أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نعرض فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
في هذا اللقاء المبارك لعلنا نتمكن من عرض أكبر عدد من أسئلتكم واستفساراتكم عبر رسائلكم، ولدينا مجموعة كبيرة من الأسئلة والاستفسارات في رسائل السادة: سعد سعود الهاشل من الظهران، والمستمع (ن. م. ق) من الرياض، والمستمع (ع. خ. ع) من العراق من نينوى، وعبد الكريم الصالح من الحدود الشمالية، والمستمع ياسين العبد الحليم من العراق نينوى ناحية الشورة، والأخت (ف. ن. ح) وتسأل عن صلاة الضحى، والمستمع محمد عبد الله عبد الرحمن الثنيان من الزلفي، ولعلنا أيضاً نتمكن من عرض رسالة المستمع (ع. ع. م) من البحرين يسأل عن عملية التجميل.
====
السؤال: نبدأ أولاً برسالة سعد سعود الهاشل من الظهران، حيث يقول: إذا حضر شخص لصلاة العشاء ووجد الجماعة يصلون فأحرم معهم بالصلاة، فتبين أنهم في التراويح، فما حكم صلاته هذه؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: إذا أحرم الإنسان مع الناس في ليالي رمضان يظنهم في الفريضة ثم ظهر أنهم في التراويح؛ فإنه يصلي معهم ويستمر، فإن سلم الإمام في التراويح يقوم ويكمل صلاته ولا بأس؛ لأنه على الصحيح يجوز أن يصلي المفترض خلف المتنفل، وقد صلى معاذ رضي الله عنه بأصحابه العشاء وهو متنفل وهم فارضون، كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء فرضه ثم يأتي ويصلي بأصحابه العشاء وهو متنفل وهم مفترضون، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف الصلاة الأولى فرضاً وصلى بالطائفة الثانية وهو متنفل عليه الصلاة والسلام وهم مفترضون فلا حرج، فإذا وجدهم يصلون التراويح صلى معهم بنية فرضه، ثم إذا سلم الإمام قام وكمل صلاته والحمد لله. هذا هو الصواب.
الجواب: هؤلاء قد فرطوا وتساهلوا، والواجب عليهم أن يهتموا بالصلاة، فالصلاة أعظم من الصوم، الصلاة هي الركن الأول من أركان الإسلام بعد الشهادتين، هي أعظم الأركان وأهمها بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وهي أعظم وأكبر شأناً من الصوم، فالواجب أن يهتم بها وأن يحرص المؤمن على أدائها في وقتها في الجماعة حرصاً تاماً، وإذا نام في النهار أو في الليل فينبغي أن يكون عنده موقظ من أهله ينبهونه أو الساعة يركبها على وقت الصلاة، حتى إذا نبهته يقوم، ولا يجوز له التفريط إذا كان عنده والده أو والد أو زوجة جيدة توقظه فالحمد لله، وإلا وجب أن يشتري ساعة ويجعلها عند رأسه، يركبها على وقت الصلاة في الليل والنهار، ولا يجوز له التساهل في هذا، ينام حتى يضيع صلاة الظهر أو صلاة العصر، هذا لا يجوز، ثم إنه لا يجوز أن يضيع صلاة الفجر بسبب التساهل والنوم، بل يجب عليه أن يهتم بهذا الأمر وأن يصلي مع الناس في أوقات الصلاة، وأن يعمل ما يعينه على ذلك من منبهين من أهله أو ساعة عند رأسه.
الجواب: إذا كانت أمك أرضعتها خمس رضعات أو أكثر فهي تكون أختكم جميعاً، ليس لكم أن تنكحوها؛ لأن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسب، والله نص في القرآن على تحريم الأخوات من الرضاعة، فلا يجوز لك أن تنكح ابنة أرضعتها أمك رضاعاً تاماً؛ لأنها بالرضاع صارت أختك من الرضاعة، والله جل وعلا قال في المحرمات: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23]، والنبي عليه السلام قال: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) فإذا كانت هذه البنت أرضعتها الوالدة خمس رضعات -يعني: أمك- في مجلس أو في مجالس أو أكثر من خمس رضعات فإنها تكون أختاً لكم، والرضعة كون الطفل أو الطفلة يمسك الثدي ويمتص اللبن.. يبتلع اللبن ثم يفصل عن الثدي، ثم يعود فيرضع، ثم يعود حتى يكمل خمساً، فإذا كمل خمساً في المجلس، أو في المجالس في يوم أو في ليلة أو في أيام أو في ليالي صار هذا الرضيع ولداً للمرأة المرضعة، وولداً لزوجها صاحب اللبن، وأخاً لأولادها وأولاد الزوج جميعاً، وبهذا تعلم أن هذه البنت الرضيعة من أمك لا تحل لك، بل هي أختك من الرضاعة إذا ثبت أن أمك أرضعتها خمس مرات أو أكثر، أما إن كان الرضاع قليلاً مرة أو مرتين فلا بأس، لا تكون أختاً لك؛ لأن النبي عليه السلام قال: (لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان).
وكذلك لو كان ثلاثاً أو أربعاً حتى يكمل الخمس؛ لأن السنة جاءت بخمس رضعات هي المحرمة، وهكذا لو كان فيه شك، قالت أمك: والله ما أدري هي أرضعتها ثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً، ما عندي ضبط، إذا كانت أمك تشك في العدد فإنها لا تحرم عليكم هذه البنت، لكن إذا تركتموها من باب الاحتياط.. من باب ترك الشبهات فهذا أحسن؛ لأنها امرأة فيها ريبة، فتركها والبعد عنها أولى، ولكن لا تكون أختاً لكم إلا بخمس رضعات أو أكثر، لا تفتش لكم ولا ترون وجهها ونحوه، بل عليها الستر والحجاب حتى تجزم أمك بأنها أرضعتها خمس رضعات أو أكثر.
الجواب: لا حرج في ذلك، إذا شرب الإنسان ماء أو لبناً أو شاهي أو قهوة وهو يؤذن لا حرج في ذلك، لكن إذا تيسر أن يحتاط ويتقدم حتى لا يقع في الشك فهو أولى، إلا إذا عرف أن المؤذن أذن الصبح وأن الصبح قد طلع وأن المؤذن قد أذن الصبح فإنه لا يشرب، أما مادام لا يدري، على عادة المؤذنين يؤذنون على الساعات فلا يضره ذلك، إذا شرب وهو يؤذن لا يضره ذلك.
الجواب: الفجر لابد من تبين الصبح، إذا بان الصبح؛ لأن الله قال: كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187].
فلابد أن يتبين الصبح، مادام فيه شك الصبح فللناس أن يأكلوا ويشربوا حتى يتضح الصبح، ويعترض في جهة الشرق صبح واضح، فإن الصادق يعترض في الأفق وينتشر يميناً وشمالاً ويثبت ويزيد نوره، هذا هو الفجر الصادق، أما الكاذب فيستطيل في الأفق ثم يذهب ويضمحل، أما غروب الشمس فمعروف، إذا أذن المؤذن لغروب الشمس أفطر الناس، وإذا سقطت الشمس وهو في البرية ورآها سقطت أفطر، ومسألة الشمس واضحة، وسقوطها واضح، أما الصبح فقد يشتبه على الناس بالصبح الكاذب، فإن فيه صبح كاذب يكون عموداً مرتكزاً مضيئاً ثم يذهب ويضمحل مظلم، ثم يأتي بعده الفجر الصادق، فالفجر الصادق هو الذي عليه العمدة وهو الذي يستطيل في الأفق وينتشر، هكذا يمتد في جهة الأفق يميناً وشمالاً حتى يعترض مستطيلاً ويزداد نوره ويتضح نوره، هذا هو الصادق.
الجواب: لا حرج في ذلك، أن يقول: السيارة نقداً بكذا ومؤجلة بكذا، السيارة أو البيت أو الدكان أو الأرض أو سلعاً أخرى لا بأس، هذا هو الصواب الذي لا شك فيه، لكن لا يتفرقون إلا وقد قطعوا البيع، فإن تفرقوا ولم يقطعوا البيع لم يتم شيء، فإذا تفرقوا على أن البيع بثمانية آلاف نقداً صح، وإن تفرقوا على أن البيع بعشرة آلاف كل شهر خمسمائة أو كل شهر ألف فلا بأس بذلك على ما تفرقوا عليه من أجل أو نقد.
الجواب: صلاة الضحى سنة مؤكدة، النبي عليه الصلاة والسلام أوصى بها، أوصى بعض أصحابه، أوصى أبا هريرة و أبا الدرداء بصلاة الضحى، وكان يصليها بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، فهي سنة مؤكدة أوصى بها عليه الصلاة والسلام، فإذا تيسر للمؤمن والمؤمنة فعلها فهذا خير عظيم، ولكن غير لازمة، لو فعلها بعض الأحيان وتركها بعض الأحيان أو تركها بالكلية لا حرج، لكنها سنة مؤكدة مثل سنة الفجر.. سنة الظهر.. سنة المغرب.. سنة العشاء، كلها سنن مؤكدة فيها خير عظيم، ولكنها غير فريضة، لو تركها الإنسان لا يأثم، والأفضل تكون بعد ارتفاع النهار، إذا اشتد النهار وارتفع النهار قبل زوال الشمس بنص ساعة.. ساعة، المقصود أنه إذا ارتفع الضحى يكون أفضل، وإن صلاها مبكراً بعد ارتفاع الشمس قيد رمح حصل المقصود، وكلما أخرها حتى يرتفع النهار فهو أفضل، ثنتين أو أربع ركعات أو ست ركعات أو ثمان ركعات، ليس لها حد، لكن أقلها ركعتان، وإذا صلى أكثر.. صلى أربع ركعات أو ست ركعات أو ثمان ركعات أو أكثر من هذا فلا بأس.
الجواب: ما فيها تحديد، النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بثنتين عليه الصلاة والسلام، إحداهما عنه وعن أهل بيته، والثانية عمن وحد الله من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، فإذا ضحى الإنسان بواحدة أو بثنتين أو بأكثر فلا بأس، قال أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه: (كنا نضحي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالشاة الواحدة فنأكل ونطعم، ثم تباهى الناس بعد ذلك).
فالحاصل أن الواحدة تكفي، إذا ضحى الإنسان في بيته بواحدة عنه وعن أهل بيته حصلت السنة بهذا، وإن ضحى بأكثر.. ثنتين.. ثلاث.. أربع.. أو بناقة أو بقرة فلا بأس، يأكل ويطعم ويتصدق، كل هذا طيب إذا كان اللحم يؤكل، أما أنه يذبح في العيد ويطرح للأسواق فهذا لا يجوز، هذا إضاعة مال، لكن إذا كان يذبح شيئاً يؤكل ويقسم على الفقراء أو الأقارب فهذا طيب قل أو كثر، ولكن أقل شيء واحدة. تذبح عن الرجل وأهل بيته ولو كانوا كثيرين، عنه وعن زوجته وعن أولاده وعن والديه وعن غير ذلك ممن هو معه في البيت.
الجواب: صبغ الشعر إن كان بالأسود الخالص فلا يجوز للرجل والمرأة جميعاً، أما إن كان صبغه بالأصفر أو بالأخضر أو بغير ذلك فلا بأس، لكن بالأسود الخالص النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن هذا وقال: (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد).
فالحاصل أنه لا يجوز بالأسود الخالص لا للمرأة ولا للرجل، أما إذا غير الشيب بغير الأسود بأسود مخلوط بالحناء أو بأحمر أو بأصفر فلا بأس.
الجواب: هذا من الخرافات؛ تعليق رجل الذئب أو أذنه أو ضرسه أو شيء من شعره على المريض أو على غير المريض للصيانة والحفظ كل هذا منكر، كله خرافات لا أصل له، وهذا من التمائم التي حرمها الله جل وعلا، وسماها النبي عليه الصلاة والسلام شرك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق شيئاً فقد أشرك) فتعليق التمائم لا يجوز، سواء كانت التمائم من رجل الذئب أو من شعره أو من عظامه أو من غير هذا من الحيوانات الأخرى أو حديدة أو شيء مقروء في ورقة يجعل في ورقة أو في رقعة أو غير ذلك يعلق على الطفل أو على المرأة أو على المريض كل هذا لا يجوز؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن هذا وحذر منه، وأخبر أنه من الشرك وقال: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له).
وكان في الجاهلية تعلق التمائم ويسمونها: الحروز، ويسمونها: الحجب، ويسمونها: الجوامع، تعلق على المريض وعلى الأطفال؛ بزعمهم أنها تدفع العين عنهم أو تدفع الجن، وهذا لا يجوز بل هو منكر يجب إزالته، فلا يجوز تعليق تميمة من عظام الذئاب أو من شعر الذئاب أو من رجل الذئب أو الضبع أو الأسد أو النمر أو غير ذلك، ولا يجوز تعليق أيضاً تمائم من القرآن، يجعل الورقة يكتب فيها شيء ويعلقها في قطعة جلد أو غير ذلك، أو مسامير أو غير ذلك مما يفعله بعض الناس أو طلاسم؛ حروف مقطعة يجعلونها في خرق ثم يجعلونها في جلد أو غيره تعلق، كل هذا لا يجوز بل يجب الحذر من ذلك.
الجواب: إذا كان في الوجه شيء من الأثر الجدري أو أمراض في الوجه أخرى تشوهه فلا بأس، إذا كان عند الأطباء شيء يزيل هذا الأثر ويزيل التشويه عنه فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم لما قطع أنف بعض الناس في الحروب أشار عليه بأن يجعل أنفاً من فضة، فلما أنتن عليه أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل أنفاً من ذهب، ورخص في ذلك؛ لأن وجه الإنسان بدون أنف يكون مشوهاً، فمن رحمة الله أن أذن له النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فإذا كان في وجهه حفر من الجدري أو غيره أو وجد الطب عند الأطباء يخفف هذا الشيء، أو في وجهه نقطة سوداء أو أشياء مما يشوه الوجه ووجد علاجاً يزيل هذه الأشياء المشوهة فلا بأس بذلك ولا حرج.
المقدم: أحسنتم أثابكم الله.
أيها السادة! إلى هنا نأتي إلى نهاية لقائنا هذا الذي استعرضنا فيه رسائل السادة: سعد سعود الهاشمي من الظهران، والمستمع (ن. م. ق) من الرياض، ويسأل عن النوم في نهار رمضان عن الصلاة، والمستمع (ع. خ. ع) من العراق من نينوى يسأل عن الرضاعة، و عبد الكريم الصالح من الحدود الشمالية، و ياسين العبد الحليم من العراق نينوى ناحية الشورة، ورسالة المستمعة الأخت (ف. ن. ح) وتسأل عن صلاة الضحى وغيرها من الأسئلة، والمستمع محمد عبد الله عبد الرحمن الثنيان من الزلفي، والمستمع (ع. ع. م) من البحرين يسأل عن عملية التجميل.
عرضنا هذه الأسئلة والاستفسارات التي وردت في رسائلهم على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لفضيلة الشيخ عبد العزيز ، وشكراً لكم أيها السادة، وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر