إسلام ويب

جلسات رمضانية لعام 1412ه [2]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ذكر الشيخ في بداية جلسته بالآيات الدالة على الزكاة وفرضيتها، ثم تحدث عن عقوبة مانعيها، ثم ذكر الأموال التي تجب فيها الزكاة وفصل في أحكامها ونصابها، وعقب ذلك بدأ بالإجابة على الأسئلة المتعلقة بزكاة عروض التجارة وبعض أحكام زكاة الحلي المستعمل.

    1.   

    مسائل تتعلق بالزكاة

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء الثاني، لقاء مسجد الجامع الكبير في عنيزة في شهر رمضان، الذي كان ليلة الأربعاء. الثامن من شهر رمضان عام (1412هـ) نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله لقاءً مباركاً، وأن يكثر من اللقاءات المباركة في جميع مساجد المسلمين على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه، وهدي سلفنا الصالح رضي الله عنهم.

    لقاؤنا هذه الليلة سوف نركزه على الزكاة التي هي ثالث أركان الإسلام من حيث العموم، وثاني أركان الإسلام لمن دخل الإسلام، لأن مفتاح الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأول ركن بعد ذلك الصلاة ثم الزكاة.

    وقد فرض الله سبحانه وتعالى الزكاة في كتابه، فقال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103]، وقال: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43]، وقال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ [البينة:5].

    وقال تعالى حين ذكر أصناف أهل الزكاة: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60].

    عقوبة مانع الزكاة

    توعد سبحانه وتعالى من منعها في قوله: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [آل عمران:180]، وقال عز وجل: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:36-35] . وجاءت السنة مبينة للآية الأولى أنه ما من إنسان يؤتيه الله مالاً فلا يؤدي زكاته إلا إذا كان يوم القيامة مُثِّلَ له شجاع أقرع، قال أهل العلم: الشجاع الذكر العظيم من الحيات، والأقرع الأملس الرأس الذي ليس على رأسه شعر وذلك لكثرت سمه تمزق شعره والعياذ بالله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مثل له شجاعاً أقرع له زبيبتان -يعني: غدتان كل واحدة منهما مثل الزبيبة مملوءتان من السم، نسأل الله العافية- فيأخذ بلهزمتيه -يعني: يعض شدقيه- ويقول: أنا كنزك، أنا مالك). أما الآية الثانية: ففسرها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم -يعني: الصفائح من النار يحمى عليها في نار جهنم- فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار). ونحن إذا تأملنا الآيتين والحديث تبين لنا أن مانعي الزكاة يوبخون يوم القيامة ويعذبون، يوبخون يُقال: هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ [التوبة:35] وفي الحديث يقول: (أنا مالك، أنا كنزك) وهذا ألم قلبي. أما الألم البدني فقد عرفتم ماذا يكون من عض الشجاع الأقرع بشدقي هذا المانع من الزكاة ولكونها تكوى بها الجباه والجنوب والظهور، وهذا الوعيد الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام يدفع الوازع الديني الذي يكون في فطرة كل مؤمن حتى يقوم بأداء الزكاة، وذلك لأن النفس تميل إلى ما ينفعها وتهرب مما يضرها، فلهذا جاءت النصوص تارة بالترغيب وتارة بالترهيب وتارة بالجمع بينهما. وحينئذٍ لابد أن نعرف ما هي الأموال التي فيها الزكاة؟ وما هي الأموال التي لا تجب فيها الزكاة؟

    قاعدة في الأموال التي تجب فيها الزكاة

    الأصل والقاعدة أن الزكاة لا تجب إلا في الأموال النامية حقيقة أو حكماً، فالنامية حقيقة مثل: الثمار والزروع تنمو حتى تكمل، وكأموال التجارة التي تكسب، هذه نامية حقيقة، أما النامية حكماً كالذهب والفضة إذا كان الإنسان لا يعمل بهما، هذه لا تنمو، يعني: لو كان عند إنسان مثلاً عشرة آلاف ريال أبقاها في الصندوق فإنها لا تزيد لكنها في حكم التي تنمو، لأنه لو شاء لا تجر بها، فنمت وزادت إذاً هذا الأصل. القاعدة العريضة والأصل: أن الزكاة لا تجب إلا في الأموال النامية حقيقةً أو حكماً. الحقيقة مثل؟ الثمار والزروع والمواشي التي تنمو. الشيخ: وحكماً؟ مداخلة: مثل إنسان جمع عشرة آلاف في صندوق مثلاً. الشيخ: أنا أريد جنس المال؟ ما هو المال الذي قلناه؟ مداخلة: مثل الذهب والفضة. الشيخ: مثل الذهب والفضة إذا كان الإنسان لا يتجر بها، هذه تجب فيها الزكاة مع أنها لا تنمو، لو وضعت في الصندوق عشرة آلاف ما تزيد، هذه هي القاعدة العريضة في الزكاة. وتجب في أصناف نعدها الآن بالأصابع إن شاء الله: - الذهب. - الفضة. - عروض التجارة. - الأوراق النقدية. - الخارج من الأرض. - المواشي. كم؟ هذه ستة.

    وجوب الزكاة في الذهب والفضة

    تجب الزكاة فيهما بدون تفصيل، للحديث الذي ذكرناه حديث أبي هريرة : (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها ... الحديث) أي فرد يخرج من هذا العموم فإننا نطالب المخرج بالدليل، فلو قال قائل: حلي المرأة من الذهب والفضة هل فيه الزكاة؟

    الجواب: نعم.

    من أين نستدل؟

    من عموم هذا الحديث، حديث أبي هريرة وهو في صحيح مسلم : (ما من صاحب ذهب ولا فضة..) والمرأة التي عندها حلي هي صاحبة ذهب، ولهذا يقول الناس في عرفهم وعاداتهم: فلانة عندها ذهب، أو لها ذهب كثير، إذاً أي واحد من الناس من أبي بكر إلى أدنى عالم في عصرنا هذا إذا قال: إن الحلي من الذهب والفضة خارج عن هذا العموم فإننا نقول له: هات الدليل؟

    على أن هذا العموم أيضا مؤيد بأدلة خاصة وهي ما رواه أبو داود وغيره من أصحاب السنن من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن أبيه: (أن امرأة أتت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب -والمسكتان: هما السواران- فقال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: هل يسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار، فخلعتهما وألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ورسوله) وهذا نص في الموضوع مؤيد بالعموم.

    ومن عجبٍ أن بعض الناس طعن في سند هذا الحديث، وقد قال عنه ابن حجر في بلوغ المرام : إن إسناده قوي، وقال عنه الشيخ العلامة، شيخ عصره في هذه المملكة عبد العزيز بن عبد الله بن باز: إن سنده صحيح.

    ثم حاول آخر أن يطعن في متنه، وقال: كيف يقول الرسول للمرأة: (أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار) وهي لا تدري، وهل هذه علة؟ لا، ليست علة لسببين:

    السبب الأول: أنها قالت: لا، يعني: لا أؤديه، ويحتمل أنها عالمة ويحتمل أنها جاهلة، فإذا قلنا: إن الأصل الجهل فيرجح على احتمال أنها عالمة، قلنا الحديث يقول: (أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار إن لم تخرجي) يعني بعد قيام الحجة، وهذا واضح، فالوعيد عليها إذا علمت ولم تخرج، وحينئذٍ تنتفي العلة في متنه.

    السبب الثاني: أما قياسهم لحلي الذهب والفضة على اللباس والفرس والرقيق، ومن المعلوم أن اللباس ليس فيه زكاة بالإجماع، والفرس والرقيق ليس فيه زكاة بالنص، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة) وكلمة عبد وفرس ليست ذهباً ولا فضة.

    ونحن نقول: ما سوى الذهب والفضة من غير ما تجب الزكاة بعينه لا تجب فيه الزكاة إذا اختصه الإنسان لنفسه، ولهذا نقول: أواني البيت ليس فيها زكاة، فرش البيت ليس فيها زكاة، مكاين الفلاحة ليس فيها زكاة، لكن الذهب والفضة تجب الزكاة فيها بعينها، كما تجب في المواشي بعينها إذا تمت الشروط، ولا يصح أن يقاس على الثياب وشبهها؛ لأنه قياس في مقابلة النص، والقياس في مقابلة النص مُطَّرح؛ لأنه يعبر عنه عند الأصوليين: فاسد الاعتبار، لا عبرة به، ويدل على تناقض هذا القياس أننا نقول لهم:

    أولاً: الثوب الأصل فيه عدم الوجوب، والذهب الأصل فيه الوجوب.

    ثانياً: الثوب إذا أعده الإنسان للأجرة فليس فيه زكاة، والذهب عندكم إذا عد للأجرة ففيه الزكاة، أين القياس؟!

    ثالثاً: الثياب إذا أعدها الإنسان للقنية، اشتراها يلبسها ثم بدا له أن يجعلها للتجارة فإنها لا تكون للتجارة، وأنتم تقولون: إن الحلي إذا اشتراه للقنية ثم نواه للتجارة صار للتجارة، وهذا أيضاً تناقض.

    على كل حال: الحمد لله أن الأقيسة المخالفة للنص دائماً تكون متناقضة، مع أنها من الأصل فاسدة الاعتبار.

    ثم نقول: هب أن الأدلة متكافئة، فما هو الأصل في الذهب والفضة؟

    الوجوب. هذا واحد.

    هب أنها متكافئة فما هو الأحوط أن أخرج الزكاة أم لا؟

    أن أخرج الزكاة.

    وبهذا تبين أن الزكاة واجبة في الحلي المعد للاستعمال، سواء استعمل أم لم يستعمل بشرط أن يبلغ النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً من الذهب، وهو حسب ما قال لنا أهل الذهب: خمسة وثمانون جراماً.

    وأما الفضة فهي مثل الذهب إذا كانت حلياً وجبت فيها الزكاة كما لو لم تكن حلياً، ونصابها مائة وأربعون مثقالاً، ويبلغ بالجرامات خمسمائة وخمسة وتسعين.

    إذاً: الذهب والفضة تجب فيهما الزكاة على كل حال.

    زكاة عروض التجارة

    عروض التجارة كل شيء اتجر به الإنسان من أي نوع كان من المال، فهو أعم أموال الزكاة، كل شيء يتجر به الإنسان فهو عروض تجارة.

    حسناً! المواشي عروض تجارة، إذا كان ينتظر فيها الربح، الثياب، الأواني، العقارات، كل شيء يريد به الإنسان الاتجار يعني التكسب فهو عروض تجارة، من أي نوع من المال.

    الصيارفة الآن الذين يبيعون بالصرف تعتبر نقودهم عروض تجارة، ولهذا الصيرفي يجب أن يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب بخلاف غيره، لأن الصيرفي ذهبه وفضته عروض تجارة.

    حسناً لو كان عند الإنسان حمير يتجر بها فيها زكاة أم لا؟

    مداخلة: فيها زكاة؛ عروض تجارة.

    الشيخ: إذا كان عند الإنسان معدات يستعملها يتجر باستثمارها، فماذا تقولون؟

    مداخلة: عروض تجارة.

    الشيخ: لا ليست عروض تجارة.. ليس فيها زكاة، المواد التي لا تباع ليس فيها زكاة، فالآلات الصناعية والمكاين، مكاين الخراطة والنشارة والحدادة وغيرها هذه ليس فيها زكاة لأنها ليست عروض تجارة.

    زكاة الأوراق النقدية

    الشيخ: الأوراق النقدية فيها الزكاة، الأوراق النقدية في الحقيقة ليست ذهباً ولا فضة ولا عروض تجارة.

    هل هي فضة أم لا؟ لا. هل هي عروض تجارة؟ لا. الصيارفة، صحيح يجعلونها عروض تجارة، يتجرون بها، لكن غير الصيارفة، إنسان -مثلاً- موظف يعدها للنفقة، ليست عروض تجارة، فلو قال قائل: إنه لا زكاة فيها، لأنها ليست ذهباً ولا فضة، ولا عروض تجارة، ولا ماشية، ولا خارج من الأرض، نقول: قد قال بها بعض الناس لكنه قول ضعيف جداً، وإنما نوجب فيها الزكاة لماذا؟

    لأنها حلت محل الذهب والفضة، حلت محل النقدين.

    إذا قال: ريال مثلاً أو درهم ماذا يريدون؟ ريال من الفضة أو هذه الأوراق؟ هذه الأوراق.

    إذاً: فتجب فيها الزكاة لأنها أقيمت مقام النقدين الذهب والفضة.

    زكاة الخارج من الأرض

    ليس كل خارج من الأرض يكون فيه الزكاة، الخارج من الأرض من الحبوب والثمار فقط، مثل: ثمر النخل، وثمر العنب، الحنطة، الشعير، الذرة، الرز، وما أشبه ذلك، أما ما سوى هذا فليس فيه زكاة، فلو كان عند الإنسان (مبطخة) كبيرة، تنتج من البطيخ الشيء الكثير، فهل فيها زكاة؟

    لا ما فيها زكاة، لو صار فيها ريع كثير جداً فلا زكاة فيها، لكن الزكاة فيما يحصل من النقود إذا تم عليه الحول.

    إذاً نقول: الحبوب والثمار فقط هي التي فيها الزكاة، أما سائر ما يخرج من الأرض فليس فيه زكاة ولكن يزكى متى؟

    يزكى ثمنه إذا تم عليه الحول وبلغ النصاب.

    زكاة المواشي

    الإبل، والبقر، والغنم خاصة، وما سواها لا زكاة فيه، فلو كان عند الإنسان مائة حمار ليست للتجارة ولكن للتنمية، الإنسان ينمي الحمير من أجل أن يكد عليها ولا يبيعها ويأخذ ثمنها، فليس فيها زكاة، عنده مائة فرس للتنمية ليس فيها زكاة، عنده مائة بغل ليس فيها زكاة، الزكاة في ثلاثة أصناف من البهائم هي: الإبل، والبقر، والغنم، وما عدا ذلك فليس فيه زكاة.

    ويشترط بلوغ النصاب، ويشترط أن تكون سائمة، قال العلماء: السائمة: هي التي ترعى ولا تعلف، ترعى كل الحول أو أكثر الحول، أما التي تعلف فليس فيها زكاة، وعلى هذا فالذي يوجد الآن عند البادية يشترون له الشعير ونحوه، ويطعمونه إياه، ليس فيها زكاة، لماذا؟ لأنها غير سائمة.

    حسناً! لو أعدها للتجارة فيها الزكاة وإن كانت غير سائمة؟

    نعم وإن كانت غير سائمة، والإنفاق عليها كإنفاق التاجر على بضاعته، يعني: لا يمنع الزكاة.

    نصاب الأموال الزكوية

    حسناً! هذه ستة أصناف من المال كلها فيها الزكاة، ولكن لابد أن تبلغ النصاب، عرفنا نصاب الذهب ونصاب الفضة، عروض التجارة ما نصابها؟ نصابها أن تبلغ نصاب الذهب أو الفضة، إذا كان الذهب أرخص من الفضة اعتبرنا نصاب الذهب، وإذا كان أغلى اعتبرنا نصاب الفضة، يعني: فتقدر بما هو أنفع لأهل الزكاة، إما بالذهب وإما بالفضة، وهل يكمل الذهب بالفضة أم لا؟ في هذا خلاف بين العلماء: منهم من يقول: يكمل نصاب الذهب من الفضة ونصاب الفضة من الذهب. ومنهم من يقول: لا. مثاله: رجل عنده نصف نصاب من الذهب ونصف نصاب من الفضة، هل يضم أحدهما إلى الآخر؟ يوجد خلاف، والصحيح: أنه لا يضم، وأن نصاب الذهب منفرد، ونصاب الفضة منفرد؛ لأن السنة جاءت هكذا، ولأن البر لا يضاف إلى الشعير في تكميل النصاب. يعني: لو كان عند إنسان مزرعة ليس فيها إلا نصف نصاب من الشعير، ونصف نصاب من القمح، هل يكمل هذا من هذا؟ لا. إذاً: الذهب لا يكمل من الفضة، والفضة لا تكمل من الذهب. وما مقدار الواجب في الذهب والفضة وعروض التجارة والأوراق النقدية؟ ربع العشر. يعني: واحداً من أربعين، وعلى هذا فإذا أردت استخراج الزكاة فاقسم ما عندك على أربعين، والخارج بالقسمة هو الزكاة، فإذا كان عندك أربعون ألفاً؟ فالزكاة ألف، وكم في خمسين ألفاً؟ مداخلة: ألف ومائة. الشيخ: ألف ومائة؟! الشيخ: كم في عشرة آلاف الزائدة عن الأربعين ألفاً؟ مداخلة: ........ الشيخ: لا. مائتين وخمسين، الأربعين فيها ألف والعشرة بها مائتين وخمسين، فالمجموع ألف ومائتين وخمسين. على كل حال: المسألة بسيطة يعني ما يحتاج إلى تعب، اقسم ما عندك على أربعين والخارج بالقسمة هو الواجب. الواجب في الخارج من الأرض إن كان يسقى بلا مئونة يعني: يشرب من الأنهار، أو يشرب بعروقه، ففيه العشر كاملاً، وإذا كان يسقى بمئونة كالسواني والمكائن ففيه نصف العشر، إذا جعلنا فيه نصف العشر نقسمه على عشرين، وإن جعلنا فيه العشر نقسمه على عشرة، ويخرج الواجب. المواشي: قدر النبي عليه الصلاة والسلام أنصبتها نصاباً نصاباً، ويختلف الواجب بحسب النصاب، ففي خمس من الإبل شاة، وفي خمسة وعشرين بنت مخاض يعني: أنثى تم لها سنة، ويختلف في أربعين شاة شاة واحدة، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه، وفي ثلاثمائة وتسعة وتسعين ثلاث شياه، يعني: مائتين وواحدة فيها ثلاث شياه، وثلاثمائة وتسعة وتسعين فيها ثلاث شياه، الوقص -أي: النقص والفرق- كبير جداً ما بين مائتين وواحدة إلى ثلاثمائة وتسعة وتسعين، لكن نحن نقول: سمعنا وأطعنا، إنسان عنده ثلاثمائة وتسعة وتسعين قلنا عليك ثلاث شياه، وإنسان عنده مائتين وواحدة قلنا: عليك ثلاث شياه، فجاء يصيح علينا أنا كيف علي ثلاث وذلك عليه ثلاث شياه، نقول: هذا حكم الله، قل: سمعنا وأطعنا. المهم أن الماشية أنصبتها محددة وليست كغيرها، يحدد أول النصاب والباقي ما زال بحسابه، هذه من قبل الشرع نمشي عليه. أما أهل الزكاة فنجعلها إن شاء الله في الدرس القادم حتى نتفرغ الآن للأسئلة التي جاءت وهي غير قليلة.

    1.   

    الأسئلة

    العبرة في الإمساك في الصوم

    السؤال: رجل طوال الأيام الستة الماضية كان هو وأهله يتسحرون والمؤذن يؤذن، ولا يميز بين المؤذنين من المتقدم ومن المتأخر، ومن الضابط ومن غير الضابط، وينتهي قبل انتهاء آخر مؤذن من الأذان، فما حكم ذلك؟ وهل عليه قضاء؟ وإذا كان جاهلاً في الحكم أرجو بيان ذلك بياناً شافياً. وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب: أولاً: إن المؤذنين الذين يؤذنون على توقيت أم القرى يؤذنون قبل الفجر بخمس دقائق، وعلى هذا فالذي يأكل ويشرب والمؤذن يؤذن على هذا التوقيت لا حرج عليه، وقد ذكرنا في الدرس السابق هذه المسألة، وبينا أن العلماء رحمهم الله قالوا: إذا اختلف عليه رجلان يرقبان الفجر أحدهما يقول: طلع الفجر، والثاني يقول: لا، خذ بقول من يقول: لا، هذه واحدة.

    ثانياً: إذا كان هؤلاء جاهلين فإن الجاهل لا يفطر حتى لو أكل بعد الفجر يقيناً، لقول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، وقوله: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5]، ولأنه ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: (أن الناس أفطروا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس، ولم يأمرهم بالقضاء) ولو كان صومهم فاسداً لأمرهم بالقضاء؛ لأنه يجب على النبي عليه الصلاة والسلام أن يبلغ الناس شرع الله، فلما لم يأمرهم به عُلم أن القضاء ليس بواجب وهو الصحيح، وهو الماشي على القاعدة المطردة في الشريعة الإسلامية: أنه لا تفسد العبادة مع الجهل ولا مع النسيان. ولما حصلت مثل هذه القضية في عهد عمر رضي الله عنه، سألوه قالوا: يا أمير المؤمنين! ماذا نفعل؟ فقال: [الأمر يسير، إننا لم نتجانف لإثم].

    حكم استعمال منظار للمعدة في نهار رمضان مما أدى إلى القيء

    السؤال: شخص أخذ منظاراً للمعدة وهو صائم وأدخله في بطنه ثم استقاء فما حكم صومه؟

    الجواب: أولاً لابد أن ينظر في هذه الآلة التي تنزل إلى المعدة هل هي خالية من مصاحبة دواء أم لا؟ فإن كان فيها دواء أو كان فيها دهن لتسهيل دخولها فإنه يفطر، ولا يجوز استعمالها في حال الصيام إذا كان الصوم واجباً، أما إذا كانت هذه الآلة ليس فيها شيء يصحبها لا دواء ولا دهن، ثم أدخلها فإنه لا حرج عليه، ولكن يجب عليه إذا أحس أنه سيقيء أن يأمر الطبيب بإخراجها حتى لا يقيء عمداً.

    هذا إذا كان الصوم واجباً، أما إذا كان تطوعاً فالأمر سهل، لو فسد الصوم ليس عليه شيء.

    حكم أخذ الزكاة لمن كان مستغنياً بنفقة واجبة على أحد أقاربه

    السؤال: امرأة تطلب من الزكاة وزوجها له راتب يبلغ ألفين ونصف، وعنده منزل يؤجره بمبلغ خمسة وعشرين ألف ريال، يعطي منها ما يقارب من عشرة آلاف لتسديد قرض البنك، وإذا قيل لها: لم تأخذين من أموال الزكاة وزوجك ميسور؟ قالت: إنه -حسب قولها- لا ينفق عليها النفقة الكافية، فهل يجوز لها أن تطلب من الزكاة؟ الجواب: أولاً: إذا كان الإنسان مستغنياً بنفقة واجبة على أحد من أقاربه، أو على الزوج إذا كانت زوجة فإنه لا يجوز أن يأخذها من الزكاة، فإن امتنع القريب أو الزوج من الإنفاق فلمن له الحق أن يأخذ من ماله بغير علمه، فإذا كانت المرأة مثلاً لا ينفق عليها زوجها، فلها أن تأخذ من ماله بغير علمه، ولا يعد هذا سرقة ولا خيانة، لأن هند بنت عتبة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول! الله إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله ما يكفيك ويكفي بنيك) فأذن لها أن تأخذ من ماله بدون علمه، فإن كان لا يمكنها ذلك وزوجها بخيل ولو قالت: أعطني، لم يعطها، أو صار يهددها بالطلاق إن طلبت، يعني: بعض الرجال ليس عنده خوف من الله ولا مروءة، يقول لزوجته: إن طلبت مني النفقة سأطلقك، ففي هذه الحال لها أن تأخذ من الزكاة ما يكفيها ويكفي أولادها إذا كان أبوهم لا ينفق عليهم.

    آلات النجارة والحدادة ليست من عروض التجارة

    السؤال: لماذا آلات النجارة والحدادة ليست من عروض من التجارة؟

    الجواب: لأن عروض التجارة هي أموال تروح وتجيء، يقصد بها التكسب، ولهذا سميت عروضاً جمع عرض، والعرض: هو الذي يعرض ويزول، أما آلات النجارة وآلات الحدادة وآلات الخياطة وما أشبهها فهي باقية، ليست مما يعرض فيزول، ولهذا لو فرض أن هذا الرجل الذي عنده آلة حدادة، إنسان يتكسب بالآلات وبالحدادة أيضاً، ويشتري هذه الآلة وهو معدها للتجارة صارت الزكاة واجبة في أصل هذه الآلة لأنها عروض تجارة، وفي استثمارها إذا تم عليها الحول.

    حكم من لم تزكِ على ذهبها المستعمل للجهل بذلك

    السؤال: ماذا تقولون في امرأة لم تزكِ عن ذهبها طوال السنين الماضية ظناً منها أنه لا يجب في الذهب الذي يستعمل زكاة، فماذا يجب عليها؟

    الجواب: الذي نرى أن من لم تعلم بوجوب الزكاة إلا هذا العام لا يجب عليها أن تؤدي الزكاة عما مضى؛ لأن هذه مسألة خلافية، وإذا كانت خلافية وكانت ليس على بالها أنها تجب فيها الزكاة بناءً على القول الثاني فليس عليها زكاة، لكن عليها أن تزكي من حين أن تعلم أن عليها زكاة على ما عندها من حلي ذهب أو فضة.

    وهنا نقطة أحب أن أنبه عليها وهي: أن بعض الأزواج يمنع زوجته من إخراج زكاة حليها بناءً على القول الثاني الضعيف الذي أشرنا إليه آنفاً، وهذا حرام عليه، لا يحل للزوج ولا للأب ولا للأخ أن يمنع أحداً يريد أن يزكي ماله، وعلى الزوجة أن تعصي زوجها بهذا، وأن تخرج الزكاة رغماً على أنفه؛ لأن طاعة الله أولى من طاعة الزوج، وقضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وزوجها لا ينجيها يوم القيامة من عذاب الله عز وجل، فتقول للزوج مثلاً: إذا قال هذه مسألة خلافية، وأنا ما أعتقد الوجوب، تقول: أنت لك اعتقادك وأنا لي اعتقادي، أنا لا يمكن أن أترك الزكاة وأنا يترجح عندي أنها واجبة، وفي هذه الحال يجب أن تعصيه طاعة لله عز وجل، فإذا قالت: أخشى أن يغضب، فلنا عن ذلك جوابان:

    أحدهما أن نقول: وليكن ذلك، لأن غضبه في رضى الله ليس بشيء.

    والجواب الثاني أن نقول: تداريه، يعني: أخرجي الزكاة من حيث لا يعلم، وبهذا تؤدين الزكاة الواجبة عليك وتسلمين من غضب الزوج وتنكيده عليك.

    لكن نحن من هنا نخاطب الأزواج نقول لهم: اتقوا الله! ما دامت الزوجة ترى الوجوب لا يحل لكم أن تمنعوها من أداء الواجب، وكذلك الأب لو قال لابنته: لا تخرجي الزكاة أنا ما أرى وجوبها، فإنها لها الحق أن تقول: لا سمع ولا طاعة، السمع والطاعة لله ولرسوله، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، لكن إذا خافت أن يغضب؛ لأن بعض الناس عقله ضعيف ودينه ضعيف يغضب، فإنها تداريه وتخرج بدون علمه.

    صورة إخراج زكاة الحَمَام المعد للتجارة

    السؤال: أنا ممن يربي الحَمَام وهي للتجارة وقد سمعت أن فيها الزكاة، فكيف أخرج زكاتها علماً أن بعضها يساوي خمسون ريالاً وبعضها يساوي ألف ريال، وبعضها يساوي مائة ريال، وقيمتها أحياناً تزيد وأحياناً تقل، أرجو توضيح كيفية إخراج زكاتها مع التمثيل إن أمكن؟

    الجواب: إذا جاء وقت الزكاة وعندك هذا الحمام الذي تعده للتجارة فقومه، يعني: اعرف قيمته، فالتي قيمتها خمسون ريالاً اكتب خمسون ريال، قيمتها ألف اكتب ألفاً، قيمتها أربعمائة اكتب أربعمائة، قيمتها ثلاثة آلاف -أنا بلغني أنه يوجد حمام بثلاثة آلاف.

    خمسون ومائة ومائتين وألف وألفين وثلاثة آلاف وعشرة آلاف، بسيطة اجمع بعضها البعض وانظر كم تبلغ، واقسمه على أربعين وتظهر الزكاة، والعبرة بالقيمة وقت وجوب الزكاة، هذه العبرة، لا عبرة بما اشتريتها به، ولا عبرة بالزيادة في أثناء الحول ثم ترجع وتنقص، انظر قيمتها وقت وجوب الزكاة وأخرج ربع عشرها.

    جواز دفع الزكاة أو الصدقة لمن ظهر حاجته إليها

    السؤال: ما حكم دفع الزكاة لفقراء الحرم، وأنا لا أعلم عنهم شيئاً، هل تعتبر من الزكاة أم من الصدقة؟ الجواب: من الصدقة إن نواها الإنسان صدقة، ومن الزكاة إن نواها زكاةً، فإذا دفعها الإنسان إلى شخص يظن أنه فقير فتبين أنه غني فزكاته مقبولة، وهذه من نعمة الله، لأننا لو قلنا إنه لابد أن نعلم أن المدفوع إليه من أهل الزكاة لكان في هذا مشقة، لكن يكفي إذا غلب على ظنك أن هذا من أهل الزكاة بأمارة كلباسه وهيئته أو بسؤاله وأنت لا تعلم عنه فأعطه من الزكاة وهي مجزئة وإن بان غنياً. والدليل على هذا: قصة الرجل الذي خرج فتصدق، فصار الناس يقولون: تُصدق الليلة على غني! فقال: الحمد لله على غني! ثم خرج في الليلة الثانية وتصدق، فصار الناس يتحدثون: تُصدق الليلة على زانية! -بغي، والعياذ بالله- ثم خرج الثالثة فتصدق، فجعل الناس يتحدثون: تُصدق الليلة على سارق! فقال: الحمد لله على سارق! فكأنه ظن أن الصدقة لم تقبل، فقيل له: إن صدقتك قد قبلت؛ أما الغني فلعله أن يتعظ فيتصدق، وأما البغي فلعل هذا يكفيها فتتوب من البغاء، فأما السارق فلعل هذا أيضاً يغنيه عن السرقة. فيتوب من السرقة ويتوب إلى الله، فالمهم أن الإنسان إذا نوى واجتهد وتبين خطؤه في الاجتهاد فإن اجتهاده صحيح ولا إثم عليه.

    المعتبر في أداء زكاة عروض التجارة

    السؤال: غالب النساء لا تعلم عن الذهب الذي فيه زكاة لأنها تبيع وتشتري منه وتستبدل، فلا يبقى الذهب غالباً سنة، فيحول عليه الحول، فما الحكم في هذا؟ الجواب: إذا كان هذا عروض تجارة، يعني: أن المرأة تتجر بالذهب وتبيع وتشتري فيه، وهي ما دامت لم تبعه تتحلى به ففيه زكاة عروض، ولو كانت تبيع وتشتري فيه، وتعتبر الحول الأول، وهكذا جميع عروض التجارة ليس لها حول، فمثلاً: إذا اشتريت هذه الأرض في محرم وزكاتي تحل في محرم، وبقيت عندي وبعتها في ذي الحجة واشتريت أرضاً أخرى وجاء محرم، هل أزكي الأرض الأخرى أو أقول: إنها لم تتم السنة؟ الجواب: أزكي الأرض الأخرى ولو كنت لم أملكها إلا قبل الحول بشهر؛ لأن عروض التجارة ما يشترط فيها الحول، كلها تتبدل وكأنها سلعة واحدة، فهذه المرأة التي عندها ذهب تبيع وتشتري فيه وتلبسه أيضاً، نقول: هذا لا يشترط أن يبلغ آخر شيء الحول بل العبرة بالحول الأول، فإذا كانت هذه المرأة تحل زكاتها في رمضان وهي تبيع وتشتري في الذهب وفي شعبان اشترت ذهباً جديداً فنقول: إذا جاء رمضان فأدي الزكاة، لو لم يبق إلا شهراً واحداً فإنها تزكي.

    حقيقة الحيض الذي يجب به الفطر على المرأة

    السؤال: امرأة أحست بآلام الحيض في نهار رمضان، فقيل لها: إن أحسست بذلك حتى وإن كان قبل نزول الدم فلا عليك صيام، فعندما أحست بذلك أفطرت، فتبين لها أنه ليست آلام حيض فماذا تفعل؟ هل تصوم أو تقضي أو تمسك؟ الجواب: أقول: أعوذ بالله من فتنة المضلين الذين يفتون بغير علم، فهذا الذي أفتاها أفتاها بغير علم، وذلك أن الحيض لا عبرة به حتى يخرج، مجرد ألم في بطنها يقال: هذا حيض أفطري، سبحان الله!! يرى بعض العلماء أن الحيض إذا انتقل -ليس إذا أوجع البطن- ولكن ما خرج وبقي داخل الفرج، يرى أنه مثل الخارج، وهذا القول ضعيف. والصحيح: أنه لا تفطر المرأة أو لا يفسد صومها إلا بخروج الحيض بارزاً، أما ما دام مجرد أوجاع أو أنها أحست بأنه انتقل لكن ما خرج فهذا لا يؤثر شيئاً، والدليل على هذا: أن أم سليم سألت النبي صلى الله عليه وسلم: (هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم، إذا هي رأت الماء) فعلق الحكم برؤية الماء خارجاً، وكذلك الحيض. وعليه: فلو أن المرأة قبل غروب الشمس أحست بألم الحيض وانتقال الحيض أحست به، لكن لم يبرز خارج الفرج فإن صومها صحيح، مع العلم أن بعض النساء سمعت أنها تقول: إذا خرج الحيض بين غروب الشمس وصلاة المغرب بطل الصوم، وهذه القاعدة الحقيرة إنها قاعدة قاعدة، يعني: قاعدة لا تمشي، لأن المرأة إذا غابت الشمس والحيض لم يأتها فإن صومها صحيح، ولو نزل الحيض بعد الغروب بلحظة.

    حرمة دخول الحائض المسجد

    السؤال: فتاة أتاها الحيض فذهبت مع والدتها إلى المسجد لأن بيتهم لا يوجد فيه أحد، فخافت وذهبت مع والدتها إلى المسجد ومكثت فيه إلى أن انتهت الصلاة، فهل يجوز لها ذلك؟ وماذا تفعل بعد ذلك؟ الجواب: إذا كانت المرأة الحائض تخشى على نفسها إذا بقيت وحدها في البيت، فإن الواجب على أهلها أن يبقوا معها؛ وذلك لأن ذهابها إلى المسجد ومكثها فيه حرام، وتخلف أهلها عن صلاة التراويح مع الإمام ليس بحرام؛ بل هو الأفضل. يعني: لو سألنا سائل: أيهما أفضل للمرأة تأتي وتروح المسجد أو في بيتها؟ قلنا: في البيت أفضل، وعلى هذا نقول لهم: أنتم ابقوا معها في البيت، ليس هناك ضرورة، الذي يمكن أن يكون فيه ضرورة: لو أن امرأة حائض وهي في العمرة وقد أدت العمرة ثم حاضت بعد أدائها، ثم ذهب أهلها للوداع وهي حائض فإنها لا تودع لأن الوداع يسقط على الحائض، لكن إذا بقيت وحدها في البيت خطر عليها، ففي هذه الحالة نقول: اذهبي مع أهلكِ واجلسي في مكان معلوم من المسجد وهم يطوفون وإذا رجعوا ذهبت معهم، لأن هذا البقاء ضرورة، أما مسألة التراويح فليس ضرورة أن أهلها يذهبون إلى المسجد.

    أقل نسبة بالريالات السعودية تجب فيها الزكاة

    السؤال: ما هي أقل نسبة بالريالات السعودية الموجودة الآن تجب فيها الزكاة، نرجو التوضيح؟ الجواب: من المعلوم أن الأوراق النقدية ليس لها قيمة في ذاتها إنما هي خاضعة للعرض والطلب، ولهذا كانت الأوراق النقدية أول ما ظهرت يختارها الناس على الريال الفضي، الريال الفضي الذي كله فضة يختارون عليه هذه الورق، لأنها أخف، لكن الآن تغيرت الأحوال وصار ريال الفضة يشترى بعشرة أو تسعة أو أقل أو أكثر، المهم أنه يشترى بأكثر من ريال، وقد حررنا نصاب الفضة بالريالات السعودية فبلغ ستة وخمسين ريالاً عربية، فإذا كان عند الإنسان أوراق نقدية نقول: اذهب إلى الصيارفة وقل كم يساوي ريال الفضة العربي؟ فإذا قال: يساوي عشرة، فكم يكون النصاب من الأوراق؟ خمسمائة وستين؛ لأنه من الريال الفضة ستة وخمسين اضربها في عشرة تساوي خمسمائة وستين، طيب وإذا كان الريال الفضي يساوي خمسة فنصفها -أي: نصف خمسمائة وستين- كم نصفها؟ مائتين وثمانين.

    تسديد الدين من أموال الزكاة

    السؤال: أنا عليَّ دين أسدده عبر أقساط شهرية وأستطيع تسديدها مع بعض الضيق، فهل يجوز أن آخذ الزكاة لتسديد الدين، وإن استغنيت فما هو الثواب المترتب على ذلك؟ هذا سؤالي وسؤال الكثيرين من أمثالي ممن يشتري السيارات بالأقساط؟

    الجواب: الذي عليه دين ولا يستطيع الوفاء يجوز أن يأخذ من الزكاة لوفاء دينه، وإن كان قوته ماشياً وليس عليه قصور، لكن الدين يقضى من الزكاة فإن الغارمين لهم حق في الزكاة كما ذكرهم الله عز وجل وكما يأتي الكلام عليهم إن شاء الله في الدرس القادم.

    حكم طلاق من هددها زوجها إن ذهبت السوق

    السؤال: امرأة يرفض زوجها أن تذهب إلى السوق ولا يأتي لها بحاجاتها، ويقول: إن ذهبت فلا ترجعي، السؤال: هل يقع الطلاق إن ذهبت؟ وما الحل في مثل هذا الأمر؟

    الجواب: الطلاق يقع إذا كان الزوج قد نواه، ولا يقع إذا كان لم ينوه وإنما قصد التهديد، والغالب أن الناس يقصدون بهذا التهديد، وأن زوجته غالية عليه، لو عصته ما رأى أنه يطلقها، لكن من الناس من يرى أنه إذا عصته لم تعد صالحة للبقاء معه فيطلقها، وحينئذٍ نقول: إنما الأعمال بالنيات، فمن نوى تهديها ومنعها بهذا الطلاق فإنها إذا عصته لا تطلق لكن عليه كفارة يمين، يطعم عشرة مساكين، لكل مسكين كيلو إلا قليلاً من الرز، وأما إذا قصد الطلاق فإنها تطلق؛ لأن الأعمال بالنيات.

    أما ماذا تصنع وهي تحتاج إلى خروج إلى السوق لشراء ثياب والزوج يمنعها، فإنها تبقى حتى يهديه الله ويسمح لها في بذلك.

    طلب موعظة

    السؤال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول الصحابة بالموعظة، فنرجو منكم أن توجهوا لنا موعظة ترقيقية ترقق قسوة قلوبنا وتذكرنا بالله والدار الآخرة.

    وآخر يقول: نحن نشتاق لنسمع شيئاً جديداً من بعض التوجيهات، وقد كان لكم ذلك من تعليقكم على بعض الآيات في السابق، فنرجو يا فضيلة الشيخ! لو تحدثتم لنا في كل ليلة ولو عن آية من الآيات قبل الأحكام.

    الجواب: هذه مسألة سهلة إن شاء الله في الدرس القادم نتكلم على ما وعدنا به من أهل الزكاة وعلى بعض الآيات التي تمر بنا، والموعظة أيضاً إذا تيسر، لكني أنا في الحقيقة بضاعتي مزجاة في مسألة الوعظ، يوجد أناس أقوى مني وعظاً وأشد مني تأثيراً. ونسأل الله للجميع التوفيق.

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767954492