إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (315)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    علاج الوسوسة في الوضوء

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات تقول: (ل. أ. ب) أختنا لها أكثر من قضية، في إحداها تذكر أن لها أختاً تشكو من الوسوسة وخاصة في الوضوء، وترجو من سماحة الشيخ أن يدلها على العمل الأمثل الذي يمكن أن يكون عوناً بإذن الله على الشفاء من هذا المرض، جزاكم الله خيرا؟

    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فهذا المرض وهو مرض الوسوسة يشكو منه كثير من الناس من الرجال والنساء، والعلاج له هو التعوذ بالله من الشيطان؛ لأنه من نزغات الشيطان، ومن أعماله وهو عدو الله، قال فيه سبحانه: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6]، وقال سبحانه: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [فصلت:36]فالعلاج لهذا الداء هو التعوذ بالله من الشيطان الرجيم في الوضوء وفي الصلاة وفي غيرهما، كل ما أحس بشيء من الوساوس يتعوذ بالله من الشيطان، يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويكون عنده القوة والصدق والرغبة إلى الله سبحانه وتعالى، فإن هذا العدو يحتاج إلى قوة وإلى صدق، ولا ينجيك منه إلا ربك الذي هو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى.

    فعلى المؤمن والمؤمنة اللجأ إلى الله بصدق والاستغاثة بالله أن يجيرهم منه، وأن يعيذهم منه، عند الوسوسة وهكذا في الأوقات الأخرى يستجير بالله يا رب! أجرني من الشيطان، يا رب! أعذني من وساوسه، يا رب! اكفني شره، يستعيذ بالله، يلجأ إليه سبحانه وتعالى، اللهم أعذني من الشيطان الرجيم، اللهم اكفني شره، اللهم عافني من وساوسه ونزغاته، يسأل ربه ويستعيذ بالله، والله سبحانه وتعالى يجيره منه، متى صدق العبد فالله جل وعلا يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]ولن يخلف الله وعده سبحانه وتعالى، ولكن الإنسان قد يتساهل وقد يغفل، قد يدعو بدعاء ليس فيه صدق.

    فالواجب الصدق والرغبة بما عند الله، واللجأ إليه والانطراح بين يديه بصدق وإخلاص ورغبة حتى يجيرك من هذا العدو المبين.

    وإذا توضأ الإنسان لا يعيد الوضوء للوسوسة ولا يعيد الصلاة للوسوسة، يبني على أن وضوءه صحيح، وأن صلاته صحيحة ولا يعيد شيء من ذلك.

    لأنه متى أطاع الشيطان في تكرار الوضوء زيادة أو إعادة الصلاة أو كذا طمع فيه عدو الله، ولكن أنت متى فعلت الوضوء وأنت تشاهد نفسك فعلت الوضوء، فاتق الله ولا تعد ولا تطع الوسوسة وهكذا في الصلاة كملها ولا تطع الوسوسة، وهكذا في كل شيء تعالج عدو الله وتخالفه.

    1.   

    حكم الغبار المنبعث من مكان نجس

    السؤال: تسأل عن الغبار المنبعث من مكان نجس هل يعتبر الغبار أيضاً من النجاسة؟

    الجواب: الغبار لا يضر، الغبار والدخان لا يضر، هذا مما يعفى عنه، فلا ينبغي الوسوسة في هذا.

    1.   

    حكم المسافر إذا أفطر في نهار رمضان

    السؤال: المستمع مليكي موسى أحمد السويرد الصلاحي طالب بمعهد إعداد المعلمين بالليث، بعث برسالة وضمنها جمعاً من الأسئلة:

    من بينها سؤال يقول فيه: سافرت يوماً في رمضان، إلى منطقة تبعد عن المنطقة التي أسكن فيها ثلاثمائة وثمانين كيلو متر، وأنا صائم، وسافرت في الصباح وعندما وصلت جدة في الثاني عشر ظهراً لم أستطع أن أكمل اليوم فاضطررت إلى الإفطار، فهل علي من إثم وبماذا تنصحونني جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: المسافر السنة والأفضل له الفطر، فإذا سافرت فالأفضل لك الفطر، حتى ولو ما اشتد عليك شيء الأفضل الفطر ولو كنت مستريحاً، وإذا كانت جدة في طريق السفر ليست هي المقصودة، فإنك تفطر فيها، ولو كان لا شدة عليك في ذلك، أما مع الشدة فيتأكد الفطر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس من البر الصوم في السفر)، ولما نزل بأصحابه في بعض الأسفار وفيهم صوام ومفطرون، سقط الصوام بسبب شدة الظمأ، وقام المفطرون فضربوا الأخبية وسقوا الركاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر).

    أما إن كانت جدة هي المقصود وأنك مسافر إليها، فإن كنت تريد الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام أتممت الصوم؛ لأنك الآن في حال الصوم، مأمور بالصيام لا تفطر، أما إن كان في الطريق أو ما أردت الإقامة فيها إلا أقل من أربعة أيام فأقل فلك الإفطار ولو ما اشتد بك الأمر، هكذا السنة.

    1.   

    حكم طاعة الأم عند رفضها لزواج ابنها ممن يريدها

    السؤال: المستمع (م. أ. أ) من جمهورية مصر العربية بعث برسالة مطولة ملخص ما فيها: أن له عماً وقد توفي وخلف بنتين يريد التزوج بإحداهما إلا أن والدته ترفض ذلك، ويرجو من سماحتكم التوجيه كيف يوفق بين رغبته وبين رضا والدته؟

    الجواب: المشروع لك يا أخي أن ترضي الوالدة وأن تأخذ خاطرها بهذا، أمرها عظيم وحقها كبير، ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال لما سأله سائل: (أي الناس أحق بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك) في الرابعة، وفي اللفظ الآخر: (قال: يا رسول الله! من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب) فالوالدة حقها عظيم، فالمشروع لك أن تبرها، وأن لا تتزوج امرأة لا ترضاها، لكن إذا كانت المخطوبة امرأة صالحة دينة فلا تعجل واشتغل مع والدك في المشورة عليها بالسماح لك، والتوجه إليها ببعض من تحبهم وتقدرهم من الرجال أو النساء حتى يساعدوك عليها لعلها ترضى، حتى تتزوج عن رضا من والدتك ولا تعجل، فإن صممت ولم ترض فنصيحتي لك أن تلتمس امرأة أخرى، وسوف يعطيك الله امرأة أخرى، ويسهل أمرك بسبب بر أمك (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) والنساء سواها كثير.

    1.   

    حكم قراءة القرآن لرجل ضعيف القراءة

    السؤال: من الإخوة أحمد إبراهيم علي أبو السعود وعبده عبد القادر الصاوي وسعيد فهيم قطب، بعثوا يسألون هذا السؤال: هل يصح لرجل ضعيف في القراءة أن يقرأ القرآن أم أن ذلك محرم عليه؟

    الجواب: المشروع له أن يقرأ القرآن ولو كان ضعيفاً في القراءة ولو كان يتتعتع فيه، المشروع للمسلم أن يعتني بالقرآن يقرأ ويتعلم ولو تتعتع، فإنه متى استمر في القراءة تحسنت قراءته شيئاً بعد شيء، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق ويتتعتع فيه له أجران) هذا شيء عظيم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن له أجرين، وهو ينتفع في القراءة؛ لأنه يجاهد، فله أجر عن قراءته وله أجر عن تعبه في ذلك، واجتهاده في ذلك.

    فالمشروع لكل مسلم ومسلمة العناية بالقرآن والاستكثار من قراءته، ولو مع التعتعة حتى تستقيم القراءة، يتعلم، يقرأ الإنسان على أخيه.. على أبيه.. على زميله.. على من تيسر من أهل القرآن حتى يوجهوه، وحتى يساعدوه، والمرأة كذلك تقرأ على أختها إذا كانت أعلم منها، أو على أمها إن كانت أعلم منها، أو على أبيها أو على زوجها أو على أخيها تقرأ، أو لها معلمة تطلبها أو تذهب إليها، بطريقة سليمة، حتى تتعلم، ولو تتعتعت فإن التتعتع يزول بمواصلة القراءة.

    1.   

    كيفية زكاة الركاز

    السؤال: من المستمع محمود أحمد روثة بعث برسالة وضمنها ثلاثة أسئلة: في أحدها يقول: جاء في بعض الأحاديث عن زكاة الركاز، فما هو الركاز؟

    الجواب: الركاز دفن الجاهلية، الأموال التي توجد في بعض الخربات أو في بعض الصحاري من دفن الجاهلية، عليها علامات الجاهلية الكفار، إما ذهب أو فضة أو أواني أو سلاح أو غير ذلك من الأموال، تكون مدفونة في الأرض وعليها علامة تدل على أنها من دفن الجاهلية، عليها علامة الدولة الكافرة، هذه تسمى: ركاز، يعني: مركوز في الأرض، ومدفون فيها، يجده مدفوناً في الأرض وليس معدناً، فهذا إذا كان في بلاد إسلامية يعطي ولي الأمر الخمس، أما إن كان في غير بلاد إسلامية يتصدق بالخمس على الفقراء والأربعة الأخماس له، الخمس كالزكاة يتصدق على الفقراء وإن كان في بلاد إسلامية فيها والي مسلم يعطيه إياه لبيت المال، والأربعة الأخماس له، هذا يسمى: ركاز.

    أما المعدن الذي من أصل الأرض ذهب أو فضة هذا لا يسمى ركازاً، هذا لمن استخرجه يكون له، وإذا استخرج ذهباً يبلغ النصاب زكاه إذا حال عليه الحول، أو استخرج فضة زكاه إذا حال عليها الحول، أما إذا كان شيء آخر من المعادن كبريت أو غير ذلك يكون له، ما أخذه من هذا المعدن يكون له، إذا كان في أرض ميتة ليست مملوكة لأحد.

    1.   

    معنى قول الترمذي: (حسن غريب)

    السؤال: سؤاله الثاني يقول: في بعض الأحاديث التي يرويها الترمذي يقول في آخر الحديث: (حديث حسن غريب)، فماذا يعني بهذه الكلمة، وهل يعتبر هذا الحديث الموصوف بهذا الوصف يعتبر ضعيفاً جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: وصفه بأنه غريب تارة يكون يدور على راوٍ واحد، فيسميه غريباً لأن الغريب ما رواه واحد فقط، صحابي أو من دون الصحابي، الغريب عند علماء الحديث الذي ما رواه إلا واحد، هذا يقال له: غريب بالإطلاق، ويقال له: فرد، وتارة يسمى الحديث غريب غرابة نسبية، ولو كان مشهوراً من طرق كثيرة، لكن يقول غريب بالنسبة إلى أنه ما رواه في هذا الطريق إلا مالك ، والمعروف من غير طريق مالك بن أنس، أو -مثلاً- جاء من طريق الزهري والمعروف من طريق غيره، يسمى غريباً من طريق الزهري أو من طريق مالك مثلاً، أو يكون غريباً من أجل أنه ما رواه من هذا الطريق إلا -مثلاً- يحيى بن سعيد الأنصاري أو ابن المسيب والطرق الأخرى كلها من غير طريقه.

    فيسمى غريباً من هذه الحيثية، من جهة أن هذا الطريق ما انفرد به فلان، وأما الطرق الأخرى فهي معروفة عن غيره، فهذا يسمى غرابة نسبية.

    أما كونه صحيحاً أو ضعيفاً فهذا يختلف: إن كان رجاله معروفين بالثقة والأمانة متصل السند يسمى صحيحاً، وإن كان الرواة حفظهم فيه نقص فيسمى حسناً، إذا كان الراوي حفظه ليس بالكامل، وإن كان حفظه كاملاً فهو صحيح.

    وإن كان من طريقين فأكثر يقال له: حسن صحيح، حسن لأجل كثرة طرقه، وصحيح لثقة رجاله، أو حسن من جهة أن أحد الطريقين في حفظ رواتهم ضعف، والطريق الثاني رواتهم ثقات كمل، فيقال: حسن من طريق معناه، صحيح من طريق آخر.

    كل هذا بينه العلماء رحمهم الله.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، نعم. هذا يدل سماحة الشيخ على أن الاهتمام قديم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    الشيخ: نعم، من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، والعلماء مهتمون، الصحابة ومن بعدهم.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، هل ترشدون إلى كتاب معين يفيد اهتمام السلف بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

    الشيخ: نعم، كتب المصطلح كلها تفيد هذا الشيء، المقدمة لـابن الصلاح، ألفية العراقي، ألفية السيوطي، نخبة الفكر للحافظ ابن حجر، كلها تورد هذا المعنى، تدل على اهتمام الأئمة والعلماء بالسنة. وهناك كتب أخرى غيرها.

    1.   

    كيفية تعلم تفسير الأحلام

    السؤال: أخيراً يسأل ويقول: كيف يستطيع المرء أن يتعلم تفسير الأحلام، وهل توجد كتب صحيحة في هذا المجال؟

    الجواب: يتعلمها من كتب العلماء التي ذكرت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا وتفسيرها، مثل كتاب ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ذكر جملة من ذلك في الرؤيا، وفي كتب أخرى مؤلفة في الرؤيا يستفيد منها، وأكثر ما يفيد ذلك تدبر الأحاديث التي جاءت في الرؤيا عن النبي صلى الله عليه وسلم وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم لها، تفسير الصحابة، يستفيد منها إذا كان عنده علم وعنده بصيرة يستفيد.

    ولا ينبغي أن يقدم على التأويل إلا عن بصيرة وعن علم حتى لا يكذب على الله ولا على رسوله عليه الصلاة والسلام، فينبغي لمن أراد التفسير تفسير الرؤيا وتعبيرها أن يعتني بما جاء في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير الرؤيا، وما جاء عن الصحابة والسلف الصالح، وما ذكره العلماء المعتمدون كـابن القيم، وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم من أهل العلم.

    1.   

    حكم الحلف بالطلاق

    السؤال: المستمع محمد الريح عبد الله بعث يقول: حلفت بالطلاق أن أكسو بنات عمي وقد كن صغيرات، لكني لم أستطع حتى الآن والبنات قد كبرن فكيف أتصرف؟

    الجواب: هذا يختلف بحسب النية، إن كان قلت: علي الطلاق أن أكسو بنات عمي وقصدك إذا تيسر، ما قصدك الآن في الحال، متى تيسر تكسوهم، أما إن كنت قصدت يوماً معيناً أو شهراً معيناً أو سنة معينة فأنت على نيتك، فإن تم ذلك وإلا وقع الطلاق إن كنت أردت إيقاع الطلاق، أما إن كنت إنما أردت حث نفسك وما أردت إيقاع الطلاق إنما قصدك التأكيد على نفسك، وإلزام نفسك بكسوة، وليس قصدك فراق أهلك ولا إيقاع الطلاق عليهم، فإنه يكون عليك كفارة يمين حسب النية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) وقد أفتى جماعة من السلف في ذلك بهذا المعنى.

    فإذا كان قصدك من الطلاق أن تلزم نفسك بالكسوة وأن تحث نفسك عليها، وليس قصدك إيقاع الطلاق على أهلك إن لم تكس بنات عمك، فإنه لا يقع طلاق لو لم تكسهم، وعليك أن تكفر كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم عشرة، تغديهم أو تعشيهم أو تعطي كل واحد نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره، أو كل واحد تعطيه قميصاً أو إزاراً ورداءً، هذه كسوة، ومن عجز بأن كان فقيراً عاجزاً يصوم ثلاثة أيام، وهناك أيضاً عتق رقبة، إذا حنث في يمينه هو مخير بين ثلاثة أشياء: بين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام كما نص على ذلك سبحانه في سورة المائدة.

    وقد بين الله جل وعلا كفارة اليمين بياناً شافياً، قال سبحانه: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89]الآية من سورة المائدة.

    فعلى المؤمن أن يحفظ يمينه ويجتهد في عدم الأيمان إلا عند الحاجة إليها، وإذا حلف يجتهد في بر اليمين إن استطاع وكانت المصلحة في بر اليمين، أما إن كانت المصلحة تقتضي عدم البر وأن يحنث فإنه يحنث ويكفر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير)ويقول صلى الله عليه وسلم: (والله إني إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها، إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) هكذا يقول صلى الله عليه وسلم، فإذا قال الإنسان: والله لا أكلم فلاناً، أو لا أسلم عليه، ثم رأى أن المصلحة تقتضي أن يكلمه، يسلم عليه، لا موجب لهجره، ولا وجه لهجره فإنه يسلم عليه ويكلمه ويكفر عن يمينه.

    أو قال: والله ما أتصدق اليوم بشيء، يكفر عن يمينه ويتصدق، أو قال: والله لا أحج هذه السنة، ثم أحب أن يحج، يحج ويكفر عن يمينه؛ لأن هذا خير.

    وهكذا ما أشبه ذلك.

    1.   

    أحكام الاستعاذة والبسملة في الصلاة

    السؤال: من العيون في الأحساء المستمع:محمد عبد الرحمن الثواب بعث بسؤال مطول بعض الشيء يدور حول الاستعاذة والبسملة في الصلاة، يقول: ما حكم قراءة الاستعاذة والبسملة في الصلاة بعد تكبيرة الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة، وما حكم قراءتهما قبل السورة التي تقرأ بعد الفاتحة، إذا بدأ المصلي القراءة بعد الفاتحة بأول السورة أو قبل الآيات إذا لم يبدأ المصلي القراءة بعد الفاتحة في أول السورة؟ وهل الأفضل أن تكون قراءتهما سراً أم جهراً؟ وهل تقرأان في جميع ركعات الصلاة، وهل يأثم المصلي إذا لم يقرأهما في الحالات التي أشرت إليها أعلاه؟

    الجواب: السنة أن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسمي عند بدء قراءة الفاتحة في أول الصلاة بعد الاستفتاح، أولاً يكبر يقول: الله أكبر، هذه التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً، ثم يأتي بالاستفتاح، الإمام والمأموم والمنفرد، والاستفتاح أنواع، أخصرها ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه استفتح بهذه الكلمات: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) هذا الاستفتاح أخصرها، وقد جاء من حديث عائشة ومن حديث أبي سعيد ومن حديث عمر رضي الله عنه يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) ثم يستعيذ يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقرأ الفاتحة، الإمام والمأموم والمنفرد، الذكر والأنثى.

    وهناك استفتاحات أخرى ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا، منها قوله صلى الله عليه وسلم في الاستفتاح في الصلاة: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) هذا ثابت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استفتح بهذا قبل أن يتعوذ وقبل أن يسمي، بعد الإحرام، وهناك استفتاحات أخرى إذا أتى بواحد منها مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كفى، ولكن أخصرها وأسهلها على العامة (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك).

    ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم سراً، هذا هو الأفضل، ولو في الجهرية ولو في المغرب والعشاء والفجر يقرؤها سراً هذا هو الأفضل، كان النبي عليه الصلاة والسلام يسر بهما، ثم يقرأ الفاتحة وهكذا في السور بعد الفاتحة يأتي بالتسمية فقط، ما في حاجة للتعوذ يكفي في أول القراءة التعوذ ، فإذا قرأ بعد الفاتحة سورة سمى وإن كانت آيات ما هي بسورة فلا حاجة إلى تسمية ولا تعوذ يقرأه من دون شيء، لأن التسمية والتعوذ الذي حصل قبل الفاتحة كافٍ، فيقرأ الآيات من دون تسمية ولا تعوذ بعد الفاتحة، وهكذا في الصلوات الأخرى جميع الصلوات، يتعوذ عند قراءة الفاتحة ويسمي ثم بعد ذلك إن كانت سورة سمى بأولها، وإن كانت آيات قرأها من دون حاجة إلى تسمية ولا تعوذ، كفى التعوذ الأول عند أول القراءة. وفي الركعة الثانية والثالثة والرابعة تكفي التسمية؛ لأن الاستعاذة كفت في أول الصلاة؛ لأن القراءة في الصلاة كالقراءة الواحدة، فيكفي التعوذ الأول، وإن تعوذ في الثانية وفي الثالثة وفي الرابعة فلا بأس الأمر واسع بحمد الله، إن تعوذ مع التسمية فلا بأس قاله بعض أهل العلم، والصحيح أنه يكفي التعوذ الأول في الركعة الأولى، ويعيد التسمية عند قراءة الفاتحة في كل ركعة، وعند قراءة كل سورة في كل ركعة، أما إذا كانت آيات فإنه لا يعيد التسمية ولا يعيد الاستعاذة يكفي أن يقرأ من دون استعاذة؛ إذا حصلت الاستعاذة في أولها، والتسمية عند أول السورة، والآيات لا يسمى في أوله ما يشرع، إنما يتعوذ عند أول القراءة بالآيات بالله من الشيطان الرجيم، لقول الله سبحانه: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98] وإن سمى فلا حرج في أول الآيات، لقوله صلى الله عليه وسلم: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أجذم) لكن الأفضل في قراءة الآيات أن يبدأ بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أما إذا كانت سورة تعوذ وسمى عند أول القراءة، أما في الصلاة فإنه يكفيه التعوذ عند أول الفاتحة هذا هو الأفضل وتكفيه التسمية إذا كانت آيات بعد الفاتحة، فإن كانت سورة يعيد التسمية سراً، وإن جهر بعض الأحيان للتعليم مثل الإمام يجهر بعض الأحيان حتى يعلم من وراءه أن هناك تسمية وهناك تعوذ هذا لا بأس به، فعله بعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وفعله أبو هريرة رضي الله عنه، وذكر أنه يصف صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا فعل الإمام بعض ذلك يعني: جهر بالاستعاذة حتى يسمعه من حوله أو بالتسمية حتى يسمعه من حوله بعض الأحيان للتعليم فلا حرج في هذا.

    1.   

    حكم البسملة في وسط سورة التوبة

    السؤال: إذا قرأ من وسط سورة التوبة فهل يسمي سماحة الشيخ؟

    الجواب: لا يحتاج تسمية إذا كان بعد الفاتحة، أما في خارج الصلاة فإذا قرأ يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يبدأ بالتعوذ في براءة وفي الآيات يبدأ بالتعوذ، وإن سمى في غير أول براءة فلا بأس، أما في أول براءة فالسنة التعوذ فقط.

    المقدم: أما في وسطها فلا بأس؟

    الشيخ: إن سمى فلا بأس والتعوذ كافٍ.

    1.   

    الأعذار المبيحة للتخلف عن صلاة الجماعة

    السؤال: يسأل أخونا ويقول: ما هي الأعذار التي تجيز للمسلم التخلف عن حضور صلاة الجماعة في المسجد؟

    الجواب: الأعذار ذكر العلماء منها عدة: منها المرض إذا كان مريضاً يشق عليه الخروج، ومنها الخوف إذا كان في بلاد فيها خوف لو خرج يخشى على نفسه، ومنها: حضور أحد الخبثين البول أو الغائط، كونه يتخلف لأجل قضاء حاجته، الحدث نزل به هذا ولم يتيسر له الخروج لأجل قضاء الحاجة وفاتته الجماعة فهو معذور، لكن ينبغي له أن يتحرى قبل ذلك بوقت حتى يتفرغ للجماعة، لكن لو حدث.. أراد الخروج فحدث به حادث البول أو الغائط فإنه مأمور بالتخلص منهما، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان).

    ومنها لو حضر الطعام بين يديه فإنه يبدأ به، لا يتخذه عادة يقدم الطعام حتى يتخلف عن الصلاة، لكن لو قدم بين يديه في بيته أو عند بعض من استضافهم فإنه يبدأ بالطعام ولو فاتته الجماعة.

    هذه من الأعذار ومنها لو كان بعيداً وما يسمع النداء. هذا عذر أيضاً، أما إذا كان يسمع النداء فيلزمه أن يجيب من طريق الصوت العادي، أما من طريق المكبرات قد يسمع من بعيد ولا يلزمه لأنه بعيد، لكن إذا كان بالصوت العادي من غير مكبر يسمع عند خلو الأصوات يسمع عليه أن يجيب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر) أو كان في البلد فإنه يجيب؛ لأن البلد لو هدأت الأصوات لسمع، فهذا يجيب ويصلي مع الناس، ولا يتأخر.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767943733