مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات تقول: والدتي قالت لنا جميعاً: أنتم محرجين بأن لا تسمون على اسمي، ولكن أختي أنجبت ابنة وسمتها على اسم الوالدة، وكان ذلك عندما كانت الوالدة على قيد الحياة، وإنها قبيل وفاتها قالت: أنا أبيحكم جميعاً من كل شيء، سؤالي: هل يدخل هذا الإحراج في إباحتنا أم لابد من شيء يكون أوضح من ذلك؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالتسمية على اسم الوالدة لا حرج فيها، قد صرحت لكن بأنها قد عفتكن من الحرج السابق فذلك داخل فيه، التسمية داخلة في هذا العفو ولا حرج عليكن إن شاء الله في ذلك.
الجواب: الذهب المعد للبس وهكذا الفضة الصواب أن فيهما الزكاة، فيه قول لبعض أهل العلم أنه لا زكاة في ذلك إذا كانت معدة للبس أو تلبس، ولكن الصواب أن المعد للبس والملبوس وغيرهما كلها فيها الزكاة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، فإذا كان عند المرأة ذهب يبلغ النصاب وهو عشرون مثقالاً ومقداره من الجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً ونصف، ومن الغرام اثنين وتسعين غراماً ففيه الزكاة، وهكذا لو كان أكثر، وهي ربع العشر، في الألف خمسة وعشرون سواءً كان ملبوساً أو معداً للبس أو غير ذلك، هذا هو الصواب.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم (أنه رأى امرأة على ابنتها سواران من ذهب فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار، فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله) وقال عليه الصلاة والسلام: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها -وفي اللفظ الآخر: حقها- إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره).. الحديث، وهذا يعم الحلي وغيرها من أنواع الذهب والفضة، وفي الباب أحاديث أخرى تدل على ذلك.
أما إن كان الموجود أقل من النصاب بأن كان الحلي أقل من أحد عشر جنيهاً ونصف، أو كانت الفضة أقل من النصاب، ونصاب الفضة مائة وأربعون مثقالاً، ومقداره بالريال السعودي ستة وخمسون ريالاً من الفضة أو ما يعادلها من العمل الأخرى، إذا كان أقل من ذلك فلا زكاة فيه، فإن كان يبلغ هذا ستة وخمسين ريالاً فضة أو أكثر وجبت الزكاة فيه إذا حال عليه الحول.
الجواب: يقول الله عز وجل لما ذكر المحرمات قال سبحانه: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) فإذا ارتضعت المرأة من المرأة خمس رضعات أو أكثر حال كونها في الحولين قبل الفطام في الحولين فإن المرضعة تكون أماً لها، وأولادها يكونون إخوة لها ذكورهم وإناثهم، فلا مانع أن تكشف لهم ما تكشف لمحارمها من النسب كأخيها من النسب وأبيها وعمها، الرضاعة كذلك لها أن تكشف لهم فيرون وجهها ويدها وقدمها كما يراها محارمها من النسب.
أما التقبيل فلا مانع من التقبيل في الرأس أو في الخد، وكان الصديق رضي الله عنه يقبل عائشة مع خدها رضي الله عنها وأرضاها، أما الفم نفسه فالأولى تركه للزوج، فالأولى للمحرم أن لا يقبل الفم، هذا هو الأحسن يقبل أنفها وبين عينيها، رأسها إذا كانت كبيرة، يقبل خدها، لا بأس بذلك، أما الفم فالأولى والأفضل والأحوط ترك الفم لأنه للزوج.
ولا بأس أن يرى المحرم شعرها، لكن إذا سترت بدنها عند محارمها وصارت محتشمة حتى لا يرى المحرم إلا وجهها ويديها وقدمها فهذا أكمل وأحسن وأبعد عن الخطر بالنسبة إلى بعض المحارم.
الجواب: الكتابة في الصحف وفي الرسائل المتبادلة بين الناس للآيات والأحاديث شيء لا بأس به ولا حرج فيه، بل هو مشروع عند الحاجة، كأن يكتب في الجريدة أو في المجلة آيات للنصيحة والتوجيه، أو أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم للنصيحة والتوجيه هذا لا بأس به ولا حرج فيه بل هو مشروع عند الحاجة، كما يكتب في الرسالة إلى أخيه يعزيه أو يهنئه بشيء أو يطلب منه حاجة أو يذكره فيذكر آيات من القرآن أو أحاديث للنصيحة لا بأس بهذا.
لكن الإثم على من يلقيها في القمامة ما هو على الكاتب، الكاتب الذي يكتب في الجريدة أو في الرسالة أو في أي كتاب موعظة أو نصيحة لأحد أو سؤالاً لشيء أو تحريضاً على شيء فيكتب آيات أو يكتب أحاديث لا حرج عليه، إنما الإثم والحرج على الذي يلقيها في القمامة أو يدوسها ويهينها هذا هو الذي يأثم، فالذي يدوس القرآن إهانة له واحتقاراً له، أو يدوس الآيات احتقاراً لها قصداً هذا هو الذي يرتد، أما لو ألقاها في القمامة جهلاً منه ما يكون مرتداً، وهكذا لو ألقاها في الطريق أو ألقاها في مكان آخر جهلاً منه لا يكون مرتداً، لكن يكون قد أساء ويعلَّم ويوجه حتى لا يلقيها إلا في محل طيب، يجعلها في الدولاب، أو يدفنها في الأرض، أو يحرقها حتى لا تهان ولا يعتريها أذى، فينبغي أن تفهمي هذا، وفق الله الجميع.
الجواب: أسأل الله لك الشفاء والعافية من كل سوء، ونوصيك بالإكثار من ذكر الله عز وجل سبحانه وتعالى، وسؤاله عز وجل أن يمن عليك بالعافية، فهو القائل عز وجل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، وهو القائل سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186].
فنوصيك يا أخي! بالضراعة إلى الله وسؤاله أن يمنحك العافية والشفاء في آخر الصلاة قبل أن تسلم، في السجود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) كذلك في آخر الليل تصلي في آخر الليل وتسأل ربك، أو في جوف الليل، بين الأذان والإقامة كل هذه أوقات ترجى فيها الإجابة.
ونوصيك بالإلحاح والجد والصدق في الدعاء مع البكاء إذا تيسر ذلك، وأبشر بالخير والعافية، وإذا عرض لك شيء عند سماع القرآن فقل: آمنت بالله ورسله، إذا عرضت لك وساوس أو عند سماع ذكر الله أو ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم قل: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه يكون في آخر الزمان قوم يتساءلون سؤالات ذميمة فيقولون: هذا الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟ ويرون وساوس، فأوصاهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا وجدوا هذا أن يقولوا، أن يقول أحدهم: آمنت بالله ورسله، وأن يستعيذ بالله وينتهي).
فأنت كذلك إذا عرضت لك هذه الوساوس عندما تسمع القرآن أو ذكر الله أو حين تسمع اسم النبي عليه الصلاة والسلام أو أحاديثه فإنك تقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتكرر ذلك، وتصدق في ذلك، وتسأل ربك العافية من هذا المرض في أوقات ترجى فيها الإجابة كما تقدم، مثل آخر الليل، وبين الأذان والإقامة، في آخر الصلاة قبل السلام، وبين السجدتين، نسأل الله لك الشفاء والعافية من كل سوء.
الجواب: المشروع أن يكون المهر مالاً كما قال الله جل وعلا: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24]، والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاءته المرأة التي وهبت نفسها فلم يقبلها وأراد أن يزوجها بعض أصحابه قال: (التمس ولو خاتماً من حديد) فالمشروع أن يكون هناك مال ولو قليلاً.
فإذا كان الزوج عاجزاً ولم يجد مالاً جاز على الصحيح أن يزوج بشيء من الآيات يعلمها المرأة، أو شيء من السور يعلمها المرأة وتكون تلك الآيات أو تلك السور مهراً لها ولا حرج في ذلك، ولهذا زوج النبي صلى الله عليه وسلم المرأة الواهبة زوجها بعض أصحابه على أن يعلمها من القرآن كذا وكذا، هذا كله لا بأس به.
لكن إذا تيسر المال فالمال مقدم ولو قليلاً، والتعليم بعد ذلك إذا أرادت أن يعلمها زوجها يعلمها ما تيسر هذا من باب المعاشرة الطيبة، أن يعلمها ويرشدها ويتعاون معها على الخير هذا شيء آخر، الله يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، ويقول سبحانه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، فإذا عاشرها معاشرة تتضمن تعليمها القرآن وتعليمها السنة وتعليمها أحكام الله فهذا خير كثير، لكن لا يكتفى بهذا في المهر إلا عند الحاجة والعجز عن المال.
الجواب: من قال: عليه الطلاق أن يكلم فلاناً وقصده الحث، فهذا في حكم اليمين، وعليه كفارة اليمين إذا فعل ما حلف على تركه أو ترك ما حلف على فعله، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام.
أما إن كان قصد إيقاع الطلاق، قال: عليه الطلاق ما يكلم فلاناً، عليه الطلاق ما يشتري السيارة الفلانية، وقصده أنه متى فعل وقع الطلاق فإنه يقع الطلاق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) هذا هو الصواب من قولي العلماء.
وذهب الأكثر إلى أنه يقع الطلاق مطلقاً ولو قصد الحث والمنع أو التصديق أو التكذيب، ولكن الصواب التفصيل، فإن كانت النية حثاً ومنعاً أو تصديقاً أو تكذيباً ليس قصده إيقاع الطلاق إنما قصده تخويف زوجته من أن تفعل كذا وردعها عن ذلك، أو قصده أن يمنع نفسه من كذا وليس قصده إيقاع الطلاق فهذا حكمه حكم اليمين في أصح قولي العلماء، واختار هذا القول أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والعلامة ابن القيم رحمه الله وجماعة من أهل العلم المحققين.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر