مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة إحدى الأخوات المستمعات، بعثت برسالة تقول في بدايتها: أنا أختكم في الله (ع. ن) من المدينة المنورة، أختنا عرضنا لها قضيتين في هذه الرسالة وبقي لها قضيتان، القضية الأولى المتبقية تقول: إنني نذرت نذراً إن رزقني الله بطفل أن أسميه باسم أحد الصحابة، وعندما أنجبت الطفل لم أستطع تسميته، وقد أنجبت ثمانية أطفال، فهل علي ذنب في عدم الوفاء بالنذر؟ وما هي كفارته؟ علماً بأن زوجي تزوج امرأة ثانية وأنجب منها وسمى الطفل بالاسم الذي أريده، وقال: إنه وفاء لنذري فهل يكفي ذلك؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فعليك كفارة يمين عن نذرك، ولا يكفي كون زوجك سمى بأسماء بعض الصحابة؛ لأنك أنت الناذرة فعليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، عشرة إما غداء وإما عشاء وإما نصف صاع من قوت البلد من تمر أو رز أو حنطة، هذا هو الواجب، أو كسوة كل واحد له قميص أو إزار ورداء عن يمينك.
الجواب: ليس عليها قضاء ذلك اليوم، إذا كان الدم ارتفع عنها ذلك اليوم ولم تر دماً إلا بعد غروب الشمس، فإن ذلك اليوم صومه صحيح، والدم الذي عاد عليها بعد ذلك اليوم يعتبر دم الحيض إذا كان في أيام العادة، أما إن كان خارج العادة، بأن كانت عادتها أربعة أيام وطهرت ثم جاءها دم بعد اليوم الخامس الذي طهرت فيه، فهذا فيه تفصيل: فإن كان كدرة أو صفرة فإنه لا عمل عليه، تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة، أما إن كان دماً صحيحاً فإنه يكون حيضاً تابعاً للأول، واليوم الذي فيه الطهارة يوم صحيح صومه والحمد لله.
الجواب: عليك أن تراجع المحكمة أنت وأبوك والمرأة ووليها حتى تنظر المحكمة في الواقع، وحتى تفتيكم بما يقتضيه الشرع المطهر، أنت والمرأة ووليها وأبوك جميعاً، تراجعوا المحكمة في البلد بلدكم وتشرحون لها القضية، والقاضي ينظر في الأمر إن شاء ويحكم بينكم بما يقتضيه الشرع المطهر، ونسأل الله للجميع التوفيق.
الجواب: أيضاً كذلك هذه إلى المحكمة، وفيما تراه المحكمة الكفاية إن شاء الله.
الجواب: ليس للمرأة أن تلبس لبسة الرجل، لا زوجها ولا غيره، في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله المرأة تلبس لبسة الرجل، ولعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة)، فالواجب عليها أن تلبس لباسها الخاص والرجل كذلك لباسه الخاص، أما أن تلبس لباسه الخاص ولو تحت ثيابها ما يجوز، وهكذا الرجل ليس له أن يلبس لباس المرأة ولو تحت ثيابه.
الجواب: لا أدري.
الجواب: إذا كان الجزء مشاعاً كالربع أو الخمس لا بأس، تقولين له: اعمل فيه ولي الربع أو الخمس أو السدس هذا لا حرج فيه، هذا يسمى: المضاربة، أما أن يعطيك شيئاً معيناً خمسة ريالات كل شهر أو عشرة ريالات هذا ما يجوز هذا ربا، أما إذا قلت: أنت تعمل فيه والربح بيننا أنصاف أو أثلاث، أو لي السدس أو الخمس ولك الباقي هذا كله لا بأس به.
الجواب: عليكم التوبة إلى الله والندم، والعزم الصادق أن لا تعودوا، وعليكم قضاء الأيام التي أفطرتموها كلكم، والحديث المذكور ضعيف ليس بصحيح عند أهل العلم، حديث مضطرب، ويكفي أن يصوم مع التوبة، من صام يوماً بدل يوم كفى والحمد لله، شهر بدل شهر كفى والحمد لله مع التوبة إلى الله، وأما الحديث الذي ذكره السائل: (من أفطر يوماً عمداً بغير عذر لم يقضه صوم الدهر وإن صامه)، حديث ضعيف ذكر المحققون من أهل العلم أنه مضطرب لا يثبت، ولو صح لكان من باب الوعيد والتحذير، وإلا فاليوم يكفي، قال الله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185]، وهكذا من أفطر عمداً عليه عدة من أيام أخر مع التوبة إلى الله.
الجواب: ما ورد في الوعيد عند أهل السنة والجماعة يكون فيه حث للمؤمن وتحريض للمؤمن والمؤمنة على الحذر مما جاء فيه الوعيد من ترك واجب أو فعل محرم، كالوعيد في ترك الصلاة .. ترك الصيام .. ترك الزكاة .. ترك الحج .. مع القدرة ترك بر الوالدين ترك صلة الرحم ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما أشبه ذلك من باب الوعيد للحث على فعل الواجب، وهكذا ما ورد في وعيد الزنا وشرب الخمر واللواط والعقوق وقطيعة الرحم والربا، كل هذه الأنواع من الوعيد، المقصود منها التنفير والتحذير من معاصي الله جل وعلا، فإذا فعل المسلم واحدة منها صار نقصاً في إيمانه وضعفاً في إيمانه، وهو على خطر من دخول النار لكنه لا يكفر إذا كان ما أتى كفراً لا يكفر بهذا، بل يكون تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه يوم القيامة إن كان ما تاب؛ لأن الله سبحانه يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] ثم قال بعدها: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] فما كان دون الشرك فالله يغفره سبحانه وتعالى لمن يشاء، وأما إذا مات على الكفر بالله والشرك بالله فإن هذا لا يغفر بل صاحبه مخلد في النار نعوذ بالله، قال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، وقال سبحانه: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُه وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5].
فالحاصل أن المعاصي التي يفعلها الإنسان من ترك واجب أو فعل محرم إذا كانت ليست من قسم الكفر بالله والشرك الأكبر فإنها تكون نقصاً في الإيمان وضعفاً في الإيمان ولا يكفر بها الإنسان كما تقول الخوارج لا، الخوارج: يكفر من أتى المعصية، من زنى كفر عندهم، من شرب الخمر كفر، من عق والديه كفر وهذا غلط، قول الخوارج باطل، وأهل السنة والجماعة يقولون: المعصية تنقص الإيمان وتضعف الإيمان، ولا يكفرون بالذنب، ولكن يقولون: هو تحت المشيئة إذا مات على المعصية مات على الزنا ما تاب، مات وهو عاق ما تاب، مات وهو يشرب الخمر ما تاب، هذا تحت مشيئة الله ولا يكون كافراً، إذا كان يعرف أنها حرام ما استحلها يعلم أنها حرام وأنها معصية لكن غلبه الشيطان .. غلبه الهوى، فهذا يكون تحت مشيئة الله ويكون ناقص الإيمان ضعيف الإيمان لكنه لا يكفر بذلك ولا يخلد في النار، بل متى دخل النار فإنه يعذب فيها ما شاء الله، ثم يخرجه الله من النار بتوحيده وإسلامه الذي مات عليه، هكذا أجمع أهل السنة والجماعة رحمة الله عليهم، فالمعاصي تنقص الإيمان وتضعف الإيمان والطاعات تزيد الإيمان، والإيمان عند أهل السنة والجماعة يزيد وينقص، يزيد بالطاعات والذكر وينقص بالغفلة والمعصية، وإذا مات الإنسان على معصية فهو تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة وإن شاء عذبه على قدر المعصية من الزنا أو السرقة أو شرب الخمر أو العقوق أو غير هذا، إذا مات ولم يتب فإنه تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وعفا عنه بتوحيده وإيمانه وبالحسنات التي عنده، وإن شاء ربنا عز وجل عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، ثم بعد أن يطهر ويمحص في النار المدة التي يكتبها الله عليه، بعد هذا يخرج من النار إلى الجنة بسبب التوحيد الذي مات عليه والإسلام الذي مات عليه، هذا قول أهل الحق قول أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة ومن سار على نهجهم، فإنهم قد خالفوا الحق، والصواب قول أهل السنة والجماعة: أن المعصية لا تخرج من الإسلام، ولا توجب الخلود في النار إذا كان صاحبها مسلماً موحداً، ولكن أتى بعض المعاصي كالزنا أو شرب الخمر أو العقوق أو الربا ولم يستحل ذلك، يرى أنه عاص ما استحله، وأنه ظالم لنفسه لكنه غلبه الهوى والشيطان فهذا تحت مشيئة الله، قد يعفى عنه إذا مات على توحيد الله، قد يكون له حسنات عظيمة، صدقات، أشياء من الخير، فيغفر الله له بذلك، وقد يعذب على قدر المعاصي التي مات عليها وهو مسلم، ثم يخرجه الله بعد التعذيب والتمحيص إلى الجنة، وقد ثبتت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر في الأحاديث المتواترة أنه يشفع للعصاة من أمته، يعطيه الله منهم جماً غفيراً، يشفع عدة شفاعات في العصاة من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، فالله يحد له حداً فيخرجهم من النار ويلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تتام خلقهم أدخلوا الجنة، عدة شفاعات كلما شفع أعطاه الله جملة من الناس وحد له حداً، وهكذا يشفع المؤمنون، تشفع الملائكة، يشفع الأفراط، تشفع الأنبياء في أممهم.
المقصود أن هذا هو الحق، فينبغي أن يعلم هذا، وأما ما قالته الخوارج من كفر العاصي الزاني ونحوه وأنه يخلد في النار، وهكذا تبعت المعتزلة على خلوده في النار، والإباضية قالوا مثل قولهم بخلوده في النار، هذا منكر هذا باطل يجب الحذر منه والتوبة إلى الله منه، يجب على من قال هذا القول أن يتوب إلى الله، وأن يأخذ بقول أهل السنة والجماعة، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الجواب: الاستفتاح مشروع للإمام والمأموم إذا تيسر ذلك، فإن كان الإمام يبتدئ بالقراءة من حين يكبر ولا يستفتح فالمأموم كذلك لا يستفتح ينصت، أما إذا استفتح الإمام واستفتح المأموم فهذا هو الأفضل كالفريضة، هذا هو الأفضل، لكن لو كان الإمام لم يستفتح وترك السنة فلا حرج؛ لأن الاستفتاح ما هو بواجب سنة مستحب، وكذلك لو استعجل الإمام استفتح لكن صار أعجل من المأمومين والمأموم تأخر ولم يستفتح حتى شرع الإمام، فإنه لا يستفتح المأموم بل ينصت ويستمع للقراءة، ولكن لو قرأ الفاتحة كلهم يقرأ الفاتحة، الواجب قراءة الفاتحة على الجميع، حتى ولو كان الإمام يقرأ تقرأ أيها المأموم تقرأ الفاتحة ثم تنصت، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)، فالمأموم يقرؤها في الفريضة والنافلة، يقرؤها سراً ثم ينصت لإمامه، في قيام رمضان، وفي الفجر وفي المغرب والعشاء وفي الجمعة، المأموم عليه أن يقرأها هذا هو الصواب ثم ينصت.
ومن نسي ولم يقرأ أو جهل فلا شيء عليه؛ لأنه ثبت حديث من أبي بكرة رضي الله عنه أنه أتى والإمام راكع فركع معه ولم يأمره بقضاء الركعة.
الجواب: الحناء من صفات النساء، فينبغي أن لا يفعله الرجل؛ لأنه من التشبه بالنساء؛ لكن إذا كان في بلد يفعله الرجال دون النساء ما يكون تشبهاً أو كانت العادة عندهم يفعله الرجال في بعض الأوقات والنساء لا يفعلنه ليس من فعل النساء، صار من فعل الرجال، هذا يكون عادة خاصة عند أهل البلد، أما المعروف عندنا فالحناء من خصائص النساء لا يجوز فعله للرجال؛ لأنه تشبه بالنساء، لكن لو وجد بلد انعكس فيها الأمر صار الحناء للرجل في يده أو في رجله أو في رأسه والنساء لا يتعاطين ذلك؛ فالأظهر أنه لا يكون فيه تشبه؛ لأنه من خصائص الرجال حينئذ في تلك ذلك، وكونه يتجنبه الرجل هذا من باب الحيطة، أما الحكم بالتحريم الله أعلم، فمن صفة الجميع، ومن أعمال الجميع محل نظر، لكن كونه يتجنبه الرجل حتى يمتاز النساء عن الرجال، وهو في الغالب يكون من زينة النساء تتزين به المرأة للرجل وتجعل له الخضاب في يديها أو في رجليها هو الغالب من زينة النساء؛ لأنه يشوق الرجل إليها، فالذي ينبغي والأحوط أن يكون في حق النساء فقط وأن يدعه الرجل، كما أنه موجود في نجد ويمكن في بلدان أخرى تختص به المرأة، المرأة في نجد هي التي تتحنى والرجل لا يفعله، فإذا كان في بلد يفعله هؤلاء وهؤلاء فالأقرب والله أعلم أن الرجل يتجنبه حتى يبتعد عن الشبهة: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله تعالى بإجابة السادة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم بخير.
مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر