أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في هذا اللقاء الذي نعرض ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: سماحة الشيخ! هذه الرسالة وردت من سليمان الصالح من الرياض حي الشفا، يقول: إلى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله!
ما الذي يجوز للمرأة أن تكشفه من جسمها لمحارمها ما عدا زوجها، أرجو بيان ذلك بالتفصيل؛ لأن الآن في البيوت كثر تكشف النساء لمحارمهن بشكل فاحش، كإخراج الشعر والنحر والصدر والكتفين والساقين ونحوهما، نرجو الإيضاح وفقكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فقد ذكر أهل العلم ما يجب على المرأة من التستر عند الأجانب، وأن عليها أن تحتجب عن الأجانب في جميع بدنها؛ لأنها عورة، أما المحارم فذكر العلماء أنه لا بأس أن تكشف لهم ما جرت العادة بكشفه كالوجه واليدين والقدمين، فلا محذور في ذلك.
وهكذا شعر الرأس والساعد ونحو ذلك، كل هذا لا بأس به، والأولى بها الحرص على التستر إلا فيما جرت العادة بكشفه كالوجه واليدين والقدمين، فإن هذا لا محذور فيه عند المحارم كالأخ والعم ونحو ذلك، والله جل وعلا قال في كتابه الكريم: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] والمراد بذلك الزينة المعتادة المعروفة، والوجه من الزينة، واليد من الزينة، والقدم من الزينة، فهذه كلها لا بأس بها.
وهكذا الشعر على الصحيح لا بأس أن يراه محرمها كأخيها وعمها ونحو ذلك؛ لأن من العادة أن مثل هذا يظهر بين المحارم، فلا حرج في ذلك، ولكن ينبغي لها أن تكون حريصة على الستر مهما أمكن؛ لأن بعض المحارم لا يرجى خيره ويخشى شره في هذا العصر، فكونها تستتر إلا الوجه واليدين والقدمين هذا هو الأولى والأحسن لها؛ احتياطاً وبعداً عن أسباب الشر.
وإلا فالمحرم يجوز له أن ينظر الشعر وينظر الساق والساعد، كل هذا لا بأس به في حق المحرم على الصحيح، ولكن كونها تحتاط لنفسها ولا تبدي إلا الشيء الذي جرت العادة غالباً بكشفه، كالوجه والكفين والقدمين هذا هو الأحوط لها والأحسن لها؛ بعداً عن الشر وصيانةً لنفسها عن أسباب الخطر.
كما نحب أن نقول للسائل عما يتعلق بالمرأة مع محارمها: إن لنا عودة في المقام هذا.. لنا عودة في حديث آخر إن شاء الله للتحقيق في الموضوع ونقل كلام العلماء في ذلك، حتى يكون السائل وغير السائل على بينة كاملة في ذلك، بالنسبة للمرأة والكشف لـمحارمها لنا عودة إن شاء الله في هذا للتحقيق في الموضوع وبيان كلام أهل العلم وبيان الصواب في ذلك على وجه أكمل مما تقدم.
الجواب: لا ريب أن شرب الدخان محرم ومنكر ومضاره كثيرة، كما حقق ذلك جمع من أهل العلم، وكل من تأمل حال المدخنين وما ذكره أهل العلم وأهل الطب وأهل التجارب في الدخان عرف يقيناً مضرة الدخان وأنه من المحرمات ومن المنكرات التي يجب على كل من يتعاطاه أن يتركه وأن يحذره، وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أنه محرم وأنه منكر، لا بالنص عليه، ولكن ببيان ما أحل الله لعباده وما حرم عليهم، فإنه سبحانه قال: ويَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4].
فهو سبحانه بين أنه ما أحل إلا الطيبات ويَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4] فالله جل وعلا أحل الطيبات لعباده وليس هو من الطيبات بل هو من الخبائث، ومن الموبقات، إذ الطيب ما نفعك وغذاك من دون مضرة.
أما هذا فهو ضار مؤذٍ في طعمه وآثاره السيئة ورائحته الخبيثة، فمضاره لا تحصى، وقال جل وعلا في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157].
ولا شك أنه خبيث لمضاره الكثيرة كما بين ذلك أهل العلم، وكما بين ذلك الأطباء، وبين ذلك كل من جرب هذا الخبيث.
فالواجب على كل مسلم أن يحذر هذا البلاء، وأن يكون عنده عزم صادق وقوة على تركه والحذر منه؛ لعل الله يسلمه من شره.
أما السائل فإن عليه كفارة يمين عن طلاقه في المرة الأولى والثانية؛ لأن هذا في حكم اليمين، ما دام قصده منع نفسه من شربه وليس قصده فراق أهله، فإنه في حكم اليمين في أصح قولي العلماء، كما أفتى بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليه في مثل هذا، فعلى السائل أن يكفر كفارة يمين عن الطلقة الأولى وعن الطلاق الأخير، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الحنطة أو الأرز، يعني: من قوت بلد حال المطلق، أو يكسوهم كسوة تجزيهم في الصلاة كقميص لكل واحد أو إزار ورداء لكل واحد، هذه هي الكفارة.
فعلى هذا يكون عليه عشرة أصواع، خمسة للطلاق الأول وخمسة للطلاق الأخير، عشرة أصواع لعشرة مساكين، كل مسكين يعطى صاعاً من الأرز أو من التمر أو غيرهما من قوت البلد، نصفه عن الطلاق الأول ونصفه عن الطلاق الأخير، ونسأل الله أن يثبتنا جميعاً على الحق، وأن يعيذنا والمسلمين جميعاً من نزغات الشيطان.
الجواب: تعليق الصور ذوات الأرواح على الجدران أمر لا يجوز، سواء كان ذلك في بيت أو مجلس أو مكتب أو شارع أو غير ذلك، كله منكر، وكله من عمل الجاهلية، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون) وقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال:أحيوا ما خلقتم) وبعث علياً رضي الله عنه قائلاً له (لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته) ونهى عن الصور في البيت وأن يصنع ذلك.
فالواجب طمسها ولا يجوز تعليقها، ولما رأى في بيت عائشة صورة معلقة في الستر غضب وتغير وجهه، وهتكها عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أنه لا يجوز تعليق الصور سواء كانت صور الملوك أو الزعماء أو العباد أو العلماء أو الطيور أو الحيوانات الأخرى، كله لا يجوز، كل ذي روح تصويره محرم، وتعليق صورته في الجدران أو في المكاتب كله محرم، ولا يجوز التأسي بمن فعل ذلك، والواجب على أمراء المسلمين وعلى علماء المسلمين وعلى كل مسلم أن يدع ذلك وأن يحذر ذلك، وأن يحذر منه طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وعملاً بشرع الله في ذلك، والله المستعان.
الجواب: الدف إنما هو في حق النساء، هذا هو الذي يجوز في حق النساء في الأعراس ونحوها من أمور النساء، وأما الرجال فلا يجوز لهم لا الدف ولا الطبل ولا غير ذلك؛ لأنه من آلات الملاهي، وإنما يجوز اللعب بالحراب.. بالأسلحة.. بالرمي.. بالبنادق؛ لأنه تدرب على شئون الحرب، كما فعل الحبشة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بالدرق والحراب في مسجده عليه الصلاة والسلام، هذا لا بأس به، أما اللعب بالدفوف والطبول والأغاني عليه، هذا لا يجوز، والله المستعان.
الجواب: الذي يظهر لنا أن هذا يلحق به، وأن الحمل منه، وأن تقرير الأطباء لا ينبغي أن يعول عليه في هذا، بل قد يكون حملت مما حصل منه من المني وإن كان ضعيفاً، فقد جاء في الحديث: (ليس من كل مني يخلق الإنسان بل من بعضه)، فالحاصل أنه يلحق به، والرسول صلى الله عليه وسلم ألحق الولد بالزوج، وقال: (الولد للفراش).
فلا ينبغي له أن يتشكك في هذا، بل ينبغي للسائل أن يحسن الظن بأهله، وأن يحمد الله على ما يسر له من الولد، ولا مانع من علاج لمزيد الأولاد، وهذا يلحق به؛ لأنه من زوجته وفي فراشه، والرسول عليه السلام قال: (الولد للفراش) فهذا ولده، ولا ينبغي له سوء الظن، بل ينبغي له حسن الظن بالله جل وعلا وحسن ظنه أيضاً بزوجته، وشكر الله على ما من به من الحمل، ونسأل الله له العافية والتوفيق.
الجواب: لا حرج في ذلك، اتخاذ السن لحاجة أو ربطه بالذهب لحاجة لا بأس بذلك ولا حرج، إنما المحرم أن يتخذه للزينة، أما إذا اتخذه للحاجة إليه فلا حرج في ذلك.
المقدم: أحسنتم، أيها السادة! إلى هنا نأتي على نهاية لقائنا هذا الذي استعرضنا فيه أسئلة السادة: سليمان الصالح من الرياض حي الشفا، والمواطن (ح. ن. م. ي) ويسأل عن الحلف بالطلاق وشرب الدخان، وياسين البوزان من سوريا من حلب، و (ج. ع. س) الذي يشك في حمل امرأته، وأخيراً المواطن عبد المعين حمادي محمد المطرفي من مكة المكرمة، وقد عرضنا أسئلة السادة المستمعين على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
أيها السادة! شكراً لسماحة الشيخ، وشكراً لكم على حسن إنصاتكم، وإلى أن نلتقي نستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر