مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
في بداية لقائنا نرحب بسماحة الشيخ، وعلى بركة الله نبدأ في استعراض بعض رسائل السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من اليمن الجنوبي، وباعثتها إحدى الأخوات من هناك تقول المستمعة إيمان ، أختنا تقول: إذا أردت أداء فريضة الحج وامتنع والدي فهل أطيعه أم أذهب للسفر؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإن الله عز وجل فرض على عباده حج بيته الحرام، وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة، حيث قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت) متفق على صحته، وثبت في الصحيح أيضاً من حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: (أن جبرائيل عليه الصلاة والسلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام؟ فقال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً).
والله يقول في كتابه الكريم وهو أصدق القائلين: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97].
فالواجب على جميع المكلفين من المسلمين المستطيعين لأداء الحج أن يحجوا، مرة واحدة في العمر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: (الحج مرة فما زاد فهو تطوع).
فإذا كنت -أيها السائلة- قادرة على الحج من جهة المال فليس لوالدك أن يمنعك، ولا يجوز لك طاعته في ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
فالواجب عليه أن يساعد في هذا، وأن يفرح بحجك، وأن يعينك على ذلك، أما المنع فليس له منعك، إذا تيسر لك محرم يسافر معك من أخ أو زوج أو عم أو خال أو غيرهم من المحارم.
وعليك أن تجتهدي في الأخذ بخاطره واستسماحه، والتوصل إلى ذلك بمن ترين من الأقارب حتى لا يكون بينك وبين والدك شيء، وهو إذا كان مسلماً سوف يرضى وسوف يرجع إلى الصواب إن شاء الله، ونسأل الله لك وله التوفيق والهداية.
الجواب: إذا كن صديقات وكن طيبات في دينهن فتوديعهن ووصيتهن بالخير، وهن يوصينك بالخير أيضاً، كل هذا طيب؛ لأن المؤمنين إخوة.. الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] كما قال جل وعلا: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71].
فهن أخوات في الله، إذا ودعتيهن وطلبت منهن الدعاء، ودعوت لهن وأوصيتيهن بالخير فكل هذا طيب.
أما إن كن يتعاطين شيئاً يكفرهن كترك الصلاة أو الاستهزاء بالدين أو سب الدين أو معلنات فجورهن وكفرهن أو اعتناق دين الإلحاد، فهؤلاء لا تجوز مصادقتهن ولا توديعهن ولا اعتبارهن صديقات، بل يجب أن تبغضيهن في الله وأن تعاديهن في الله إذا كن كافرات إما باعتناق المذهب الشيوعي أو باعتناق المذهب الوثني كدعوة الأموات والاستغاثة بالأموات كـالعيدروس وغيره، أو بسب الدين والاستهزاء بالدين هؤلاء بهذه الأعمال يكن كافرات.
أما إن كن مسلمات موحدات ولكن عندهن شيء من المعاصي، فالأمر في هذا واسع، إن ودعتيهن فلا بأس، وإن تركتيهن فلا بأس، الأمر في هذا واسع؛ إلا إذا كن معلنات فجورهن كالزنا وشرب المسكر فمثلهن ينبغي ترك توديعهن وترك صحبتهن وإن كن مسلمات؛ لأنهن مظهرات للفجور والمعاصي، فمثلهن يستحقن الهجر وعدم اتخاذهن صديقات حتى لا يضرك القرب منهن والمصادقة لهن، نسأل الله لك التوفيق والهداية، ونسأل الله لهن الصلاح والتوفيق.
الجواب: نعم، إذا كان للرجل زوجتان أو ثلاث أو أربع، فأرضعت إحداهن طفلة أو طفلاً في الحولين خمس رضعات أو أكثر فإن هذا الرضيع يكون ولداً للزوج، ويكون أخاً لأولاده من النساء كلهن، يكون أخاً لأولادهن جميعاً، لكن أولاد المرضعة يكونون إخواناً أشقاء، وأولاد الزوجات الأخريات يكن إخوة لأب؛ لأن الفحل واحد.
فالتي أرضعت أولادها إخوة للرضيع من أمه وأبيه بالرضاع، وبقية الأولاد من الزوجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة يكونون إخوة من الأب، كالنسب سواء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).
فأولاد الزوجات اللاتي لم يرضعن الطفل إخوة من الأب كالنسب، كما أن أولادهن من هذا الرجل إخوة لأولاد المرأة الأخرى من النسب من جهة الأب.
الجواب: أوصيك -أيها السائل- بالصبر على ما قد يقع من الوالد من بعض الظلم، والنظر في أسبابه فلعلك أنت عاق له؛ فلهذا ظلمك وجازاك بالسيئة أكثر، فعليك أن تحاسب نفسك وأن تبر والدك، وأن تسأله عن أسباب الظلم حتى تعرف الأسباب التي تعدى عليك بأسبابها فتدعها إذا كانت غير لازمة لك، حتى تكسب بر والدك ورضا والدك.
أما إذا كان تعدى عليك بغير سبب، فينبغي أن تسعى في إزالة ذلك بواسطة أعمامك وأقاربك ونحو ذلك ممن تظن أنهم يفيدون في هذا الشيء، فلعل ذلك يزول من دون حاجة إلى الرفع إلى ولاة الأمور وإلى المحاكم، هذا خير لك وأولى، أن تسعى بإزالة الظلم الواقع من أبيك بالطرق الحسنة، الطرق التي ليس فيها ما يسبب زيادة الشحناء بينك وبين أبيك، وعليك أن تحاسب نفسك فلعلك أنت الظالم وأنت لا تدري، حاسب نفسك وانظر في طاعتك لوالدك وبرك له، وما هي الأسباب التي جعلته يتعدى عليك ويظلمك، ثم استشر الناس الطيبين العارفين بحالك وحال أبيك، لعلهم يرشدونك إلى طرق الحل بينك وبين والدك، ويجمع بينكما على خير، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: هذا فيه تفصيل: أما إذا كانت في الطرقات فالواجب إخراجها وإبعادها عن الطرقات بكل وسيلة، وإذا حصل إتلافها من غير قصد بالسيارة أو بغير السيارة فهي غير مضمونة لتفريط أهلها، وقد نبهت الدولة على ذلك، وبينت أن ما يكون في الطرقات هدر، وقد استفتت في ذلك العلماء وأفتيت في ذلك؛ لأن الضرر عظيم على أرباب السيارات وعلى المسلمين.
فالواجب على أهل المواشي أن يصونوها وأن يكفوها عن الطرقات، وأن يجعلوها في أماكن بعيدة حتى لا تضر الناس، فكم من نفس هلكت بأسباب هذه البهائم! يحصل انقلاب، ويحصل صدام، ويحصل شر كبير.
أما كون الإنسان يتعمد قتلها لئلا تكون في الطرقات هذا لا، لا يجوز يتعمد قتلها، لا يرميها بالبندق ولا ينحرها بالسيف ولا بغيره، بل يطردها ويكفي، يطردها عن الطرقات حتى تبتعد عن الطرقات ولو جعلت الدولة من يقوم بذلك فهذا حسن، وإذا عرف إنسان يتساهل ويجعل بهائمه حول الطريق يستحق أن يعاقب أيضاً حتى يكفها عن الطريق؛ لئلا يؤذي الناس ويضر الناس بعمله السيئ، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: الدعاء بعد الصلاة لا يكره بل مستحب، كونه يدعو بينه وبين ربه في آخر الصلاة وبعد الصلاة بعد الذكر، كل هذا جاء في الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا دعا في آخر الصلاة قبل أن يسلم فهذا أفضل، وإن دعا بعد السلام وبعد الذكر فلا بأس بينه وبين ربه.
أما أن يكون الدعاء جماعياً من الجماعة أو مع الإمام، هذا غير مشروع بل بدعة، أو يكون مع رفع الأيدي هذا بدعة بعد الفرائض، لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه بعد الفرائض الخمس، ولم يحفظ عن أصحابه رضي الله عنهم فيما بلغنا؛ فليس للناس أن يحدثوا شيئاً لم يفعله المصطفى عليه الصلاة والسلام ولا أصحابه، لكن الدعاء لا بأس به، الدعاء بين الإنسان وبين ربه قبل السلام وبعد السلام لا بأس.
أما رفع الأيدي من الجماعة أو من الإمام أو من الجميع للدعاء كل هذا بدعة، وهكذا إذا دعوا جميعاً دعاءً جماعياً أو ذكراً جماعياً بدعة، كل يدعو الله في نفسه ويدعو لنفسه من دون حاجة أن يكون معه آخر يرفع الصوت معه، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: نعم، صل معهم، يجوز أن يكون الإمام ابن عشر سنين أو أقل أو أكثر، فقد ثبت أن عمرو بن سلمة الصحابي الجليل صلى بأصحابه وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أكثرهم قرآناً، فلا بأس أن يكون الإمام دون البلوغ كابن عشر وابن ثمان وابن إحدى عشرة ونحو ذلك.
وليس من شرط الإمامة التكليف، المهم أن يكون يحسن الصلاة، ويحسن القراءة، فإذا وجدت إماماً دون التكليف يصلي بالناس صل معهم، ولا تقل هذا صغير، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه، أنه ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً، قال: فنظروا -نظر قومه- فلم يجدوا أحداً أكثر مني قرآناً، فقدموني وأنا ابن ست أو سبع سنين) فالرواية تحمل على أنه كان ابن سبع؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر) فأقل سن تكون فيه الإمامة وأن يؤمر فيه بالصلاة والوضوء هو السبع فما فوق، وهذا الحديث الصحيح حجة في ذلك.
الجواب: صل التحية ثم اجلس، النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) ولما دخل رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم فيصلي ركعتين عليه الصلاة والسلام، هذا يدل على تأكد هاتين الركعتين، وأنه يصليهما قبل أن يجلس وإن كان الإمام يخطب، فهما متأكدتان.
الجواب: الذي يظهر أنهم مثل الإنس، لهم لغات متعددة فيهم الإنجليزي وفيهم الفرنسي وفيهم الأمريكي وفيهم العجمي والعربي، أجناس فيهم؛ لأن الله قال عنهم: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا [الجن:11] فهم على طرائق، وقال سبحانه عنهم: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ [الجن:14] فهم أقسام وفرق، فيهم الطيب وفيهم الخبيث، وفيهم الجهمي، وفيهم السني، وفيهم الرافضي، وفيهم النصراني، وفيهم اليهودي، وفيهم غير ذلك، أقسام وفرق شتى: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ [الجن:11] قوله: دُونَ ذَلِكَ [الجن:11] يعم الفرق الأخرى.
الجواب: أبواب الجنة صحت الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها ثمانية، وأبواب النار سبعة بنص القرآن: لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ [الحجر:44] فأبواب النار سبعة، وأبواب الجنة ثمانية.
الجواب: العين ليست من الزينة؛ لأنها تحتاج إلى إبرازها للنظر في الطرق، فالذي يظهر ونص عليه كثير من أهل العلم أنها غير داخلة في الزينة التي نهى الله عن إبدائها، لكن إذا تيسر سترها وأن تنظر من وراء الخمار وتعرف الطريق من وراء الخمار الساتر يستر وجهها ولكنها تتمكن من رؤية الطريق فهذا أكمل، وإذا لم يتيسر ذلك وأخرجت العين أو العينين فلا حرج كما يفعل بعض البادية وهو النقاب، يسمى النقاب، يسمونه البرقع، فإذا جعلت لها برقعاً أو نقاباً يستر وجهها كله إلا إحدى العينين أو إلا العينين فلا حرج في ذلك إن شاء الله؛ لأنها محتاجة إلى أن ترى الطريق، أن ترى ما أمامها.
الجواب: لا بأس أن تكلم الرجال من وراء حجاب وهي متغشية ومتحجبة، ولا بأس أن تكلم من طريق التلفون تكلم من يكلمها، يسألها عن حاجة أو يسألها عن زوجها، أو عن حاجة من الحاجات تجيبه بالصوت المتوسط الذي ليس فيه خضوع ولا فيه سوء أدب وشدة، ولكن بين ذلك.
مثل ما قال الله جل وعلا: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [الأحزاب:32] يعني: وسط، ليس فيه خضوع وليس فيه سوء أدب وشدة.
الجواب: نعم. هذا النكاح شغار؛ لأنه ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام عن جماعة من أصحابه رضي الله عنهم عن ابن عمر وأبي هريرة وجابر ومعاوية أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار، والشغار مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أن يقول الرجل للرجل: زوجني ابنتك وأزوجك بنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي) هذا هو الشغار.
فالذي ذكرته في السؤال شغار، وما دامت المرأة ماتت فأولادك لاحقون بك، وهم أولادك من أجل صفة النكاح، وعليك التوبة إلى الله، والندم على ما حصل منك، وهكذا صاحبك عليه التوبة إلى الله، وعلى صاحبك الذي زوجته موجودة أن يجدد النكاح، عليه أن يجدد العقد؛ لأن العقد الأول فاسد، والأولاد لاحقون بآبائهم لأجل الشبهة، وعليه التوبة كما أن عليك التوبة، وعليه أن يجدد العقد بعدما علم حكم الشرع، يجدده من دون شرط امرأة أخرى، يجدده بشاهدين ولو ما توصلتما إلى المحكمة، ولو بالتزويج في البيت أو عند من ترون بحضرة شاهدين، والحمد لله.
الجواب: نعم، لما جرتك ودخلت البيت باختيارك ووافقت على الدخول فقد حنثت في اليمين هذه، فإن هذا العمل يسمى يميناً إذا كنت قصدت منع نفسك من الدخول ولم تقصد إيقاع الطلاق، فهذه يمين وقد حنثت فيها وعليك كفارة يمين، ولا يقع الطلاق على زوجتك، إذا كنت إنما قصدت منع نفسك من الدخول وهجر أختك ولم تقصد إيقاع الطلاق على زوجتك، فإن هذا يسمى يميناً في الحكم الشرعي من جهة الكفارة، ولا يقع الطلاق في أصح قولي العلماء، وزوجتك باقية في عصمتك.
والكفارة هي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، وإطعامهم يكون بإطعامهم عشاء أو غداء ولو متفرقين، أو إعطائهم نصف صاع لكل واحد من التمر أو من الرز أو غيرهما من قوت البلد، كل واحد نصف صاع، كيلو ونصف تقريباً، أو تعطي كل واحد كسوة تجزئه في الصلاة كقميص أو إزار ورداء ويكفي، والحمد لله، مع التوبة والاستغفار عن قطيعتك لأختك، فإن المؤمن يجب عليه أن يصل أن أرحامه، والأخت من أقرب الرحم، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا يدخل الجنة قاطع رحم) هذا وعيد عظيم، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العظيم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23]، هذا وعيد عظيم أيضاً، فالقطيعة من الكبائر.
فعليك -يا أخي- أن تتوب إلى الله، وأن تصل أختك، وأن تدع هذا اليمين الخاطئة، وعليك كفارة يمين إذا كنت أردت منع نفسك من الدخول على أختك ولم ترد إيقاع الطلاق.
أما إن كنت أردت إيقاع الطلاق فإنه يقع طلقة واحدة بدخولك على أختك، ولك أن تراجعها حالاً بإشهاد اثنين أنك راجعت زوجتك، إذا كنت لم تطلقها قبل هذا طلقتين.
أما إن كنت طلقتها قبل طلقتين فإن هذه تكون الثالثة، ولا تحل إلا بعد زوج إذا كنت أردت إيقاع الطلاق، أما إن كنت ما أردت إيقاع الطلاق وإنما غضبت على أختك فأردت منع نفسك منها وعدم الدخول عليها ولم ترد أنك لو دخلت فإن الطلاق يقع على زوجتك لم ترد هذا، وإنما في بالك وفي نفسك إنما هو منع نفسك من الدخول على أختك؛ ولهذا طلقت للتأكيد على نفسك ومنعها من الزيارة لأختك، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إذا كنتم شركاء فيما بينكم في الأرض، بينك وبين أخيك وأمك، وأما إن كنت مستقلاً بنفسك وإنما إذا حضرت جلست معهم في البيت فأنت مستقل فالأرض أرضك، وتكتب باسمك؛ لأنك اشتريتها من مالك، من حر مالك.
أما إن كان هناك التباس في الأمر فيمكن حل المشكلة من طريق المحكمة، أو من طريق المصلحين بينكم وبين أخيك وأختك وأمك، حتى ينظروا في الأمر بينكم ويصلحوا بينكم بعدما يسمعون كلام أخيك وكلام أختك وكلام أمك، ثم يكون الصلح بعد ذلك، أو في المحكمة وتحكم بينكم المحكمة.
فالمقصود: أن الواجب عليك أن تأخذ رضا أمك وأختك وأخيك حتى لا يكون بينك وبينهم شحناء وعداوة وقطيعة، إما أن تصطلحوا بينكم أو بواسطة من ترون من المصلحين والأخيار يصلحون بينكم، أو من طريق المحكمة إلا إذا سمح أخوك وأختك وأمك بأن تكون الأرض باسمك وليس لهم نزاع وليس لهم كلام في ذلك فالحمد لله.
المقدم: بارك الله فيكم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
من الإذاعة الخارجية سجلها لكم زميلنا مطر محمد الغامدي ، شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.