أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في هذا اللقاء مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد مرحباً بسماحة الشيخ.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
====
السؤال: سماحة الشيخ! وردتنا مجموعة كبيرة من الرسائل، ونبدأها برسالة سعود بن محمد المطيري، يقول: كثيراً ما نسمع عن السحور في شهر رمضان المبارك، ونسمع في الأحاديث التي تلقى في المساجد أن السحور بركة، لكننا أحياناً لا نشتهي الفطور بسبب العشاء المتأخر، ونترك هذه البركة، هل علينا إثم في ذلك أم لا، وفقكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فلا ريب أن السحور سنة وقربة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بذلك، قال : (تسحروا؛ فإن في السحور بركة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر)، وكان يتسحر عليه الصلاة والسلام، فالسنة السحور، ولكن ليس بواجب، من لم يتسحر فلا إثم عليه، لكن ترك السنة، فينبغي أن يتسحر ولو بقليل، ليس من اللازم أن يكون كثيراً، يتسحر بما تيسر ولو تمرات، أو ما تيسر من أنواع الطعام في آخر الليل، فإن لم يتيسر أو لم يشته الطعام فيشرب شيئاً من اللبن أو على الأقل الماء، يحسو من الماء ما تيسر، ولا يدع السحور، فأكلة السحر فيها بركة، وفيها خير كثير، وفيها عون للصائم على أعماله في النهار، فينبغي للصائم أن لا يدع السحور ولو قليلاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تسحروا فإن في السحور بركة) وهذه البركة لا ينبغي أن تضيع، بل ينبغي للمؤمن أن يحرص عليها ولو بشيء قليل من الطعام أو من التمرات أو من اللبن؛ يستعين بذلك على أعمال النهار الدينية والدنيوية.
نفيدكم أنه يوجد لدينا بمسجدنا نعش لحمل الأموات ودكة غسل مصنوعة من الحديد ومغطاة بألواح، ونحن لا نعلم هل هو جائز حمل الميت على هذا النوع من الحديد، أفيدونا جزاكم الله خيراً، والله يحفظكم ويرعاكم؟
الجواب: لا نعلم في هذا شيئاً، حمله على خشب أو على ألواح من غير الخشب أو على حديد لا نعلم في هذا شيئاً، لكن الأولى أن يتخذ شيئاً خفيفاً حتى لا يشق على الحاملين؛ لأن الناس إذا حملوه على الأكتاف قد يشق عليهم ذلك، أما إذا حمل في السيارة فالأمر في هذا واسع، لكن الشيء الخفيف أولى بكل حال، الألواح الخفيفة يوضع عليها الميت ويحمل عليها إلى المقبرة، هذا أولى من الشيء الثقيل، أما الحرج فلا حرج إن شاء الله في كونه من حديد أو من خشب، لكن إذا كان حديداً خفيفاً لا يشق على الناس فلا حرج، وإن كان ثقيلاً فينبغي تركه حتى لا يشق على الحاملين.
الجواب: لا حرج على الزوج أن يقبل زوجته في نهار رمضان أو أن ينام معها، لكن يتجنب الجماع، لا يجوز له الجماع في نهار الصيام، أما كونه يقبل زوجته أو ينام معها في الفراش أو يضمها إليه كل هذا لا بأس به، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم وهو أفضل الناس وهو أتقى الناس لله وأكملهم إيماناً عليه الصلاة والسلام، واستأذنه عمر في ذلك فأذن له في التقبيل.
فالحاصل أنه لا حرج في ذلك، ويروى أنه استأذنه شيخ شايب في القبلة فأذن له، واستأذنه شاب فلم يأذن له، وفي سنده ضعف.
قال بعض أهل العلم : إنما كرهه للشاب؛ لأن الشاب أقوى شهوة؛ وبكل حال فالأمر في هذا واسع، والحديث هذا ضعيف، والأحاديث الصحيحة المحفوظة تدل على أنه لا بأس بالتقبيل للزوجة مطلقاً، سواء كان الزوج شيخاً أو شاباً، لكن مع الحذر من الجماع، إذا كانت شهوته شديدة ويخشى إن قبلها أن يقع في الجماع لا يقبل، أما إذا كان يملك نفسه، يمكن أن يستطيع أن يقبل.. يستطيع أن ينام معها.. يستطيع أن يضمها إليه لكن من دون جماع فلا حرج في ذلك كما فعله سيد البشر عليه الصلاة والسلام.
الجواب: يقضي اليوم ولا شيء عليه، إذا أنزل المني فعليه قضاء اليوم، يصوم هذا اليوم، ويستمر صائماً فيه لا يفطر، يستمر صائماً ويمسك، ولكن يقضيه بعد ذلك إذا كان منياً، أما إذا كان مذياً: الماء اللزج الذي يخرج عند الشهوة، هذا الصحيح أنه لا يضر بالصوم ولا عليه شيء، المذي نفسه، الذي هو ماء لزج يخرج عند حدوث الشهوة، هذا يسمى المذي، وهذا لا يضر على الصحيح، أما إذا أنزل المني المعروف فهذا هو الذي يقضى.
المقدم: ولكن عليه كفارة؟
الشيخ: لا كفارة إلا بجماع، إذا جامع عليه كفارة.
الجواب: الجماع هو إيلاج الذكر، الحشفة في الفرج، إذا أولج ولو ما أنزل، إذا أولج ذكره في فرجها في النهار فهذا لا يجوز، وعليه التوبة والاستغفار وعليه الندم، وعليه كفارة مع ذلك وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصوم أطعم ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو رز أو غيرهما، هذه كفارة الوطء في رمضان، أما في الليل فلا بأس، إن جامع أهله في الليل لا بأس، في رمضان كله حتى في العشر الأخيرة، إذا كان غير معتكف حتى في العشر الأخيرة، إذا لم يعتكف له الجماع، أما في النهار فلا، لا يجامع زوجته أبداً في نهار الصيام، في نهار رمضان، ويحرم عليه جماعها، وأما كونه يقبلها.. يلمسها.. يضمها إليه.. ينام معها، كل هذا لا حرج فيه والحمد لله، لكن إذا كان شديد الشهوة يخشى من الجماع، فالأولى له أن يترك التقبيل والضم إليه إذا كان شديد الشهوة، وينام وحده في النهار، لا يضمها إليه إذا كان إنساناً شديد الشهوة لا يتمالك، يترك هذا الشيء، أما إذا كان لا، عنده تحمل.. عنده صبر.. عنده تمالك، فلا بأس أن ينام معها ولا بأس أن يقبلها، والحمد لله.
الجواب: الاجتماع لأهل الميت في الليلة الثالثة من الموت لقراءة القرآن أو للدعاء أو لصنع وليمة، كل هذا بدعة لا أصل له، وإنما يعزون، يزورهم الناس في أي وقت، كان في يوم الموت أو في الثاني أو في الثالث أو الرابع، ما في حد محدود، يزورهم الناس في أوقات مناسبة يعزونهم، هذا لا بأس به، التعزية مستحبة، أما أنهم يصنعون لهذا شيئاً من طعام أو قراءة قرآن يعتاد أو ما أشبه ذلك، هذا كله بدعة حتى جلوسهم مع الناس للدعاء للميت والاستغفار له كذلك بدعة، ولكن هذا الوقت يتركونه، يعني: يحلون هذه العادة ويزيلونها بترك الجلوس في هذا الوقت حتى من أرادهم يجدهم في أوقات أخرى، وبهذا تنتهي هذه العادة السيئة في اليوم الثالث، لا يجلسون في اليوم الثالث للقراءة ولا للدعاء للميت والاستغفار ولا لغير هذا، بل يدعون هذه العادة بالكلية، ويمكن أن يجدهم المعزون في أوقات أخرى، في اليوم الأول واليوم الثاني واليوم الرابع، حتى لا تبقى هذه العادة السيئة.
وهكذا ما يفعل بعض الناس من صنع ولائم في اليوم السابع أو في الأربعين بعد الموت، كل هذه بدع، فأي ترتيب يقع من مأتم للميت في اليوم الثالث أو رابع أو عاشر أو أربعين أو غير ذلك أو شيء غير هذا بحيث يجتمعون لطعام أو قراءة قرآن أو ذبائح أو ولائم كله بدعة، كل هذا بدع، كل هذه المآتم بدع، يجب الحذر منها ولا يجب فعلها.
وهكذا ما تفعله الشيعة في يوم العاشر من محرم بدعة، من النعي على الحسين ، وما يفعلونه هناك كله من البدع التي نسأل الله أن يهديهم حتى يتركوها، نسأل الله لنا ولهم الهداية؛ لأن هذا شيء لا أصل له، فلا ينبغي لأهل الإسلام أن يفعلوا ذلك أبداً، لا مع كبير ولا مع صغير ولا مع شريف ولا مع وضيع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، ولما توفي صلى الله عليه وسلم ما اجتمع الناس بعد وفاته في اليوم الثالث ولا في العاشر وجعلوا وليمة أو قراءة قرآن، وهكذا الصديق لما مات ما اجتمع الناس لصنع طعام أو قراءة قرآن، وهكذا عمر لما قتل، وهكذا عثمان ، وهكذا علي رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين، وهكذا بقية العشرة، وهكذا بقية الصحابة، وهم السادة وهم القدوة، فلو كان هذا شيئاً مستحباً طيباً لفعلوه.. ولاقتدى بهم الناس.
فالحاصل أن هذا الشيء لا يجوز بل هو من البدع التي يجب تركها على أهل السنة وعلى الشيعة جميعاً، يجب على الجميع ترك هذه البدع، وأن يراقبوا الله سبحانه وتعالى في ذلك، وأن يتأسوا بنبيهم صلى الله عليه وسلم وبخلفائه الراشدين الأربعة: الصديق وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، فإنهم هم خيرة الناس، وهم أفضل الناس بعد نبي الله وبعد الأنبياء، وهم القدوة، رزق الله الجميع الهداية.
الجواب: علامات الساعة كثيرة، الصغرى علاماتها كثيرة منها ما تقدم في حديث جبرائيل أنه صلى الله عليه وسلم أخبر جبرائيل أن من أشراطها: (أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)، يعني: من أشراطها الصغيرة كثرة الإماء واستيلاد الإماء كما قد وقع في العرب وغيرهم، ومن أشراطها التطاول في البنيان والتكلف في البنيان وإطالة القصور، وهذا وقع من زمن طويل، ومن أشراطها قلة العناية بالدين وإقبال الناس على الدنيا وعدم العناية بأمر الدين، كل هذا من أشراطها، ومن دلائل قربها؛ قلة العلم وكثرة الجهل، وهذا وقع منذ زمن طويل، كذلك من أشراطها خروج نار في الحجاز تضيء أعناق الإبل في بصرى في الشام، وقد وقعت هذه النار، خرجت في المدينة عام أربع وخمسين وستمائة، واستمرت مدة طويلة مدة أيام في المدينة في الحرة، كل هذا أمر معلوم ذكره المؤرخون، وجاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
فأشراطها الصغيرة كثيرة، وقد وقع منها الشيء الكثير، أما أشراطها الكبيرة فتأتي، منها خروج المهدي المنتظر من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم غير مهدي الشيعة، مهدي آخر غير مهدي الشيعة، أما مهدي الشيعة فلا أصل له، ولكن هناك مهدي آخر غير مهدي الشيعة يسمى محمد بن عبد الله يخرج في آخر الزمان عند قرب خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم، اسمه محمد بن عبد الله، جاءت فيه أحاديث صحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومنها: نزول المسيح بن مريم عند خروج الدجال، خروج الدجال من أشراط الساعة، وهو يخرج من جهة المشرق فيدعي النبوة ثم يدعي أنه رب العالمين -والعياذ بالله- وقد أمرنا الله أن نستعيذ من شره في آخر الصلاة، ومنها: نزول عيسى بن مريم في آخر الزمان من السماء، فيقتل الدجال ويحكم بشريعة الله، ويدخل الناس في دين الله أفواجاً في وقته عليه الصلاة والسلام، ويهلك الله الأديان كلها، فلا يبقى إلا الإسلام في وقته عليه الصلاة والسلام، ومنها في آخر الزمان نزع القرآن من الصحف ومن الصدور عند تعطيل العمل به، ومنها: هدم الكعبة في آخر الزمان، يهدموها بالحبشة، ومنها: طلوع الشمس من مغربها في آخر الزمان، فإذا طلعت من مغربها لا تقبل التوبة من أحد، الكل يبقى على حاله، إذا طلعت الشمس من مغربها لا تقبل التوبة بعد ذلك، كل هذه من أشراطها الكبار، وآخر الآيات حشر النار في آخر الزمان، تحشر الناس إلى المحشر، تسوقهم إلى المحشر من جهة الشام، تبيت معهم حيث يبيتون، وتقيل حيث يقيلون، وبعد هذا تقوم الساعة على شرار الخلق، بعدما يقبض الله أرواح المؤمنين والمؤمنات، يرسل الله ريحاً طيبة تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات، فيبقى الأشرار، فعليهم تقوم الساعة في آخر الزمان.
المقصود أن أشراط الساعة الكبار لم تقع وستقع، ويغلب على الظن أن زمانها ليس ببعيد، زمان خروج المهدي وخروج الدجال ونزول المسيح ليس ببعيد والله أعلم؛ لأن الدنيا قد كثر فيها الشر، وانتشر الكفر بالله والمعاصي والمخالفات، ونسأل الله للمسلمين الهداية والتوفيق وصلاح الأحوال.
الجواب: صباح الخير لا أعلم لها وجهاً، صباح الخير.. مساء الخير ما أعلم لها وجهاً، والذي ينبغي أن يقال: (السلام عليكم) ثم يقول: صبحكم الله بالخير، ومساكم بالخير، أو كيف أصبحت أو كيف أمسيت، أما صباح الخير ومساء الخير ما أعلم لها أصلاً ولا أعلم لها وجهاً، وإن كان قد يراد بذلك صباح الخير لكم أو صباح الخير ينزل بكم، ولكن استعمال الألفاظ الأخرى مثل كيف أصبحت؟ كيف أمسيت؟ صبحك الله بالخير، مساك الله بالخير بعدما يقول: السلام عليكم، يبدأ بالسلام ويقول: (السلام عليكم) وإذا كمله فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كان أفضل، ثم إذا أحب يزيد فيقول: كيف أصبحت؟ كيف أمسيت؟ لعلك بخير، أرجو أنك بخير، أو صبحك الله بالخير، إذا كان في أول النهار، أو مساك الله بالخير إذا كان في آخر الليل، كل هذا طيب من باب العناية بأخيه والتحفي بأخيه، كله طيب.
المقدم: أحسنتم.
أيها السادة! إلى هنا نأتي على نهاية لقائنا هذا الذي استضفنا فيه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وقد طرحنا على سماحته أسئلة السادة: سعود محمد المطيري من الرياض، وسعد محمد سعيد المالكي من متوسطة العمشان من بلاد بني مالك، وبشر حسين عطية من المنطقة الشرقية، وإبراهيم مطر من جيزان قرية الجهو، وأخيراً رسالة محمد أحمد عبد العالي من جمهورية مصر العربية شركة الجبس الأهلية.
شكراً لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، وشكراً لكم أيها الإخوة، وإلى أن نلتقي بحضراتكم إن شاء الله تعالى غداً نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر