مستمعي الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع بداية اللقاء نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: شيخ عبد العزيز أمامي قضية كثيراً ما يسأل عنها وهي في الواقع محرجة لإخواننا المسلمين، تلكم القضية هي قضية المرأة والطبيب، ماذا يقول الشيخ عبد العزيز عن هذا الموضوع، وبم تنصحون الأخوات المسلمات حول هذا، وبم تنصحون أولياء الأمور جزاكم الله خيراً؟ ويمثل هذه القضية نيابة عن السادة المستمعين أخونا محمود محمد حسن من الرياض الملز.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فلا ريب أن قضية المرأة والطبيب قضية مهمة، وفي الحقيقة أنها متعبة كثيراً، ولكن إذا رزق الله المرأة التقوى والبصيرة فإنها تحتاط لنفسها وتعتني بهذا الأمر، فليس لها أن تخلو بالطبيب، وليس للطبيب أن يخلو بها، وقد صدرت الأوامر والتعميمات في منع ذلك من ولاة الأمور.
فعلى المرأة أن تعتني بهذا الأمر، وأن تتحرى التماس الطبيبات الكافيات، فإذا وجدن فالحمد لله ولا حاجة إلى الطبيب، فإن دعت الحاجة إلى الطبيب.. وعدم وجود الطبيبات فلا مانع عند الحاجة إلى الكشف والعلاج، هذه من الأمور التي تباح عند الحاجة، لكن لا يكون الكشف عن خلوة، بل يكون مع وجود محرمها أو زوجها، إن كان الكشف في أمر ظاهر كالرأس واليد والرجل ونحو ذلك، وإن كان الكشف في عورات يكون معها امرأة، وهذا أحسن وأحوط أو ممرضة على الأقل، أو ممرضتان تحضران، ولكن إذا وجد غير الممرضة امرأة تقوم معها يكون ذلك أولى وأحوط وأبعد عن الريبة، وأما الخلوة فلا تجوز أبداً، والتعميمات قد صدرت بهذا والحمد لله، جزاهم الله خيراً.
فينبغي للأزواج وللأولياء أن يعتنوا بهذا الأمر، وينبغي للمرأة أن تعتني بهذا أكثر؛ لأنها المسئولة عن نفسها، فعليها أن تتقي الله وأن تحذر أسباب الفتنة، وأسباب التهمة في جميع الأحوال، ولكن في مسألة الطبيب بوجه أخص يجب عليها أن تحذر أن تخلو به مهما كان فضله أو أمانته أو نحو ذلك.
المقدم: أولياء الأمور سماحة الشيخ أو المحارم ماذا تقول لهم لو تكرمت؟
الشيخ: مثل ما تقدم؛ يجب عليهم أن يعتنوا بهذا الأمر، أما المسئول عن الأطباء كوزير الصحة ومن دونه من المسئولين، الواجب عليهم أن يؤكدوا هذا مرة بعد مرة، وأن يعتنوا بهذا حتى لا يخلو الطبيب بامرأة أبداً، بل يكون معها من نسائها من يحضر معها وهو أحوط، أو على الأقل يكون معها ممرضة أو ممرضتان وهو الأحوط أيضاً حتى لا تكون هناك تهمة ولا شبهة؛ لأن بعض الناس يقول: إن الممرضة قد لا تكفي، وقد يكون بينها وبين الطبيب شيء من التواطؤ في شيء.
فالحاصل: أنه إذا كان ممرضتان أو امرأة من أصحاب المرأة ورفيقاتها يكون ذلك أحوط، إلا إذا كان المرض في شيء طارف يمكن أن يراه الزوج أو يراه المحرم فلا بأس، يكفي الزوج والمحرم، كالمرض في يدها، أو في قدمها أو في رأسها فإن المحرم يجوز له أن يرى ذلك.
المقدم: الطبيب سماحة الشيخ فيما إذا رد المرأة التي ليس معها محرم أو امرأة وهي تريد الكشف، هل له أن يرد المرأة والحالة هذه؟
الشيخ: نعم، يجب عليه إلا إذا أحضر من الممرضات من يشارك في هذا الشيء، حتى لا تقع الخلوة.
الجواب: لا يجوز لها ذلك، المرأة التي بها حمل ليس لها أن تتعاطى ما يسبب سقوط الحمل، لا بحمل الثقيل ولا بالقفز من مكان إلى مكان، ولا بغير هذا من أسباب سقوط الحمل، يجب عليها أن تجتنب ذلك، إلا إذا كان في الأربعين ودعت الحاجة إلى إسقاطه -في الأربعين الأولى- فقد أجاز هذا جمع من أهل العلم بالطرق الخاصة، بطريق الطبيب، الطريق المعتاد، الطريق الآمن السليم، مع أن ترك هذا أفضل وأولى؛ لكن عند الحاجة كالتي يشق عليها الحمل لأن معها أطفالاً كثيرين أو مريضة يضرها الحمل، فإذا طرحته في الأربعين بطريق سليمة مأمونة لا خطر فيها فلا بأس عند الحاجة في الأربعين الأولى، وأما بعد ذلك فليس لها أن تعمل ما يسقطه بأي وجه من الوجوه إلا في حالات خاصة إذا رآها الأطباء تضر المرأة وعليها خطر، فهذا يرجع إلى الأطباء الأمناء المختصين عند دعاء الضرورة إليه.
الجواب: الشغار محرم، ويسميه بعض الناس: نكاح البدل، وقد أوضحه النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه نهى عن الشغار، وقال: الشغار أن يقول الرجل: زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي) هذا هو الشغار، وهو نكاح البدل، وهو اشتراط عقد في عقد، اشتراط زواج في زواج، وهو باطل مطلقاً في أصح أقوال أهل العلم حتى ولو اشترطوا مهراً، ولو كان المهر مكافئاً لكل واحدة، ما دام الشرط موجوداً أنه يزوجه ويزوجه، فالنكاح باطل وفاسد ليس بصحيح في أصح أقوال أهل العلم.
وذهب بعض أهل العلم أنه إذا كان هناك مهر كافي وليس هناك حيلة صح النكاح؛ ولكنه قول ضعيف ومخالف للأحاديث الصحيحة، وقد روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه نهى عن الشغار).
وكذلك روى مسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن الشغار) وروى أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن معاوية رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه نهى عن الشغار) وحكم معاوية بذلك في شخصين تزوجا شغاراً وقد سميا مهراً: فكتب إلى أمير المدينة وأمره أن يفرق بينهما، وقال: هذا هو الشغار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم مع أنهما قد سميا مهراً.
فدل ذلك على أن ما حكم به أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه هو الحق، وهو مقتضى الأحاديث؛ ولأن العلة التي من أجلها نهي عن الشغار موجودة ولو سمي المهر؛ لأن هذا الشغار وسيلة إلى ظلم النساء والتعدي عليهن، وإجبارهن على النكاح بمن لا يرضين من أجل مصلحة الأولياء وأولاد الأولياء.
فالصواب الذي نفتي به ونعتقد أنه الحق أن عقد الشغار باطل مطلقاً، ولو سمي فيه مهر مكافئ، والواجب على من فعله أن يجدد النكاح، وإذا كانت لا تريده المرأة وجب عليه فراقها بطلقة واحدة، وأما إذا كانت تريده والأخرى تريد زوجها فلا مانع من تجديد النكاح بعقد شرعي ومهر شرعي ليس فيه اشتراط المرأة الأخرى في كلا العقدين، فيجتنبها ويبتعد عنها حتى يجدد النكاح بحضرة شاهدين بولي ومهر جديد إذا كانت ترغب فيه وهو يرغب فيها، أما إذا كانت لا ترغب فيه فإنه يطلقها بطلقة واحدة طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وحذراً مما نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام.
الجواب: الذي نعلمه من الشرع أنهم مخاطبون بما خوطب به الإنس من الشرائع إلا ما استثني مما لا نعلمه، فلهم أشياء تخصهم لا نعلمها، والنبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بهم وبلغهم أشياء عليه الصلاة والسلام، فلا نعلم شيئاً يخصهم دوننا، فالأصل أنهم مكلفون بما كلف به الإنس من صلاة وغيرها، إلا ما استثناه الشارع في حقهم مما لا نعلم، فنقول: ما كلفوا به وخصهم الله به مما لا نعلمه الله الذي يعلمه سبحانه وتعالى، وهو سائلهم عنه جل وعلا، أما ما كلفنا به جميعاً فهم مسئولون عنه أيضاً، وقد أنزل الله سورة الرحمن وخاطبهم فيها جميعاً مع الإنس في بعد كل آية يقول: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:13] فهم مسئولون ومكلفون وموعودون بالجنة والنار، مطيعوهم في الجنة وعاصيهم في النار، كما قال عز وجل: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا [الجن:14-15] وقال قبل ذلك: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ [الجن:11] فهم فيهم الصالحون وفيهم المبتدعة، وفيهم الكفار وفيهم الفساق، كالإنس، فليس لنا أن نقول على الله بغير علم، بل الأصل أنهم مكلفون بما كلفنا به إلا ما استثناه الشارع فيما بينه وبينهم وأعلمهم به مما لا نطلع عليه، فعلمه إلى الله سبحانه وتعالى، وعليهم أن يؤدوا ما أوجب الله عليهم، ومن قصر منهم فله حكم المقصرين من كفر أو عصيان، إن كان كفراً فكفر، وإن كان عصياناً فعصيان، وهو أيضاً مجزي بعمله يوم القيامة كما دلت عليه سورة الرحمن وسورة الجن، والله سبحانه وتعالى أعلم.
الجواب: نعم، الواجب على المسلم أن يستقل بنفسه وأن يتباعد عن مشابهة أعداء الله كما أمره الله بذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم حذر الأمة من اتباع سنن من كان قبلها من الأمم الكافرة، من يهود أو نصارى أو مجوس أو غيرهم من الكفرة، فدل ذلك على وجوب استقلال المسلمين بزيهم الخاص، وطاعاتهم التي أوجب الله عليهم وشرع لهم.. إلى غير ذلك، وأن لا يتشبهوا بأعدائهم، لا في أخلاقهم ولا في أعمالهم، ولا في أقوالهم، ولا في أعيادهم ولا في أزيائهم، ولهذا روى الإمام أحمد رضي الله عنه ورحمه بإسناد جيد عن ابن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في حديث طويل: (ومن تشبه بقوم فهو منهم) أوله: (بعثت بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم).
فالواجب على المؤمنين والمسلمين أن يبتعدوا عن التشبه بأعداء الله في جميع الأمور، وأن يستقلوا بأنفسهم في جميع أمورهم حتى يتميزوا عن عدوهم، وحتى يعرفوا أينما كانوا بزيهم وطرائقهم وعاداتهم الإسلامية، وأعمالهم الإسلامية، لكن لو وجد شيء مشترك بأن فعله المسلمون والكافرون فلا يسمى هذا تشبهاً كما وقع الآن في ركوب الطائرات، وركوب السيارات، والقطارات، كانت هذه أول عند أعدائنا ثم يسر الله لنا الانتفاع بها، فهذا صار الآن مشتركاً ليس فيه تشبه بأعداء الله، ولا يمنع استعمالهم لهذه الطائرات أو لهذه القطارات أو السيارات أن نستعملها، وهكذا ما حدث من القوات التي يستعان بها في الحرب، للمسلمين أن يأخذوها حتى يدافعوا بها عن دينهم وعن بلادهم، وحتى يعملوا بقوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60].
فالأمور التي للمسلمين فيها نفع يجوز أن يأخذوها من عدوهم ولا يسمى تشبهاً لما فيه من الإعداد والنفع العام للمسلمين، وهكذا الأشياء التي اشترك فيها المسلمون وصارت من عادة الجميع لا يكون فيها تشبه، وإنما التشبه يكون فيما اختصوا به وصار من زيهم خاصة.
المقدم: بارك الله فيكم، إذاً: هناك ميزان سماحة الشيخ، يبدو لي أنه في الأمور الدنيوية لا يرى سماحتكم أن في ذلك بأساً؟
الشيخ: إذا كان فيها نفع لنا ولا يختص بها المشركون، أما ما كان خاصاً بالمشركين وليس لنا فيه نفع، أما ما فيه نفع نأخذه منهم ونحتج بقوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60] والله جل وعلا يقول: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف:32].
المقدم: بارك الله فيكم، إذاً الحذر في أمور الدين؟
الشيخ: الدين التي هي من أزيائهم وأخلاقهم ليست من ديننا، أما ما كان من ديننا نستعمله، ولو تشبهوا بنا فيه، ولو شاركونا، كما لو أجمعوا على إرخاء اللحى فلنرخيها نحن ولو أرخوها، لا نخالفهم في ذلك، بل نرخيها لأننا مأمورون بإرخائها، وهكذا لو بنوا مساجد وصلوا في مساجد صلواتهم لا نهدم مساجدنا، ما كان من ديننا نلزمه ولو شاركونا فيه.
المقدم: كذلك بعض الأنظمة التي تتخذ للعمل والعمال وما أشبه ذلك؟
الشيخ: كذلك التي تنفعنا نأخذ بها مثل نظام المرور، نظام الشرطة، نظام كذا .. نظام كذا.. الذي ينفع الأمة.
الجواب: المسألة فيها خلاف بين أهل العلم في أصلها، هل يجب إخراج الزكاة عن حلي المرأة التي تلبسها أم ذلك ساقط عنها؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه يجب إخراج الزكاة عن الحلي؛ لأن الأدلة الدالة على ذلك سليمة من المعارض وقوية وصحيحة.
فالواجب على المرأة إخراج الزكاة من حليها إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، سواء كانت الحلي أسورة أو قلائد أو غير ذلك من أنواع الحلي، إذا بلغت النصاب وهو عشرون مثقالاً من الذهب مقداره بالجنيه السعودي: أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع جنيه، يعني: نصف جنيه، وبالجرام: اثنان وتسعون غراماً، فإذا بلغ هذا المقدار وجبت الزكاة، وإن كان أقل لم تجب فيه الزكاة، وهذا كله على مقتضى أدلة حسب القول الراجح في هذه المسألة ولو كانت تلبسه، لكن الزكاة لا تكون بالثمن، يراعى فيها القيمة، فلو اشترت مثلاً حلياً بعشرة آلاف ريال، وعند تمام الحول لا يساوي إلا ثمانية آلاف لا تزكي إلا ثمانية لأنه نقص، وهكذا العكس لو كانت اشترته بعشرة وعند تمام الحول يساوي خمسة عشر زاد الذهب وغلا، تزكي خمسة عشر، القيمة التي موجودة عند تمام الحول زائدة أو ناقصة.
المقدم: لكن الزكاة سماحة الشيخ من نفس المزكى، أو لا مانع من إخراج قيمته؟
الشيخ: ما هو بلازم، ولو من الورق المعروف، العملة الورقية أو من الفضة لا بأس.
الجواب: لا حرج فيه إذا كان فيه فائدة، استعمال الحناء مع صفار البيض أو غيره من الأمور المباحة ولا بأس إذا كان فيه فائدة للشعر، لتطويله، أو تمليسه، أو غير هذا من مصالحه، أو بقائه وعدم سقوطه لا بأس.
الجواب: أما رياض الصالحين فهو كتاب نفيس وطيب، ونوصي بأن يقتنيه كل أحد لما فيه من الفائدة العظيمة، أما الإسراء والمعراج فهو كتاب ليس بشيء ولا ينبغي اقتناؤه ولا يعتمد عليه، وأما ما يتعلق برجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم فلم أقرأه ولا أستطيع أن أحكم عليه، ولكن نوصي أختنا المرأة السائلة بكتب أخرى.. كتاب الصحيحين، صحيح البخاري ومسلم يكونان عندها؛ لأنهما كتابان عظيمان وهما أصح الكتب بعد كتاب الله، ونوصيها بتفسير ابن كثير ؛ فإنه كتاب عظيم مفيد، ونوصيها بزاد المعاد في هدي خير العباد لـابن القيم كتاب عظيم ومفيد، ونوصيها بفتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، مع كتاب التوحيد، مع العقيدة الواسطية، وشرحها للهراس أو غيره، كل هذه كتب مفيدة.
الجواب: الله سبحانه أعلم، ربك هو الحكيم العليم، ليس عندنا يقين بالحكمة في هذا، ولكن نعلم أن ربنا حكيم عليم، يقول جل وعلا: إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [الأنعام:83] ويقول سبحانه: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:11]، فلحكمته البالغة جعل اللغات متعددة، وجعل الناس ألواناً كذلك، كما قال عز وجل: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ [الروم:22].
فقد يكون من الحكمة الدلالة على قدرته العظيمة، وأنه سبحانه قادر أن يجعل لهؤلاء لغة، ولهؤلاء لغة، ولهؤلاء لغة، فإن هذا أبين في القدرة العظيمة، وقد يكون من الحكم أشياء أخرى لا نعقلها ولا نفهمها، وقد يفهمها غيرنا من أهل العلم.
فالحاصل أن من أوضح الحكم في ذلك أنه سبحانه وتعالى قدير، ولهذا جعل لغات الناس متعددة، وأخبر أن هذا من آياته: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ [الروم:22] يعني: لغاتكم وَأَلْوَانِكُمْ [الروم:22] فكما جعلهم ألواناً؛ فيهم الأحمر والأسود والأبيض وبين ذلك، وجعلهم أيضاً مختلفين في الأحجام، هذا طويل وهذا قصير، وهذا بين ذلك، وجعلهم مختلفين في الأخلاق والعقول، فهكذا مسألة اللغات، كلها تدل على قدرته العظيمة، وأنه يتصرف كما يشاء سبحانه وتعالى، وقد تكون هناك حكم كثيرة لا نفهمها.
الجواب: نعم، هذا مجزئ، ونسأل الله لك المزيد من التوفيق والثبات على الحق، والفاتحة تكفي وحدها؛ لأنها أم القرآن، ولأنها ركن الصلاة، فإن يسر الله لك معها سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] وهي سورة عظيمة، سورة الإخلاص وهي تعدل ثلث القرآن، فهذه نعمة من الله عظيمة فيكفيك ذلك، ولو كررتيها في الصلوات وفي غير ذلك، هذه نعمة عظيمة فأكثري من قراءتهما في خارج الصلاة، ولك بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، وهذا خير عظيم، وإذا تيسر لك من يقرئك بعض السور القصيرة من أخواتك أو جاراتك، أو زوجك أو بعض محارمك فهذا خير عظيم، مثل: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ [المسد:1] إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ [النصر:1] قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1] وغيرها من قصار المفصل فهذا خير، وإذا اجتهدت إن شاء الله يسر الله لك ذلك.
المقدم: تنصحونها سماحة الشيخ بالاستماع إلى الأشرطة التي فيها سور من القرآن لعلها تحفظ؟
الشيخ: كذلك ننصحك بسماع إذاعة القرآن من المملكة، ففيها مصالح كثيرة وخير كثير، ونوصيك أيضاً وننصحك بسماع هذا البرنامج نور على الدرب ففيه خير كثير وعلم كثير، فنسأل الله لك التوفيق.
الجواب: لا يجب، إنما هذا في الأولاد، النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) أما الإخوة والخالات والعمات والأقارب الآخرون فلا يجب العدل بينهم، لكن يكون المؤمن حكيماً إذا كان عدم العدل بينهم قد يسبب مشاكل وشحناء فينبغي للمعطي أن يعدل ويتحرى العدل حتى لا تقع بينه وبين قراباته مشاكل، فإذا كان أخوك وأختك لو أعطيت الأخ وتركت الأخت، قد يكون بينك وبينها مشاكل فأحسني (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )[البقرة:195]، أعطيها وأعطيه، وجودي عليهما جميعاً، وهكذا لو أعطيتها وتركتيه قد يكون هناك مشاكل، فأحسني إليهما جميعاً، أما إذا كان لا يترتب شيء ولا يحصل ضرر، فلا مانع أن تعطيها حاجتها، أو تعطيه كذلك هو، أو تخصيه بشيء أو تخصيها بشيء لا بأس بهذا.
المقدم: بارك الله فيكم، ربما تنطلق أختنا إلى قضية العدل بين التوأمين خاصة؟
الشيخ: لا، ما يلزم لا في التوأمين ولا في غيرهما، إنما هذا في الأولاد، ليس لها أن تخص بعض الأولاد دون بعض لا الذكور ولا الإناث؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم). نعم.
المقدم: بارك الله فيكم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وأرجو أن يتكرر اللقاء وأنتم والمستمعون على خير إن شاء الله تعالى.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وسجلها لكم من الإذاعة الخارجية زميلنا فهد العثمان ، شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر