إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (354)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم الحلف بالطلاق حال الغضب بنية المنع لا الطلاق

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: مع مطلع هذه الحلقة نعود إلى رسالة المستمع حمدي خليل مصري ويعمل في جدة، الأخ حمدي عرضنا بعض أسئلة له في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة يسأل ويقول: أسألكم لو تكرمتم عن حكم الشرع في رجل في لحظة غضب حلف على زوجته قائلاً: علي الطلاق وكرر ذلك ثلاث مرات، لن تذهبي إلى عملك غداً، وفي الصباح هدأت العاصفة وذهبت زوجته إلى عملها وقام هو بتوصيلها إلى مكان العمل، علماً بأنه لا يريد طلاقها، بل يريد منعها، وقد ندم على ما فعل وعزم على عدم العودة إلى مثل ذلك مستقبلاً، فهل يعتبر ذلك طلاقاً أم يعتبر يميناً تستوجب الكفارة، ناقشوا لنا هذا الموضوع وفقكم الله، وجزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فهذا الطلاق وأشباهه يعتبر في حكم اليمين، ولا يقع لأنه لم يقصد إيقاعه وإنما قصد المنع، فيكون عليه كفارة يمين، هذا هو أصح قولي العلماء في هذه المسألة، وهكذا لو قال: عليه الطلاق إن كلمت فلاناً، قصده المنع، منعها من الكلام، أو عليه الطلاق إن لم تفعلي كذا، قصده حثها على فعله ولم يقصد إيقاع الطلاق، فإنه يكون في حكم اليمين، والقاعدة أن الطلاق إذا كان معلقاً على شيء يقصد به الحث أو المنع، أو التصديق أو التكذيب ولا يقصد صاحبه إيقاع الطلاق، فإنه يكون في حكم اليمين، ولا يلزمه إلا كفارة اليمين، هذا هو أصح ما قيل في ذلك من كلام أهل العلم رحمة الله عليهم.

    ونوصي أخانا بأن يترك هذا الكلام ولا يتعود هذا الكلام، لأن هذا فيه خلاف كبير بين أهل العلم، فينبغي للمؤمن ترك هذه الأشياء التي قد تسبب شبهة وضرراً عليه.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، تتفضلون بتذكيره بكفارة اليمين سماحة الشيخ؟

    الشيخ: كفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فمن عجز عن ذلك يصوم ثلاثة أيام، وهذا بحمد الله إطعام عشرة مساكين لا يكلف شيئاً، يطعمهم طعاماً مطبوخاً في بيته مثلاً، أو في أي مطعم، غداء أو عشاء وجبة واحدة، وإن أعطاهم نصف صاع من قوت البلد من أرز أو بر أو تمر كفى ذلك، ومقداره كيلو ونصف تقريباً لكل واحد، وإن كساهم كسوة تجزئهم في الصلاة كقميص أو إزار ورداء كفى ذلك أيضاً.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، الذين يسألون عن دفع النقود بدلاً عن الإطعام ماذا يقول سماحة الشيخ لهم؟

    الشيخ: دفع النقود لا يجزئ، عليهم ما ذكر، إما إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمن عجز صام ثلاثة أيام.

    1.   

    حكم الحج عن امرأة كانت تصدق السحرة والكهنة جهلاً منها

    السؤال: ننتقل إلى رسالة أخرى وصلت إلى البرنامج من أحد المستمعين يقول: (ف. م) من لواء الحديدة باليمن، ومقيم في منطقة الأحساء بالمملكة، بعث برسالة يقول فيها: والدتي كانت تصدق السحرة والكهان والمشعوذين، ولكنها كانت لا تعلم أن هذا حرام وفيه إثم عظيم، وتوفيت وهي على جهلها بذلك، فهل يلحقها إثم، وهل يجوز لي أن أحج عنها، عسى الله أن يغفر لها، مع العلم أنها كانت تصوم وتصلي أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: إذا كانت والدتك موحدة تعبد الله وحده، ولا تتعلق بأصحاب القبور ولا تدعوهم من دون الله، ولا تستغيث بالأولياء والأنبياء، ولكنها قد تصدق بعض السحرة فيما يخبرون به أو بعض الكهنة عن جهل منها فنرجو أن إسلامها باقٍ، إذا كنت لا تعلم منها ما يوجب كفرها من دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، أو أن السحرة يعلمون الغيب، أما إن كانت تصدق أن السحرة يعلمون الغيب أو تدعو الأموات أو تستغيث بالأموات كـابن علوان أو غيره، فهذا كفر أكبر لا يدعى لها ولا يحج عنها، أما إذا كنت تعلم منها أنها لا تفعل ذلك بل هي موحدة لا تعبد إلا الله، ولا تدعو إلا الله، ولا تعتقد أن أحداً يعلم الغيب، ولكنها قد تصدق بعض أخبار المشعوذين الذين يسمون بالسحرة أو بالكهنة جهلاً منها، فلا حرج في الحج عنها والدعاء لها إن شاء الله.

    1.   

    حكم هبة الوالد شيئاً لأحد أولاده وموافقة البقية بعد موت أبيهم

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من الرياض باعثها المستمع مسفر فهد سعيد القحطاني يقول: هناك عمارة دورين اشتراها الوالد بمبلغ مائة وثلاثين ألف ريـال، وتقبلت الصندوق العقاري بمبلغ مائة وثلاثة وعشرين ألفاً ومائتين وثمانية وتسعين، وهذا كان في حياة الوالد، وقد توفي قبل ثلاث سنوات، وقد أعطاني تلك العمارة، وأخبر إخواني الخمسة بذلك وأختين، وكان لديهم علم بذلك ولم يعارض منهم أحد وهو على قيد الحياة حسب علمي، وأظن أن الوالد أعطاني العمارة حباً لي وليس تفضيلاً على إخواني وأخواتي، والآن أريد أن أبرئ ذمتي في هذا الموضوع، هل يجوز لي أن أمتلك تلك العمارة مع العلم أنهم وقعوا على ورقة أنهم راضون بذلك، وليس لديهم مانع بعد وفاته؛ لأن العمارة باسم شخص ثانٍ ولم تنقل ملكيتها وهي مسجلة باسمي في الصندوق العقاري، وإنما أخشى أن يكون أحدهم غير راض من قلبه، وهل يلحق والدي ذنب، أفتونا مأجورين جزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب: إذا كان الواقع كما ذكرته فلا حرج، إذا كانوا مرشدين، ورضوا بذلك فلا حرج عليك والحمد لله وجزاهم الله خيراً، القلوب إلى الله سبحانه وتعالى، ما دام صدقوا على ذلك، ورضوا بذلك، ولم يعارضوا، فلا حرج عليك إن شاء الله.

    ولا حرج على والدك، ما دام سامحوه ورضوا الحمد لله.

    1.   

    تأويل رؤيا منامية عن علامات الساعة

    السؤال: ننتقل إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات تقول: المرسلة فتاة القرية من بلاد غامد ضمنت رسالتها جمعاً من الأسئلة، تقول في أحدها: إنها دائماً تحلم بأشياء، وتتحقق أغلب هذه الأحلام، وترى أشياء في المنام يقال: إنها من علامات الساعة، فهل هذه الرؤيا تدل على أعمال المرء كما قيل؟

    الجواب: الله أعلم، لا أعلم تأويلها، الله أعلم سبحانه وتعالى.

    1.   

    حكم كشف المرأة وجهها أمام أزواج أخواتها لأن بها عاهة خلقية

    السؤال: تقول في سؤال آخر: فتاة متدينة، وتجاوزت العشرين من عمرها، والحمد لله تؤدي كل واجباتها الدينية، إلا أنها تكشف وجهها أمام أزواج أخواتها، وذلك لأنها ليس لها رغبة في الزواج؛ لأن بها عاهة خلقية منذ الولادة فهل عليها إثم في ذلك؟

    الجواب: عليها التوبة إلى الله من ذلك؛ لأن كشفها لأزواج أخواتها لا يجوز، فينبغي لها في مثل هذا الندم والاستغفار والحمد لله، إلا إذا كانت العاهة في الوجه، فتكون مثل القاعدة مثل العجوز الكبيرة التي لا تشتهى، ولا شيء عليها إن شاء الله، أما إذا كان وجهها سليماً والعاهة داخلية فعليها التوبة والاستغفار؛ لأنه ليس لها الكشف بل عليها أن تحتجب عن أزواج أخواتها وعن كل أجنبي؛ لقول الله عز وجل في كتابه العظيم: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، ولقوله سبحانه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] الآية، والوجه من أعظم الزينة، بل هو أبرز الزينة.

    1.   

    أثر المعاصي على النسيان

    السؤال: تقول: سمعت قولاً من أحد الناس أن الإنسان الذي يصاب بالنسيان يعد هذا من كثرة المعاصي فهل هذا صحيح؟

    الجواب: النسيان له أسباب كثيرة، وليس ذلك من أجل المعاصي، له أسباب كثيرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون) فالنسيان من صفة الإنسان، ولا أحد يسلم من النسيان، لكن يقل ويكثر، وعلى حسب كثرة مشاغل الإنسان وأعماله يغلب عليه النسيان في بعض الأحيان.

    فالمقصود أن النسيان قد يكون للمعاصي أثر فيه، وقد يكون لأعمال أخرى وهي المشاغل الكثيرة التي تشغل العبد حتى ينسى بعض أعماله وبعض شئونه، فالمعاصي من جملة الأسباب التي قد تسبب النسيان.

    1.   

    واجب الابن تجاه والدته المتساهلة في الصلاة

    السؤال: تقول: إن والدتي في أغلب الأحيان لا تؤدي الصلاة كما هو مطلوب، وعندما أنبهها لذلك تغضب مني كثيراً، فهل علي إثم في ذلك؟

    الجواب: لا، أنت مأجور، تنبيهها ومساعدتها على إقامة الصلاة في أوقاتها أمر لازم، وهو من باب إنكار المنكر، ومن باب الأمر بالمعروف، فأنت مأجور في ذلك ولو غضبت عليك، عليك بالصبر والاحتساب والكلام الطيب والأسلوب الحسن حتى تعينها على طاعة الله.

    1.   

    حكم من ترك الصلاة جهلاً ولا يدري كم عددها بعد توبته

    السؤال: آخر سؤال لفتاة القرية في هذه الحلقة تقول: إن والدتها وهي صغيرة كانت تترك الصلاة، ليس تساهلاً ولكن جهلاً، ولا تعلم كم كان عدد هذه الصلوات، والآن تسأل بعد أن تابت والحمد لله وأصبحت تحافظ على الصلوات، تسأل: كيف التصرف فيما مضى جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: يكفيها التوبة والحمد لله، ليس عليها قضاء، عليها التوبة والتوبة حصلت والحمد لله؛ لأن ترك الصلاة كفر والتوبة تكفي في ذلك والحمد لله.

    1.   

    حكم التلفظ بالنية عند القيام للصلاة

    السؤال: من أحد الإخوة المستمعين رسالة يقول: أخوكم حسن عبد الله سالم يمني يقول: هل يجوز للفرد عند قيام الصلاة أن يذكر الوقت وعدد ركعاته، أو يكتفي بالتكبيرة فقط؟

    الجواب: يكفي التكبير والحمد لله، أما قول: نويت كذا وكذا فهذا بدعة، لا أصل له، نويت أن أصلي كذا وكذا ركعة في وقت كذا، هذا لا أصل له، وليس من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا من فعل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، بل ذلك من البدع التي أحدثها بعض الناس، ويكفي المؤمن النية في قلبه أنه قام لصلاة الظهر، العصر، المغرب، العشاء، لصلاة الضحى، لصلاة الاستخارة، لصلاة الكسوف، النية كافية فقط، والحمد لله.

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) والنية محلها القلب، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: فهو مردود، وليس من عمل النبي صلى الله عليه وسلم ولا من سنته أن يتلفظ بالنية ويقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، أو نويت أن أتوضأ، أو نويت أن أطوف، هذا لا أصل له.

    1.   

    التفصيل في حكم النحنحة في الصلاة

    السؤال: يسأل أيضاً ويقول: ما حكم الأشخاص الذين يتنحنحون في الصلاة، وهل هذا جائز؟

    الجواب: إذا كان له داعٍ وأسباب لا بأس، إذا كان حصل لحلقه شيء وتنحنح لإزالة ما وقع في حلقه، أو استأذن عليه إنسان فتنحنح ليخبره أنه يصلي فلا حرج عليه، وإذا قال: سبحان الله كان أولى حتى يتنبه المستأذن، وقد روي عن علي رضي الله عنه (أنه كان له من النبي صلى الله عليه وسلم مدخلان، وكان إذا أتاه وهو يصلي تنحنح له) ليعلم أنه يصلي، فالمقصود أنه إذا كان النحنحة لها سبب فلا حرج في ذلك، ولكن لا ينبغي له أن يكثر، تكون بين وقت وآخر، وأما إذا دعت حاجة إلى ذلك لأنه أصابه في حلقه شيء فتنحنح لذلك فلا حرج عليه إن شاء الله.

    لكن لو أكثر من ذلك من غير سبب وتوالى فهذا من العبث الذي يبطل الصلاة، إذا أكثر من ذلك وتوالت هذه النحنحة من دون سبب ومن دون علة، فإن هذا من جنس العبث الآخر الذي يبطل الصلاة.

    1.   

    حكم من ترك التشهد الأوسط سهواً ولم يذكر إلا بعد القيام

    السؤال: المستمع محمد علي سعيد يمني مقيم في تبوك يقول: إذا صلى أحد صلاة الظهر، وفي الركعتين الأوليين قام ولم يجلس للتشهد الأول، هل يرجع ليؤدي التشهد الأول، أم يواصل صلاته، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: السنة أنه يواصل، فإذا كمل صلاته سجد سجدتين قبل أن يسلم للسهو، إذا استتم قائماً ولم يذكر إلا بعد استتمامه قائماً فالسنة له أن يواصل، فإذا فرغ من التشهد والدعاء، سجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه في بعض صلواته الظهر أو العصر نسي التشهد الأول، وقام وقام الناس معه، فلما قضى صلاته عليه الصلاة والسلام سجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم، ما كان منع الناس من الجلوس عليه الصلاة والسلام، هذا هو السنة، لكن لو رجع وتشهد فلا شيء عليه، لكن السنة له والأفضل له أن يستم.

    1.   

    حكم صلاة العيد للمسافرين والبدو في الصحراء

    السؤال: إذا كان الإنسان في صحراء وحان وقت صلاة العيد، هل يصليها أم بماذا تنصحونه؟

    الجواب: صلاة العيد لا تشرع للمسافرين، ولا للبادية، صلاة العيد هي مشروعة للمقيمين في القرى والأمصار كالجمعة، أما المسافرون والبادية فلا تشرع لهم صلاة العيد ولا صلاة الجمعة.

    1.   

    حكم الذبح للولي إذا رزق العبد مولوداً وفاءً بالنذر

    السؤال: من بغداد الأعظمية حي تونس، رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع: (ع. خ. م) عرضنا سؤالاً له في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة يقول: ما رأي سماحة الشيخ في العائلة التي عندما يولد لها مولود تقوم بذبح شاة لأحد الأئمة دون الله، وذلك لنذر كانوا قد نذروه، علماً أنهم يذبحون للذكر فقط، ولا يذبحون للأنثى، وهل على المولود بعد بلوغه من ذنب، ماذا عليه أن يفعل جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: هذا من الشرك الأكبر، والواجب على من فعله التوبة إلى الله، ثم الندم وعدم العود إلى ذلك، كونه ينذر ذبيحة للولي فلان، إذا جاءه ولد، هذا شرك أكبر نعوذ بالله، فالنذر عبادة لله سبحانه وتعالى، فالذي يفعل هذا عليه التوبة إلى الله وعدم العودة إلى مثل هذا، وأما الطفل فليس عليه شيء لأنه ليس من عمله، والله سبحانه يقول: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] لكن الذي فعل من رجل أو امرأة عليه التوبة، والرجوع إلى الله والندم على ما مضى وألا يعود إلى ذلك، والله سبحانه يقول: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] ويقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8]، فدعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله من الأولياء والأنبياء من أصحاب القبور، أو الاستغاثة بالجن أو بالملائكة أو بالنجوم والكواكب، كل هذا من الشرك الأكبر، كل هذا من عبادة غير الله سبحانه وتعالى، وهكذا النذر لهم والذبح لهم، كونه ينذر للأموات أو للملائكة أو للجن، أو للكواكب، ليشفعوا له، أو يخلصوه من النار أو يشفوا مريضه، أو يردوا غائبه، أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر.

    يقول الله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي يعني: ذبحي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163] ويقول سبحانه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1] فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] ويقول عز وجل: وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ [البقرة:270] فالنذر عبادة، التزام بعبادة الله من صدقة أو صلاة أو غير ذلك لا تجوز إلا لله وحده سبحانه وتعالى، فالذي ينذر ذبيحة إن رزقه الله مولوداً ذكراً للبدوي أو للشيخ عبد القادر أو للنبي صلى الله عليه وسلم أو للحسن أو الحسين أو علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أو لغيرهم، هذا يعتبر من الشرك الأكبر، وهكذا لو قال: يا علي انصرني أو اشف مريضي، أو يا سيدي الحسين أو الحسن ، أو يا رسول الله، أو يا سيدي عبد القادر ، أو ما أشبه ذلك، انصرني أو اشف مريضي أو أنا في جوارك وحسبك، أو المدد المدد، كل هذا من الشرك الأكبر.. كل هذا من عبادة غير الله سبحانه وتعالى، والله جل وعلا يقول: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5] ويقول سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، ويقول عز وجل: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر:14]، ويقول عز وجل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، ويقول سبحانه: لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، ويقول عز وجل: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] يعني: من المشركين.

    والآيات في هذا كثيرة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة) والله سبحانه يقول: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] فالواجب على جميع المسلمين وعلى جميع المكلفين الحذر من ذلك، وأن تكون العبادة لله وحده، كما قال سبحانه وتعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5] وقال: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، فهو الذي يدعى وهو الذي يرجى سبحانه وتعالى، هو الذي يتقرب إليه بالذبائح والنذور دون غيره سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذهم من كل ما يخالف شرعه والله المستعان.

    1.   

    معنى الإقعاء في الصلاة

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من جيزان القحمة، وباعثها المستمع: إبراهيم محمد سرحان ، الأخ إبراهيم له جمع من الأسئلة من بينها سؤال يقول فيه: قرأت أن من مكروهات الصلاة الإقعاء ما معنى هذا؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: الإقعاء المكروه في الصلاة هو أن ينصب فخذيه وساقيه، ويعتمد على يديه حال جلوسه كإقعاء الكلب أو الذئب ونحو ذلك. ويسمى عقبة الشيطان، كما في حديث عائشة أنها عقبة الشيطان، والحديث الآخر (نهى عن إقعاء كإقعاء الكلب) كونه إذا جلس بين السجدتين أو للتشهد ينصب فخذيه وساقيه ويعتمد على يديه، هذا هو الإقعاء المنهي عنه، وهناك إقعاء مشروع ذكره ابن عباس رضي الله عنهما وأنه من السنة،وهو أن يجلس على عقبيه بين السجدتين ويداه على فخذيه، ويجلس على عقبيه، هذا من السنة، ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه من السنة، ولكن الأفضل منه أن يفرش اليسرى وينصب اليمنى، حال الجلوس بين السجدتين أو في التشهد الأول، يفرش اليسرى وينصب اليمنى، هذا هو الأفضل والأكثر في الأحاديث.

    وفي التشهد الأخير من الظهر والعصر والمغرب والعشاء يتورك، يجلس على الأرض ويجعل رجله اليسرى تحت رجله اليمنى عن يمينه، هذا هو الأفضل في التشهد الأخير في الرباعية والثلاثية، أما الجلسة التي في التشهد الأول أو بين السجدتين، فهذا الجلوس يشرع فيه أن يجلس على رجله اليمنى ويفرشها وينصب اليمنى، وإن أقعى بين السجدتين بأن جلس على عقبيه بين السجدتين فهذا أيضاً من السنة، لكن الأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم هو الافتراش.

    1.   

    الدعاء الذي يقال عند رؤية الهلال

    السؤال: لو تكرمتم قولوا: ما هو الدعاء الذي يقال عند رؤية الهلال؟

    الجواب: لم يثبت في هذا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، جاء في عدة أحاديث فيها ضعف ومما ورد في ذلك التكبير: (الله أكبر، هلال خير ورشد، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى) لكن في أسانيدها ضعف، فمن قالها فنرجو أن لا حرج عليه، ولكن ليست ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    حكم من حج ووقف يوم عرفة خلف مسجد نمرة

    السؤال: حجيت في عام مضى وذهبنا إلى عرفات في اليوم التاسع، ولكن وقفنا خلف مسجد نمرة شرقاً بحوالي خمسين متراً فقط دون الذهاب إلى الجبل، فهل حجتنا صحيحة؟

    الجواب: إذا كنت خلف مسجد عرفات.. نمرة على ما قلت في الخمسين متراً فأنت في داخل عرفات وحجك صحيح والحمد لله، إذا كنت لم تخرج إلا بعد الغروب.

    أما إن كنت خرجت قبل الغروب ولم ترجع إلى عرفة فعليك دم يذبح في مكة للفقراء؛ لأن الواجب على من وقف بعرفات نهاراً أن يبقى إلى الليل أو يعود بعد الليل، فإذا كنت وقفت بعرفات حتى غابت الشمس فالحمد لله ولا شيء عليك؛ لأن شرقي المسجد وما عن الشرق كله من عرفة.

    1.   

    حكم من أراد الحج فتوفي قبل وصوله إلى مكة

    السؤال: أحد الإخوة المستمعين هو مبارك موسى من أم درمان في السودان يسأل ويقول: رجل أراد الحج، وبعد أن أكمل إجراءات السفر وقبل أن يصل إلى مكة المكرمة توفي إلى رحمة الله، هل هو كمن أدى الحج وهل على الورثة أن يحجوا بدلاً منه؟

    الجواب: إذا كان مات قبل أن يحرم فإنه يحج عنه، إذا كان يستطيع الحج، إذا كان خلفه تركة.. كان في حياته يستطيع فإنه يحج عنه، أما إن كان فقيراً فليس عليه حج.

    أما إذا كان قد أحرم ولكن مات في أثناء الإحرام فلا حج عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما مات شخص في عرفات قال: (كفنوه في ثوبيه) أمر بتغسيله بماء وسدر وتكفينه في ثوبيه ونهى أن يمس بطيب أو يغطى رأسه ووجهه، قال: (إنه يبعث يوم القيامة ملبياً)، ولم يؤمر أن يكمل عنه الحج، فدل ذلك على أنه يجزئه الحج الذي أحرم به، ولا يكمل عنه، أما إذا كان هذا الرجل مات قبل أن يحرم فإنه يحج عنه والحمد لله، إذا كان في حياته غنياً يستطيع الحج، يحج عنه من التركة، أما إن كان فقيراً فلا شيء عليه، لكن لو حج عنه بعض أقاربه أو بعض أصحابه فجزاهم الله خيراً.

    1.   

    حكم حج الصغير إذا أخطأ في المناسك

    السؤال: يقول: ما حكم حج الابن الصغير إذا ذهب مع والده وأخطأ في بعض الأحكام؟

    الجواب: حجه يعتبر نافلة، وإذا أخطأ في شيء عليه ما على الكبير المكلف، فإذا لم يرم الجمار، ولم يرم عنه الجمار، يفدى عنه بذبيحة، أما لو قطع أظفر أو غطى رأسه وهو ذكر ما عليه شيء؛ لأنه في حكم الناسي والجاهل؛ لأن مثله ليس ممن يفهم الأحكام، فإذا غطى رأسه أو قلم أظفره أو قطع بعض الشعر ولم ينتبه له وليه الذي معه حتى يعلمه فلا شيء عليه؛ لأنه ليس بمكلف.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نسأل الله للجميع التوفيق.

    المقدم: اللهم آمين، مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767957111