مستمعي الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات هذا البرنامج، والتي يسرني أن أعرض فيها ما وردنا من أسئلة واستفسارات على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: وأولى رسائل هذه الحلقة رسالة وردت إلى البرنامج من سائلة تقيم في المدينة المنورة، تقول في رسالتها: أنا امرأة عمري أكثر من ثلاثين سنة، ومتزوجة منذ خمسة عشر عاماً، وعندي أولاد والحمد لله، لكنني اضطررت للخروج من بلدي مع غيري من النساء والأمهات والزوجات والأخوات، وبقي زوجي بين أيدي الظالمين بعيداً، ودارت السنين وطالت مدة غيابه إلى ست سنوات، وانتقلت مع أطفالي من بلد إلى بلد، ومن قرية إلى قرية، وأنا الآن أستقر في هذا البلد الأمين منذ عامين، وخلال هذه المدة تعرفت على شاب في الرابعة والعشرين من عمره، وطلب مني الزواج، وتعهد بأن يرعى الأولاد رعاية تامة، وهو يقف في طريقي كلما رآني ذاهبة إلى الحرم النبوي، ويسألني عن رأيي في هذا الزواج، فيا ترى هل يحق لي أن أطلب الزواج منه وأتطلق من زوجي القديم الذي لا أعرف أخباره منذ أن خرجت من بلدي، وهل يسمح لي النظام بذلك، وهل يترك لي فرصة أن أحضر أولادي معي إلى بيت الزوج الجديد، وهل يحق لأهل زوجي أو لأهلي أن يعارضوني في هذا الأمر، أفيدوني أفادكم الله مع العلم أنني أخشى على نفسي إن لم يتم الزواج بهذا الرجل أن يوقع الشيطان بيننا ما لا يرضاه الله سبحانه؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه المسألة يجب أن تسأل عنها المحكمة في المدينة المنورة، ولا ريب أن جلوسك بدون زوج فيه خطر، ونسأل الله لنا ولك العافية، ولكن عليك أن تتصلي بالمحكمة وأن تشرحي للمحكمة ما ذكرت في السؤال، والمحكمة تقوم بالواجب إن شاء الله في أمر زواجك، وفيما يتعلق بزوجك الغائب، هذا هو الذي يجب عليك، ونسأل الله لك التوفيق وحسن العاقبة.
الجواب: هذا المولود ولد زنا؛ لأن جماعه لها قبل أن يتم العقد منكر وزنا، فلا يلتحق به ولا يكون ولداً له، وإنما ينسب إلى أمه، أو ينسب إلى عبد الله أو عبد اللطيف، أو عبد الملك من باب الستر عليه في المستقبل.
فالمقصود: أنه لا يلحق بأبيه؛ لأنه ولد زنا، ولكن ينسب إلى أمه ويضاف إليها، وعليهما التوبة جميعاً، على المرأة والرجل التوبة إلى الله سبحانه وتعالى وتجديد النكاح؛ لأن العقد وقع في حال حملها من الزنا، فالواجب أن يجدد النكاح بعد وضعها الحمل، يجدده وليها بعد توبتهما جميعاً إلى الله سبحانه وتعالى، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق للتوبة النصوح.
المقدم: وإذا كان إلى الآن لم يجدد العقد يفارقها؟
الشيخ: عليه أن يفارقها وأن يمتنع منها حتى يجدد النكاح، عليه أن يمتنع ويقف عن اتصاله بها حتى يجدد النكاح من وليها.
الجواب: إذا كان المقصود من هذا الطلاق منع نفسك من ركوب سيارة الوالد، وحتى تجتهد في شراء السيارة الجديدة، وليس قصدك فراق أهلك وإيقاع الطلاق عليهم، وإنما أردت بذلك منع نفسك من ركوب سيارة الوالد، وحث نفسك على شراء السيارة الجديدة، فهذا الشيء يكون في حكم اليمين، يكون طلاقك هذا في حكم اليمين، وعليك كفارة اليمين ويكفي، ولا يقع الطلاق، والحمد لله.
أما إن كان قصدك إيقاع الطلاق إن ركبت سيارة أبيك فإنه يقع طلقة على زوجتك؛ لأن الثلاث بكلمة واحدة تعتبر واحدة في أصح قولي العلماء، ويكون جماعك لها بعد ذلك مراجعة ويقع عليها طلقة إن كان لم يسبقها شيء، فإن كان سبقها طلقة تضاف إلى الطلقة السابقة، أما إن كان سبقها طلقتان، فهذه تكون الطلقة الثالثة، ولا تحل لك إذا أردت إيقاع الطلاق، أما إن كنت ما أردت إيقاع الطلاق وإنما أردت منع نفسك من ركوب سيارة الوالد، وحث نفسك على شراء السيارة الجديدة، فهذا مثل ما تقدم حكمه حكم اليمين، وعليك كفارة اليمين وزوجتك معك، لا يقع عليها طلاق، والحمد لله.
الجواب: طلاق الحائض لا يقع في أصح قولي العلماء، خلافاً لقول الجمهور، جمهور أهل العلم يرون طلاق الحائض والنفساء يقع، ولكن الصحيح من قولي العلماء الذي أفتى به بعض التابعين، وأفتى به ابن عمر رضي الله تعالى عنهما واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم وجمع من أهل العلم أن هذا الطلاق لا يقع؛ لأنه خلاف شرع الله؛ لأن الله شرع أن تطلق المرأة في حال الطهر من النفاس والحيض، وفي حال لم يكن جامعها الزوج فيها، هذا هو الطلاق الشرعي، فإذا طلقها في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه، فإن هذا الطلاق بدعة ولا يقع على الصحيح من قولي العلماء؛ لقول الله جل وعلا: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1]، والمعنى: طاهرات من غير جماع، هكذا قال أهل العلم في طلاقهن العدة، أن يكن طاهرات من دون جماع أو حوامل، هذا هو الطلاق للعدة.
أما طلاق الحامل فإنه يقع عند أهل العلم، ومن قال: إنه لا يقع، فقد غلط، وإنما الذي لا يقع هو طلاق الحائض والنفساء، وهكذا الطاهر التي ليست بحامل إذا كان في طهر جامعها فيه ولم يبن حملها، هذا في أصح قولي العلماء لا يقع؛ لأنه خلاف شرع الله؛ ولأنه في حال لم يشرع الله فيها الطلاق كما تقدم، وبعض العامة يهم ويقول: إن طلاق الحامل لا يقع. وهذا غلط، هذا من أقوال العامة لا أصل له في الشرع، ولا أصل له في كلام العلماء، الحامل يقع الطلاق عليها، فينبغي أن يفهم ذلك.
يقول: هل يجوز لي أن أزن بالقرطاس -أي: كيس الورق- يضعه في كفة الميزان ويزن به أم أن هذا يؤثر على الوزن؟
الجواب: لم أفهم جيداً مراد السائل، وإن كان مراده أن الشيء الموزون من الحبوب، أو الشاي، أو القهوة، أو غير ذلك كونه يضعه في قرطاس ثم يزنه، ويلاحظ أن هذا القرطاس لا يخل بالوزن فلا بأس بذلك، إذا كان القرطاس خفيفاً أو يزاد في الوزن قليلاً في مقابل القرطاس فلا حرج في ذلك والحمد لله.
الجواب: لا بأس أن تقرأ القرآن في دكانك، أو في مبسطك أو في بقالتك إذا كنت فارغاً تقرأ ما تيسر من كتاب الله، أو تذكر الله، أو تصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل هذا طيب، عند وجود الفراغ تشتغل بذكر الله عز وجل.. بقراءة القرآن.. بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم.. بمطالعة الكتب المفيدة، كل هذا طيب.
الجواب: قوله سبحانه وتعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، فسره علماء السنة بأنه العلو والارتفاع، يعني: ارتفع فوق العرش وعلا فوقه سبحانه وتعالى بدون كيف، أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان يقولون في صفات الرب عز وجل: إن الواجب إثباتها وإمرارها كما جاءت بلا كيف، يعني: نثبتها لله ونؤمن بها وأنها حق، ولكن لا نكيفها، لا نقول: إنها بكيفية كذا وكيفية كذا، سئل مالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه، وأحد الأئمة الأربعة، سئل رحمة الله عليه عن قوله جل وعلا: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ، كيف استوى؟ فأطرق طويلاً ثم قال رحمه الله: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب.
فالواجب على أهل العلم والإيمان، وعلى جميع المسلمين أن يؤمنوا بأسماء الله وصفاته التي جاءت في القرآن العظيم أو السنة الصحيحة، وأن يمروها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأنها صفات الله وأنها أسماؤه وأنها حق، وأن معانيها حق تليق بالله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته سبحانه وتعالى.
فالاستواء: هو العلو والارتفاع فوق العرش، وهو معلوم من حيث اللغة العربية، ولكن كيفيته مجهولة، ما نعلم كيف استوى، ولكن نقول: إنه استوى على عرشه وارتفع فوق عرشه ارتفاعاً يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه الخلق في صفاتهم، لا في الاستواء ولا في غيره؛ لقوله سبحانه وتعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]؛ ولقوله عز وجل: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:74] وقوله سبحانه: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، فهو سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله لا شبيه له، ولا سمي له، ولا كفء له، ولا ند له سبحانه وتعالى.
هذا هو الواجب على أهل الإسلام أن يؤمنوا بهذه الصفات: الاستواء والرحمة، والسمع والبصر، والغضب والوجه، واليد والقدم، والأصابع وغير هذا من صفاته سبحانه وتعالى، كلها يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل لصفات الله، ولا تكييف لها، ولا تمثيل لها، بل يقال: إنها حق، وإنها ثابتة لله على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا؛ لأنه سبحانه وتعالى لا مثيل له، لا في ذاته، ولا في صفاته سبحانه وتعالى.
الجواب: إذا كانت العمارة مستقلة وليس فيها في محل الصلاة قبور، فإن الصلاة صحيحة سواء صلوا في الدور الأول أو الدور الثاني، أو الدور الثالث.
أما إن كانت القبور في نفس الأدوار أو في الدور الأول، وصلوا في الدور الأول، فالصلاة عند القبور وبين القبور لا تصح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) ، وقال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) .
ولو كانت الأرض التي بنيت عليها العمارة سليمة من القبور، ولكن حولها قبور؛ أمامها أو خلفها أو عن يمينها، أو عن شمالها، فلا يضرها ذلك، إذا كانت الأرض سليمة ليس فيها المقبرة.
أما إن كانت الأرض من المقبرة واغتصبوها فصارت غير صحيحة، لا يصلى في العمارة، لا في الدور الأول ولا في الثاني ولا في الثالث؛ لأنها تابعة المقبرة ومغصوبة، فلا يحل لهم البقاء فيها، ولا يجوز الصلاة فيها، بل يجب أن تزال من المقبرة؛ لأن هذا ظلم وعدوان على المقبرة.
الجواب: إذا قال الزوج يخاطب زوجته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو قال يقصدها: هي طالق، هي طالق، هي طالق، أو قال: تراك طالق، تراك طالق، تراك طالق، أو قال: تراك مطلقة، تراك مطلقة، تراك مطلقة، أو أنت مطلقة، أنت مطلقة، أنت مطلقة، أو هي مطلقة.. وهي مطلقة.. وهي مطلقة فيقع الثلاث، يقع عليها الطلقات الثلاث.
وهكذا لو قال: طالق، ثم طالق، ثم طالق. أو أنت مطلقة ثم مطلقة، ثم مطلقة، أو طالق وطالق وطالق، كل هذه الألفاظ وأشباهها يقع بها الثلاث، إذا كانت ليست حائضاً ولا نفساء ولا في طهر جامعها فيه، بل كانت سليمة، كان الطلاق هذا في طهر لم يجامعها فيه، أو في حال الحمل، فإن هذا الطلاق يقع، وتحرم عليه حتى تنكح زوجاً غيره.
أما إن كان حين قال: هي طالق، هي طالق، هي طالق. ما قصده الثلاث، إنما قصده الأولى، وأراد بالثانية والثالثة تأكيد الأولى وتفهيم الزوجة، فلا يقع إلا الأولى، إذا كان مقصوده حين قال: هي طالق، هي طالق، هي طالق، أو أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو تراك طالق.. تراك طالق.. تراك طالق، مقصوده الأولى، وأعاد الثانية والثالثة لأجل تفهيم المرأة أو لأجل تأكيد الأولى، هو أعلم بنيته والله الذي يحاسبه عن نيته، فإذا أراد بهذا تفهيمها الأولى أو تأكيد الأولى ولم يرد إيقاع الثانية ولا الثالثة، فإنه لا يقع إلا واحدة فقط حسب نيته؛ لأنه ما أراد إلا واحدة، وإنما أراد بقوله: هي طالق الثانية والثالثة تأكيد الأولى أو تفهيم الزوجة، فلا يقع إلا واحدة.
أما إذا كرر ذلك وقصده الثلاث، أو ما له نية بل كرر بغير قصد الطلاق حين قال: هي طالق. هي طالق، هي طالق. أو أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو تراك طالق، تراك طالق، تراك طالق، أو قال: تراك مطلقة، تراك مطلقة، تراك مطلقة. أو هي مطلقة.. هي مطلقة.. فهنا تقع الثلاث، فإذا ما أراد إلا إيقاع الثلاث، أو ما أراد شيئاً إلا الطلاق، فهنا تقع الثلاث، مثل لو قال: أنت طالق، ثم طالق، ثم طالق، تقع الثلاث.
أما إذا أراد من التكرار تأكيد الأولى وتفيهم الزوجة حين قال: هي مطلقة، هي مطلقة. أو تراك مطلقة.. تراك مطلقة، أو أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أراد تفيمها الأولى، أو تأكيد الأولى فهو على نيته، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) ، بخلاف لو قال: أنت طالق ، ثم طالق، ثم طالق هذا يقع الثلاث، ولو قال: نويت الأولى، هذا ما هو محل تأكيد، لما أتى بثم دل على أنه أراد الثانية والثالثة.
كذلك طالق طلاق مخلوع ، أو طلاق خلوع لا نية، هذا لا يقع به إلا واحدة، إذا قال: أنت طالق طلاق خلوع لا نية رجوع فيه، هذا لا يقع به إلا واحدة على الصحيح.
الجواب:إذا صافح النصراني أو اليهودي أو غيرهما من الكفرة فالوضوء لا يبطل، هو على طهارته، لكن ليس له أن يصافحهم، وليس له أن يبدأهم بالسلام، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام)، والمصافحة أشد، إذا كان لا يبدأ بالسلام فالمصافحة أشد، فلا يبدؤهم ولا يصافحهم، لكن إذا بدءوه بالسلام وصافحوه فلا بأس بالمقابلة، أما أنه يبدأ فلا يبدأ.
أما دعوته لوليمة ودعوته للطعام فهذا فيه تفصيل، إن كان دعاه لأجل ترغيبه في الإسلام ونصيحته وتوجيهه للإسلام أو لقصد صالح أو لأنه ضيف نزل به فهذا لا بأس، أما أن يدعوه للطعام لأجل الصداقة والمؤانسة فلا ما ينبغي له؛ لأن بينه وبينهم العداوة والبغضاء.
الجواب: نعم، الجن تلتبس بالإنسان، تلتبس به على صفة خاصة حتى تنطق على لسانه، وتتكلم على لسانه بأشياء يعرف صوت الجني من صوت الإنسي، وهذا واقع قديماً وحديثاً، وهو المجنون الذي تلتبس به الجن هو المجنون، يتكلم الجني على لسانه، أعطوني كذا، أعطوني طيب، اذبحوا لي كذا، افعلوا كذا، ترى الدراهم في المحل الفلاني.. بصوت يسمعه الناس غير صوت الإنسي، وهذا شيء يقع، ومن أنكره فقط غلط، وهذا التباس الجني بالإنسي، وبهذا يكون مجنوناً يختل عقله ويضطرب، فإذا ذهب عنه وفارقه رجع إليه عقله.
الجواب: هذا فيه تفصيل، إن كنت أردت بهذا الطلاق منعه من الذهاب إلى الجهة التي تريد منعه منها، وأن يرجع إلى قولك، ليس قصدك إيقاع الطلاق، وإنما قصدت تخويفه والتشديد عليه لعله يوافق ولعله يترك ما أردت تركه له، هذا حكمه حكم اليمين، وعليك كفارة اليمين في مسامحته ولا يقع الطلاق على زوجتيك جميعاً، إذا كان المقصود من هذا هو حثه على الرجوع إلى قولك، وترك ما أراد وليس قصدك إيقاع الطلاق على زوجتيك، فهذا حكمه حكم اليمين، أما إذا كنت أردت بذلك إيقاع الطلاق، وأنك متى سامحته وتركت ما قلت من أجله أن الطلاق يقع على زوجتيك فأنت على نيتك، النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى).
فإذا كنت أردت إيقاع الطلاق فإنه يقع الطلاق على زوجتيك جميعاً، إلا إذا كنت أردت واحدة منهما فأنت على نيتك أيضاً، أما إذا كان المقصود تخويفه وتحذيره من هذا العمل، ولم ترد أنك متى فعل هذا العمل أنه لا تصالحه وأنك متى صالحته يقع الطلاق على زوجتيك، إذا كنت نويت هذا فأنت على نيتك من وقوع الطلاق، وإذا كنت ما نويت ذلك وإنما نويت وأردت منعه من هذا العمل وتخويفه حتى لا يفعل، ولم ترد إيقاع الطلاق على زوجتيك فإن الأعمال بالنيات، وعليك كفارة اليمين ولا يقع الطلاق.
الجواب: إذا كان الرفض لهما بسبب بغضاء حدثت في القلب وكره وقع في القلب لم تستطيعي دفعه فلا شيء عليك، الله الذي يجمع القلوب سبحانه وتعالى، أما إذا كان مجرد تساهل وهوى فعليك التوبة إلى الله من ذلك؛ لأن طلب الطلاق من دون عذر أمر لا يجوز، فالواجب على المرأة أن لا تطلب الطلاق إذا لم يكن هناك موجب لطلب الطلاق، فإن كان نزل بك كره لهما وبغضاء لهما لم تستطيعي أن تجيبي إلى الدخول على الأول والثاني لما وقع في قلبك من الكراهة الشديدة حتى لم تستطيعي فهذا شيء غلبك والأمر إلى الله وليس عليك فيه شيء، أما إذا كان مجرد تساهل، ومجرد طاعة للشيطان فهذا لا يجوز، بل الواجب على المرأة إذا تم عقد القران أن تجيب إلى الدخول وأن تمكن الزوج منها كما شرع الله سبحانه وتعالى.
والآن عليك أن تسألي الله جل وعلا أن يزيل ما في قلبك من كراهة الرجال الطيبين، وأن يشرح صدرك للزواج الشرعي، وتلحي على الله، والله يحب الإلحاح بالدعاء سبحانه وتعالى، يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، فعليك أن تلحي في الدعاء، وتكرري الدعاء في مثل السجود وآخر التحيات وآخر الليل وفي كل وقت، عليك أن تسألي الله عز وجل أن يشرح صدرك للزواج، وأن يزيل ما في قلبك من كراهة الرجال الطيبين، وأن يسهل لك الزوج الصالح، وإذا حصل ذلك فعليك أن تجيبي إلى الدخول، ولا تطاوعي الشيطان في طلب الطلاق، نسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق.
المقدم: بارك الله فيكم، بهذا -أيها الإخوة المستمعون الكرام- نأتي إلى ختام هذه الحلقة والتي عرضنا فيها رسائل كل من: سائلة من المدينة المنورة لم تذكر اسمها، ورسالة مختار نور الدين، ورسالة منصور الدوسري من الخرج، ورسالة (الصادق . م. أ) من السودان، ورسالة محمد بن عبد الرحمن الخميس ، وأحمد علي معوضة ، ويوسف محمد با بكر، وأخيراً رسالة الأخت زهراء من محافظة كركوك من العراق.
نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على إجاباته، ونشكر لكم حسن متابعتكم، وأخيراً أستودعكم الله، وإلى اللقاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر