إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (323)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم زواج المرأة برجل يصلي وحث الآباء على تزويج مولياتهم بالرجل الصالح

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: سماحة الشيخ! مع بداية هذه الحلقة أمامي رسالتان، الأولى: من الأخت المستمعة (ج. أ. ف) من العراق، والثانية: من الأخت نادية آل محمد السعيد من الجزائر، الرسالتان اتحدتا في السؤال عن خطبة زوج لا يصلي ولاسيما إذا تدخل الوالدان في ذلك وأرغما البنت على القبول بهذا الخاطب رغم أنه لا يصلي، كيف يكون تصرف المخطوبة جزاكم الله خيراً، وهل تلجأ إلى الجهات الرسمية كي تسلم من هذه الخطبة؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يولي على العراق حاكماً صالحاً يحكم فيهم بشرع الله، وأن يصلح حكام الجزائر ويوفقهم لما فيه رضاه وأن يعينهم على تحكيم شريعته، وأن يصلح أحوال الجميع، نسأله سبحانه أن يصلح أحوال الشعب العراقي وأحوال الشعب الجزائري، وأن يولي على العراق من يحكم فيهم بشرع الله، وأن يولي على جميع بلاد المسلمين من يحكم فيهم بشرع الله.

    أما جواب السائلتين فلاشك أن من لا يصلي لا يجوز للمسلمة أن تقبل الزواج منه؛ لأن ترك الصلاة كفر، والصواب: أنه كفر أكبر، وقال الأكثرون: إنه كفر أصغر.

    والصواب: أنه كفر أكبر وإن كان لا يجحد الوجوب، أما إذا كان يجحد الوجوب فهذا كفر أكبر عند جميع العلماء ليس فيه خلاف، ولكن الخلاف فيما إذا كان لا يجحد الوجوب ولكنه يتكاسل عن الصلاة، يتركها كلها أو بعضها، فالصواب في هذا الصنف وأمثاله أنه كافر كفر أكبر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في الصحيح عن جابر رضي الله عنه: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) والأصل في هذا الكفر الأكبر، الكفر المعرف والشرك المعرف بأل، فهو كفر أكبر.

    وروى الإمام أحمد رحمه الله وأهل السنن رحمهم الله بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما سئل عن الأمراء الذين تعرف منهم بعض المنكرات وعن الخروج عليهم، قال له: (اسمعوا وأطيعوا) ونهى عن الخروج عليهم- قال: (إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان) وفي رواية أخرى قال: (ما أقاموا فيكم الصلاة) فدل على أن عدم إقامة الصلاة كفر بواح.

    فالحاصل: أن ترك الصلاة مطلقاً أو بعضها كالظهر أو الفجر أو نحو ذلك كفر أكبر، فلا يجوز للولي سواء كان أباً أو غير أب أن يجبر المولية على نكاح من لا يصلي وهي تصلي وهي مسلمة، بل هذا خيانة للأمانة، بل يجب عليه أن يلتمس لها الرجل الصالح الطيب حتى يضع الأمانة في محلها، ولا يجوز للبنت أن تطيعه في ذلك ولو كان أباها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف) وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) ولها أن ترفع الأمر إلى ولي الأمر إلى الحاكم الشرعي حتى يخلصها من هذا البلاء.

    والواجب على الأولياء أن يتقوا الله، وأن لا يزوجوا مولياتهم إلا على الأكفاء، وأهم شيء الكفء في الدين إذا كانت المولية مسلمة، والله جل وعلا يقول: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71] فالكافر ليس ولياً للمؤمنة، ولا يجوز لوليها أن يزوجها بتارك للصلاة أو معروف بالفسق إذا لم ترض بذلك، وهذا فيما يتعلق بغير الكفر، أما بالكفر فلا يجوز لها الرضا، ولو رضيت فلا يجوز لها أن تتزوج بالكافر وهي مسلمة.

    لكن لو كان عنده بعض الفسق كشرب الخمر وهو يصلي، أو يتعاطى بعض المعاملات الربوية، أو يتهم بشيء من الأعمال المنكرة، أو الأعمال التي هي تعتبر معصية، فهذا يجوز للمسلمة أن تتزوجه، لكن تركه أولى والتماس الطيب أولى بالمؤمنة، أما الكافر فليس لها أن تتزوجه، كالذي يسب الدين، أو يستهزئ بالدين، أو يترك الصلاة أو ما أشبه ذلك مما يوجب كفره، كالذي يستحل الخمر أو يستحل الزنا، هذا كفر أكبر نسأل الله العافية، أو يستحل الربا.

    فالحاصل أن الواجب على الأولياء أن لا يزوجوا مولياتهم المسلمات إلا بمسلمين، وليس له أن يزوج موليته المسلمة بمن يترك الصلاة أو يتعاطى ما يوجب كفره نسأل الله السلامة والعافية.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً كلمة للوالدين لعله من المناسب أن تتفضلوا بها الآن؟

    الشيخ: تكلمنا سابقاً ليس للوالدين ولا غير الوالدين أن يزوجوا المولية بمن يخالفها في الدين، إذا كانت مسلمة ليس له أن يزوجها كافراً، لا نصرانياً ولا يهودياً ولا وثنياً ولا تاركاً للصلاة ولا غيرهم ممن يحكم عليه بكفر، كالساب للدين، والمستهزئ بالرسول أو بالدين ونحو ذلك ممن يحكم بكفره، حتى العاصي ينبغي أن لا يزوجها العاصي وإن كان مسلماً، ينبغي أن يلتمس لها الطيب الكفء، لكن لو تزوجت بمسلم عاص برضاها صح، لكن كونه يلتمس لها الطيب البعيد عن المعاصي فهذا من أداء الأمانة، وإذا كرهت الزواج بالعاصي فلا يجبرها عليه.

    1.   

    حكم الجلوس مع الخاطب بحضور محرم وتكرار الجلوس

    السؤال: أختنا نادية من الجزائر تسأل عن الجلوس أمام الخاطب بحضرة الأهل هل يجوز هذا أو لا؟

    الجواب: لا مانع أن تجلس أمام الخاطب حتى ينظر إليها من دون خلوة، يكون معها أبوها أو أخوها أو امرأة أو أمها أو نحو ذلك، ليس له الخلوة بها، والنبي صلى الله عليه وسلم قال للخاطب: (اذهب فانظر إليها)، وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل).

    المقصود: أنه إذا تيسر أن ينظر إليها فهو مناسب؛ لأن هذا أقرب إلى أن يؤدم بينهما، أقرب إلى أن تنجح الخطبة وأقرب إلى أن ينجح النكاح، لكن ليس له أن يخلو بها، بل يراها بحضور غيرها كأبيها ونحوه.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، تكرار الجلوس سماحة الشيخ؟

    الشيخ: إذا دعت الحاجة للتكرار فلا بأس، كأن تكون المرة الأولى لم تكف أو الثانية، إذا دعت الحاجة لا حرج حتى تعرفه ويعرفها جيداً.

    أما باستمرار بدون حاجة فلا ينبغي، لأن الأصل التحريم، وإنما جاز للمصلحة والحاجة، ولأن التكرار الكثير بدون حاجة قد يفضي إلى فساد، قد يفضي إلى خلوة، وقد يفضي إلى زنا نسأل الله السلامة، كما قد وقع لكثير من الناس.

    فالجلوس للحاجة.

    والمصلحة التي تتعلق بالنكاح من دون خلوة.

    1.   

    حث المرأة على الصبر وعدم شكوى زوجها إلى أحد

    السؤال: تقول أختنا الجزائرية: لي أخت متزوجة ولها مشاكل مع زوجها وأهله، وحينما تأتي لزيارتنا تقص علينا ما يحدث لها ولأولادها وتبكي كثيراً؛ إذ أنها تظلم كثيراً، فنحن نوصيها بالصبر، لكني أسأل: هل لها أن تفعل ذلك عندنا جزاكم الله خيراً، وبم توصونها؟

    الجواب: إذا كان الزوج جيداً طيباً نوصيها بالصبر وعدم الشكوى إليكم وعدم إخباركم بشيء، بل يكون ذلك بينها وبين زوجها، وإذا استطاعت أن تطلب من أبيه أو أخيه الكبير أو خاله أو عمه الجيد أن ينصحه وأن يشير عليه إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس، لكن مهما أمكن أن تحل مشاكلها بنفسها فيما بينها وبينه فهو أولى.

    وعليها أن تستعمل الخلق الطيب والكلام الطيب والأسلوب الحسن حتى يهدأ غضبه، وحتى يجيبها إلى طلبها لا بالعنف والشدة والهجر ونحو ذلك، بل تعالج الأمور بالحكمة والكلام الطيب والأسلوب الحسن.

    وعلى زوجها أن يتقي الله، وأن يعامل زوجته بالمعروف والكلام الطيب والأسلوب الحسن، كل منهما عليه أن يجتهد في المعاملة باللطف والخير، كما قال الله عز وجل: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وقال سبحانه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228] فحقه أكبر، لكن ليس له أن يستعمل حقه في ظلمها والعدوان عليها والاكفهرار في وجهها وسوء المعاشرة، كل هذا ما يجوز، بل عليه أن يعرف لها قدرها، وأن يحسن عشرتها، وأن يتبسم في وجهها، وأن يعاملها باللطف والكلام الطيب حسب الإمكان حتى تستقيم العشرة، وحتى تدوم المودة، وحتى يقوم كل واحد بما ينبغي لصاحبه.

    وعليها هي كذلك أن تستقيم وأن تعامله باللطف والكلام الطيب والأسلوب الحسن، وأن تؤدي حقه بكل بشاشة وكل كلام طيب حتى تكون العشرة طيبة، كل واحد منهما يحرص على أن يكون على علاقة حسنة مع صاحبه، وعلى كلام طيب، وعلى أسلوب حسن في جميع الأحوال عند الجماع وغير الجماع، وفي حاجات البيت، وفي الزيارة لأهلها وفي غير ذلك من الشئون، كل منهما عليه أن يستعمل الأساليب الحسنة واللطف في حل المشاكل. نسأل الله للجميع الهداية.

    1.   

    كيفية صلة الرحم لمن لا يستطيع السفر إلى أرحامه

    السؤال: من منطقة جيزان، المستمع ناصر أحمد هادي بعث برسالة وضمنها بعض الأسئلة، في أحد أسئلته يقول: لدي أرحام يسكنون بعيداً عن البلد الذي أسكن فيه، ولا أستطيع السفر إليهم لزيارتهم، فهل في ذلك إثم علي، وهل في الاتصال بهم عبر التلفون أو مراسلتهم عبر البريد وصل لهم، أفيدوني جزاكم الله خيراً.

    الجواب: لا يجب السفر إليهم، وفي الإمكان حصول الصلة بالمكاتبة وبالهاتف التلفون هذا كله ممكن بحمد الله، وليس من الواجب السفر، إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو الضرورة إلى ذلك فهذا شيء آخر.

    المقصود: أن صلة الرحم تكون بالمكاتبة، وتكون بالزيارة إذا تيسرت من دون كلفة، وتكون بالهاتف بالتلفون، وتكون بتحميل الأصحاب السلام عليهم والدعاء لهم بالتوفيق والسؤال عن حاجاتهم، وتكون بهدية المال إذا كانوا محتاجين ومواساتهم بالمال، كل هذا من الصلة.

    والنبي عليه السلام يقول في الحديث الصحيح: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أجله، فليصل رحمه)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (ليس الواصل بالمكافي، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) رواه البخاري في الصحيح، وقال له رجل: (يا رسول الله! إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال له صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل -يعني: الرماد الحامي- ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) (ظهير) يعني: عون. فالمسألة فيها خير للإنسان إذا وصل واستقام وصبر ولو قابلوه بالإساءة، إذا صبر عليهم وأدى حقه فهو على خير عظيم، وله العاقبة الحميدة، وهذا هو عنوان الصلة الحقيقية، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الواصل بالمكافي) الذي يصلهم إذا وصلوه ويقطعهم إذا قطعوه، ليس هو الواصل على الحقيقة، ولكن الواصل على الحقيقة الذي يصلهم وإن قطعوه، ويحسن إليهم وإن أساءوا، هذا هو الكمال وهذا هو المروءة، وهذا هو الخلق الكريم، وهذا الذي ينبغي للمؤمن أن يفعله حتى يحسن إلى من أساء إليه، ويحلم عمن جهل عليه، وبهذا يحصل له الفضل العظيم والأجر الكبير.

    1.   

    حكم اللقطة لمن لا يستطيع تعريفها سنة

    السؤال: يقول في سؤال آخر: وجدت أختي الصغيرة خاتماً من ذهب في ساحة بيتنا، وهذا الخاتم ليس ملكاً لنا، فما الحكم في ذلك؟ مع العلم أننا لا نستطيع تعريفه سنة؟ أفيدونا أفادكم الله.

    الجواب: الخاتم يختلف إذا كانت قيمته سهلة يسيرة في البلد ولا تطلبها النفوس المتوسطة -يعني: ما يطلبها الإنسان يتعب فيها من ذوي الدخل المتوسط- فإن هذه لا تعرف، يأخذها صاحبها ويستنفع بها واجدها والحمد لله.

    أما إذا كان الخاتم له قيمة كبيرة فهذا يجب تعريفه سنة كاملة، ولو في الشهر مرتين أو ثلاثاً، فإذا وجد من يعرفه وإلا فهو للمرأة التي وجدته يكون لها الخاتم.

    والذي يعرفه وليها أبوها أو أخوها، يأمر بتعريفه ولو بالأجرة، وتسلم الأجرة من قيمة الخاتم إذا بيع، وإذا كانوا لا يستطيعون يعطونه إنساناً يعرفه ولو بالأجرة، هو الذي يعرف بالأجرة ويقوم بذلك، هذا إذا كان له قيمة وله أهمية يسوى مائتين ثلاث .. أربع ..، أما إذا كانت قيمته خمسين ريالاً أربعين ريال فهذا لا يحتاج إلى تعريف وأمره بسيط؛ لأنه لو عرف أكل قيمته.

    1.   

    الجمع بين قوله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ ...) وقوله: (ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره)

    السؤال: أخيراً يسأل ويقول: يقول الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31]، ويقول تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:8] اجمعوا لنا بين هاتين الآيتين الكريمتين جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الآية الأولى تعم الكفار والمسلمين، وأن العبد إذا تجنب ما هو من كبائر الذنوب كالشرك بالله والزنا والسرقة وشرب الخمر وأشباه ذلك من المعاصي الكبيرة، كالعقوق للوالدين أو أحدهما وأكل الربا ونحو ذلك، فإن الله يكفر عنه السيئات الصغائر التي ليس فيها وعيد، باجتنابه الكبائر يكفر الله له الصغائر.

    فالمسلم تكفر عنه الصغائر باجتنابه الكبائر، والكافر إذا أسلم وترك الشرك واستقام على الدين كفر الله عنه الصغائر باجتنابه الكبائر.

    وأما الآية الكريمة فليس بينها وبين الآية مخالفة وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:8] يعني: يره إن لم يكفر، فإذا كان تجنب الكبائر كفرت عنه الصغائر.

    وهكذا النصوص كلها الجمع بينها هكذا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس) وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم ركع ركعتين لم يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه).

    فإذا تجنب العبد الكبائر أو تاب إلى الله منها توبة صادقة غفر الله له الصغائر سبحانه وتعالى فضلاً منه وإحساناً جل وعلا.

    1.   

    صفة زواج الشغار وحكمه

    السؤال: جزاكم الله خيراً من القصيم من بريدة يسأل عن صفة زواج الشغار وحكمه؟

    الجواب: هو أن يقول كل واحد من الوليين: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك، أو أختي على أن تزوجني أختك وهكذا ما أشبه ذلك، يشترط كل واحد تزوجه بالأخرى، زيد يخطب هند، وعمرو يخطب أخت زيد، كل واحد يشرط على الآخر، زيد يشرط على عمرو، وعمرو يشترط على زيد أخته أو تزويج المولية للشخص سواءً كانت بنته أو أخته أو بنت أخيه أو بنت عمه، يقول: أزوجك إياها لكن بشرط أنك تزوجني بنتك أو أختك.

    أما لو خطب منه وخطب الآخر من دون مشارطة فلا حرج، لو خطب هذا بنت هذا، والآخر خطب بنته أو أخته لا حرج من دون مشارطة.

    1.   

    معنى حديث: (أنا ابن الذبيحين)

    السؤال: اشرحوا لنا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (أنا ابن الذبيحين).

    الجواب: هذا مروي عنه صلى الله عليه وسلم وفي صحته نظر لكنه مشهور، والذبيحان هما إسماعيل وعبد الله ،إسماعيل جده ابن إبراهيم، فإن الله جل وعلا أمر إبراهيم بذبحه ثم نسخ ذلك والحمد لله، لما سلما لأمر الله نسخ الله ذلك وفداه بذبح عظيم.

    وأما عبد الله فالمشهور: أن عبد المطلب نذر إن وهبه الله عشرة أبناء أن يتقرب إلى الله بذبح أحدهم، فتم له ما رجا وأعطاه الله عشرة، فأقرع بينهم أيهم يذبحه فوقعت القرعة على عبد الله فلم يذبحه ووداه بمائة من الإبل، بدلاً من ذبحه واستقرت هذه الدية في قريش فيما ذكر جماعة من المؤرخين لقريش وعبد المطلب .

    ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أنا ابن الذبيحين) تفسيراً لهذا، يعني: الذبيح إسماعيل والذبيح عبد الله الذي كاد أن يذبحه أبوه لولا أنه افتدي بمائة من الإبل، ولولا أن الله نسخ ذبح إسماعيل.

    هما ذبيحان قد استحق ذبحهما لولا ما منَّ الله من وقاية ذبحهما بنسخ الذبح في حق إسماعيل وبافتداء عبد المطلب لابنه بمائة من الإبل، هذا هو المشهور في هذا.

    1.   

    حكم التبسم في الصلاة

    السؤال: أخيراً يسأل ويقول: هل التبسم في الصلاة يفسدها؟

    الجواب: التبسم لا يفسدها، لكن الضحك يفسدها، الضحك هذا يفسدها، وهكذا الكلام إذا تعمد الكلام وهو يعلم تحريمه أفسدها.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ)

    السؤال: المستمع (ر. ع. م) يسأل عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ [الرحمن:6].

    الجواب: على ظاهر الآية سجود يليق بهما، والله يعلم كيفيته سبحانه وتعالى، كما قال في الآية الأخرى سبحانه وتعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ [الحج:18] فكما أنها تسبح هي تسجد أيضاً، وهذا التسبيح وهذا السجود كلاهما يليق بهذه المخلوقات، لا يعلم كيفيته إلا الذي خلقها سبحانه وتعالى، تسبيح بني آدم معروف سجودهم معروف، وسجود الشجر والجبال الله سبحانه وتعالى يعلمه، وهكذا سجود الشمس والقمر سجود يليق بهذه المخلوقات، الله يعلم كيفيته سبحانه وتعالى.

    1.   

    حد ابتداء الجمع والقصر للمسافر

    السؤال: المستمع عبد العزيز اللحيدان من الرياض بعث يسأل ويقول: كنا في رحلة طلابية، وقبل أن تقلع الطائرة قبل الصلاة هل نصلي في المطار؟

    الجواب: المطار خارج البلد، خارج البنيان، وقد عزمتم على السفر فالصلاة في المطار قصراً للرباعية لا بأس به، لأنكم باشرتم السفر، وقد قصر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي الحليفة وفي طرف المدينة بعدما غادر المدينة، فإذا كان المطار مثل المطار الجديد هنا في الرياض خارج البلد، فلا بأس أن يقصر فيه الصلاة للقادم وللمسافر، القادم ما بعد وصل البلد فله أن يصلي في المطار العشاء والظهر والعصر قصراً، والذي سافر وخرج من البلد وانتظر الإقلاع وصلى الظهر قبل أن يقلع أو العصر أو العشاء قبل أن يقلع قصراً ركعتين لا بأس في ذلك، أو جمع بين المغرب والعشاء كذلك لا حرج؛ لأنه باشر السفر بوصوله إلى المطار الذي هو خارج البلد.

    1.   

    الرضاع المحرم

    السؤال: المستمع عمر محمد عابدين ، مقيم بضواحي مكة المكرمة، بعث يسأل ويقول: لقد رضع شقيقي الأصغر من ابنة عمتي مع بنتها الكبرى رضعة واحدة، وأريد أن أتزوج من بنتها الرابعة فهل يجوز لي ذلك أم لا؟ مع العلم بأن أمهاتنا متأكدات بأن الرضعة واحدة، ولكن لا يعلمن هل كانت مشبعة أم لا؟ وهل يجوز لشقيقي المذكور الزواج من أصغر بناتها؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: الرضعة لا تحرم ولا يحصل بها تحريم الرضاع، لابد من خمس رضعات، فله أن يتزوجها ولك أن تتزوجها أو تتزوج إحدى أخواتها، ليس على هذا عمل، ثم لو قدر أنها أرضعته خمس رضعات يختص التحريم به هو، أما أنت فلا حرج أن تتزوج أختها، إنما التحريم إذا أرضعته يكون أخاً لها، إذا أرضعته أمها خمس رضعات يكون أخاً لها هو، أما أنت فلست أخاً لها أنت لم ترضع.

    فالحاصل: أن لك أن تتزوج إحدى بناتها لأنك لست رضيعاً لهن، ولست أخاً لهن، أما هو لو ثبت أنها أرضعته خمساً صار ولداً لها هو خاصاً به.

    المقدم: جزاكم الله خيراً.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718756

    عدد مرات الحفظ

    768431266