إسلام ويب

جلسات رمضانية لعام 1410ه[1]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • رمضان شهر كريم، وفرصة غالية يجب استغلالها في تكثير الحسنات والتقرب إلى رب السماوات بجميع أنواع النوافل والطاعات، وفي هذه المادة بيان منزلة هذا الشهر العظيم وفضله، والحث على الإكثار من الصلوات، وقراءة القرآن، وفضل تناول السحور.

    1.   

    استغلال شهر رمضان للتزود من الأعمال الصالحة

    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلَّغ النبي صلى الله عليه وسلم الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وأظهره الله تعالى على ما سواه، حتى ملكت هذه الأمة مشارق الأرض ومغاربها، وهذا من نعمة الله عز وجل، فصلوات الله وسلامه على محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    أيها الإخوة الكرام: فإن الذي نصر أوَّل هذه الأمة، وأظهر دينها على جميع الأديان، ودك به صروح كسرى وقيصر وغيرهم من أئمة الكفر، قادر على أن ينصر آخر هذه الأمة؛ لأن سنة الله تعالى في عباده واحدة، ولكن الناس إذا أضاعوا أمر الله أضاعهم الله، وإذا نسوا الله نسيهم الله، وإلا فلو رجعنا رجوعاً حقيقياً إلى ربنا عز وجل لوجدنا النصر والكرامة والعزة، ولكن مع الأسف الشديد أن كثيراً من المسلمين أضاعوا أمر الله فأضاعهم الله عز وجل.

    أيها الإخوة الكرام: إن الإنسان في هذه الحياة الدنيا لن يعمَّر، ولن يبقى، فهو موجود من العدم، وصائر إلى العدم، وإن الساعات التي تمر بالإنسان في هذه الدنيا كأنها لحظات، بل هي لحظات: لحظة تتلوها لحظة، وهكذا إلى أن يصل الإنسان إلى آخر نهايته، وهذا أمر يشعر به كل واحدٍ منا.

    لقد مضى على رمضان العام الماضي اثنا عشر شهراً برمضان، يعني: بعد رمضان أحد عشر شهراً كلها مضت، ومع ذلك فكأنها أحد عشر ساعة، كأننا بالأمس القريب نصلي رمضان عام (1409هـ)، والآن نصلي عام (1410هـ)، وما هي إلا لحظات زالت، وهكذا أيضاً ما بقي من أعمارنا سوف يزول بهذه السرعة، إذاً فالواجب علينا -أيها الإخوة- أن ننتهز هذه الفرصة، أن ننتهز فرصة وجودنا في الدنيا حتى نعمل للآخرة، والعجب أن الذي يعمل للآخرة ينال الدنيا والآخرة، والذي يعمل للدنيا يخسر الدنيا والآخرة، لا أقول ذلك من عند نفسي ولكني أقول ذلك بكتاب الله، قال الله عز وجل: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97] الحياة الطيبة الدنيا.. وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97] في الآخرة.

    أما عكس ذلك فاستمع: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً [الكهف:103-105].

    أيها الإخوة الكرام: إذا علمنا هاتين الحقيقتين، وهما:

    أولاً: سرعة الدنيا وزوالها، وأنها تمضي لحظة بعد أخرى، حتى يأتي الإنسان الموت، وعلمنا أيضاً أن الكاسب والرابح هو المؤمن، وأن من لم يكن مؤمناً عاملاً بالصالحات فهو خاسر، استدللنا لذلك بالواقع وبكتاب الله عز وجل، فإنه جدير بنا أن ننتهز فرصة وجودنا في هذه الدنيا لأننا لابد أن ننتقل، لابد أن نُذكر كما كنا نَذكر غيرنا، الذين كانوا من قبلنا وأدركناهم، كانوا يتحدثون كما نتحدث، ويخبرون كما نخبر، وأصبحوا الآن خبراً من الأخبار.

    بينا يرى الإنسان فيها مخبراً     حتى يرى خبراً من الأخبار

    هو في الأول مخبر ويكون خبراً يخبر عنه: فلان رحمه الله، هذا هو الحقيقة.

    إذاً فلننتهز -يا إخواني- هذه الفرصة لا سيما في المواسم، مواسم الخيرات التي جعلها الله لعباده، كالأسواق التجارية بل هي التجارة حقيقة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:10-11].

    علينا أن ننتهز هذه الفرصة، رمضان متى يأتي؟ ربما يموت الإنسان قبل أن يدركه رمضان الثاني، كما تعلمون أن هناك أناساً كانوا معكم في العام الماضي الآن هم في قبورهم مرتهنون بأعمالهم، لا يملكون أن يزيدوا حسنة في حسناتهم ولا أن ينقصوا سيئة من سيئاتهم، هذا الذي مر عليهم ربما يمر عليك، بل قطعاً سيمر عليك، لكن ربما يمر عليك قبل أن يعود إليك رمضان، إذاً: فانتهز الفرصة! ونحن الليلة في الليلة الثالثة من رمضان انظروا سرعة ذهابه، يعني: مضى منه يومان كاملان، ونحن الليلة في الليلة الثالثة، وسيمر سريعاً فلننتهز هذه الفرصة.

    1.   

    الحث على الطاعات في ليالي رمضان

    التعبد لله بالإفطار

    أولاً: في الليل، يبدأ الإنسان ليله بالتقرب إلى الله تعالى بأكل الفطور، الإنسان يبتدئ ليله بالتقرب إلى الله تعالى بأكل الفطور، أكل الفطور هو مما يلائم الطبيعة، لأن الإنسان يشتهي الأكل... ومع ذلك هو عبادة تتقرب بها إلى الله.

    إذاً: نبتدئ ليلنا بالتقرب إلى الله تعالى بأكل الفطور، وأنا أقول لكم ذلك من أجل أن ينوي الإنسان عند فطره أنه يفطر طاعة لله ورسوله واتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، هل منكم أحد يدرك هذه النية؟ أو إذا أذَّن وإذا هو يشتهي التمر والماء أكله تشهياً لا تعبداً، أكثر الناس هكذا، ونحن منهم نسأل الله أن يتوب علينا إلا أن يمن الله علينا بالتذكر، لابد أن يتذكر الإنسان.

    إحسان عبادة إجابة النداء والوضوء والصلاة

    ثانياً: يجيب المؤذن وهو يفطر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن) لكن في حيَّ على الصلاة تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله! يجيب ويدعو وهو مفطر، يجمع بين عبادتين، ثم بعد ذلك يخرج من بيته يمشي إلى أي شيء؟ إلى المسجد متطهراً، لا يخطو خطوة واحدة إلا رفع الله له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، يقدم رجله اليمنى، هذه سنة قولية أو فعلية؟ فعلية، ويقول: باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، هذه سنة قولية، يسأل الله أن يفتح له أبواب رحمته.

    ثم يدخل مع الإمام يصلي مع الإمام كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم، فيتقرب إلى الله في هذه الصلاة من وجهين:

    الوجه الأول: أنه يؤدي فريضة من فرائض الإسلام وهي الصلاة.

    الوجه الثاني: أنه يتابع الإمام، ومتابعة الإمام فيها أجر وعبادة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، قال: (إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا) إذاً: تكون عبادة، فيؤدي عبادتين: فريضة الإسلام، واتباع الإمام الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم باتباعه.

    أما إذا أتينا إلى الصلاة أو نظرنا إلى الصلاة، فيالها من روضة يانعة فيها من كل فاكهة زوجان، تكبير لله.. قرآن.. تسبيح.. دعاء.. هيئات متعددة كلها تنبئ عن التعظيم، أنت ترفع يديك عند التكبير تعظيماً لله.. تركع تعظيماً لله، ولهذا تقول في ركوعك: سبحان ربي العظيم، لتجمع بين التعظيم القولي والتعظيم الفعلي، إذا رفعت تثني على الله عز وجل؛ لأنه مجيبٌ لمن حمده، سمع الله لمن حمده يعني: أجاب لمن حمده، وتحمد الله عز وجل، ثم تسجد على الأعضاء السبعة، هذه الأعضاء تتناول أدنى ما في البدن وأعلى ما في البدن، ما هو أدنى ما في البدن؟ القدمان، وأعلى ما في البدن؟ الوجه، تسجد كلك، من هامك إلى إبهامك تعظيماً لله عز وجل.

    ترى أعلى ما فيك وأشرف ما فيك في مداس الناس في الأرض، والله! لو أمرك أكبر ملك في الدنيا أن تسجد له ما وافقت إطلاقاً، لأبيت أشد الإباء، لكنك ولله الحمد تنقاد وبكل سهولة، وتتلذذ بهذا أيضاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وجعلت قرت عيني في الصلاة) في سجودك تبتهل إلى الله عز وجل.

    تجتهد في الدعاء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (وأما السجود فأكثروا في الدعاء، فقَمِنٌ أن يستجاب لكم).

    ثم ترفع وتجلس بين السجدتين وتسأل الله المغفرة والرحمة والهداية، وتعيد السجود مرة ثانية.

    الله أكبر! الركوع مرة واحدة والسجود مرتين، لأن السجود أشد خضوعاً وخشوعاً، لأنك لست تنحني فقط بل تنحني وزيادة، وتضع أشرف ما فيك على الأرض ولهذا كُرِّر في الصلاة، ولم يكرر الركوع في الصلاة إلا في صلاة الكسوف، لأنها صلاة خوف ورهبة، فلهذا كرر فيها الركوع تعظيماً لله عز وجل، ثم عند ختام الصلاة تثني على الله بالتحيات، وبالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم تسلم عليه، وبالسلام عليك وعلى عباد الله الصالحين، وبالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبالاستعاذة بالله من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال.

    ما زلنا الآن في أول الليل، ما هي الصلاة التي أديناها؟ صلاة المغرب.

    فعل المباح بنية العبادة

    ثم تذهب إلى البيت راجعاً يكتب لك ممشاك حيث احتسبته على الله ذاهباً وراجعاً، وتتعشى لتتقوى على طاعة الله، ولذلك ينبغي لنا -نسأل الله أن يوقظ قلوبنا- ألا ننوي بأكلنا وشربنا مجرد التشهي، أن ننوي به:

    أولاً: امتثال أمر الله عز وجل، لأن الله أمرنا بالأكل والشرب في أي آية؟ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا [الأعراف:31].. كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ [البقرة:172].

    ثانياً: ننوي بذلك حفظ أبداننا؛ لأن بدنك أمانة عندك ائتمنك الله عليه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم:6] هذه الأمانة الدينية، والأمانة البدنية الدنيوية: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء:29].. وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] إذاً: فننوي بالأكل حفظ هذا البدن الذي جعله الله أمانة عندك نقيه الشر في الدنيا والآخر.

    ثالثاً: ننوي بذلك التنعم بنعم الله، التنعم بنعم الله قربة؟ نعم لأنه يدل على قبولك لنعمة الله عليك، قبولك لمنة الله عليك، ومعلوم أن قبول ذي المنة اعتراف بفضله عز وجل، فأنت تعترف بفضل الله، وتتمتع بنعمه، ولهذا جاء في الحديث: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه) إذاً: ويحب أن يتبسط عباده بنعمه؛ لأن الكريم يحب أن ينتفع الناس بكرمه.

    رابعاً: تنوي بذلك التقوِّي على الطاعة، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (تسحروا فإن في السحور بركة) أمرنا بالسحور من أجل التقوِّي على الصيام، فأنت تنوي بأكلك وشربك التقوِّي على طاعة الله.

    إذاً انقلبت هذه النعمة التي يتمتع بها أكثر الناس تشهياً، انقلبت عبادة، فبإمكان الإنسان الموفق أن يقلب عاداته عبادات، والغافل تكون عباداته عادات، يروح يصلي على العادة، يتوضأ على العادة، يمكن لو عاش في بيئة أخرى غير مسلمة يمكن أن يمشي على ما هم عليه عادة، لكن الموفق يجعل من عاداته عبادات.

    قيام رمضان وبعض أحكامه

    بعد هذا تذهب إلى المسجد كما قلنا في الأول تتوضأ في البيت وتسبغ الوضوء، وهنا أنبه إلى أنه يحسن للإنسان أن يتوضأ في بيته أحسن من المسجد؛ لأجل أن يخرج وهو متطهر، فإن من توضأ في بيته فأسبغ الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا وصل المسجد وصلى فإن الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة.

    تدخل في صلاة العشاء، تدخل في قيام رمضان؛ لأن التراويح قيام رمضان، لولا أننا نعتقد أنه قيام رمضان لكنا لم نقم رمضان، هو قيام رمضان تماماً، انتبه لا تظن أنه صلاة فقط مجرد هو صلاة لكن هو قيام رمضان، الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطيل فيه الصلاة، قالت عائشة رضي الله عنها لما سئلت: (كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان، قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة -رضي الله عنها وهي من أعلم الناس بصلاته- يصلي أربعا،ً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً).

    هذا الحديث إذاً أربع وأربع ثمان وثلاث إحدى عشر، لكن قولها: يصلي أربعاً، قد يحتمل أن المعنى يصليها جميعاً في تسليمة واحدة، ثم يصلي أربعاً في تسليمة واحدة، وهذا محتمل، لكن يحتمل وجهاً آخر، أنه يصلي أربعاً بتسليمتين يعني: يصلي ركعتين ثم ركعتين ثم يستريح، والدليل على هذا أمران:

    الأمر الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى) ولم يعهد من الرسول عليه الصلاة والسلام أنه صلى أكثر من اثنتين إلا في الوتر، الوتر كان يوتر بخمس أو بسبع ولا يجلس إلا في آخرها، أو بتسع ويجلس في الثامنة ويتشهد ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة ويتشهد ويسلم، لكن في الوتر ما عهد عنه أنه صلى أكثر من ركعتين، وقد قال هو عليه الصلاة والسلام قوله: (صلاة الليل مثنى مثنى) .

    والوجه الثاني: مما يؤيد هذا أنها قالت (ثم) وثم هذه للترتيب والمهلة فيجعل بين الأربع والأربع شيئاً من المهلة، ولهذا أخذ الناس هذا العمل، فصار الناس في صدر هذه الأمة يصلون أربعاً ثم يستريحون ثم يصلون أربعاً، ولهذا سميت تراويح من الراحة، ما هي تراويح بمعنى السرعة، لا، من الراحة! يصلون صلاة طويلة ثم يستريحون، يصلي أربعاً ويستريح، ويصلي أربعاً ويستريح، ثم يصلي ثلاثاً.

    وظاهر قولها رضي الله عنها أنه لا يسلم في هذه الثلاث، لأنه وتر والوتر إذا أوتر بثلاث يسردها، لكن قد صح عن ابن عمر أنه يسلم في الركعتين ويأتي بالثالثة، فإن فعلت هذا أو هذا فكله جائز، لكني أرجح أن الثلاث تكون سرداً بتسليمة واحدة.

    انتهينا من صلاة أول الليل، بعد ذلك هل يكتب للإنسان أجر إلى الفجر؟ استمع: (أقام النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ثلاث ليالٍ، فقالوا: يا رسول الله! لو نفلتنا بقية ليلتنا -يعني: لو زدت النفل هنا بمعنى الزيادة، لو زدتنا بقية الليلة انظر الهمة العالية، نحن لو أطلنا قال الناس: أطال فلان، ابحثوا عن غيره أخف منه، لكن الصحابة قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: انفلنا بقية الليلة زدنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) اللهم لك الحمد قيام ليلة وأنت نائم!

    نعم قيام ليلة وأنا نائم، هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام نعمة من الله، إذاً يكتب للإنسان الذي يقوم مع الإمام حتى ينصرف قيام ليلة كاملة قاله النبي صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    السحور .. فضله وأحكامه

    تقوم في آخر الليل تأكل وتشرب، وهذا الأكل والشرب كله خير، أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (تسحروا فإن في السحور بركة) وقال: (فصل ما بيننا وبين صيام أهل الكتاب أكلة السحور) اليهود والنصارى يصومون، لكن صيامهم هباء منثوراً بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم كفار لا ينفعهم إيمانهم، لو صاموا سنةً كاملة ليست بشيء، ولا تقبل منهم: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85] متى يتسحر اليهود والنصارى؟ في نصف الليل؛ لأن نهارهم يبدأ من نصف الليل، لكن المسلمين هم الموافقون للواقع، متى يبدأ نهارهم؟ إذا بدأ النهار وبدأ الصبح، فأوفق من يكون للواقع هم المسلمون، يصومون في النهار ويفطرون في الليل، فهل هذا السحور فيه فائدة؟ نعد الفوائد:

    أولاً: امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: تسحروا.

    ثانياً: الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه كان يتسحر، ولم يكن بين سحوره وبين صلاته إلا مقدار خمسين آية، أيضاً يؤخر السحور.

    ثالثاً: أن في هذه الأكلة معونة على طاعة الله؛ لأن الإنسان إذا تسحر كفاه ذلك كل اليوم، كم تشرب كل يوم إذا لم تكن صائماً؟ كثير، لكن إذا كنت صائماً سبحان الله! الشرب الذي في السحور يكفيك، هذا من بركته قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تسحروا فإن في السحور بركة).

    رابعاً: إظهار المخالفة لليهود والنصارى؛ لأن هذا السحور هو فصل ما بيننا وبين صيام اليهود والنصارى، ولا شك أن إظهار مخالفة اليهود والنصارى مما يقرب إلى الله: (من تشبه بقوم فهو منهم) بل إغاظة اليهود والنصارى مما يقرب إلى الله، بل إغاظة كل كافر مما يقرب إلى الله، قال الله تعالى: وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ [التوبة:120] وقال الله تعالى في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه قال: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29].

    ما نصانع الكفار لأن الكفار لا يصانعوننا، ولكنا نفعل كل ما يغيظهم، نتقرب بذلك إلى الله، ونعلم أن هذا قربة لنا؛ لأن هذا لنا فيه أجر وهذا وصف محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

    الخامس: أنه فيه ما ذكرنا من قبل من فوائد الأكل، يعني: السحور أكل، فيه التنعم بنعم الله، حفظ البدن، امتثال أمر الله، وغير ذلك.

    إذاً: تسحرنا -يا إخواني- أجر أم غير أجر؟ أجر، ولكن كل هذه الأمور تحتاج إلى أن الإنسان يتذكر، أكثر الناس لا يتذكر يأكل الأكل يتنعم به ترفهاً بدنياً لا أنه يتنعم به تنعماً عبادياً، لا. إلا أن يشاء الله، إذا استيقظ الإنسان واستحضر انتفع، أما في النهار فأنت في عبادة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ميزان هذه العبادة ما هي؟ مرتبتها في الإسلام، ركن من أركان الإسلام، تقوم به من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ولو كنت نائماً، ولو كنت تبيع أو تشتري، أو تتحدث مع أصحابك، أنت في ركن من أركان الإسلام، سبحان الله!

    1.   

    فضل قراءة القرآن في رمضان

    هذه نعمة من الله عز وجل في هذا الشهر المبارك، تقرأ القرآن كل حرف من حروف القرآن فيه عشر حسنات.

    قال ابن عصفور ويروى مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) يعني: ثلاثة حروف تعتبر ثلاثين حسنة، وهذا أمر لا يدرك عدده إلا الله عز وجل، كل هذا لأنك تقرأ كلام رب العالمين عز وجل، خالق السماوات والأرض الذي هو أحب حبيب إليك، ما ظنك لو جاءتك رسالة من صديق لك، كل ساعة تطلعها من جيبك وتقرأها، كأنما تواجه صديقك أو حبيبك، أليس كذلك؟

    أنت إذا قرأت كلام الله لا شك أن المؤمن أحب شيء عنده هو الله عز وجل، يقرأ كلام الله عز وجل، من جهة التعظيم ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من قراءة القرآن في رمضان.

    وكان جبريل يدارسه القرآن وكان يقرأ في كل سنة مرة، إلا السنة التي توفي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قرأه عليه مرتين، لماذا؟ من أجل الاستثبات، وأن القرآن ولله الحمد محفوظ إلى آخر حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، لم يتغير، لا بنقص، ولا بزيادة، ولهذا قال العلماء: من أنكر حرفاً منه وهو عالمٌ به فهو كافر، حرف واحد تنكره وأنت تعلم تكون كافراً، لأنك مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين، أما الله فيقول: هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ [الجاثية:29] ويقول عز وجل: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6] هذا كلام الله! أخبر به عن نفسه، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد بلَّغ أمته، وقال هذا كلام ربي، بلغهم: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ [المائدة:67]

    أما المسلمون فأجمعوا كلهم على أن هذا القرآن الذي بين أيدينا، من فاتحته إلى خاتمته كلام الله، وأنه محفوظ، وأنه ليس فيه زيادة، وليس فيه نقص، بل هو محفوظ بحفظ الله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] فالحمد لله.

    المهم أن كتاب الله عز وجل ينبغي للمؤمن أن يكثر من تلاوته لا سيما في هذا الشهر المبارك، ولا حرج أن يجعل الإنسان لنفسه شيئاً معيناً من القرآن يحافظ عليه، سواءً في رمضان أو في غيره، لا تقل هذا بدعة، أجعل كل يوم جزءاً أو كل يوم نصف جزء أو كل يوم جزئين أو ثلاثة، لأن بعض الناس يشتبه عليه الأمر، يقول: أخشى أني لو أجعل في اليوم شيء معين من القرآن أن هذا بدعة، هذا ليس بدعة هذا تنظيم، أنا لست أتقرب إلى الله عز وجل بهذا العدد المعين جزء أو جزئين، لكن أريد أن أحفظ وأنظم قراءتي للقرآن، لأن الإنسان لو يجعل أنه كل ما فرغ قرأ يمكن يمر عليه الشهرين وما قرأ، لكن إذا جعل له شيئاً معيناً؛ جزء أو نصف جزء أو جزئين أو ثلاثة، حافظ عليه، وسهل عليه، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل) فلو أن الإنسان منا حرص على أن يجعل له شيئاً معيناً في كل يوم في رمضان، وشيئاً معيناً في كل يوم في غير رمضان، حتى ينظم نفسه بالنسبة لقراءة القرآن كان هذا حسناً وليس ببدعة.

    وهكذا يتقلب الإنسان في هذا الشهر من طاعة إلى أخرى، إذا وفق لاستغلال الفرصة، فأنا أوصيكم ونفسي في هذا الشهر بتقوى الله عز وجل واستغلال الفرصة بقدر المستطاع، مع الاستعانة بالله سبحانه وتعالى، ولهذا ينبغي لنا بل يجب علينا أن نقرن أفعالنا بالاستعانة بالله عز وجل، نقرنها بالاستعانة، الاستعانة عبادة أم غير عبادة؟ الاستعانة عبادة، إذاً أنت إذا فعلت شيئاً من العبادات مستعيناً بالله، أعانك الله ومع ذلك قربك إليه لأن الاستعانة عبادة.

    أسأل الله تعالى أن يعينني وإياكم في هذا الشهر وفي غيره، على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يثبتنا على الحق إلى أن نلقاه وهو راضٍ عنا، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    حكم التهنئة بقوله: مبروك أو كل عام وأنتم بخير

    السؤال: ما حكم التهنئة في أول الشهر بقوله: مبروك أو كل عام وأنتم بخير، فهل هي من السنة أم لا؟ الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، التهنئة بشهر رمضان لا بأس بها، وهي عادة معروفة عند الناس يتخذونها من باب الدعاء، يدعو بعضهم لبعض بهذا ولا بأس به، وقد ذكر بعض أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبشر أصحابه برمضان، يقول: (أتاكم رمضان) مبشراً لهم به، ولكن كلمة: (كل عام وأنتم بخير) هذه يظهر لي أنهم يريدون الدعاء بهذا، يعني جعلك الله في كل عام بخير، لكن لو قالوا كلمة أحسن من هذا وأخص، مثل أن يقول: بارك الله لك في الشهر وأعانك فيه على طاعته، وما أشبه ذلك لكان هذا أحسن من (كل عام وأنتم بخير).

    حكم المزاح والضحك في رمضان

    السؤال: نلاحظ على كثير من الناس ممن حسنت نياتهم أنهم يفرحون بمجيء رمضان، فيستعدون له بقلوبهم، ولكنهم إذا جاءهم رمضان فإننا لا نلاحظ عليهم أي تغير، فكلامهم يكثر فيه المزاح، وقلوبهم قبل الصلاة وبعد الصلاة وأثناء الصلاة واحدة لا تتغير إلى آخر ذلك، فماذا تنصحهم؟ الجواب: الواقع أن المسلمين يفرحون برمضان على وجهين: الوجه الأول: من يفرح برمضان لأنه ينشط في رمضان على العبادة، ويكثر من العبادة، وهذا لا شك هو الأصل، وهو المقصود، وهو الطيب. الوجه الثاني: ومنهم من يفرح برمضان لكثرة خيراته، وكثرة نعم الله عز وجل وعفوه على عباده، ولما فيه من الأسباب الكثيرة التي يغفر الله بها للإنسان كالصيام مثلاً. والذي ينبغي للإنسان أن يفرح في رمضان للأمرين جميعاً، يفرح لأنه ينشط على العبادة ويكثر منها، ويتعبد الله عز وجل بقدر ما يستطيع، ويفرح به أيضاً بما فيه من الخيرات والبركات ونعم الله عز وجل، فإن فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. وأما كون الإنسان في رمضان لا يضحك ولا يمزح مع أصحابه ولا يتحدث إليهم، فهذا ليس هو المقصود، المقصود ربما يكون ضحك الإنسان ومزحه مع إخوانه من أجل إدخال السرور عليهم، ربما يكون من العبادة أن يدخل الإنسان السرور على إخوانه. ومع ذلك فإنه ينبغي له ألا يكثر من الضحك والمزاح.

    تبييت نية الصيام من الليل

    السؤال: ما رأيكم في رجل في آخر يوم من شعبان لم يعلم بطلوع هلال رمضان ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر من أول يوم من رمضان، فهل يستكمل صومه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) هل يلزمه القضاء؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب: إذا كان هذا الإنسان نائماً على أنه إن كان غداً من رمضان فهو صائم فهذه نية صحيحة ويصح بها الصوم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى). فهذا الرجل يقول في نفسه: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، فإذا تبين أنه من رمضان فقد نوى نية صحيحة، وأما الحديث الذي أشار إليه: (من لم يبيت النية من الليل فلا صيام له) فهذا حديث تكلم العلماء فيه، وضعفه كثير من أهل العلم، ورجحوا أنه موقوف وإذا كان موقوفاً، فليس فيه دليل، ثم نقول كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن المراد بذلك من علم؛ لأن النية تتبع العلم، فمن لم يعلم فكيف ينوي؟ فيكون الإنسان الذي يعلم أن غداً من رمضان ليس له الحق أن يؤخر النية حتى يطلع الفجر؛ لأنه عالم بل لابد أن ينوي قبل أن يطلع الفجر، إذا كان عالماً وكلامنا في الشخص الذي لم يعلم.

    صفة النية المتعلقة بالصيام

    السؤال: هذا السؤال متعلق بالسؤال الذي سبق، يقول: سمعت لك جواباً في برنامج نور على الدرب أن كل يوم له نيته الخاصة به، فما هي صفة هذه النية، وهل هي قول أم نية في القلب؟ الجواب: لا أدري عن هذا السماع الذي سمعه، أنا أرى أن النية الواحدة في أول رمضان كافية عن كل رمضان، ولا حاجة إلى تبييت النية كل ليلة، إلا إذا قطع الإنسان صومه في أثناء رمضان بعذر؛ ثم أراد أن يصوم بعد زوال هذا العذر، فلابد من تجديد النية. فمثلاً: أول ليلة من رمضان ينوي الإنسان الصوم، ولو سألته هل ستصوم غداً؟ يعني بعد اليوم الأول، لقال: نعم، فهو ناوٍ من حين يدخل رمضان إلى آخر رمضان ونيته واحدة، ثم إن الإنسان إذا قام في آخر الليل، وقرَّب الأكل وأكل وشرب ناوٍ أو غير ناوٍ؟ ناوٍ، لو قيل له: صم ولا تنوِ الصيام، يستطيع أو لا يستطيع؟ لا يستطيع، كما قال بعض العلماء: لو كلفنا الله عملاً بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق، صحيح! لو أن الله قال: يا عبادي! اعملوا ولا تنووا، لا نطيق، كيف نعمل ونحن نعمل باختيارنا ولا ننوي؟ ما من إنسان يفعل باختياره إلا وهو ناوٍ. لكن مسألة أن الإنسان يقوم في آخر الليل ويتسحر معروف أنه ناوٍ، لكن لو فرضنا رجلاً نام قبل غروب الشمس اليوم، وما استيقظ إلا بعد طلوع الفجر من الغد، مضى عليه الليل كله وهو نائم، هنا يأتي الخلاف، من قال: إنه لابد أن ينوي لكل يوم من ليلته؛ فصومه على هذا غير صحيح؛ لأنه ما نوى! ومن قال: تكفي النية الأولى، قال: صومه صحيح، وهذا لا شك أنه هو القول الراجح الصحيح، لأن هذا النائم الذي نام بعد العصر اليوم، هل نيته أنه يصوم غداً أو لا يصوم؟ نيته أنه يصوم ما في ذلك إشكال، إلا إذا كان هناك عذر في أثناء الشهر، ثم يزول العذر فلابد أن يجدد النية، مثلاً: لو سافر الرجل وأفطر في سفره، ثم رجع إلى بلده، نقول: لابد أن تجدد النية؛ لأن النية الأولى انقطعت أفطرت، فلابد من أن تجدد النية، والمرأة إذا حاضت تجدد النية.

    حكم التهاون في عدم تناول طعام السحور

    السؤال: هناك بعض الناس يتهاونون في السحور حيث أنهم ينامون في الساعة الثالثة ويقولون: نقوم قبل الفجر ونشرب ماءً ويكفي ذلك، فما رأي فضيلتكم بذلك؟ الجواب: صحيح أن الأمر يكفي، أي: لو تسحر الإنسان في وسط الليل، ونام إلى قرب طلوع الفجر ثم قام وشرب كفى بلا شك، لكن الأفضل أن يؤخر السحور كله في آخر الليل، لأن هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور) أما الجملة الأولى: (عجلوا الفطر) فهي ثابتة في الصحيحين، وأما الثانية فهي مروية عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن هذا إن لم يصح من قوله فقد صح من فعله أنه كان يؤخر السحور.

    حكم استعمال بخاخ الربو للصائم

    السؤال: هل استعمال بخاخ الربو يفطر في رمضان؟

    الجواب: بخاخ الربو نوعان: النوع الأول المسدس الذي يجعل فيه حبوباً ثم يُطلق وتنفجر في الفم، وتنزل إلى المعدة هذا يفطِّر، وإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يبقى كل النهار بدونه، فإنه لا بأس أن يفطر والأمر واسع لأنه داخل في قوله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] وإذا قدر أن هذا من الأمراض المستعصية التي لا يرجى زوالها، فإنه يطعم عن كل يومٍ مسكيناً، ثم إن قدر أن الله عافاه والله على كل شيء قدير؛ فإنه لا يلزمه إعادة الإطعام ولا الصوم، لأن هذا الرجل برئت ذمته في الإطعام فلا تعود مشغولة بدون سبب.

    أما النوع الثاني من البخاخ الذي يزول فيه ضيق النفس فهو هواء غاز، لا يصل منه جرم إلى المعدة هذا لا بأس به ولو كان الإنسان صائماً ولا يفطر.

    حكم صلاة النافلة بعد الوتر

    السؤال: إذا صلى المرء صلاة التراويح وصلى الوتر، ثم خرج إلى منزله ثم ذهب إلى أحد المساجد لاستماع إحدى المحاضرات هل يصلي تحية المسجد إذا دخل ذلك المسجد؟ الجواب: هذه المسألة ينبغي أن نفهمها جيداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) ولم يقل لا تصلوا بعد الوتر، وبين العبارتين فرق، لو قال: لا تصلوا بعد الوتر، قلنا: لا تصل بعد الوتر لا في بيتك، ولا في دخول المسجد، بل يكون هناك تعارض بين هذا الحديث وحديث: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) يعني معنى ذلك أنك إذا ختمت صلاة الليل فأوتر فإذا قدر لك أن تصلي بعد ذلك فلا حرج ما دمت حين أوترت وأنت تظن أنك لن تصلي بعد ذلك فإنك إذا صليت بعده فلا حرج، مثال ذلك: رجل أوتر مع الإمام على أنه لن يصلي، ثم قُدِّر له في آخر الليل فقام، وقال: أحب أن أستغل آخر الليل بالصلاة، فصلى يجوز أم لا يجوز؟ يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل لا تصلوا بعد الوتر، قال: (اجعلوا آخر صلاتكم في الليل وتراً) وأنا قد جعلت آخر صلاتي بالليل وتراً وأوترت لكن قدر لي أن أقوم أصلي ركعتين صلاة الليل مثنى مثنى، أما إذا وجد سبب فهذا أبين وأبين، إذا وجد سبب للصلاة بعد الوتر فهذا أبين وأبين، مثلاً: أوترت في مسجدك ثم ذهبت إلى مسجد آخر ووجدت الناس يصلون ادخل معهم وصلِّ، فإن أوتروا فقم بعد الوتر وصلِّ ركعة أكمل ليكون شفعاً؛ لأنك قد أوترت من قبل، وكذلك إذا دخلت المسجد فصلِّ ركعتين تحية المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين).

    حكم التفريط في قضاء الصيام إلى بعد رمضان الثاني

    السؤال: شخص عمره ثلاث عشرة سنة وعليه قضاء ستة عشر يوماً من رمضان الفائت، ولم يبدأ بقضائها إلا في يوم اثنين وعشرين، في هذه الحالة سوف يأتي رمضان قبل إكمال الأيام فهل يقضي بعض رمضان الثاني باقي الأيام، وهل هناك فرق بين البالغ وغير البالغ في هذه الحالة، جزاكم الله خيرا؟ الجواب: نعم هناك فرق بين البالغ وغيره، وهو أنه إذا كان هذا الرجل الذي له ثلاث عشرة سنة، إذا كان لم يبلغ فلا قضاء عليه هو حر، إن شاء قضى وإن شاء لم يقضِ؛ لأن الذي دون البلوغ لا يلزمه الصوم فلا يلزمه القضاء، وأما إن كان بالغاً فإنه يلزمه القضاء ولا يجوز أن يؤخره إلى ما بعد رمضان الثاني، وعلى هذا فإننا نقول لهذا الشخص: إن كنت مفرطاً في هذا التأخير، لأنك لم تبدأ إلا بعد اثنين وعشرين من شعبان، فإن كنت مفرطاً فاستغفر الله، وإذا انتهى رمضان فأكمل الباقي عليك، ستة أيام لأنه صام من ثلاثة وعشرين إلى تسعة وعشرين الجميع سبعة أيام ويبقى عليه ستة أيام يقضيها بعد رمضان، هذا مع التوبة والاستغفار مما حصل منه.

    الأفضلية في قراءة القرآن ليلاً

    السؤال: مدارسة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم كانت في الليل، هل يؤخذ منه أن قراءة القرآن ليلاً أفضل من النهار؟ الجواب: لا شك أن قراءة القرآن في الليل في الغالب أشد حضوراً في القلب، ولا سيما إن كانت ناشئة وهي التي تكون بعد النوم، قال الله تعالى: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً [المزمل:6] ولكن هذا غير متعين بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأننا نعلم جميعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو إمام الأمة، ومتولي أمورها، وهو في النهار مشغول في شأن الخلق، وتدبير أمورهم، وفي الليل لا شك أنه أفرغ، فاجتمع في ذلك أنه أفرغ، وأنه في الغالب أحضر للقلب، فدراسة الناس الآن إذا كان في النهار أفضل لقلبه، وفي الليل يشتغل قلبه، فإنه يقرأ في النهار، وإن نظرنا إلى الغالب فالغالب أنه في الليل أحضر للقلب، وأقرب إلى التدبر.

    حكم الاشتراك في قراءة القرآن في رمضان

    السؤال: هل يؤخذ من مدارسة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم للقرآن فضيلة الاشتراك في قراءته؟ الجواب: هذا لا يؤخذ منه فضيلة الاشتراك، ولهذا لا نفضل الاشتراك على الانفراد مطلقاً، ولا الانفراد على الاشتراك مطلقاً، فإذا كان الإنسان ضعيفاً في القراءة فالاشتراك مع شخص أقرأ منه أحسن، من أجل أن يقوِّم قراءته، إذا كان يكسل أو يأتيه النعاس فاشتراكه مع غيره أحسن، من أجل إذا جاءه النعاس قرص أذنه، حتى لا يأتيه النعاس، مثل ما كان الرسول يفعل مع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عبد الله بن عباس لما أحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي قام فصلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان ينعس فكان النبي عليه الصلاة والسلام يأخذ بأذنه إذا نعس، إذا كان هناك مصلحة فالاشتراك أفضل، إذا كان الأصلح في الانفراد لأنه أقوى على التدبر، ولأنه يقرأ الكلام كله بلفظه لا باستماعه، صار الانفراد أفضل، المهم أن الانفراد أو الاشتراك لا يفضل أحدهما على الثاني بكل حال وإنما ينظر للمصلحة. السؤال: هل يحصل الفضل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم ..) الحديث، هل يحصل في الاجتماع في البيت أو المزرعة أو البر على قراءة القرآن؟ الجواب: الله أعلم، ظاهر الحديث أنه لا يحصل إلا إذا اجتمعوا في بيت من بيوت الله، وذلك في المساجد، لأنه يجتمع في ذلك شرف المكان، وشرف القرآن، أما إذا كانوا في مكان آخر فظاهر الحديث أنه لا يحصل لهم هذا.

    حكم الإفطار عند الغير لينال فضل تفطير الصائم

    السؤال: ماذا يقول فضيلتكم برجل أراد الإفطار عند أخيه المسلم، لا لشيء إلا لأجل أن يتيح لأخيه الآخر فضل تفطير الصائم؟ الجواب: هذا جيد ولاشك، لكن خير منه أن يقول لأخيه: ائتِ إليَّ وافطر معي، لكي ينال هو أجر تفطير الصائم ويسلم من أن يكون للآخر عليه منة، وربما يضيق على الآخر، فلو قال: الليل سأفطر عندك، نعم. ربما يكون ذاك في ضيق وما استعد له، أو لا يحب أن يفطر معه أحد، يحب أن يفطر هو وأهله، وإذا كان يحب هذا فأولى ما يبر نفسه، يقول: يا فلان! تفضل عندي. قد يقول هذا الأخ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وإذا كان أحب أن يفطر عندي الصائمون فأنا أحب لأخي أن يفطر عنده الصائمون، نقول: ألست أنت تحب أن يفطر عندك الصائمون؟ يقول: نعم أحب ذلك، نقول: هل تقدم بخيرك غيرك؟ لا، في مسائل العبادات أمرنا الله عز وجل بالاستباق إليها، قال: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة:148] وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ [آل عمران:133] لا تؤثر غيرك في القربات أبداً، ولهذا قال العلماء: يكره للإنسان أن يؤثر غيره بالطاعة فلا يؤثر غيره بالصف الأول ويتأخر هو مثلاً، كل طاعة لا تؤثر غيرك فيها، قالوا: لأن هذا دليل على قلة رغبته في الطاعة، لا سيما في مثل مسألتنا، تذهب تسأله أنك تأتي تأكل عنده فطوراً وعشاء، نعم. مع أن الصحيح في مسألة الإيثار أن نقول: الإيثار بالواجب حرام، والإيثار بالمستحب خلاف الأولى إلا لمصلحة، والإيثار بالمباح حلال، فالإيثارات أقسامها ثلاثة: إيثار بالواجب وهذا حرام، إيثار بالمستحب وهذا خلاف الأولى إلا لمصلحة، إيثار بالمباح وهذا يحمد عليه الإنسان: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر:9] يؤثرون بالأكل يعطون غيرهم يأكلو ولو كانوا جائعين، هذا الشيء من المباح. الإيثار بالواجب مثاله: رجل ليس معه إلا ماء قليل إن توضأ به كفاه، وإن آثر به غيره نقص عنه وبقي هو يريد يتيمم، نقول: هذا لا يجوز أن تؤثر غيرك، أنت توضأ به وجوباً، إنسان ليس عليه إلا ثوب، وأخوه عريان ولا يمكن أنه يعطيه، إلا وهو متعرٍ، نقول: لا تتعرَ، مع أن مسألة الثوب قد لا تصح مثالاً؛ لأننا نقول: صل به أولاً ثم أعطه صاحبك، لكن مسألة الماء منطبقة تماماً، مثال صحيح. والإيثار بالمستحب مثل الصف الأول، رأيت إنساناً وأنت في الصف الأول قمت من مكانك وقلت: تفضل يا فلان! هذا خلاف الأولى والفقهاء نصوا بأنه مكروه، لكن الصحيح أنه خلاف الأولى، وأنه إذا وجدت مصلحة فلا بأس، مثل لو أنك تأخرت لهذا الرجل من باب التأليف، لأن بعض الناس إذا رأى أن الناس يؤثرونه ازداد رغبة في الخير والصلاة مع الجماعة، فأنت مثلاً تفعل هذا لأجل أن تؤلفه حتى يرغب هذا طيب، أو إنسان جاء أبوه وتأخر له، هذا أيضاً طيب، لأن أباك في هذه الحالة سوف يراها لك ويحسبها من برك. أما المباح فهو معروف مثل أن تعطي غيرك الطعام وأنت تشتهيه، لكن تؤثره هذا طيب.

    إجزاء صلاة التراويح مع الجماعة عن قيام الليل

    السؤال: أنا شاب -ولله الحمد- أصلي التراويح مع الجماعة في المسجد، ولكن في بعض الأحيان أريد أن أصلي في الثلث الأخير من الليل، فهل لي ذلك؟ الجواب: الذي يظهر لي أن من قام مع الإمام حتى ينصرف لا يصلي في آخر الليل؛ لأن الصحابة أنفسهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفلهم بقية ليلتهم فقال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليل) وفي هذا -والعلم عند الله- إشارة إلى ألا يشق الإنسان على نفسه ويكتفي بصلاته مع الإمام، فإذا اكتفى بصلاته مع الإمام كفى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل قوموا أنتم، إن شئتم فقوموا الباب مفتوح، ما قال هذا، بل قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) ولكن كما نعلم أن الأئمة فيما سبق يؤدون الصلاة تماماً، يعني يمكنون الناس من الدعاء، ومن سؤال الرحمة، ومن قراءة القرآن على الوجه الذي ينبغي، بخلاف كثير من الأئمة اليوم، كثير من الأئمة اليوم -الله يهدينا وإياهم- يسرعون إسراعاً عظيماً، ما يطمئن الإنسان، ولا يدعو؛ لأنهم يحبون أن الناس يملئون مساجدهم إلا من شاء الله، والناس يحبون العجلة، غالب الناس يحب العجلة، فكثير من الناس يفعل هذا. أنا حدثني إنسان ثقة رحمة الله عليه يقول لي: دخلت مسجداً في زمان مضى-لكن الآن الحمد لله أخذ المساجد شباب طيب ملتزم، وصار يمشي أحسن من قبل- فأدركت أناساً يركضون ركضاً عظيماً، يقول: إنه دخل وصلى مع الجماعة التراويح، ولما نام في الليل، يقول: كأني دخلت هذا المسجد فوجدت أهله يحندون، الحند: مثل الرقص، كأنهم يرقصون، أي: أن صلاتهم في رؤياه صارت كأنها لعب، ليس فيها فائدة، وهذا لا شك أنه صحيح لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي لا يطمئن: (ارجع فصل فإنك لم تصل) وقال عليه الصلاة والسلام: (تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان -أي: عند الغروب هذا في صلاة العصر- قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلا).

    حكم استعمال الإبر الطبية للصائم

    السؤال: هناك امرأة أخذت في هذا اليوم إبرة في الرحم وهذه الإبرة ضرورية وهي على موعد لأخذ إشاعة ملونة، ويجب أخذ هذه الإبرة، وقد أخذت الإبرة وخرج على إثرها دم ليس بالقليل، فهل تقضي هذا اليوم؟ الجواب: الصحيح أن الإبر لا تفطر أبداً مهما كانت، إلا إذا كان يستغنى بها عن الأكل والشرب، يعني إذا كانت توضع في المريض بحيث لا يحتاج إلى الأكل والشرب فهذه نقول: إنها بمعنى الأكل والشرب، فتكون مفطرة لا يتناولها الإنسان إلا عند الضرورة، وإذا اضطر إليها تناولها وأفطر والحمد لله. وأقول لكم بصراحة: نقول لكم هذا ونحن نسأل الله أن يغفر لنا، لأن الإنسان قد يقول قياسها على الأكل والشرب قياس مع الفارق، كيف الفارق؟ يقول: الأكل والشرب يحصل فيه لذة ومتعة بالأكل والشرب بخلاف هذه، هذه تنفع الجسم كما ينفع الأكل والشرب إن قدر أن نفعها للجسم مساوٍ لنفع الأكل والشرب، لكن التلذذ في الأكل والمضغ والحصول في المعدة هذا لا يحصل بهذه الإبر، فيمكن أن يكون الأكل والشرب حرمه الله لما فيه من اللذة والتغذية، ولهذا يقولون: إن المصاب المريض تجد في نفسه شوقاً عظيماً للأكل والشرب، ولو كان يتغذى بها، إذاً ففيها نقص، لكن نحن نقول: إنها تفطر وإن الإنسان إذا احتاج إليها فإنه لا يحتاج إليها إلا في مرض، وإذا كان مريضاً فإنه يحل له أن يفطر ويقضي. أما الدم فلا يضر لأنها ليست حجامة ولم تأخذ هذا لأجل الدم. ونسأل الله أن يلحقنا وإياكم خيراً وأن يجعل عملنا صالحاً وخالصاً لله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767975800