أيها المستمعون الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ومرحباً بكم في لقاء جديد من لقاءات نور على الدرب، نعرض ما لدينا فيه من أسئلة واستفسارات على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة وردت من المستمعة (أ. س) من محافظة كركوك من العراق، تقول في رسالتها: عقد قراني على شاب ولم يدخل بي بعد، وأنا الآن أريد الطلاق منه لأسباب عديدة، منها: أنه رجل غير مؤدب وغير مثقف، فأثناء جلوسنا في المجلس يشتمني ويسبني أمام الناس هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى: مضى على عقد النكاح بيننا أكثر من خمسة أشهر لكنه لا يصرف علي ولا يعطيني فلساً واحداً، فأضطر إلى أن أمد يدي إلى والدي ووالدتي وأطلب النقود منهما، ومن ناحية ثالثة: فهو رجل لا يصلي وإن صلى فيصلي يومين ويتركها شهر، فماذا عساي أن أفعل فقد نصحته مراراً ولم يفد معه، أفيدوني أفادكم الله هل يجوز لي الطلاق أم أنا آثمة بارك الله فيكم؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإذا كان حال الزوج هو ما ذكرت -أيها السائلة- من كونه يصلي بعض الأحيان ولا يصلي في أكثر الأحيان، فإن هذا لا يجوز لك أن تبقي معه؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر في أصح قولي العلماء، ولو لم يجحد وجوبها.
فالواجب عليك التخلص منه، ولا يجوز لك الدخول عليه، ولا يجوز بقاء هذا النكاح، بل هو والحال ما ذكر عقد باطل في أصح قولي العلماء، وعليك أن تحذري أن يمسك أو يقربك، وإذا لم يتيسر الطلاق ففي إمكانك أن ترفعي الأمر إلى المحكمة لهذه العلة، مع كونه أيضاً خبيث اللسان سباباً شتاماً فهذه علة أخرى، لكن علة ترك الصلاة أكبر وأعظم، نسأل الله السلامة والعافية.
الجواب: إذا استطعت أن تنفعي بنت جيرانك فذلك أفضل؛ لأن الجار له حق عظيم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) ويقول عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره) فالإحسان إليها بالتوجيه والتعليم والإرشاد من أكبر الإحسان ومن أعظم النعم، ومن أعظم الفوائد، فنوصيك بالإحسان إلى أخواتك في الله ولا سيما بنات الجيران في غير وقت الامتحان، ولكن في الوقت الذي يتيسر فيه التعليم والتوجيه في البيوت ونحوها، أما وقت الامتحان فهذا من باب الغش، ولكن في الأوقات الأخرى التي تستطيعين نفعهن فيها.
الجواب: ما دام هذا الزوج بالحالة التي ذكرت من كونه لا يصلي إلا الجمعة، ومن كونه يسبك ويسب دينك ويسب ربك فهذا كافر لا يجوز البقاء معه، وسبه الرب وسبه الدين أعظم وأكبر من تركه الصلاة، ومن سب الدين كفر، ومن سب الرب كفر؛ بإجماع أهل العلم، ومن ترك الصلاة كفر أيضاً في أصح قولي العلماء وإن لم يجحد وجوبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وقال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) فالصلاة أمرها عظيم وهي عمود الإسلام، فمن تركها جاهلاً لوجوبها كفر بإجماع المسلمين، ومن تركها تكاسلاً وتهاوناً وهو يعلم أنها واجبة كفر أيضاً في أصح قولي العلماء؛ للحديثين السابقين ولغيرهما من الأحاديث الصحيحة، ولكن سبه للدين وسبه للرب أكبر وأعظم.
فالواجب عليك أن تبتعدي عنه، وألا تمكنيه من نفسك، والنكاح والحال ما ذكر باطل لا يصح لكونه ليس أهلاً لذلك، فالكافر لا ينكح المسلمة، الله يقول سبحانه: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10] ويقول سبحانه: وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا [البقرة:221] وهذا مشرك؛ بسبه الدين وسبه الرب عز وجل، وكافر أيضاً بتركه الصلاة، وإن صلى يوم الجمعة وإن صلى بعض الصلوات.
فالواجب عليك الحذر منه والبعد عنه، وعدم تمكينه من نفسك، علاوةً على هذا فهو أيضاً لا يبالي بالحرام، ويستحل الحرام، ويأخذ مال من استأمنه بغير حق من المال الذي هو مستأمن عليه يأخذ منه ويأتي إليك بالحرام، فهذا فيه شر كثير، وفيه بلاء عظيم، وعنده منكرات كثيرة كفر وغير كفر، كفر ومعصية.
فالواجب عليك الحذر من هذا الرجل، وعدم تمكينه من نفسك والذهاب إلى أهلك، والمطالبة بإعطائك من القاضي وثيقةً بفسخ النكاح والتخلية بينك وبينه، نسأل الله لك العافية من شر هذا وبلائه، ونسأل الله أن يهديه ويرده للإسلام.
الجواب: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يصلي في اليوم والليلة عشر ركعات، يواظب عليها: ثنتين قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح) رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.
وثبت عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان لا يدع أربعاً قبل الظهر)رواه البخاري في الصحيح.
فالأفضل أن يصلي المؤمن والمؤمنة أربعاً قبل الظهر وثنتين بعدها؛ لحديث عائشة رضي الله عنها، وإن صلى أربعاً بعد الظهر مع أربع قبلها كان أفضل؛ لما روى أهل السنن والإمام أحمد رحمهم الله، عن أم حبيبة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها حرمه الله على النار) وهذا فضل عظيم، وإن اكتفى بثنتين قبل الظهر وثنتين بعدها فلا بأس لحديث ابن عمر ، ولكن الأفضل أن يصلي المؤمن والمؤمنة أربعاً قبل الظهر أخذاً بالحديثين جميعاً، حديث عائشة وحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهذه تسمى الرواتب، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى ثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته بنى الله له بيتاً في الجنة) خرجه مسلم في صحيحه، عن أم حبيبة رضي الله عنها، وخرجه الترمذي أيضاً وزاد: (أربعاً قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح).
فهذه الأحاديث تدل على تأكيد هذه الرواتب وأنها متأكدة ومستحبة ينبغي المحافظة عليها وعدم تركها.
الجواب: سماع الأغاني وبيعها وشراؤها والتجارة فيها كله محرم وكله منكر، وفيه فساد عظيم، ومن أعظم الأسباب لمرض القلوب وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة، فيجب الحذر من ذلك، وكون الناس يفعلون هذا ليس بحجة، فالناس يفعلون منكرات كثيرة، ففعل الناس ليس بحجة، وإنما الحجة قال الله وقال رسوله عليه الصلاة والسلام.
فالواجب على المسلم أن يحذر هذه المحرمات وأن يبتعد عنها، وأن لا يتجر فيها، ومع ذلك يدعو لإخوانه المسلمين بالهداية والتوفيق والصلاح.
الجواب: نصاب الذهب عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع جنيه، يعني: قرب النصف أحد عشر جنيهاً ونصف، فإذا بلغ هذا المقدار وجبت فيه الزكاة كلما حال الحول، ربع العشر: في كل أربعين جنيها جنيه واحد، أو قيمته من الفضة أو الورق، ومقداره بالجرام اثنان وتسعون جراماً، هذا هو النصاب، والواجب ربع العشر في القليل والكثير إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، ففي أربعين جنيها واحد جنيه، وفي مائة جنيهان ونصف ونص وهكذا، وإن أخرج الذهب فهو أفضل وإن أخرج قيمته من الفضة أو من الورق المستعمل فلا بأس في ذلك ويجزئه ذلك.
أما الفضة فنصابها مائة وأربعون مثقالاً، ومقداره بالريال السعودي ستة وخمسون ريالاً، فإذا كان عند الإنسان ستة وخمسون أو أكثر وحال عليها الحول وجب فيها الزكاة ربع العشر، في كل مائة اثنان ونصف، في الألف خمسة وعشرون، وهكذا في العشرة آلاف مائتان وخمسون، في مائة الألف ألفان وخمسمائة وهكذا.
والواجب على المسلم أن يتقي الله وأن يخرج الزكاة عن طيب نفس وإخلاص، وأن يدفعها إلى مستحقيها من الفقراء والمساكين والغارمين وأبناء السبيل، ونحوهم من أهل الزكاة.
المقدم: بارك الله فيكم، ذكرتم سماحة الشيخ أن نصاب الفضة يعادل بالريال السعودي ستة وخمسين، فهل يقصد بهذا الريال الفضة.
الشيخ: الفضي وما يقوم مقامه.
المقدم: يقوم مقامه الورقي؟
الشيخ: نعم.
المقدم: يعني بقيمته؟
الشيخ: لأنها عملته؛ لأنها عملة مستقيمة بدل الذهب والفضة.
الجواب: من أظهر المعاصي لا غيبة له، من لا يصلي يجب أن ينكر عليه ويذكر بعيبه ويحذر منه ويهجر ولا تجاب دعوته، ولا يزار، ولا يعاد إذا مرض حتى يتوب إلى الله عز وجل، وهكذا من أظهر الفواحش بين الناس كالزنا جهرةً بين الناس أو شرب الخمر كل هذه المعاصي الظاهرة يستحق صاحبها الهجر والإنكار والتأديب، وأعظمها ترك الصلاة فإنه كفر أكبر، وإن لم يجحد وجوبها فهو كفر أكبر في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) أما من جحد الوجوب كفر بإجماع المسلمين.
وقد بين أهل العلم أن من تجاهر بالمعاصي يستحق الهجر، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثةً من الصحابة تخلفوا عن الغزو بغير عذر شرعي فهجرهم النبي صلى الله عليه وسلم وهجرهم الصحابة خمسين ليلة حتى تابوا وتاب الله عليهم.
فلا يجوز للمسلمين أن يتساهلوا مع تارك الصلاة، بل يجب أن يهجروه ويجتهدوا في أسباب هدايته، فإن اهتدى وإلا وجب على ولي الأمر أن يستتيبه، فإن تاب وإلا قتل عن طريق المحكمة الشرعية وما يقوم مقامها، استتابته لعله يرجع لعله يتوب، ولا يجدوا إيمان الناس إذا عرفوا بأنهم قد تركوا الصلاة وهم يدعون الإسلام، وهكذا من تظاهر بالمعاصي بشرب الخمر أو الربا أو القمار أو ما أشبه هذا من المعاصي الظاهرة يجب أن يمنع من ذلك وأن يقام عليه الحد إذا كانت المعصية فيها حد كالخمر، أو يؤدب ويعزر بما يردعه إذا كانت المعصية لا حد فيها كالقمار والربا ونحو ذلك؛ لأن هذا من أسباب صلاح المسلمين، ومن أسباب صلاح المجتمع، ومن أسباب اختفاء الرذائل وظهور الفضائل، وإذا ترك الناس من غير ردع انتشرت المنكرات، وظهرت الشرور، وفسد المجتمع ولا حول ولا قوة إلا بالله، نسأل الله السلامة والعافية.
الجواب: أوقات النهي معلومة وهي خمسة: من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن طلوعها حتى ترتفع قيد رمح، وعند وقوفها قبل الظهر حتى تزول، وبعد صلاة العصر حتى تميل الشمس للغروب، وعند ميولها للغروب حتى تغيب، هذه خمسة، لكن ذوات الأسباب لا حرج في صلاتها، فإذا دخل المسجد بعد العصر أو بعد الصبح فالأفضل له أن يركع ركعتين تحية المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) متفق على صحته، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة طاف بالكعبة، فإنه يصلي ركعتي الطواف سواء كان بعد العصر أو بعد الصبح أو في أي وقت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار) وهكذا صلاة الكسوف، إن كسفت الشمس بعد العصر فإن السنة أن يصلوا في أصح قولي العلماء؛ لأنها من ذوات الأسباب.
الجواب: هذا الطلاق، وأشباهه يختلف بحسب النية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) فإن كان قصدك أيها السائل! منعها من المبيت ولم تقصد إيقاع الطلاق، وإنما أردت منعها وتحذيرها وتخويفها لعلها تخرج وتبيت خارج البيت، فهذا حكمه حكم اليمين وعليك كفارة اليمين.
أما إن كنت أردت إيقاع الطلاق إن لم تخرج فإنه يقع عليها طلقة ولك مراجعتها، وجماعك لها بنية الرجعة رجعة، إلا أن تكون قد طلقتها قبل هذا طلقتين فهذه تكون الثالثة فلا تحل إلا بعد زوج؛ لقول الله جل وعلا: فَإِنْ طَلَّقَهَا [البقرة:230] يعني: الثالثة فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230].
فالواجب عليك النظر في هذا الأمر، وخوف الله سبحانه وتعالى ومراقبته، فإن كانت الطلقة هذه هي الأخيرة وقبلها طلقتان وأنت قصدت إيقاع الطلاق فقد تمت الثلاث، أما إن كنت ما قصدت إيقاع الطلاق وإنما نويت إلزامها بالخروج وعدم المبيت وتخويفها بالطلاق، فهذا له حكم اليمين، في أصح قولي العلماء وعليك كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو حنطة أو غيرها من قوت البلد، أو كسوتهم تكسو كل واحد قميصاً أو إزاراً ورداء، أو عتق رقبة.
الجواب: لمس النساء في نقضه الوضوء خلاف بين أهل العلم، من أهل العلم من قال: إنه ينقض مطلقاً كـالشافعي رحمه الله، ومنهم من قال: لا ينقض مطلقاً كـأبي حنيفة رحمه الله، ومنهم من قال: ينقض بالشهوة إن لمستها بتلذذ وشهوة انتقض وإلا فلا كـأحمد رحمه الله.
والصواب في هذه المسألة الذي يقوم عليه الدليل: هو أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً، سواء كان عن شهوة وتلذذ أم لا هذا هو الصواب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم: (قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ) ولأن الأصل سلامة الطهارة، وبراءة الذمة من وضوء آخر، فلا يجب الوضوء إلا بدليل سليم لا معارض له؛ ولأن النساء موجودات في كل بيت غالباً والبلوى تعم بمسهن من أزواجهن وغير أزواجهن، فلو كان ينقض الوضوء لأوضحه النبي صلى الله عليه وسلم وبينه بياناً واضحاً لا يخفى.
وأما قوله جل وعلا: أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ [النساء:43] وفي قراءة أخرى: أَوْ لمَسْتُمُ النِّسَاءَ فالمراد به: الجماع، كنى الله به عن الجماع؛ لأنه سبحانه يكني عن الجماع بالمسيس، هكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من أهل العلم وهو الصواب: أن المراد بالملامسة الجماع، أما مسها باليد فإنه لا ينقض الوضوء مطلقاً في أصح أقوال العلماء في أصح الأقوال الثلاثة، والله ولي التوفيق.
الجواب: الصواب أنه لابد من إحضار الشاهدين والولي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) وجاء في بعض الروايات: (بولي وشاهدين) ولأن ذلك من إعلان النكاح وقد أمر بإعلان النكاح، وهذا هو قول جمهور أهل العلم: إنه لابد من ولي وشاهدين.
فالواجب على من يتولى عقد النكاح أن يطلب حضور الشاهدين وحضور الزوج وولي المرأة، ثم يجري عقد النكاح حتى يخرج من خلاف العلماء، وحتى يكون العقد صحيحاً عند جميع أهل العلم.
وأما ما مضى من العقود فإذا كان عن فتيا عالم من العلماء أقر، أما إن كان عن تساهل فينبغي تجديده، يجدد النكاح من جديد بشروطه الشرعية بولي وشاهدين يحضران العقد الجديد، وأولادهم السابقون لاحقون بهم للشبهة، والماضي عليهم التوبة منه من التساهل، والأولاد لاحقون بأبيهم من أجل الشبهة، ولكن يجدد النكاح عملاً بالأدلة الشرعية، وعملاً بما رآه جمهور أهل العلم، وحرصاً على سلامة الذمة وبراءتها من الخطر.
وهناك شيء أيضاً يقع في بعض البلاد وهو التساهل بعدم وجود الولي وأنها تزوج نفسها فقط وهذا غلط في أصح قولي العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تزوج المرأة نفسها ولا غيرها) فليس لها أن تزوج نفسها ولا غيرها، بل يجب على الولي أن يتولى الزواج وهو أبوها ثم جدها الأقرب فالأقرب ثم ابنها وأبناء ابنها الأقرب فالأقرب، ثم إخوتها الأشقاء والإخوة لأب كالميراث، أما التساهل في هذا فهو غلط.
ولا ينبغي أن يؤخذ بكل خلاف، الخلاف الذي لا يوافق الدليل لا ينبغي الأخذ به، معلوم أن هناك خلاف في اشتراط الولي والشاهدين لكن ليس كل خلاف يعتبر، بل ينبغي للمؤمن أن يتحرى ما قام عليه الدليل وأن يتحرى أيضاً البعد عن الخلاف، وأن تكون عقوده وأعماله بعيدة عن الخلاف، وأن يتحرى فيها موافقة الشرع المطهر، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال: (لا نكاح إلا بولي)، (ونهى أن تزوج المرأة المرأة أو تزوج نفسها) فوجب على المؤمنين أن يمتثلوا، وأن يتولى الولي تزويج موليته وهو أبوها إن وجد أو جدها أبو أبيها إن وجد الأقرب فالأقرب، فإن لم يوجد فابنها فإن لم يوجد فابن ابنها، فإن لم يوجد لها آباء ولا أبناء فإخوتها وهكذا كالميراث، ولابد من إذنها سواء كانت بكراً أو ثيبا مع إحضار الشاهدين للعقد، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
المقدم: بارك الله فيكم، بهذا أيها الإخوة المستمعون الكرام! نأتي إلى ختام هذه الحلقة، والتي عرضنا ما لدينا فيها من رسائل على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، فأثابه الله وبارك فيه، ولكم شكرنا وتقديرنا على حسن متابعتكم، وإلى الملتقى بكم في حلقة قادمة إن شاء الله، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر