أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقاء جديد من لقاءات نور على الدرب، في هذا اللقاء يسرنا أن نعرض ما لدينا من رسائل على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: وأولى رسائل هذه الحلقة وردت إلى البرنامج من السائل علي بن حزام اليماني ، يقول في رسالته: أنا رجل ولدت مختوناً، ولم يقم أهلي بختانتي مرة أخرى، والآن أسأل إذا كان الشخص مختوناً عند ولادته هل يجزئ ذلك عن الاختتان المسنون أم لا؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الإنسان إذا ولد مختوناً فإن ذلك يكفي ولا حاجة إلى أن يعمل أهله شيئاً، وقد كفاهم الله المئونة والحمد لله، وهذا قد يقع لبعض الناس، وقد بلغنا من ذلك عدة وقائع يولد فيها الرجل مختوناً، وبذلك يكون أهله قد كفوا هذه المئونة والحمد لله.
الجواب: الوساوس من الشيطان، كما قال الله جل وعلا: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ [الناس:1-4] وهو الشيطان، فعليك -يا أخي- أن تتعوذ بالله منه، وأن تحذر مكائده، وتجزم في الأمور، إذا سلكت طريقاً فاجزم وامض فيه حتى تعلم يقيناً أن فيه شيئاً يضرك فاتركه، وهكذا الطعام إذا لم تعلم أنه محرم فكل ودع عنك الوساوس.
وهكذا الوضوء إذا توضأت فاجزم ودع عنك أن توسوس فتقول: ما كملت، ما فعلت.. امض ما دام ترى أنك قد كملت فالحمد لله، وهكذا في صلاتك احذر الوساوس في كل شيء، واعلم أنها من الشيطان، وإذا وقع في نفسك شيء من ذلك فتعوذ بالله من الشيطان وامض في سبيلك واجزم على ذلك حتى ترغم عدوك الشيطان، وحتى لا يتمكن من التسلط عليك بسبب لينك معه، نعوذ بالله من شره ومكائده.
الجواب: هذه المسألة قد تنازع فيها أهل العلم رحمة الله عليهم، والصواب: أن الوجه والكفين من العورة، والوجه أشد؛ لأنه زينة المرأة ومعظم ما يرغب فيها أو ينفر منها، وهو داخل في قوله جل وعلا: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31] الآية، والأدلة في هذا كثيرة: منها قوله جل وعلا: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، وهذا عام والله لم يستثن منه شيئاً، لا يداً ولا وجهاً ولا غير ذلك، فدل على العموم، ثم علله سبحانه بما هو في مصلحة الجميع، قال: أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، فدل على أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع، وأبعد عن الفواحش، فالكشف يجر إلى الفاحشة، والحجاب يبعد عنها، ومنها قوله جل وعلا: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31].. الآية، والزينة ما يبدو من المرأة من وجه وشعر وغير ذلك، والواجب ستر ذلك، فإنها زينة خلقية يجب سترها حتى لا تفتن غيرها.
وأما قوله سبحانه وتعالى: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ففسره العلماء بأنه الملابس، (مَا ظَهَرَ مِنْهَا) يعني: الملابس الظاهرة العادية، فهذه لا وجه للإلزام بإخفائها وسترها فإنه لابد من ظهورها، وإنما المقصود بالزينة: الوجه وما يرغب في نكاح المرأة من شعر ويد وقدم ونحو ذلك.
وفي الباب أيضاً حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين قالت: لما سمعت صوت صفوان بن المعطل وذلك في غزوة الإفك، لما سمعت صوته خمرت وجهي، قالت: وكان قد رآني قبل الحجاب فعرفني، فلما سمعت صوته خمرت وجهي، فدل ذلك على أنهم بعد الحجاب أمروا بتغطية الوجوه وسترها.
وأما أثر أسماء بنت أبي بكر فهو حديث ضعيف، رواه أبو داود بإسناد ضعيف؛ لأنه من طريق سعيد بن بشير ، عن قتادة عن خالد بن دريك عن عائشة ، وسعيد بن بشير هذا ضعيف عند أهل العلم لا يحتج به، وقتادة بن دعامة مدلس وقد عنعن عن خالد ، والمدلس لا تقبل روايته إذا لم يصرح بالسماع، وخالد بن دريك لم يسمع من عائشة ، فصار هذا الحديث فيه ثلاث علل كل واحدة توجب ضعفه فكيف باجتماع الثلاث! ولفظه: (أن
الجواب: هذا إليك، لا تكذب، لكن إذا بعته بعشرين أو بأقل أو بأكثر فهذا إليك لا بأس به؛ لأن هذه سلعة ليس لها عندكم سعر معروف، أما إذا كان لها سعر معروف عندكم فلا تغير السعر، بين له أنها تباع بكذا وكذا، وأنك لا تبيعها إلا بكذا وكذا، أما إذا كان ليس لها سعر معروف عندكم فأنت بالخيار إن شئت بعتها بخمسة عشر الذي اشتريت به، وإن شئت بعتها بأكثر من ذلك أو بأقل من ذلك، وإن شئت وهبتها إياه، فالأمر في هذا واسع والحمد لله، نعم ولكن لا تكذب، لا تقل: إنها علي بعشرين وأنت تكذب، ولا تقل: إنها بستة عشر، بسبعة عشر، قل الواقع إنها بخمسة عشر ولكن لا تبيعها إلا بعشرين، أو لا تخبره بشيء، ولكن تحده عليه بهذه القيمة.
الجواب: السحرة والكهنة والعرافون لا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم بما يقولون، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) رواه مسلم في الصحيح.
والعراف: هو الذي يدعي معرفة الأمور من طريق الغيب والتكهن، وهكذا الكاهن وهو الذي له رئي من الجن وصاحب من الجن يخبره ببعض المغيبات التي يسمعها من الناس في بلدان بعيدة أو قريبة أو يسمعها حين يسترق السمع من جهة السماء، فهؤلاء لا يسألون ولا يصدقون.
وهكذا السحرة: وهم الذين يتعاطون أموراً يضرون بها الناس، فالسحر له وجود وله حقيقة وبعضه خيال، لكن بعضه له حقيقة يقتل، ويمرض، ويفرق بين المرء وزوجه، فلا يجوز سؤال السحرة ولا تصديقهم ولا العلاج عندهم، ولكنك تعالج المرض عند الأطباء المعروفين، أو بقراءة القرآن، يقرأ عليك القرآن وآيات السحر وينفث عليك، أو في ماء تشربه وتغتسل به لا بأس.
أما المعروفون بتعاطي السحر أو الكهانة أو العرافة التي فيها دعوى علم الغيب فهذا كله لا يجوز، وهؤلاء كلهم لا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم.
وعليك أن تتوب إلى الله من سؤال هذا الساحر، وعليك أن تعمل الأدوية المباحة والطب المباح، ومن ذلك أن تقرأ أنت أو يقرأ لك بعض الإخوان الطيبين أصحاب العقيدة الطيبة في ماء، يقرأ لك الفاتحة وآية الكرسي، و: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين، وآيات السحر الموجودة في سورة الأعراف، وفي سورة يونس، وفي سورة طه، يقرؤها في الماء ثم تشرب من ذلك الماء وتغتسل بالباقي، هذا بإذن الله علاج لما قد يقع من السحر، وقد يجعل فيه سبع ورقات من السدر الأخضر يدق ويجعل في الماء ويكون أيضاً من باب الطب والعلاج المباح، لأنه مجرب ونافع في حق المسحور، وفي حق من حبس عن زوجته لأسباب، فإن هذا العلاج الشرعي بقراءة الفاتحة وآية الكرسي، وآيات السحر المعروفة في سورة الأعراف، وسورة يونس، وسورة طه، وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين، تقرأ في الماء وفيه السدر، أو ليس فيه سدر ثم يشرب منه الإنسان ويغتسل منه المصاب بالسحر، أو المحبوس عن زوجته، ثم يبرأ بإذن الله عز وجل، وإن نفث فيه مع ذلك: (اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً)، وكرر هذا ثلاثاً طيب، فهذه دعوات طيبة ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وهكذا الدعاء المعروف: (بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك) ثلاث مرات أيضاً هذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً، فإذا نفث مع هذا في الماء فهو أيضاً طيب ومن أسباب الشفاء، وهو علاج نبوي وعلاج شرعي.
الدعاء الأول: (اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً).
والدعاء الثاني: (بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك) يقوله ثلاث مرات.
هذا من الدعاء الطيب الذي يرجى فيه النفع مع سؤال الله جل وعلا، فالإنسان يسأل ربه أن الله يمن عليه بالشفاء.. يضرع إلى الله في سجوده، وفي آخر التحيات، بين الأذان والإقامة، في آخر الليل، في جميع الأوقات، يدعو ربه، يسأله ويضرع إليه أن الله يشفيه مما أصابه، ويزيل عنه ما به من أذى، والله يحب السائلين جل وعلا، وهو القائل سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].
الجواب: هذا لا أصل له، هذا غلط، وضع المصحف لا يمنع من الأدواء، إنما أنزل الله المصحف لقراءته والعمل به لا ليجعل حرزاً للبيوت، هذا كله لا أصل له، وهكذا قوله: آية للنبي صلى الله عليه وسلم، هذا كلام لا معنى له وما معنى آية للنبي؟ يعني: آية فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم؟ المصحف كله فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
المقصود أن هذا غلط، وشيء لا وجه ولا أصل له، وليس وضع المصحف في البيت حرزاً للبيت، وإنما الحرز للبيت التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات.. (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحاً ومساءً، هذا ينفع الله به كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، الإنسان يتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات صباحاً ومساء يقول: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات.
كذلك يقرأ آية الكرسي عند النوم وبعد كل صلاة، هذا من أسباب العافية والحفظ، كذلك يقرأ : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين بعد كل صلاة، هذا من أسباب العافية والحرز، ويقرؤها بعد صلاة المغرب ثلاثاً، وبعد صلاة الفجر ثلاثاً، وعند النوم يقرأ : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين، وكل هذا من أسباب حفظ الله للعبد وتسليمه إياه من شر أعدائه من الشياطين وغيرهم.
وأما المصحف الذي يوضع في دولاب أو في فرجة أو في محل في البيت ليس هذا حرزاً وإنما الحرز والسبب العظيم هو استعمال ما شرعه الله سبحانه وتعالى من أدعية وقراءة.
الجواب: لا حرج إذا كان لمصلحة البيت وحاجة البيت المعتادة التي ليس فيها إسراف ولا تبذير فلا بأس، ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان بن حرب سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله! إن
الجواب: إذا كان الصبغ أسود خالصا لم يجز أن تصبغ به المرأة ولا الرجل، لا تصبغ المرأة شعرها الأبيض بالصبغ الأسود الخالص، ولكن تصبغه بالحناء أو بالحناء والكتم مخلوطين حتى يكون الصبغ بين السواد والحمرة، أو بالزعفران، أو ما أشبه ذلك مما يجعله أصفر أو أحمر أو أسود مخلوطاً بحمرة أو صفرة لا بأس، أما الأسود الخالص فالنبي نهى عنه عليه الصلاة والسلام.
وهكذا الرجل لا يصبغ شيبه بالأسود الخالص، ولكن يغيره بالحناء والكتم أو بالحناء فقط، أو بالصفرة فقط، هذا هو المشروع، يقول صلى الله عليه وسلم : (غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد) وفي الحديث الآخر: (يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح، والأول رواه مسلم في الصحيح : (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد).
الجواب: الأمانة تفسر بأمرين: أحدهما: فرائض الله وحقوق الله، من صلاة وصوم وجهاد ونحو ذلك، يقال لها: أمانة، وهكذا التكليف بما حرم الله على عباده أن يمتنع عنه الإنسان أمانة، والأمر الثاني: حاجات الناس وحقوق الناس من الودائع والعواري والرهون، هذه يقال لها: أمانة أيضاً، فالله جل وعلا عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال أن يتحملوا هذه الأمانة فخافت من ذلك، وأشفقت من ذلك، وحملها المكلف من بني آدم.
فالواجب على بني آدم المكلفين أن يعتنوا بهذه الأمانة، وأن يتقوا الله فيها، فيؤدوا فرائض الله كما شرع الله، ويجتنوا محارم الله تعظيماً لله وخوفاً منه سبحانه وتعالى، ويؤدوا حق العباد من ديون ورهون وعواري، وودائع، عليهم أن يؤدوا الحق الذي عليهم، وأن يحذروا غضب الله سبحانه وتعالى، فإن الخيانة توجب غضب الله، والتقصير المتعمد يوجب غضب الله.
فالواجب أداء الفريضة كما شرع الله، وترك المحارم كما شرع الله، وأداء حقوق العباد وعدم بخسها من وديعة أو رهن أو غير ذلك.
الجواب: ليس للمسلم أن يصلي في ملابس فيها صور، سواء كانت صور بني آدم، أو كانت صوراً أخرى من ذوات الأرواح كالخيل أو الإبل أو الطيور، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدع صورة إلا طمستها)، وقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم)، ولما رأى ستراً على باب عائشة فيه تصاوير هتكه وقطعه عليه الصلاة والسلام وتغير وجهه عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز للمسلم ولا للمسلمة لبس المصورات من ذوات الأرواح، لا قمص ولا أردية ولا عمامة ولا غير ذلك، ولا جعلها ستور على البيوت، كل هذا ممنوع.
وأما إذا كان الذي فيه صور يوطأ ويمتهن كالبسط التي تفرش في المنازل فلا بأس أن توضع مما فيها صور، وهكذا الوسائد والمتكآت، كل هذه يعفا عنها؛ لأنها ممتهنة غير معظمة، وهكذا الكنبات التي يجلس عليها والكراسي كلها ممتهنة.
لكن لو صلى في هذا القميص، هل تبطل صلاته؟
فيه خلاف بين العلماء، منهم من قال: تبطل؛ لأنه لبس شيئاً منهياً عنه، والقول الآخر: لا تبطل. وهو الصحيح؛ لأنه منهي عنه، ليس في الصلاة وحدها، بل منهي عنه دائماً، فلا يلبسه دائماً، والشيء الذي نهي عنه لا لأجل الصلاة بل لأنه في نفسه محرم لا يبطل الصلاة، وهكذا الثوب المغصوب، الصحيح أنه لا يبطل الصلاة ما دام ساتراً للعورة، لكن صاحبه يأثم في لبسه ولو ما صلى به، فهو منهي عنه مطلقا في الصلاة وغيرها، بخلاف الشيء المنهي عنه في الصلاة فقط، كالثوب الذي فيه نجاسة إذا صلى فيه متعمداً بطلت صلاته؛ لأنه منهي عنه في الصلاة.
الجواب: عليك أن ترد الماطور إلى أهله ولو كلفك كثيراً، أو تستسمحهم وتعطيهم قيمته، عليك أن ترد الماطور إلى الشركة أو تعطيها قيمته حسب الإمكان، إذا رضيت بالقيمة تعطيها القيمة، وإلا وجب عليك رده بنفسه، ولو كلفك أكثر من قيمته، فأنت الظالم فعليك أن ترده إلى أهله.
فإن كان رده يترتب عليه مضار عليك وخطر عليك، فتصدق به، اعرف قيمته وتصدق به عن صاحبه، أما إذا أمكن أن ترده إليهم بلا خطر عليك -يعني- كبير، فإنك ترده إليهم بالطريقة الممكنة إن استطعت ذلك، ولو لم تسم نفسك ترده وتقول: هذا أحضره إنسان يقول: إنه للشركة، أو ترسله مع أحد، وتقول: أعطه الشركة الفلانية وقل لها: هذا من إنسان يقول: إنه لها، وما أشبهه، بالطرق التي تستطيع إيصاله إليها، فإذا لم تستطع ذلك إلا بخطر عليك فتصدق به عن صاحبه، وتب إلى الله واستغفر الله ولا تعد إلى ذلك.
المقدم: بارك الله فيكم، لكن صعوبة رده لا تمنع؟
الجواب: نعم، ولو تكلف؛ لأنه هو الظالم.
الجواب: الواجب عليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى التوبة الصادقة، التوبة النصوح؛ لأن عمله جريمة عظيمة، وطلب الرزق والكسب للعيال لا يمنع الصلاة، بل يجب أن يقدم حق الله، وهو يعمل لطلب الرزق في الأوقات الأخرى، فهو أخطأ وغلط في عمله هذا، فالواجب عليه أن يتوب إلى الله توبة صادقة؛ بأن يندم على ما مضى من عمله السيء، ويقلع من ذلك، ويستقيم على الصلاة، ويعزم عزماً صادقاً ألا يعود إلى هذا العمل السيء وهو ترك الصلاة، ومن تاب تاب الله عليه، (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، الله يقول سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8].
فعلى المسلم وعلى المسلمة عندما يحصل منهما شيء من الذنوب والمعاصي أن يبادرا بالتوبة، وأن يصدقا في ذلك، فإذا صارت التوبة نصوحاً مشتملة على الندم على ما مضى، والإقلاع من ذلك، والعزم الصادق ألا يعود في ذلك، مع رد الحق إلى أهله إن كان فيه حق للناس صحت التوبة، وغفر الله له الذنب سبحانه وتعالى.
ولا شك أن السعي على الأرملة والمسكين وطلب الرزق أمر مطلوب وعبادة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، قال الراوي: وأحسبه قال: وكالصائم لا يفطر، والقائم لا يفتر)، فطلب الرزق الحلال لينفق على أولاده وبناته وزوجته، هذا أمر مطلوب وعبادة وطاعة لله، لكن لا يجوز أن يضيع معه الصلاة، أو صيام رمضان، أو غير ذلك مما أوجب الله عليه، بل يجب أن يصلي كما أمر الله ويصوم كما أمر الله، ويعمل في طلب الرزق.
فعمله هذا واحتجاجه بطلب الرزق غلط وخطأ كبير، ولكن مع التوبة يغفر الله لنا وله، إذا تاب توبة صادقة فالله يغفر له سبحانه وتعالى، ولكن لا يلزمه القضاء، الماضي لا يلزمه قضاءه؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح من قولي العلماء، والكافر متى تاب تاب الله عليه، ولم يلزمه القضاء، قال الله جل وعلا: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فعليه أن يتوب إلى الله توبة صادقة، ويندم ويكثر من العمل الصالح والاستغفار، والله سبحانه يتوب عليه ولا يلزمه شيء من القضاء، لا صلاة ولا صوماً.
الجواب: نعم، يصلح له الحج لكن لا يلزمه إلا إذا استطاع بنفسه، إذا كان عنده مال بنفسه، أما إذا حج من مال ابنه فحجه صحيح.
الجواب: نكاح بنت الخالة وبنت الخال وبنت ابن الخال وبنت ابن الخالة كله جائز، المحرم نكاح الخالة نفسها، أو العمة نفسها، أما بنت الخالة وبنت العمة، وبنت العم وبنت الخال، لا حرج في نكاحها.
المقدم: بارك الله فيكم.
بهذا -أيها الإخوة المستمعون- نأتي إلى ختام هذه الحلقة والتي عرضنا فيها رسائل: علي حزام اليماني ، و(س. ع. م) من مصر، وعبد خلف محمد من العراق، والسائلة (ب. ع. أ) من السودان، ورسالة فضل عبد القادر يمني، ورسالة (ف. ص ) يمني مقيم بالرياض، ورسالة أبو محمد مصري الجنسية مقيم في جدة.
نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على إجاباته، ونستودعكم الله، وإلى اللقاء في حلقة قادمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر