مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة من المستمع (ع. م) من الليف، بعث بها ويقول: ذهب أحد المعارف إلى معرض للسيارات لشراء سيارة بالتقسيط فطلبوا منه كفيلاً غارماً، فطلب مني أن أكفله فوافقت وذهبنا إلى المعرض، وبعد أن قمت بالكفالة المطلوبة قام الرجل بإعطائي مبلغ ألف ريـال سعودي دون أن أطلب منه ذلك، فهل يحل لي هذا المبلغ أم أعيده إليه أرجو الإفادة جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
هذا المبلغ يجب أن تعيده إلى صاحبه لأنه بمقابلة كفالتك له كفالة غرم، والمعنى أنك تسدد عنه إذا دعت الحاجة بهذه الزيادة التي أعطاك إياها مقدماً والكفيل لا يأخذ على كفالته شيئاً لأنها تعتبر تبرعاً وإعانة لأخيه وليست مما يعاوض عنها، فالواجب عليك رد هذا المبلغ إلى صاحبه.
الجواب: هذه العادة بدعة لا أصل لها في الشرع، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يفعلون ذلك فالواجب على المؤمن الحذر من البدع فهي شر وبلاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، يعني: فهو مردود، وكان يقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم -يعني: السيرة- وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) خرجه مسلم في صحيحه.
فالمصابون يعزون في ميتهم ويدعى لهم أن يجبر الله مصيبتهم ويحسن عزاءهم ويغفر لميتهم إذا كان مسلماً، أما كونهم يجلسون للعزاء ويتجمعون على القراءة وعلى الأكل والشرب ونحو ذلك، فهذا لا أصل له، لكن إذا جلس في بيته الوقت المعتاد الذي يجلسه الناس في بيوتهم وجاءه الناس يعزونه من دون إحداث شيء بل الجلوس العادي وإن صب لهم قهوة أو صب لهم شاهي فهذه جلسات عادية لا بأس بها.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه خبر جعفر بن أبي طالب لما قتل في مؤتة جلس واجماً أو يظهر عليه أثر الحزن عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن الجلوس عند المصيبة وعند روعة المصيبة ليس فيه حرج، لكن كونه يتعمد أن يكون لهذا نظام خاص بإيجاد طعام أو مأتم حزن أو جمع قراء أو قراءة خاصة يفعلونها بينهم أو دعوات يرفعون فيها أيديهم ويجتمعون عليها أو ما أشبه ذلك هذا لا أصل له، أما كونه جلس في بيته الجلوس المعتاد ضحوة أو ظهراً أو عصراً أو مغرباً ومر عليه جيرانه وأقاربه أو عزوه في الطريق أو في المسجد أو في المقبرة كله جائز والحمد لله، من دون أن يتخذ لهذا نظاماً خاصاً.
المقدم: قراءة الفاتحة أيضاً سماحة الشيخ؟
الشيخ: كذلك لا أصل لها، لا الفاتحة ولا غيرها، أما إذا قرءوا على العادة إذا اجتمعوا وقرءوا من القرآن لا لأجل الميت بل لأنهم مجتمعون وقرأ واحد يسمعهم كتاب الله لا بأس بهذا، أما يكون لقصد المصيبة فهذا لا أصل له.
الجواب: نعم، كتاب الطب لـابن القيم والذهبي كلها كتب طيبة، كذلك لـابن مفلح في الآداب الشرعية كلها كتب مفيدة فيها أشياء كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: مصافحة المرأة للرجل الأجنبي لا تجوز، حتى قال بعض أهل العلم: إنها أشد من النظر إليها لأن لمسه لها قد يسبب من الشهوة أكثر مما يسببه النظر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام لما مدت إليه امرأة يدها وقت البيعة قال: (إني لا أصافح النساء)، وقالت عائشة رضي الله عنها: (والله! ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام) فالمصافحة بين النساء والرجال الأجانب أمر منكر ولا يجوز لا مع الأقارب ولا مع غيرهم، إلا إذا كان محرماً كأخيها وعمها لا بأس أو مع النساء تصافحهن فلا بأس، أما أن تصافح رجلاً ليس بمحرم لها كابن عمها أو ابن خالها أو زوج أختها أو أخي زوجها أو ما أشبه ذلك هذا لا يجوز وهو من أسباب الفتن.
الجواب: أعظم كتاب وأشرف كتاب وأصدق كتاب يعلم الدين ويرشد إلى أحكام الله ويحصل به الفقه في الدين كتاب الله القرآن، هو أعظم كتاب وهو أصدق كتاب وأشرف كتاب أنزل على أشرف نبي عليه الصلاة والسلام وفي أشرف بقعة في مكة والمدينة وفي أفضل ليلة -ليلة القدر- فنوصي السائلة وغير السائلة بالعناية بكتاب الله عز وجل، نوصي جميع المسلمين رجالاً ونساءً بالعناية بالقرآن والتفقه فيه والإكثار من تلاوته ومراجعة كتب التفسير لمعرفة ما أشكل من ذلك وسؤال أهل العلم عما أشكل أيضاً، هذا هو أعظم كتاب وأنفع كتاب وأصدق كتاب، يقول سبحانه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، ويقول جل وعلا: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، ويقول سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، ويقول سبحانه: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89]، فالواجب على المسلمين العناية بهذا الكتاب والإقبال عليه والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه والاستفادة مما بينه ربنا سبحانه من أوامر ونواهٍ وقصص عمن مضى من الأمم حتى يستفيد المؤمن والمؤمنة من كلام ربنا عز وجل.
ومن أحسن الكتب التي تعين على فهم الكتاب كتب التفسير المعروفة المأمونة، مثل كتاب تفسير ابن جرير تفسير البغوي تفسير ابن كثير رحمة الله عليهم تفسير الشوكاني تفسير القرطبي ، كلها كتب مفيدة لكن أحسنها هذه الثلاثة: تفسير ابن جرير والبغوي وابن كثير وكتباً أخرى مفيدة مثل القرطبي والشوكاني وكتب أخرى تفيد المؤمن مع التحرز مما فيها من الغلط.
كذلك كتب الحديث فيها الخير العظيم، فليس بعد القرآن خير وأصح من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم هو المعلم والمرشد والمبين لما بينه الله جل وعلا، كما قال سبحانه: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:1-2] يعني: محمداً عليه الصلاة والسلام وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]، فهو عليه الصلاة والسلام مفسر لكتاب الله ومبين لمعانيه وخير الهدي هديه عليه الصلاة والسلام، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة العناية بالسنة أيضاً مع القرآن والحرص على فهم الأحاديث الصحيحة مثل صحيح البخاري صحيح مسلم وهكذا بقية الكتب التي ألفها أئمة الحديث كـأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وموطأ مالك وغيرها من كتب السنة، لكن أصح الكتب وأعظمها وأنفعها صحيحا البخاري ومسلم ، فينبغي أن تكون العناية بهما أكثر والإقبال عليهما أكمل ولا سيما طالب العلم وطالبة العلم الذي يميز بين الصحيح والضعيف ويفهم المعاني، فينبغي أن يعتني طالب العلم وطالبة العلم بهذين الكتابين العظيمين أكثر من غيرهما، صحيح البخاري وصحيح مسلم .
ومن الكتب المختصرة بلوغ المرام كتاب مفيد ونافع ومحرر للحافظ ابن حجر وكتاب عمدة الحديث للحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي كتاب مفيد عظيم وكتاب المنتقى للمجد ابن تيمية كتاب مفيد أيضاً وعظيم يستفيد من هذه الكتب طالب العلم وطالبة العلم، وما أشكل من ذلك يسأل عنه الطالب أهل العلم ويراجع الكتب التي فيها بيان الصحيح من الضعيف وفيها بيان مسائل الخلاف كالمغني لـابن قدامة فهو كتاب عظيم الفائدة وفيه بيان الراجح من كلام العلماء فيما اختلفوا فيه؛ لأنه كتاب عظيم يبين مسائل الخلاف والأدلة والمرجح والراجح، ومثل الفروع لـابن مفلح، وشرح المهذب للنووي وأشباهه من الكتب التي تذكر خلاف العلماء وتبين الراجح، وهذا بالنسبة إلى أهل العلم بالنسبة إلى من يميز بين الأقوال ويعرف الأدلة لأنه صاحب علم وقد تفقه في الدين وتبصر وعرف كلام أهل العلم في الحديث الصحيح والضعيف ومما يرجح به الخلاف في مسائل الخلاف، أما العامي وشبه العامي فيسألون أهل العلم الذين يثقون بهم من أهل السنة يسألهم عما أشكل عليه ويعمل بما يرشدونه إليه إذا لم يكن عنده بصيرة وعلم يستطيع أخذ المسائل بأدلتها من كتب أهل العلم، ومن أحسن الكتب زاد المعاد لـابن القيم وهو كتاب جامع بين الحديث والفقه جميعاً وإغاثة اللهفان له أيضاً وإعلام الموقعين له أيضاً كتب عظيمة فيها أحكام وفيها علم عظيم وفي العقيدة كتاب التوحيد وفتح المجيد والعقيدة الواسطية وكتاب التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية وكتاب الحموية له أيضاً، هذه كتب عظيمة في العقيدة، وشرح الطحاوية لـابن أبي العز كتاب عظيم، نسأل الله للجميع التوفيق.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! ذكرتم بعض كتب التفسير وهي من الكتب ذات العصر القديم، هل تتفضلون بذكر شيء من الكتب التي عنيت بدراسة القرآن وتفسيره مما ألف في العصر الحديث؟
الشيخ: منها مثل ما تقدم، الشوكاني عهده قريب في القرن الثالث عشر، وهناك كتب مؤلفة أخيراً فيها مثل (في ظلال القرآن) ومثل تفسير ابن سعدي رحمه الله هذه كتب مفيدة وينبغي للمؤمن بخصوص تفسير السيد قطب ينبغي للمؤمن أن يتحرز مما فيه من الأغلاط ويأخذ ما فيه من الخير والفائدة، وهكذا بقية التفاسير التي فيها، كل كتاب في الغالب لا يخلو من شيء مثل تفسير الجلالين، ومثل تفسير القرطبي ومثل غيره من الكتب التي يقع فيها بعض التأويل، ينبغي للمؤمن أن يحذر ما فيها من الأخطاء ليسأل أهل العلم عما أشكل عليه ويستفيد منها فيما وافقت الصواب فيه.
المقدم: بعد أن ذكرتم بعض التفاسير هل تتفضلون بذكر بعض الشروح للسنة؟
الشيخ: نعم هناك شروح كثيرة، مثل فتح الباري على البخاري وشرح النووي لـمسلم ومثل نيل الأوطار للشوكاني هذه كتب جيدة ومفيدة، وفتح المجيد في العقيدة للشيخ عبد الرحمن بن حسن لكتاب التوحيد، شرح ابن أبي العز على العقيدة الطحاوية كلها كتب مفيدة وشروح جيدة ولا يخلو بعضها من شيء مثل فتح الباري ومثل شرح مسلم لا يخلو من بعض الأغلاط في العقيدة على مذهب الأشاعرة لكن طالب العلم ينبذ الخطأ ويحذر الخطأ وهكذا ما قد يقع في نيل الأوطار وسبل السلام شرح بلوغ المرام وغيرها من الكتب، يأخذ ما فيها من الصواب ويستعين بها على الفقه في الدين وما فيها من خطأ يتركه إذا بان له وإذا أشكل عليه يسأل أهل العلم ويتذاكر مع أهل العلم ومع زملائه الذين لهم بصيرة ولهم فهم حتى يتجنب الخطأ، يستفيد مما وافق الصواب.
المقدم: جزاكم الله خيراً، هذه الكتب التي تفضلتم بذكرها سماحة الشيخ يبدو أنها لفئة معينة من المتعلمين، لكن ماذا عن الكتب التي تنصحون المبتدئ بقراءتها؟
الشيخ: المبتدئ ينبغي له أن يقرأ الكتب المعروفة التي ألفها المعروفون بالعقيدة الطيبة والسلامة من الأخطاء في مؤلفاتهم حتى لا يقع في شيء من الخطأ، مثل العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية ومثل كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ومثل ثلاثة الأصول وكشف الشبهات كتب مفيدة جيدة ينبغي لطالب العلم المبتدئ يحفظها، ومثل الأربعين النووية مع تتمتها لـابن رجب خمسون حديثاً يحفظها، هذه مفيدة ومختصرة وعمدة الحديث كذلك للطلبة يحفظونها مختصرة أربعمائة حديث وكسور وحاجة قليلة زيادة عن أربع -يحفظها طالب العلم حفظناها في الصغر ينبغي أن يحفظها طالب العلم في الثانوي والمتوسط.
المقدم: جزاكم الله خيراً، وبالنسبة للفقه؟
الجواب: مثل العمدة للموفق في الفقه، مختصرة وجيدة مفيدة.
المقدم: بالنسبة للمذاهب الأخرى يبدو أن هذا على المذهب الحنبلي، بالنسبة للمذاهب الأخرى؟
الشيخ: والله ما تأملت الكتب المختصرة للمذاهب الأخرى، ما حصل لي تأمل لها، فيه أشياء نسمع عنها لكن ما أستطيع أقول فيها شيئاً؛ لأني لم أتأملها كثيراً.
المقدم: جزاكم الله خيراً، شيء مهم بالنسبة للناس سماحة الشيخ! قد يقولون: إن هذه الكتب لا يسهل وصولها إلينا حول نشر مثل هذه الكتب القيمة؟
الشيخ: الذي نعلم أن هذه الكتب كلها تباع وكلها موجودة يمكن شراؤها من المكتبات ما نعلم شيئاً من هذه مفقود، كلها موجودة.
الجواب: على ظاهرها، الرب جل وعلا يأمر عباده أن ينكحوا الأيامى وهن اللاتي لا أزواج لهن وكذلك الصالحين من عبادهم وإمائهم أن يزوجوهم حتى لا يتعطل المؤمن والمؤمنة؛ لأن العزوبة فيها خطر عظيم، فينبغي إنكاح الرجال والنساء، فينكح الأيامى وينكح الصالحين من العباد والإماء، فينكح الأيامى يزوجهن على الأكفاء إذا خطبن ولا يترك العباد والإماء، عبده يزوجه وأمته يزوجها حتى لا تقع الفاحشة ولا تقع الكارثة، وإذا تسرى سرية أمته جعلها سرية له وأحصنها فلا بأس إذا كانت مملوكة له أو يزوجها حتى لا تتعطل وهكذا عبده يزوجه ولا يعطله لأنه مثل الحر يحتاج إلى ما يعفه وهي تحتاج إلى ما يعفها إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32]، والمتزوج إذا كان عنده قدرة يتزوج وسوف يغنيه الله من جهة النفقة لا يتعطل مادام عنده قدرة على الزواج يتزوج ثم يتعاطى الأسباب التي تعينه على النفقة في المستقبل، أما إن كان عاجزاً وما عنده قدرة كما قال الله بعدها: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه [النور:33]، فالذي لا يجد الطول: المهر يستعفف حتى يغنيهم الله من فضله، هذا معنى قوله سبحانه: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه [النور:33]، يعني: لا يجدون الطول مهور النساء فإنه يتعفف ويصبر حتى يغنيهم الله فيجد الطول الذي يقدمه للمرأة، ومن قدر فإنه يتزوج ثم يفعل الأسباب التي تعينه على النفقة، كما في الآيات السابقة: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32]، إذا استطاعوا الزواج يتزوجوا والله يغنيهم بعد ذلك، يعني يعينهم على النفقة.
ويحتمل أيضاً مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32] أن المراد جنس بني آدم كلهم عبيد وكلهم إماء لله، ولهذا قال: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ [النور:32]، فهذا يقتضي أن المراد به الأحرار سموا عباداً وإماءً هم عباد الله وإماء الله يعني موجودون لديكم وبينكم من أولاد وإخوة وأشباه ذلك فإن الآية تشمل هذا وهذا .. فالسيد يزوج أمته التي لا يتسراها ويزوج عبده الذي هو مملوك لا يهملهما، ويزوج أيضاً بنيه وبناته فهم عباد لله، فالإضافة عبادكم وإمائكم يعني عباده الذين هم من جنسكم وإيمائكم يعني بينكم كلهم إماء لله وكلهم عباد لله وأضيفوا إلى المسلمين والمخاطبين؛ لأنهم بعضهم وجزء منهم فهم عبادهم وإماؤهم، يعني: الذين يوجدون بينكم من ذكور وإناث فهم عبيد الله وإماء الله فينبغي أن تسعوا لتزويجهم سواء كانوا أبناء أو إخوة أو أصدقاء أو غيرهم فالمسلم أخو المسلم يعينه على الزواج ويعينه على إعفاف فرجه ويعين أخته في الله على إعفاف فرجها، يكون من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، فأمروا بتزويج العباد والإماء يعني عباد الله وإماء الله؛ لأنهم إخوتهم في الله أو بنوهم أو إخوتهم من النسب أو أعمامهم أو بنو إخوتهم فأرشدوا إلى أن يزوجوهم ويعينوهم لأنهم فيما بينهم إخوة وإن كانوا ليسوا أولاداً له ولا إخوة له، فالإسلام يجمعهم والدين يجمعهم فهم إخوة في الله سبحانه وتعالى، ولهذا أمروا بأن يتعاونوا على البر والتقوى قال: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره) الحديث، وقال عليه الصلاة والسلام: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، فمساعدة الرجال والنساء في الزواج من إخوانهم في الله هذا شيء طيب ومن التعاون على الخير وكل مسلم مأمور بأن يعين على الخير يعين أخاه على الزواج ويعين أخته في الله على الزواج حتى لا يبقى أعزب لا رجال ولا نساء وبهذا يحصل الخير العظيم للمسلمين والتناسل وكثرة الأمة وإعفاف الفروج وغض الأبصار، كل هذا يحصل بهذا التعاون، هذا إذا حملنا الآية على جنس العباد.. جنس الإماء وإن لم يكونوا مماليك لأنهم عبيد الله وهم إخواننا، فالواجب على المسلمين التعاون فيما بينهم في تزويج الرجال والنساء، الأيامى: اللاتي لا أزواج لهن، سواء كن ثيبات أو أبكاراً وجنس العباد وجنس النساء من حيث الإطلاق في تزويجهم والعناية بإعفاف فروجهم وغض أبصارهم بالتعاون فيما بين المسلمين، هذا يسلم ربع المهر وهذا نصف المهر وهذا جزء من المهر حتى يتزوج الناس ولا يتعطلوا، والله المستعان.
الجواب: نعم عليك التعوذ بالله من الشيطان، عليك الحرص على محاربة عدو الله الشيطان، فإن الوسواس من الشيطان، كما قال الله سبحانه وتعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ [الناس:1-4]، فالمسلم يستعيذ بالله من شره ومن نزغاته في الصلاة وغيرها، فإذا كنت مبتلى بالوساوس فعليك بالاستعاذة بالله من الشيطان والحرص على الإقبال على الله في صلاتك وحضور قلبك بين يدي الله والتدبر لكتاب الله ولما أنت فيه من الصلاة حتى تشغل بهذا عن وساوس الشيطان، وإذا دعت الحاجة إلى أن تستعيذ به وأنت في الصلاة فاستعذ بالله، تتفل عن يسارك ثلاث مرات، وتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، تستعيذ بالله من شره وتنفث عن يسارك، النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتكى إليه عثمان بن أبي العاص الثقفي شكا إليه كثرة الوسواس، وأن الشيطان لبس عليه صلاته، أمره أن ينفث عن يساره ثلاث مرات وهو في الصلاة ويتعوذ بالله من الشيطان، قال: ففعلت فذهب عني ذلك فينبغي للمؤمن أن يستعيذ بالله من الشيطان في الصلاة وخارجها، إذا ابتلي بذلك يكون عنده قوة وعنده عناية بإقباله على الله والتضرع بين يدي الله حتى يسلم من عدو الله وإذا شك هل توضأ أو ما توضأ وهو يشوف أنه توضأ لا يعيد الوضوء، أو صلى وهو يعلم أنه صلى لا يعيد الصلاة، غسل وجهه وهو يعلم أنه غسل وجهه لا يعيد غسل وجهه وهكذا لا يطاوع الشيطان في الوساوس التي تؤذيه وتضره وتحاربه بقوة ويتعوذ بالله من مكائده ونزغاته بقوه حتى يسلم من شره ومكائده، والله المستعان.
الجواب: الصواب أن المسح يكون على الساتر الصفيق الذي يستر القدمين؛ لأن الله أباح لنا المسح على الخفين رحمة لنا، فإذا كان الخفان غير ساترين لم يحصل المقصود، الأقدام بائنة ظاهرة والظاهر حكمه الغسل والنبي صلى الله عليه وسلم مسح والصحابة على خفين ساترين، فالواجب التأسي بهم في ذلك لأنهم مسحوا على أخفاف وعلى جوارب ساترة فلا يجوز أن يمسح على جوارب أو أخفاف غير ساترة، لكن ذكر جمع من أهل العلم أن الخروق اليسيرة عرفاً لا تضر تغتفر؛ لأنه قد لا يسلم الخف أو الجورب من شيء يسير يعتريه من فتق أو خرق أو نحو ذلك إذا كان يسيراً عرفاً لا يستفحش وإذا حرص وصارت الأخفاف سليمة والجوارب سليمة كان ذلك أحوط وفيه خروج من خلاف العلماء والبعد عن الشبهة، وبكل حال فالشيء اليسير يعفى عنه إن شاء الله.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر