إسلام ويب

دروس وفتاوى الحرم المدني لعام 1416ه [5]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • عقب الشيخ في هذا اللقاء على ما ذكره في اللقاء الماضي من تفسير أواخر سورة البقرة، ثم تطرق إلى موضوع مهمٍ حول قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ....) مبيناً طريق الدعوة إلى الله حيث يشترط في الداعية الإخلاص والعلم بما يدعو واستعمال الحكمة والموعظة الحسنة مع المدعو.

    1.   

    تعقيب على أواخر سورة البقرة

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    ففي اللقاء الماضي قرأ إمامنا في صلاة المغرب آخر سورة البقرة وآخر سورة النحل، وذكرنا أن موضوع الآيات التي قرأها مهمٌ جداً، وتكلمنا على آخر سورة البقرة بما تيسر، وذكرنا ما من الله به على عباده فيما يتعلق بالأوامر وفيما يتعلق بالنواهي، الذي ذكره الله تعالى بما يتعلق بالأوامر هو قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

    والذي يتعلق بالنواهي هو قوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].

    وذكرنا أنه يؤخذ من الجملة الأولى قاعدة مهمة فيما يتعلق بالواجبات وهي:

    أن الواجبات تسقط عن العاجز، فإن كان لها بدل أتي بالبدل، وإن لم يكن لها بدل سقطت.

    من الواجبات التي تسقط بالعجز ولها بدل كفارة الظهار.

    فكفارة الظهار يجب فيها عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.

    ويصح أن نمثل بالطهارة: يجب الماء فإن لم يجد فالتراب -التيمم- فإن لم يجد صلى ولو بلا وضوءٍ ولا تيمم؛ لأن الواجبات تسقط بالعجز، وهذه قاعدة ليست من رأي فلانٍ وفلان، ولا من فكر فلانٍ وفلان، ولكنها من رب العالمين الذي قال في كتابه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] فهذه عبادته يسقط الله عز وجل عن عباده ما لا يستطيعون.

    أما في النواهي فالقاعدة فيها: أن الجاهل والناسي يسقط عنه الإثم وما يترتب على الفعل من فدية أو كفارة فإنه يسقط عنه، ولهذا أيضاً أمثلة كثيرة: لو تكلم الإنسان في صلاته جاهلاً بتحريم الكلام فما حكم صلاته؟

    صلاته صحيحة، والدليل: أن رجلاً دخل في الصلاة فسمع آخر حين عطس فقال: الحمد لله، فقال له: يرحمك الله... إلى أن قال النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل الذي تكلم: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) أو كما قال، ولم يأمره بالإعادة.

    بقي علينا شيءٌ لم تدل عليه الآية، وربما يؤخذ من الآية كما سنبين وهو الإكراه: إذا أكره الإنسان على فعل محرم فهل يترتب على هذا الفعل إثم أو فدية أو كفارة؟

    الجواب: لا يترتب، ودليل هذا قول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106] فإذا كان الرجل لا يؤاخذ في الإكراه على الكفر وهو أعظم المعاصي، فعدم مؤاخذته في الإكراه على ما دونه من باب أولى، على أنه جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه) وبناء على هذه القاعدة الثالثة وهي: سقوط الإثم والفدية والكفارة بالإكراه، بناءً على ذلك لو أن الرجل أكره زوجته وهي صائمة فجامعها فهل يفسد صومها؟

    لا يفسد.

    وهل عليها كفارة؟

    ليس عليها كفارة؛ لأنها مكرهة، وهكذا أيضاً لو أكرهها على ذلك وهي في حجٍ أو عمرة فإنه ليس عليها فدية، وليس عليها إثم للقاعدة التي ذكرناها والتي أخذناها من كلام الرب عز وجل، ربما يؤخذ هذا، أي: سقوط الإثم والكفارة والفدية من قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]؛ لأن المكره لا يستطيع أن يتخلص، ولهذا لو أكرهه من يتمكن من دفع إكراهه فإنه يترتب عليه الحكم.

    ما تقولون في رجل أجبرته زوجته على أن يطلقها، وقالت: إما أن تطلق وإما أن تقتل نفسها، وهي قادرة على أن تنفذ هذا، السكين بيدها، فطلق، هل يقع الطلاق أو لا؟

    لا يقع الطلاق لأنه مكره، كيف كان مكرهاً؟ لأنها تريد أن تقتل نفسها وهي قادرة على أن تنفذ، وهذا من أشد ما يكون من الإكراه، لذلك نقول: لا يقع الطلاق، وهكذا جميع الأحكام لا تترتب على المكره، وذكرنا الدليل لهذا.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)

    أما آخر سورة النحل وهي موضوع درسنا الآن فهي قول الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] الخطاب في قوله: (ادع) لمن؟ للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقيل: إن الخطاب لكل من يصح أن يتوجه إليه الخطاب، النبي عليه الصلاة والسلام وغيره؛ لأن القرآن نزل للأمة جميعاً، فإذا قال الله: (ادع) فالخطاب لكل مؤمن أن يدعو إلى الله، واعلم أن الخطاب الموجه في مثل هذه الصيغة ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: أن يكون في السياق ما يدل على العموم.

    والقسم الثاني: أن يكون هناك دليلٌ على الخصوص.

    والقسم الثالث: ألا يكون فيه دليلٌ لهذا ولا لهذا.

    مثال الأول: قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ [الطلاق:1] فهنا وجه الخطاب أولاً إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم قال: (إذا طلقتم) والخطاب هنا للعموم بدليل الجمع، وعلى هذا فيكون الخطاب الموجه للرسول عليه الصلاة والسلام له وللأمة بالنص: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ .

    الثاني: أن يكون هناك دليل على الخصوص، فهنا يختص الحكم بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، مثاله: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ [المائدة:67]، ومثل قوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ [الشرح:1-2] إلى آخر السورة، فهذا يختص بالرسول عليه الصلاة والسلام.

    القسم الثالث: ما يكون لا دليل فيه لهذا ولا لهذا؛ مثل هذه الآية الكريمة: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ [النحل:125] الخطاب موجه للرسول عليه الصلاة والسلام لوحده، أو لكل من يصح خطابه؟ على قولين، واعلم أن الخلاف شبيه باللفظ في هذه المسألة؛ لأن الذين يقولون: إنه خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام يقولون: إن أمته يشملها الحكم باعتبار الأسوة، لقول الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21].

    فإذا قال قائل: ما الأصل: الخصوصية أم العموم؟ فنقول: الأصل العموم، ولهذا لما أراد الله عز وجل الخصوصية نص عليها فقال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا [الأحزاب:50] فما هو الدليل على الخصوص؟

    إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا يعني: أباح الله له أن يتزوج بالهبة؟ خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ إذاً: هذا يدل على أنه إذا لم يدل دليل على أن الحكم خاص بالرسول وجب التعميم، وخذها قاعدة: كل حكمٍ ثبت للرسول صلى الله عليه وسلم فهو ثابتٌ للأمة إلا بدليل.

    وعلى هذا فنقول: إن قوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ يشمل الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره.

    وقوله: إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ ما هو سبيل الله؟ سبيل الله تعالى شرعه؛ لأنه طريق يوصل إلى الله عز وجل؛ ولأن الله تعالى هو الذي شرعه فأضيف إليه، فيكون الشرع مضافاً إلى الله لوجهين:

    الوجه الأول: أنه موصل إلى الله.

    والوجه الثاني: أنه هو الذي شرعه لعباده وبينه لهم حتى يصلوا إلى الله عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ هنا إذا تأملنا كلمة (سبيل) وجدنا أنها تضاف أحياناً إلى الله كما في هذه الآية، وأحياناً تضاف إلى المؤمنين كما في قوله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء:115] فأضاف السبيل هنا إلى المؤمنين، فكيف نجمع بين الآيتين؟ مرة يضاف إلى الله ومرة يضاف إلى المؤمنين؟

    نقول: الجمع بينهما سهل: أضيف إلى المؤمنين لأنهم هم السالكون له، وأضيف إلى الله لأنه شرعه وموصلٌ إليه، ومثل ذلك كلمة الصراط: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ [الشورى:52-53].. اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:6-7] فمرة أضاف الصراط إلى الله، ومرة أضاف الصراط إلى المؤمنين الذين أنعم الله عليهم، فكيف نجمع؟

    أضيف إلى المؤمنين الذين أنعم الله عليهم؛ لأنهم هم الذين سلكوه، وأضيف إلى الله لأنه شرعه والموصل إليه.

    الإخلاص في الدعوة إلى الله

    قال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ [النحل:125] في هذا دليل على وجوب الإخلاص، أن تدعو إلى سبيل الله هذا إخلاص؛ وذلك لأن الدعاة لهم إرادات؛ من الناس من يدعو إلى سبيل الله لكن انتقاماً من المدعو، أو انتصاراً لرأي، هذا الذي يدعو انتقاماً من المدعو أو انتصاراً لرأيه هل يكون داعياً إلى الله، أو إلى سبيل الله؟ لا. يوجد أناس الآن يدعون إلى الله لكن يريدون أن ينصروا قولهم، ولذلك يصعب عليهم جداً أن يتراجعوا عنه ولو كان خلاف الحق؛ لأنهم يريدون أن يكون الكلام لهم أو سلطة الرأي لهم، وهذا لا شك مجانبٌ للإخلاص تماماً، هذا يدعو إلى الهوى وليس يدعو إلى الهدى.

    إنسان آخر يدعو انتقاماً من الشخص، هذا أيضاً غلط، الواجب أن تدعو إلى الله، وإلى سبيل الله لإصلاح عباد الله، وليس انتقاماً منهم، ولا انتصاراً لرأيك، ولكن لإصلاحهم، وإذا كان كذلك أي لإصلاح الخلق؛ فسوف يسلك الإنسان أقرب الطرق إلى حصول المقصود.

    اشتراط العلم في الدعوة إلى الله

    وقوله جل وعلا: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ يتبين أنه لابد من العلم، لماذا؟ لابد أن تعلم ما تدعو إليه أنه من شرع الله، فتعلم أولاً ثم ادع ثانياً، أما أن تدعو إلى سبيل الله وأنت لا تعلم سبيل الله فكيف يمكن هذا؟!

    ولهذا قال الله تعالى في آية أخرى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ [يوسف:108] على علم، فلابد أن يكون الإنسان عالماً بما يدعو إليه، وأنه حق ومن شريعة الله.

    أما مجرد أن ينقدح في ذهنه أن هذا حق بدون دليل شرعي فإنه لا يجوز أن يتكلم، لأن الله يقول: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء:36]، ويقول الله جل وعلا: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33] لابد أن يكون الإنسان عالماً بالشرع، فلو رأيت إنساناً يصلي ولكنه لا يطمئن في صلاته، يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يسجد بدون أن يطمئن، هل يصح أن تقول له: إن صلاتك باطلة بدون علم؟ لا يصح؛ لأنه كيف تدعو إلى شيء لا تدري عنه؟ لكن إذا كنت تعلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال للذي كان يصلي ولكنه لا يطمئن، قال: (ارجع فصلِ فإنك لم تصلِ) حينئذٍ يكون عندك دليل ويمكن أن تدعو إلى الله.

    لابد أيضاً أن يكون عالماً بحال المدعو، وإلا فلا يجوز أن يتكلم، لابد أن تكون عالماً بحال المدعو وأنه يحتاج إلى دعوة، وأنه ممن عنده علم أو ممن ليس عنده علم، ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لـمعاذ وقد بعثه إلى أهل اليمن ، قال: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب) لماذا أخبره بحالهم؟ من أجل أن يعرف كيف يخاطب هؤلاء؛ لأن خطاب العالم ليس كخطاب الجاهل، خطاب العالم لابد أن يكون عندك قدرة على مجادلته، إذ إن العالم الذي كان على باطل لا يمكن أن يقبل أو يستقبل الدعوة بسهولة؛ لأن عنده علماً، فتجده عندما تدعوه إلى الحق يجادل لإبطال الحق وإحقاق الباطل الذي كان عليه، فلابد أن تعلم لو أنك أردت أن تدعو نصرانياً إلى الدين الإسلامي يحتاج أن تعرف أنه نصراني وأن عقيدته التثليث مثلاً، يقول: إن الله ثالث ثلاثة، فيحتاج أن تعرف كيف ترد عليه فيما لو احتج عليك بباطل وإلا لهزمت، وهزيمة الداعي إلى الله عز وجل والذي بنى دعوته على غير علم هذه مصيبة، ليست مصيبة عليه وحده بل مصيبة على ما يدعو إليه من الدين، فلابد أن تكون عالماً بحال المدعو.

    انظروا إلى قصة الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فجلس، هل دعاه الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أن يصلي ركعتين قبل أن يعلم حاله؟

    لم يدعه حتى علم بحاله، ووجه ذلك أن الرجل لما دخل جلس فقال له: (أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين).

    إذا وجدت إنساناً يأكل في رمضان هنا في المدينة هل أنكر عليه من أول الأمر؟

    لا أنكر عليه حتى أقول: أمسافر أنت؟ أو أنت ممن يحل له الفطر؟ لكن لو وجدت شخصاً من أهل البلد أعرف أنه من أهل البلد وأنه لا عذر له في الفطر فحينئذٍ أنكر عليه، أذكره لعله نسي، وعجباً من بعض العامة يقولون: إذا رأيت إنساناً يأكل في رمضان فلا تذكره لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) ما دام الله أطعمه وسقاه لا تحرمه، لا تقطع رزقه، دعه يأكل ويشرب، وهذا غلط ، الواجب أن يذكر المؤمن أخاه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: لما سها في صلاته، قال: (إنما أنا بشرٌ مثلكم أنسى كما تنسون؛ فإذا نسيت فذكروني) فيجب على المؤمن أن يذكر أخاه، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى، أما قوله: هذا رزق ساقه الله إليه دعه يأكل ويشرب، هذا غلط.

    استعمال الحكمة والموعظة الحسنة مع المدعو

    يقول الله عز وجل: بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]. هذه ثلاثة أوصاف للدعوة، هل هي أوصاف مقترنة؟ أو أوصاف مترتبة؟ يعني: بعضها في حال وبعضها في حال، أو هي مقترنة يعني: تدعو بحكمة وموعظة ومجادلة؟ الجواب: الحال يقتضي أن تكون مرتبة، أولاً: بالحكمة، ببيان الحق ودليله من الكتاب والسنة، واعلم أنني أحب لكل داعية أن يقرن دعوته بالدليل، أولاً: لبراءة الذمة، وثانياً: ليطمئن المدعو؛ لأن المدعو إذا قيل له: هذا حرام، أو هذا واجب لقوله تعالى، أو لقول الرسول صلى الله عليه وسلم يطمئن بلا شك، ويكون له حجة عند الله عز وجل، فإذا أمكنك أن تذكر الدليل للمدعو كان هذا خيراً، لما فيه من إبراء الذمة، وثانياً: اطمئنان المدعو، هذا الرجل رجل ليس عنده رد للدعوة وليس عنده مجادلة يكفي أن تدعوه بالحكمة، واعلم أن الحكمة كما قال الله عز وجل: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [البقرة:269]. لو رأيت رجلاً يستغيث بصاحب قبر: يا سيدي! يا مولاي! يا ولي الله! أغثني، مثلاً: يستغيث بصاحب القبر، نحن نعلم أن الاستغاثة بصاحب القبر شركٌ أكبر مخرج عن الملة، فهذا الذي يستغيث بصاحب القبر نقول: لو مت على هذا لكنت من أصحاب النار، أصحاب النار المخلدين فيها، لقول الله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72]. رأيت رجلاً يستغيث بقبر، هل تأتي مباشرة وتقول: أنت كافر! أنت مشرك! قد حرم الله عليك الجنة؟ لا. ولا يجوز أن تقول هذا، وإن كان واقع الحال هو ما ذكرت، لكن لا يجوز، هذا تنفير، اذكر له الحق، والحق مطابقٌ تماماً للفطرة، قل: يا أخي! أو لا تقل: يا أخي! هذه مشكلة، هل تقول لهذا الذي يستغيث بالقبر: يا أخي! تعال هذا شرك بالله، أو لا تقول: يا أخي؟! هو على كل حال هذا الرجل الذي يستغيث بالقبر لا تظن أنه يستغيث به وهو يعتقد أنه شركٌ مخرج عن الإسلام أبداً، هذا إذا كان ينتسب إلى الإسلام، فإذاً: يصح أن تقول: يا أخي! باعتبار أنه يرى نفسه مسلماً، وإن شئت فقل: يا أخي! باعتبارٍ آخر وهو أنه باعتبار ما يكون، وإن شئت فقل: يا رجل! وتسلم من هذا الإشكال: استغث بالله عز وجل، كما قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام وأصحابه: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ [الأنفال:9] الاستجابة مرتبة على الاستغاثة، والفاء تدل على الترتيب والتعقيب، استغث بالله حتى يستجيب الله لك وربك على كل شيء قدير، وهذا المخلوق الذي أنت الآن تستغيث به هو ميت هامد ربما تكون الأرض أكلته ولا يبقى من جسده إلا عجب الذنب ولا ينفعك، ثم بعد ذلك ترغبه في التوحيد، أترون أن هذا يقبل، أو لو قيل له: أنت مشرك، وهذا شرك، ومن أشرك بالله حرم الله عليه الجنة؟ الذي وبخته وأنكرت عليه بشدة هذا لا يقبل في الغالب، لكن من أتيته بلطف وموعظة حسنة قبل. والموعظة الحسنة هل هي بالصيغة أو بالكيفية؟ بمعنى هل أنت تسوق له الأدلة من الكتاب والسنة على وجهٍ يقنع، أو حتى بالكيفية؟ الجواب: بالأمرين جميعاً، بكيفية السياق، وبأقرب ما يمكن أن يقتنع به، حتى لو ضربت له الأمثال افعل، ألم يكن الله عز وجل يضرب الأمثال للذين يدعون من دون الله؟ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ [العنكبوت:41].. وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ [الرعد:14] الذي يريد أن يشرب من النهر، ويخرج يديه باسطاً إياهما أيبقى شيء من الماء؟ لا. إذاً: هؤلاء الذين يدعون من دون الله لا يستجيبون لهم إطلاقاً؛ لأن هذا الذي يريد أن يشرب وقد بسط كفيه لا يمكن أن ينال ماءً. المرتبة الثالثة: إذا دعوناه بالحكمة ولم يفعل، بالموعظة الحسنة ولم يفعل، نأتي إلى المجادلة؛ لأن الذي لا يقبل بالموعظة سوف يجادل، فنجادله لكن بالتي هي أحسن، أقرب طريق يوصل إلى الحق اتبعه. وأنا أذكر لكم الآن مجادلة وقعت بين إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وبين رجلٍ مشرك متمرد: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ [البقرة:258] فإذا كان ربك يحيي ويميت فأنا أحيي وأميت، إذاً: أنا رب كربك، فقال له إبراهيم: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ [البقرة:258] جادله بماذا؟ بالتي هي أحسن، جادله بأمرٍ لا يتمكن من الرد عليه، ولهذا قال: فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ [البقرة:258] في البداية رد على إبراهيم لما قال إبراهيم: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ [البقرة:258]، جادل وقال: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ [البقرة:258] هل هذه دعوى منه أنه يحيي ويميت؟ أو أنه منزل على حالٍ من الأحوال؟ الظاهر أنه منزلٌ على حالٍ من الأحوال؛ الأحوال: هو أنه يؤتى إليه بالرجل الذي استحق القتل فلا يقتله، ويدعي أن هذا إحياء، وليس إحياءً في الواقع الرجل حي من قبل، أو يؤتى إليه بالرجل لا يستحق القتل فيقتله، فيقول: هذا إماتة. وهذا غير صحيح، هذا ليس إماتة لكنه فعل سببٍ يقتضي الموت، ولو شاء الله ألا يموت هذا الذي قتل لم يمت، ألم تعلموا أن الدجال يأتيه الرجل الشاب ويقول: أشهد أنك الدجال الذي أخبرنا عنك رسول الله! فيقطعه قطعتين ويمشي بينهما، ثم يدعوه فيقوم يتهلل، من الذي أحياه؟ الله عز وجل، فالمهم هذا الرجل قال بعض العلماء أراد بقوله: أنا أحيي وأميت أنه يؤتى إليه بالرجل لا يستحق القتل فيقتله، وادعى أن هذا إماتة، ويؤتى إليه بالرجل يستحق القتل فيرفع عنه القتل وادعى أن هذا إحياء، وقيل: إن هذه دعوى منه وليس يريد أن ينزلها على حالٍ من الأحوال، يعني: ادعى أنه يحيي ويميت، وعلى كلٍ فإبراهيم عدل عن هذا الذي يمكن أن يكون جدلاً إلى أمرٍ لا يمكنه أن يتخلص منه وهو إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ [ البقرة:258] هل يمكن أن يدعي أنه يأتي بها من المغرب؟ لا يمكن؛ لأن هذا أمرٌ معلوم بالبداهة: فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [البقرة:258]، ولهذا ينبغي للمجادل أن يسلك أقرب طريق لإفحام الخصم، لا يتابعه؛ لأنه ربما إذا تابعته صعد بك جبلاً لا تستطيع رقيه، لكن ائت بأمر لا يتخلص منه، واعدل عن جوابه الذي أورد الشبهة فيه حتى تقضي عليه نهائياً. المهم: حالنا بالنسبة لدعوة الناس تنقسم إلى أقسام: الأول: الدعوة بالحكمة. والثاني: إذا لم يقتنع نعظه بترغيبٍ وترهيب. والثالث: إذا جادل نجادله بالتي هي أحسن. وهناك أمر رابع لم يذكر في هذه الآية، وهو إذا كان ظالماً: فإننا لا نجادله، لقول الله تبارك وتعالى: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت:46]؟ هؤلاء لا نجادلهم بالتي هي أحسن، بل نجالدهم بالسيف؛ لأنهم معاندون، فصار الأقسام إذاً أربعة؛ ثلاثة ذكرت في آية واحدة، والرابع في آية أخرى. نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من دعاة الحق وأنصاره، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب. وإني أدعو إخواني الداعين إلى الله أن يستعلموا الأسهل والأيسر، ولهذا كان الرسول يبعث الناس للدعوة إلى الحق ويقول: (يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) فكل شيء يرغب الناس في الحق اتبعه فأنت على خير.

    1.   

    الأسئلة

    حكم جمع وقصر الصلاة عند الوصول إلى بلد المسافر

    السؤال: فضيلة الشيخ! تكلمتم في اللقاء الماضي جزاكم الله خيراً عن الجمع والقصر في السفر، وسؤالي: إنني كنت مسافراً راجعاً من مكة إلى المدينة وقمت بتأخير صلاة الظهر إلى صلاة العصر، وعند وصولنا إلى المدينة قمنا وصلينا الظهر والعصر جمعاً وقصراً في وقت العصر فهل هذا صحيح؟

    الجواب: ننظر: هل هذا الرجل الذي قدم من مكة إلى المدينة قدم إلى بلده؛ فإن كان كذلك فعليه الآن أن يعيد صلاة الظهر أربعاً وصلاة العصر أربعاً؛ لأنه لما وصل إلى البلد انتهى السبب الذي يبيح الجمع ويطلب فيه القصر، أما إذا كان ليس من أهل المدينة ولكنه مر بها مسافراً فعمله صحيح، فيصلي الظهر ركعتين والعصر ركعتين مجموعتين.

    حكم استعمال حبوب منع الحمل

    السؤال: هل يجوز أن يعطي زوجته حبوب منع الحمل وذلك لأنها تتأذى من الحمل؟ الجواب: أولاً: ننصح الرجال والنساء ألا يستعملوا هذه الحبوب؛ لأن هذه الحبوب تبين أنها ضارة بكلام الأطباء وبالواقع؛ فإنها تفسد الدورة العادية، وتوجب انحطاط قوة المرأة، وربما تؤثر على الرحم، وربما تؤثر على الجنين إن قدر أن تحمل، هذه واحدة. ثانياً: لا تستعمل الحبوب؛ لأن المطلوب من هذه الأمة تكثير النسل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود) الولود: كثيرة الولادة، وإذا كان هذا مرغوب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا ينبغي أن نعدل عما يرغبه الرسول عليه الصلاة والسلام، وأما كون المرأة تتأذى بالحمل فهذا أمرٌ طبيعي، يقول الله عز وجل: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ [لقمان:14]، وقال في الآية الثانية: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً [الأحقاف:15] هذا أمر لابد منه، هل يمكن أن يكون في بطن المرأة ولد يكبر وينمو بدون أن تتعب؟! هذا شيء مستحيل خلاف الفطرة، فلابد من الوهن، من الضعف، من الكره، ولكن نبشر المرأة أنه لا يصيبها من هذا الحمل تعب أو كسل، أو خمول أو ضعف إلا أثيبت عليه، كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن الرجل يكفر الله عنه حتى بالشوكة إذا أصابته، فنقول لهذه المرأة: أبشري بالخير! إن الأذى الذي ينالك من الحمل كفارة لما حصل من الذنوب، ثم إن احتسبت الأجر صار كفارة وثواباً، لهذا لا نشير باستعمال هذه الحبوب. أما بالنسبة للزوج فلا يحل له أن يكره زوجته على أخذ الحبوب كما يفعله بعض السفهاء من الشباب المتزوجين يقول: أعطيها حبوباً حتى تبقى سنة أو سنتين لا تحمل، هذا غلط، ولا يحل له أن يكرهها على أخذ الحبوب، ولا يلزمها أن تطيعه أيضاً، لو قال: كلي الحبوب، قالت: لا. فلها ذلك؛ لأن لها حقاً في الولادة، ولهذا حرم العلماء على الرجل أن يعزل عن زوجته إلا برضاها، أتعرفون العزل؟! الظاهر أن غير المتزوج لا يعرف العزل، والمتزوج يعرفه؛ وهو أن الرجل إذا جامع زوجته ثم قرب إنزاله نزع من الجماع حتى يكون الماء خارج المكان لئلا تحمل، قال أهل العلم: يحرم على الزوج أن يعزل عن زوجته إلا برضاها، وعللوا ذلك: بأن لها حقاً في الولد، ولذلك كان القول الصحيح: أنه إذا تبين الرجل عقيماً فإن للزوجة أن تفسخ النكاح إذا شاءت، لماذا؟ لأن لها حقاً في الولد، بعض النساء لا تتزوج إلا من أجل الولد، إذاً: استفدنا الجواب حتى لا نبتعد: لا يجوز للزوج أن يكره زوجته على أخذ حبوب منع الحمل، ولا يلزمها أن تطيعه، هذا واحد. ثانياً: لا نشير على الزوج ولا على الزوجة بتناول هذه الحبوب لما فيها من الإضرار، وأما التأذي بالحمل فهذا أمرٌ ليس علة صحيحة، كل امرأة تتأذى من الحمل.

    حكم لبس البنطال للمرأة أمام زوجها ومحارمها

    السؤال: لقد ذكرتم في فتوى سابقة أن حكم لبس المرأة للبنطلون حرام، فهل في لبسه حرام إذا كان أمام محارمها أو للتزين لزوجها؟

    الجواب: البنطلون الذي يشبه بنطلون الرجال حرام لما في ذلك من التشبه، وأما ما لا يشبه بنطلون الرجال فإنه وسيلة قريبة إلى هتك حرمة العورة؛ لأن البنطلون كما تعلمون يصف حجم الفخذين والعجيزة والساق، وربما كان اليوم واسعاً فضفاضاً لا يصف كثيراً وبعد أيامٍ قليلة تستعمل النساء ما كان ضيقاً، وربما تستعمل ما كان لونه كلون الجلد فتبقى وكأنها عارية.

    يقول بعض الناس: إذا لبست هذا عند زوجها وليس في البيت أحد أو في غرفة النوم، فما الحكم؟

    الجواب: إذا كان هذا يشبه بنطلون الرجل فهو حرام، وإذا كان لا يشبهه فلماذا تلبسه عند زوجها؟ وما الفائدة؟ أليس يجوز أن تتعرى أمام زوجها؟ يجوز، وكونها متعرية أدعى للشهوة إذا كانت تريد هذا، ولذلك من وحي الشيطان أن يزين للنساء لبس البنطلون، فالمرأة مأمورة بالتستر والحشمة والبعد عن مواضع الفتنة.

    حكم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم للنساء

    السؤال: ما حكم زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء؟ الجواب: يرى بعض العلماء أن زيارة النساء لقبر النبي صلى الله عليه وسلم جائزة، ويقول: إنها ليست زيارة في الواقع؛ لأن بين المرأة إذا وقفت وبين الرسول صلى الله عليه وسلم حواجز، جدران متعددة، فهي في الواقع لم تزره وإن سمت ذلك زيارة، ولهذا أباحوا أن تزور المرأة قبر النبي صلى الله عليه وسلم. ويقول بعض العلماء: إنها لا تزور قبر النبي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، وهذه زيارة عرفاً، وإن لم تكن زيارة في الحقيقة فهي عرفاً زيارة، ثم إنا نقول: الأمر فيه شبهة، وما دام فيه شبهة فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه). ثم نقول للمرأة: أبشري! أنت إذا سلمتِ على الرسول صلى الله عليه وسلم ولو في أقصى المسجد، ولو في أقصى مكانٍ في الأرض فإن تسليمك عليه يبلغه، ولا حاجة أن تقفي على القبر، ونقول أيضاً: كل مؤمن يسلم على الرسول عليه الصلاة والسلام في كل يوم تسع مرات فرضاً فلا حاجة إلى أن تتكلف المرأة حتى تقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم مع الشبهة. وهل يقول المسلم إذا سلم على الرسول: السلام عليك أيها النبي! أو: السلام على النبي؟! جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: [كنا نقول في عهد النبي صلى الله عليه وسلم: السلام عليك أيها النبي! وبعد موته نقول: السلام على النبي!] لكن هذا اجتهادٌ من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وليس كل مجتهدٍ مصيباً، والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أمته، قال: (قولوا: السلام عليك أيها النبي!) إلى يوم القيامة، ولم يقل: قولوا ذلك ما دمت حياً، ثم إن الصحابة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إذا قالوا: السلام عليك، هل يريدون أن يسمع الرسول ويكون خطاباً مباشراً؟ الجواب: لا. لأنهم يعلمون أن الذي في طرف الصف لا يسمعه الرسول، والذين في مكة وفي غيرها من البلاد لا يسمعه الرسول حتى في حياته، إذاً: ليس خطاباً مباشراً، لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إنه جاء بصورة الخطاب لقوة استحضار المرء في السلام على الرسول عليه الصلاة والسلام، كأنه أمامه يقول: السلام عليك، وصح عن عمر في موطأ مالك أنه قال على المنبر وهو يتلو التشهد: [السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله] ولا شك أن عمر أعلم من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ولا سيما وأنه أعلنه على الملأ ولم يقل أحدٌ من الناس إنه ليس كذلك، وعلى هذا فيكون قول ابن مسعود رضي الله عنه رأياً رآه ولكنه ليس مصيباً في ذلك، لأن المجتهد يخطئ ويصيب. وابن مسعود رضي الله عنه مع علمه وفقهه ليس معصوماً، ولا أحد يتكلم بالشريعة معصوم من الخطأ أبداً إلا الرسول عليه الصلاة والسلام. ابن مسعود رضي الله عنه جاءه رجل استفتى أبا موسى الأشعري رضي الله عنه في مسألة فرضية: في رجل توفي عن بنت، وبنت ابن، وأخت شقيقة؟ أبو موسى الأشعري قال: للبنت النصف وما بقي فللأخت، لكنه رضي الله عنه قال: وأتِ ابن مسعود فسيوافقني على ذلك، فذهب الرجل إلى ابن مسعود وقال له: إنه استفتى أبا موسى الأشعري في هذه المسألة وقال: للبنت النصف وما بقي فللأخت، وأت ابن مسعود فسيوافقني على ذلك، فقال عبد الله بن مسعود : [لقد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين -يعني: لو وافقته لكنت ضالاً وما أنا من المهتدين- لأقضين فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت] أبو موسى قاله عن اجتهاد، وفق للصواب أو لا؟ لم يوفق، وفضل الله يؤتيه من يشاء، ابن مسعود رضي الله عنه وفق للصواب مستدلاً بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يعني أن ابن مسعود رضي الله عنه إذا أخطأ في مسألة فإن كل قضاياه خطأ، أبداً ابن مسعود من أفقه الصحابة وأكثرهم فتوى رضي الله عنه.

    حكم زكاة المال العائد من الشقق المؤجرة

    السؤال: أفتونا مأجورين في زكاة المال العائد للشخص من الشقق المؤجرة بحيث أن المبلغ للشقة الواحدة لا يملكه الشخص دفعة واحدة بل يكون على دفعات المرتين أو الثلاث؟ الجواب: كل الأجور التي يستلمها الإنسان شيئاً فشيئاً، إن أنفقها من حيث استلامها فلا زكاة فيها ما لم يكن قد تم الحول على العقد، مثال ذلك: رجل أجر هذه الشقة بعشرة آلاف، تمت السنة فقبض عشرة آلاف، يلزمه أن يزكيها، لماذا؟ لأنه تم عليها الحول، ورجل آخر أجر شقة بعشرة آلاف مقدمة، يعني: يسلمها المستأجر عند العقد، فأخذ صاحب الشقة العشرة آلاف ثم أنفقها على أهله، أو على تعمير الشقة، أو غير ذلك، هل في العشرة آلاف زكاة؟ لا. لماذا؟ لأنه لم يحل عليها الحول، ومن شرط وجوب الزكاة: أن يتم الحول عليها. أما الشقة نفسها فليس فيها زكاة؛ لأن كل شيء أعد للأجرة لا زكاة فيه؛ من عقار، أو سيارات أو معدات أو غير ذلك، إلا الحلي من الذهب أو الفضة ففيه الزكاة على كل حال إذا بلغ النصاب.

    حكم الصرف والتسليم مؤجلاً

    السؤال: نريد قولاً فصلاً في مسألة الصرف، نحن في السودان نبيع الريال السعودي بالجنيه السوداني ويكون تسليم الريال في هذه البلاد، والجنيه بعد حينٍ في السودان ، فهل هذا جائز؟ الجواب: القول الفصل فيما نراه في هذه المسألة: أن الأوراق النقدية يجري فيها ربا النسيئة دون ربا الفضل، لأن الربا نوعان: ربا نسيئة: وهو ما تأخر فيه القبض بين الصنفين الربويين. وربا فضل: وهو ما زاد فيه على الجانب الآخر. وأضرب لكم مثلاً: بعت درهماً بدرهمين نقداً يداً بيد، هذا ربا فضل، لماذا؟ لأن الفضل هو الزيادة، وكذلك إن بعت ديناراً ذهباً بدينارين نقداً يداً بيد، هذا ربا فضل، أما بعت ديناراً بدينار ولم تقبض هذا نسيئة، ولو بعت ديناراً بدينارين ولم تقبض. ففيه الاثنان الفضل والنسيئة؛ الفضل للزيادة، والنسيئة للتأخير. هذه الأوراق النقدية نرى أن الذي يجري فيها هو ربا النسيئة، وعلى هذا فإذا قدرنا أن عشرة ريالات سعودية بخمسين جنيهاً سودانياً -هذا سعرها في السوق- فجاء إنسان محتاج إلى جنيهات سودانية وقال: أعطني بالعشرة أربعين لا خمسين، يجوز أو لا يجوز؟ يجوز؛ لأن ربا الفضل لا يكون في باب النقود هذه، لكن أعطني خمسين بعشرة ولكن مع تأخير القبض هذا لا يجوز؛ لأن ربا النسيئة يجري في هذه النقود، الدليل أنه لا يجوز: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم -شرط- إذا كان يداً بيد) على هذا نقول للأخ الذي باع نقوداً سعودية بنقود سودانية: لا بد من التقابض. إذا كانت الدولة تمنع من خروج ذلك فهل يمكن مثلاً أن يعطيه الآن ريالات سعودية ويحيلها على بنك هناك وعند وصول الحوالة إلى المستحق يتفق مع البنك على شراء الجنيه السوداني بما يساويه هناك، فإذا كان لا يمكن فمن أجل الضرورة نقول: لا بأس أن تسلم دراهم سعودية وتأخذ عوضها هناك جنيهات سودانية للضرورة.

    حكم من بدل الشرع وتحاكم إلى القوانين الوضعية

    السؤال: هل كل من بدل الشرع وتحاكم إلى القوانين الوضعية كافر؟ الجواب: الواقع أن هذه المسألة دقيقة ولا يمكن أن نفتي بها فتوى عامة في مثل هذا المجلس؛ لأنه ربما يفهمها بعض الناس على غير الصواب، ثم يذهب يكفر كل إنسان حتى وإن لم يكن كافراً، وحينئذٍ تقوم الفتن بين الناس، ويكون التكفير سهلاً على المرء حتى لو أن القاضي مع التزامه بحكم الشرع حكم في مسألة ما بخلاف الشرع قال: هذا حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر مباح الدم والمال لا يصير هذا، هذه مسألة لا يمكن الفتوى فيها على سبيل العموم في مثل هذا المجلس؛ لأن الناس أحياناً يفهمون الجواب خطأً، فنستميح السائل العذر في عدم الفتوى فيها.

    حكم من رمى الجمرة ولم تسقط الحصى في الحوض أو شك في سقوطها

    السؤال: شخص رمى الجمرة الأولى في الحج وكان الزحام شديداً فلم تسقط في الحوض، فهل يعيد الرمي الآن؟

    الجواب: أما الآن فلا، وإذا رمى الإنسان الجمرة فله خمس حالات وأرجو الانتباه:

    الحالة الأولى: أن يعلم سقوطها في الحوض.

    الحالة الثانية: أن يعلم أنها لم تسقط في الحوض.

    الحالة الثالثة: أن يغلب على ظنه أنها سقطت في الحوض.

    الحالة الرابعة: أن يغلب على ظنه أنها لم تسقط في الحوض.

    الحالة الخامسة: أن يتردد، فلا يستطيع الترجيح.

    هذه خمس حالات ولا تخرج الحالة عن هذه الخمس:

    فإذا علم أنها لم تسقط في الحوض فعليه أن يعيدها.

    وإذا علم أنها سقطت في الحوض فقد أجزأت، هل يمكن أن يعلم أنها سقطت في الحوض؟ نعم يمكن، يمشي حتى يقف على الحوض فيتيقن ما في الحوض.

    ومن رمى الجمرات وغلب على ظنه أنها لم تسقط في الحوض، يعيدها.

    وإذا: غلب على ظنه أنها سقطت في الحوض، تجزئه.

    أما إذا تردد، يعني: لم يترجح عنده أنها سقطت في الحوض أو خارج الحوض، يعيدها؛ لأن الأصل عدم سقوطها في الحوض، فصار يعيدها في أحوالٍ ثلاث:

    إذا علم أنها لم تسقط في الحوض، وإذا غلب على ظنه أنها لم تسقط، وإذا تردد.

    ولا يعيد في حالتين:

    إذا علم أنها سقطت في الحوض، وإذا غلب على ظنه أنها سقطت في الحوض.

    ونقول لهذا الأخ: إذا كان يغلب على ظنك وأنت واقف في المرمى أنها سقطت في الحوض فقد أجزأت، ولكن لو طرأ عليك الشك بعد مفارقة المكان فلا عبرة بذلك، أحياناً الإنسان يرمي الجمرات من بعد وحين وقوعها في المرمى يغلب على ظنه أنها وقعت فيه، لكن بعد أن يفارق المكان يأتيه الشيطان يقول: ما سقطت في الحوض فلا تجزئك، ثم يبقى معالجاً لنفسه فهنا نقول: لا يضرك الشك، الشك بعد فراغ العبادة لا يؤثر، وهذه قاعدة مهمة جداً، الشك بعد فراغ العبادة لا يؤثر في العبادة، بعض الناس إذا انتهى من الصلاة وسلم جاءه الشيطان: ما قرأت الفاتحة، ما سجدت إلا مرة، يُطرح الشكُ هنا؛ لأن الشك بعد فراغ العبادة لا أثر له، وفي ذلك بيت يقول فيه الناظم:

    والشك بعد الفعل لا يؤثر     وهكذا إذا الشكوك تكثر

    وكثير من الناس كثير الشكوك؛ لا يكاد يفعل عبادة إلا شك، هذا أيضاً يطرح الشك، ولا يلتفت إليه لأن هذا هو وسواس.

    حكم مخالفة الشرط المتفق عليه

    السؤال: ما الحكم في رجلٍ يعمل لدى رجلٍ آخر واشترط عليه الثاني ألا يعمل عند غيره، ودوامه ثمان ساعات، فهل لو عمل في وقت فراغه يكون مقصراً في ذلك الشرط؟ الجواب: إذا التزم بهذا الشرط حين العقد وجب عليه الوفاء به لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الشرط جائزٌ بين المسلمين إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً) وهذا الشرط لا يحرم حلالاً ولا يحل حراماً، فهو صحيح، وإذا كان صحيحاً وجب الوفاء به، لقول الله تبارك وتعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء:34]، وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] فإذا قال قائل: كيف تمنعونه من العمل في وقتٍ هو فيه فارغ؟ قلنا: لم نمنعه بل هو الذي التزم بذلك، لماذا لم يقل لمن استأجره: أنا لا أقبل بهذا الشرط لأنه وقت الفراغ لا أقصر عليك بشيء، فإذا كان هو الذي ارتضى لنفسه هذا الشرط والتزم به فإنه يجب عليه أن يوفي به.

    حكم وقوع الطلاق المعلق بشرط

    السؤال: أنا رجلٌ قلت لزوجتي: لا تذهبي إلى ذلك البيت، فذهبت، فقلت: والله إن ذهبت أنت طالق، فهل يتم هذا الطلاق إذا ذهبت؟ الجواب: أما على المذاهب الأربعة؛ مذهب الشافعي ، ومالك ، وأبي حنيفة ، وأحمد فإن الزوجة تطلق حتى ولو أراد اليمين فإن الزوجة تطلق؛ لأن هذا طلاقٌ معلق على شرط، فإذا وجد الشرط وقع المشروط. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه إن أراد الطلاق طلقت، وإن أراد تأكيد المنع وتهديد المرأة فإنها لا تطلق لكن عليه كفارة يمين. وما اختاره الشيخ رحمه الله فهو الصواب إن شاء الله، لكن مع ذلك ننصح جميع إخواننا المسلمين أن يبتعدوا عن هذا القول، لأنكم كما ترون الآن أكثر الأمة، وجميع الأئمة يرون أن الطلاق يقع، ويكون جماع هذا الرجل لزوجته جماعاً محرماً؛ لأنها طالق ما لم ينو الرجعة إذا كان له رجوع، فالمسألة خطيرة وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت).

    متى يكون الفرح إسلامياً

    السؤال: يوجد ما يسمى بالأفراح الإسلامية وفيها يتأخر النساء أو يرجعن إلى بيوتهن عند الساعة الرابعة فجراً، فهل هذه أفراحٌ إسلامية؟ الجواب: نعم هي أفراح إسلامية إذا لم يكن فيها محرم، إذا كانت الأغاني نزيهة، وكان الطرب بالدف فقط، فلا بأس بذلك، وهذه ليست مسألة دائمة حتى نقول: إن الإنسان يرهق نفسه، وقد: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر أن يبقى متهجداً كل الليل) نقول: هذه مسألة طارئة، فلنعط النفوس حظها من الفرح بشرط ألا يتضمن ذلك وقوعاً في محرم.

    حكم الدعاء بقولك: (أطال الله عمرك)

    السؤال: هل قولي داعياً: (أطال الله عمرك) دعاء لا يستجاب؟ الجواب: أما كونه لا يستجاب فهذا أمره إلى الله عز وجل، والله سبحانه وتعالى يقول: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] لكن لا ينبغي أن يدعو بطول البقاء إلا مقيداً، فيقول: أطال الله بقاءك على طاعته؛ لأن طول البقاء قد يكون ضرراً على الباقي، فشر الناس من طال عمره وساء عمله، قد يكون طول بقاء الرجل شراً من موته، لهذا ينبغي أن تقول: أطال الله عمرك في طاعته.

    حكم الصلاة مستقبلاً حجرة النبي صلى الله عليه وسلم

    السؤال: ما حكم صلاة الفريضة مستقبلاً حجرة النبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: إذا صلى الفريضة أو النافلة مستقبلاً لحجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والقبلة عن يمينه أو عن يساره أو خلف ظهره فصلاته غير صحيحة؛ لأنه لم يستقبل القبلة، وإذا استقبل الحجرة وهو مستقبل القبلة أي: أن الحجرة كانت بينه وبين القبلة فصلاته صحيحة، فإن قال قائل: أليس قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (لا تصلوا إلى القبور) قلنا: إن قصد الرجل وتعمد أن يكون مصلياً إلى قبر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد وقع فيما نهى عنه الرسول، وأما إذا لم يقصد لكن صادف أن مكانه في الصف في هذا المكان الذي تكون الحجرة بينه وبين القبلة فهذا لا بأس به.

    المقصود بالذراع في قوله صلى الله عليه وسلم في بيان طول أهل الجنة: (.... وطول آدم ستين ذراعاً)

    السؤال: ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (أن أهل الجنة -نسأل الله أن يجعلنا منهم- يدخلون الجنة على صورة يوسف بن يعقوب، وعمر عيسى بن مريم، وطول آدم ستين ذراعاً) السؤال: المقصود ذراع من؛ ذراع الرسول أو ذراع آدم أو ذراع الإنسان نفسه؟ الجواب: الذراع المعهود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم: وهو ما بين المرفق ورءوس الأصابع، هذا الذراع، من هنا إلى أطراف الأصابع، فطولهم ستون ذراعاً، وهم على صورة واحدة أبناء ثلاث وثلاثين سنة، ولا تزيد الأعمار بزيادة السنوات؛ لأنه لا موت في الجنة، هم دائماً أبناء ثلاث وثلاثين سنة إلى ما لا نهاية له، اللهم اجعلنا منهم. اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قولٍ وعمل، والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767953121