إسلام ويب

الإمام ابن بازللشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد فاضت روح سماحة الإمام ابن باز إلى بارئها مودعاً الدنيا؛ بعد أن عاش فترة من الزمن عالماً عاملاً صادقاً مجاهداً، ومفتياً حليماً متواضعاً ورعاً زاهداً، امتدحه الشعراء، وسالت بالثناء عليه أقلام الكتاب، والدعاة والعلماء. لقد مات الذي أحبه الصغير قبل الكبير، بعد أن وهبه الله القبول في الأرض، حتى أحبه القاصي والداني .. المرأة والرجل .. العزيز والوضيع، فهو حقاً فرد زمانه، ووحيد عصره وأوانه، إمام في كل شيء، أمة في رجل.

    1.   

    فاجعة موت الإمام ابن باز

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه.

    في يوم الخميس السابع والعشرين من شهر المحرم من عام عشرين وأربعمائة وألف فزعت الأمة الإسلامية بفقد شيخ الإسلام إمام أهل السنة والجماعة العلامة الفقيه الحجة عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء حتى وفاته.

    كانت وفاة الشيخ الجليل خطباً عظيماً ومصاباً جللاً، فقد توقفت الكلمات، وتحدثت العبرات، وأخبرت الدموع بهول الفاجعة وعِظم المصيبة، لقد انهد جبل من الدين، وحدثت ثلمة عظيمة، نسأل الله أن يجبر مصاب الأمة فيها ويعوضها خيراً، وليس لنا إلا أن نقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنا لله وإنا إليه راجعون!

    ولد الشيخ الفقيد في أسرة علم وفضل عام (1330هـ) وحفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ، ودرس علوم الشريعة وتمكن منها، فقد بصره عام (1350هـ) وقد منحه الله بصيرة نافذة وحباً للعلم ومجالسة العلماء، ولازم عدداً منهم على رأسهم سماحة الشيخ العلامة مفتي الديار السعودية في زمانه/ محمد بن إبراهيم آل الشيخ لمدة عشر سنوات، وفي عام (1357هـ) تولى القضاء في الدلم وقضى فيها أكثر من أربعة عشر عاماً، ولدى افتتاح المعهد العلمي بـالرياض درَّس فيه سنة واحدة، ثم درَّس في كلية الشريعة منذ إنشائها عام (1373هـ) حتى عام (1381هـ) حيث أصبح نائباً لرئيس الجامعة الإسلامية بـالمدينة النبوية ، ثم رئيساً لها منذ عام (1390هـ) حتى عام (1395هـ) وبعد ذلك عاد إلى الرياض بعد أن صدر الأمر الملكي بتعيينه في منصب الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ثم صدر الأمر الملكي بتعيينه مفتياً عاماً للمملكة العربية السعودية عام (1414هـ).

    لقد ترك فقد سماحة الشيخ الوالد عبد العزيز بن باز رحمه الله فراغاً كبيراً وأثّر تأثيراً عظيماً على أحبابه وطلابه وأعيان الناس وعامتهم، صلى عليه مئات الألوف من المصلين حاضراً في المسجد الحرام يوم الجمعة الثامن والعشرين من شهر المحرم وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله وأعز بهم الملة وزادهم شرفاً وتوفيقاً، ومعهم عدد كبير من الأمراء والعلماء والأعيان وعموم المسلمين، وصلى عليه المصلون صلاة الغائب في جميع جوامع المملكة العربية السعودية وعدد كبير من المساجد داخل العالم الإسلامي وخارجه.

    لقد كان الشيخ العلامة الفقيه صاحب منهج سديد وعقل رشيد، ولسان عفيف، وقلب سليم من الأحقاد والأطماع الزائفة، ولا نزكيه على الله، ولكن هكذا نحسبه يرحمه الله رحمة واسعة، لقد قضى ما يقرب من تسعين عاماً في التعليم والتعلم والدعوة والجهاد والنصح والتوجيه وخدمة المسلمين وقضاء حوائجهم وتبيين الحق لهم.

    رحم الله فقيد الأمة الإسلامية، ورفع درجته في المهديين، وأسكنه الفردوس الأعلى إنه سميع مجيب.

    ويسرنا أن تكون حلقتنا لهذا اليوم من برنامج دين ودنيا مخصصة بالحديث عن سماحته رحمه الله، ويسرنا أن يكون معنا في هذه الحلقة معالي الشيخ الدكتور/ عبد الله بن عبد المحسن التركي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ثم نتحدث بعد ذلك مع ضيفين كريمين آخرين سيأتيان إلى الإستديو بإذن الله جل وعلا.

    نبدأ بحديثنا مع فضيلة الشيخ عبد الله التركي، ونشكر لكم تفضلكم في المجيء هذا اليوم للحديث عن سماحة الفقيد رحمه الله.

    لعلنا نبدأ -فضيلة الشيخ- بالحديث عن ذكرياتكم الخاصة مع سماحة فقيد الأمة الإسلامية رحمه الله!

    1.   

    سجل الذكريات بين الإمام ابن باز والشيخ التركي

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإن الحديث عن سماحة والدنا وشيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله وأسكنه فسيح جنته، يعود بالإنسان إلى مجالات عديدة، وإلى موضوعات متنوعة، والذكريات طويلة وعريضة، لقد كان رحمه الله عالماً يمثل نمطاً فريداً في الأمة، يمثل السلف الصالح في علمه ودعوته وتعامله مع الناس، حيث قضى حياته كلها لله سبحانه وتعالى طلباً للعلم وتعليماً لهذا العلم وعملاً به.

    له آلاف من الطلاب والمحبين وممن تتلمذ عليه واستفاد منه سواء أكان هذا في داخل المملكة العربية السعودية أم في خارجها.

    علاقتي شخصياً مع سماحته من شقين:

    1- علاقة طلب للعلم وتتلمذ عليه.

    2- علاقة في مجال العمل وفي مجال التعاون وفي مجالات الخير.

    أما الدراسة فقد كان سماحته أستاذاً ومربياً وموجهاً لطلاب كلية الشريعة في الرياض ، وقد كنت أحد الدارسين فيها، وتتلمذت على سماحته، وكذلك في المعهد العالي للقضاء فقد كان يدرس رحمه الله مادة الفقه، واستفاد الطلاب منه فائدة عظيمة إضافة إلى ما تلقيناه عنه من دروس وعلوم في مجال دروسه في المساجد والمحاضرات التي يلقيها والندوات التي يشترك فيها.

    أما مجال العمل فقد كان مجالاً رحباً وعلى وجه الخصوص حينما كان سماحته رئيساً للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وقد كنت مسئولاً في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد كانت الصلة وثقى بينه وبين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فكان حريصاً عليها وعلى أساتذتها وعلى طلابها وعلى مناهجها وعلى ما يتعلق بالجامعة ومعاهدها، سواء هذا أكان في داخل المملكة أو في خارجها.

    ثم بعد ذلك مجال العمل في وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ومعروفٌ أنه رحمه الله كان رئيساً لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وكان الجميع مرتبطين به، وكانت الدعوة في داخل المملكة وفي خارج المملكة مرتبطة به، وبعد أن انتقلت قضايا الدعوة والدعاة إلى وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد كان رحمه الله متابعاً لها حريصاً على كثير من قضاياها لا يستطيع الإنسان في هذه العجالة أن يلم بالصلة الخاصة به، لكنها كانت مجالاً للدراسة وللبحث وللاستفادة، تجربة فترة طويلة، أعرفه رحمه الله منذ أكثر من خمسة وأربعين سنة في مجال التعليم.. في مجال التوجيه.. في مجال الدعوة إلى الله، وكما قلت يصعب على الإنسان في هذه العجالة أن يتحدث حديثاً وافياً أو شاملاً عن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، لأن حياته كلها كانت متجهة للعلم وللدعوة وللعمل الصالح، في الاهتمام بقضايا المسلمين، ولمؤازرة ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية ، في الوقوف بجانب المسلمين أينما كانوا في محنهم ومشاكلهم وقضاياهم، كان ملجاً بعد الله سبحانه وتعالى للضعفاء والمساكين والمحتاجين وطلاب العلم.

    المقدم: لا شك أن مآثره رحمة الله عليه كثيرة ونريد أن نشترك معكم ومع ضيوفنا الكرام وكذلك مع كل المشاهدين بمداخلاتهم واتصالاتهم.

    1.   

    العناية بمؤلفات الإمام ابن باز

    فضيلة الشيخ: قبل أن ننتقل إلى الفقرة التالية لدينا اتصال: تفضل يا أخي الكريم.

    المتصل: السلام عليكم.

    الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

    المتصل: معالي الوزير.

    الشيخ: نعم.

    المتصل: لاشك أن لسماحة الشيخ رحمه الله مكانة كبيرة في نفوس كثير من الناس، فيا حبذا لو تقوم وزارة الشئون الإسلامية بجمع وطبع فتاوى الشيخ عبد العزيز رحمه الله في مجلدات، وأيضاً لو تترجم إلى لغات في الخارج. فقد قدر لي وكنت في أمريكا أن صليت الجمعة في إحدى الولايات في أحد المراكز الإسلامية هناك وكانت هناك لوحة خاصة بفتاوى ابن باز رحمه الله، فيا حبذا لو تتبنى الوزارة هذا جزاكم الله خيراً.

    المقدم: شكراً لاتصالك يا أخي الكريم، تفضل يا معالي الشيخ.

    الشيخ: فيما يتعلق بمؤلفات سماحة الشيخ عبد العزيز وفتاواه نحمد الله سبحانه وتعالى أن الجزء الأكبر منها قد طبع في حياته وترجم العديد من هذه المؤلفات وهذه الرسائل والفتاوى إلى العديد من لغات العالم الإسلامي، وحتى اللغات العالمية الأخرى، ووزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لها جهد بارز في هذا الأمر، فأكثر المطبوعات والرسائل التي يتم توزيعها على الحجاج والمعتمرين وتوزع على المراكز الإسلامية وعلى الجمعيات الإسلامية في الخارج هي من مؤلفات سماحته رحمه الله، وقد ترجم كثير منها إلى العديد من اللغات، لا شك أن هذه المؤلفات التي تركها، وهذه الثروة العظيمة من الفتاوى ومن التوجيهات والمحاضرات يهم المسلمين عموماً، ويحرص كل مسلم على الاهتمام بها، فهي محل العناية والاهتمام من قبل الوزارة ومن قبل طلاب العلم ومن قبل الباحثين ومن قبل رئاسة الإفتاء والبحوث العلمية، ومن قبل أبناء سماحته، وفي طلاب العلم أبناء لسماحة الشيخ، ولذلك فإن هذا العلم الذي خلفه وهذا الإرث العظيم الذي تركه ينبغي أن يكون محل عناية من الباحثين والدارسين في الدراسات العليا، وينبغي أن تدرس هذه الآثار وهذه المؤلفات من قبل الناس الذين يعتنون بالدعوة إلى الله، والوزارة بحكم اختصاصها في مجال الدعوة إلى الله حريصة على أن توصل هذه المطبوعات وأن تترجم ما يمكن أن يترجم منها، وأن توزع للمسلمين أينما كانوا، ولدينا برنامج منذ سنوات في أثناء حياته رحمه الله، حيث يحثنا دائماً على طبع الكتب الإسلامية عموماً وخاصة ما يتصل بالعقيدة الإسلامية والتوجيهات الإسلامية، وفي مقدمتها ما تركه من مؤلفات، وهذا الاقتراح وهذا الرأي رأيناه وأرجو إن شاء الله أن تهتم الوزارة به.

    1.   

    جهود الإمام ابن باز في الدعوة إلى الله

    المقدم: شكراً معالي الوزير، يبدو أن الاتصالات مستمرة ونأخذ هذا الاتصال تفضل أخي:

    المتصل: السلام عليكم.

    المقدم: وعليكم السلام يا أخي.. تفضل.

    المتصل: معالي الشيخ عظم الله أجركم.

    الشيخ: الله يعفو عنا وعنه ويخلف على المسلمين خيراً

    المتصل: نرجو منك معالي الوزير أن تحدثنا عن علاقتك مع سماحة الشيخ.. وجهوده رحمه الله في داخل المملكة وخارجها في نشر الدعوة سواء كانت الوزارة أيام ارتباطها بسماحة الشيخ أو بعد انفصالها عنه؟

    المقدم: شكراً أخي الكريم! حقيقة معالي الشيخ إذا تكرمتم ودمجتم هذا مع منهجه رحمة الله عليه في الدعوة إلى الله لأن هذا في الحقيقة مهم إلى جانب جهوده المعروفة.

    الشيخ: نجيب السائل أولاً وهو سؤال مهم، جهود سماحة الشيخ في الدعوة إلى الله ليست قريبة لكنها منذ عهد مبكر، فقد جمع رحمه الله بين العلم والعمل والدعوة إلى الله والاهتمام بأمور الدعاة، حينما كان في التدريس والتعليم والقضاء، ثم بعد أن انتقل إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة كان له جهد كبير في تأهيل الدعاة نجد مئات بل آلاف الدعاة المنتشرين في مختلف أنحاء العالم ممن درسوا على سماحته في الجامعة الإسلامية في المدينة تأثروا بمنهجه وبطريقته، وبعد أن انتقل إلى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد كان له الجهد الكبير فيما يتعلق بتعيين الدعاة، وفيما يتعلق بعون الدعاة، لدينا عدد كبير من الدعاة كانت لهم صلة مستمرة بسماحته.. ينفق عليهم.. ييسر أمورهم.. يهتم بقضاياهم.. يعينهم في مدارسهم.. في جمعياتهم.

    أما فيما يتعلق بمنهج سماحته رحمه الله في الدعوة إلى الله فهو منهج إسلامي.. المنهج العدل.. المنهج الوسط.. المنهج الذي يحرص كل الحرص على حياة الناس بحيث تستقيم كما أراد الله سبحانه وتعالى، وأن يعبد الناس ربهم عبادة حقيقية هذه العبادة التي خلقوا من أجلها وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].

    الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى يمثل المنهج السلفي المعتدل الوسط منهج الإسلام الحق الذي يعتمد على النص من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويتابع السلف الصالح، ويبتعد عن الآراء البعيدة وعن النصوص والاجتهادات التي قد تبعد الإنسان عن جو القرآن وعن جو السنة، وعما كان عليه السلف الصالح، هذا المنهج الذي يتسم بالعلم.. يتسم بالإخلاص لله سبحانه وتعالى.. يتسم بالرفق.. باللين.. بالحرص على مصالح الناس.. بقضاء حوائجهم، لا شك أن الدعاة بحاجة إلى هذه النماذج.. في حاجة إلى هذه القدوة، ومنهج سماحته هو المنهج السلفي المعتدل المرتبط بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا المنهج درج عليه والحمد لله علماء المملكة العربية السعودية منذ عهد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الذي جدد الدين في نفوس الناس وأقام دعوة إصلاحية عظيمة قائمة على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى ما كان عليه السلف الصالح.

    طَبَّقَ سماحة الشيخ عبد العزيز من هذا المنهج منهج الإمام ابن تيمية و ابن القيم و ابن كثير وعلماء السلف والإمام أحمد والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة ، الأئمة الذين حرصوا كل الحرص على أن يصبروا على كتاب الله سبحانه وتعالى وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ينشروا هذا الهدي وهذا الخير؛ لأن رسالة العلماء ليست رسالة علم مجرد؛ ولكنها عمل وسلوك ينقلون هذا العلم ويطبقونه في أنفسهم ويدعون الناس إليه.

    1.   

    واجب المسلمين عامة ووزارة الأوقاف خاصة نحو الإمام ابن باز

    المقدم: حقيقة لدينا اتصال آخر.. تفضل أخي الكريم:

    المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    الشيخ: وعليكم السلام.

    المتصل: معالي الشيخ عبد الله التركي عظم الله أجركم.

    الشيخ: الله يعفو عنا وعنه ويجزيه عن المسلمين والإسلام خيراً.

    المتصل: عظم الله أجر المسلمين في فقيد الإسلام عبد العزيز بن باز .

    الشيخ: آمين.

    المتصل: فضيلة الدكتور نرجوكم في هذه العجالة أن تفيدونا عما يجب أن يفعله المسلمون تجاه هذا العالم الجليل، ولأمثاله من العلماء الذين افتقدناهم، حتى تبقى ذكراهم في قلوب الأمة الإسلامية، وبارك الله فيك وفي هذه الأمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

    أهم شيء في هذا المجال أن ندعو وأن يدعو المسلمون لسماحته بالمغفرة والرحمة، وأن يجزيه الله سبحانه وتعالى خير الجزاء عن جهوده العظيمة للإسلام والمسلمين.

    والشيء المهم فيما يتعلق بالحديث عن العلماء وعن الدعاة أن يحرص الناس على الاقتداء بهم، وعلى تقدير العلم الذي يحملونه والدعوة التي يدعون إليها، العلماء هم ورثة الأنبياء، ولا شك أن قدوتنا وقدوة المسلمين هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا العلم الإسلامي العلم بكتاب الله وبسنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم ورثه العلماء العاملون، هؤلاء العلماء يجب على المسلمين أن يقدروهم ويحترموهم وأن يدعوا للميت منهم بالمغفرة، وللحي بالعون والتوفيق، وأن يحرص المسلم كل الحرص على الاستفادة من آثار هؤلاء العلماء.

    سماحة الشيخ رحمه الله قدم على ما قدم، وجاهد في سبيل الله، وعمل الكثير في سبيل المسلمين، ولاشك أن من حقه علينا أن ندعو له بالرحمة وبالمغفرة، وأن نحرص كل الحرص على أن نسير على ذات المنهج والطريق الذي سار عليه ودعا إليه، لإنه منهج رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله وفي حب الخير للناس، وهكذا العلماء في كل وقت وفي كل مكان وفي كل مناسبة، العلماء هم ورثة الأنبياء، العلماء يدعون إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين كلفهم الله سبحانه وتعالى ببيان هذا الدين والدعوة إليه، ولذلك حينما نقول: ينبغي أن يقدر العالم، إنما يقدر لعلمه ولما يحمله من خير، ولما يتصف به من صفات عظيمة، ولا شك أن سماحة الشيخ عبد العزيز رحمه الله يتميز بصفات عظيمة تحدث عنها الناس ويعرفها الناس من أهمها: العمل والزهد والتواضع والحرص على نفع الناس، الحرص الكثير على نفع المسلمين، الاهتمام بقضاياهم.

    المقدم: نود أن نقدم للشيخ موضوعات كثيرة لكن لدينا اتصال آخر.

    المتصل: السلام عليكم

    المقدم: وعليكم السلام

    المتصل: حياك الله

    المقدم: الله يحييك

    المتصل: عظم الله أجر الجميع بفقيد الأمة

    الشيخ: رحمه الله

    المتصل: ......

    الشيخ: المعروف أن أكثر الدعاة في المملكة العربية السعودية وخاصة الذين يتبعون لوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد هم أبناء وتلاميذ لسماحة الشيخ عبد العزيز ، فهم أقدر الناس على أن يسلكوا المنهج الذي سلكه في دعوتهم وفي خطبهم وفي دروسهم، إضافة إلى أن ما تقوم به الوزارة في مجال النشر والطباعة والأشرطة والتوزيع جزء كبير منها يمثل مؤلفات الشيخ وتوجيهاته رحمه الله والمنهج الذي سار عليه الشيخ، ووزارة الشئون الإسلامية في مجال الدعوة في المملكة العربية السعودية تسير على ذات المنهاج الذي سار عليه سماحة الشيخ عبد العزيز ، وكما أشرت إليه سابقاً هو المنهج السلفي، هو المنهج الذي دعا إليه سابقاً الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأئمة الدعوة من بعده ونصرته المملكة العربية السعودية منذ عهد الإمام محمد بن سعود رحمه الله، والأئمة من آل سعود منذ ذلك العهد إلى عهد الملك عبد العزيز رحمه الله إلى العهد الحاضر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله، يحرصون كل الحرص على التقيد بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبرد الناس إلى هذين المصدرين، هذا هو المنهاج الذي صار عليه أئمة هذه الدولة وعلماء هذه الدولة، ولا شك أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على ذات المنهاج وعلى ذات الطريق نفسه.

    أما فيما يتعلق باقتراح رصد تراثه وجمعه، فلا شك أن الوزارة معنية بهذا الأمر وستسعى إن شاء الله لهذا، لكنه علم واسع وليس محصوراً للوزارة كما أشرت سابقاً، فينبغي أن يتنافس العلماء والدعاة والجامعات والمدارس، وسنرى المئات من الكتابات والأبحاث التي تتحدث في هذا المجال؛ لأنها لا تتحدث عن سماحة الشيخ عبد العزيز رحمه الله كشخص لكنها تتحدث عن الإسلام.. عن الدعوة إلى الله.. عن العلم الشرعي.. عن مكانة العلماء.

    أما فيما يتعلق بالأنموذج، فلا شك أن سماحة الشيخ رحمه الله يمثل أنموذجاً فريداً في سلوكه، وتواضعه وعفته ورفقه وحرصه على مصالح الناس، وكل هذه الصفات قدوتنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينبغي للعلماء أن يحرصوا على التحلي بهذه الصفات، والخير إن شاء الله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وسيستمر الخير ما دام أن القرآن محفوظ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، وما دامت السنة قائمة، ومادام العلم الشرعي بين أيدي الناس، فالأمة التي تخرج منها الإمام أحمد و ابن تيمية و ابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب والشيخ عبد العزيز بن باز وغيرهم من المشايخ، سيوجد بإذن الله فيها العلماء الذين توجد فيهم القدوة الصالحة، والناس يتفاوتون، وهذا ثبات من الله سبحانه وتعالى وتوفيق، فإذا أخلص الإنسان النية لله وأخذ بالأسباب حقق الكثير مما ينبغي أن يوجد في العالم حتى يكون مرجعاً للناس.

    المقدم: ماذا لو جعلنا موسوعة لعلماء المملكة العربية السعودية، وعلماء الدعوة السلفية في العالم كله تتبناها الوزارة في هذا المجال؟

    الشيخ: هذا الشيء من الأمور المهمة وإن شاء الله نسعى إليه في الوزارة، ولدينا العديد من الترجمات الآن عن علماء المملكة وكثير من الباحثين قدم ترجمات كثيرة سواء الشيخ عبد الله بن بسام ، وغيره من المشايخ لهم جهد في هذا المجال، والجامعات الإسلامية وجامعة الإمام محمد بن سعود فيها العديد من الرسائل عن علماء وأئمة الدعوة منذ عهد الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى الوقت الحاضر، أُخرجت رسائل عن الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله والشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، والشيخ القرعاوي ، عملت أبحاث عن الشيخ عبد الله العنقري وعن العديد من مشايخ وعلماء المملكة، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حياته ثروة واسعة وفيها الجهد والجهاد العظيم في المجال العلمي الفقهي.. في مجال القضاء.. في مجال الأعمال الخيرية.. في مجالات عديدة.. في مجال الدعوة إلى الله في خارج المملكة كلها تحتاج إلى تسهيل وإلى دراسة وإلى استفادة من هذه التجربة الكبيرة.

    المقدم: شكر الله لكم معالي الوزير، ونتمنى أن نستمر معكم ولكن الحقيقة أننا نعرف ظروفكم وارتباطاتكم وبخاصة في هذا اليوم، وقد طلبتم أن تكونوا لجزء يسير في البرنامج، والحقيقة نحن نشكركم شكراً جزيلاً ونعتذر للمشاهدين في ألا تكملوا معنا هذه الحلقة لهذا اليوم ونرجو أن يتسع المجال للقاءات أوسع بإذن الله تعالى.

    الشيخ: إن شاء الله.

    المقدم: شكراً جزيلاً معالي الشيخ عبد الله بن عبد المحسن التركي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية ، والحقيقة لدينا ضيفان آخران كريمان نكمل معهما الحلقة وهما فضيلة الشيخ/ عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء ورئيس محكمة التمييز في مكة المكرمة سابقاً، وفضيلة الشيخ أحمد بن عبد العزيز بن باز ابن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عليه رحمة الله تعالى، فمرحباً بشيخينا الكريمين وأهلاً وسهلاً وحياكم الله لنستكمل الحديث عن سماحة والدنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، يا مرحباً بكما.

    وفي واقع الأمر سمعتم ما تفضل به معالي الشيخ في الموضوع، وأود أن أبدأ مع فضيلة الشيخ عبد الله وقد قرأت لك رصداً لعلاقتك بسماحة الشيخ الوالد في الكتاب الذي صدر بعنوان الإنجاز في حياة الإمام عبد العزيز بن باز للأخ عبد الرحمن بن يوسف الرحمة ، وأشرت فيه إلى علاقتك معه، وأيضاً كان رئيساً لك، وعملت معه سنتين، إضافة إلى الصلة المستمرة في هيئة كبار العلماء ووزارة الأوقاف، فهلا حدثتمونا عن بعض الذكريات الخاصة مع سماحته عليه رحمة الله.

    1.   

    الشيخ ابن منيع وذكرياته الخاصة مع الإمام ابن باز

    الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً كثيراً.

    الواقع أن الحديث عن شيخنا وإمامنا وحبيبنا رحمة الله عليه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الحديث ذو شجون وذو تفرع، وهو في الواقع مما ينتبه له الخاطر وتنساق له النفس، فرحمه الله رحمة واسعة، والواقع أن وفاته رحمة الله عليه أوجدت نقصاً عظيماً، ولكن نسأل الله سبحانه وتعالى القادر على أن يعوض المسلمين بمن فيه الخير والبركة، وأن يرحم شيخنا ويجعل قبره روضة من رياض الجنة، فهو له فضل كبير على أهل هذه البلاد خاصة وعلى بلاد المسلمين عامة فرحمة الله عليه.

    أما ما يتعلق بصلتي بسماحته، فالواقع أن صلتي بسماحته صلة متعددة المستويات، أُولى هذه الصلات أنني أحد طلابه في المعهد العلمي عام (1373،1372هـ) كذلك أحد طلابه في الكلية، وفي نفس الأمر كذلك كنت أحد طلابه في المعهد العالي للقضاء، فكان رحمه الله يعطينا من الفوائد العلمية ومن التوجيهات الشيء الكثير الذي نعتز به، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناته.

    كذلك عملت مع سماحته لا أقول: زميلاً، فأنا لا أجرؤ أن أقول مثل هذا الكلام، ولكني أقول: إنني عملت مع سماحته فأنا أحد المرءوسين، عملت مع سماحته في الإفتاء، حينما كان رئيساً للإفتاء والدعوة والإرشاد، وعملت مع سماحته في اللجنة اللدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ثم بعد ذلك تكرم عليَّ رحمه الله رحمةً واسعة بأن عينني نائباً عاماً له في الإفتاء، عملت مع سماحته قرابة ثلاث سنوات، وأنا في الواقع في منتهى الارتياح والانشراح، فهو رحمه الله لا أقول: إنه رئيساً لي فقط ولكني أقول: بأنه والد حنون؛ فضلاً عما يتمتع به من المعاملة الحسنة في رئاسته، وفي معاملته مع موظفيه رحمة الله عليه رحمة واسعة، وهناك أيضاً مجالات عمل أخرى كما عملت معه في هيئة كبار العلماء منذ أُنشئت الهيئة وهو من أكبر المسئولين فيها، ومحبكم أحد أعضاء الهيئة منذ إنشائها، فعملت معه رحمه الله في مجالات أكثر من خمسة وعشرين عاماً في هيئة كبار العلماء ، فكان رحمه الله يعمل موجهاً، وإذا جاء رأيه فهو الرأي الفصل رحمة الله عليه رحمة واسعة.

    عملت معه رحمه الله في المجلس الأعلى في دار الحديث الخيرية، وفي الواقع هذه الدار التي قامت بتوفيق الله سبحانه وتعالى، ثم بما يبذله رحمه الله من مجهودات عظيمة جعلت الدار تمثل جامعة علمية ولا أقول: جامعة بالمصطلح الجامعي المعروف الذي يعني أن الجامعة مجموعة كليات، ولكني أقول: إنها جامعة تعني المستويات العلمية المختلفة من ابتدائي وثانوي وعالٍ، فهي في الواقع جامعة، فالفضل لله سبحانه وتعالى ثم لسماحته في إيجاد هذه الجامعة، وأنا أعمل مع زملائي في المجلس الأعلى لها، فكان رحمه الله نعم الوالد، ونعم المسئول، ونعم المهتم بشئون هذه الدار.

    1.   

    أبيات في رثاء الإمام ابن باز

    1.   

    أحمد بن باز.. وصلته الخاصة بأبيه

    أنتقل إليك يا فضيلة الشيخ أحمد وأنت أخونا في الله؛ لأننا نشترك في بنوة سماحة والدنا، ولكنك حظيت علينا بأنك كنت ملازماً لسماحة الوالد عليه رحمة الله تعالى، لعلك تحدثنا عن هذه الصلة الخاصة به عليه رحمة الله وكيف أثرت فيك شخصياً.

    الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    في البداية أحب أن أشكر (تليفزيون) السعودية على هذه الحلقة المباركة والموفقة، وأشكركم أيضاً شخصياً على استضافتكم لي في هذا البرنامج.

    لاشك أن وفاة الوالد كانت مصاباً عظيماً علينا نحن كأبناء وعلى الأمة الإسلامية وعلى جميع الناس، صحيح أنني من أبناء سماحة الشيخ وتربطني به صلة القرابة، وجئت إلى الدنيا وكان سماحة الوالد قد جاوز الستين من العمر، على كبر من سماحة الوالد في عمر مديد من الأعمال والدعوة والفتيا، كان سماحة الوالد مشغولاً بالدعوة إلى الله والتعليم والفتيا، ورغم كل هذا لم يمنعه أن يكون أباً لي، ولجميع إخواني القريبين، وإخواني المسلمين عموماً، كان يهتم بنا رحمه الله تعالى بصلته كأب لنا، يعطينا ما يعطيه الأب لابنه من عطف وحنان ورعاية ونصح وإرشاد وتوجيه ودعوة أيضاً، ويحاول بشتى الطرق والوسائل أن يكون أباً وفياً مع أبنائه رغم انشغاله بأعماله العظيمة.

    1.   

    الشيخ ناصر الزهراني وعلاقته بالإمام ابن باز

    المقدم: لعلي أن أتلقى اتصالاً.

    المتصل: السلام عليكم.

    المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.

    المتصل: أحسن الله عزاءكم وعزاء الجميع في سماحة الوالد عبد العزيز بن باز ، أخوكم الدكتور/ ناصر الزهراني من الذين منَّ الله تعالى عليهم بصحبة هذا الشيخ الجليل رحمه الله رحمة واسعة، وسمحت لي الظروف من خلال محبتي له منذ القدم، ومن خلال إمامتي لمسجده في مكة المكرمة ومن خلال عملي وكيلاً عنه لبعض المشاريع الخيرية بـمكة أن أحظى بالجلوس إليه كثيراً، وأنهل من علمه وأتمتع بتلك الصحبة الجميلة التي تعلمت منها الكثير والكثير، ومثلما ذكر الأحبة حديثاً عن سماحة الشيخ لا تكفي فيه أوقات طويلة ولكن في مثل هذه العجالة الإنسان يحاول أن يذكر ولو طرفاً يسيراً من بعض ما عرفه عن هذا العالم الجليل رحمه الله رحمة واسعة، فمثلما ذكر الأحبة أن الشيخ لم يكن تميزه فقط من الناحية العلمية، وإن كان بلغ فيها شأناً عظيماً؛ لكن التمييز هو بهذه الشمولية العظيمة، سأذكر لكم من خلال صحبتي فقط في آخر قدوم له إلى مكة ، وقد لا تكون وصلت إلى عشرة أيام، هذا التنوع والشمول في حياته رحمه الله رحمة واسعة، من الناحية الاجتماعية، ومن الناحية العلمية، ومن جميع النواحي، فمثلاً من الناحية العلمية كتبت له في آخر مرة قد تكون قبل شهر من الآن عن جماعة سلفية في الهند تطلب دعماً لبعض الكتب، فظننت أن الشيخ رحمه الله لم يتمكن من قراءة الخطاب ووافاه الأجل قبل أن يقرأه فإذا بي أفاجأ أن بعض الشركات يتصلون بي ويرسل ثلاثة طرود مليئة بالكتب من سماحة الشيخ عن طريق ناصر الزهراني ترسل إلى الهند لمن طلبها هناك.

    ومن الناحية الاجتماعية كتبت له عن امرأة فقيرة كاد بيتها أن يسقط عليها، فإذا بسماحته رحمه الله يرسل إلينا أن انظروا ماذا يكلف البيت وابعثوا لنا بالتكاليف؟ ففعلنا وبعثناه إلى سماحته، ولا أدري هل هي ممن ستحظى بالرد أم أن الشيخ وافته الأجل قبل أن يقرأها؟ المهم أن الشيخ رحمه الله سهل في عظمته متواضع في هيبته فريد في رفعته، وهو مثلما قال البحتري:

    دان إلى أيدي العفاة وشـاسع     عن كل ند في العلا وضريب

    كالبدر أفرط في العلو وضوءه     للعصبة السارين جد قريب

    يطوي الزمان بفعل الجميل من القول والصالح من العمل، ويطوي المكان بشمولية الاهتمام والرعاية لعباد الله في أصقاع الأرض، فهو كالغيث الهني مباركاً أينما كان، إن أصاب الأرض منه ري وإلا فطل، فهو عالمي يعلم أن الأمة واحدة وأن العالم الإسلامي كلٌ لا يتجزأ، وإن تباعدت أقطاره وتناثرت دياره، هو العضو الصالح البار الراشد، ربانيٌ فلا يقول إلا بالوحي نصاً وروحاً، ونصاً ودقة، وهو وليٌ والولاية ظاهرة بالسمت والزي والاستقامة.

    إيمان عميق، وهمة عالية، وخشوع وخضوع، فرحمه الله رحمة واسعة، اسمحو لي أن أقرأ عليكم أبياتاً من قصيدته المشهورة بازية الدعوة التي قدم لها أربعة علماء وأربعة وزراء ومنهم فضيلة الشيخ معالي الوزير عبد الله حفظه الله أختم هذه المشاركة بهذه الخمسة الأبيات، فهل تأذنون؟

    المقدم: تفضل بارك الله فيك.

    المتصل:

    في الجود مدرسة في البذل مملكة     في العلم نابغة أستاذ أجيال

    الحق مذهبه والنصح يعجبه     والذكر يطربه يحيا به .....

    العلم مؤنسه والله يحرسه     ما كان مجلسه للقيل والقال

    العين دامعة والكف ضارعة     والنفس خاشعة من خشية الوالي

    يا درة العصر يا بحر العلوم فما     رأت لك العين من ند وأمثال

    المقدم: بارك الله فيك في الحقيقة أتحفتنا بقطعتين أدبيتين إحداهما نثرية والأخرى شعرية.

    المتصل: ليت المجال يسمح وأقول أكثر من هذا، وعندي إن شاء الله تسعون حلقة أذكرها عن الشيخ رحمه الله.

    المقدم: والله نحن قرأنا عن هذا في الصحف، ونهنئك على هذه الروح وهذا التعب، وشكر الله لك يا (دكتور) ناصر .

    1.   

    منهج الإمام ابن باز في الفتيا

    فضيلة الشيخ عبد الله، لا شك أن المزايا كثيرة بسماحة فقيد الأمة الإسلامية لكنكم وقد عملتم معه في مجال البحث والفتيا على وجه الخصوص، لعلكم تحدثونا عن منهجه رحمه الله في هذا الباب وكيف برز وبرع فيه؟

    الشيخ: في الواقع أولاً إنني أرى أن سماحته قدوة الأرض، ولكنها قدوة عزيزة المنافع، فهو رحمه الله يمكن أن يقول أي عالم من العلماء: لعلي أحظى بالاقتداء بسماحته وأكون مثله، ولكن أنى ذلك، فهو رحمه الله عالم من علماء الحديث فهو حجة فيه، وعالم من علماء الفقه فهو يقول ما يفهم به، وما يقوله في الفقه على بصيرة من الأمر وبدليل لا يتطرق إليه شك، هو رحمه الله كريمٌ لنفسه كرماً لا يمكن إلا أن يعظم الله سبحانه وتعالى على هذه الهبة العظيمة التي وهبها لهذا العالم الجليل، ولهذا التقي الولي الكريم رحمة الله عليه.

    كريم في ماله؛ فقد حدثني بعض المسئولين عن شئون بيته الخاصة، بأنه ينفق ما لا يقل عن ألفين وخمسمائة ريال يومياً هذا في الأمور العادية، فمن يكون بمثله عليه رحمة الله، كريم في تواضعه فهو رحمه الله يذكر بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان يستمع إلى المرأة قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [المجادلة:1] فكان صلى الله عليه وسلم يستمع إليها بروح كلها تواضع وكلها أمل فيما يعطيه من كلام، فكان شيخنا رحمة الله عليه مثلاً أو هو في الواقع مقتدٍ الاقتداء الكامل برسول الله صلى الله عليه وسلم، كان مجلسه رحمه الله مجلس تُقى وعلم وصلاة، من حين يبدأ المجلس سواء كان مجلساً من مجالسه الخاصة في بيته، أو كان مجلساً من المجالس التي يُدعى إليها من إخوانه ومن أبنائه، فهو في الواقع بمجرد أن يصل أولاً يبدأ بمن يقرأ من كتاب الله، ثم بعد ذلك يشرح ما يتيسر، ثم بعد ذلك تنهال عليه المسألة، فكل مجلس من مجالسه يعتبر منتدىً علمياً، هذا في الواقع يعتبر قدوة عظيمة وقدوة أستطيع أن أؤكد أنه قدوة صعبة المنال.

    وكان رحمه الله فيما يتعلق بتعاملنا أو تعلمنا منه رحمة الله عليه في مجالسنا العملية معه، كان يعطي من التأصيل والتقعيد الفقهي لأي مسألة من المسائل ما يمكن أن نصل إلى المطلوب فيها، وهو رضي الله عنه وأرضاه ورحمه الله رحمة واسعة حينما يعطي هذه التوجيهات لنصل إلى نتيجة هي محل اعتبار، وهذا ما نلاحظه في مجلس هيئة كبار العلماء وفي اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وفي مجالستنا معه رحمه الله، وفي نفس الأمر ليس متعصباً لرأيه إذا رأى أن رأيه فيه احتمال وأن الرأي الآخر هو الرأي الراجح، فهو في الواقع يترك رأيه ويرجع إلى الرأي الراجح، ويقول بعد ذلك: اللهم اهدنا فيمن هديت، فدائماً يكرر هذه العبارة رحمه الله رحمة واسعة، فالواقع أن الحديث عن سماحته لا ينقضي، ولا يمكن أن تنهيه جلسة أو جلستان من هذه الجلسات.

    1.   

    عبادة الإمام ابن باز وزهده

    المقدم: بارك الله فيكم على هذا الإيضاح، الشيخ أحمد وأنت كنت لصيقاً لسماحة الوالد وكنت تعيش معه حتى في أخص خصوصياته، بودنا أن نعرف عن عبادته وزهده وقد اشتهر هذا عنه، فهل لك أن تحدثنا، بل إني قد سمعت من نقل إليَّ أنه في ليلة وفاته كان يصلي صلاة الليل التي كان يداوم عليها، فهل لنا أن نتحدث عن هذا الجانب؛ لأن هذا قد يخفى على كثير من الناس، لنعلم عن حياته الخاصة خاصة في شئون العبادة والزهد؟

    الشيخ أحمد: في الحقيقة فإن سماحة الوالد رغم ما كان فيه من أعمال في الدعوة إلى الله وفي نشر العلم والفتيا، وفي مجالات الخير عموماً، لم يمنعه هذا من أن يقوم بما يجب عليه وبما هو مندوب في حقه تجاه الله سبحانه وتعالى من العبادة، وسماحة الوالد قد أدرك في هذا قصب السبق، حتى إننا ونحن أبناؤه نجهد معه في أعماله، هذه رغم ما يقوم به من أعمال تجاه المسلمين عموماً.

    سماحة الوالد لا يجد فرصة لا وقتاً ولا مكاناً قد شرعت فيه العبادة إلا وتجده يبادر إلى عمل تلك العبادة، سواء كانت قولية أو فعلية، حتى دخول المسجد وترديد الذكر، والخروج كذلك، فيسابق إلى المسجد قبل الأذان أحياناً بربع ساعة، ويجلس بعد الصلاة أحياناً نصف ساعة، كل هذه قد يقول القائل: إن هذه من الأمور اليسيرة، لكن كون الإنسان يفعلها يوماً أو يومين قد يكون هناك شيء من السهولة، لكن كونه يعمل هذا أبد الدهر ويستمر على العبادات المتواصلة، والأذكار المتنوعة والنوافل والعبادات، ويستمر على قيام الليل ويستمر على الأذكار، ولا يغفل عن العبادات، تجده أحياناً حتى في أيام مرضه الأخير رحمه الله في لبس الجورب ونزعه ينزع الأيسر قبل الأيمن وهذا من دقائق العبادات، وتجده لا يتركها حتى في أيام مرضه، أشياء قد لا يتذكرها الإنسان بسهولة، هذا يدل على أنه كان يعيش روح العبادة أكثر مما كان يعيش في جزئياتها، ويعمل في مظاهرها الخارجية، فالعبادة كان يلتزم بها ويعايشها روحاً، وتجد حياته كلها عبادة، بعيداً عن مظاهر الدنيا بعيداً عما يتمسك به الناس من هذه المظاهر، لا سيما وأنها قد توافرت له أسباب ذلك من المناصب التي وفرت له الأموال كلها فكانت تحت تصرفه، وثقة الناس به موجودة، رغم كل هذا ما كان هذا ليصرفه عن كونه زاهداً ورعاً عابداً لله.

    المقدم: هل هناك أمثلة يا شيخ أحمد مباشرة عن زهده رحمه الله مثلاً كما نعلم أنه عندما كان في المدينة المنورة أعطي له منزلاً فجعله لرئيس الجامعة الإسلامية فهذا مثال وغير ذلك ربما كثير أيضاً.

    الشيخ أحمد: سماحة الوالد رحمه الله رحمة واسعة في بعض الأحيان كانت بعض الأشياء الخاصة إعانة له أو قد يكون محتاجاً لها، برغم هذا كله تجده يذهب بها إلى الجهات الخيرية مثل الدعاة في الخارج أو الدعاة في الداخل.. إلى بناء المساجد.. إلى بناء المدارس في خارج المملكة أو في داخلها ويقول عن نفسه: نحن سوف يعوضنا الله، نحن إن شاء الله مستغنون عن هذه الأشياء، ما كان أبداً يهتم بمسألة الأموال، والإنسان الذي لم يعايش الشيخ ولا جلس معه ولا تعامل معه في الأموال قد لا يجد حقيقة زهد الشيخ في هذه الدنيا وبُعده عنها، أجد الكلمات صعبة التعبير فعلاً عن حقيقة الزهد الذي وصل إليه زهد إنه حقيقي.. زهد القلب.. زهد النفس عن هذه المظاهر.

    المقدم: شكر الله لك يا شيخ أحمد .

    1.   

    أبرز مؤلفات الإمام ابن باز

    فضيلة الشيخ عبد الله! وأنتم مجاورون لسماحة الشيخ رحمه الله في مؤلفاته ورسائله العلمية، وكأني علمت أن لديه عشرات الكتب والرسائل الكثيرة، فهلا تحدثنا عن أبرز هذه المؤلفات باختصار، وما الذي كان يركز عليه سماحته رحمه الله في هذا المجال.

    الشيخ ابن منيع : رحمه الله رحمة واسعة! الواقع أنه موسوعة، وفي نفس الأمر من أنفس ما صدر لسماحته هو مجموع رسائل ومحاضرات وفتاوى سماحته الذي صدر منه حتى الآن الجزء الثالث عشر والذي يشرف عليها وعلى طباعتها الدكتور محمد الشويعر ففي الواقع كنت أتابع قراءة هذه المجلدات وأتحدث مع سماحته بخصوصها، وطرح عليه في أن يعطي هذا الكتاب العظيم ما يستحقه من وقت لعرضه عليه حتى يخرج في حياته، وكان رحمه الله رحمة واسعة يقول: أنا أتمنى أن أجد وقتاً؛ فكل مجال من مجالات عملي تحتاج مني إلى مجهود، وفي الواقع فإن له رحمة الله عليه مجموعة من الفتاوى ومجموعة من الكتب العلمية التي صدرت، ولكني أرى أن من أهم ما صدر منها هو هذا المجموع الذي يتميز بفتاوى، وهي فتاوى في الواقع ليست كالفتاوى التي تصدر من غيره، وإنما هي فتاوى مدعومة بنصوص من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي نفس الأمر يتميز ما يتحدث أو ما يستدل به من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمييز هذه الأحاديث، ومعرفة صحيحها من ضعيفها من حسنها، ومن جميع ما يتعلق بها ووجه الاحتجاج بها، فرحمه الله رحمة واسعة، والواقع أن الحديث عن مؤلفاته وعن آثاره العلمية حديث يحتاج إلى مزيد من الإفضاء والإطالة.

    1.   

    اهتمام ولاة أمور المملكة بالعلماء

    المقدم: في واقع الأمر -فضيلة الشيخ- المداخلة قبل قليل من اهتمام ولاة الأمور حفظهم الله بالعلم والعلماء، ولا شك أن ما رأينا من اهتمام خادم الحرمين الشريفين وسمو لي عهده والنائب الثاني وجميع الأمراء بل قد رأينا مثلاً عدداً من الأمراء يحمل جنازة الشيخ، ويصل إلى المقبرة ويذرف الدموع عليه أثناء جنازته وكل هذا مظهر من مظاهر حب العلماء والحمد لله، هل لنا أن نتحدث عن هذا؟

    الشيخ: الواقع أن الأمر مثلما هو معروف عن الولاة جزاهم الله خيراً في تقديرهم العلم والعلماء والعناية بهم، وهم منذ أن قام الاتفاق بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وبين الإمام محمد بن سعود على العناية بالدعوة ومناصرة الشيخ محمد في دعوته منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا، وهي عادة حميدة من ولاة أمورنا بالعناية بالعلماء وبتقديرهم وبالأخذ عنهم، وبعدم التصرف إلا بعد الرجوع إليهم، وفي الواقع هي عادة قديمة من عهد الملك عبد العزيز رحمة الله عليه فقد كان له مجلس أسبوعي هو يوم الخميس، يجتمع فيه بالعلماء ويقرأ في هذا المجلس مجموعة من المسائل التي يهتم بها الملك عبد العزيز ويرغب أن يأخذ رأي العلماء فيها ويصدر رحمه الله رحمة واسعة عما يقوله العلماء فيعمل به، ثم كان أبناؤه الملوك رحمهم الله الملك سعود والملك فيصل والملك خالد وخادم الحرمين الشريفين وكذلك الأمير عبد الله والأمير سلطان كلهم وغيرهم من المسئولين فإنهم في الواقع يحترمون العلماء، ويأخذون عنهم ولا يتصرفون أي تصرف إلا بعد الرجوع إليهم، والتأكد من أن هذا التصرف متفق مع الأمور الشرعية، وذلك فيما يتعلق بصلاح البلاد والعباد، وأتذكر أن في مسألة الخيام التي أقيمت في منى كان هناك إشكال عند الأمير متعب فبعد ذلك دعا كلان من فضيلة الشيخ محمد بن سبيل والشيخ عبد الله بن البسام ومحبكم عبد الله بن منيع فيما أشكل عليه ثم بعد ذلك قال: نحن في الواقع لا نصدر إلا عما تقولونه فنحن ننفذ ما تقولون، وهذا في الواقع يعتبر مثلاً من الأمثلة المتعددة، وهم جزاهم الله خيراً قائمون على الرجوع إلى العلم والعلماء، وهذه في الواقع ميزة وهي أن الله سبحانه وتعالى مكنهم، وأن الله سبحانه أخذ أعداءهم، وأن الله سبحانه وتعالى أيدهم، وذلك مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا [غافر:51] وكذلك قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج:38].

    1.   

    كلمة مفتى المملكة في الإمام ابن باز

    المقدم: سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية حياكم الله وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    المقدم: نعزيكم في سماحة فقيد الأمة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز .

    الشيخ: غفر الله له ورحمه، وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً.

    المقدم: نود أن تقولوا كلمة بهذه المناسبة لبرنامج (دين ودنيا) أكرمكم الله، ومعنا فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع وفضيلة الشيخ أحمد ابن سماحة الشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

    في الواقع أن الحديث عن هذا الشيخ رحمه الله يكثر؛ عن وصف فضائله وأخلاقه ومحاسنه، الرجل ذو علم وعمل ودعوة إلى الله وبذل للمعروف والإحسان لعباد الله بكل ما يستطيعه، الرجل غفر الله له كان حريصاً على نفع الأمة، نصحها وتوجيهها وإرشادها، كان حريصاً على تعليم الناس، كان حريصاً على دعوة الخلق إلى الله، كان حريصاً على تبصير الأمة.

    الشيخ رحمه الله ذو خلق جم وفضائل عديدة وحلم ورفق وسعة أفق وتحمل لكل ما يرد إليه، فهو غفر الله له علم من أعلام الهدى نسأل الله له المغفرة والتجاوز عنا وعنه.

    المقدم: شكر الله لكم سماحة الشيخ، ونسأل الله عز وجل أن يعينكم في موقعكم الجديد، ونهنئكم بثقة ولاة الأمور في سماحتكم.

    الشيخ: نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

    المقدم: وشكر الله لكم هذه المشاركة الطيبة، شكراً سماحة الشيخ.

    1.   

    اللحظات الأخيرة من حياة الإمام ابن باز

    الشيخ أحمد نريد كلمات عن اللحظات الأخيرة من حياة سماحة الوالد عليه رحمة الله لعلها تعيش معنا ذكرى ونتعرف على أخص خصوصياته عليه رحمة الله.

    الشيخ أحمد: سماحة الوالد كان في أسبوعه الأخير قد أحس ببعض الآلام في البطن، وتوجه بعد ذلك بعد إلحاح إلى المستشفى للكشف والعناية والعلاج والراحة نوعاً ما، وبعد ذلك أحس بأن الآلام قد خفت وكل يوم نقول له: لعلك غداً ستخرج من باب المستشفى من أجل أن يخفف على نفسه ويستريح، ولا سيما أنه في الأيام الأخيرة أرهق من مزاولة أعماله ومن قلة طعامه، وفي يوم الثلاثاء أصر على الخروج من المستشفى، فما أحببنا أن نلح عليه في البقاء رغبة منا في خروجه، لعله أن يكون أفضل من حالته وحياته الشخصية، فخرج سماحته من المستشفى وعلى عادته استقبل الناس في بيته ظهراً، وكان في تلك الليلة في أحسن حال من ناحية صحته، وفي تلك الليلة ذهب لغرفته واستقبل بعض الأقارب وسلم عليهم وجلس معهم ثم بعد ذلك خرجوا.

    المقدم: أسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة، وأن يعوضكم فيما أصابكم وأصابنا خيراً، وإن شاء الله أن هناك خيراً في الأمة مازال مستمراً، الحقيقة كنا نود أن نستمر أكثر، ولكن لابد أن نتوقف.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767945181