، ثم حلق رأسه وبدأ بالشق الأيمن وقسم الشعر على الناس.
فهو إلى الآن رمى ثم نحر ثم حلق وحل، تحلل صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم نزل إلى مكة فطاف بالبيت وشرب من ماء زمزم وصلى الظهر هناك، ثم خرج إلى منى ، خرج إلى منى ووجد أناساً لم يصلوا، فصلى مرةً أخرى؛ لأنه ثبت أنه صلى في منى الظهر وصلى في مكة ، والجمع بينهما أن نقول: صلى في مكة ولما خرج وجد بعض أصحابه لم يصلوا فصلى بهم صلى الله عليه وسلم.
وبات في منى ليلة الحادية عشرة، ولما زالت الشمس من اليوم الحادي عشر ذهب ليرمي الجمرات قبل أن يصلي الظهر بعد الزوال وقبل الصلاة، رمى الجمرة الأولى بسبع حصيات، ثم تقدم واستقبل القبلة ورفع يديه وجعل يدعو دعاءً طويلاً، ثم الوسطى بسبع حصيات، ثم تقدم واستقبل القبلة ورفع يديه وجعل يدعو دعاءً طويلاً، ثم جمرة العقبة ولم يقف، ثم عاد إلى رحله، وبات في منى ليلة الثاني عشر، وفي اليوم الثاني عشر فعل كما فعل في اليوم الحادي عشر، ثم بات في منى ليلة الثالث عشر، ورمى الجمرات في اليوم الثالث عشر كما رماها في اليوم الثاني عشر، ثم نزل إلى مكة وصلى الظهر في مكة -ظهر يوم الثالث عشر- وبات في مكان يقال له: المحصَّب لكثرة حصبائه، وفي آخر الليل أمر بالرحيل فارتحل الناس، وأتى البيت فطاف فيه طواف الوداع، ثم صلى صلاة الفجر، ثم غادر إلى مهاجره طيبة المدينة، فبقي في مكة عشرة أيام (من الرابع إلى الرابع عشر) ولهذا سئل أنس بن مالك : كم أقمتم في مكة؟ قال: أقمنا فيها عشراً.
هذه صفة حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أتينا بها على وجه الإجمال ليكون ذلك أسهل وأقرب للفهم، ولكن لنا فيها وقفات.
أحرم بأن اغتسل كغسل الجنابة أي: غسلاً كاملاً، وتطيب في لحيته وبدنه بطيب من أطيب ما يكون، وبطيب غادق (كثير) حتى كان يُرى وبيص المسك من مفارقه وهو محرم عليه الصلاة والسلام، ثم لبس الإزار والرداء ثم أحرم فقال: (لبيك حجة، وجاءه الملك قال له: قل عمرةً وحجاً، فقال: عمرةً وحجاً) فصار بذلك قارناً، ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله وهو إمام أهل السنة وإمام أهل الحديث، قال: لا أشك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان قارناً والمتعة أحب إليَّ، وسيأتي معنى قوله رحمه الله: المتعة أحب إليَّ؛ لأن الرسول أمر به، فكان يقول: لبيك عمرةً وحجاً، هذه واحدة.
صنع عند دخول المسجد كما يصنع عند دخول المساجد الأخرى لعموم الأدلة بدون تفصيل، ثم اتجه إلى الكعبة -زادها الله شرفاً وعظمة- اتجه إليها فاستلم الركن أي: الحجر الأسود وقبله، وفي الأشواط الثلاثة الأولى كان يرمل أي: يسرع دون أن يمد الخطى، أي: يسرع والخطى على ما هي عليه متقاربة في الأشواط الثلاثة فقط، وفي الأربعة الباقية كان يمشي على عادته، لكن الاضطباع في جميع الطواف؛ والاضطباع: أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر، وهو سنة في الطواف فقط.
إذاً حصل أنه استلم الركن وقبله واضطبع في جميع طوافه، ورمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، وماذا يقول عند استلامه؟ كان يكبر، كلما استلم الركن قال: الله أكبر، وكان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].
ولم ينقل ماذا يقول في بقية الأشواط، ولكن قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما جعل الطواف بالبيت وبـالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) وعلى هذا ففي طوافك ادع الله بما شئت من خيري الدنيا والآخرة، اذكر الله، اقرأ القرآن، سبح؛ لأن المقام مقام ذكر الله عز وجل، وأما ما يوجد في الكتيبات هذه لكل شوط دعاء مخصوص فهذا بدعة لا تستعمله، وانصح من رأيته يستعمله، قل: يا أخي! ادع الله بما تحب، لا تقرأ شيئاً ربما لا تعرف معناه.
مسألة: إذا قال قائل: كيف يقبِّل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حجراً؟ أيفعل ذلك تبركاً بالحجر أم ماذا؟ فالجواب: ليس تبركاً بالحجر، فالحجر لا ينفع ولا يضر، ولهذا لما طاف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقبَّل الحجر، قال: [إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك] إذاً نحن نقبل الحجر تأسياً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتعبداً لله عز وجل وتذللاً له حيث نقبل حجراً من الأحجار، ولولا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبله ما قبلناه، ولذلك لا نقبل الركن اليماني؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقبله، ولا نقبل الركنين الشامي والغربي، ولا نستلمهما أيضاً؛ لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، فصارت أركان البيت ثلاثة أقسام:
الأول: ما يسن استلامه وتقبيله وهو الحجر الأسود.
والثاني: ما يسن استلامه دون تقبيله ودون الإشارة إليه وهو الركن اليماني.
والثالث: ما لا يسن تقبيله ولا استلامه وهما الركنان الشامي والغربي.
مسألة: فلو قال قائل: أرأيتم لو لم يتمكن من استلام الحجر ولا تقبيله ماذا يصنع؟
نقول: يشير إليه بيده ويقول: الله أكبر. أما الركن اليماني إذا لم يستطع استلامه فإنه لا يشير إليه؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والعبادات توقيفية، إن لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا يحل لنا أن نتعبد إلى الله بها. انتهى الكلام على موقف الطواف.
الوقفة الثالثة: موقف ركعتين خلف المقام؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما انتهى من طوافه تقدم إلى مقام إبراهيم وقال: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً [البقرة:125] وصلى ركعتين خلف المقام، هاتان الركعتان هل هما واجبتان أم هما سنة؟ وهل يتعين أن يكونا خلف المقام، أو يجوز أن يكونا في أي مكان من المسجد، أو إذا لم يمكن في المسجد فخارج المسجد؟
الجواب: اختلف العلماء في وجوب هاتين الركعتين.
فقال بعض العلماء بالوجوب، وقال بعض العلماء بالاستحباب، والأقرب: أنهما للاستحباب، أنهما مستحبتان لا واجبتان، ولا يشترط أن يكونا خلف المقام، بل لو كانا في أي مكان في المسجد كفى، بل لو كانا خارج المسجد كما لو كان المسجد ضيقاً وصلى في الساحات الخارجية فلا بأس، والسنة تخفيفهما، وأن يقرأ فيهما في الأولى: قل يا أيها الكافرون، وفي الثانية: قل هو الله أحد.
صعد الصفا ، وماذا صنع حين صعوده؟ رفع يديه حين رأى البيت وكبر ثلاثاً، وقال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده) كرر هذا ثلاث مرات يدعو فيما بين المرة الأولى والثانية، وفيما بين المرة الثانية والثالثة، وبعد الثالثة نزل متجهاً إلى المروة، في أثناء السعي مر بالوادي، الوادي (مجرى السيل) وكان في ذلك الوقت بيناً واضحاً، بطن الوادي عادة يكون منخفضاً، فلما انخفض سعى سعياً شديداً أي: ركض حتى إن إزاره لتدور به من شدة السعي، ولما صعد الوادي مشى عادةً وفعل على المروة كما فعل على الصفا ، ولم يكرر الآية: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] لأنها ليست من ذكر المسعى، إنما قالها حينما دنا من الصفا قبل أن يدخل في السعي.
مسألة: الوقوف عند السعي ليس بكثير؛ لأن ما لا شيء يستلم ولا يقبل ولا يشار إليه، إنما هو أشواط معروفة يبتدئها بـالصفا ويختمها بـالمروة.
ماذا صنع بعد السعي؟ أمر من لم يكن معه هدي أن يجعل إحرامه عمرة ويحل، قالوا: (يا رسول الله! نحل وقد سمينا الحج -أي: لبينا بالحج كيف نجعلها عمرة؟- قال: افعلوا ما آمركم به) حتم عليهم وغضب حتى حل من لم يكن معه هدي، قالوا: (يا رسول الله! الحل كله؟ قال: الحل كله).
مسألة: وقفة بعد أن سعى قلنا: إنه نزل في الأبطح ظاهر مكة بقي فيه أربعة أيام من يوم الأحد إلى يوم الخميس، وهو في هذا المكان يقصر الصلاة، وربما جمع بين الصلاتين، هل البقاء في الأبطح من الأمور المشروعة، أو إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نزله من أجل الراحة؟
الجواب: الثاني، في ذلك الوقت لا يوجد بناء، الآن يوجد بناء ولا يمكن للمرء أن ينـزل إلا أن يستأجر من العمائر التي فيه، ومع ذلك لا نقول: إن من السنة أن يكون مكانك في مكة في هذه العمائر؛ لأن نزول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الأبطح أيسر له من أجل الدفع إلى منى.
مسألة: دفع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى منى في اليوم الثامن، نقف هنا: هل البقاء في منى في اليوم التاسع هل هو واجب أو سنة؟
الجواب: هو سنة وليس بواجب، فلو دفع الإنسان من مكة إلى عرفة فلا حرج، لكن فاته أجر المبيت في منى، ولو لم يحرم في الحج إلا يوم عرفة وذهب إلى عرفة فلا حرج، الدليل: أن عروة بن مضرس رضي الله عنه أدرك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صباح يوم العيد في مزدلفة وصلى معه، وأخبره أنه أتعب ناقته وأتعب نفسه وما ترك جبلاً إلا وقف عنده، فهل له من حج؟ فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من شهد صلاتنا هذه -يعني: الفجر- ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بـعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه) وعلى هذا فإذا ذهب الناس من أوطانهم ووصلوا إلى مكة يوم الثامن وخرجوا فوراً إلى منى دون أن يطوفوا بالبيت ويسعوا فلا حرج.
الجواب: هو سنة وليس بواجب، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الحج عرفة) ونمرة ليست من عرفة .
مسألة: الوقوف بـعرفة إلى غروب الشمس، ولا يحل لأحد أن يخرج من حدود عرفة قبل غروب الشمس؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقف حتى غابت الشمس وقال: (خذوا عني مناسككم) ولو دفع الإنسان قبل غروب الشمس لشابه هدي المشركين دون هدي سيد المرسلين، وذلك لأن المشركين إذا صارت الشمس على رءوس الجبال كالعمائم على رءوس الرجال دفعوا من عرفة، فخالفهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتأخر حتى غابت الشمس.
مسألة: الناس في عرفة هل يستقبلون القبلة عند الدعاء، أو يستقبلون الجبل؟
الجواب: يستقبلون القبلة، الجبل ليس له حرمة في ذاته، ولهذا لا يشرع صعوده ولا التمسح به ولا الوقوف على رأسه، هو جبل عادي فالاتجاه عند الدعاء إلى القبلة، وهل يقف الإنسان قائماً، أو يدعو وهو جالس؟ نقول: يدعو وهو جالس، وإن رأى مللاً وقام ليستريح ودعا وهو قائم فلا حرج.
مسألة: وهل الأفضل أن يدعو وهو راكب في السيارة، أو أن يدعو في مكان خالٍ يناجي ربه فيه؟
الجواب: الثاني؛ لأنه إذا ركب الناس ربما يشوش بعضهم على بعض ويشتغل بعضهم ببعض، فإذا انحاز الإنسان إلى مكان خالٍ ودعا الله كان ذلك أخشع له، ولكن بماذا يدعو يا إخواني؟
الجواب: إن علم شيئاً من السنة في هذا فليدع به وإلا دعا بما أحب، ومن المعلوم أنه إذا طال الزمن في الدعاء فسيحصل الملل، ولكن الحمد لله الأمر واسع خذ كتاب الله العزيز واقرأ فيه بتدبر، وكلما مرت بك آية رحمة فاسأل، أو آية وعيد فتعوذ، أو آية تسبيح فسبح، وإذا تابعت القرآن على هذا الوجه لن تمل إلى أن تغرب الشمس.
وهنا أنبه إخواننا على تحري حدود عرفة ؛ لأن بعض الحجاج -الله يهدينا وإياهم- ينزلون قبل الوصول إلى عرفة ويبقون فيها، فإذا غابت الشمس انصرفوا، ألم تعلموا أن هؤلاء لا حج لهم؟ الجواب: بلى. لا حج لهم؛ لأنهم لم يقفوا بـعرفة ، نعم لو فرض أن عرفة كانت ضيقاً ونزلوا هناك خارج الحدود، فإذا زالت الشمس ذهبوا إلى عرفة وبقوا فيها إلى الغروب، أو ذهبوا إلى عرفة بعد العصر وبقوا إلى الغروب فهذا لا بأس به.
بعض العلماء قال بالثاني: إذا وصلت إلى مزدلفة قبل دخول وقت العشاء فصل المغرب، ثم إذا دخل وقت العشاء فصل العشاء بأذان وإقامة، والمغرب بأذان وإقامة.
ولكني أقول: في الوقت الحاضر لا شك أن الأيسر على الحجاج أن يجمعوا بين المغرب والعشاء من حين أن يصلوا، وإذا كان كذلك فالأفضل فعل الأيسر، فليصلوا المغرب والعشاء من حين أن يصلوا ولو قبل دخول وقت العشاء؛ لأنه -كما تعلمون- يتعب الإنسان في الحصول على الماء، وربما إذا أبعد عن مكان إخوانه يضيع، فليصل المغرب والعشاء جمع تقديم وذلك أفضل؛ لأنه مسافر، والمسافر الأفضل له فعل الأيسر من الجمع وعدم الجمع.
من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقف حتى صلى الفجر، ووقف عند المشعر الحرام حتى أسفر جداً، فهل هذا واجب، أو يجوز أن يدفع الإنسان في آخر الليل؟
الجواب: هذا ليس بواجب، ولكنه أفضل لا سيما في الزحام الشديد، وقد أذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للنساء والضعفة أن يدفعوا من مزدلفة قبل الفجر، وأن يرموا الجمرة إذا وصلوا ويصلوا الفجر في منى .
مسألة: إذا بقي الإنسان إلى الفجر وصلى الفجر وبقي للدعاء فهل نقول: اذهب إلى المشعر الحرام، أو يجوز أن تدعو الله في مكانك؟
الجواب: يجوز أن تدعو الله في مكانك؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وقفت هاهنا وجمع كلها موقف).
أولاً: من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رمى جمرة العقبة أول ما وصل إلى منى ، أرأيتم لو أن الإنسان عدل إلى رحله، وأنزل متاعه، واستراح قليلاً، ثم ذهب للرمي أيجوز أو لا يجوز؟ الجواب: يجوز.
في منى يوم النحر يفعل الحاج خمسة أشياء:
أولاً: رمي جمرة العقبة.
والثاني: النحر.
والثالث: الحلق أو التقصير.
والرابع: الطواف.
والخامس: السعي، إن كان متمتعاً أو كان قارناً أو مفرداً ولم يكن سعى بعد طواف القدوم.
لو قدم هذه الأشياء بعضها على بعض فلا حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يسأل في التقديم والتأخير في هذه الأشياء، فيقول: (لا حرج) ومن سأله عند تقديم الحلق على النحر قال: (لا حرج) ولم يقل: ولا تعد، فكونه يقول لا حرج دون أن يقول: ولا تعد يدل على أن الأمر واسع والحمد لله، وهذا من رحمة الله أن الحجاج رخص لهم، من الناس من يحب أن يبدأ بالطواف والسعي قبل كل شيء، ومنهم من يحب الرمي ثم الحلق حتى لا يجتمع الناس في مكان واحد، ولهذا تجد أمماً عظيمة يطوفون ويسعون، وتجد آخرين يرمون، وآخرين يذهبون إلى المنحر، كل هذا من التيسير اللهم لك الحمد.
إذاً لو قدر أنك لو ذهبت من مزدلفة إلى مكة وطفت وسعيت، ثم خرجت ورميت ونحرت وحلقت، ما الحكم؟
لا حرج، وهكذا لو أتيت إلى مكة للطواف والسعي ووجدت المطاف مزدحماً، ووجدت السعي أوسع فبدأت بالسعي؛ أيجوز أو لا يجوز؟
يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن هذه المسألة نفسها، فقيل له: (سعيت قبل أن أطوف؟ قال: لا حرج) فالأمر والحمد لله واسع.
لا يجوز؛ لأنه لو جاز الرمي قبل الزوال لرخص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للضعفة كما رخص لهم في يوم العيد أن يرموا قبل الفجر، والموجب قائم وهو الزحام، بل إنه في رمي الجمرات في أيام التشريق أشد إلحاحاً؛ لأن الجو حار، ومع ذلك لم يأذن لأحد أن يتقدم فيرمي قبل الزوال.
حتى في اليوم الثاني عشر وهو يوم التعجل لا يجوز لأحد أن يرمي قبل الزوال؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يرم إلا بعد الزوال وقال: (خذوا عني مناسككم) ولكن لو أن الإنسان في اليوم الثاني عشر تعجل ولم متاعه، وحمله على السيارة ثم ذهب متجهاً إلى مكة على أنه سيرمي وينزل، فحدث زحام في الخطوط وزحام عند الجمرات، فهل ينتظر إلى الليل ثم يرمي ويمشي، أو نقول: انتظر إلى الليل وتبقى إلى اليوم الثالث؟ الجواب بالأول، ما دمت قد نويت التعجل وارتحلت وحبسك الزحام، فلا حرج أن تستمر في تعجلك ولو بعد غروب الشمس، حتى لو لم ترم إلى منتصف الليل، ثم امش ولا حرج؛ لأنه يصدق عليك أنك تعجلت في يومين لكن حبسك العذر.
في آخر شيء طواف الوداع، إذا انتهى الإنسان من الحج وأراد الرجوع إلى بلده؛ فإنه لا ينصرف حتى يطوف بالوداع، ويسقط الوداع عن المرأة الحائض والنفساء، أسأل الله تعالى أن يهيئ للمسلمين حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً.
الأول: أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم، فلو ضحى الإنسان بفرس فإنه لا يجزئ، ولو ضحى بظبي لم يجزئ، فلا بد أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام وهي: الإبل والبقر والغنم معزها وضأنها.
الشرط الثاني: أن تكون بالغة للسن الواجب وهو في الضأن ستة أشهر، وفي المعز سنة، وفي البقر سنتان، وفي الإبل خمس سنوات، وما دونها لا يجزئ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن).
الشرط الثالث: أن تكون سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء وهي ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي لا تنقي) العجفاء يعني: الهزيلة التي ليس فيها مخ.
بقي الوقت، فلا بد أن تكون في الوقت المحدد شرعاً، وهو من صلاة العيد إلى غروب الشمس آخر أيام التشريق، فمن ذبح قبل الصلاة لم تجزئ ووجب عليه أن يذبح بدلها، أي: لو أن إنساناً لما دخل يوم العيد وطلعت الشمس قال: أريد أن أذبح الأضحية حتى إذا رجعت من الصلاة وجدت اللحم ناضجاً، فذبحها، نقول: هذه لا تجزئ، شاتك شاة لحم، إن أحببت أن تبيع هذا اللحم فبعه، وإن أحببت أن تهديه فأهده، وإن أحببت أن تتصدق به فتصدق، وإن أحببت أن تأكله فكله، المهم أنها شاة لحم. ويجب عليه أن يذبح مثلها وجوباً بعد الصلاة، إلى آخر أيام التشريق، إذا غربت الشمس يوم الثالث من أيام التشريق انتهى وقت الأضحية، فتكون الأيام أربعة أيام.
وإذا دخل عشر ذي الحجة والإنسان قد نوى الأضحية فإنه لا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً حتى يضحي، ما هي البشرة؟ الجلد، قد يقول قائل: كيف يأخذ الإنسان من جلده؟ نقول: نعم. يوجد بعض الناس يكون في أقدامه شقوق فتجده ينتفها، هذا لا يجوز وهو يريد أن يضحي.
فأولاً: هل الأضحية شرعت من أجل الانتفاع باللحم، أو من أجل التقرب إلى الله تعالى بذبحها؟
الجواب: الثاني بلا شك، قال الله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] وقال تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ [الحج:34] ولو كان المقصود اللحم لجاز لكل إنسان أن يشتري يوم العيد أكثر من لحم الضأن ويتصدق به، ولكن المقصود التقرب إلى الله تعالى بالذبح، فإذا أرسلت دراهم إلى مكان لا تدري عنه، فهل تشعر بأنك متقرب إلى الله تعالى بالذبح، أو متقرب إلى الله تعالى بهذه الدراهم التي أرسلت؟
الجواب بالثاني لا شك، ولا تشعر بأنك متقرب إلى الله بالذبح، فيفوت هذا المقصود الأعظم الذي قال الله عنه: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37].
ثانياً: أمرنا الله تعالى بالأكل منها فقال تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28] وإذا دفعت الدراهم إلى مكان ما يشترى به أضحية ويضحى بها فهل تأكل منها؟ لن تأكل ففوت أمر الله عز وجل، وقد قال بعض العلماء: إن الأكل منها واجب وأن من لم يأكل من أضحيته فهو آثم. قالوا: لأن الله أمر بالأكل وقدم الأكل على إطعام المسكين، قال: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا [الحج:28] وأنت الآن ما أنت بآكل منها.
ثالثاً: يفوت المضحي الذي أرسل الدراهم ذكر اسم الله عليها؛ لأن الذي يسمي هو الذابح ففاتك هذا الشيء، فحرمت الأجر.
منها: أن الإنسان ممنوع من أخذ الشعر والظفر والبشرة حتى يضحي، وإذا أرسل الدراهم فما الذي يعلمه أنه ضحي بها أو لا؟ لا يدري، فيبقى معلقاً هل يأخذ من هذه شيئاً أو لا يأخذ؟ ويبقى في شك حتى يضرب التلفون على الذين قبضوا الدراهم يقول: هل ذبحتم أضحيتي؟ حتى يأخذ من شعره الذي يستحب أخذه، فسيقولون: والله عندنا آلاف من الغنم ما ندري ما هي أضحيتك؟ ربما يقولون: انتظر ثلاثة أيام، ولا يمكن أن يتأكد أن أضحيته ذبحت إلا إذا انتهت الأضاحي كلها، فيبقى الإنسان معلقاً لا يفعل السنة في حلق العانة، ولا في تقليم الأظفار، ولا في الأخذ من الشارب، فعطل السنن.
ثانياً: من الأمور السلبية أنك إذا دفعت الدراهم -وهذه مسألة يجب النظر فيها نظراً عميقاً- إذا دفعت الدراهم ودفع الثاني دراهم والثالث دراهم، ولنقل اجتمع -مثلاً- مائة ألف فاشتري بها أضاحي، فما هي أضحيتك من هذه الأضاحي؟
إن الذين يضحون لا يدرون، اجتمع عندهم مائة ألف عن مائتين أضحية، ذبحوا المائتين ولا يدرون أن هذه لفلان أو هذه لفلان، ذبحوها باسم أنها ضحايا وبس، ومعلوم أنه لا بد من تعيين من هي له، ولم يبلغنا أن هؤلاء الذين يأخذونها أنهم يجعلون قوائم بأسماء فيقول: باسم الله عندي صفحة فيها عشرة أسماء، فلان ابن فلان هذه أضحيته فاذبحها يا جزار، ما يقولون هذا، وحينئذٍ تبقى أضحيتك عائمة، وبمقتضى القواعد الشرعية لا تجزئ الأضحية لأنه لم يعين، صارت مائتين أضحية مشاعة بين مائتين رجل أو أقل أو أكثر، وهذا أمر مشكل.
ومنها: أنه يفوتك الأكل منها وقد بينا أن بعض العلماء أوجب الأكل.
ومنها: أنك لا تأمن أن يتأخر ذبح أضحيتك إلى ما بعد أيام التشريق؛ لأنه إذا قدرنا أن هناك عشرة آلاف رأس والجزارون خمسة أو ستة أو عشرة، فهل يمكنهم أن يذبحوا هذا العدد الكثير في أربعة أيام؟ قد لا يمكن، فتبقى الأضاحي متأخرة عن وقتها، وكما سمعتم أولاً: إذا لم تقع الأضحية في وقتها فهي غير مجزئة.
والمهم أننا ننصح إخواننا المسلمين عن ارتكاب هذه الطريق بما فيها من فوات المنافع، وحصول الأمور التي يقع فيها الشك، ولسنا نريد بهذا أن نمنع الخير عن إخواننا المتبرعين بل نقول: يا أخي! انفع إخوانك بالدراهم، بالأطعمة، بالكسوة، بالفرش، بالخيام، بحفر الآبار، افعل هذا، وربما يكونون محتاجين لهذا أكثر من حاجتهم لقطعة من اللحم، فأرجو من إخواننا المسلمين في مثل هذه الأمور أن يتأنوا وأن يسألوا أهل العلم.
لو قال قائل: إذا دعت الضرورة في بلد ما إلى بذل الأضاحي لهم، نقول: لا تبذل الأضاحي، ابذل صدقة، والصدقة عند الضرورة أفضل من الأضحية، لكن ادفعها لا على أن يشترى بها أضحية، الأضحية دعها عندك في بيتك، وهذه اجعلها صدقة والصدقة عند الضرورة -أي: دفع الضرورة- أفضل من أضحية، فمثلاً: إخواننا في الشيشان مضطرون إلى مساعدتهم بالمال إذا كان يمكن أن يصل إليهم، فإذا كان الإنسان عنده مائتا ريال إما أن يشتري بها أضحية أو يرسلها لهم؟ الأفضل أن يرسلها لهم؛ لأنهم في ضرورة والأضحية ما هي ضرورة، فلينتبه المسلمون لهذا، ولا ينجفلوا للدعوات التي ظاهرها العاطفة، والعاطفة يجب أن تكون من كل مسلم لأخيه، لكن لا بد من التمشي على الحدود الشرعية.
وعلى كل حال: فأحث إخواننا المسلمين على كثرة العمل الصالح في هذه الأيام العشر من الصدقة والذكر وقراءة القرآن وغير ذلك، والعجب أن المسلمين في عشر رمضان يكثرون من الخير وحق لهم ذلك، لكن في عشر ذي الحجة هم عنها غافلون؛ لأنه لم يتنبه العلماء في هذه المسألة فينبهوا الناس، أو تنبهوا لكن لم يحصل فرصة للكلام.
على كل حال: أحث إخواني على كثرة العمل الصالح في هذه الأيام العشر من قراءة القرآن، والذكر، والصلاة، والصدقة، والصيام، وليملئوا الأجواء من قولهم: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. في المساجد والأسواق والبيوت جهراً إلا النساء فلا ترفع أصواتهن بذلك.
صيام عشر ذي الحجة ورد حديث في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصومها) وورد حديث في السنن عن حفصة : (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يدع صيامهن) قال الإمام أحمد : والمثبت مقدم على النافي. ونحن نقول: لا حاجة إلى هذا ما دام عندنا قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) وهل الصيام من العمل الصالح؟ نعم. يدخل في هذا، وكون عائشة رضي الله عنها ما رأته صائماً فغيرها رآه وأثبت، ولفظ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقتضي صيامها، ولعلها رضي الله عنها لها عذر في عدم الرؤية، أو يجوز عليها ما يجوز على غيرها من النسيان أو غير ذلك، المهم لدينا نص محكم وهو: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) فيقتضي أن يصومها المسلمون تقرباً إلى ربهم عز وجل.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعمل الصالح الذي يرضيه عنا، وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأن يجعل خير أعمارنا آخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا وأسعدها يوم نلقاه، وأن يجمعنا مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
أولاً: النيابة المشروعة في الفرض والنفل ما هي وما صفتها؟
الجواب: الأصل في العبادات أن تكون من الفاعل المخاطب بها؛ لأن المقصود بها إصلاح القلب، والتقرب إلى الله عز وجل، وإذا أناب الإنسان غيره فيها فإنه لا يستفيد هذه الفائدة العظيمة، فمثلاً: إذا استناب الإنسان شخصاً في الحج تجد المحرم متجنباً للمحظورات، وتجد المنيب على كل ما يريد من الشهوات وربما يكون على المعاصي، فأين العبادة؟ ولذلك نقول: الاستنابة في الحج إن كانت عن فريضة، والمنيب لا يستطيع أن يقوم بها على وجه لا يرجى زواله فهذا لا بأس به؛ لأن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن أبيها وكان شيخاً كبيراً أدركته الفريضة -فريضة الحج- فقالت: (يا رسول الله! أحج عنه؟ قال: نعم) وهذا واضح لعجزه، وكذلك لو كان ميتاً ولم يحج وأراد أحد أن يحج عنه فلا بأس؛ لأن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أن أمها نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، قال: (حجي عنها).
أما الاستنابة في النفل؛ ففي ذلك روايتان عن الإمام أحمد : إحداهما أن ذلك جائز، والثانية: أن ذلك ليس بجائز، وفرق بينها وبين الفريضة بأن الفريضة لا بد من فعلها إما بنفس الإنسان وإما بنائبه، وأما النافلة فلا، فتهاون الناس الآن في النيابة في الحج أمرٌ ليس من عادة السلف ، ولا كانوا يتجاسرون على هذه النيابة على هذا الوجه.
ثم إن بعض الناس يُنوِّب في بعض أفعال الحج مثل من يوكل من يرمي عنه وهو قادر على الرمي، تجده جالساً في الخيمة مع أصحابه يتحدث وكأنه في نزهة ثم يقول: يا فلان خذ حصاي وارم عني، أين العبادة؟ الحج عبادة يا إخواننا، ليس مجرد أفعال تفعل، عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه عز وجل، ولذلك كان الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، فلا ينبغي الإكثار من الاستنابات، ولكن خير من ذلك إذا كان الإنسان قد أدى الفريضة أن يرى رجلاً لا يستطيع أن يؤدي الفريضة فيعطيه دراهم ليحج بها، فيكون قد أعان على حج واجب وله مثل أجر الفاعل، أي: له أجر الفريضة؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من جهز غازياً فقد غزا).
الجواب: إذا علم بذلك الذي دفع المال وأذن فلا بأس، لكن إذا لم يعلم وأعطه الدراهم وحج هذا الرجل مجاناً إما لكونه عاملاً في الحملة أو لغير ذلك، المهم أنه حج مجاناً فماذا يكون؟ نقول: لا بد أن تستأذن منه بعد الحج وتقول: هل رخصت لي؟ إن قال: لن أرخص لك، فيرد عليه ما أخذه، والحج للموكل، مثال ذلك: زيد أعطى عمراً دراهم ليحج بها، فحج عمرو بالسيارات التي تبرع بها أهلها، أو صار عاملاً في حملة ولم يسلم شيئاً، فهنا نقول: يجب عليك أن تخبر من أعطاك المال فإن أذن لك فإنه يقال: ما آتاك من المال فهو لك، وثبت الحج له، وإلم يأذن وقال: لا. أنت الآن حججت مجاناً وحججت عني؛ فإنه يكون قد حج عن نفسهويرد الدراهم إلى صاحبها.
الجواب: أولاً يا إخوان: يجب أن نشكر الله عز وجل ونثني عليه أنه لم يوجب الحج على من عليه دين رأفة بالناس، فإذا كان عليك دين فلا تحج؛ لأن الحج لم يجب عليك أصلاً، ولو لقيت ربك للقيته وأنت غير مفرط؛ لأنك لم يجب عليك الحج، فاحمد الله أن يسر لك، واعلم أن حق الآدمي مبني على المشاحة، والآدمي لا يسقط شيئاً من حقه، وحق الله مبني على المسامحة، أترد فضل الله عليك وتقول: أريد أن أحج وعليَّ دين ويبقى الدين عالقاً في ذمتك مع أن الحج ليس واجباً عليك؟
الحج لا يجب على من عليه دين أبداً إلا إذا كان الدين مؤجلاً، وكان الإنسان واثقاً أنه إذا حل القسط فإنه يوفيه، وكان بيديه دراهم يمكن أن يحج بها، فهنا نقول: حج لأنك قادر بلا ضرر، وعلى هذا فالذي عليه دين للبنك العقاري وهو واثق من نفسه أنه إذا حل القسط أوفاه، وبيده الآن دراهم يمكن أن يحج بها فليحج، وأما إذا كان لا يثق أنه يوفي الدين إذا حل القسط فلا يحج، ويبقي الدراهم عنده حتى إذا حل القسط أدى ما عليه.
الجواب: هذان سؤالان:
السؤال الأول: إذا حج أهل البيت وعندهم خادمة وليس معها محرم فليحجوا بها؛ وذلك لأن حجهم بها أحفظ لها من أن تبقى في البيت وحدها أو يعيروها لأحد من الناس، فنرى أن تذهب معهم؛ لأنها باقية معهم في البيت بلا محرم.
وأما بالنسبة لاستقدام النساء بلا محرم؛ فكنت بالأول أتساهل فيه بعض الشيء، وأقول: إذا جاء بها محرمها ثم رجع فالأمر سهل، لكن حصلت وقائع من بعض ضعيفي الإيمان وضعيفي العفاف أوجبت لي أن أقول: لا يجوز أن تستقدم خادمة إلا بمحرمها الذي يبقى معها.
الجواب: من المعلوم أن الحكومة وفقها الله سنت سنتين:
السنة الأولى: أنه لا يحج أحد إلا بعد خمس سنوات، وهذا التنظيم في محله؛ وذلك من أجل التخفيف على الحاج الذي حج تطوعاً وعلى الآخرين، والحكومة وفقها الله لم تمنع الحج، لم تقل لا تحجوا إلا الفريضة، لكنها نظمت، وفرق بين المنع والتنظيم، ونقول للإخوة: لا تحزنوا من هذا النظام؛ لأن أسباب المغفرة والحمد لله لا تنحصر في الحج، الإنسان إذا أسبغ الوضوء وصلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وإذا قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر، وإذا قال: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين أتم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، وإذا صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، وكذلك إذا قام ليلة القدر، فأسباب المغفرة والحمد لله كثيرة، لا تحزن يا أخي وساعد الحكومة على النظام الذي فيه الخير، وإذا كنت ولا بد فانظر إلى أخيك الذي لم يفرض وساعده على فرضه، أعطه النفقة تحز أجر فريضة الحج.
وأما بالنسبة للنظام الثاني وهو: أنه لا بد أن يحج الناس مع الحملات، فالذي أرى أن الناس فهموه على غير المراد؛ وذلك لأن الخيام الآن في منى أخذتها الحملات، ما بقي مكان للخيمة التي تذهب بها العائلة وتنصبها هناك، فرأوا حفظاً للنظام وعدم الفوضى أن يكون الإنسان في أيام الحج خاصة مع حملة؛ لأنه إذا وصل إلى منى ووجد أن الخيام قد وزعت فأين يذهب؟ فظني أن النظام هذا يراد أن يكون الإنسان في أيام الحج خاصة مع حملة، أما الوسيلة التي تنقله إلى مكة فلا أظن أنه لا بد أن يكون مع الحملة وربما يذهب على سيارته.
الجواب: أقول: هذا الخط الذي وضع على قلب الحجر الأسود هو من نعمة الله عز وجل على كل الحجاج والمعتمرين؛ ذلك لأن الإنسان لا يتيقن محاذاة الحجر بدون هذا الخط، وما أكثر ما كنا نتساءل هل حاذينا الحجر .. هل تقدمنا .. هل تأخرنا؟ لكن لما جاء هذا الخط صرنا نتيقن أننا بدأنا الطواف من حيث يبدأ وانتهينا به من حيث ينتهي.
أما مسألة الوقوف فقد طفنا نحن في أيام السعة وفي أيام الضيق ولم نجد هذا الذي يقول بعض الناس، وإن كان الحج في الحقيقة كالبحر (أمواج) لكن ما لقينا أحداً، بعض العوام من خارج البلاد ربما يقفون، ولكن مع ذلك إذا كان الزحام شديداً لا يتمكنون من الوقوف طويلاً؛ لأن الناس يدفعونهم، كان الناس من قبل يقفون في مساحة أوسع من هذه المساحة؛ لأن كل واحد منهم يظن أنه حاذى الحجر يقف ويسلم على الحجر، أما الآن فانحصر الموقف عند هذا الخط، فأرى أنه من نعمة الله، ومن حسنات الحكومة وفقها الله عز وجل، كان من قبل خطين أحدهما عن يمين الحجر والآخر عن يساره، أرادوا به أن يحتاط الإنسان عند ابتداء الطواف فيبدأ من الخط اليسار، ويحتاط في انتهائه فيصل إلى خط اليمين، وحصل في ذلك إشكال؛ لأن هذين الخطين يكون الحجر بينهما فيحصل الإشكال، تجد بعض الناس يبتدئ من الخط الثاني الأيمن فينقص الشوط الأول، وبعض الناس ينتهي في الشوط الأخير عند الخط الأيسر فينقص الشوط الأخير.
ثم بعد ذلك رئي أن يزال الخطان وأن تجعل خطاً واحداً، وإذا أردت أن تعرف ضرورة الناس إلى هذا الخط، فانظر منتهاه من عند باب الصفا ، الذي يقف عند منتهاه من عند باب الصفا ، يقول: سبحان الله هذا محاذاة الحجر! لأنه يظن أن محاذاة الحجر قبل هذا بأمتار، وإذا ظن هذا ووقف في الشوط الأخير قبل أن يصل إلى المنتهى لم يصح الشوط الأخير فيرجع بدون طواف.
فالمهم أن هذا -والحمد لله- آثاره حسنة جداً وحفظٌ للطواف لا نظير له، وإذا وقف الناس ثلاث ثوانٍ فإنه لا يمكنهم الوقوف طويلاً مع زحام الناس لهم، مع أني وأقول ذلك مشهداً إياكم على هذا: ما رأيت هذا الشيء بمعنى: أن كثيراً منهم يسلم، يعني: يشير بيده وهو يمشي، والذي يقف يقف ثواني لا تبلغ دقيقة واحدة.
الجواب: هذه مشكلة، هل هو طواف الإفاضة أم الوداع؟
السائل نفسه: يظهر أنه طواف الإفاضة.
السائل: يا شيخ! التعقيب بارك الله على سؤال الحج: الأخوات تقول: إن الطواف كان في عمرة ليس في حج.
الجواب: نفس الشيء؛ لأن طواف العمرة ركن، وهذه أشد؛ لأنها إذاً لم تحل تحللاً أولاً ولا ثانياً، هي الآن على إحرامها تماماً فيجب عليها أن تتجنب جميع محظورات الإحرام.
السائل نفسه: لكن هي اعتمرت وحجت بعدها مرات.
الجواب: طيب اعتمرت وحجت هل نوت القضاء؟ إن نوت القضاء فهذا مقبول، وإن لم تنو القضاء فيبقى هل صحت عمرها التي وقعت في جوف العمرة الأولى أو لم تصح؟ أنا أقول أسأل الله لي العفو العافية: إن هذه العمرة صحيحة إن شاء الله لأنها جاهلة، وإلا لكان إحرامها بعمرة في جوف عمرة لا يصح، فنقول: إحرامها إن شاء الله صحيح وعمرها صحيحة، وما دامت لم تنو القضاء فعليها القضاء.
الشيخ: إذا كان طواف الإفاضة فأخبرها أنها الآن فيما بقي من إحرامها يعني: لم تحل إلا التحلل الأول، وإذا كان لها زوج يجب على زوجها أن يتجنبها، وإذا كانت قد عقد عليها النكاح بعد طوافها الإفاضة وهي حائض فعقد النكاح غير صحيح، ويجب أن يفارقها زوجها وتذهب الآن إلى مكة إن أتت بعمرة من الميقات فحسن، فتأتي بالعمرة وتطوف وتسعى وتقصر، ثم تطوف طواف الإفاضة للحج الماضي، وإن لم تأت بالعمرة فلا حرج فتذهب إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة للحج الماضي وترجع إلى بيتها، وبعد رجوعها إذا كانت قد تزوجت فيما بين قضاء الطواف الآن والطواف الأول فيجب أن يعاد العقد، وإذا أعيد العقد فله أن يدخل بها فوراً؛ لأن العدة له.
الجواب: الصحيح: أن التكبير في أيام التشريق سنة في كل وقت، وقد نص الله على ذلك في الكتاب العزيز فقال: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة:203].
الجواب: الغالب أنهما متلازمان، أن الكبيرة ذات اللحم الكبير يكون أغلى، لكن أحياناً يكون بالعكس، فإذا نظرنا إلى منفعة الأضحية قلنا: الكبيرة أفضل وإن قلت قيمتها، وإن نظرنا إلى صدق التعبد لله عز وجل قلنا: كثيرة الثمن أفضل؛ لأن بذل الإنسان المال الكثير تعبداً لله يدل على كمال عبادته وصدق عبادته.
والجواب: أن نقول لهذا: انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله، ما دامت المصلحتان قد تعارضتا فانظر ما هو أصلح لقلبك، إن رأيت أن النفس يزداد إيمانها وذلها لله عز وجل ببذل الثمن الكثير فابذل الثمن الكثير.
الجواب: الأفضل الأرفق، فإذا كان الأرفق له أن ينـزل إلى مكة ويطوف ويسعى ويخرج ويرمي فليفعل، والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الضعفة من أهله ليلة الـمزدلفة قبل الفجر مع أن الأفضل أن يبقى الحاج حتى يسفر، فبعثهم ليرموا بهدوء وطمأنينة، فإذا كان الإنسان يرى أنه إذا نزل إلى مكة وطاف وسعى كان أرفق له فليفعل.
الجواب: أقول: إذا كان مفهوم النظام: أن الإنسان يجب أن يعقد مع الحملة من بلده حتى يرجع وهذا يكلفه، ولا يستطيعه فإنه لا يجب عليه الحج؛ لأنه غير مستطيع، لكن في ظني أن الناس فهموا خطأ، الحكومة إنما قالت هذا -والله أعلم- تريد أن يكون الإنسان منتمياً إلى حملة في المشاعر خاصة؛ لأنه من الآن قد أخذت الخيام الجديدة، فأين يسكن الناس؟ مشكلة هذه، فالذي يظهر لي والله أعلم: أن الحكومة وفقها الله إنما تريد الانتماء إلى حملة في مشاعر الحج لا من بيتك إلى أن ترجع إليهم.
الجواب: إذا كنت تقدر على أجور الخيام فيجب أن تكون في الخيام، وإن كنت لا تقدر فاسكن حيث انتهت الخيام.
الجواب: سعيها لم يصح، وهو ركن من أركان الحج، وذلك أنه لم يسبقه طواف، فيجب عليها الآن أن تذهب إلى مكة وأن تسعى وتعتبر نفسها أنها لم تحل التحلل الثاني.
الجواب: قولنا في هؤلاء أنهم أخطئوا من جهة أنهم خدعوا الدولة بمخالفة النظام.
ثانياً: أنهم عصوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معصيةً ظاهرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يلبس المحرم القميص) وهؤلاء لبسوه، فكأنه يعلن بفعله معصية الرسول عليه الصلاة والسلام، وعجباً لهؤلاء أن يتخذوا آيات الله لعباً من أجل حج ليس بواجب عليهم؛ فالحكومة ما منعتهم من الحج، بل نظمت الحج، فكيف يخادعون الحكومة بإظهار أنهم غير محرمين، ويعصون الله ورسوله بلباس القميص؟!!
إني لأعجب ولو فتشت ما فتشت لرأيت مثل هؤلاء الذين ابتلوا بمعصية الله ورسوله، ومخادعة الدولة، لو فتشت فيهم لوجدت عندهم تهاوناً كثيراً في أمور عظيمة أهم من هذا.
الجواب: لو فرض أنها طاهر وطافت طواف القدوم وسعت قبل عرفة فلا بأس.
السائل: لكن كانت عليها العادة يا شيخ.
الجواب: إيه! معناه أنها في العادة ولم تطف.
السائل: هل هناك دليل يا شيخ! أنه لا سعي قبل الطواف؟
الجواب: نعم هناك، وهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لـعائشة : (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت ولا بـالصفا والمروة ) وذكرت عن نفسها أنها لما طهرت طافت وسعت.
الجواب: هذا بارك الله فيك لا نرى جوازه إلا إذا كانت الخادمة قد سافر أهل البيت ولم يبق في البيت أحد فهنا تذهب معهم ولو بدون محرم؛ لأن ذلك أحفظ لها.
الجواب: أنا أرى ألا يفعل إلا إذا كان الرجل يؤمل أن يقضي دينه، فهذا نقول: إنه أحيا سنة وفعل خيراً، وما دام أنه يعرف أنه الآن ما عنده شيء لكن إذا جاء الراتب فسيكون عنده شيء، فلا بأس أن يقترض.
الجواب: الحمد لله إذا جئنا بشيء جديد وهو مباح ذلك من فضل الله، نرى أن الإزار إزار سواءٌ لف على البدن بدون خياطة أو خيط، وسواءٌ ربط بسبتة أو نحوها أو ربط بتكة؛ لأنه لا يزال يسمى إزاراً.
وأما السروال فبينه وبين الإزار فرق، السروال مفصل على كل عضو على حدة: الرجل اليمنى وحدها والرجل اليسرى وحدها، فلا يصح قياسها عليه، ثم إن عموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من لم يجد إزاراً) يشمل الإزار المخيط وغير المخيط.
الجواب: هذه المسألة إذا قال الأب لأبنائه: أنا مستعد أن أحج بكم فهل يلزمهم القبول أو لا؟ يرى بعض أهل العلم أنهم لا يلزمهم القبول؛ لأن في هذا منة، وهم لا يجب عليهم الحج بأنفسهم؛ لأنهم ليس عندهم شيء.
ويرى آخرون: أنه يلزمهم القبول؛ لأن منة الأب على ابنه ليست كمنة الرجل الذي هو بعيد عنه.
لكن لو كانوا يعلمون أن أباهم سوف يقول بين حين وآخر: أهذا جزائي! أحج بكم وأفعل وأفعل وتفعلون كذا، فلهم أن يمتنعوا ولا يحجوا.
الجواب: التمتع هو أن يحرم الإنسان بالعمرة في أشهر الحج ناوياً الحج، فإن أتى بعمرة في أشهر الحج ولم يطرأ على باله أنه سيحج، ثم رجع إلى بلده وبدا له أن يحج وأتى بحج مفرد فهو مفرد وليس بمتمتع، كذلك لو أتى بالعمرة ناوياً الحج متمتعاً بها إلى الحج، ثم عاد إلى بلده، ثم رجع إلى الحج محرماً بالحج فإنه ليس بمتمتع؛ وذلك لأنه فصل بين العمرة والحج بالرجوع إلى بلده، وأنشأ للحج سفراً مستقلاً كما أنه أتى بعمرة في سفر مستقل، وبناءً على هذا إذا رجع من بلده لابد أن يحرم من الميقات الذي يمر به أولاً.
السائل: الإحرام من جدة يا فضيلة الشيخ؟
الشيخ: الإحرام من جدة لأهل جدة لا بأس، وغيرهم يجب أن يحرم من أول ميقات مر به إذا كان يريد الحج أو العمرة.
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يلبس إحراماً مطيباً لا بالمسك، ولا بدهن العود، ولا بالريحان، ولا بالورد؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس).
أما بالنسبة لتطييب بدنه عند الإحرام فهذا من السنة أن يطيب رأسه ولحيته؛ كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الشيخ: يعني: أنها لا تعطي أحداً من الزكاة إلا إذا كان يؤدي الصلاة؟
السائل: وبالذات صلاة الفجر.
الشيخ: يعني: هي تقول هكذا؟
السائل: إي نعم.
الشيخ: ولكنهم مستحقون للزكاة؟
السائل: نعم.
الشيخ: لا يحل لها هذا.
السائل: وهم يصلون محافظون على الصلوات لكن الفجر قد يتساهل أو قد ينام.
الشيخ: أقول: لا يحل لهذه اللجنة أن تشترط في إعطاء الزكاة أن يكون مستحقها مستقيماً، هذه زيادة قال الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ [التوبة:60] وهذا فقير مستحق، فلا يحل لها ذلك، وليس من شروط استحقاق الفقير: أن يكون عدلاً. لكن تعطيه وتحثه على الاستقامة فلعله يستقيم.
الجواب: لا أرى أن تحج، حتى الفريضة لا تجب عليها في هذه الحال؛ لأن قلبها سوف ينشغل بابنتها، وسفرها بابنتها صعب، فلتبق والعام القادم إن شاء الله تحج.
الجواب: هذه ملخبطة. على كل حال هو يقول: هل يجوز أن يحرم بالقران في يوم عرفة؟
والجواب: نعم؛ لأنه إذا أحرم بالقرآن دخلت العمرة بالحج وصارت الأفعال للحج، وكما أنه يجوز أن يحرم مفرداً بالحج يوم عرفة، فكذلك يجوز أن يحرم قارناً ولا إشكال في هذا، لكن لو قدم الإنسان مكة في اليوم الثامن فهل يتمتع أو لا؟
الذي أرى أنه لا يتمتع؛ لأن الله قال: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة:196] وهذا يدل على أنه لا بد أن يكون هناك وقت بين العمرة والحج يتمتع بها، وأنت الآن مأمور بأن تخرج إلى منى فما بقي لك إلا نسكان: إما القران وإما الإفراد.
الجواب: أقول: بارك الله تعالى في سعي الحملات إذا أخلصت النية لله عز وجل ونوت راحة الحجاج، وهو أمر مطلوب، فالذي ينبغي من أصحاب الحملات ألا يستغلوا الفرصة في زيادة النفقات إلا ما دعت الضرورة إليه؛ لأن بعض الحملات تقول: إن الخيام في منى ارتفعت أسعارها فيرفع السعر من أجل هذا، والإنسان لا بد أن يكون له ربح، لكن التبرر بالناس غلط، ثم إني أشير على إخواني أصحاب الحملات أن يصطحبوا معهم طالب علم، إن كانت السيارات واحدة فالواحد يكفي، وإن تعددت السيارات فينبغي أن يجعلوا مع كل سيارة طالب علم يوجههم ويرشدهم، ويرجعون إليه عند المشاكل.
الجواب: أرى في هذا: أنه يجب على كل إنسان أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر سواءً في الحج أو في غير الحج؛ لأن النصوص عامة، لكنها في الحج قد تكون أوكد؛ لأن الله تعالى قال: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197].
وأما الآية الكريمة فالله تبارك وتعالى قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105] ومن لم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في موضعه فإنه لم يهتد، لكن إذا عجز الإنسان عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهنا لا يتعب نفسه، بل عليه نفسه ولا يضره من ضل، فتفسير الآية هو هذا، ولهذا قال أبو بكر رضي الله عنه: (أيها الناس! إنكم تقرءون هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105] وإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه، أو قال: بعقاب من عنده) والآية صريحة: (لا يضركم من ضل) بشرط: إذا اهتديتم، ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع وجوبه فما اهتدى.
الشيخ: لا بأس بهذا؛ لأن أخذ الحج عن غيره لا تضره شيئاً، بل ربما يعطى قدراً من المال أكثر مما ينفقه فيحصل له زيادة.
الشيخ: على هيئة ماذا؟
السائل: على هيئة إزار دائري على الجسم مخيطاً فهل يكون مخيطاً أم لا؟
الشيخ: أنا أرى أن يخيط الرداءين بعضهما ببعض، ثم يلبسه اللباس المعتاد.
الجواب: الصدقة بالمال الموصى به إذا لم يعين الميت الحج أفضل؛ لأنه ينتفع بها الفقير بدون عوض، والحج لا يحج إلا بعوض، فالصدقة أفضل، إلا إذا كان الموصي نص في الوصية على الحج فيتبع ما نص عليه.
الجواب: هذه غلط؛ لأن القاعدة: أن الإنسان إذا مسح على شيء تعلق الحكم به، فإذا مسح على الكنادر (الحذاء) ثم خلعها وأراد أن يتوضأ فلا بد أن يتوضأ وضوءاً كاملاً بغسل رجليه، ولهذا نقول: الأفضل في مثل هذه الحال أن يجعل المسح على الجوارب أعني: على الشراب من أجل أن يكون حراً من جهة الحذاء.
السائل: وما حكم فعله هذا؟
الشيخ: الذي فعل أرجو ألا يكون به بأس؛ لأنه قد قيل به من بعض العلماء، لكن في المستقبل لا يفعل.
الجواب: لا يجب عليهم أن يحجوا عنه؛ لأن من عجز عن تكميل نسكه بموت فلا يكمل له، والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في الرجل الذي وقصته ناقته يوم عرفة: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) ولم يأمرهم أن يكملوا النسك عنه، فهذا الرجل قدم على ربه ونسأل الله له العفو.
الجواب: هذا لا يجوز، لا بد أن تعين لمن هذه الذبيحة، فمثلاً: إذا كان في الحملة ثلاثون رجلاً واشترى لهم ثلاثين شاةً؛ فليكن بين يديه قائمة بأسمائهم، وكلما قدم شاةً قال: هذه عن فلان؛ لأنه لا بد من التعيين، أما أن يذبح الثلاثين عن ثلاثين رجلاً فلا يصلح هذا.
الجواب: لا يضحى عنه؛ لأنه إذا وصل إلى حد ليس عنده تمييز؛ فإنه لا يجوز أن يتبرع أحدٌ بشيء من ماله، والأضحية تبرع، ثم مثل هذا الرجل ربما يكون البيت فيه أحد من أولاده الكبار يضحي عنه وعن والده وأهل بيته.
الجواب: نعم. كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسوق الهدي في العمرة والحج، وأحياناً يرسل بالهدي من المدينة وهو في المدينة ، وهذه السنة تركها الناس، والذي يظهر لي أن تركهم إياها من أجل المشقة، حتى الرعاة ربما لا يجد راعياً يسوقها من الحل أو من بلده إلى مكة، فمن أجل هذه المشقة تركت، ولكن لو أن أحداً كان حول الحرم أعني: في الحل وهو حول الحرم وساق الهدي فهذا طيب.
الجواب: أولاً نسأل: هل هذه الشجرة مما غرسه الآدمي، أو مما أنبته الله بغير فعل آدمي؟
إن كانت الأولى فليس فيها شيء ولو كانت في جوف مكة ولو كان الإنسان محرماً، وإن كانت الثانية أي: أنها نبتت بغير فعل الآدمي فننظر هل هي في عرفة ، أو داخل حدود الحرم؟
إن كانت في عرفة فلا حرج؛ لأن قطع الشجر لا علاقة له بالإحرام، وإن كانت داخل الحرم كـمزدلفة ومنى فإن قطع الأشجار التي أنبتها الله حرام، ولكن هذا الرجل يقول: إنه جاهل، والجاهل لا شيء عليه، جميع محظورات الإحرام، بل جميع المحرمات في الشريعة إذا فعلها الإنسان جاهلاً فلا شيء عليه لا إثم ولا فساد نسك ولا جزاء؛ لقول الله تبارك وتعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله تعالى: قد فعلت. ولقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5] ولقول الله تعالى في الصيد: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ [المائدة:95].
فخذ يا أخي المسلم هذه القاعدة من رب العالمين عز وجل: كل محرم تفعله ناسياً أو جاهلاً فليس عليك شيء إطلاقاً، الرجل يأكل وهو صائم ناسياً صومه صحيح، يأكل بعد الفجر ولم يعرف بطلوع الفجر صومه صحيح، كل المحرمات إذا فعلها الإنسان جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه، الرجل يتكلم في الصلاة وهو لا يدري أن الكلام فيها حرام صلاته صحيحة.
الجواب: أرى: أن اتباع الأسهل أولى، والآن إذا ذهب ورمى بعد الزوال قد يكون فيه مشقة شديدة، ولا سيما الذين معهم نساء فسيشق عليهم، وربما يغمى على المرأة فيبقى الإنسان متعب النفس والبدن، والحمد لله هذه سنة بعد الزوال مباشرة وقبل الصلاة ولك أن ترمي بعد العصر، ولك أن ترمي بعد المغرب، ولك أن ترمي بعد العشاء، ولك أن ترمي في آخر الليل إلى أن يطلع الفجر.
الجواب: لا أرى جواز هذا، أرى أنه يجب أداء الأمانة، وأرى أنه يجب الصدق، وأنت إذا أخذت ورقة من الحملة وهي كذب فقد خنت الدولة من جهة وكذلك كذبت، والحملة لا يحل لها أن تعطيك، وقد بلغني أن بعض الحملات تأخذ مائة ريال أو مائتين حسب حالته وتعطيه، وهذا لا يجوز، والواجب أن يكون المؤمن صريحاً، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً).
الجواب: هذه مسألة اختلف فيها العلماء، والذي ترجح عندي أخيراً: أنه لا عبرة بالكدرة ولا بالصفرة إلا ما كان أثناء الحيض، يعني: مثلاً امرأة عادتها خمسة أيام رأت في اليوم الثالث كدرة أو صفرة نقول: هي تبع الحيض، أما امرأة أتتها الكدرة والصفرة قبل أن ينـزل الدم فهذه الكدرة والصفرة لا عبرة بها، وامرأة أخرى طهرت من الحيض وانقطع الدم وبقيت الصفرة والكدرة -أيضاً- لا حكم لها.
الجواب: الهدي سنة كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أهدى مائة بعير عليه الصلاة والسلام عن سبعمائة من الضأن صلى الله عليه وسلم، وذبح منها ثلاثة وستين بيده على قدر عمره الشريف، وأعطى علياً فنحر الباقي، ثم أمر من كل بعير بقطعة فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها، وهذا مما يؤكد أكل الإنسان من هديه وأضحيته، لكن لو أن الإنسان كان رب البيت وحج فعليه هدي، يعني: المشروع بحقه الهدي، ولا بأس أن يبقي لأهله دراهم يشترون بها أضحية فيضحون بها.
الجواب: نعم. هذا ليس بشيء، فالقطر بعد الطهر لا تعتبر شيئاً، وقد مثل ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالرعاف، قال: [إذا نزل من المرأة ما يشبه الرعاف بعد الطهر فليس بشيء].
الجواب: نعم. أنا أحث إخواني على الدعاء لإخوانهم المسلمين في الشيشان سواءٌ في العشر أو قبل العشر، أحثهم على الدعاء لهم في السجود، وبعد التشهد قبل التسليم، وكذلك فيما بين الأذان والإقامة، وكذلك في جوف الليل، بإلحاح وافتقار إلى الله عز وحل؛ لأنهم في محنة نسأل الله تعالى أن يفرج عنهم، ونسأل الله تعالى أن يدمر الروس تدميراً يكون عبرةً للعالمين وما ذلك على الله بعزيز، القلوب بيد الله، فقد تتنافر قلوب الروس الطغاة حتى يقتل بعضهم بعضاً، أسأل الله أن يجعلها حرباً شعواء في أسواقهم وبيوتهم.
الجواب: المرأة ليس لها ثياب معينة في الإحرام، تلبس ما شاءت غير ألا تتبرج بالزينة، ولها أن تغير الثياب لوسخ أو نجاسة أو غير ذلك، وكذلك الرجل له أن يغير لباس الإحرام، لكن الرجل معروف أن له لباساً خاصاً في الإحرام وهو الإزار والرداء، لكن لو أراد أن يغيرها فلا حرج، إما لوسخ أو نجاسة أو لغير ذلك من الأسباب.
الجواب: أما القصر في السفر فهو سنة مؤكدة لا ينبغي للإنسان تركها، إلا من كان في بلد فيجب عليه أن يصلي مع الجماعة.
وأما الجمع فالأفضل للمسافر أن يجمع إذا جد به السير، أعني: إذا كان مستمراً في سيره، أما إذا كان جالساً فالأفضل ألا يجمع، وإن جمع فلا حرج عليه.
ولكن إذا ائتم الإنسان برجل يتم وجب عليه الإتمام لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا).
الجواب: ليس للمرأة أن تصوم وزوجها حاضر إلا بإذنه، لا الإثنين ولا الخميس، ولا الأيام البيض، ولا عشر ذي الحجة إلا بإذنه، ولكن لا ينبغي للزوج أن يمنعها من الخير فيكون في نفسها شيء، وهو إذا رخص لها في الصوم فقد أعانها على خير والإعانة على خير خير، فأشير على الزوج أن يأذن لها أن تصوم، وأما إذا أصر ولم يأذن فإنه لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه.
الجواب: نعم. نرجو هذا؛ لأن اجتماعكم على سماع الميكرفون كاجتماع الناس على مكبر الصوت، أنتم الآن تستمعون الهاتف كما يستمع الناس بالميكرفون، فأنتم إن شاء الله نرجو لكم الأجر والثواب.
الجواب: أنا لا أقول صلى الله عليه وآله، أقول: صلى الله عليه وعلى آله.
ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه لما قالوا: علمنا كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) قال أهل العلم: آل النبي أتباعه على دينه.
السائل نفسه: وكذلك في التشهد يا فضيلة الشيخ.
الشيخ: وكذلك في التشهد: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد).
الجواب: ضحى الإنسان ونسى أن يسمي هل تبقى الذبيحة حلالاً أو لا؟
الجواب: ليست حلالاً؛ لأن الله تعالى قال: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام:121] وأطلق، وهنا شيئان:
الأول: فعل الذابح.
والثاني: فعل الآكل.
لو ذبح ولم يسم الله فلا إثم عليه لقول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] لكن بقي فعل الآكل، الآكل لا يجوز أن يأكل وهو يعلم أنه لم يذكر اسم الله عليها، وقد نهاه الله عن ذلك، لكن لو فرض أن الآكل أكل ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه، وهذا الذي قررناه هو مقتضى الأدلة القرآنية والنبوية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
قد يقول قائل: يذهب على الإنسان مال كثير، إذا فرضنا أنها بعير مثلاً؟ نقول: الحمد لله إذا ذهب فقد ذهب بأمر الله: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام:121] وإذا ذهب فإنه لن ينسى بعد اليوم التسمية أبداً، لأنه يذكر أنه فات عليه هذه الذبيحة. أرأيت لو أن إنساناً صلى محدثاً ناسياً فليس عليه شيء في الصلاة لأنه ناس، لكن يجب عليه أن يعيدها لفوات الشرط، وقد أشبعنا الكلام على هذه المسألة في كتابنا الأضحية والذكاة، لو رجعت إليه لكان خيراً.
الجواب: إذا كان هؤلاء يخشون أنهم إذا دفعوا لم يصلوا مزدلفة إلا بعد منتصف الليل فلا بأس أن يصلوا المغرب والعشاء في عرفة، وأما إذا كانوا لا يخشون هذا فلا يصلون إلا في مزدلفة ما لم يخشوا خروج الوقت، فإن خشوا خروج الوقت قبل الوصول إلى مزدلفة انحازوا جانباً ووقفوا وصلوا.
السائل نفسه: المبيت ليلة التاسع في عرفة ؟
الشيخ: المبيت ليلة التاسع في عرفة لا بأس به لا حرج، لكن الأفضل أن يكون المبيت ليلة التاسع في منى .
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر