أيها المستمعون الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم إلى هذا اللقاء من لقاءات هذا البرنامج، والذي يسرني أن ألتقي فيه بسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز لأعرض على سماحته ما لدي من أسئلة ورسائل في هذه الحلقة.
====
السؤال: أولى الرسائل وردت من السائلة: لطيفة بنت عبد الله بن شعلان تقول في رسالتها، الأم ذهبت في سابق الزمن إلى مكان الحشيش لجلبه لبهائمها ومواشيها ووضعت بنتها الصغيرة عند أمها، والبنت عمرها سنة فانفلتت من جدتها وذهبت إلى بركة الماء، وسقطت فيها وماتت، وقد جاء أخو الأم التي ذهبت إلى البر ورفع البنت وجدها ميتة، وتسأل هذه الأم عن حكمها وقد كبرت الآن وضعفت فماذا تفعل أفيدونا في ذلك؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الحادثة لا حرج على الوالدة فيها؛ لأنها لم تفرط ما دامت جعلتها عند أمها والصبيان الصغار والبنات الصغار في الغالب لا ينضبطون، فكونها ذهبت إلى البركة وسقطت فيها، هذا أمر لا ينضبط، فلا حرج في ذلك، وليس عليها دية ولا كفارة.
الجواب: الذي يطأ زوجته في رمضان، عليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وعليه الكفارة، والكفارة هي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً، كل صاع بين اثنين، هذا هو الواجب على من أتى زوجته في رمضان، وإن عجز عن الصيام والإطعام سقط عنه ذلك لفقره وشدة حاجته، وما دام يستطيع فإنه يكفر بواحدة من هذه الثلاث:
أولاً: عتق رقبة، يعني: رقبة مؤمنة يعتقها إن قدر، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز عن ذلك أطعم ستين مسكيناً، لكل مسكين نصف صاع من تمر أو رز أو حنطة، يعني: من قوت البلد، ثلاثين صاعاً بين ستين فقيراً، كل فقير له نصف الصاع، وهو يقارب: كيلو ونصف تقريباً، ولو كان فقيراً لا يستطيع بالكلية، فإنه لا شيء عليه إن شاء الله، لما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أفتى من سأله عن ذلك بما ذكر، فلما قال الفقير: (إنه ليس في المدينة أهل بيت أحوج إلى الطعام مني، قال: أطعمه أهلك، وكان طعاماً أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم فسلمه له عليه الصلاة والسلام ليتصدق به، فقال الرجل: يا رسول الله! ليس بين لابتي المدينة أهل بيت أحوج إلى الطعام منا، فضحك عليه الصلاة والسلام، وقال: أطعمه أهلك) اللهم صل عليه وسلم، يعني: ولم يأمره بقضاء الطعام، وعلى الزوجة والزوج صوم اليوم الذي حصل فيه الجماع، وعليها مثله من الكفارة إذا كانت مطاوعة غير مكرهة.
المقدم: بارك الله فيكم يسأل أيضاً صاحبنا الحربي من الطائف ويقول في هذه الرسالة: طلقت زوجتي بعد مشاكل حصلت بيننا، وبعد أن ذهبت إلى أهلها أقمت دعوى عليها، وبعد ثلاث جلسات للمحاولة في إرجاعها إلى بيتي رفضت ثم طلقتها طلقة واحدة أمام القاضي، علماً أن لي منها ثلاثة أطفال، وهي عند أهلها الآن والأطفال معي في البيت، وأنا طابت نفسي منها، لكن هل الطلقة الواحدة تكفي، علماً أن القاضي أعطاها صكاً بذلك، أم أن أطلقها مرة ثانية؟
الجواب: تكفي الطلقة التي أعطيتها والحمد لله، تكفي ولا تطلق زيادة.
الجواب: التوبة يمحو الله بها الذنب، قال الله تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] فجعل التوبة سبباً للفلاح، فمن تاب توبة صادقة فقد أفلح، والله سبحانه يمحو بها الذنوب، فإذا زنى أو سرق أو شرب المسكر أو ما أشبه ذلك، ثم تاب إلى الله توبة نصوحاً أقلع من الذنب وندم على ما مضى منه، وعزم أن لا يعود عزماً صادقاً فإن الله يمحو عنه الذنب، فإن عاد لزمه توبة أخرى، وهكذا إن عاد ثالثة، عليه توبة أخرى وهكذا، فالتوبة تجب ما قبلها، وإذا تاب توبة صادقة برئ من الذنب السابق، وأخذ من بالذنب الجديد، فإذا تاب منه محاه الله عنه، فإذا أتاه مرة ثالثة أخذ به، أما الماضي فلا يؤخذ به؛ لأن التوبة محته، إذا كان صادقاً في التوبة، أما إذا كان غير صادق بل في قلبه الإصرار على الذنب متى قدر عليه، فإن هذه التوبة لا تصح؛ لأن شرط التوبة أن يعزم أن لا يعود، فإذا كان في قلبه وفي نيته أنه يعود، فتوبته الأولى والثانية غير صحيحة، سيؤخذ بالأول، ويؤخذ بالثاني، ويؤخذ بما بعده حتى يتوب توبة صادقة تشتمل على أمور ثلاثة:-
الأمر الأول: الإقلاع من الذنب وتركه تعظيماً لله سبحانه وتعالى وخوفاً منه.
الأمر الثاني: الندم على الماضي من ذنوبه.
والأمر الثالث: العزم الصادق أن لا يعود، وإذا كان عاجزاً عن المال فالله يتحمل عنه يوم القيامة، إذا كان سرق ثم تاب وليس عنده شيء يرد المال، فإن الله يتحمل عنه سبحانه وتعالى إذا صحت توبته، قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82] ويشرع له الدعاء، لأهل السرقة الدعاء لهم بالخلف، والعفو والمغفرة، يسأل ربه العفو والمغفرة، ومتى قدر على ذلك أعطاهم بالطريقة التي يتمكن من إيصال المال إليهم، من دون أن يعلموا أنه سرق ذلك.
الجواب: كل ذلك محرم، نحت الصور وتصويرها بالكاميرا أو بغير ذلك كل ذلك لا يجوز، كما لا يجوز نصبها في البيوت، ولا في المكاتب، ولا في الشوارع كل ذلك محرم، ووجودها في شوارع بعض الأمصار الإسلامية ليس بحجة، بل هو خطأ ممن فعله وغلط ممن فعله.
والواجب على حكام المسلمين إزالة ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم) ولقوله عليه الصلاة والسلام: (من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ) ولقوله عليه الصلاة والسلام أيضاً: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون).
ولأن الصور من أسباب الشرك والغلو، ولا سيما صور المعظمين، فقد يعبدون من دون الله، كما قد وقع في الجاهلية وكما قد وقع لقوم نوح لما صوروا وداً وسواعـاً ويغوث ويعوق ونسراً ، وكانوا رجالاً صالحين في قوم نوح، فلما زين لهم الشيطان تصويرهم صوروهم، ثم عبدوا من دون الله بعد ذلك -ولا حول ولا قوة إلا بالله-.
فالواجب على حكام المسلمين طمس هذه الصور وإزالتها، وعلى كل مسلم أن لا يبقي الصور في بيته، في مكتبه، ولا في مكتبته، وألا يعلقها في غرفته ولا في غير ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته) رواه مسلم في الصحيح من حديث علي رضي الله عنه.
ولما روى الترمذي وغيره عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (نهى عن الصورة في البيت، وأن يصنع ذلك).
فالواجب على المسلمين جميعاً التعاون في هذا الأمر، وعلى حكام المسلمين أيضاً تنفيذ ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام، لكن إذا دعت الحاجة إلى هذا الشيء مثل المسلم الذي يحتاج إلى الرعوية الجنسية ولا يعطاها إلا بالصورة فلا حرج عليه لأنه كالمكره، وكذلك الدولة إذا رأت أن ذلك لا بد منه حتى لا تشتبه أمور الناس، وحتى يعرف الناس فيما عندهم من الحفائظ التي فيها صورتهم، إذا دعت الضرورة إلى هذا فلا حرج في ذلك للمصلحة العامة، ولقول الله عز وجل: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119].
المقصود أن الناس في هذه المسائل قد يضطرون إلى بعض الصور، فإذا دعت الضرورة إلى ذلك مثلما تقدم في الحفيظة يعني: التابعية الرعوية، أو مثل الشهادة العلمية إذا كانت مؤسسة لا تعطي الشهادة إلا بصورة فإنه مضطر إلى ذلك، وهكذا المجرمون إذا احتيج إلى تصويرهم حتى يعرفوا وحتى يمسكوا أينما كانوا، فهذه مسائل تدعو لها الضرورة ولا حرج في ذلك.
الجواب: ما دمت قلت: إن شفى الله فلان فعلي ناقة أو بعير فعليك الناقة التي قلت، عليك ناقة سليمة مثل الضحية، سليمة من العيوب حسب طاقتك، تشتريها وتذبحها وتوزعها بين الفقراء، إلا إذا كان لك نية أنك تذبحها في بيتك ويأكل منها أهلك وأقاربك وجيرانك فلا بأس، أنت على نيتك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) أما إن كنت ما نويت شيئاً وإنما قلت: عليك كذا وكذا إن شفى الله مريضك، فإنك تذبحها وتوزعها بين الفقراء في البلد التي أنت فيها، أو في البلد الأخرى.
الجواب: الحديث لا بأس بإسناده ولفظه: (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها -ليس من فيها- إلا ذكر الله وما والاه أو عالماً أو متعلماً) والمعنى: باللعن: الذم، يعني: مذمومة (الدنيا)، اللعن: الذم، ومنه قوله سبحانه وتعالى: وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ [الإسراء:60]، يعني: المذمومة؛ لأن الله قال فيها: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ [الدخان:43-46]، فذمها، فاللعن هنا بمعنى: الذم، يعني: الدنيا مذمومة؛ لأن أكثر من فيها اشتغلوا بها عن الآخرة، وصدتهم عن الآخرة بزخرفها وشهواتها، فهي مذمومة مذموم ما فيها، إلا ذكر الله سبحانه وتعالى بقراءة القرآن، بالتسبيح والتهليل، بما في القلوب من ذكر الله وتعظيمه، وما والى ذلك من طاعة الله وترك معاصيه، هذا ممدوح ليس بمذموم.
وهكذا المؤمنون والمؤمنات فإنهم مما يلي ذكر الله؛ لأنهم أهل ذكر الله، والقائمون بذكر الله، وهكذا العلماء والمتعلمون هم خواص المؤمنين، فالمؤمنون والمسلمون والعلماء الشرعيون والمتعلمون للشرع، كلهم خارجون من هذا الذم.
فالدنيا مذمومة، مذموم ما فيها مما يصد عن الله والدار الآخرة، أما ما كان يتعلق بذكر الله، والدار الآخرة من طاعة الله ورسوله وترك معاصي الله، وهكذا من فيها من المؤمنين والمؤمنات فإن هؤلاء هم عباد الله وهم الصلحاء من عباده، وهم الأخيار من عباده، وهم الذين يلون ذكر الله، يقومون به يعملون به، فهم غير داخلين في الذم.
وكذلك العلماء الذين يعلمون الشرع ويدعون إلى الله، ويبصرون الناس بالحق.
وهكذا المتعلمون طلاب العلم الشرعي، هؤلاء كلهم غير داخلين في الذم وهم من خواص أهل الإيمان أهل ذكر الله سبحانه وتعالى.
فاتضح بهذا أن ذكر الله عز وجل من صلاة وصيام وكلام طيب كالتسبيح والتهليل وقراءة القرآن ونحو ذلك، كل هذا غير داخل في الذم، وهكذا ما والى ذلك من أداء العباد طاعة ربهم، وتركهم معاصيه سبحانه وتعالى فهم غير داخلين في هذا الذم؛ لأنهم أهل طاعة الله وأهل الإيمان به، هم الموالون لذكر الله عز وجل، وهكذا ما يتعلق بالعلم والعمل، فالعلماء والمتعلمون لشرع الله عز وجل والدعاة إليه، كلهم من خواص المؤمنين غير داخلين في الذم والله ولي التوفيق.
الجواب: الرد على الإمام في الخطبة أو سؤاله عن شيء في الخطبة أو طلبه شيئاً في الخطبة ليس من اللغو في الخطبة، وليس بممنوع، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب في يوم الجمعة، فقال: (يا رسول الله! هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم واستغاث ربه) ولم ينكر عليه، فإذا خاطب رجل الخطيب وقال له: يا خطيب! يا فلان! ادع الله لنا، أو استغث لنا، أو فتح عليه غلطاً وقع له، فلا حرج عليه في ذلك، وليس بداخل في هذا وليس بممنوع.
الجواب: لا يجوز رميها في الأماكن القذرة والمستنقعات؛ لأنها مشتملة على هذا الخير، فلا يجوز رميها، ثم هي مال لا يجوز أن يضاع، بل إذا كان لا يريد ما فيها في إمكانه أن يسجل عليها شيئاً آخر ينتفع به أو يعطيها بعض إخوانه ينتفع بذلك، أما إذا كان ما فيها إلا الشر، من الأغاني المحرمة، أو الشيء المحرم فلا بأس بطرحها وإتلافها.
فالسؤال: ما حكم الشرع فيمن يسب الدين، وإذا كان يصلي هل صلاته صحيحة، وماذا علي تجاههم أفيدوني أفادكم الله؟
الجواب: إذا رأيت من يسب الدين أو سمعت من يسب الدين تنصحه وتنكر عليه؛ لأن سب الدين كفر أكبر، وردة عن الإسلام، إذا كان الساب مسلماً يرتد ويكون كافراً، فعليك أن تنصح له وأن تنكر عليه المنكر، لقول الله سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [التوبة:71] ولقوله عز وجل: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران:104] ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) خرجه مسلم في صحيحه.
فالواجب عليك وعلى غيرك من المؤمنين إنكار المنكر، فإذا رأيتم من يسب الدين أو لا يصلي، أو يشرب الخمر أو يعق والديه، أو يفعل شيئاً من المنكرات الأخرى فإن عليكم الإنكار عليه، وتوجيهه إلى الخير ونصيحته، لعل الله يهديه بأسبابكم، فإذا هداه الله صار لكم مثل أجره، وإن أبى فينبغي السعي في إبعاده من العمل والقضاء عليه، وإذا كان في دولة مسلمة فينبغي الرفع عنه إلى الدولة حتى تعاقبه، فإن تاب وإلا وجب قتله مرتداً عن الإسلام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه) فإن تاب من سبه ورجع جاز عند بعض أهل العلم تركه وعدم قتله، ولكن يؤدب.
وبعض أهل العلم يرى أنه يقتل مطلقاً ولو تاب، لكن الأرجح إن شاء الله أنه متى تاب إلى الله ورجع وندم واستقام فإنه لا يقتل ، ولكن لا مانع من تأديبه على ما أقدم عليه، وعلى ما فعله بجلدات أو سجن أو نحو ذلك.
والحاصل والخلاصة: أن الواجب على من لديه من المؤمنين الإنكار عليه، الإنكار عليه وتحذيره والاجتهاد في رده إلى الصواب، فإن لم يجد ذلك ولم يتيسر ذلك، فعل المؤمن ما يستطيع من السعي في فصله وإبعاده من العمل، من رفع أمره إلى ولاة الأمور إذا كان في بلد ينكر فيها المنكر، فإن خشيت على نفسك ولم يتيسر الرفع عن هؤلاء ولا توبتهم فابتعد عن مخالطتهم إلى عمل آخر لعلك تنجو، والله ولي التوفيق.
المقدم: أثابكم الله، لكن السائل يقول: إن صاحبه هذا الذي يسب الدين يصلي فيسأل ما حكم صلاته؟
الشيخ: سب الدين يبطل الأعمال، إذا سب الدين كفر، والكفر يبطل العمل، إذا مات عليه صاحبه، إذا مات الكافر على كفره بطل عمله، أما إن تاب قبل أن يموت بقي له عمله الصالح.
الجواب: نعم إذا كان الواقع هو ما ذكر فإنه يقع عليها طلقة، ولك مراجعتها في الحال ما دامت في العدة إذا كانت الطلقة لم يسبقها طلقتان، فإن كان سبقها طلقتان فهي الثالثة، لا رجعة بعدها، ولا ينبغي للمؤمن المسارعة في هذه الأشياء والعجلة، بل ينبغي التثبت في الأمور وعدم العجلة، والله المستعان.
الجواب: ما ينبغي التلاعب في الطلاق، ولا ينبغي اتخاذه الإنسان ديدنه في كلامه وأيمانه، بل ينبغي أن يبعده عن ذلك ويتحرز من ذلك، فإذا طلق في كلامه نظر في أمره، فإذا قال: عليه الطلاق أن تأكل، أو عليه الطلاق أن تروح معي إلى كذا وكذا، تذهب معي إلى محل كذا، أو علي الطلاق أنك ما تكلمي فلاناً، قصده منعه من الكلام أو قصده التأكيد عليه أنه يأكل من طعامه، ما قصده الطلاق، هذا له حكم اليمين، يكفر عن يمينه كفارة يمين ويكفي ولا يقع الطلاق على امرأته، سواء كانت حاضرة أو غائبة، وهكذا لو قال: عليه الطلاق أنه ما يسافر وقصده منع نفسه من السفر، أو عليه الطلاق أنه ما يزور فلان، هذه وأشباهها كلها إذا كان قصده منع نفسه، أو حث نفسه على كذا لا يقع الطلاق بل فيه كفارة اليمين.
أما إذا قال: عليه الطلاق ما يزور فلاناً، وقصده فراق أهله إن زار فلاناً، وعازم على الطلاق، يقع الطلاق طلقة واحدة، فإذا كان قبلها طلقتان انتهى الطلاق وحرمت عليه، وإن كان ليس قبلها طلقتان فله المراجعة.
فالحاصل أنه يختلف بحسب نيته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الأعمال بالنيات) فمن نوى في طلاقه منع شيء أو حثاً على شيء فهو على نيته وعليه كفارة يمين إذا لم ينفذ طلاقه، إذا لم يتم أمر طلاقه إذا حنث، أما إذا كان نوى بـ(عليه الطلاق) أنه لا يأكل كذا، أو عليه الطلاق أنه ما يكلم فلاناً، أو عليه الطلاق أنه ما يسافر، وهو ناوي إيقاع الطلاق متى كلمه أو سافر أو نحو ذلك وقع، فإنه يؤخذ بنيته ويقع الطلاق.
المقدم: أثابكم الله وبارك الله فيكم. لصاحبنا هذا بدري بقية أسئلة في رسالته، نعده بعرضها في حلقة قادمة إن شاء الله، نظراً لانتهاء وقت هذه الحلقة.
بهذا -مستمعي الكرام- نصل إلى ختام هذه الحلقة التي أجاب فيها سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز على رسائلكم واستفساراتكم فأثابه الله ورضي عنه وبارك فيه، وإلى الملتقى بكم في حلقة قادمة إن شاء الله، نستودعكم الله تعالى، ولكم تحية من مهندس التسجيل في هذه الحلقة الزميل فهد العثمان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر