إسلام ويب

أهمية الجهاد في سبيل اللهللشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد علق الله سبحانه وتعالى النجاة من النار والعزة في الدنيا والآخرة بالجهاد في سبيله، وما ذاك إلا لفضل الجهاد وعظمته في الدين، وفي هذه المادة يتحدث الشيخ رحمه الله عن أهمية الجهاد والحكمة من مشروعيته، متحدثاً عن أطوار تشريع الجهاد وفضل الجهاد والمجاهدين من الكتاب والسنة، مع بيان أن الجهاد رحمة من الله سبحانه وتعالى على عباده.

    1.   

    الحكمة من مشروعية الجهاد

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فلما كان الجهاد في سبيل الله أفضل الأعمال التي يتطوع بها المتطوعون، وكانت له بين الأعمال ميزة عظيمة في إعلاء كلمة الله، وفي حماية شريعة الله، وفي الذود عن حوزة المسلمين، وفي إخراج الناس من الظلمات إلى النور، رأى القائمون على الندوات والمحاضرات أن تكون مسألة الجهاد من جملة المحاضرات التي تلقى في هذا المكان المبارك ولا سيما في هذا العصر الذي قل فيه الجهاد الصادق في سبيل الله، وكثرت فيه النزاعات الجانبية لأغراض ومقاصد أخرى، وقلّ من يهتم بذلك من الدول الإسلامية، وقل من يناصر من ظُلم وابتلي من المسلمين بغزو الأعداء لبلادهم، فالمحاضرة اليوم موضوعها: "أهمية الجهاد في سبيل الله".

    وسأتكلم إن شاء الله بما تيسر في هذا الموضوع من الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية، وما بينه أهل العلم في هذا السبيل، فينبغي أن يعلم أن الجهاد من أهم الفرائض الإسلامية، وأن الله سبحانه شرعه لفوائد جمة ولحكم كثيرة منها: أن فيه إعلاء كلمة الله عز وجل.

    ومنها: أن فيه حماية حوزة المسلمين والذود عن ديارهم وبلادهم وثغورهم.

    ومنها: أن في ذلك دعوة الآخرين من غير المسلمين إلى الدخول في دين الله، وإيضاح ما لهم عند الله من الخير العظيم، وما يحصل لهم في الدنيا من الفضل والخير على أيدي المسلمين.

    ولم يشرع الله الجهاد لمجرد الدفاع فقط كما يظنه بعض الكتبة وبعض من ينتسب إلى العلم، بل شرع الله الجهاد للدفاع والذود عن حياض المسلمين، ولإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولإعلاء كلمة الرب عز وجل، ولفسح الطريق وتمهيده للدعاة إلى الإسلام والذائدين عنه والموضحين لمقصوده ومحاسنه.

    وقد كان المسلمون في أول الإسلام مأمورين بالدعوة إلى الله عز وجل فقط، ولم يفرض عليهم الجهاد لضعفهم وقلتهم، وكانوا في مكة مضطهدين، وقد آذى المشركون رسول الله عليه الصلاة والسلام وآذوا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، بل قتلوا بعضهم، ولم يزل عليه الصلاة والسلام يدعو إلى الله ويرشد الناس إلى ما خلقوا له من توحيد الله والإخلاص له، ويبين للناس بطلان الشرك وأن آلهتهم التي يعبدونها من دون الله باطلة، وأن الواجب عليهم توجيه القلوب إلى الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى.

    1.   

    أطوار تشريع الجهاد

    كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يتعلمون من نبيهم عليه الصلاة والسلام، ويسمعون منه ما يدعو إليه، ويذهبون ليرشدوا الناس إلى ما سمعوا من الخير سراً وجهراً، وإذا جهروا فقد يؤذى الكثير منهم لقلتهم وقلة أنصارهم.

    ثم إن الله جل وعلا شرع الهجرة لإظهار الإسلام، ولإقامة دولة الإسلام، ولنصر المسلمين وتأييدهم وإعلاء كلمة الله في أرضه، ولإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فتم ذلك والحمد لله، فهاجر النبي عليه الصلاة والسلام وهاجر المسلمون إلى المدينة المنورة بعدما هاجر الكثير منهم إلى الحبشة بسبب الاضطهاد العظيم الذي نالهم في مكة ، فلما استقر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة واجتمع إليه من شاء الله من أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم أُذن لهم بالجهاد، ونزل في هذا قوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ [الحج:39-40] فأُذن لهم بالقتال مجرد إذن، ثم لما زادوا وكثروا وصارت عندهم قوة ومنعة أمروا بالقتال وأن يقاتلوا من قاتلهم، وأن يكفوا عمن كف عنهم، وهذا طور ثانٍ من أطوار الجهاد.

    الطور الأول: مجرد الإذن، والطور الثاني: طور الدفاع والقتال لمن قاتل والكف عمن كف؛ لأن المسلمين في أول الهجرة لم تكن عندهم قدرة كاملة على غزو الناس وابتدائهم بالقتال، فأُذن لهم أن يقاتلوا من قاتلهم وأن يكفوا عمن كف عنهم، كما قال الله عز وجل: فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً * سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُبِيناً [النساء:90-91] فأباح سبحانه وتعالى للأمة القتال لمن قاتل، وأمرهم بالكف عمن كف.

    وظن بعض الناس أن هذا هو أمر الجهاد، وأن الجهاد استقر على هذا، وأن الجهاد إنما شرع للدفاع فقط، فالإسلام على زعم هؤلاء يقاتل من قاتل ويدافع فقط، ولا ينهضوا لقتال المجرمين وإخراجهم من الظلمات إلى النور والصبر على ذلك، وهذا غلط على إطلاقه، وإنما الصواب أن أعلى دور من أدوار الجهاد وطور من أطوار القتال في وسط الأمر يقاتل المسلمون من قاتلهم ويجاهدون من جاهدهم ويكفون عمن كف عنهم، وهذا الحكم باقي إلى اليوم عند ضعف المسلمين وعند عدم قدرتهم على البدء بالقتال، ليس عليهم إلا أن يقاتلوا من قاتلهم، وأن يكفوا عمن كف عنهم، ثم إن الله جل وعلا فرض القتال فرضاً فقال سبحانه وتعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].

    فجعل الجهاد فرضاً علينا ولازماً لنا، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] (كتب) أي: فرض، فالجهاد فرض على الأمة الإسلامية فرضاً مع القدرة؛ لأن الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ففرض على المسلمين وجاءت الأوامر بالقتال والجهاد في كتاب الله وفي سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، فصار بعد الإذن في القتال وبعد قتال من قاتل والكف عمن كف، صار بعد ذلك في طور ثالث وهو: فرض القتال والجهاد مطلقاً، لمن قاتلنا ولمن لم يقاتلنا؛ لإخراجهم من الظلمات إلى النور، ولتمكين الإسلام في الأرض، ولإنقاذ النساء والأطفال مما هم عليه من الباطل والكفر، ولفسح الطريق وتمهيد الطريق لانتشار الدعوة الإسلامية بين الناس في مشارق الأرض ومغاربها.

    واشترى الله سبحانه من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، فقال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:111] فاشترى سبحانه وتعالى منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، فدل ذلك على أن نفس المؤمن مبيعة وماله مبيع اشتراه المولى جل وعلا، وفرض على المسلم الجهاد في سبيل الله عز وجل، وجعل نفسه مبيعة لله وماله لله، هذا ولم يبق عذرٌ في التأخر عن القتال والجهاد، فالأنفس لله والمال لله، والجهاد في سبيل الله، والثمن الجنة والنجاة من النار.

    1.   

    الأدلة على الجهاد

    الأدلة من القرآن على وجوب الجهاد

    بين الله في آيات كثيرات أمره بذلك، فقال سبحانه وتعالى: انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [التوبة:41] وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:35] فجعل الفلاح معلقاً بالتقوى وقربة إلى الله بطاعته والجهاد في سبيله؛ فدل ذلك على وجوب التقوى، ووجوب التقرب إلى الله بطاعته، وعلى وجوب الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى كما كتب علينا؛ قال عز وجل: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ [البقرة:190] أي: الذين من شأنهم القتال كما بين ذلك أهل العلم، بخلاف النساء والأطفال، فليس من شأنهم القتال وبخلاف الرهبان في الصوامع، وبخلاف المشايخ العاجزين، فإنهم ليسوا من أهل القتال؛ ولهذا قال بعد ذلك في نفس السورة: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ [البقرة:193] فعلم بذلك أن المراد هو قتال الكفرة الذين من شأنهم القتال لا قتال من شأنه العجز عن القتال من النساء والصبيان والعجزة من الشيوخ وأرباب الصوامع، فليسوا من أهل القتال.

    وقال في الآية الأخرى في سورة الأنفال: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال:39] فبين سبحانه وجوب قتالهم حتى تزول الفتنة وهي الشرك بالله عز وجل، ومن ذلك افتتان الناس في دينهم وصدهم عن سبيل الله، ويكون الدين كله لله، ليس فيه عبادة لغيره سبحانه وتعالى، بل يكون الدين كله لله وحده لا يعبد معه صنم ولا قبر، ولا جن ولا كوكب، ولا ملك ولا نبي ولا صالح ولا غير ذلك، بل تكون العبادة لله وحده سبحانه وتعالى قال عز وجل: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [التوبة:36] فأمر أن نقاتلهم جميعاً، فدل ذلك على أن القتال مفروض علينا وأنه لجميع المشركين الذين من شأنهم القتال؛ حتى يدخلوا في دين الله، وحتى يكون الدين كله لله وحده سبحانه وتعالى.

    وقال جل وعلا في آية أخرى في سورة التوبة: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة:5] فبين سبحانه أنهم يقاتلون حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويتوبوا من شركهم، فعند ذلك يخلى سبيلهم، ولم يقل: أو يكفوا عن القتال، قال: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة:5] ولم يقل سبحانه: أو يكفوا عنكم أو كفوا عن قتالكم، فدل ذلك على أن الأمر استقر على جهادهم حتى يعبدوا الله وحده ويخلصوا من الشرك ويتوبوا إلى الله منه، وحتى يلتزموا بأحكام الإسلام من الصلاة والزكاة وغير ذلك.

    في الآية التي بعدها فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] قال تعالى: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:14-15] فأمر بالقتال المطلق فدل ذلك على أن الدور الأخير هو القتال المطلق وهو جهاد أهل الشرك، وهذا مكتوب علينا كتابة، ومفروض فرضاً، وهو فرض كفاية عند أهل العلم إذا قام به من يكفي من المسلمين صار في حق الباقين سنة مؤكدة وفضلاً عظيماً، بل في حق أفراد الناس هو أفضل العمل المتطوع.

    الأدلة من السنة على وجوب الجهاد

    أخبر عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه أن الجهاد واجب على المسلمين، فقال: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) وقال: (من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق) فالجهاد أمره عظيم وشأنه كبير، وهو فرض على المسلمين مع القدرة وإذا تركوه أثموا جميعاً، فالواجب أن تقوم به طائفة من المسلمين من ذوي الكفاية تحصل بهم الكفاية، وتحصل بهم الفريضة من جهاد أهل الشرك بعد دعوتهم إلى الله، وبعد إيضاح السبيل لهم، وبعد إقامة الحجة عليهم.

    وبين عليه الصلاة والسلام أن الجهاد أفضل الأعمال، قالت عائشة رضي الله عنها: (يا رسول الله! نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد؟ فقال: لكنَّ أفضل الجهاد: حج مبرور) وأقرها على قولها: إنه أفضل الأعمال، ولما سألته: (هل على النساء جهاد؟ قال: نعم. جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة) فدل ذلك على فضيلة الجهاد، وأنه في حق النساء الحج والعمرة، وأنهن لسن من أهل الجهاد للأعداء بالمال والنفس أو بالنفس فقط على خلاف، المهم أنهن لسن من أهل الجهاد بالنفس لأعداء الله؛ لأنهن عورة وفتنة، ولكن من شأنهن الجهاد بالحج والعمرة، والجهاد بالمال يعم الجميع أيضاً على ظاهر الآيات.

    1.   

    فضل المجاهدين في الكتاب والسنة

    بين الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرات فضل المجاهدين وما لهم عند الله من المنزلة العظيمة، فقال جل وعلا: أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً [التوبة:19-22] هذا فضله جل وعلا وجوده سبحانه وتعالى أن أولئك المجاهدين لهم فضل عظيم، ولهذا قال: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [التوبة:22] سبحانه وتعالى، فالمجاهدون لهم شأن عظيم.

    وقال جل وعلا: لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:95-96] هذا فضله سبحانه وتعالى في فضل المجاهدين، وأن لهم المنزلة العظيمة عند الله، وأنهم لا يستوون مع القاعدين عن الجهاد، وأن لهم عند الله درجات عظيمة ومغفرة منه سبحانه وتعالى، ولهم أجر عظيم عنده جل وعلا.

    وقد علق الله النجاة من النار بالجهاد والإيمان، وبين أن التجارة المنجية من عذاب الله هي: الإيمان والجهاد؛ فقال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:10-11] وبين سبحانه أن التجارة المنجية من عذاب الله هي الإيمان والجهاد، والجهاد شعبة من الإيمان وفرض من فروض الإيمان، ولكن نبه الله عليه لعظم شأنه وإلا فالجهاد من جملة الإيمان.

    فأخبر سبحانه أن التجارة العظيمة المنجية لأهلها هي تجارة المؤمنين المجاهدين: هَلْ أَدُلُّكُمْ [الصف:11] من الدال؟ الله سبحانه وتعالى هو الدال لعباده، والواسطة النبي عليه الصلاة والسلام، المنزل عليه هذا الكتاب العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [الصف:10-13] هذا وعده لأولئك المجاهدين، فبين سبحانه أنهم أصحاب التجارة المنجية من عذاب الله، وأن الله أعد لهم مغفرة ومساكن طيبة في دار الكرامة، ومع ذلك نصر من الله وفتح قريب في هذه الدنيا، فالمؤمنون الصابرون المجاهدون موعودون بالجنة والكرامة في الآخرة وبالنصر في الدنيا، كما قال سبحانه وتعالى: وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47] وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7] والجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، من نصر الله، قال عز وجل: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ [الحج:40-41] والجهاد من الأمر بالمعروف ومن النهي عن المنكر، فأنت تأمر المجاهَدين بتوحيد الله والدخول في الإسلام وهذا من أعظم المعروف، وتنهاهم عن المنكر والشرك بالله وعبادة غيره وهذا أعظم المنكر، فالمجاهد آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر.

    فجدير بأهل الإيمان وجدير بأبناء الإسلام أن يشمروا عن ساعد الجد وأن يشاركوا في الجهاد أينما كانوا، بأنفسهم وبأموالهم، وألا يتأخروا عن ذلك إيثاراً للحياة العاجلة.

    جاء في حديث ثوبان رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها، قيل: يا رسول الله! أمن قلة نحن؟ قال: لا. أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، تنزع المهابة من قلوب عدوكم منكم، ويوضع في قلوبكم الوهن، قيل: يا رسول الله! وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت) فهذا يبين لنا أن أسباب تأخر المسلمين وأسباب طمع الأعداء ونزع المهابة -مهابة المسلمين- من قلوب الأعداء هو حب الدنيا وكراهية الموت، حب الحياة وملذاتها ونعيمها العاجل الزائل، وكراهية الموت، ولهذا تقاعسنا عن الجهاد خوفاً من الموت، والموت لا بد منه، الموت إذا جاء وقته رحل بصاحبه سواء جاهد أم لم يجاهد، كما قال جل وعلا: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78] وقال سبحانه: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ [الجمعة:8] فالموت لابد منه جاهدت أم لم تجاهد.

    يقول الشاعر:

    ومن لم يمت بالسيف مات بغيره     تعددت الأسباب والموت واحد

    فالآجال مضروبة ومحدودة متى جاءت لم ترحل إلا بصاحبها؛ فجدير بالمؤمن أن يموت ميتة شريفة يحبها الله ورسوله ويرتب عليها الجنة والكرامة أولى من ميتة عادية كموت سائر الناس.

    ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (تكفل الله للمجاهد في سبيله -والله أعلم بمن يجاهد في سبيله- إن توفاه أدخله الجنة أو يرده سالماً نائلاً ما نال من أجرٍ أو غنيمة) وقال عليه الصلاة والسلام: (مثل المجاهد في سبيل الله -والله أعلم بمن يجاهد في سبيله- كمثل الصائم القائم) (سئل عليه الصلاة والسلام عما يعدل الجهاد؟ فقال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد في سبيل الله أن تصوم ولا تفطر وتقوم فلا تفتر قال: يا رسول الله ومن يطيق ذلك؟ قال: أما إنك لو فعلت ذلك لم تبلغ فضل المجاهد).

    فالمجاهد له شأن عظيم وفضله عظيم، قال عليه الصلاة والسلام: (ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي، اللون لون الدم والريح ريح المسك).

    والمجاهد -كما تقدم- يكون جهاده دفاعاً ويكون جهاده طلباً وابتداءً لإعلاء كلمة الله لا للرياء والسمعة ولا للغنائم والمال وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك: (قيل: يا رسول الله! الرجل يقاتل شجاعة، والرجل يقاتل ليرى مكانه -وفي لفظ: رياءً- والرجل يقاتل حمية لقومه، من المجاهد في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) فمن جاهد لله وحده ولإعلاء كلمته فله عند الله منزلة عظيمة إن توفاه أدخله الجنة وإن رده رده كريماً مع ما نال من أجر وغنيمة.

    فجدير بكل مسلم أن يهتم بالجهاد وأن يحرص عليه أينما وجد، وأن يساعد إخوانه المسلمين بماله ونفسه ولسانه، والرد على أعداء الله والنصيحة لأولياء الله وتوجيههم وإرشادهم وتشجيعهم، كما في الحديث السابق: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) قال الله جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [الأنفال:72] وفي الآية الأخرى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً [الأنفال:74] فالمجاهد بماله ونفسه له عند الله فضلٌ عظيم وهو المؤمن حقاً، فجدير بالمجاهد أن يخلص لله وأن يبادر بما يستطيع من الجهاد بالنفس والمال واللسان يرجو ثواب الله ويخشى عقابه.

    1.   

    أمثلة في الجهاد القائم

    الآن المجاهدون كثيرون، في أفغانستان إخوان لكم هناك مظلومون مبتلون قد نزلت بساحتهم بجيشها الخبيث الكثيف دولة هي أكفر دولة وألعن دولة: الدولة الشيوعية (السوفيت) وفعلت ما فعلت من التقتيل للنساء والأطفال، وإحراق الزروع، وإتلاف الأموال، وقتل النفوس البريئة، لا لشيء إلا للطمع في البلاد والاستفادة من ثرواتها وخيراتها والتوسع على حساب المسلمين في بلاد المسلمين.

    وفي أثيوبيا قتال عظيم وجهاد بين المسلمين وبين أعدائهم: الحكم الشيوعي الغاشم الخبيث هناك، فالمسلمون في الحبشة في أثيوبيا يقاتلون ويشردون في نفس أثيوبيا وفي أطرافها وفي إرتيريا التي هي تابعة كلها للحكم الفدرالي المعروف.

    وفي الفلبين جهاد وقتال بين المسلمين وبين أعدائهم، وفي تايلاند بين إخواننا هناك في تايلاند وما حولها مع أعداء الله البوذيين، وفي سوريا أيضاً قتال عظيم عنيف بين المسلمين وبين الحكومة القائمة النصيرية المعروفة، هذه أنواع من القتال والجهاد بين المسلمين وبين أعدائهم، والمسلمون في أشد الحاجة إلى الدرهم، وإلى الدعوة بالكلمة الطيبة وإلى الجهاد بالنفس.

    فجدير بأهل الإسلام أن يعرفوا واجبهم وأن يبذلوا وسعهم في نصر أولياء الله، وفي نصر المجاهدين في سبيله، وفي تكثير سوادهم، وفي إعانتهم بالمال والنفس، والكلمة الطيبة التي تنصرهم وتؤيدهم وتشجعهم ضد عدوهم الغاشم.

    1.   

    أهمية مجاهدة النفس حتى تستقيم لجهاد الأعداء

    ثم من أهم الأمور أن يبدأ الإنسان بنفسه، بأن يجاهدها لله، فإن جهاد النفس جهاد عظيم، وإذا صلحت النفس واستقامت صار جهادها للأعداء من أعظم الأسباب في نصرهم وتأييدهم، ومن أعظم الأسباب في استقامة حالهم وتوفيقهم لما فيه رضا الله ولما فيه نصرهم على عدوهم.

    فنحن بحاجة إلى أن نجاهد أنفسنا، وإلى أن نشارك إخواننا في الجهاد، فالمسلم يجاهد نفسه، وإنما يجاهدها لله حتى تستقيم وحتى تؤدي الفرائض وتدع المحارم، ومع ذلك لا يبخل بالجهاد في سبيل الله بنصر إخوانه المسلمين بماله ونفسه وكلمته الطيبة، فلا يشغله جهاده لنفسه عن جهاده لأعداء الله، ولا يشغله الإنفاق فيما يرضي الله في بلده عن الإنفاق في سبيل الله في غير بلده إن استطاع ذلك، ولا تشغله الدعوة إلى الله في بلده عن الدعوة إلى الله في غير بلده، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه يوم خيبر إلى اليهود، قال له: (ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيهم، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم) وقال عليه الصلاة والسلام: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) يبين عليه الصلاة والسلام أن المقصود هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وليس المقصود سبي نسائهم وذرياتهم وأرضهم وأموالهم، لا، ولهذا قال: (فوالله) وهو الصادق وإن لم يحلف عليه الصلاة والسلام: (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم).

    فالمقصود من الجهاد رحمة الناس، وإنقاذهم مما هم فيه من الباطل وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وإخراجهم من ظلمات الكفر والشرك بالله والعبودية لغيره إلى عبادته وحده، وإلى الدخول في عدل الإسلام وسعة الإسلام، وإلى الدخول في أسباب النجاة والسعادة، هذا هو المقصود من الجهاد.

    1.   

    موقف أهل الباطل من الجهاد

    المجرمون الذين يطعنون في الإسلام من أعداء الإسلام من المستشرقين وأذنابهم يرمون الإسلام ويطعنون في الإسلام بأنه يقاتل للمال وللسبي وللأرض، وقد كذبوا وافتروا، فلم يقاتل المسلمون لهذا الغرض، ولم يذهبوا إلى الروم وإلى الفرس وإلى غيرهم لقصد بلادهم ولا لقصد نسائهم وأموالهم، وإنما ذهبوا إليهم لإنقاذهم مما هم فيه من الباطل، ولإخراجهم من الظلمات إلى النور، وليعلموهم ويرشدوهم إلى ما خلقوا له وما وجب عليهم؛ وليبلغوا دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام إلى الأمم وآخرهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، رسول الله إلى الأمة كلها إلى هذه الأمة التي هي آخر الأمم، فالصحابة رضي الله عنهم حين ذهبوا إلى الروم وإلى فارس وإلى أفريقيا وإلى غيرها لم يذهبوا إليهم طمعاً في أموالهم ونسائهم وذرياتهم لا. ولكنهم ذهبوا إليهم لينفذوا أمر الله حيث قال جل وعلا: انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [التوبة:41] فهم ذهبوا لإخراج الناس من الظلمات إلى النور.

    وكما قال جل وعلا: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ [البقرة:257] فالمسلمون يخرجون الناس من الظلمات إلى النور، ويهدونهم إلى طريق النجاة، ويشرحون لهم وسائل الحق وأسباب النجاة والسعادة حتى يأخذوا بها، وحتى يخرجوا مما هم فيه من الباطل والظلم والبلاء والفساد.

    قال جل وعلا: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29] فأمر بقتالهم لهذه الأسباب؛ لأنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، ولا يدينون دين الحق، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، فلم يُؤمر بقتالهم لأموالهم وسبيهم، ولكن لكفرهم ولضلالهم وعدم إيمانهم وعدم تحريمهم ما حرم الله ورسوله، وعدم دينهم بدين الحق، وهكذا المجوس والوثنيون، وهكذا كل كافر إنما يقاتل لعدم إيمانه ولعدم تحريمه ما حرم الله ورسوله، ولعدم دينه بدين الحق، ولعدم دخوله فيما جاء به الرسول من الحق والهدى، فنحن نقاتل لهذا الأمر، نقاتلهم رحمة لهم وإحساناً إليهم وإنقاذاً لهم مما هم فيه من الباطل والضيق والحرج وكفرهم بالله سبحانه وتعالى؛ وهم بذلك إذا تركوا صاروا وقود النار، صاروا حطب النار.

    فالمسلمون يقاتلونهم لإخراجهم ولإنقاذهم من هذا البلاء، ولكنَّ أعداء الله وأولياءهم والطاعنون في الإسلام أبوا إلا التشكيك في هذا الأمر والتدليس ولبس الأمور ورمي المسلمين بأنهم يقاتلون للطمع في الأموال والأراضي والنساء والذرية، حاشا وكلا، هذا كلام باطل يقوله أعداء الله وخصوم الإسلام للتنفير من الإسلام، وإلا فأهل الإسلام أولاً وآخراً إنما يقاتلون أعداء الإسلام لكفرهم وظلمهم وعدوانهم؛ ولهذا جاء في الحديث: (قاتلوا من كفر بالله) ويقول الله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة:5] فيقاتلون لشركهم وكفرهم وظلمهم وعدوانهم، فإذا وجهت إليهم الدعوة وأرشدوا وأقيمت عليهم الحجة ثم امتنعوا وأبوا فحينئذٍ يقاتلون حتى يدخلوا في دين الله أو يؤدوا الجزية إن كانوا من أهلها كاليهود والنصارى والمجوس، أما غيرهم فلا حتى يسلموا؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل أهل الجزيرة من العرب ولم يعرض عليهم الجزية، بل قاتلهم حتى يدخلوا في دين الله، وهكذا الصحابة قاتلوا بني حنيفة وغير بني حنيفة؛ قاتلوا أهل هذه الجزيرة حتى دخلوا في دين الله ولم يعرضوا عليهم الجزية، وهكذا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قاتلوا عباد الأوثان ولم يعرضوا عليهم الجزية، وإنما عرضت الجزية على اليهود والنصارى، والمجوس سُنَّ بهم سنة أهل الكتاب وأخذت منهم الجزية، وهذه الجزية فيها رحمة للجميع، وهي ما يضرب عليهم كل سنة على قدر أحوالهم وغناهم يرغمهم على ذلك ولي الأمر؛ رفعة للمسلمين وذلاً للكافرين حتى يفكروا وينظروا فيما يزال به هذا الذل، وحتى ينقادوا بذلك إلى الدخول في الإسلام، فهذا المال فيه إعانة لهم على الدخول في الإسلام، وفيه رحمة لهم حتى ينظروا ويفكروا لعلهم يعرفون أنهم في ضلال، ومن جملة ضلالهم أن يسلموا الجزية ويبقوا على الكفر بالله عز وجل.

    فالمسلمون يستفيدون من المال في إعداد العدة وفي مواساة المسلمين وتأليف المسلمين، وتأليف غيرهم ممن يرجى إسلامه، وهذا الذي تؤخذ منه الجزية ينظر لنفسه ويفكر كثيراً لعله يزيل عنه الذلة، ولعله ينتبه للمصلحة فيدخل في دين الله حتى توضع عنه الجزية، وحتى يكون أخاً لنا له ما لنا وعليه ما علينا إذا دخل في دين الله.

    فالجزية هي خيرٌ لهم ودعوة لهم إلى الدخول في الإسلام وعون للمسلمين، فإذا دخلوا في الإسلام سقطت عنهم، وسائر الكفار غير اليهود والنصارى والمجوس يدعون ويشرح لهم الأمر ويوضح لهم السبيل وتقام عليهم الحجة، فإن أجابوا فالحمد لله فهم إخواننا لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وإن أبوا قاتلناهم واستعنا بالله سبحانه وتعالى عليهم.

    وبهذا يعلم المؤمن فضل الجهاد وأنه رحمة من الله سبحانه وتعالى وإحسان منه إلى عباده.

    يقولون: ليس هذا لنا بل يجب علينا أن نكف عن الناس، فإذا جاء الإسلام يدعو الناس إلى الحق ويبشرهم بالحق وجاء دعاته يدعون الناس إلى الحق والهدى، وجاء المجاهدون في سبيل الله لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ولإنقاذهم وأولادهم ونسائهم من الكفر بالله، قالوا: الإسلام دين القتال والدماء، دين كذا ودين كذا، حتى ينفروا عنه من أراد الدخول فيه، وحتى يرموه بما هو براء منه وهو دين السلام ودين الإحسان ودين الرحمة ودين الهدى ودين التوجيه إلى الخير، ودين الدعوة الصادقة، ودين الإنفاق والإحسان، لكن يقلبون الحقائق ويلبسون على ضعفاء البصائر؛ حتى ينفروا من الإسلام ويرموه بما هو براء منه، والأمر واضح في ظلم أعداء الله وتجنيهم على الإسلام وفي كذبهم عليه، وهم الظالمون، وهم أهل العدوان وأهل الجرائم الذين يقتلون الناس قتلاً ذريعاً، بل يقتلون الشعوب والأمم الكثيرة بالسلاح الفتاك وبالقنابل المهلكة وبالطائرات التي تهلك الحرث والنسل والنساء والأطفال، لا لرحمة ولا لإحسان بالناس، ولكن ليخضع لهم الناس وليأخذوا بلادهم وليستفيدوا من ثرواتها، وليجبروهم على خدمتهم وطاعتهم، ومع هذا لا يعدون أنفسهم مجرمين ولا ظالمين، وهذا هو الضلال وغاية الظلم والإجرام، والمسلمون إذا جاءوا يجاهدون ويدعون إلى الله لإخراج أولئك المساكين من الظلمات إلى النور ولإنقاذهم ولرحمتهم، لرحمة نسائهم وذرياتهم، قالوا: هذا عدوان وظلم، وهذا دين السلاح ودين الدماء؛ كذبوا وكفروا بذلك.

    1.   

    الجهاد فرض كفاية

    والمقصود أن نعلم أن الجهاد هو أفضل الأعمال المتطوع بها، وهو فرض على المسلمين فرض كفاية مكتوب عليهم إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وأن الواجب على الدول الإسلامية وعلى المسلمين جميعاً أن يجاهدوا بأنفسهم وبأموالهم وبألسنتهم، وأن يتقوا الله في ذلك، وأن يرحموا عباد الله ويجتمعوا على الحق والهدى، وأن يتركوا أسباب الذل والهوان، ويوحدوا كلمتهم وصفوفهم ضد الباطل وأهل الباطل، هذا هو الواجب عليهم، ونسأل الله أن يهديهم ويوفقهم لذلك وأن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمدهم بفضله وإحسانه وحوله وتوفيقه، ويبصرهم بدينهم ويفقههم فيه، وأن يعينهم على جهاد أعداء الله صدقاً في قلوبهم وصدقاً في أعمالهم، وأن يعيذنا وإياهم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

    لا بد أن نفكر في هذا الأمر بجد وإخلاص وصدق ليعرفوا عدل الإسلام ويعرفوا إحسان الإسلام وفضل الجهاد، وأنه سواء قاتل مدافعاً أو قاتل بادئاً فهو في الأمرين محسن ليس بمسيء ولا ظالم.

    الإسلام في جهاده ابتداءً للدعوة والإخراج من الظلمات إلى النور، والإحسان إلى الناس، ولإنقاذ النساء والذرية والشيوخ والعباد الجهال؛ لإخراجهم من الظلمات إلى النور، إلى الإسلام والعدل والنور، لا شك أنه دين الحق ودين الهدى، وهو دين الإحسان، وهو دين القوة، وهو دين السلام لا دين سفك الدماء ولا دين الظلم والعدوان، وإنما يأتي سفك الدماء عند الحاجة وعند الضرورة وإلا فهو يبدأ بالدعوة، يرشد الناس ويؤلفهم ويقيم عليهم الحجة ولا يقاتلهم إلا عند الامتناع والتعذر، وعند عدم قبول الحق وعدم إعطاء الجزية من أهلها، فحينئذ المسلمون مضطرون إلى أن يجاهدوا؛ لحماية حوزتهم ولتكثير سوداهم، ولإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولتنفيذ أمر الله وتنفيذ أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام، وللرحمة والإحسان إلى الضعفاء والمساكين من النساء والأطفال الذين إن عاشوا بين أحضان الكفرة عاشوا بين الكفر والضلال وصاروا إلى النار بعد ذلك.

    وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الجهاد ذروة سنام الإسلام، فقال: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) فما قيمة بعير قد ذهب سنامه، فالإسلام بدون جهاد قد ذهب سنامه، وذهبت قوته، وبقي ضعيفاً ذليلاً بين الناس فلا بد من قيام الجهاد حتى ترفع راية الإسلام وحتى يقوم أولياؤه وأهله بالجهاد الصادق في سبيل الله عز وجل، وبالدعوة والجهاد الصادق لأنفسهم وغيرهم، يبدءون بأنفسهم ويجاهدونها لله حتى يتركوا محارم الله، وحتى يستقيموا على فرائض الله، وحتى يقفوا عند حدود الله صدقاً من قلوبهم وأعمالهم.

    هكذا المؤمنون يبدءون بأنفسهم، فإن الذنوب شرٌ على الإنسان، الذنوب جندٌ عليك مع عدوك ومن أسباب هزيمتك أمام عدوك، فلابد من أن تبدأ -أيها المسلم- بجهاد نفسك وأن تجاهدها لله حتى تستقيم على الصراط المستقيم، وتدع محارم الله، وتكون صالحاً للتقدم بين يدي الله للجهاد في سبيله والدعوة إلى سبيله.

    رزق الله الجميع التوفيق والهداية، وأعاذنا وإياكم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومنّ على المسلمين في كل مكان بالاستقامة والهداية، والجهاد بالنفس الجهاد الصادق، والجهاد للأعداء جهاداً صادقاً بإخلاص لله ورغبة فيما عنده سبحانه، كما نسأله سبحانه أن ينصر المجاهدين المسلمين في كل مكان، وأن يجمع كلمتهم على الحق، وأن يرزقهم الإخلاص والفقه في دينه، وأن يعيذهم من مكائد أعدائهم، وأن يهزم ويذل أعداءهم وينصرهم عليهم، وأن يجعلنا وإياكم من أنصار دينه والدعاة إلى سبيله على بصيرة؛ إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

    1.   

    الأسئلة

    حكم الجهاد مع أي جماعة قامت للجهاد في سبيل الله

    السؤال: إذا ضاع الجهاد في الأمة الإسلامية كما هو الآن، فهل يجوز من أي فرد أن يجاهد أعداء الله من خلال جماعة قامت لتجاهد الفساد والكفار حسب ادعائها؟

    الجواب: نعم. إذا تيسرت راية قائمة في بلاده واستطاع أن يجاهد مع المسلمين جاهد مع المسلمين في أي بلاد لينصرهم ويعينهم، فإن العدو إذا هجم على بلد من بلاد المسلمين وجب على أهل الإسلام نصر المسلمين، إذا هجم العدو على أفغانستان وجب على المسلمين أن يجاهدوا مع المجاهدين في أفغانستان ، وإذا هجم العدو على الحبشة كذلك، وإذا هجم العدو على أي بلاد وجب على أهل الإسلام مناصرة المجاهدين.

    الجهاد فرض عين مع الاستطاعة

    السؤال: إذا لم تكن هناك فئة تجاهد في سبيل الله من الأمة الإسلامية فهل يكون الجهاد فرض عين على كل مسلم؟

    الجواب: نعم. فرض عين مع القدرة، وكما سمعت مع القدرة، كل واحد عليه أن يجاهد حسب طاقته، يجاهد نفسه في سبيل الله، ويجاهد مع إخوانه في الله بنفسه أو بماله أو بهما كما ذكرت بقدر المستطاع.

    السائل: هل الذهاب الآن إلى سوريا أو أفغانستان فرض عين؟

    الشيخ: فرض عين مع الاستطاعة؛ لأنه مهجوم عليهم وهم ليس فيهم كفاية، فيحتاجون إلى المدد من إخوانهم المسلمين بالمال والنفس والدعوة إلى الله والكلمة الطيبة.

    خطورة المعاصي على المجاهدين

    السؤال: هل يوجد ما يدل على انتصار المسلمين على عدوهم وهم من أهل المعاصي كما هو الآن؟

    الجواب: نعم. قد ينصرون وإن كان في الذنوب خطر عليهم، وإلا قد ينصرون لأنهم خير من أولئك، المسلم على المعصية خير من الكافر؛ لأن معه الإسلام الذي هو سبب النجاة، والمعاصي من أعظم الأسباب في دخول النار ولكن ليست مثل الكفر، فالعصاة قد ينصرون لأنهم أهون من أولئك، وقد يخذلون بأسباب ذنوبهم، فقد جرى على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ما هو معلوم وهو أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، ومعه المجاهدون، ومعه أولياء الله من الصحابة وهم أفضل الناس بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلما عصى أصحاب الجبل -الرماة- وتأولوا وتركوا الموقف دخل المشركون على المسلمين من ورائهم وصارت الهزيمة، وقتل المسلمون وقال الله جل وعلا: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ [آل عمران:152] أي: تقتلونهم، كانت الدائرة في أول الأمر على الكفار قال الله: حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ [آل عمران:152] أي: سلطوا عليكم، وقال في الآية الأخرى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165] أي: أصابتكم أنفسكم، من الذنوب والسيئات والمعاصي؛ لأن الرماة تنازعوا وفشلوا، ثم تأولوا وتركوا الموقف وعصوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وظنوا أنها فيصلة لما رأوا انكشاف الكفار، وأنهم قد انتهوا فجاءوا ليحوزوا الغنائم والرسول عليه الصلاة والسلام قد قال لهم: (لا تبرحوا مكانكم أبداً ولو رأيتمونا نصرنا ولو رأيتم العدو قد انكشف) وأميرهم قال لهم كذلك، ولكنهم تنازعوا ثم أجمعوا أمرهم على ترك المكان وظنوا أن العدو قد انتهى، فإذا كانت المعصية مع التأويل تضر المجاهدين وتسبب الهزيمة، فكيف بالمعصية المتعمدة التي ليس فيها تأويل، وهذه من أعظم أسباب الهزيمة، وكان عمر يكتب إلى جيوشه في بلاد الروم وغيرها كبلاد فارس ويأمرهم بتقوى الله ويحذرهم من الذنوب، ويقول: [إن أخشى ما أخشى عليكم ذنوبكم فإنها جندٌ عليكم، وإنكم لن تغلبوا من قلة، وإني أخشى عليكم الذنوب والمعاصي] فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه هزموا أمام العدو بسبب معصية بعضهم فكيف بحال غيرهم.

    حكم القتال من أجل الحرية وتحرير الوطن

    السؤال: القتال في هذه الأزمنة قتال من أجل تحرير الوطن أو الحرية، ما حكم هذا القتال، وما حكم من قاتل معهم؟

    الجواب: القتال أنواع: أحدها وهو أعلاها: أن يقاتل لإعلاء كلمة الله وهذا هو الجهاد في سبيل الله، وهذا هو الواجب على كل من يقاتل، وإن كان يدافع عن وطنه ويريد بقتاله إعلاء كلمة الله؛ لأن إخراج وطنه من أيدي الكفرة نصر لدين الله وللمسلمين، فينوي بقتاله إعلاء كلمة الله وتوسعة رقعة بلاد المسلمين وتكثير سوادهم، ولا يقاتل لمجرد الوطن فقط، ولكن المفروض إذا قاتل دون نفسه أو دون بيته أو دون حريمه أو دون أولاده أو دون بلاده فهو مظلوم ويعتبر شهيداً، لكن ليس هو المجاهد في سبيل الله، فالمجاهد في سبيل الله هو الذي يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، لكن هذا يقاتل؛ لأنه مظلوم للدفاع، فهو مظلوم شهيد إن قتل إذا كان مسلماً، ولكن إنما يكون مجاهداً له فضل المجاهدين إذا قاتل لإعلاء كلمة الله وتكون كلمة الله هي العليا.

    عرفت أن الجهاد أنواع: الجهاد الذي له فضل عظيم والذي جاءت فيه الآيات والأحاديث هو الجهاد الذي يقاتل صاحبه لإعلاء كلمة الله.

    وهناك أنواع من القتال والجهاد لا تكون بهذه المثابة؛ لأنه قد يقاتل لحفظ نفسه؛ لأنه اعتدي عليه فيكون شهيداً إن قتل، وقد يقاتل لأنه اعتدي على حريمه وأهله فيقاتلهم للدفاع، إن قتل فهو شهيد ومظلوم، وقد يقاتل لأنه اعتدي على ماله فيقاتل للدفاع على ماله وإن قتل فهو شهيد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال: (يا رسول الله! الرجل يأتيني يريد مالي؟ فقال: لا تعطه مالك، قال: فإن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: فإن قتلته، قال: هو في النار، قال: فإن قتلني؟ قال: فأنت شهيد) فدل على أن من يقتل مظلوماً دون ماله أو نفسه أو نسائه فهو شهيد.

    وهكذا من يقاتل لإخراج الكفرة من بلاده أو لإنقاذ بلاده التي ابتليت بالكفرة، ولمساعدة جماعته على إخراجهم، فهم مظلومون، لكن لا يكون جهادهم الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) هذا لون وذاك لون، المقاتل الذي له الشرف الكامل وله فضل الجهاد الكامل من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، هذا هو المجاهد في سبيل الله، الذي تعمه أحاديث فضل الجهاد وما وعد الله به المجاهدين، وهناك أنواع من القتال وأنواع من الجهاد يعتبر صاحبها مدافعاً ومظلوماً وشهيداً من أجل أنه مظلوم لا من أجل أنه قاتل في سبيل الله ولا أنه جاهد في سبيل الله.

    حكم مجاهدة الطواغيت في البلاد الإسلامية

    السؤال: إذا استفحل الشرك بالله في بعض البلاد والحكم بالطاغوت فبأي شيء يبدأ الجهاد في هذه الحالة؟

    الجواب: يبدأ أولاً بمناصحة ولاة الأمور وإرشادهم إلى الحق، وتبيين ما يجب عليهم من إقامة أمر الله وتحكيم شريعة الله حتى يرجعوا إلى الرشد، فإن أبوا إلا الاستمرار في الكفر بالله وعدم تحكيم شريعته، فللمسلمين ولمن حولهم من الدول الإسلامية المستقيمة المحكمة لشريعة الله أن تجاهدهم، وللقوة الداخلية من الجيش والمسلمين الأقوياء الذين يستطيعون أن يزيلوا حكم هذا الشخص الكافر حتى يحلوا محله حكم الإسلام فلهم ذلك.

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (سيكون عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، قالوا: أفلا نجاهدهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وقال: حتى تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان).

    الجهاد فرض عين على المجاهدين

    السؤال: الجهاد يكون فرض كفاية إذا وجد جيش مسلم منتصر، أما الآن فهل الجهاد فرض كفاية أم يكون واجباً على كل مسلم، علماً أن الدول الإسلامية تغزى من قبل أعداء الإسلام الملاحدة؟

    الجواب: الجهاد هنا فرض عين على المجاهدين، وعلى الدول الإسلامية فرض كفاية، فعليها أن تجمع قواها وأن تحكم شريعة الله في بلادها، حتى تجاهد في سبيل الله، لكن كيف تجاهد؟ لا بد أن تجاهد في نفسها أولاً وأن تبدأ بنفسها فتحكم شريعة الله وتقيم أمر الله، ثم تجاهد من وراءها ممن كفر بالله عز وجل، والذي عنده قدرة ووجد مجاهدين صادقين يجاهدون لإخراج الكفار ولتثبيت المسلمين فيجاهد معهم، وهو فرض عليه مع القدرة.

    من أنواع الجهاد في سبيل الله

    السؤال: هل تقسيم الجهاد الآتي صحيح: جهاد النفس.. جهاد الشيطان.. جهاد أهل الضلال والبدع والباطل والنفاق.. جهاد الكفار والمشركين؟

    الجواب: كله صحيح، جهاد النفس، وجهاد العصاة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد المنافقين، وجهاد الكفار المعلنين، كله جهاد شرعي.

    وهكذا جهاد قطاع الطريق داخل في جهاد العصاة، جهاد قطاع الطريق وجهاد البغاة كله في سبيل الله.

    معنى حديث: (من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق)

    السؤال: جاء في الحديث: (من لم يجاهد أو يحدث نفسه بالجهاد مات على شعبة من شعب النفاق) فما معنى هذا الحديث؟

    الجواب: كما سمعت، لفظه: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق) والغزو هو: الجهاد، ومعناه: من لم يشارك في الجهاد ولم يحدث نفسه بذلك صار فيه شعبة من النفاق؛ لأن المنافقين من شأنهم عدم الجهاد.. من شأنهم أنهم ضد الإسلام وأهله.. من شأنهم أنهم مع الكفار في الباطن، فالذي لا يغزو ولا يحدث نفسه بالغزو، أي: لا يفكر أن يكون مع المجاهدين بل هو ساهٍٍٍ لاهٍ غافل فيه شعبة من النفاق؛ لأن المنافق لا يحدث نفسه بالجهاد ولا يرى الجهاد، بل يرى ضد الجهاد، بل يرى قتال المسلمين، هذا شأن المنافق.

    نصيحة إلى القائمين على الإعلام في بلاد الإسلام

    السؤال: علمنا باضطهاد أهل الإسلام للمسلمين، لكن الإذاعات في البلدان الإسلامية تطبل وتزمر في معظم وقتها فيما يخدم أعداء الإسلام ويغفل المسلمين عن واجبهم المقدس، فما هي نصيحتكم؟

    الجواب: نسأل الله لنا ولهم الهداية، ولا شك أن الإذاعات اليوم هي في أشد الحاجة إلى الإصلاح والتطهير حتى تكون آلة توجيه، وآلة بناء وتعمير، وآلة إخراج من الظلمات إلى النور، ويجب أن تطهر مما يضر الأمة في دينها ودنياها، فهذا هو الواجب على جميع المسئولين في الدول الإسلامية عامة وفي هذه الدولة أو في بلادنا خاصة، فعلى الجميع أن يجعلوا من الإذاعات ووسائل الإعلام وسائل صادقة صالحة تنشر الحق والهدى وتدعو إليه، ويجب أن تطهر من كل ما يخالف الإسلام حسب الإمكان؛ لأن هذا نوع من الجهاد ونوع من الدعوة إلى الله عز وجل لإنقاذ الناس مما هم فيه من الباطل، ولإخراجهم من الظلمات إلى النور، ولتبصيرهم في دينهم وتوجيههم إلى الخير، ووسائل الإعلام في الحقيقة سلاح عظيم فتاك إن وجه إلى الخير نفع الناس، وإن وجه إلى الشر ضر الناس، فوجب على الدول الإسلامية كلها أن تطهر وسائل إعلامها، وأن تتقي الله في نفسها، وأن تُحكَّم شريعة الله، وعلى دولتنا وهي الدولة الإسلامية القائمة الرائدة التي ينظر الناس إليها من كل مكان؛ فعليها أن تكون أسبق الناس إلى كل خير، وأن تحرص غاية الحرص على تطهير وسائل إعلامها من كل ما لا يرضي الله عز وجل، وأن تكون باذلة وسعها في كل ما ينفع المسلمين وفي كل ما يبصرهم بدينهم، وفي كل ما يعينهم على أداء واجبهم حسب الطاقة والإمكان، وقد بذلت جهوداً كبيرة مشكورة جزاها الله خيراً، ولكن المطلوب هنا أكثر وأكبر؛ لأنها الدولة الوحيدة التي ترجى بعد الله لهذا الأمر، وعندها بحمد الله من القدرة ما لا ليس عند غيرها، وعندها من العلم والبصيرة، وعندها من الدعاة والعلماء من يعين على هذا الخير، نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه رضاه ولما فيه صلاح العباد والبلاد، وأن يوفق حكومتنا ورجالها والعاملين فيها لكل ما يرضي الله، وتقديم ما لديهم لما فيه نصر لدين الله وإقامة شريعته في أرضه.

    مدى صحة حديث: (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر)

    السؤال: ما صحة حديث: (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، قيل: وما الجهاد الأكبر يا رسول الله؟ قال: هو جهاد النفس، والأصغر هو القتال

    الجواب: هذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قاله بعدما رجع من غزوة تبوك، رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، وفسره بأن المراد بجهاد النفس هو الجهاد الأكبر وجهاد الكفار هو الجهاد الأصغر، ولكن بين أهل العلم كـابن القيم رحمه الله وغيره أن هذا الحديث ضعيف وأنه لا يصح، وأن الجهاد الأكبر هو جهاد الأعداء وجهاد النفس هو الجهاد الأصغر، ولكنه أصل في جهاد الكفار؛ فجهاد النفس أصل أصيل إذا استقام استقام جهاد الكفار، فالواجب على أهل الإسلام أن يبدءوا بأنفسهم ويجاهدوها لله حتى تبرأ من العيوب ومن الذنوب التي قد تغرها وتهلكها وتصدها عن جهاد أعدائها، ولا شك أن الجهاد الأكبر هو جهاد أعداء الله بالسيف والسنان والحجة واللسان.

    حكم أخذ المال أو الهدية من الكافر

    السؤال: عندي أخ عاصٍ متهاون في العبادات ولا يقوم بها، ويدرس في الخارج، ويضع نقوده في البنوك، وقد أخذت منه ملابس فهل يجوز لي لبسها؟ وهل تعتبر محرمة عليِّ أم لا؟

    الجواب: لا حرج عليك؛ لأن أخذ الهدية من الكافر للانتفاع بها والاستفادة منها لا حرج فيه كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه في بعض الأحيان قبل الهدية وفي بعضها رد الهدية، إلا إذا كان في ردها مصلحة كأن يكون في ردها تنبيه له وبيان أنه ليس أهلاً لأن يقبل منه، فهذا من باب الدعوة، ومن باب إنكار المنكر، ومن باب الهجر لأهل المعاصي والكفر بالله عز وجل، وإذا أخذها من باب التأليف أو دعت الحاجة إلى أخذها لمصلحة عامة أو لأسباب أخرى فلا بأس، إلا إذا علم أن هذا المال بعينه حرام، وأما مجرد كونه في البنك فلا يكون حراماً بمجرد وجوده في البنك؛ لأن البنك فيه الحلال وفيه الحرام، فالمال الذي لا يرابي فيه ليس بحرام ولو كان في البنك وديعة تؤخذ ويسترده صاحبه وهو ماله، إنما يحرم عليه أن يعامل فيه معاملة ربوية، فإذا جاءه مال من قريبه أو صديقه وهو لا يعلم حقيقته فله أخذه، أما إن علم أنه مال فلان أو أنه ثمن خمر أو أنه ربا فلا يأخذه، أو جاءه من إنسان يستحق الهجر ينبغي أن يهجره، كالذي لا يصلي ينبغي أن يهجر ولا يدعى إلى الوليمة ولا تجاب دعوته ولا يسلم عليه؛ لأنه مجرم كافر، فيجب أن يهجر وألا تقبل منه دعوته لوليمة ولا يدعى لوليمة وألا يسلم عليه ولا يرد عليه السلام، حتى يعود إلى رشده، وحتى يتوب إلى الله من ضلاله وكفره، هذا هو الواجب، إلا إذا كان هناك مصالح إسلامية تقتضي ألَّا يهجر لأجل مصالح إسلامية تتعلق لكونه أميراً أو غير ذلك ممن يكون في عدم هجره مصالح للمسلمين تطلق على يديه.

    الهدف من عدم جمع المساعدات علناً في المملكة للمجاهدين في سوريا

    السؤال: لماذا لم يكن جمع الدراهم علناً في هذه المملكة حفظها الله من كل شر، لرفع ظلم القتل الجماعي في رجال ونساء وأطفال سوريا ؟

    الجواب: هذا لأسباب سياسية يعلمها ولاة الأمور نسأل الله أن يوفقهم ويصلحهم ويهديهم.

    حكم كشف المرأة لوجهها

    السؤال: هل هناك آية أو حديث صحيح ينص صراحة على تغطية وجه المرأة، وما صحة حديث أبي داود عن أسماء بنت أبي بكر ؟

    الجواب: الأدلة على وجوب الحجاب كثيرة، ومنها قوله جل وعلا في سورة الأحزاب: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] ولقوله سبحانه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31] الآية، ثم ذكر القواعد بعد ذلك: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60] فأمر غير القواعد بالحجاب، وأباح للقواعد وضع الحجاب، وبين أن استعفافهن خير لهن ولو كن عجائز، فدل ذلك على وجوب الحجاب، وأنه يجب على المرأة أن تستر وجهها وبدنها، وألا تبدي زينتها لغير محارمها حتى القواعد المتبرجات بزينة عليهن الاستتار، فإذا كن قواعد وغير متبرجات بزينة فلا بأس بعدم الحجاب، والحجاب أفضل لهن والاستعفاف خير لهن.

    وأما حديث أسماء بنت أبي بكر لما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فنهاها النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك، ورأى أن المرأة إذا بلغت المحيض فلا يحل لها أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه، هو حديث ضعيف عند أهل العلم رواه أبو داود بإسناد منقطع ضعيف، فهو ضعيف لا يحتج به ولا يعول عليه، ولا يحتج به إلا من لا يعرف شأن الحديث، وهو حديث ضعيف جداً فيه انقطاع وفيه راوٍ ضعيف لا يحتج به.

    الوفاء بالحقوق (الأجرة)

    السؤال: عمل لدي عامل بالأجرة اليومية عدة أيام ولم يأخذ أجرته حيث أني تأخرت عنه، وعندما بحثت عنه لم أجده، فماذا أعمل بأجرته؟

    الجواب: لو تتأنى بها وتسأل عمن يعرفه، فإن وجدته أو وجدت من يعرفه سلمتها له وإلا تصدقت بها عنه، أو جعلتها في المحكمة وقيدت اسمه عندهم لعله أن يأتي بعد حين فيعطى ماله، وإن تصدقت بها فهي مضمونة عليك، فإذا جاء تعطيه إياها إلا أن يسمح بالصدقة فلا بأس به، والمقصود أنك مخير إما أن تحبسها عندك زمناً طويلاً لعله يأتي، أو تضعها عند المحكمة وتكتب اسمه عند المحكمة حتى يرد إليه ماله إذا جاء أو يتصدق بها عنه للفقراء والمساكين في بعض المشاريع الخيرية مضمونة تكتبها عندك متى جاء ولم يقبل صدقتك تعطيه إياها.

    واجب المسلمين تجاه المجاهدين في سوريا

    السؤال: ماذا يجب على المسلم نحو المجاهدين المسلمين في سوريا الآن؟

    الجواب: الذي نعلم عن حالهم أنهم مظلومون، وأنهم يستحقون العون والمساعدة؛ لأن الدولة الآن تقتل فيهم تقتيلاً شديداً، وهم إنما طالبوا بحكم الإسلام ولم يطالبوا بغير حكم الإسلام، والدولة دولة كافرة نصيرية علوية رافضية باطنية ، فيجب أن ينصروا وأن يعانوا حتى يستنقذوا بلادهم من أيدي عدوهم الكافر الملحد الذي لا يألوا شراً بالمسلمين ولا يألوا خبالاً بالمسلمين.

    المجوس ليسوا من أهل الكتاب

    السؤال: هل يعتبر المجوس من أهل الكتاب؟ وإن كان غير ذلك فما العبرة بعدم حربهم إذا لم يقبلوا الإسلام؟

    الجواب: المجوس ليسوا من أهل الكتاب، فلا تباح نساؤهم ولكن تؤخذ منهم الجزية كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن تؤخذ الجزية من أهل الكتاب، ولكنهم ليسوا أهل كتاب، فلا تباح نساؤهم ولا ذبائحهم، ولكن تؤخذ الجزية وتحقن دماؤهم إذا بذلوها ولا يقاتلون تنفيذاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وعملاً بسنته؛ كما درج عليه أصحابه رضي الله عنهم، فالمسلمون متبعون وليسوا مبتدعين.

    مقام المرأة حال نفاسها عند أهلها عرف يصطلح عليه

    السؤال: هل يجوز لي أن آخذ زوجتي من عند أهلها بعد الوضع قبل أن تكمل أربعين يوماً؟

    الجواب: هذه مسائل بين الناس يصطلحون فيها فيما بينهم ولهم عرف فيما بينهم، ولو كانت عنده نفساء فلا بأس أن تجلس عنده وأن تقيم عنده، ولكنه لا يطأها حتى تطهر، والناس في هذا لا يتكلفون في العرف، والغالب أنها تكون عند أهلها ولا سيما إذا كانت جديدة ليس عندها من يقوم عليها، فتكون عند أهلها يلاحظونها ويقومون عليها ويحسنون إليها حتى تطهر من نفاسها، فإذا اصطلح مع أهلها على إبقائها عنده فلا بأس حتى لو ولدت عنده، فلا بأس أن يقوم عليها ويحسن إليها ويخدمها بنفسه أو بواسطة بعض قريباته حتى تطهر من نفاسها، وليس له جماعها حتى تطهر كالحائض سواء بسواء.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767987261