مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة في برنامجكم اليومي: نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
باسمكم وباسمي نشكر سماحة الشيخ ونبدأ لقاءنا على بركة الله، فأهلاً وسهلاً.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: شيخ عبد العزيز ! أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلينا من الإمارات العربية المتحدة، باعثها أحد الإخوة الشباب من هناك، أخونا يذكر في رسالته كلاماً طويلاً، ويلخص ويقول: لقد ارتكبت كثيراً من المعاصي والمحرمات والآن أشعر بالذنب -والواقع سماحة الشيخ أنه يسمي الأشياء التي أخطأ فيها تجنبت ذكرها لعله من الأفضل للبرنامج- وأخيراً يقول: دلوني على الطريق الصحيح لأني أبحث عن الطريق إلى التوبة، وبودي أن أقلع عن هذا إن شاء الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
أيها السائل! اعلم أن رحمة الله أوسع، وأن إحسانه عظيم، وأنه جل وعلا هو الجواد الكريم وهو أرحم الراحمين، وهو خير الغافرين سبحانه وتعالى، واعلم أيضاً أن الإقدام على المعاصي شر عظيم وفساد كبير، وسبب لغضب الله، ولكن متى تاب العبد إلى ربه توبة صادقة تاب الله عليه.
فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم مرات كثيرة عن الرجل يأتي كذا ويأتي كذا ويأتي كذا من الهنات والمعاصي الكثيرة ومن أنواع الكفر ثم يتوب، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم له: (التوبة تهدم ما كان قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله) وفي اللفظ الآخر: (الإسلام يجب ما كان قبله، والتوبة تجب ما كان قبلها) أي: تمحها وتقضي عليها.
فعليك أن تعلم يقيناً أن التوبة الصادقة النصوح يغفر الله بها الخطايا والسيئات حتى الكفر، ولهذا يقول سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] فعلق الفلاح بالتوبة، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [التحريم:8] و(عسى) من الله واجبة، المعنى: أن التائب التوبة النصوح تغفر له سيئاته ويدخله الله الجنة، فضلاً منه وإحساناً سبحانه وتعالى.
فعليك يا أخي بالتوبة الصادقة ولزومها، والثبات عليها والإخلاص لله في ذلك، وأبشر بأنها تمحو ذنوبك ولو كانت كالجبال.
وشروط التوبة ثلاثة:
- الندم على الماضي مما فعلت ندماً صادقاً.
- والإقلاع من الذنوب ورفضها وتركها مستقبلاً طاعة لله وتعظيماً له.
- والعزم الصادق ألا تعود في ذلك لإتيان الذنوب.
هذه أمور لابد منها:
أولاً: الندم على الماضي منك، والحزن على ما مضى منك.
الثاني: الإقلاع والترك لهذه الذنوب دقيقها وجليلها.
الثالث: العزم الصادق ألا تعود فيها.
فإن كانت عندك حقوق للناس أموال أو دماء أو أعراض فأدها إليهم، هذا أمر رابع من تمام التوبة، عليك أن تؤدي الحقوق التي للناس، إن كان قصاص تمكن من القصاص إلا أن يسمحوا بالدية، إن كان مالاً ترد عليهم أموالهم إلا أن يسمحوا، إن كان عرض كذلك تكلمت في أعراضهم واغتبتهم تستسمحهم، وإن كان استسماحهم قد يفضي إلى شر فلا مانع من تركه ولكن تدعو لهم وتستغفر لهم، وتذكرهم بالخير الذي تعلمه منهم في الأماكن التي ذكرتهم فيها بالسوء، فيكون هذا كفارة لهذا.
وعليك البدار قبل الموت، وقبل أن ينزل بك الأجل عليك البدار والمسارعة ثم الصبر والصدق، يقول الله سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135] افهم معنى: (وَلَمْ يُصِرُّوا) يعني:لم يقيموا على المعاصي بل تابوا وندموا وتركوا، وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135] ثم قال بعد هذا: أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران:136] هذا جزاء التائبين الذين أقلعوا ولم يصروا مغفرة وجنة.
فأنت إن شاء الله منهم إذا صدقت في التوبة، والله ولي التوفيق.
الجواب: نعم على المرأة أن تغطي أقدامها في الصلاة عند جمهور أهل العلم، وقد ورد في هذا عند أبي داود حديث رفعه بعضهم ووقفه على أم سلمة آخرون، وهو أنها سئلت أم سلمة رضي الله عنها عن ذلك، عن تغطية المرأة أقدامها في الصلاة فقالت رضي الله عنها.. قالت السائلة: (هل يجزيء المرأة أن تصلي في درع وخمار؟ فقالت أم سلمة : نعم، إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها)، وفي رواية عزت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فالمقصود هو أن المرأة عليها أن تستر قدميها إما بإرخاء الثياب الطويلة وإما بالجورب، وليس لها أن تصلي وهي مكشوفة القدمين بل تكون الثياب ساترة طويلة، أو يكون عليها جوارب.
الجواب: هذا حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه مسلم في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان)، فالمسلم إذا حضر الطعام ينبغي له أن يبدأ بالطعام حتى لا يتشوش في صلاته، فيبدأ بالطعام حتى يتفرغ للصلاة، وحتى يصليها بقلب حاضر وبخشوع، هذا من تعظيم الصلاة.
وفي اللفظ الآخر: (إذا حضر العشاء والعشاء فابدءوا بالعشاء)؛ لأنه إذا بدأ به استراح قلبه واستراحت نفسه وأقبل على صلاته بخشوع.
وهكذا إذا كان يدافع الأخبثين؛ البول والغائط ولا يستطيع الصبر فإنه لا يصلي في هذه الحالة وإن كان فيها قطعها وذهب يقضي حاجته ولو فاتته الجماعة، ثم يصلي ولو وحده، ولا يصلي وهو يدافعهما عن شدة، أما إذا كان تأثيرهما خفيفاً لا يسبب شيئاً من المشاكل فلا بأس.
أما إن كان يحتاج إلى مدافعة لأنه يتعبه فإنه يقطعها إن كان فيها، وإن كان لم يدخل فيها لا يدخل بل يذهب ويقضي حاجته ثم يأتي للصلاة، فإن أدرك الجماعة صلى معهم، وإن فاتته صلى وحده أو صلى مع من تيسر ممن فاتته الصلاة مثله.
المقدم: بارك الله فيكم. الواقع يبرز هنا سماحة الشيخ مجموعة من محاسن الإسلام التي ترعى الحياة الصحية لبني الإنسان، وأنها تجعله يفضل مأكله وغذاءه حتى على أداء الفريضة في وقتها شريطة ألا يتخذ ذلك عادة فيما أعتقد؟
الشيخ: ما أشرت إليه فيه مصالح:
المصلحة الأولى وهي العظمى: تعظيم الصلاة، حتى لا يدخل فيها مشغول البال وغير خاشع وغير مطمئن، وغير مقبل عليها بقلبه، فإن من يتذكر الطعام الحاضر بين يديه وهو محتاج إليه ويشتهيه سيشغل به ويستثقل تمام الصلاة، فلا يؤديها كما ينبغي من الخشوع والإقبال وحضور القلب.
والأمر الثاني: إذا كان يدافع الأخبثين فإنه سوف يؤديها بتملل وتثاقل، ويحرص على إنهائها ليقضي حاجته.
وأمر آخر: هو أنه قد يضره مدافعته الأخبثين وقد يسبب عليه أمراضاً ومشاكل، فمن رحمة الله أن شرع له أن يبدأ بالتخلص منهما، وأن شرع له أن يبدأ بالطعام الحاضر حتى لا تعلق نفسه به فلا يكمل صلاته كما ينبغي، والله المستعان.
الجواب: الواجب عليك أن تتقي الله سبحانه وتعالى، وأن تحذري طاعة عدو الله الشيطان؛ لأنه عدو مبين، كما قال الله سبحانه: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6]، ونزل الله فيها سورة مستقلة، وهي قوله سبحانه: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ [الناس:1-4] وهو الشيطان.
فالواجب عليك أن تحاربيه وأن تحذري مكائده ووساوسه، وألا تليني له، فإن الإنسان متى لان لعدو الله طمع فيه، وأشغله في وضوئه وصلاته وسائر أحواله، ولكن عليك بالرفض لوساوسه، إذا توضأت فانتهي ولا تعيدي الوضوء، ولا تقولي: أخاف كذا أخاف كذا، لا؛ متى انتهيت وغسلت قدميك فانتهي واذهبي إلى الصلاة.
ومتى صليت فلا تعيدي الصلاة، تقولين: أخاف قصرت في كذا، أخاف كذا، دعي هذه الوساوس، ومتى كبرت لا تعيدي التكبير، يكفي التكبير الذي جرى ولا تقولي: أخشى أخشى، كل هذا من عدو الله.
فالمقصود من هذا أن الواجب عليك أن تحاربي عدو الله محاربة قوية شديدة حتى تخلصي منه، وحتى لا يطمع فيك بعد ذلك، أما إذا أعطيتيه الليان والسهوة معه فإنه سوف يطمع فيك، وسوف يضرك ضرراً عظيماً وربما صيرك كسائر المجانين في تصرفاتك؛ لأنه غلب عليك بالوساوس، فاتقي الله واحذري عدو الله.
وقولي أيضاً: نعوذ بالله من الشيطان الرجيم، تعوذي بالله من الشيطان الرجيم، واسألي الله أن يقيك شر عدو الله، وأن يعينك على محاربته، واستحضري عظمة الله عز وجل ووجوب طاعة أمره في التعوذ بالله من الشيطان وعدم الخضوع لوساوسه، وهذا مما يعينك على طاعة الله وعلى ترك الوساوس.
الجواب: ليس عليك بأس يا أختي، نصحتيه يتعلم شيئاً من الكتابة وليس عليك بأس، وكونه انتحر هذا من سخافة عقله ومن جهله وقلة بصيرته، أنت ما قلت له إلا خيراً، وتعلم الكتابة القليلة ميسرة، ميسر ليس بصعب، كونه يتعلم في الكتاب أو عند بعض أصحابه وإخوانه، كل هذا ميسر.
فنصيحتك له إذا قلت له: تعلم الكتابة أو تعلم وتفقه في دينك، أو تعلم القرآن، كل هذا طيب ليس فيه شيء، وليس عليك بأس من ذلك، وإثمه عليه في انتحاره، أما أنت فليس عليك شيء واطمئني ودعي قول الناس.
ونوصيك أيضاً ألا تردي الطيب ولو كان عامياً لا يكتب ولا يقرأ، نوصيك في المستقبل، إذا خطبك الطيب المعروف بالاستقامة في دينه وصلاته وسمعته الحسنة فلا ترديه وإن كان لا يقرأ ولا يكتب، والنصيحة بعد ذلك بعد الزواج بينك وبينه، فلا تردي الطيب وإن كان لا يقرأ ولا يكتب، وفق الله الجميع.
الجواب: هذه الخطبة لا حرج فيها، كون المرأة تخطب الناس وتذكر الناس وإن كان فيهم رجال، لا مانع من ذلك بالصوت العادي، لا بالخضوع ولا بصوت آخر منكر، كما قال جل وعلا: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [الأحزاب:32].
فإذا كانت الخطبة قولاً معروفاً ليس فيه شيء مما يعتبر خضوعاً في القول، والمقصود النصيحة، فالصحابيات وغير الصحابيات نصحوا الرجال ونصحوا النساء، والله يقول سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [التوبة:71]، ويقول سبحانه: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا [فصلت:33] وهذا يعم الرجال والنساء جميعاً، فإذا خطبت وذكرت ودعت إلى الله فلا بأس بذلك بشرط الصيانة والبعد عن الخلوة بأي رجل من غير محارمها، ومع الحجاب، كل هذا لا بأس به.
أما التصوير فهذا هو الذي ينكر، فإنها لا تصور إلا إذا كان تصويرها وهي مستورة متحجبة في وجهها وكل شيء هذا لا يضر تصويرها، لكن جنس التصوير ينبغي ألا يفعل في هذه المسائل، بل ينبغي أن يسجل سماعاً من دون صورة؛ لأن الصورة أصلها ممنوع ومحرم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون) فلا حاجة إلى التصوير، ولا حاجة إلى تصويرها ولكن يسجل الكلام، تسجل الخطبة والموعظة وينفع الله بها من يشاء من دون حاجة إلى التصوير.
الجواب: إغماض العينين في الصلاة مكروه عند العلماء ولكنه لا يضر الصلاة، الصلاة صحيحة ولا يضر، إذا أغمضت عينيك فلا حرج في ذلك، بل قال بعض أهل العلم: إنه إذا كان أخشع لقلبك فلا بأس، ولكن الأظهر والأقرب أنك لا تغمض، ويقال: إن هذا من فعل اليهود في صلاتهم.
فالحاصل أن الأفضل لك ألا تغمض عينيك مطلقاً، وأن تجتهد في الخشوع من دون إغماض عينيك، هذا هو الأحوط والأقوى.
أما الصلاة فصحيحة، وإن أغمضت عينيك فلا يضر، فليس من شرطها فتح العينين، والحمد لله.
الجواب: الدعاء بعد الفرائض بينك وبين ربك لا بأس به، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس إذا دعوت بعد الفريضة وبعد الذكر الشرعي، والدعاء في آخر الصلاة قبل السلام أفضل وأكمل وأحرى بالإجابة، لكن لا يكون برفع اليدين ولا بالدعاء الجماعي، بل بينك وبين ربك من دون رفع اليدين بعد الفريضة؛ لأن هذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه بعد الفريضة، ولا أن الصحابة رفعوا أيديهم، ولا رفعوا جميعاً رفعاً جماعياً، ولا دعوا دعوة جماعية، ولكن الإنسان يدعو بينه وبين نفسه وبين ربه بعد فراغه من الذكر، لا بأس بذلك ولا حرج، في الفريضة والنافلة جميعاً.
الجواب: الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يتحرى أوامر الله، وأن يطيع أمره وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام، وألا يحتج على هذا بالهواية، فطاعة الله ورسوله مقدمة على الهواية، فلو كانت هوايتها الشرك يشرك لأن هوايته الشرك، أو كانت هوايته شرب المسكرات، هل يشرب المسكرات؟ أو كانت هوايته ترك الصلاة والنوم عنها، هل يترك الصلاة؟ كل هذا غلط.
الواجب تحكيم الشريعة في كل شيء، في الهوايات وغير الهوايات والآراء، فإذا كانت هوايتها التصوير فلتصور الشجر والجبل والسيارة وما له حياة، أما تصوير ذوات الأرواح فلا.
وعليها أن تدع هوايتها من أجل طاعة الله ورسوله، ولو كانت تزني وتقول: هوايتي الزنا، هل لها رخصة في ذلك لأجل الهواية؟ عليها أن تدع الزنا طاعة لله ورسوله، أو كانت تشرب المسكر أو التدخين، فهل تفعل ذلك وتستمر عليه؟ لا؛ عليها أن تدع ذلك وأن تترك هذه الهواية طاعة لله ولرسوله.
وهكذا لو كانت هوايتها ترك الصلاة، فعليها أن تدع هذه الهواية وأن تتوب إلى الله، وأن تبادر بالصلاة في أوقاتها وتدع هذه الهواية الخبيثة، وهكذا بقية الهوايات التي تخالف شرع الله يجب أن تترك طاعة لله ولرسوله، وأن يلتزم المؤمن والمؤمنة بأمر الله ورسوله.
الجواب: الأكل مما صنعت والأكل مما قدمت لكم لا حرج فيه، إذا كانت لا تذبح وإنما تطبخ وتقدم الطعام، لا حرج في ذلك، أما الذبح فيتولاه المسلم، إلا أن تكون كتابية -نصرانية- فذبيحتها صحيحة إذا ذكرت اسم الله عليها ولم تتعمد تركها، فهذا لا يضر ولو ذبحت أيضاً، لكن لا يجوز لكم بقاؤها عندكم، يجب إبعادها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بإخراج الكفرة من هذه الجزيرة، وأمر بإخراج اليهود والنصارى من هذه الجزيرة.
فالواجب عليكم إخراجها وردها إلى أهلها، واستبدالها بمسلمة، إلا أن يهديها الله على أيديكم فتسلم، فالحمد لله.
أما أبوك أيها السائلة فليس له أن يختلي بها، بل يحرم عليه ذلك، وهو مثلكم في أكل طعامها ونحو ذلك، لكن ليس له الخلوة بها، ولا النظر إلى محاسنها، بل يجب عليه غض البصر فيما قد يبدو له منها، وعليه ألا يخلو بها كغيرها من الأجنبيات، وهكذا أخوك وهكذا عمك كلهم عليهم الحذر من النظر إليها أو بالخلوة بها.
وعليكم جميعاً أن تتقوا الله وأن تبعدوها إلى بلادها، وأن تستبدلوها إذا احتجتم بغيرها من المسلمات، إلا أن يهديها الله بأسبابكم إلى الإسلام فالحمد لله.
الجواب: أما زوجة أبيها المذكورة فعليها أن تتقي الله إذا كانت تتعاطى ما حرم الله، سواء كان ذلك زنا أو شرب مسكر أو خيانة لزوجها في ماله أو غير ذلك، عليها أن تتقي الله فيما انتقدته عليها البنت، من أي معصية، عليها أن تتقي الله وألا تصر على المعصية.
وعلى الزوج الذي هو أبو البنت أن يتقي الله أيضاً وأن يلاحظ الزوجة، وأن يحذرها مما حرم الله، وأن يراقبها حتى لا تجر عليه شراً كثيراً، فعليه أن يتقي الله في ذلك حتى يحاسبها وينظر في أمرها.
وعلى المرأة أن تتقي الله في ترك المعاصي.
وعلى البنت أن تتقي الله، والسائلة عليها أن تتقي الله وأن تحفظ لسانها، وألا تنقل الفاحشة وتفشيها، بل عليها أن تكتم ذلك وأن تنصح زوجة أبيها ولو طالت المدة، ولو كثر النصح، عليها ألا تيئس، وعليها أن تستمر في النصيحة لعل الله يهديها بها.
وأما ما جرى من المرأة مع أبيها فالله جل وعلا يتولى حسابها إذا كان الزوج لم يعرف حالها، وأنت قد تكونين متهمة فيها؛ لأنها جارة أمك فلهذا لا يصدقك أبوك من أجل تهمته لك؛ لأنك تبغضينها من أجل أنها ضرة أمك.
فالحاصل أنك لا تلومين الوالد في كونه لا يصدقك؛ لأنه قد يتهمك، ولكن أنت اتقي الله، واتركي إشاعة الفاحشة وإشاعة المنكر، واستمري في النصيحة مع أبيك ومع زوجة أبيك، وإذا كان أحد يعلم ذلك فأشيري عليه أن ينصحها، وأن يساعدك في نصيحتها إذا كان عنده علم بذلك، وهذا هو الذي يلزمك، وقد أبرأت ذمتك، والحمد لله.
الجواب: أما أولاً: فإن الشك لا يؤثر على نكاحك، ولا بأس أن تستمتع بزوجتك مادامت الوالدة ليس عندها ضبط للرضاع، وليست تعلم عدد الرضعات وإنما هو شك، فالشك لا يحرم الحلال، بل عليك أن تبقى مع زوجتك وأن تستمر في معاشرتها ولا يضرك هذا الشك من الوالدة.
أما إن جزمت الوالدة بأنها أرضعتها خمس رضعات في الحولين أو أكثر من ذلك فينظر في الأمر، فإن كانت الوالدة تتهم ببغضها وتحب فراقك لها، وهناك علامات تدل على أنها تريد ذلك، فإنها لا تقبل شهادتها ولا يعمل بذلك، وتبقى زوجتك معك.
أما إن كانت الوالدة ثقة وأنت تطمئن إلى قولها وليس بينها وبين زوجتك ما يسبب التهمة فإنك تعمل بقولها وتفارق المرأة متى جزمت أمك بأنها أرضعتها خمساً في الحولين أو أكثر من الخمس وهي ثقة معروفة عندك بأنها صدوق، وبأنها لا تتهم في حق زوجتك بأي وجه من أوجه التهم، إذا اطمأننت إلى شهادتها وأنها صادقة في ذلك ففارق المرأة، نسأل الله أن يعوضك عنها خيراً إذا وقعت المفارقة.
السؤال: بارك الله فيكم. سماحة الشيخ! كيد النساء ولا تؤاخذوني في هذا الباب أليس له مجال؟
الجواب: ما في شك، (إن كيدهن عظيم)، ولهذا قلت له: إني أخشى أن يكون بينها وبينها شيء، فلهذا بدا لها أن تقول هذا الكلام؛ لأنها قد سكتت مدة طويلة ولم تدع الرضاع.
المقدم: ثلاثة أولاد يا شيخ!
الشيخ: فأخشى أن يكون بدا لها شيء لأن المرأة خالفتها في شيء أو عاندتها في شيء فأرادت المكيدة لها بهذه الدعوى وبهذه الشهادة.
فإذا كان هناك شك في عدالة هذه الشهادة أو في صدق هذه الشهادة فالولد لا يلزمه طاعة أمه في ذلك.
المقدم: إذن توصون هذا الزوج بأن يتأكد تماماً، ولا يقدم على فراق زوجته وأولاده إلا بعد التأكد الصحيح المبني على أسس صحيحة.
الشيخ: نعم.
المقدم: بارك الله فيكم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن نلتقي وأنتم دائماً على خير وصحة وعافية.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
وسجلها لكم من الإذاعة الخارجية الزميل فهد العثمان ، شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر