إسلام ويب

اللقاء الشهري [74]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • هذا اللقاء عبارة عن جلسة محاسبة لما قدمه الإنسان طيلة العام، هل قام بما أمره الله عز وجل من الواجبات واجتنب ما نهاه عنه من المحرمات، أو أنه قصّر فيما أمره الله به، وارتكب ما نهاه الله عنه؟ ومما تناوله هذا اللقاء: التحذير من غيبة العلماء والأمراء، وبيان أن غيبتهم ليست كغيبة عامة الناس.

    1.   

    وقفة محاسبة

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    أيها الإخوة: هذا هو اللقاء الأول من هذا العام من اللقاءات الشهرية التي تتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذا اللقاء هو ليلة الأحد التاسع عشر من شهر محرم عام (1421هـ).

    أسأل الله تعالى أن يجعله لقاءً مباركاً نافعاً، هذا اللقاء كما علمتم الآن تم بعد صلاة العشاء، ولكن نظراً لكون الليل يقصر رأينا أن نقدمه في المستقبل فنجعله بعد صلاة المغرب؛ حتى يسهل على من جاءوا إلى البلد الرجوع إلى بلدهم مبكرين، وحتى لا يطول اللقاء في الليلة القصيرة، فعزمنا -إن شاء الله تعالى- في المستقبل أن يكون اللقاء بعد صلاة المغرب.

    هذا اللقاء نذكر فيه إخواننا ماذا ختموا به العام الماضي؟ من الناس من ختمه بالحج إلى بيت الله الحرام (ومن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) ومن الناس من لم يحج ولكن صام يوم عرفة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن يوم عرفة: (إنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) ولكن مع ذلك لا نتكل على الأماني؛ لأن الإنسان قد يقصر في صومه وقد يقصر في حجه، فلنتأمل هل نحن فيما مضى من عامنا السابق قمنا بالواجب؟ الواجب لله والواجب لعباد الله .. هل نحن قصرنا في العمل السابق؟ هل علينا واجبات لم نقم بها؟ هل نحن أدينا الزكاة التي هي حق لله وحق للعباد؟ قد نكون مقصرين في أداء الواجب من الزكاة .. هل نحن أدينا ما يجب علينا لأقاربنا من النفقات أو لأزواجنا من النفقات؟ هل نحن أمسكنا عن أعراض المسلمين ولم نغتب أحداً ولم ننم إلى أحد، أم أن الأمور على خلاف ذلك؟

    فيجب علينا -أيها الإخوة- أن نحاسب أنفسنا عما مضى، أما المستقبل فهو إلى الله عز وجل، ولكن يجب على الإنسان أن يعزم عزيمة صادقة على أنه سيلتزم بما أوجب الله عليه لله أو لعباد الله، وليستعن بالله، وليقرأ قول الله عز وجل: أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ [الشورى:13] وهذا من أهم الوصايا كما قال الله عز وجل: شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى:13] يجب أن نعزم العقد من الآن على أن نكون أمة واحدة .. على أن يكون هدفنا واحداً .. على أن يكون منهجنا واحداً .. على أن تكون قلوبنا متآلفة صافية، ليس فيها حقد على أحد ولا بغضاء لأحد من المسلمين، وعلينا إذا سمعنا عن أحد ما يقال عنه أن نتأكد أولاً هل هذا حق أو ليس بحق؟ فكم من شيء ينقل عن الشخص من قول أو فعل ولا يكون له أساس من الصحة، فلنتثبت أولاً هل وقع هذا الشيء أو لا؟ مثلاً: لو قيل لنا: إن فلاناً لا يصلي مع الجماعة، فهل نأخذ هذا بدون تثبت؟ لا. نتثبت أولاً، ثم إذا ثبت لدينا أنه مخل بواجب الجماعة فإننا لا نتخذ من هذا سبيلاً إلى غيبته والتشمت به، وإلقاء العداوة والبغضاء في قلوب الناس بالنسبة له، علينا أن ننصحه، ولكن كيف النصيحة؟ النصيحة إما أن يذهب الإنسان إليه في بيته، أو يدعوه في بيته ويتكلم معه بالرفق واللين والترغيب والترهيب، فإن استقام فهذا المطلوب، وإن لم يستقم برئت الذمة منه وصار الإثم عليه.

    1.   

    التحذير من غيبة العلماء والأمراء وبيان أقسام العلماء

    كذلك قد نسمع عن بعض العلماء أخطاءً وليس أحدٌ معصوم من الخطأ، فهل نأخذ بما سمعنا دون تثبت؟ لا. لا بد للإنسان أن يتثبت؛ لأن هذا الناقل قد يكون فهم كلام العالم خطأً، وقد يكون سأل عن شيء ليس هو الذي يريد فأخطأ في التعبير فأجاب العالم على حسب ما سمع، والعالم إنما يجيب على حسب ما يسمع؛ لأنه لا يعلم ما في القلوب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما أقضي بنحو ما أسمع) هذا وهو الرسول عليه الصلاة والسلام .. (فمن اقتطعت له من حق أخيه شيئاً بغير حق فإنما أقتطع له جمرة من النار فليستقل أو يستكثر).

    وإذا ثبت عن العالم ما نقل عنه فهل نطيل ألسنتنا بسب هذا العالم؟ لا. لا نفعل؛ لأن هذا لا يجدي من الحق شيئاً، وربما تأخذ العالم العزة بالإثم فيزداد في ما هو عليه من الخطأ، إذاً العلاج أن نذهب إليه -إلى هذا العالم- بأدب وبأسلوب رفيع ونقول: بلغنا عنك كذا وكذا فما وجهه؟ نرجو أن تبين لنا وجه ذلك؛ لأنك عندنا في منزلة عالية لعلمك وفضلك، فأخبرنا، إذا أخبر بوجهة ما قال وكانت الوجهة حقاً؛ فالواجب علينا أن نقبل ما قال وأن ندافع عنه في المجالس، ونقول: إنما قال كذا لكذا وكذا، فننقذ سمعة الرجل ونبين الحق.

    واعلموا -يا إخواننا- أن غيبة العلماء ليست كغيبة عامة الناس؛ لأن غيبة العالم لا شك أنها تؤثر عليه، لكن تؤثر على شيء أهم وهو ما يحمله من العلم من علم الشريعة؛ لأن الناس إذا لم يثقوا بالعالم لم يقبلوا قوله حتى لو قال الصواب، فتكون أنت إذا اغتبت العالم جنيت على العالم وعلى الشريعة؛ لأن الناس لا يثقون بقوله بعد هذا. كذلك الأمراء وولاة الأمور، ليست غيبتهم كغيبة غيرهم، وليست غيبة غيرهم كغيبتهم؛ لأنك إذا اغتبت ولاة الأمور أو نشرت معايبهم بين الناس كرههم الناس، وصاروا إذا أمروا بالحق قال الناس: هذا باطل، وتمردوا عليهم، وماذا يحصل للأمة إذا تمردت على أمرائها؟ تحصل الفوضى، وربما يصل الأمر إلى أن تسيل الدماء، ولا يخفى علينا جميعاً ما وقع في بعض البلاد العربية بناءً على هذا، والواجب علينا إذا سمعنا وتأكدنا عن الأمراء ما لا ينبغي أن نناصحهم، أن نبذل لهم النصيحة، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) هؤلاء خمسة:

    أولاً: النصح لله عز وجل بأن تخلص له الدين، ولا تريد بالعبادة ما سوى الله عز وجل، لا تريد أن يمدحك الناس؛ فإن مدح الناس لا ينفعك ولا يضرك، لا ينفعك إلا ما كتب الله لك.

    ثانياً: النصيحة لكتاب الله وهو القرآن .. أن تصدق بأخباره، وأن تمتثل أوامره وأن تجتنب نواهيه، وأن تذود عنه تحريف المبطلين وغلو الغالين، القرآن كلام الله عز وجل وهو أمانة بين أيدينا يجب علينا أن نذب عنه وأن ندافع عنه.

    ثالثاً: النصيحة للرسول .. بالإيمان بأنه رسول الله حقاً، وأن نصدق خبره، وأن نمتثل أمره وأن نجتنب نهيه صلوات الله وسلامه عليه، فهو الإمام وهو القدوة والأسوة.

    رابعاً: لأئمة المسلمين.. وأئمة المسلمين هم الذين يقتدي بهم المسلمون إما بالتشريع وإما بالتنفيذ، وهم العلماء والأمراء، العلماء أئمة يدعون الناس إلى كتاب الله عز وجل هم المقدمون في هذا، والأمراء أئمة، ولهذا من له السلطة العليا يسمى الإمام، فهم الأئمة ينفذون شريعة الله، وحينئذٍ يكون من الإمام الأول في الأئمة هم العلماء؛ لأن الأمراء يجب عليهم أن يتبعوا الحق الذي قاله العلماء، إذاً فالحقيقة أن الإمامة بيد العلماء، والمراد بالعلماء: العلماء الربانيون الذين هم العلماء حقيقة؛ لأنك إذا تدبرت أحوال العلماء وجدت أنهم ثلاثة أقسام:

    الأول: عالم ملة.

    الثاني: عالم دولة.

    الثالث: عالم أمة.

    الأول: عالم ملة .. وهو الذي ينشر الملة ويبينها للناس ويعمل بها، ولا تأخذه في الله لومة لائم، هو يريد إقامة الملة لا غير، حتى إنه ليفتي أباه فيقول: يا أبت! هذا حرام، يا أبت! هذا واجب، ويفتي السلطان ويقول: هذا حرام وهذا حلال، لكن بالحكمة.

    الثاني: عالم دولة .. ينظر ما تشتهيه الدولة فيحكم به ويفتي به حتى لو خالف نص الكتاب والسنة، وإذا خالف نص الكتاب والسنة شرع في تحريفه، وقال: المراد بكذا كذا وكذا، فحرف الكتاب والسنة لإرضاء الدولة.

    الثالث: عالم أمة .. ينظر ماذا يريد الناس العامة فيفتيهم بما يستريحون إليه، حتى ولو كان على حساب نصوص الكتاب والسنة، ولذلك تجده يتتبع الرخص لإرضاء العامة، ويقول: هذه مسألة خلافية والأمر واسع. سبحان الله! الأمر واسع والله يقول عز وجل: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59] كيف تقول: هذه فيها خلاف وأمرها واسع؟! والله إن الأمر ضيق، وإذا وجد الخلاف يجب أن يحقق الإنسان في المسألة أكثر وأكثر حتى يتبين له الصواب، أما كونه يسترخي ويقول: هذه مسألة خلافية، والأمر واسع، وباب الاجتهاد مفتوح، وما أشبه ذلك، فهذا خطأ، الواجب أن يتبع الإنسان ما دل عليه الكتاب والسنة سواءٌ أرضى الأمة أم أسخطها، والله عز وجل يقول: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ [القصص:65] ما قال: ماذا أجبتم العامة؟ ماذا أجبتم الدولة؟ مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ [القصص:65].

    فليتق الله العالم إذا نوقش في مسألة قال فيها بخطأ ليتق الله وليتبع الحق، وليعلم أنه إذا تبع الحق بعدما تبين فإن ذلك والله رفعة له، وليس كما يخيله الشيطان أنه إضاعة له، بعض الناس يقول: إذا رجعت إلى فلان وفلان في المناقشة يعني أنني مهزوم ومغلوب، ولكن الواقع أنه هازم نفسه غالب على نفسه الأمارة بالسوء، ارجع إلى الحق أينما كان، وخذه من أي مصدر، ألم تعلموا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو أرجح الناس عقلاً وأصوبهم صواباً أمر أن يستشير الناس، فقال الله عز وجل: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران:159] وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنه إذا شاور سوف يرجع إلى الرأي الصواب سواءٌ كان رأيه أو رأي غيره. فعلى المسلم أن يتقي الله عز وجل وأن يتبع الحق أينما كان، وأن يعلم أنه بتواضعه ورجوعه إلى الحق يزيده الله تبارك وتعالى رفعة وعزة في الدنيا والآخرة.

    أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا جميعاً ممن رأى الحق حقاً واتبعه، اللهم اجعلنا ممن رأى الحق حقاً واتبعه، ورأى الباطل باطلاً واجتنبه، ولا تجعل ذلك ملتبساً علينا فنضل يا رب العالمين.

    اللهم إنا نسألك في هذا الجمع أن تنصر إخواننا في الشيشان ، اللهم انصرهم، اللهم ثبت أقدامهم، اللهم اغفر لموتاهم، اللهم اجمع شمل أحيائهم، اللهم إنا نسألك بعزتك وقوتك وقهرك أن تدمر دولة الروس، اللهم دمرها تدميراً يكون عبرةً للناس، اللهم فرق جمعهم، اللهم شتت شملهم، اللهم اهزم جندهم، اللهم أبدلهم بعد القوة ضعفاً، وبعد العزة ذلاً، وبعد الغنى فقراً، وبعد الاجتماع تفرقاً، وبعد الائتلاف تمزقاً، اللهم اجعل بأسهم بينهم يا رب العالمين، اللهم أقر أعيننا بهزيمتهم عاجلاً غير آجل، إنك على كل شيء قدير.

    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    حكم من أتى جماعة يصلون وهو قد صلى

    السؤال: يأتي بعض الإخوة إلى اللقاء وفضيلة الشيخ يصلي فبعضهم يجلس خارجاً، وبعضهم يصلي تحية المسجد، وبعضهم يجلس، فما الحكم يا فضيلة الشيخ؟

    الجواب: إذا جاء الإنسان إلى جماعة فإنه يدخل معهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة الفجر في مسجد الخيف عام حجة الوداع، فوجد رجلين لم يصليا فسألهما عن ذلك، فقالا: (صلينا في رحالنا، فقال: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة) فإذا دخلت المسجد وهم يصلون فصل معهم حتى لو كان في المغرب.

    شرح حديث: (من غسَّل يوم الجمعة واغتسل ...)

    السؤال: فضيلة الشيخ! أرجو من فضيلتكم بيان هذا الحديث: عن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في غسل يوم الجمعة: (من غسَّل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ؛ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحيهما والحاكم وصححه وهو في صحيح الألباني.وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من جاء في الساعة الأولى من يوم الجمعة فكأنما قرب بدنة، وفي الساعة الثانية كأنما قرب بقرة... ) الحديث. متى بداية الساعة الأولى؟ وهل بداية يوم الجمعة من طلوع الفجر أم من طلوع الشمس؟ أرجو توضيح ذلك جزاك الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء ونفع بك.

    الجواب: أما الحديث الأول: (من غسَّل واغتسل، وبكر وابتكر، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ؛ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها) الحديث من حيث الإسناد لا بأس به ولا مطعن فيه، لكن من حيث ترتب الثواب العظيم على ذلك قد يستغربه بعض الناس، ولكن -يا أخي- لا تستغرب فضل الله عز وجل، فقد يكون العمل عملاً قليلاً وله ثواب كثير، وفضل الله تعالى واسع، لكن ما معنى: غسَّل واغتسل؟ معناها: غسَّل بتنظيف الجسم، واغتسل أي: بالغ في ذلك، أو اغتسل كغسل الجنابة، وبكر وابتكر أي: بالغ في البكور، ودنا من الإمام واضح، واستمع ولم يلغ أيضاً واضح. فاحرص -يا أخي- على أن تغتسل يوم الجمعة؛ لأن غسل الجمعة واجب على كل بالغ، والدليل على وجوبه قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) هذا الحديث أخرجه السبعة البخاري وأبو داود ومسلم والنسائي وابن ماجة والإمام أحمد رحمه الله، كلهم أخرجوه .. (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) هذا كلام الرسول عليه الصلاة والسلام.

    وهل تجدون أحداً أعلم بشريعة الله من رسول الله؟ لا. هل تجدون أحداً أنصح لعباد الله من رسول الله؟ لا. هل تجدون أحداً أفصح فيما يعبر به عما في نفسه من رسول الله؟ لا. كل الخلق لا يدانون الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا .. هل تجدون أحداً أعلم بما يقول من رسول الله؟ أبداً، وقد قال: (غسل الجمعة واجب) ثم علقه بوصف يقتضي الإلزام وهو البلوغ، فقال: (على كل محتلم) وإنني أعتقد لو جاءت هذه العبارة في كتاب من كتب الفقه لكان الشارحون يقولون: إن المؤلف يرى وجوب الغسل، فكيف وقد جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟!

    ثم إذا اغتسلت فاحرص على أن تبادر وتبكر في الساعة الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة .. (من جاء في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن جاء في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن جاء في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن جاء في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن جاء في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة). وابتداء الساعات هذه من طلوع الشمس، واقسم ما بين طلوع الشمس إلى مجيء الإمام على خمسة أقساما، سواء طالت المدة أم قصرت؛ لأن الزمن يختلف بين الشتاء والصيف.

    الفتور وعلاجه

    السؤال: هل تمر على الإنسان ساعات يشعر فيها بالفتور؟ وما علاجه؟

    الشيخ: هذا أمر لا بد منه، فالإنسان لا يمكن أن يكون على حالٍ واحدة دائماً في النشاط والعبادة وطلب العلم، لا بد كما جاء في حديث حنظلة : (ساعة وساعة) ولكن على الإنسان أن يكون حازماً، وأن يجعل فتوره تقوية لمستقبله، ولا يجعل الفتور سبيلاً إلى الفتور الآخر، وإلا فلا يمكن أن يكون الإنسان دائماً جاداً بل لا بد من راحة للجسم وراحة للعقل وراحة للفكر.

    عورة المرأة عند النساء والرجال

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما هي حدود عورة المرأة عند الرجال وعند النساء؟

    الجواب: اقرأ قول الله عز وجل: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] يتبين لك: أن لباس النساء لباس ساتر يصل إلى الكعب؛ لأن قوله: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] دليل على أن الثياب قد وصلت إلى أسفل الساق؛ لأن الذي يخفى من الزينة هو الخلخال وشبهه.

    عورة المرأة مع الرجل إذا كان من محارمها فما يظهر غالباً كالوجه والكفين والذراعين والرأس والرقبة والساقين، هذا لا بأس أن ينظر الرجل إليه، وليس معنى ذلك: أن المرأة تلبس لباساً قصيراً؛ لأن هناك فرقاً بين اللباس وبين النظر، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا الرجل إلى عورة الرجل) ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: للمرأة أن تلبس ما تستر بين السرة والركبة فقط. ولا يعقل أبداً أن نساء الصحابة يجلسن بعضهن إلى بعض والمرأة ليس عليها إلا سروال من السرة إلى الركبة، هذا لا يمكن أن يقوله عاقل فضلاً عن عالم يعرف هدي الصحابة رضي الله عنهم.

    ثم نقول: يلزم من هذا القول أن تكشف المرأة عن ثديها، وهذا لا يفعله حتى نساء الغرب، بل تضع على الثدي سنديانات لئلا ترى، فهل يعقل أن نساء الصحابة يكن أشد تهتكاً من نساء الغرب؟! ثم على فرض أن هذا مقصود، بمعنى: أن المرأة يجوز لها أن تلبس هذا أمام المرأة الأخرى، هل يليق أن ينشر ذلك في وقت الناس فيه ليسوا مقبلين على التستر بل بالعكس؟ وإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لـمعاذ : (أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً، قال معاذ : يا رسول الله! أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا) مع أن المسألة مسألة عقيدة وعبادة، فكيف نقول للناس الآن: المرأة تنظر إلى ما عدا ما بين السرة والركبة، ونقول للأخرى: البسي ما يستر السرة والركبة، كيف نقول هذا؟! هذا فتح باب شر خطير جداً، ولذلك استنكر كثيرٌ من النساء هذا الفهم، وهو فهمٌ خاطئ؛ لأن لدينا امرأتين: ناظرة ومنظورة، والنبي صلى الله عليه وسلم خاطب الناظرة ولم يخاطب المنظورة، فالمنظورة معروف أنها قد كست بدنها كاملاً، حتى إن أم سلمة لما ذكرت خروجها للسوق، قالت: يا رسول الله! تنكشف الأقدام، فرخص للمرأة أن تنـزل ثوبها إلى ذراع، فالمهم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخاطب المنظورة وإنما خاطب الناظرة، والناظرة ربما تنظر إلى عورة أختها إذا كانت مثلاً تسبح، أو إذا كانت تقضي حاجتها، أو إذا كانت خلعت ثوبها لسبب من الأسباب، فلا يجوز أن تنظر إلى عورتها، أما أن نقول للمنظورة: البسي ما يستر ما بين السرة والركبة فقط، فهذا خطأ على الحديث، وليس هذا معنى الحديث.

    حكم أشرطة الفيديو التي فيها صور مدبلجة لحيوانات

    السؤال: هناك أشرطة فيديو فيها صور مدبلجة لحيوانات وغيرها تحكي قصصاً تربوية تاريخية خاليةً من الأغاني والموسيقى، فما حكم هذه الأشرطة؟ وما رأي فضيلتكم فيمن يروون قصصاً للأطفال خيالية فيها حث على آداب الإسلام مثلاً؟

    الجواب: هذه الصور المدبلجة هل هي صور على أشكال مروعة يخشى على عقول الصبيان منها أم لا؟ إن كانت الأولى فهذا لا يجوز؛ لأن الواجب أن نجنب أبناءنا كل ما يشوش على عقولهم، أما إذا كانت صور معقولة وفيها تربية فهذا لا بأس به، لكن بشرط ألا تنسب القصة إلى شخص معين وهو لم يقلها أو لم يقم بها، وما زال العلماء رحمهم الله يضربون الأمثال فيقولون: هذا رجل فعل كذا وفعل كذا، ولكنه ليس واقعاً، إنما يقصدون التصوير والتقريب.

    حكم ستر صاحب المعصية

    السؤال: حديث: (من ستر على أحد ستر الله عليه) هل يجوز لنا أن نستر على الزاني وشارب الخمر؟ وإذا كان الجواب بنعم فكيف ننكر المنكر؟ وهل نتغاضى إذا رأينا منكراً؟ أفيدونا حفظكم الله.

    الجواب: أما إذا بلغت الأمور إلى المسئولين فلا يجوز التستر، لكن قبل ذلك ينظر: هل هذا الرجل كان مستقيماً وحصلت منه فلتة، وربما إذا نصح يتوب إلى الله عز وجل، فهذا الأولى أن يستر، وأما إذا كان لو ستر لتمرد وازداد شره، فهذا لا يجوز ستره، بل يجب أن يرفع إلى ولاة الأمور ليقيموا عليه ما يجب عليه من العقوبة.

    حكم من دخل في طواف الإفاضة بين الحجر والكعبة

    السؤال: حججت في أحد الأعوام وكان الحج فرضاً وعندما كان طواف الحج مع الزحام الشديد دخلت في هذه الأشواط بين حجر إسماعيل والكعبة، فهل علي شيء؟ وجزاكم الله خيراً.

    الشيخ: ما هذا الطواف الذي دخل فيه بين الحجر والكعبة؟

    السائل: طواف الحج، طواف الإفاضة.

    الجواب: هذه مشكلة، معناه: أن الرجل إلى الآن حل التحلل الأول فقط، ويجب عليه أن يذهب إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة، ثم إن شاء أحرم من الميقات بعمرة وطاف وسعى وقصر ثم طاف طواف الإفاضة عن حجه السابق، وإن شاء طاف طواف الإفاضة فقط ورجع.

    ثم إننا ننصح إخواننا الحجاج وغيرهم ألا يبقوا هذه المدة بدون سؤال، قد يتعلل بعض الناس فيقول: ما طرأ على بالي أني أخطأت لكن بعدما سمعت من الناس عرفت الخطأ، فنقول: الله يعين هؤلاء ويعين العلماء أيضاً؛ لأن هذه تحدث مشاكل عند العلماء، ولذلك لو سألت عالمين أو ثلاثة تجد بينهم اختلافاً في هذا، ثم إن السائل يقول: حجر إسماعيل، وهذا خطأ، الحجر هنا ليس حجر إسماعيل، وإسماعيل لم يعلم به ولم يدفن به، هذا الحجر لما هدمت قريش الكعبة وأرادت أن تبنيها قصرت عليهم النفقة، فأرادوا أن يخرجوا بعض الكعبة من البناء ورأوا أن الجهة الشمالية أولى؛ لأنه ليس فيها الحجر الأسود، فحطموها وأخرجوا منها نحو ستة أذرع ونصف، وأما إسماعيل فلا علم له بها ولم يدفن بها، ولا يمكن أن يدفن بها وهي بيت الله عز وجل التي يؤمها المسلمون من جميع أقطار الدنيا، فتكون قبلتهم قبر آدمي.

    فبلغ الرجل هذا وقل له: يذهب إلى مكة الآن ويقوم بما يجب.

    حكم النذر إذا لم يسم

    السؤال: امرأة تقول لأبنائها: علي نذر ألا تفعلوا كذا، فيفعلوا وهي لم تسم، فماذا عليها؟

    الجواب: أولاً: ننهى عن النذر؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنه وقال: (إنه لا يأتي بخير، وإنه لا يرد قضاءً) حتى إن بعض أهل العلم حرم النذر؛ لأن الإنسان يلزم نفسه بما لا يلزمه.

    ثانياً: بالنسبة لقضية المرأة عليها كفارة يمين؛ لأن هذا النذر حكمه حكم اليمين، فتطعم عشرة مساكين أو تكسوهم أو تعتق رقبة، فإن لم تجد صامت ثلاثة أيام متتابعة.

    حكم غسل الجمعة على من استيقظ قبل مجيء الإمام بقليل

    السؤال: هل يجوز لمن قام من النوم قبل صلاة الجمعة بقليل أن يذهب ويصلي بدون غسل؟

    الجواب: إذا قدر أن الإنسان نسي أو نام ولم يذكر أو لم يستيقظ إلا قبل مجيء الإمام بقليل، بحيث يتخلف لو بقي يغتسل، فهنا يسقط الغسل؛ لأن الغسل للجمعة فرع، فلا يمكن أن يضاع الأصل من أجل الفرع.

    حكم من أسقطت جنينها وقد نفخ فيه الروح

    السؤال: فضيلة الشيخ! هذه والدتي في قلق حيث حملت في الشهر السادس وكانت مريضة بسبب حمل الجنين، ودخلت المستشفى وأخرجوها وقالوا: إن كان مريضاً سينـزل، فذهبت إلى إحدى النساء فكوتها؛ لأن من حولها من النساء قالت: اكتوي، فإذا كان الجنين مريضاً نزل، وإن كان سليماً سيرتفع، ثم شربت نشا المحلبية فسقط الجنين فصاح حوالي خمس دقائق فمات، ووالدتي في حيرة، وقد كانت مريضة جداً حتى نزل الجنين، فهل عليها حرج؟ وهل عليها إثم في ذلك؟

    الجواب: عليها حرج، ثم حرج، ثم حرج، وإثم، ثم إثم، ثم إثم؛ لأن الجنين إذا بلغ أربعة أشهر لا يمكن تنـزيله إطلاقاً حتى لو أن أمه هلكت فليكن؛ لأن الإنسان كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: (يجمع الخلق في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك) هذه أربعة أشهر (ثم يبعث إليه ملك فينفخ فيه الروح) وإذا نفخ فيه الروح لا يمكن تنـزيله إطلاقاً؛ لأنه لو نُزِّل لكان هذا يعني قتل نفس بغير حق، فإذا قال أحد: لو بقي في بطن أمه لهلكت وإذا هلكت يهلك.

    فالجواب: أولاً: لو هلكت الأم قد لا يهلك الجنين إذا كان عندها من يعمل العملية مباشرة ويخرج الولد، فقد يسلم، فموته ليس محققاً.

    ثانياً: إذا قدر أن الأم ماتت فهل ماتت بفعلنا؟ لا. هذا من الله عز وجل، لكن لو نزلنا الجنين ومات فقد مات بفعلنا وهذا لا يجوز.

    على هذه المرأة الآن أن تصوم شهرين متتابعين، أما مسألة الدية فهذا بينها وبين وارث الجنين ولا نتكلم فيها، ولكن عليها الكفارة أن تصوم شهرين متتابعين، فإن قالت: إنها لا تقدر، فلا شيء عليها؛ لأن الله تعالى لم يذكر بدلاً عن صيام الشهرين في القتل، فإذا عجزت عن الواجب سقط عنها.

    حكم من حج فوقف بعرفة ومزدلفة ولم يكمل بقية الحج

    السؤال: فضيلة الشيخ! حدث معي قبل عشر سنوات ولم أكن متزوجة في ذلك الوقت، فقد كنت زائرة إلى مكة في أشهر الحج، ثم نويت الحج في بداية شهر ذي الحجة فأحرمت من منـزل عمي بـمكة، وفي صباح يوم عرفة طفت بالبيت ثم ذهبت إلى عرفة وشهدت ذلك اليوم، ثم انصرفت إلى مزدلفة سيراً على الأقدام وبت في مزدلفة، وبعد صلاة الفجر ضيعت عمي في مزدلفة إلى مغرب ذلك اليوم، وبعد الغروب نزلت إلى مكة وبت في المنزل دون أن أكمل أركان الحج لا رمياً ولا مبيتاً ولا طوافاً، وفي نهاية شهر ذي الحجة عدت إلى القصيم، فماذا أصنع الآن؟

    الجواب: مشكلة يا إخوان، هذه المرأة الآن لم تأت بطواف الإفاضة؛ لأن طواف الإفاضة وقته بعد الوقوف بـعرفة ومزدلفة، إذاً الطواف لاغي، لم تفعل إلا الوقوف بـعرفة ومزدلفة، فعليها الآن أن تتجنب جميع محظورات الإحرام؛ لأنها لا تزال في إحرام، وتذهب إلى مكة وتطوف وتسعى، وما تركت من واجب الرمي أو المبيت فعليها دم لكل واحد، فعليها للرمي دم وللمبيت دم.

    أكرر الجواب: يجب الآن أن تذهب إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة وتسعى للحج، وعليها دم لترك المبيت، ودم لترك الرمي، ودم ثالث لترك طواف الوداع.

    حكم لبس العباءة الواسعة الأكمام

    السؤال: ما حكم لبس العباءة ذات الأكمام الواسعة، علماً أنها تكون ساترة لليد وغير مزركشة؟

    الجواب: الذي أرى: أن الذي ينبغي لنسائنا أن يكون لهن شخصية إسلامية، وأن يبقين على العباءة المعتادة التي تكون على الرأس؛ لأنها أستر، والعباءة التي تكون على الأكتاف تبين الأكتاف وتبين طول الرقبة من قصرها، ثم هي فتح باب للتوسع، فلن تقف النساء على هذا الحد ما دام فتح لهن الباب، فأرى أن تبقى المرأة على لباسها الأول للعباءة التي تكون على رأسها وبقية بدنها.

    حكم صلاة المسبل

    السائل: ما حكم صحة القول: بأن صلاة المسبل حري ألا تقبل؟ وهل هذا يكون أعلم من آكل الربا والزاني والعاق لوالديه نأمل توضيح ذلك، وجزاكم الله خيراً.

    الجواب: يرى كثيرٌ من العلماء أن المسبل ثوبه أو سرواله أو مشلحه إذا صلى لا تقبل صلاته؛ لأنه صلى بالثوب المحرم عليه، ولكن القول الراجح عندي: أن صلاته مقبولة إلا أنه آثم.

    وأما المقارنة بينه وبين عقوق الوالدين وقطيعة الرحم فلا يمكننا هذا؛ لأن هذه الأمور تعود إلى الله عز وجل، فتقدير الثواب والعقاب إلى الله عز وجل.

    حكم ركوب المرأة مع السائق الأجنبي

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل ركوب المرأة مع الرجل الأجنبي لوحدها داخل المدينة يعتبر خلوة؟

    الجواب: أرى أن هذا خلوة، ركوب المرأة مع السائق الذي ليس بمحرم لها خلوة محرمة داخلة في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) (وما من رجل خلا بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) وهذه الخلوة أخطر من الخلوة في الحجرة؛ وذلك لأن السائق يتلاعب بعقل هذه المرأة، ويزين لها السوء، ويلين لها القول، ويذهب بها حيث شاء في البراري والقفار، فخطر هذا عظيم، فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تركب مع سائق ليس بمحرم لها ولو كانت في البلد.

    من قتل له قتيل فهل يقتل القاتل أم لا؟

    السؤال: فضيلة الشيخ! إذا كان الرجل يعيش في بلاد لا تطبق حدود الله وقتل ولده، ومعلوم أن القاتل في تلك البلاد لا يقتل وإنما يسجن عدة سنوات ثم يخرج، فماذا يفعل والد المقتول الذي يقول الله فيه: فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً [الإسراء:33] هل له أن يعتدي عليه؟ أفيدونا مأجورين.

    الجواب: هذا السؤال لا نجيب عليه هنا، لكن إذا سألنا عنه سائل أخبرناه بما عندنا حول هذا الموضوع، وأنت تعرف أنه لو أن ولي المقتول قتل القاتل حصل بذلك شر كبير، إذ يأتي أولياء القاتل الذي قتل فيعتدون على الآخرين وتنتشر الدماء، فالمسألة هذه خطيرة، وعلى الإنسان الذي قتل له قتيل في بلد لا يحكم فيها بكتاب الله عز وجل أن يصبر ويقول كما قال الأول:

    ومن لم يمت بالسيف مات بغيره     تنوعت الأسباب والموت واحد

    أما أن يفعل فعلاً تكون فيه فتنة وشر وبلاء فلا يفعل.

    حكم إخراج الصغير من الصف في الصلاة

    السؤال: هل يجوز للإمام أن يخرج الصغير دون السابعة من الصف؟

    الجواب: لا يجوز للإمام ولا لغير الإمام أن يخرج الصغير من الصف، إلا إذا كان في ذلك ضرر بحيث يكون منه أصوات مزعجة أو تردد بين الصفوف، أو ما أشبه ذلك، فحينئذٍ له إخراجه، ولكن يتصل أولاً بوليه الذي في المسجد ويقول: يا فلان، إن ولدك مثلاً أو أخاك حصل منه كذا وكذا، وأنت بسكوتك عنه تكون آثماً. أما إذا لم يكن منه شيء فلا، بل يبقى الأطفال في أماكنهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو أحق به) وأما قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى) فالمراد: أمر العقلاء البالغين أن يكونوا يلون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إلا لو قال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا يلني إلا أولوا الأحلام. قلنا: اطردوا الصغار، لكن قال: ليلني، وهو أمر وليس نهي، أمر هؤلاء أولي الأحلام والنهى أن يتقدموا حتى يلوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    ثم إن طرد الصغار له تأثير نفسي عليهم، فيكرهون الذي طردهم، ويكرهون المسجد، ويكرهون الجماعة، ويؤثر عليهم في المستقبل، والصغير لا ينسى، اذكر -مثلاً- نفسك عندما كنت صغيراً وضربك أحد فلن تنساه.

    العدل بين الأولاد

    السؤال: هل من العدل بين الأولاد -بنين وبنات- في شراء ما يحتاجون، أم يكون الشراء حسب الحاجة؟

    الجواب: شراء ما يحتاجون بمعنى شراء حسب الحاجة، السؤال ما يختلف، لكني أقول لك: يجب العدل بين الأولاد إلا ما يحتاجه أحدهم دون الآخر، فمثلاً: لو كان عند إنسان ثلاثة أولاد أحدهم قد بلغ أن يتزوج، فهنا يزوجه ولا يعطي الآخرين مثله؛ لأنه لم يبلغ أن يتزوجوا، وإذا كان عنده بنت وولد، فالولد يحتاج إلى غترة أو طاقية بعشرين ريال -مثلاً- لكن البنت تحتاج إلى حلي بمائة ريال أو مائتين، فيعطيها ويعطي هؤلاء ما يحتاجون إليه، وأما إذا أعطاهم شيئاً فوق الحاجة فإنه لا يجوز إلا أن يسوي بين الذكور وبين الإناث، ويكون للذكر مثل حظ الأنثيين.

    جواز غيبة الفاسق لتبيين حاله

    السؤال: هل صحيح أنه لا غيبة لفاسق؟ ومن هو الفاسق الذي تحل غيبته إذا كان ذلك حلالاً؟

    الجواب: هذا ليس بحديث، ومراد قائله: أنه يجوز للإنسان أن يبين ما في الفاسق من العيوب من أجل إصلاحه لا من أجل الشماتة به، أو من أجل التحذير منه إذا خاف أن يغتر الناس به، هذا معنى هذه المقالة.

    بيان لخطر التفحيط

    السؤال: فضيلة الشيخ! يكثر في بلادنا الشباب الذين همهم التفحيط والسرعة والتطعيس وإيذاء المسلمين، ولذلك يحصل أحياناً -بل كثيراً- حوادث يحصل فيها وفيات، فهل يعتبر هذا من الانتحار؟ وما دور أولياء أولئك الشباب وتمكينهم من تلك السيارات؟ ثم ما حكم ذلك الرجل هل يحل له أن يعفو عن كل من أساء إليه بحادث ونحوه؟

    الجواب: هذا ليس من الانتحار؛ لأن الانتحار أن يقصد الإنسان قتل نفسه وهذا ما قصد، لكن لا شك أنه من السفه ومجانبة الصواب، ونصيحتي لأولياء أمور هؤلاء: أن يتقوا الله عز وجل، وألا يمكنوا أولادهم من هذا الفعل الذي يجني عليهم أضراراً نفسية وأضراراً مالية وعدواناً على الغير، وليخش هؤلاء من زوال النعم، فإن النعم إذا لم تشكر زالت، رزقنا الله وإياكم شكر نعمته وحسن عبادته.

    كيفية سماع الإذاعات التي فيها الخير والشر

    السؤال: فضيلة الشيخ! هناك إذاعة تبث من خارج المملكة معظم ما فيها أغاني وموسيقى، ولكنهم جعلوا شيئاً من الفتوى فانكب الناس عليها سماعاً، فما حكم استماعها علماً أنه يوجد بها ذلك البلاء؟

    الجواب: على كل حال: من المعلوم أن الإذاعات تجعل الخير وتجعل الشر، فإذا كنت تأمن على نفسك من استماع الشر واستمعت الخير فلا بأس؛ لأن هذا الراديو -مثلاً- أو التلفزيون أمره بيدك، إذا شئت أغلقته وإذا شئت فتحته، فإذا كان به خير فلا حرج أن تستمع إلى الخير بشرط أن تأمن على نفسك؛ لأن بعض الناس يقول: أنا أريد أن أسمع الفتاوى والأخبار وما أشبه ذلك، ولكن ما يزال به الشيطان حتى ينهمك في سماع الأشياء المحرمة.

    حكم الجمع لمن سيصل بلاده قبل دخول وقت الصلاة الثانية

    السؤال: مسافر يعلم أنه سيصل إلى بلده قبل دخول وقت الصلاة الثانية، فهل يجوز أن يجمع بين الصلاتين؟ مثاله: إنسان غابت عليه الشمس وهو في السفر وأراد أن يجمع العشاء إلى المغرب، فهل هذا جائز؟ وهل الجمع لمن كان جاداً في السفر؟

    الجواب: هذا جائز؛ لأنه ما زال في السفر، لكن الأفضل ألا يفعل إذا كان يظن أو يغلب على ظنه أنه سيصل إلى بلده قبل دخول وقت العشاء أو بعده ولكن يمكن الوقت؛ وذلك لأن الجمع رخصة عند الحاجة سواءٌ في السفر أو في الإقامة.

    ويجوز الجمع للجاد في السير وغير الجاد؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجمع وإن كان نازلاً، كما في حديث أبي جحيفة في نزول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الأبطح عام حجة الوداع، قال: (فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من قبة كانت من أدم حمراء، ووضعت له العنزة فتقدم فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين) فظاهر الحديث أنه جمعهما، وكذلك في تبوك جمع بين الصلاتين وهو نازل.

    لكن يقال: القصر أفضل للمسافر من حين يخرج من بلده إلى أن يرجع إليها، ما لم يصل مع إمام يتم، والجمع رخصة لا ينبغي فعله إلا عند الحاجة إليه، وإن فعله المسافر فلا حرج.

    الثواب لا قياس فيه

    السؤال: ورد في الحديث: (من جلس في مصلاه بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس كان كحجة وعمرة تامة تامة) أو كما ورد في الحديث، هل معنى ذلك: أن من فعل هذا فله مثل أجر الحج والعمرة، أم كيف ذلك؟

    الجواب: أولاً: هذا الحديث فيه مقال، فإن كثيراً من الحفاظ ضعفوه.

    ثانياً: على تقدير صحته فالثواب لا قياس فيه، قد يثاب الإنسان على عمل قليل ثواب عمل كثير؛ لأن الثواب فضل من الله عز وجل يؤتيه من يشاء.

    حكم صيام يوم عاشوراء دون صيام يوم قبله أو بعده

    السؤال: لي طفلة في العاشرة من عمرها صامت يوم عاشوراء ولم تصم قبله ولا بعده فما حكم ذلك يا فضيلة الشيخ؟

    الشيخ: ما شاء الله! ما لها إلا عشر سنوات؟!

    السائل: نعم. عشر سنوات.

    الجواب: ما شاء الله! لا حرج عليها؛ لأن صوم يوم قبله أو يوم بعده على سبيل الأفضلية فقط.

    حكم المماطلة في قضاء الدين

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم شراء القرض ممن خرج له قرض من البنك العقاري؟ وما حكم من لم يسدد إلى الآن وهو حالٌّ عليه وقادر على السداد؟

    الجواب: أما الأول: فلا نرى الجواز، إلا إذا ذهب إلى الجهة المسئولة وتنازل الأول للآخر.

    وأما تأخير الوفاء مع القدرة عليه فإنه محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مطل الغني ظلم) والمطل معناه: التأخير في الوفاء، والعجب من بعض الناس -اللهم اهدنا فيمن هديت- أنهم يقولون: إن مال الحكومة ليس له حرمة، ويماطلون في حق الحكومة، وهذا خطأ، فمال الحكومة له حرمة؛ لأن المال الذي في بيت المال للمسلمين عموماً، كل إنسان له فيه حق، ولكن لا يستقل به واحد دون الآخر، فلذلك نصيحتي لهذا الأخ الذي أخر وماطل: أن يتقي الله عز وجل، وأن يوفي الأقساط التي حلت عليه مع القدرة على ذلك، وما يدريه لعله يموت غداً أو بعد غد ثم يبقى معلقاً بدينه، والدين ليس بالسهل، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل أن يفتح الله عليه، كان لا يصلي على من عليه دين، حتى أنه قدم له رجل من الأنصار، فلما خطا خطوات قال: (هل عليه دين؟ قالوا: نعم، فتأخر وقال: صلوا على صاحبكم) انظر يا أخي! النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أرأف الخلق بالخلق يقول: (صلوا على صاحبكم. فقال أبو قتادة رضي الله عنه: الديناران عليَّ، قال: حق الغريم وبرئ منه الميت؟ قال: نعم. فتقدم وصلى) وسأله رجل: (هل يكفِّر القتل في سبيل الله؟ قال: نعم. يكفِّر كل شيء، ولما انصرف قال: تعال، أتاني جبريل وقال: إلا الدين) فالاستشهاد في سبيل الله لا يكفر الدين.

    وتهاون بعض الناس الآن بالدين خطأ عظيم، تجد الواحد منهم يستدين من أجل أن يشتري سيارة فخمة، ويجد سيارة بثلاثين ألفاً فيقول: لا. أشتري بسبعين ألفاً، أو يجد فراشاً يكفي بيته بخمسين ألفاً، فيقول: لا، أريد أن أشتري بمائة ألف، وهذا لا شك أنه من السفه وأنه خطأ.

    العوام يقولون مثلاً جيداً: مد رجلك على قدر لحافك. إنسان لحافه قصير ورجلاه طوال فلا يمد رجليه بل يضمهما حتى يكون الغطاء على جميع الجسم.

    الآن:

    أزف الترحل غير أن ركـابنا     لمّا تزل برحالنا وكأن قد

    انتهى الوقت المقرر، وإلا لقاء قادم إن شاء الله تعالى، ومن كان له سؤال ولم يجب عنه فالتلفون [3642107]

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768032633