مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلا وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أحد الإخوة المستمعين بعث برسالة يقول فيها: أنا علي محمد سوداني، أسأل هذا السؤال: عندنا عندما يموت الشخص يفرشون له ثلاثة أيام ويقرءون له القرآن وبعض الأدعية، فهل هذا من السنة؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فليس هذا من السنة، كونهم يفرشون له فرشاً يبقى عليها حتى يتأخر دفنه، هذا مكروه، بل السنة التعجيل، وهكذا القراءة له، كل ذلك ليس من السنة بل هو مكروه ولا دليل عليه، أما إن كان السائل أراد بالفراش شيئاً آخر وأنه يفرشون له في القبر فكذلك مكروه، لا يشرع أن يفرش له، بل يوضع على التراب، أما إن كان أراد شيئاً آخر فعليه أن يسأل سؤالاً آخر.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إن كنت حارساً عليها مأموراً بالحراسة ولا يسمح لك فأنت معذور، كالحارس عند أبواب المكاتب وأبواب العمارات والحارس في مواضع أخرى يخشى عليها فالحارس معذور، أما إن كان من اجتهادك فلا يجوز لك، بل تغلق الباب وتحفظ الأشياء التي يجب حفظها وتذهب إلى الجمعة أو إلى صلاة الجماعة، وهذا هو الواجب عليك إذا كان ليس هناك خطر، أما إذا كان هناك خطر وأن الحراسة لابد منها فلا حرج عليك كما تقدم.
الجواب: ليس هناك دليل واضح على صلاة ركعتين عند الإحرام، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بعد الصلاة، صلى الظهر في حجة الوداع ثم أحرم، فأخذ بعض العلماء من ذلك أنه يستحب أن يكون الإحرام بعد الصلاة، وقد جاء في حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم أتاه جبرائيل، أتاه آتٍ من ربه فقال: صل في هذا الوادي المبارك، -يعني: وادي ذو الحليفة- وقل: عمرة في حجة.
قالوا: فهذا يدل على شرعية الصلاة قبل الإحرام، قد ذهب أكثر أهل العلم إلى ذلك، ذهب الجمهور من أهل العلم إلى شرعية صلاة ركعتين قبل الإحرام، فإذا توضأ الإنسان وصلى ركعتين للوضوء وأحرم بعدها جمع بين القولين، جمع بين قول الجمهور وبين سنة الوضوء، أو أحرم بعد فريضة الظهر أو العصر أو غيرهما وافق السنة سواء للعمرة أو للحج.
الجواب: جاء في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة)، وفي لفظ: (من حفظها دخل الجنة)، ولم يبينها صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، لكن لو وفق إنسان فأحصاها وحفظها وصادف أنها التسعة والتسعون فهو موعود بهذا الخير، هذه من أحاديث الفضائل إن لم يمت على كبيرة من كبائر الذنوب، فإن مات على كبيرة فالكبائر من أسباب حرمان دخول الجنة ومن أسباب دخول النار إلا أن يعفو الله. والقاعدة الشرعية أن الآيات المطلقة والأحاديث المطلقة يجب أن تحمل على المقيدة وتفسر بها، لأن القرآن لا يتناقض والسنة لا تتناقض والأحاديث يصدق بعضها بعضاً، والآيات تصدق بعضها بعضاً، فوجب حمل المطلق من الآيات والأحاديث على المقيد، وتفسير هذا بهذا، وقد قال الله سبحانه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31]، فاشترط في تكفير السيئات ودخول الجنة اجتناب الكبائر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر)، فإذا حفظ الأسماء الحسنى التسعة والتسعين وهو مقيم على الزنا أو على الخمر فهو معرض للوعيد، وهو على خطر من دخول النار إلا أن يعفو الله عنه أو يتوب، لكن إن دخلها وهو موحد مسلم بسبب بعض الكبائر لا يخلد فيها خلافاً للخوارج والمعتزلة، بل يعذب على قدر الجريمة ثم يخرجه الله من النار فضلاً منه وإحساناً ولا يخلد في النار إلا الكفار، الذين حكم عليهم القرآن أو السنة بأنهم كفار، أما العصاة فلا يخلدون إذا دخلوا النار كالزاني والسارق والعاق لوالديه ونحو ذلك من أهل المعاصي لا يخلدون إذا دخلوا النار إذا ماتوا عليها ولم يتوبوا، هم متوعدون بالنار، فإن عفا الله عنهم فهو أهل الجود والكرم سبحانه وتعالى، وإن لم يعف عنهم عذبهم على قدر الجريمة التي ماتوا عليها ثم بعد ذلك يخرجون من النار وقد طهروا بالعذاب، وقد أخبر النبي بهذا عليه الصلاة والسلام بهذا في أحاديث كثيرة متواترة أن العصاة يخرجون من النار ويشفع فيهم صلى الله عليه وسلم عدة شفاعات، ويشفع الملائكة ويشفع المؤمنون ويشفع الأفراط، هذا هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة ويدل على هذا قوله سبحانه في كتابه العظيم: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:116]، فجعل المعاصي تحت مشيئته سبحانه وتعالى، وجعل الشرك لا يغفر إذا مات عليه، من مات على الشرك فإنه لا يغفر بل صاحبه مخلد في النار -نعوذ بالله-، إذا مات عليه وهو ليس من أهل الفترة ولا من في حكمهم فإنه مخلد في النار نعوذ بالله، أما من مات على شيء من المعاصي ولم يتب فإنه تحت مشيئة الله سبحانه إن شاء الله عفا عنه فضلاً منه وإحساناً وإن شاء عذبه على قدر الجريمة التي مات عليها ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار فضلاً منه ورحمة سبحانه وتعالى، خلافاً للخوارج والمعتزلة فإنهم يقولون بخلود العاصي في النار، وقولهم باطل عند أهل الحق.
الجواب: إذا أدرك المؤمن وقت الفجر ولم يوتر فإنه يصلي من النهار، وإذا صلى الضحى كان أحسن، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل لمرض أو نوم صلى من النهار -تقول عائشة رضي الله عنها- (صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة) لأن ورده في الغالب إحدى عشرة ركعة، فإذا كان لم يفعل ذلك في الليل لمرض أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، يعني: جبره بواحدة يعني: زاد واحدة صلى شفعاً، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، وإذا كان عادة الإنسان خمس صلى ستاً في النهار والضحى أو بعد الظهر، لكن إذا صلى الضحى قبل الظهر يكون أولى وأفضل لحديث عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فاته ورده من القرآن -حزبه من القرآن- فقضاه في النهار قبل الظهر فكأنما أتى به بالليل)، فإذا كان هذا حزبه من القرآن فإن حزبه من الصلاة وحاجته من الصلاة إذا صلاها قبل الظهر يكون أفضل، قياساً على حزبه من القرآن، وإن صلى ذلك بعد الظهر أدرك ذلك إن شاء الله.
الجواب: الدعوات مشروعة للمؤمن، دعوات الخير مشروعة للمؤمن في الصلاة وخارجها، لكن في الصلاة نوصيك بالدعوات التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تلزمها، بين السجدتين تقول: (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني) بين السجدتين، كرر الدعاء بالمغفرة، وفي السجود تكثر من الدعاء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره)، ويقول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)، وإذا دعوت بغير ذلك كسؤال الجنة قلت: أعوذ بالله من النار، وسؤال الله لك صلاح القلب والعمل والزوجة الصالحة والذرية الصالحة كل هذا طيب، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)، فيستحب الإكثار من الدعاء في السجود، من المشروع الوارد ومن غيره من الدعوات الطيبة، ومن هذا طلب الرزق الحلال والزوجة الصالحة والذرية الطيبة، ومن هذا دعاؤك لوالديك بالمغفرة والرحمة إذا كانا مسلمين، دعاؤك لولي الأمر بالتوفيق والهداية والصلاح ولولاة الأمور جميعاً بالتوفيق والهداية، ومن هذا طلبك العافية في بدنك ودينك والدعوات الطيبة، وهكذا في آخر الصلاة قبل السلام بعد التحيات وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، تسأل الله ما تحب من الدعوات الطيبة.
النبي صلى الله عليه وسلم لما علم أصحابه التحيات -في التشهد- قال لهم: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو)، ومن أفضل الدعاء في آخر الصلاة أن تقول: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، كما أوصى النبي عليه الصلاة والسلام هذا معاذ وكذلك تقول: (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)، أوصى بهذا النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق وهكذا: (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت)، ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علمه علياً رضي الله عنه، وأن علياً رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت)رواه مسلم في صحيحه عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا: (اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ومن عذاب القبر)، هذا رواه البخاري في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو به في آخر صلاته.
وكل دعاء ليس فيه إثم ولا قطيعة كله طيب، كل دعوات طيبة تحتاج إليها فادع بها وإن لم تنقل، كأن تقول: اللهم أصلح ذريتي، اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم أصلح زوجتي، اللهم يسر لي رزقاً حلالاً طيباً، اللهم وفق ولاة الأمور لكل خير، اللهم أصلح بطانتهم، وهكذا من الدعوات الطيبة، وفق الله الجميع.
الجواب: لا حرج في ذلك والحمد لله، أن تأخذ كتاباً فيه دعوات طيبة من مؤلف معروف موثوق به من العلماء لا بأس، أو أن تدعو من قلبك يعني: عن ظهر قلب مما يسر الله لك، قد يكون هذا أجمع لقلبك وقد يكون هذا أخشع، وإن دعوت من ورقة أو كتاب فلا بأس.
الجواب: الاغتسال من الاستحاضة مستحب وليس بواجب، الغسل الواجب من الحيض إذا انتهت مدته ورأت الطهارة تغتسل وجوباً كالجنب، أما الاستحاضة الدماء التي تأتيها بعد الحيض المستمر، النزيف المستمر، فهذا يستحب منه الغسل، لصلاتي الظهر والعصر والمغرب والعشاء غسلاً واحداً والفجر غسلاً واحداً، وإن تركت فلا حرج عليها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهذا حمنة بنت جحش .
أما الواجب فلا يجب عليها إلا غسل الحيض وغسل الجنابة، أما الاستحاضة فيها الوضوء، على المرأة أن تتوضأ لكل صلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـفاطمة بنت أبي حبيش وكانت مستحاضة: (توضئي لوقت كل صلاة)، لكن إذا اغتسلت فهو أفضل، فالأفضل أن يكون للظهر والعصر غسلاً واحداً، أن تغتسل لوقت الظهر والعصر غسلاً واحداً، وأن تغتسل للمغرب والعشاء غسلاً واحداً، وللفجر غسلاً واحداً، هذا أفضل لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى به حمنة رضي الله عنها.
الجواب: شم الطعام لا بأس والعطر لا بأس إلا البخور لا يتنشقه، لأن له قوة يذهب إلى الدماغ أما شم الأطياب الأخرى ولا سيما إذا دعت الحاجة إليها لا بأس وليس من المفطرات، لكن إذا كان له قوة شديدة فتركه أحسن، وأما البخور نفسه العود فلا يتبخر لا يتنشقه الصائم لأن بعض أهل العلم يرى أنه يفطر، فلا ينبغي أن يتنشقه الصائم وهكذا الأطياب المسحوقة تطير في الأنف فلا يستعملها.
الجواب: إذا تيقن أنه ترك ركناً يأتي بركعة ويسجد للسهو بعدما يسلم يسجد للسهو، أما إذا كان شك فلا يلزمه شيء، الشك بعد الصلاة لا يعتبر ولا يؤثر، إذا سلم عن اعتقاد أنها تمت صلاته ثم جاءت شكوك بعد ذلك فلا حرج عليه، بل هذه وساوس لا يلتفت إليها، أما إذا تيقن أنه ترك ركوعاً أو سجوداً فإنه يأتي بركعة يكمل بها صلاته ثم يسجد للسهو بعد السلام وإن سجد قبل السلام فلا بأس.
الجواب: إذا كان ذلك عن غير قصد فلا يضرك كالناسي، إذا دخل قهراً عليك فلا يضرك، لكن ينبغي التوقي عند المضمضة وعند الاستنشاق يتوقى الإنسان ولا يبالغ فلو غلبه شيء إن لم يتعمده لا يضره.
الجواب: نعم إذا اغتسلت الحائض في العصر تصلي الظهر والعصر، أفتى بهذا جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وهكذا إذا اغتسلت في الليل في أوله أو في آخره تصلي المغرب والعشاء، لأن الظهر والعصر حكمهما حكماً واحداً في حق المعذور؛ لأنهما يجمعان، والمغرب والعشاء كذلك في حق المعذور حكمها واحد، في حق المعذور كالمريض، فالحائض إذا اغتسلت كأنها المريض تصلي الظهر والعصر جميعاً وتقضيهما وقت صلاة العصر، وتقضي المغرب والعشاء جميعاً إذا اغتسلت في أثناء الليل ولو بعد نصف الليل.
الجواب: برهما بالإحسان إليهما في حياتهما بطاعتهما في المعروف والإحسان إليهما بالنفقة والكلام الطيب والسمع والطاعة في المعروف، وبعد الموت بالصدقة عنهما وبالدعاء لهما إذا كانا مسلمين. هذا من البر الذي يسبب الدخول إلى الجنة في حياتهما بالإحسان إليهما والرفق بهما والكلام الطيب معهما ومساعدتهما في حاجتهما والإنفاق عليهما إذا كانا محتاجين، وغير هذا من وجوه الخير حتى يرضيا عن ولدهما، والسمع والطاعة لهما في المعروف لا في المعاصي، وبعد الموت بالدعاء لهما والترحم عليهما وبالاستغفار لهما وصلاة الجنازة عليهما وإكرام صديقهما وصلة أرحامهما، سئل النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل: (يا رسول الله! هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد الموت؟ قال: نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما -أي: وصيته الوصية الشرعية- وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما) كل هذا من برهما بعد الموت، فإن فعل الولد هذا بعد الموت وفعل الفعل الطيب معهما في الحياة فهو على خير عظيم.
الجواب: إذا كان هذا الأمر يصدهم عن أداء الواجبات وترك المحارم فهم متوعدون، أما إذا كانت قسوة لا تمنعهم من أداء الواجب ولا توقعهم في الحرام فهذا نقص في العمل لا يضرهم، ولكن الذي عنده خشوع وعنده لين أكثر منهم أفضل.
فالقسوة قسوتان: قسوة تسبب ترك بعض الواجبات أو ركوب بعض المحرمات، هذه تضرهم من أجل ما ترتب عليها من فعل الحرام أو ترك الواجب.
والقسوة لا يترتب عليها ذلك لكن يحس بشيء من القسوة ولا يجد بعض الخشوع في أعماله، هذه لا تضره ولكن تفوته بعض الأجر، تفوته بعض الأجر الذي يحصل للخاشعين الذاكرين كثيراً، ولكن لا تضره إذا كانت لا تحمله على معصية ولا على ترك واجب، وإنما تسبب له ترك بعض المستحبات أو رفضها عن بعض الذكر، فهذه لا تضره ضرراً كبيراً وإن فوتت عليه بعض الخير ولكن تضره إذا حملته على ترك الواجب أو فعل المعصية، هذا نقص كبير تضره هذه الغفلة ولكن إذا كانت الغفلة، إنما ترتب عليها بعض المكروهات أو ترك بعض المستحبات فإن ضررها يكون خفيفاً.
الجواب: هذا أفضل وإلا ما يجب، كونه يرتب على ما في المصحف أفضل أما لو عكس بأن سار قرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] في الأولى وقرأ في الثانية: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ [المسد:1]، أو: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1]، فلا حرج في ذلك، لأن الترتيب باجتهاد الصحابة رضي الله عنهم، ولأن عمر رضي الله عنه كان ربما قدم بعضاً على البعض، ربما قرأ في الركعتين السورة المتأخرة قبل السورة المتقدمة، وروي عنه أنه قرأ بالنحل في الأولى وبيوسف في الثانية ويوسف قبلها في المصحف.
فالمقصود أن هذا الترتيب مستحب، ولو قرأ في الصلاة أو خارجها بعض السور قبل التي قبلها فلا بأس ولا حرج إن شاء الله، لكن الأفضل والأولى أن يسير على ما فعله الصحابة رضي الله عنهم، وأن يرتب فيقرأ السورة أو الآية ثم يقرأ السورة والآية التي في السورة التي بعدها إلا إذا كان يتعلم الصبي الذي يتعلم يبدأ بـ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]، ثم قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، ثم بـ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] يعلمه الأستاذ السور القصيرة قبل، فلا حرج في ذلك للتعليم، لأنه يبدأ بالصغار بالسور القصيرة أسهل عليهم لا حرج في ذلك.
الجواب: أرشدك أولاً إلى أن تهتمي بالقرآن العظيم فهو أعظم القصص وأحسن القصص، قال فيه جل وعلا: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يوسف:3]، فيه قصص عن الأنبياء وأممهم وعن أهل الخير والشر، فهو أعظم كتاب وأحسن كتاب وأصدق كتاب، فأوصيك بالقرآن كثيراً وأن تعتني بالإكثار من تلاوته وتدبر معانيه، ثم بعد ذلك من أحسن الكتب في هذا الباب (زاد المعاد) لـابن القيم والمجلدات الأولى من تاريخ ابن كثير في قصص النبي صلى الله عليه وسلم وأخباره وأخبار الصحابة وكتابه كله طيب (البداية والنهاية)، وهناك كتاب مختصر للسيوطي سماه (تاريخ الخلفاء) فيه فائدة طيبة، وأوصيك أيضاً بحفظ كتاب "التوحيد" للشيخ محمد عبد الوهاب (والعقيدة الواسطية) لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وثلاثة الأصول للشيخ محمد،و كشف الشبهات، وآداب المشي إلى الصلاة، كلها كتب مفيدة، كذلك أوصيك بمطالعة فتح المجيد شرح كتاب التوحيد فهو كتاب جيد مفيد، وفق الله الجميع.
الجواب: على ظاهرها، الله فضل الناس بعضهم على بعض، هذا تاجر وهذا فقير، وهذا تجارته أكثر من الآخر وليس التاجر بدافع أمواله لمماليكه، بل ينفق عليهم ويحسن إليهم ولا يعطيهم أمواله بل ينفق عليهم ويحسن إليهم ويساعدهم ببعض المال، ومن طبيعة الإنسان أنه لا يدفع أمواله لمماليكه، وهذا أمر معلوم بالفطرة والعقل كما دل عليه الشرع ودلت عليه الأدلة.
الجواب: نعم حجك صحيح والحمد لله وعليك التوبة إلى الله وعليك أن تؤدي الزكاة عما مضى، عليك التوبة والندم والعزم الصادق أن لا تعود، وعليك أداء الزكاة عن السنوات الماضية وحجك صحيح والحمد لله.
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى، على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر