أيها المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم إلى هذا اللقاء الجديد من لقاءات هذا البرنامج.
إخوتي المستمعين الكرام! يسرنا أن نلتقي في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ليتولى سماحته مشكوراً الإجابة على رسائلكم واستفساراتكم.
====
السؤال: أول سؤال في هذه الحلقة هو تكملة لأسئلة تقدم بها الأخ (م. ب) من جامعة البترول والمعادن بالظهران، وقد سبق أن عرضنا له سؤالاً على سماحة الشيخ عن موضوع، أو مسألة التداوي، وفي هذه الحلقة يقول في سؤاله : قالوا: تكره زيارة القبور للنساء لحديث أم عطية ، وإن علم وقوع محرم منهن حرمت، وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله زوارات القبور) إلا لغير النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه رضي الله عنهما فتسن زيارتها للرجال والنساء، لعموم الأدلة في طلب زيارته صلى الله عليه وسلم، ما هذه الأدلة، وما رأي سماحتكم في المسألة عامة وفقكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (أنه لعن زائرات القبور) ثبت من حديث ابن عباس ، ومن حديث أبي هريرة ، ومن حديث حسان بن ثابت الأنصاري ، وأخذ العلماء من ذلك أن الزيارة للنساء محرمة؛ لأن اللعن لا يكون إلا على محرم، بل يدل على أنه من الكبائر، لأن العلماء ذكروا أن المعصية التي فيها يكون لعن أو فيها وعيد بالنار أنها تكون من الكبائر، فالصواب: أن زيارة النساء للقبور محرمة لا مكروهة فقط، والسبب في ذلك -والله أعلم- أنهن في الغالب قليلات الصبر وهن فتنة، فزيارتهن للقبور واتباعهن للجنائز قد يفتن الناس، وقد يسبب مشاكل على الرجال، فكان من رحمة الله سبحانه وتعالى أن منعهن من الزيارة، وحرم عليهن زيارة القبور سداً لذريعة الفتنة بهن، أو منهن، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) وقول بعض الفقهاء: إنه يستثنى من ذلك قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما قول بلا دليل، والصواب: أن المنع يعم الجميع، يعم جميع القبور حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وحتى قبر صاحبيه رضي الله عنهما، هذا هو المعتمد من حيث الدليل.
وأما الرجال فيستحب لهم زيارة القبور، وزيارة قبر النبي وقبر صاحبيه عليه الصلاة والسلام، لكن بدون شد الرحل، السنة أن تزار القبور في البلد من دون شد الرحل، لا يسافر لأجل الزيارة، ولكن إذا كان في المدينة زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه وزار البقيع والشهداء.
أما أن يشدوا الرحال من بعيد لأجل الزيارة فقط فهذا لا يجوز على الصحيح من قولي العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى).
أما إذا شد الرحل للمسجد النبوي؛ فإن الزيارة تدخل تبعاً لذلك، فإذا وصل المسجد صلى فيه ما تيسر ثم زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم وزار قبر صاحبيه، ودعا له عليه الصلاة والسلام، وصلى وسلم عليه عليه الصلاة والسلام، ثم سلم على الصديق رضي الله عنه ودعا له، ثم على الفاروق ودعا له هكذا السنة، وهكذا في القبور الأخرى، لو زار -مثلاً- دمشق أو القاهرة أو الرياض أو أي بلد، استحب له زيارة القبور لما فيها من العظة، النبي عليه السلام قال: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة) فيزورها للذكرى والعبرة والدعاء للموتى والترحم عليهم، هذه هي السنة من دون شد الرحل، ولكن لا يزورهم لدعائهم من دون الله؛ فدعاؤهم من دون الله شرك بالله عز وجل، كونه يدعوهم ويستغيث بهم، يذبح لهم، ويتقرب إليهم، يطلب منهم المدد، هذا لا يجوز، هذا من الشرك بالله عز وجل، كما أنه لا يجوز مع الأصنام ومع الأشجار والأحجار فهكذا لا يجوز مع الموتى، فلا يدعو الصنم ولا يستجير به ولا يستغيث به ولا الشجر ولا الحجر ولا الكوكب، هكذا أصحاب القبور، لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم، ولا يطلب منهم المدد، بل هذا شرك بالله عز وجل، كما قال الله سبحانه: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] قال سبحانه: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13-14] سبحانه وتعالى، فبين سبحانه أن دعاء العباد للموتى ونحوهم شرك به سبحانه وتعالى، قال: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:14] فجعل دعاءهم إياهم، دعاء الموتى والاستغاثة بأصحاب القبور شركاً بالله عز وجل، وهكذا قوله سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117].
فسمى دعاء غير الله كفراً، فوجب على المسلم أن يحذر هذا، ووجب على العلماء أن يبينوا للناس هذه الأمور حتى يحذروا الشرك بالله، كثيرٌ من العامة إذا مر بقبور من يعظمهم استغاث بهم، وقال: المدد المدد يا فلان! يا سيدي فلان، المدد المدد أغثني انصرني اشف مريضي، وهذا هو الشرك الأكبر -نعوذ بالله- هذا يُطلب من الله عز وجل، لا من الموتى، ولا من الأصنام، ولا من الكواكب، وإنما يطلب من الله عز وجل، أما الحي فيطلب منه ما يقدر عليه، إذا كان حاضر يسمع كلامك، أو من طريق الكتابة، أو التلفون الهاتف، أو الإبراق له، أو التلكس وما أشبه ذلك من الأمور الحسية، يطلب منه ما يقدر عليه، تبرق له أو تكتب له أو تكلمه بالهاتف، تقول: أقرضني كذا وكذا، أو ساعدني على عمارة بيتي، أو على إصلاح مزرعتي، بينك وبينه شيء من التعاون، هذا لا بأس.
أما أن تطلب الميت، أو الحي ما لا يقدر عليه، أو الغائب بدون الآلات الحسية، هذا شرك به سبحانه وتعالى، لأن دعاء الغائب من غير الآلات الحسية معناه: اعتقاد أنه يعلم، وأنه يسمع دعاءك وإن بعدت، وهذا اعتقاد باطل، اعتقاد كفر، من اعتقد أن غير الله يعلم الغيب فهذا كفر أكبر، يقول الله جل وعلا: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65] أو تعتقد أنه له سر يتصرف في الكون، يعطي من يشاء ويحرم من يشاء؛ لأن الله جعل له سراً في الكون، يتصرف كما يظنه بعض الجهلة، هذا أيضاً شرك أكبر.
فالزيارة للموتى زيارة إحسان، وزيارة ترحم عليهم، وذكرٍ للآخرة، وللاستعداد للآخرة، تذكر أنك ميت كما ماتوا فتستعد للآخرة، تدعو لإخوانك المسلمين الميتين تترحم عليهم، تستغفر لهم، هذه الفائدة من الزيارة، فيها عظة وذكرى ودعاء للموتى.
كذلك لا يزور القبور لأجل يجلس عندها يدعو، أو يتصدق عندها لأجل الصدقة عندها، أو للقراءة عندها، هذا غير مشروع، هذا من البدع، لكن يزورها للسلام عليهم، والدعاء لهم، والترحم عليهم، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين) هكذا يعلمهم عليه الصلاة والسلام، وإذا زار القبور هو عليه الصلاة والسلام، قال: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)هكذا جاء في حديث عائشة ما هذا معناه.
فالمقصود: أن الزيارة للقبور في الحقيقة إحسان للموتى، وطلب للمغفرة لهم والرحمة لهم، وإحسان لنفسك لأنك تذكر بهذا الآخرة، تذكر الموت حتى تستعد للقاء الله عز وجل، ولكن تكون هذه الزيارة كما تقدم بدون شد الرحل، بل تزورهم من البلد التي أنت فيها، ويكون شد الرحل لغير ذلك، في المدينة شد الرحل للمسجد والصلاة فيه والقراءة فيه ونحو ذلك، وإذا زار المسجد زار القبر -قبر النبي صلى الله عليه وسلم- وسلم عليه وعلى صاحبيه، ويستحب له أن يزور البقيع كذلك، قبور الشهداء، يزور قباء ويصلي فيه أيضاً -مسجد قباء- كل هذا مشروع.
وهكذا إذا زار بعض البلاد الأخرى لتجارة أو لصديق أو لقريب، استحب له أن يزور القبور حتى يدعو لأهلها، حتى يترحم عليهم، حتى يتذكر بهم الآخرة، حتى يستعد لها، حتى يتذكر الموت، هكذا بين أهل العلم ودلت عليه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
إذاً: الخلاصة بالنسبة للنساء أنها ممنوعة على الصحيح مطلقاً، لا لقبر النبي عليه الصلاة والسلام ولا لغيره؛ لعدم الدليل على الاستثناء.
الجواب: إذا كان الواقع هو ما ذكرته السائلة، فلا مانع من خروجه في بيت مستقل، ولا يلزمه طاعة والديه في هذا، لأن والديه لم ينظرا إلى حاله، ولم يرحما حاله، ولم يقدرا ظروفه التي أشارت إليها السائلة، فلا حرج عليه أن يخرج في بيتٍ مستقل، ويستسمح والديه، وإن أبيا أن يسمحا فلا حرج عليه، ولكن يجاهد في استرضائهما، والحرص على مخاطبتهما بالتي هي أحسن، وأما الميراث فالله أعلم من يموت الأول، وليس لهما أن يحرمانه، ليس لهما أن يحرماه الميراث، حتى لو أوصيا بحرمانه، لا حق لهما في ذلك، والوصية بحرمانه باطلة، ليس الأمر إليهما، متى ماتا قبله ورثهما وإن أبيا، فلا ينبغي أن يخاف من هذا، ولكن المهم عدم العقوق، وإذا كانا لم يقدرا حاله فخروجه حينئذٍ ليس بعقوق، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الطاعة في المعروف) فعليه أن يخرج إن شاء، ويكون في بيتٍ مستقل، ويعيدك إلى المسكن المناسب، ويسترضي والديه حسب الطاقة والإمكان في المستقبل، وعلى والديه أن يرضيا، وأن يساعداه على ما يجمع شمله بأهله وألا يشددا عليه في هذا.
وأما خروجك بين إخوته، وبين غير محارمك كاشفةً وإلزامهم لك بذلك فهذا منكر لا يجوز، وهذا يدل على ضعف إيمانهما، إن كنت صادقة فيما قلت، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
وعلى فرض أنه لم يستجب ولم يخرج، وهي باقية عند أهلها، يجوز لها طلب الطلاق إذا كان الحال كما ذكرت لأنها معذورة، ولا تدخل في الوعيد؛ لأنها معذورة، بسبب ما ذكرت.
الجواب: العلماء رحمة الله عليهم قديماً وحديثا اختلفوا في وجوب الزكاة في حلي النساء الذي يلبس أو يعار، والصواب من القولين في ذلك وجوب الزكاة؛ لأن الأدلة العامة تعم الحلي الذي يلبسه النساء، وفيه أدلة خاصة أيضا تدل على ذلك، فالصواب من قولي العلماء أن الزكاة واجبة في الحلي إذا بلغ النصاب، وحال عليه الحول.
وأما قول من قال: إنه لا تجب فيه الزكاة فهو قول مرجوح، هذا هو الصواب، ومن الأدلة في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب ذهبٍ ولا فضة لا يؤدي زكاتها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره، في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنة). الحديث، وهذا يعم الحلي وغير الحلي، وهكذا ما ثبت من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (أن امرأةً دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان -يعني: سواران من ذهب- غليظان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟! فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسول) فهذا نص صريح في وجوب الزكاة في حلي النساء.
وهكذا حديث أم سلمة رضي الله عنها: (أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب، فقالت: يا رسول الله! أكنز هذا؟ فقال: ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز) ولم يقل لها (ليس بكنز)، قال: (ما بلغ أن يزكى، فزكي فليس بكنز) فدل على أن الحلي كنز يعذب به إذا لم يزك.
فالواجب على النساء أن يزكين ما بلغ النصاب وذلك ربع العشر، فإذا كان على المرأة حلي تبلغ ما يعادل خمسين ألفاً من الذهب، أو قيمة الخمسين ألف تزكي.
فالحاصل: أن الحلي إذا بلغ النصاب وجب فيه الزكاة، والنصاب أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع جنيه، يعني: نصف جنيه، بالتحديد أحد عشر جنيهاً ونصف جنيه، هذا هو النصاب، عشرين مثقالاً، وبالغرام اثنين وتسعين غراماً، فإذا بلغ النصاب زكي، وإذا كان أقل من هذا فليس فيه زكاة، هذا هو الواجب في كل سنة.
الجواب: الأواني من الذهب والفضة محرمة بالنص والإجماع، قد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) وثبت أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الذي يشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) وفي لفظ آخر: (الذي يأكل ويشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) فالذهب والفضة لا يجوز استعمالها أواني، ولا الأكل فيها، ولا الشرب فيها، ولا الوضوء فيها، ولا الغسل فيها، هذا كله محرم بنص الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والواجب منع بيعها حتى لا يستعملها المسلم، وقد حرم الله عليه استعمالها، فلا تستعمل في الشراب ولا في الأكل، ولا يجوز أن يتخذ منها ملاعق، ولا أكواباً للشاهي، ولا أكواباً للقهوة كل هذا ممنوع؛ لأنها نوع من الأواني.
فالواجب على المسلم: أن يحذر ما حرم الله عليه، وأن يبتعد عن الإسراف والتبذير، والتلاعب بالأموال، إذا كان عنده سعة من المال فعنده الفقراء يتصدق عليهم، عنده المجاهدون في سبيل الله كالمجاهدين الأفغان وغيرهم، يعطي في سبيل الله، يتصدق، لا يلعب بالمال، المال له حاجة، وله من هو محتاج له.
فالواجب على المؤمن أن يصرف المال في جهته الخيرية، في مواساة الفقراء والمحاويج، في تعمير المساجد والمدارس، في إصلاح الطرقات، في إصلاح القناطر، في مساعدة المجاهدين والمهاجرين الفقراء، في كل وجه من وجوه الخير، في قضاء دين المدينين العاجزين، في تزويج من لا يستطيع الزواج يعينهم، هذه طرق كلها خيرية، كلها من سبل السلام، من سبل الخير، أما التلاعب بها في أواني أو ملاعق أو أكواب أو مواصير فهذا كله منكر يجب تركه والحذر منه، ويجب على من له شأن في البلاد التي فيها هذا العمل إنكار ذلك، من العلماء والأمراء، وأن يحولوا بين المسرفين وبين هذا التلاعب، والله المستعان.
المقدم: بارك الله فيكم، الحقيقة -سماحة الشيخ- تأييداً لكلام السائل فقد كثر تساهل كثير من الناس، حتى في بلاد المسلمين، وأصبح الأمر عادياً عندهم، فيعمد إلى أن يشتري مثلاً أحواضاً للسباحة، أو شيئاً فيها، يعني: صنابير وخلاطات ماء من الذهب قد تصل قيمتها إلى عشرين وثلاثين ألف ريال.
الشيخ: نسأل الله العافية، هذا منكر بلا شك، ويجب على الدولة إنكار ذلك.
المقدم: وناقشنا بعض الباعة، يقولون: نحن نخبرهم أنه لا يجوز، وأنه حرام، وبهذا يرتفع الإثم هل هذا صحيح؟
الشيخ: لا يعينهم على الإثم، لا يبيعها ولا يتولى بيعها، إذا جاءت للبيع يردها، يعطيه الله أبرك منها، لكن يقدم حاجته لأجل السعي، ولأجل الفلوس الذي يأخذها ولا يبالي، الله يقول: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] فلا يعين على ما حرم الله، ولو قال لهم: إن هذا لا يجوز لا يعين، لا يبيع عليهم، يقول لمن دفعها إليه: أنا لا أبيع هذه، ولا أتوسط في بيعها، وأبرأ إلى الله من هذا العمل، حتى يكون أعان على الخير، الله يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
المقدم: بارك الله فيكم، إذاً الحكم في المنع عام، لأن هناك من يقول: يقتصر على الأكل والشرب فقط؟
الشيخ: لا، لا.
المقدم: في مقابض الأبواب والسيارات.
الشيخ: نعم. من باب أولى.
الجواب: لا حرج في ذلك أن تأخذ الحبوب لمنع الحيض حتى تصلي مع الناس، وتصوم مع الناس، بشرط أن يكون ذلك سليماً لا يضرها، عن مشاورة للطبيب، وعن موافقة من زوجها، حتى لا تضر نفسها، وحتى لا تعصي زوجها، فإذا كان عن تشاور، وعن احتياط من جهة السلامة من الضرر، فلا بأس. وهكذا في أيام الحج.
الجواب: إذا كانت النية في الدور الأول ولم تنجحي إلا في الدور الثاني فليس عليك شيء (المسلمون على شروطهم)، وأما إذا كنت أردت في الدور الأول أو الثاني، فعليك أن تصومي شهرين؛ لأنها متيقنة، مادام عندك شك شهرين أو ثلاثة، تصومين شهرين وليس عليك متابعة مادمت ما عندك جزم بنية المتابعة، تصومين ستين يوماً ولو متفرقة، لكن المتابعة أفضل وأولى، لكن ما دمت نويت النجاح في الدور الأول أو الفصل الأول فليس عليك شيء؛ لأن المقصود لم يحصل.
الجواب: ما نعلم حرجاً، في استعماله لأجل مصلحة الرأس ومصلحة التداوي، لا مانع يتداوى بالبيض، يتداوى بالحنطة ويتداوى بغير ذلك، الشيء الذي فيه منفعة يتداوى به، وإذا جعل في الرأس للتداوي فقد تعفن، ما عاد يصلح للأكل، صار متعفناً ما يضر غسله في الحمامات.
الجواب: ما نعلم أن هناك صلاة للشكر، هناك سجود للشكر، أما صلاة للشكر ما نعرف، هناك صلاة التوبة، الإنسان إذا أذنب ذنباً صلى ركعتين، وتاب إلى الله توبةً صادقة، مثلما يصلي في الركعات الأخرى، مثلما يصلي صلاة الضحى، تحية المسجد، صلاة الطواف، ركعتين يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر من الآيات أو بعض السور، ويصلي كما يصلي بقية الصلوات، من ركوع وسجود وغير ذلك، هذا في صلاة التوبة.
أما الشكر فله سجود، إذا بشر بشيء يسره بولد، بفتح قلعة للمسلمين، بانتصار المسلمين على عدوهم، بغير هذا مما يسره، سجد لله شكراً، مثل سجود الصلاة، يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، يدعو في السجود يعظم الله لا بأس، هذا مشروع فعله النبي عليه الصلاة والسلام.
أما صلاة الاستخارة؛ فهي مثل بقية الصلوات أيضاً، ركعتين يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر معها، وبعد السلام يدعو ربه، ويستخير ربه، ويقول: (اللهم إني أستخيرك بعلمك ..). إلى آخره، الدعاء المعروف، يرفع يديه ويدعو ربه، ويستخيره.
المقدم: بارك الله فيكم، بهذا أيها المستمعون الكرام! نصل إلى نهاية هذه الحلقة، فنشكر سماحة شيخنا، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على إجاباته، ونسأل الله له حسن المثوبة، ونشكر لكم حسن متابعتكم، وإلى اللقاء بكم إن شاء الله، نستودعكم الله وتقبلوا تحيات الزميل فهد العثمان من الهندسة الإذاعية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر