مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الرياض، وباعثها أحد الإخوة المستمعين يقول: سعد أبو محمد ، أخونا سعد له سؤال طويل يقول فيه: هل يجوز للجن الصالحين أن يسكنوا في أجساد المسلمين من الإنس مع الدليل، مع العلم أن بعض الجن الصالحين لا يلحقون أذىً بالإنس بل ينزلون ويتلبسون لكي يستمعوا الذكر والقرآن وبعض الجن الصالحين يقرأ القرآن ويخرج مردة الجن من بعض الإنس بلسان صاحبه الإنسي الذي يسكن فيه، جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فلا شك أنه لا يجوز للجن أن يسكن في أجساد الإنس ولا أن يتعدى عليهم ولا أن يؤذيهم، ومن أعظم الظلم ومن أعظم الأذى أن يخالط الجني الإنسي ويسكن في جسمه ويتلبس به؛ لما في ذلك من إفساد عقله وجعله في حكم المجانين، مع ما في ذلك من الشرور الأخرى والأذى الآخر، والله سبحانه يقول: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان:19] ويقول جل وعلا في كتابه العظيم: وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ [الشورى:8] ويقول: وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الإنسان:31] فلا يجوز للجني أن يؤذي المسلم الإنسي ولا يجوز للإنسي أن يؤذيهم أيضاً ويضرهم، كل منهما عليه احترام الآخر والحذر من ظلمه، ومعلوم ما في حلول الجني في جسم الإنسي من الأضرار الكثيرة والفساد الكبير، سواء كان مسلماً أو كافراً، ليس له أن يسكن في جسم الإنسي، وليس له أن يؤذيه ولا أن يضره، ومعلوم أيضاً ما يحصل للناس من النفرة من هذا الذي داخله الجني، وما يحصل عليه من المضرة والأذى في ذلك، فالواجب على الجن أن يحذروا ظلم الإنس، وأن يبتعدوا عن أذاهم، وإذا أراد سماع القرآن يسمعه في حلقات العلم وحلقات القرآن من دون تلبسه بالإنسي، في إمكانه سماع القرآن وسماع الأحاديث بحضور حلقات العلم في المساجد وغيرها، أما احتجاجه على ذلك بأن يحب أن يسمع منه القرآن فهذا غلط ودعوى خاطئة لا وجه لها، والله المستعان.
المقدم: جزاكم الله خيراً، ماذا على الإنسي حتى لا يؤذي الجني؟!
الشيخ: على الإنسي أن يتعوذ بالأعواذ الشرعية التي يعيذه الله بها من الجن، ومن ذلك آية الكرسي عند النوم: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ .. [البقرة:255] إلى آخرها: وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255].
ومن ذلك قراءة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين عند النوم ثلاث مرات، ومن ذلك: أن يقول مساءً وصباحاً: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، يقول صلى الله عليه وسلم: (من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك) وقال: (من قالها ثلاثاً في ليله لم تصبه حمة) يعني: سم ذوات السموم.
ومن ذلك أن يقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ومن قالها ثلاث مرات لم يضره شيء، ومن ذلك أن يقول: (أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة) (كان المصطفى عليه الصلاة والسلام يعوذ بهما
وفي الحديث الصحيح: (أن العبد إذا دخل بيته مساءً وقال: بسم الله، قال الشيطان لغيره: لا مبيت، وإذا سمى عند أكله قال: لا مبيت ولا عشاء)، فتسمية الله والتعوذ به سبحانه من أسباب السلامة من الشياطين، فينبغي للمؤمن أن يحافظ على ذلك وأن يأخذ بالأوراد الشرعية التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك حفظ من الله عز وجل وسلامة للعبد من أذى الجن والإنس جميعاً، والله المستعان.
الجواب: السنة للمؤمن إذا حصل له التثاؤب أن يكظم فمه ما استطاع، وأن يضع يده على فيه ولا يقل: هاه ولا يفتح فاه، هكذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم وأمر، أمر بوضع اليد على الفم وأن يكظم ما استطاع، وقال: (لا يقل: هاه؛ فإن الشيطان يدخل في فيه) ولكن يكظم ما استطاع ويضع يده على فيه ولا يتكلم بشيء حتى ينتهي، لا يقرأ ولا يتكلم حتى ينتهي التثاؤب، هذا هو المشروع، إذا حصل التثاؤب يشرع له أمور عدة.
الأمر الأول: أنه يكظم ما استطاع يعني: يضم فمه ما استطاع حسب الطاقة.
الثاني: أنه يضع يده على فيه.
الثالث: أنه لا يقول: هاه، بل يحفظ لسانه ولا يتكلم بشيء لا قليل ولا كثير، هكذا السنة التي جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وبذلك يعلم أنه لا يقرأ ولا يحدث أحداً، ولا يتكلم بشيء حتى ينتهي التثاؤب؛ لأنه قد يتكلم بشيء غير مضبوط.. يغلبه التثاؤب فيكون كلامه غير مضبوط، فلا يتكلم حتى ينتهي.
الجواب: السنة أن ينوع في الاستفتاح، ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يجمعها في الاستفتاح تارةً يستفتح بما جاء في حديث عمر : (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) وتارةً بما جاء في حديث أبي هريرة : (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) وهو في الصحيحين، وتارة يستفتح بما جاء في حديث عائشة : (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم).
وهكذا في بعض الأحيان يستفتح بما في حديث علي : (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين ..) إلى آخره، هو حديث طويل رواه مسلم في الصحيح، أو بما جاء في حديث ابن عباس في البخاري ورواه مسلم أيضاً وهو حديث طويل: (اللهم لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن) إلى آخر الحديث الطويل، فالمؤمن هكذا والمؤمنة كذلك، تارةً يستفتح بهذا وتارةً يستفتح بهذا، وإن استمر على واحد فلا بأس، وأصحها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان يستفتح إذا كبر في الصلاة للفريضة يقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) خرجه البخاري ومسلم في الصحيحين.
أما الأذكار في الركوع والسجود فإنه يأتي منها بما تيسر، يشرع له أن يأتي بما تيسر، لكن يخص (سبحان ربي العظيم) في الركوع و(سبحان ربي الأعلى) في السجود، فيقول في الركوع: (سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم) فإذا كررها ثلاثاً فهو أفضل والواجب مرة، وذهب الجمهور إلى أنها مستحبة فقط، ولكن ذهب جمع من أهل العلم إلى وجوب هذا الذكر: (سبحان ربي العظيم) في الركوع و (سبحان ربي الأعلى) في السجود؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام حافظ عليها، وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لما نزل قوله تعالى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الحاقة:52] قال: (اجعلوها في ركوعكم) ولما نزل قوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] قال: (اجعلوها في سجودكم).
فينبغي للمؤمن والمؤمنة المحافظة على ذلك، (سبحان ربي العظيم) في الركوع و (سبحان ربي الأعلى) في السجود، والأفضل أن يكرر ذلك ثلاثاً، وإن كرر أكثر فهو أفضل، ويستحب مع هذا أن يقول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) في الركوع والسجود، تقول عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) ويستحب أن يقول: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح)، كان يقوله النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً في الركوع والسجود، فإن أتى بما تيسر من هذا كان هذا أفضل، وإن اقتصر على البعض فلا بأس، وإن جمع الجميع فلا بأس، لكن لا يدع (سبحان ربي العظيم) في الركوع، ولا يدع (سبحان ربي الأعلى) في السجود ولو مرة، ويستحب له الإكثار من الدعاء في السجود؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) أي: فحري أن يستجاب لكم، رواه مسلم في صحيحه، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) رواه مسلم أيضاً.
فالسنة الإكثار من الدعاء في السجود، مع قول: (سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى)، مع قول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، وهكذا بين السجدتين يقول: (رب اغفر لي رب اغفر لي اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني) يكرر ذلك، وإن دعا بزيادة (اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين) فلا بأس كله دعاء.
والسنة أن يطيل هذا الركن وهو الجلوس بين السجدتين، كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيله حتى يقول القائل: قد نسي، وهكذا بعد الركوع السنة أن يطيل الاعتدال، قال أنس رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل الاعتدال بعد الركوع وبين السجدتين حتى يقول القائل: قد نسي) بعض الناس ينقر هذا الركن ولا يعطيه حقه بل يعجل وهذا لا يجوز، بل الواجب الطمأنينة في جميع الصلاة، في الركوع والسجود والاعتدال بعد الركوع والجلوس بين السجدتين، يجب الاعتدال في هذا والطمأنينة.
أما ذكر الاعتدال بعد الركوع فإنه لم يرد ما يدل على التكرار، لكن يأتي به إذا تيسر كله: (ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، هذا هو الكمال وإلا اقتصر على قوله: (ربنا ولك الحمد) أو (اللهم ربنا لك الحمد) أجزأه الإمام والمأموم والمنفرد، لكن إذا كمل كان أفضل، وإن اقتصر على قوله: (ربنا ولك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد) فلا بأس أيضاً، ولكن الواجب: (ربنا ولك الحمد) أو (اللهم ربنا لك الحمد)، لأن الرسول عليه السلام قال: (إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد) فدل ذلك أن هذا هو الواجب والباقي مستحب وكمال.
وهكذا الواجب بين السجدتين يقول: (رب اغفر لي)، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على ذلك: (رب اغفر لي) والواجب مرة كالتسبيح في الركوع والسجود، ولكن إذا كرر ذلك ثلاثاً أو أكثر كان أفضل، (رب اغفر لي، رب اغفر لي) لما يجلس بين السجدتين، وإذا زاد (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني واجبرني) كان أفضل.
الجواب: الحديث هذا ضعيف؛ لأن الشعبي لم يدرك ابن مسعود ولم يسمع منه، وهو منقطع، ولكن ما يتعلق بآية الكرسي محفوظ، كان النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن قرأ آية الكرسي في الليل عند النوم: (لم يزل عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح) والأصل في ذلك أن أبا هريرة كان وكيلاً على الصدقة -صدقة زكاة الفطر- فجاءه شيطان يأخذ من الصدقة فأمسكه أول ليلة وهو يعرف أنه شيطان، فقال: دعني أنا ذو عيال وفقير، فتركه أبو هريرة ورحمه، ثم جاءه الثانية، فكذلك قال: دعني أنا فقير ذو عيال، ثم جاءه في الثالثة فأمسكه، قال: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه ثالث ليلة وأنت تقول: لا أعود، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها: إن أويت إلى فراشك فاقرأ: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] حتى تبلغ: وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255] فإنه لا يزال معك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، قال أبو هريرة : فأطلقته، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقك وهو كذوب) (صدقك) يعني: فيما قال (وهو كذوب) الشيطان من شأنه الكذب، لكنه فيما قال عن آية الكرسي صحيح، من قرأها في ليله لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح، فينبغي أن يقرأها المؤمن والمؤمنة عند النوم، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) يعني: كلها، فقراءتها في البيت من أسباب هروب الشيطان، وهي سورة عظيمة، وهي أطول سورة في كتاب الله عز وجل، فإذا قرأها المؤمن فهي من أسباب خروج الشيطان من بيته، ولكن لا يلزم أنه لا يعود، قد يخرج ثم يعود، فإذا حاربه بالأذكار والتعوذات كان هذا من أسباب السلامة، كما أنه إذا سمع النداء أدبر وله ضراط، فإذا فرغ الأذان عاد يخطر بين المرء وبين قلبه يقول له: اذكر كذا اذكر كذا في صلاته، وهكذا إذا سمع الإقامة أدبر وله ضراط، فإذا انتهت الإقامة رجع حتى يوسوس للمؤمن ويقول له: اذكر كذا اذكر كذا، فهو عدو الله حريص على إفساد أعمال بني آدم وإفساد عباداتهم والتشويش عليهم، فينبغي للمؤمن أن يكون حريصاً على التعوذات الشرعية كما شرع الله جل وعلا له، حتى يقيه الله سبحانه وتعالى من شره.
فالأذكار من أسباب طرد الشيطان، وهكذا التعوذات الشرعية، يقول الله عز وجل في كتابه العظيم: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [الأعراف:200] فنزغات الشياطين هي وساوسه، فإذا تعوذ المؤمن بالله من الشيطان الرجيم كان هذا من أسباب السلامة والعافية من مكائد عدو الله، وهكذا الإكثار من ذكر الله يطرد الشيطان، يقول الله جل وعلا: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف:36] فالإكثار من ذكر الله من أسباب طرد الشيطان والعافية من كيده ونزغاته، والغفلة من أسباب تسليطه، وقال تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ [الناس:1-4] قال العلماء: معنى ذلك أنه وسواس عند الغفلة خناس عند الذكر، متى غفل العبد وسوس إليه وآذاه، ومتى أكثر من ذكر الله خنس عدو الله وتصاغر وانقمع.
الجواب: عليها أن تتقي الله ما استطاعت، تتوضأ كما أمر الله، يقرب لها الماء وتتوضأ إذا كانت يداها صالحتين أو يوضئها غيرها كأبيها وأخيها أو أختها أو زوجها؛ لأن الله سبحانه يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
أما الاستجمار فينبغي إذا كانت تستطيع بيدها أن تستعمل الحجر أو اللبن أو المناديل حتى تنظف الدبر والقبل من أثر الغائط والبول ثلاث مرات أو أكثر حتى يتنقى المحل من الأذى، ويكفي ذلك عن الماء، فإذا استطاعت أن تفعل هذا بيدها يعني: تطهر محل الغائط بالمناديل حتى تنقي المحل من أثر الغائط ثلاث مرات أو أكثر، لابد من ثلاث فأكثر لا يقل عن ثلاث، وهكذا المسح للقبل ثلاث فأكثر حتى يتنقى المحل من أثر البول، وهكذا الذكر الرجل ولو أنه صحيح ولو أنه سليم ولو أنها سليمة المرأة إذا فعلت هذا يكفي عن الماء، وأما الوجه واليدان والرأس والرجلان فلابد من الوضوء إن استطاعت بنفسها وإلا وضأها غيرها من زوج أو خادم أو أم أو أخت أو نحو ذلك، فإن لم يتيسر لها أحد يوضئها تيممت إن استطاعت، تضرب التراب بيديها وتمسح بهما وجهها وكفيها بنية الطهارة، فإن لم تستطع يممها غيرها أيضاً، تسمح لغيرها تأذن لغيرها ويقوم مقامها، فيضرب التراب بيديه ويمسح بهما وجهها وكفيها بالنية عنها، إذا لم يتيسر من يوضئها.
فالحاصل أنها تتقي الله ما استطاعت في الوضوء والتيمم بنفسها أو بمن يقوم مقامها إن عجزت.
وأما الاستنجاء فيكفي الحجارة أو اللبن أو المناديل وليس من اللازم أن تستعمل الماء، فإذا استجمر الإنسان بالحجارة أو باللبن أو بالمناديل ثلاث مرات أو أكثر حتى أنقى المحل كفى ذلك ولو كان صحيحاً، فالمريض من باب أولى.
الجواب: عليك مراجعة الفتوى لديكم في الأزهر أو مفتي مصر وفيهما البركة إن شاء الله والكفاية، نسأل الله للجميع التوفيق.
الجواب: هذا شيء مبهم، فإن الدروشة ليس لها حد معروف، لابد من البيان، هذه الدروشة ما هي؟ هل هي بدعة معروفة؟ أو دعاء غير الله أو الاستغاثة بغير الله؟ أو ما هي الدروشة؟ لا يمكن الجواب عن هذا إلا ببيان الدروشة.
الجواب: إذا كان الإنسان طالب علم واتبع المذهب الحنفي في مسائل، بأن ظهر له أنها صحيحة وأن مذهبه أولى من غيره، ثم اتبع مذهب الشافعي أو مالك أو أحمد في مسائل أخرى ظهر أن مذهبهم فيها هو الصحيح حسب الأدلة فلا بأس بهذا؛ لأن المؤمن حسب ما أعطاه الله من العلم يتبع الدليل وينظر في الدليل، فما قام عليه الدليل وجب الأخذ به، سواء وافق مذهب الشافعي أو أبي حنيفة أو مالك أو أحمد أو غيرهم من أهل العلم، المهم أن يوافق الدليل، وأن يدل عليه آية أو حديث شريف صحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما بالتشهي والهوى فلا، كونه يتلاعب تارةً كذا وتارةً كذا، هذا لا يجوز، ولكن عليه أن يحرص على معرفة الدليل وسؤال أهل العلم عما يشكل عليه، فإذا كان طالب علم وعرف بالدليل أن هذا المذهب في هذه المسألة أرجح وذاك في المسألة الأخرى أرجح فلا بأس، وإلا فعليه أن يسترشد بالعلماء ويستفتيهم ويعمل بما يرشدونه إليه من العلم.
الجواب: التزاور في الله سنة وقربة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول الله عز وجل: وجبت محبتي للمتزاورين في، والمتحابين في، والمتجالسين في، والمتباذلين في).
فالتزاور في الله فيه خير كثير ومصالح كثيرة زاره سلم عليه وصافحه ودعا له، كل واحد يدعو للآخر، وإذا حدث لديه وآنسه بالحديث الطيب والمذاكرة فيما ينفعهم جميعاً في دينهم ودنياهم هذا من تمام الزيارة، وإذا أعانه على شيء مما يحتاج إليه في أمور دينه ودنياه والدعاء له بالتوفيق والصلاح والهداية والاستقامة، فهو خير.
المقدم: جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر