أيها الإخوة المستمعون الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في لقاء جديد من لقاءت نور على الدرب، في هذا اللقاء إخوتي المستمعين الكرام! يسرني أنا أعرض ما لدي من رسائل على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة هي رسالة كمال محمد الحسن أحمد نور الدين من السودان الإقليم الشمالي، كنا عرضنا سؤالاً سابقاً عن الاطلاع على التوراة والإنجيل في حلقة مضت، وها نحن نعرض بقية أسئلة الأخ كمال في هذه الحلقة: يقول الله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج:24-25]، أرجو توضيح معنى الآية؛ لأن الذي دعاني لهذا أنه يقف أمامي شخص تدل ملامحه على أنه قوي يستطيع العمل والكسب من عمل يده، وطلب مني أن أعطيه مالاً صدقة فهل يجوز لي التصدق على أمثال هؤلاء أفيدوني أفادكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فيقول الله سبحانه: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات:15-19].
الحق اختلف فيه العلماء فقيل: هو الزكاة، وقيل: غير الزكاة، فالكمل من المؤمنين يخرجون حقاً من أموالهم للفقراء والمساكين غير الزكاة، منافسة في الخير ومسارعةً إلى أعمال البر ومواساة للمحاويج والفقراء فالسائل ومن يسأل ويستجدي فله حق إلا إذا علمت أنه غني لا يستحق الزكاة، فإنه لا يعطى ويبين له أنه لا يجوز له أن يسأل، أما إذا كان مجهولاً لا يدرى عن حاله أو كان معروف الفقر والحاجة فإنه يعطى من الزكاة ويعطى من غيرها من الصدقات، أما المحروم فهو الفقير الذي حرم المال، أو كان ذا مال ثم أصيب بجائحة اجتاحت ماله فصار فقيراً، فإنه يعطى من الزكاة ويعطى من غيرها من الصدقات، وإذا كان المتقدم السائل قوياً فإنه ينصح ويقال له: إنها لا تحل لغني ولا لقوي مكتسب، فإن اعتذر وذكر أنه ما عنده عمل ولا عنده شيء يقوم بحاله يعطى، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه سأله رجلان فنظر فيهما فإذا هما جلدان فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب) فالإنسان قد يكون قوي البدن ولكن لا يجد عملاً فيبقى في حاجة شديدة، وقد تكون له علة داخلية تمنعه من العمل ولكن ظاهر جسمه يقتضي أنه قوي، فإذا أبدى ما يدل على استحقاقه فإنه يعطى ويصدق في ذلك حرصاً على مواساة المحاويج ولأن هذا قد يقع، قد يتيسر المال للقوي وقد لا يتيسر المال، إما لقلة الأعمال في البلد وإما لأسباب أخرى.
الجواب: لا أعلم مانعاً في ذلك؛ لأن الله يقول جل وعلا في كتابه العظيم: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [الممتحنة:8] فالله سبحانه أخبر أنه لا ينهانا عن الكفار الذين لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا أن نبرهم ونحسن إليهم، والمضطر في حاجة شديدة إلى الإسعاف، وقد جاءت أم أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنها وهي كافرة إلى بنتها أسماء في المدينة في وقت الهدنة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة تسألها الصدقة فاستفتت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأفتاها أن تصلها قال: (صلي أمك) وهي كافرة فإذا اضطر المعاهد أو الكافر المستأمن الذي ليس بيننا وبينه حرب إذا اضطر إلى ذلك فلا بأس بالصدقة عليه من الدم كالميتة كما يأكل من الميتة يأخذ من الدم ما يحصل به إسعافه، وأنت مأجور في ذلك لأنك لا حرج عليك أن تسعف من اضطر إلى الصدقة.
الجواب: الله أعلم، أمره إلى الله سبحانه، لكن لا بد من القطع بأنه لا بد أن يكون مصيره إلى الجنة في المنتهى، أما كونه قد يعذب أو لا يعذب هذا إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الموحد الذي تساوت حسناته وسيئاته منتهاه الجنة، لكن قد يعفى عنه بفضل الله سبحانه ويدخل الجنة من أول وهلة، وقد يدخل النار بسيئاته التي لم يتب منها فهو تحت مشيئة الله عز وجل والله أعلم هل يدخل الجنة من أول وهلة أو لا يعفى عنه بل يعذب على قدر المعاصي التي مات عليها لم يتب ثم يصير إلى الجنة؟ هذه قاعدة عند أهل السنة والجماعة: مصير الموحدين إلى الجنة سواء دخل النار أو لم يدخل النار فإن دخلها بذنوبه فإنه لا يخلد بل بعدما يطهر ويمحص يخرج من النار إلى الجنة فيلقى في نهر الحياة فينبت كما تنبت الحبة في حميل السيل كما جاء في الحديث الشريف.
ثم بعد ذلك يدخل الجنة، وقد يعفو الله سبحانه وتعالى عن العاصي الموحد المؤمن قد يعفو الله عنه، بشفاعة الشفعاء أو بفضله سبحانه، بمجرد رحمته من دون شفاعة أحد فيدخله الله الجنة جل وعلا؛ وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعض العصاة يدخل النار ويبقى فيها ما شاء الله ثم يخرجه الله من النار بسبب توحيده وإيمانه وإسلامه إلى الجنة، فالذين تتكاثر حسناتهم وسيئاتهم وتتساوى حسناتهم وسيئاتهم هم في حكم العصاة، وأمرهم إلى مشيئة الله سبحانه وتعالى.
الجواب: نعم يستطيع إذا كانت محصنة، إذا كانت اليهودية أوالنصرانية محصنة معروفة بالسلامة من الفواحش واتخاذ الأخدان فإن الله أباح ذلك كما قال سبحانه: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [المائدة:5] فإذا كانت المحصنة يعني معروفة بالسلامة من اتخاذ الأخدان من الزنا وهي حرة لا رقيقة، فإنه لا بأس بنكاحها وقد كره جمع من السلف ذلك، منهم عمر رضي الله عنه كان يكره نكاح الكتابيات؛ لئلا تجر المؤمن إلى دينها، وهكذا كره ذلك جمع من أهل العلم خشية أن يجر الزوج إلى دينه أو الذرية، فإذا تيسر للمؤمن نكاح المؤمنة فذلك أولى وأفضل وأحوط، فإن تزوج الكتابية المحصنة فعليه أن يتحرز من شرها عليه وعلى أولاده، وعليه أن يحرص على أن تدخل في الإسلام لعل الله أن يهديها بأسبابه هذا هو المعتمد في هذه المسألة.
الجواب: السنة في النية القلب هذه السنة والنطق بها بدعة لا أصل لها، لم ينطق بها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم ولا الأئمة المعروفون من العلماء، ولكن ينوي بقلبه يعلم بقلبه أنه سيتوضأ سيصلي سيصوم سيحج يكفي عن قول: نويت أن أصلي كذا.. نويت أن أتوضأ كذا لا أصل لهذا، ولكن القلب كافي والحمد لله، إلا الحج فإنه يتلفظ بالنسك، لا يقول: نويت كذا وإنما يقول: لبيك حجاً .. لبيك عمرة كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه.
الجواب: أخذ العلماء من أدلة الزكاة أن كل مكيل مطعوم تجب فيه الزكاة فالحمص والعدس والذرة وأشباهه والشعير والدخن والأرز كلها مكيلات مطعومة فيها الزكاة إذا بلغت النصاب، وهو ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم يعني: خمسة أوسق والوسق ستون صاعاً، فإذا بلغ المجموع من الحمص أو من العدس أو نحوها من الحبوب المطعومة المأكولة المكيلة فإنها تزكى إذا بلغت هذا النصاب خمسة أوسق ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وصاع النبي صلى الله عليه وسلم معروف أربعمائة وثمانون مثقالاً نعم. يعني: أربع حفنات بيدي الرجل المعتدل الخلقة إذا ملأ اليدين أربع مرات هذا صاع والواحدة مد والصاع أربع حفنات باليدين المعتدلتين المملوءتين ولا عبرة بالصغيرة المعروفة ولا بالكبيرة الزائدة ولكنه الوسط وبالمثاقيل أربعمائة مثقال وثمانون مثقالاَ، والمد مائة وعشرون مثقالاً المد بالثلث بالعراقي المعروف سابقاً.
هذا التفصيل في النصاب، يعني: ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، صاع النبي صلى الله عليه وسلم أقل من صاعنا الموجود في نجد وهو مثل ما تقدم أربع حفنات باليدين المعتدلتين.
أما العسل ففيه خلاف وليس هناك دليل واضح على وجوب الزكاة فيه، بعض أهل العلم يرى فيه الزكاة فإذا زكاه احتياطاً فحسن.
الجواب: الانتحار من أكبر الكبائر، وقد قال الله جل وعلا: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [النساء:29-30]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة).
فالانتحار من أقبح الكبائر، لكن عند أهل السنة والجماعة لا يكون كافراً إذا كان مسلماً يصلي معروفاً بالإسلام موحداً لله عز وجل مؤمناً به سبحانه وبما أخبر به، ولكنه انتحر لأسباب إما مرض شديد وإلا جراحات شديدة وإلا أشباه ذلك من الأعذار. فهذا الانتحار منكر وكبيرة من كبائر الذنوب ولكنه لا يخرج به من الإسلام، إذا كان مسلماً قبل ذلك لا يخرج بالانتحار من الإسلام بل يكون تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى كسائر المعاصي، إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة بإسلامه وتوحيده وإيمانه وإن شاء ربنا عذبه في النار على قدر الجريمة التي مات عليها وهي جريمة القتل، ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار إلى الجنة، فينبغي لوالدته أن تدعو له كثيراً وأن ترحم عليه كثيراً، وتصدق عنه كثيراً لعل الله يلطف به ولعل الله يرحمه إذا كان مسلماً، أما إذا كان ليس بمسلم لا يصلي أو يستهزئ بالدين أو يعبد القبور ويتعلق بالأموات ويدعو الأموات ويستغيث بهم هذا لا يدعى له وليس بمسلم في الظاهر وأمره إلى الله سبحانه تعالى نسأل الله السلامة والعافية.
الجواب: زيارة القبور سنة مؤكدة للرجال إذا كان المقصود منها الدعاء للميت والترحم عليه والاستغفار له، كما كان النبي يزور القبور عليه الصلاة والسلام وكان أصحابه يزورون القبور، وقال لهم صلى الله عليه وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة) فالزيارة فيها خير عظيم ومصالح تذكر الإنسان الآخرة تذكره الموت، يدعو لإخوانه الأموات، يستغفر لهم، يترحم عليهم، هذه الزيارة الشرعية، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية) وفي حديث عائشة : (يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين).
هذه هي الزيارة الشرعية، أما كونه يدعو الميت يقول: أنا دخيلك أو اشفني من مرضي أو خلصني من كذا هذا شرك أكبر.. هذا لا يجوز لا مع أمام ولا مع غير إمام، لا مع النبي ولا مع الإمام أبي حنيفة ولا مع غيرهم، لا يجوز أن يقال هذا للأموات، لا يقل للميت: أنا في جوارك أنا في حسبك اغفر لي أو انصرني أو اشف مريضي أو رد غائبي أو خلصني من هذه الكربة التي أنا فيها أو ما أشبه ذلك، هذا لا يقال ولا يجوز، بل هذا من خصائص الله سبحانه وتعالى، لا يقال للميت ولا للجماد كالصنم ولا للجن ولا للملائكة بل هذا يطلب من الله سبحانه وتعالى، فالذي يتعاطى هذه الأمور مع أصحاب القبور قد فعل الشرك الأكبر الذي حذر الله منه عباده وأنزل الكتب في حقه وأرسل الرسل لأجل ذلك، قال سبحانه وتعالى: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا الله [هود:1-2]، وقال سبحانه: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، قال عز وجل: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36].
فالعبادة حق الله سبحانه وتعالى فليس للعبد أن يطلب شفاء المرض أو رد الغائب أو التخليص من الكرب من الأموات أو من الأصنام أو من الكواكب أو من الأشجار والأحجار أو من الجن أو من الملائكة كل هذا لا يجوز بل هو شرك أكبر.
وإنما الزيارة الشرعية مثل ما تقدم، أن يزور القبور ويسلم عليهم ويقول: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لا حقون نسأل الله لنا ولكم العافية ويغفر الله لنا ولكم يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين) وما أشبه ذلك، دعاء لهم وترحم عليهم وعلى الزائر نفسه هذا هو المشروع.
وأما تقبيل الشباك أو تقبيل القبر أو التمسح به هذا كله لا يجوز، ولكن يقف عند القبر ويسلم فقط. ولا يجوز البناء على القبور ولا اتخاذ المساجد عليها ولا القباب كل هذا مما أحدثه الناس، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) وقال جابر رضي الله عنه: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها) تجصيص القبور أو البناء عليها أو اتخاذها مساجد كله منكر كله لا يجوز، ومن أسباب الغلو فيها وعبادتها من دون الله.
فالواجب على الزائر أن يتقيد بالأمر الشرعي، وأن يبتعد عما حرم الله عليه، فيزورها كما زارها النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون للدعاء للميت والترحم عليه والاستغفار له، أما دعاء الميت والاستغاثة به والنذر له أو التدخل به عن كذا وكذا هذا كله لا يجوز وكله من الشرك بالله سبحانه وتعالى، وهكذا الجلوس عند القبر يدعو الله أو يصلي عند القبر هذا لا يجوز أيضاً بل يجب الحذر من ذلك؛ لأن هذا من وسائل الشرك فدعاء الميت شرك أكبر والاستغاثة به والاستشفاع به ونحو ذلك هذا من الشرك الأكبر، والجلوس عنده للدعاء والصلاة من البدع ومن وسائل الشرك، وهكذا البناء على القبور واتخاذ القباب عليها واتخاذ المساجد كله من البدع وكله من وسائل الشرك ومن ذرائعه، فالواجب على المسلمين أن يحذروا ذلك وأن يعيدوا القبور على حالها الأولى، يزيلون ما عليها من مساجد ومن قباب، وعليهم أن يتركوها كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه ضاحية تحت الشمس ليس عليها قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، هذا هو المشروع وهذا هو الواجب، نسأل الله العافية والسلامة.
الجواب: هذا شيء لا أصل له، هذه الفلوس لا أصل لها، إذا غاب عنها ولم يطلقها فهي زوجته ولو غاب أكثر من سنة هي زوجته إلا أن يطلقها أو تفسخ منه فما دامت في حباله وفي عصمته لم تفسخ من جهة القاضي الشرعي ولم يطلقها هو فإنها زوجته، وإذا قدم من سفره فهي زوجته، له الاتصال بها وجماعها وإن لم يعطها نقوداً يكفيها النفقة التي فرض الله لها، فالحاصل أن هذا الشيء الذي ذكره السائل كونها لا تحل له بعد قدومه حتى يعطيها فلوساً هذا لا أصل له، بل هي زوجته تحل له مادام لم يطلقها ولم تفسخ منه لم يفسخها القاضي الشرعي لأسباب تخلفه عنها أو لأسباب عدم نفقته عليها أو نحو ذلك فهي زوجته.
الجواب: إذا كان الطفل ولد بعد ستة أشهر من وطئه لها فهو ولده؛ لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر كما قال الله عز وجل : وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا [الأحقاف:15] فستة للولد وأربع وعشرون شهراً للفطام للرضاع، فأقل مدة للحمل ستة أشهر، فإذا كانت ولدته لستة أشهر بعد وطئه لها بعد نكاحه ووطئه لها فهو ولده، أما إن كان تأخر وطؤه لها وصار هذا الولد بعد الوطء بأقل من ستة أشهر وعاش ولداً كاملاً عاش فهذا محل نظر ينظر فيه؛ لأن الأصل ليس ولداً له قد حملت به قبل ذلك، إلا إذا كانت سقط ومات أو عاش مدة يسيرة ثم مات فهذا قد يكون له ويحكم له به؛ لأنه لم يعش قد يكون لخمسة وقد يكون لأربعة وأيام فلا يعيش وإن صرخ ولكنه لا يعيش في الغالب، إنما الذي يعيش ابن ستة أشهر فأكثر هذا هو المعروف عند أهل العلم.
فالحاصل أنه إذا سقط لستة أشهر ولم يعش وإن سقط حياً ثم مات فإنه لا يجزم بأنه من غيره ولا يحكم عليها بأنها زنت لأن ما دون الستة الأشهر ممكن إذا كان لم يعش.. من سقط صغيراً ولم يعش فإنه قد يكون من جملة من وطئه الذي حصل بعد النكاح إذا مضى عليه أكثر من أربعة أشهر، أما إذا عاش وهي أتت به إلى قبل ستة أشهر فهذا دليل على أنها حامل قبل أن ينكحها فيكون النكاح باطلاً وينظر في أمرها بعد ذلك.
الجواب: ليس من شرط وقوع الطلاق أن تحضر.. يقع الطلاق في غيبتها وفي حضورها، لو طلقها في بلاد بعيدة وقع الطلاق، فليس من شرط الطلاق أن تكون حاضرة، ولكن الطلاق المعلق على شيء يختلف، فإذا كان المعلق عليه شيئاً يقصد منعه أو حصوله أو التصديق أو التكذيب فهذا له حكم اليمين على الصحيح من أقوال العلماء، فيكفر كفارة يمين ولا يقع الطلاق، كأن يقول: عليه الطلاق ما يكلم فلاناً، عليه الطلاق أن لا يسافر في يوم كذا، عليه الطلاق أن لا تخرجي إلى أهلك، عليه الطلاق أن لا تكلمي فلاناً أو فلانة يقصد من هذا منعها من الكلام أو الخروج، كونه يقصد من قوله: (عليه الطلاق أن لا يسافر) منع نفسه من السفر وما أشبه ذلك فهذا حكمه حكم اليمين عليه الكفارة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ولا يقع الطلاق على زوجته، أما إذا كان قصده إيقاع الطلاق قال هذا الكلام مقصوده التخويف من هذا الشيء ولكنه يقصد وقوع الطلاق قال: علي الطلاق أن لا تخرجي إلى بيت أهلك، علي الطلاق أن لا تكلمي فلاناً هو يقصد منعها ويقصد إيقاع الطلاق إذا فعلت، فإنه يقع الطلاق عليها.
الجواب: ليس عليه شيء ما دام سهواً أو حرقه عمداً؛ لأنه متقطع لا ينتفع به حرقه لئلا يمتهن فلا بأس عليه؛ لأن القرآن إذا تقطع وتمزق ولم ينتفع به يحرق أو يدفن في محل طيب حتى لا يمتهن، فإذا كان حرقه سهواً ما درى أنه قرآن فلا حرج عليه في ذلك أو حرقه عمداً لأنه متقطع لا يصلح للقراءة فيه فحرقه حتى لا يمتهن فلا بأس بذلك، أما إذا حرقه ساباً له كارهاً له مبغضاً له فهذا منكر عظيم وردة عن الإسلام، وهكذا لو قعد عليه أو وطأ عليه برجله استهانةً له أو لطخه بالنجاسة كل هذا ردة عن الإسلام نعوذ بالله، فإذا وجد من المسلم استهانة بالقرآن صريحة واضحة كأن يطأه برجله أو يجلس عليه بمقعدته ليقعد عليه أو يلطخه بالنجاسة أو يسبه ويسب من تكلم به أو ما أشبه هذا فإن هذا ردة عن الإسلام نعوذ بالله وكفر أكبر نسأل الله العافية.
الجواب: إذا كان الواقع مثل ما ذكر السائل فليس عليه شيء؛ لأن هذه في حكم الميتة هذه منبوذة مستغنىً عنها، صاحبها في الغالب لا يريدها فالذي أخذها وأحسن إليها مأجور ولا عليه شيء، ومتى عرف ربها وطلبها ربها وأعطاه إياه فلا بأس والحمد لله أو أعطاه قيمتها فلا بأس؛ لأن هذه مطروحة ومنبوذة ولا يرغب فيها، والشيء الذي ينبذه أهله لحقارته أو لأن مثله لا يرغب فيه إذا أخذه المؤمن فلا شيء عليه، مثل: عصا، حبل، مثل أشياء ما لها أهمية مثل خرقان النعال التي ليس لها قيمة وأشباه ذلك من الأشياء التي ليس لها قيمة يعني في نفوس أوساط الناس.
المقدم: بارك الله فيكم، بهذا أيها الإخوة المستمعون الكرام! نأتي إلى ختام هذه الحلقة، والتي عرضنا فيها رسائل كل من: كمال محمد الحسن، وهاشم مجد الدين السليفاني، و (أ. ل. م) من السودان الخرطوم، وحاتم ظاهر من العراق، و (ب. ج. ع) لم يذكر عنواناً، وأخيراً رسالة فتح الله جرجيس من العراق نينوى.
نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على إجاباته، ونشكر لكم حسن متابعتكم، وإلى الملتقى بإذن الله، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر