مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين فأهلاً وسهلاً.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع عودة مرعي الحويطي ، أخونا يسأل ويقول: بعض الناس يترك وصية لورثته حين مرضه أو عند حضور وفاته، ومن جملة هذه الوصايا يوصيهم بغسله أي: يغسلوه عدد زوجاته، فمثلاً: له زوجة واحدة يغسلوه غسلة واحدة، وإن كان له ثلاث زوجات يغسلوه ثلاث غسلات، وهكذا حسب عدد زوجاته، نرجو النصيحة لهؤلاء جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
أما بعد:
فهذه الوصية وصية لا أصل لها باطلة، كونه يوصي بأن يغسل بعدد أزواجه هذا كلام باطل، ومن الخرافات، السنة أن يغسل الميت ثلاث غسلات، وإن دعت الحاجة إلى خمس أو سبع وتر كله طيب، والواجب مرة واحدة، الواجب أن يغسل غسلة واحدة، يعمم حتى يعم الماء بدنه، هذا الواجب، وإذا كرر ثلاث مرات فهو أفضل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما غسلت ابنته زينب : (اغسلنها بثلاث أو خمس أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، واجعلن في الآخرة كافوراً) فالسنة أن يغسل الميت ثلاثاً هذا هو الأفضل وإن دعت الحاجة إلى أكثر فلا بأس وترا، والواجب مرة واحدة، أما ما يتعلق بالزوجات فهذا شيء لا أصل له.
الجواب: نعم إذا كانت أمك أرضعت البنت الكبيرة خمس رضعات أو أكثر في الحولين، حرمت عليكم الكبيرة وصارت أختاً لكم من الرضاعة، وأما أخواتها فلا بأس بنكاحهن؛ لأنهن لم يرضعن من الوالدة، أما الرضيعة فتحرم إذا كان الرضاع خمس مرات أو أكثر حال كونها في الحولين.
الجواب: حديث أسماء ليس بصحيح، وهو حديث أسماء بنت أبي بكر ، فيه: (أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا
أنه من رواية خالد بن دريك عن عائشة ولم يسمع منها فهو منقطع، وفي سنده سعيد بن بشير وهو ضعيف الرواية.
وكذلك في سنده قتادة وقد عنعن، والمعنعن إذا كان مدلساً لا تقبل روايته حتى يصرح بالسماع.
ثم فيه علة رابعة: وهو أن أسماء بنت أبي بكر أخت عائشة ، المرأة المعروفة بالاستقامة والخير زوجة الزبير ، كيف يليق منها أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم في ثياب رقاق؟! هذا منكر المتن، لا يمكن ولا يتصور أن أسماء المعروفة بالدين والاستقامة زوجة الزبير أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم في ثياب رقاق!!
ثم لو فرضنا صحته وسلامته فهذا يكون قبل النسخ، حين كان الحجاب لم يفرض، أما بعد فرض الحجاب فينهى عن كشف الوجه واليدين للأجنبي، وكانوا قبل ذلك تكشف المرأة وتجلس مع الرجال مكشوفة الوجه، ثم نسخ هذا الأمر ونزلت آية الحجاب، وهي قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] هذا هو الصواب أن هذا الحديث ضعيف ولو سلم من العلل لكان محمولاً على أن هذا كان قبل نسخ الكشف، قبل نزول آية الحجاب، والله ولي التوفيق.
الجواب: لا حرج في التداوي بالأعشاب وغير الأعشاب إذا كان مباحاً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام) ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله) فالأصل الإباحة، الأصل في التداوي الإباحة بالأعشاب أو بغير الأعشاب مما عرف وجرب أنه ينفع، وليس بحرام في نفسه، سواء كان من أعشاب أو من غير الأعشاب، إذا عرف الأطباء أنه ينفع من هذا المرض يتداوى به، إلا أن يكون محرماً كالخمر وكالخنزير ونحو ذلك.
الجواب: الواجب على من لم تطف طواف الإفاضة إذا سافرت من أجل علة أوجبت ذلك، فإن الواجب عليها الرجوع، ترجع مع محرمها للطواف، ولا يقربها زوجها حتى تطوف، فإذا ذهبت مع زوجها للبلد فعليه أن يرجع بها في الأوقات المناسبة، أو يرجع بها أخوها أو أبوها أو غيرهما من محارمها إلى مكة، حتى تطوف طواف الإفاضة وتسعى إذا كان عليها سعي، إذا كانت متمتعة فسعيها الأول للعمرة، وعليها أن تسعى ثانية مع طواف الإفاضة للحج، وليس لزوجها قربانها -يعني: جماعها- حتى ترجع وتطوف، فإن فعل زوجها وجامعها فعليها دم يذبح بمكة للفقراء، وحجها صحيح، الحج صحيح والحمد لله، لكن إذا جامعها فعليها التوبة وتأثم ويأثم هو أيضاً، وعليها ذبيحة تذبح في مكة للفقراء لكونه جامعها قبل الطواف، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، لها كلمة بودي لو تفضلتم بالتعليق عليها سماحة الشيخ! ألا وهي قولها: إنها فكت الإحرام بناء على فتوى من أهل العلم، لكنها غير راضية عن تلكم الفتوى وعن ذلكم الحج؟
الشيخ: إن كان فك الإحرام بالطيب وغطاء الوجه ونحو ذلك فهذا لا بأس به، أو قلم الأظفار، أو مشط الشعر كل هذا لا بأس به، لأن هذا يحل بعد الرمي والتقصير يحل هذا كله، ما يبقى إلا التحريم للجماع فقط، فحلها الإحرام في هذه الأمور، كد الشعر قلم الأظفار نتف الإبط، وشبه ذلك هذا لا بأس به.
فإن كان قصدها فك الإحرام أنها جامعها زوجها فقد بينا أن عليها دم، وعليها أن تمتنع حتى تطوف، لا يعود إلى جماعها حتى تطوف.
الجواب: عليه التثبت إذا استفتى، إذا كان المفتي من أهل الفتوى من المعروفين بالعلم والفضل والبصيرة فالحمد لله يقنع، أما إذا كان عنده شك في المفتي هل هو أهل أو ليس بأهل؟! فلا يعجل حتى يسأل غيره من المفتين الذين يطمئن إليهم المستفتي، لعلمهم وفضلهم، ولا يستفتي من هب ودب، لا يستفتي إلا من عرف بالعلم والفضل والإفتاء في مثل ما يسأل عنه.
الجواب: إذا رضيت والدته وأعطته الهدية وليس له إخوان، أو له إخوان رضوا إخوان مكلفون مرشدون ورضوا لا بأس، أما إذا كان له إخوان صغار أو لم يرضوا فليس له أن يأخذها، بل تكون للجميع، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)؛ لأنها ملكتها، فليس له أن يأخذها وحده، بل عليها أن توزع الهدية بينه وبين إخوته، إلا أن يسمحوا إذا كانوا مرشدين، فلا بأس إذا سمحوا، وإلا فعليها أن تمسك لا تعيدها إليه.
الجواب: لا حرج في ذلك، من لم يتسير له المبيت في منى لمرضه وشق عليه ولم يستطع أو ذهب إلى المستشفى فلا شيء عليه، الحمد لله، كالسقاة والرعاة ليس عليهم شيء، وهكذا السجين الذي أخذ لعلة وسجن فلا شيء عليه.
الجواب: لا، عليها أن ترجع لا يصح التوكيل في هذا، لا في طواف الإفاضة ولا في طواف الوداع، بل يطاف بها محمولة إذا كانت تعجز عن المشي، تطوف في العربانة .. أو على رءوس الرجال، ولا توكل، نعم، فعليها أن ترجع من القصيم وتطوف طواف الإفاضة ويكفيها عن الوداع، إلا إذا جلست بعد طواف الإفاضة وقتاً طويلاً فإنها تطوف للوداع أيضاً، أما إذا طافت طواف الإفاضة وخرجت كفاها عن طواف الوداع.
الجواب: ليس عليك حرج ما دمت بعيداً عن المدن لا تسمع النداء صل في مكانك، وعليك أن تجتهد في قراءة القرآن وإقامة الحروف ولو في المصحف، وأهم شيء الفاتحة لا بد أن تقيمها؛ لأنها ركن في الصلاة، وما سواها مستحب، لكن عليك أن تجتهد حتى تقيم الفاتحة، وتقرأها على من هو أعرف منك حتى تقيمها وتحفظها جيداً.
الجواب: هذا منكر عظيم يجب عليك أن تصلي في الوقت، يجب عليك أن تنام مبكر حتى تقوم في وقت الصلاة الفجر، أو تشتري ساعة وتوكدها على قرب الفجر حتى تعينك على القيام، ولا يجوز لك التساهل حتى تصلي بعد الشمس هذا منكر عظيم، وتعمده كفر في أصح قولي العلماء؛ لأن تعمد هذا ترك للصلاة في وقتها، فالواجب الحذر، قال الله جل وعلا: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] قال جماعة من السلف: أضاعوا الصلاة، يعني: أخروها عن وقتها، فالواجب الحذر، وذلك بأحد أمرين:
إما أن تبكر حتى تستيقظ للفجر، وإما أن تتخذ ساعة تعينك أو تعيِّن من يوقظك، ولا يجوز لك التساهل في هذا أبداً، بل يجب أن تهتم بهذا حتى تصلي الصلاة في وقتها.
الجواب: إذا حال عليها الحول تؤدي الزكاة في محلك الذي أنت فيه، سواء كنت في بلدك أو في غيرها، إذا حال عليها الحول السنة، فعليك أن تؤدي زكاتها ربع العشر، في المائة اثنان ونصف وفي الألف خمسة وعشرون، في المحل الذي أنت فيه تعطيه الفقراء في بلدك، وإن نقلتها إلى بلد آخر أجزأت والحمد لله.
المقدم: جزاكم الله خيراً يقول: إنه لم يمض عليها إلا نصف الحول؟
الشيخ: ما عليها زكاة حتى تكمل الحول، ليس عليها زكاة الدنانير والدراهم وجميع أموال الزكاة، ليس فيها زكاة حتى تكمل الحول، إلا الحبوب والثمار هذه فيها زكاتها إذا نضجت، إذا نضجت فعليه زكاتها، وإذا جعلها في البيدر ويبست أخرج زكاتها المقصود أن الثمار من الحبوب والتمور والعنب زكاتها تجب إذا استوت، ونضجت وجبت فيها الزكاة، وأما الأموال الأخرى الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم الراعية وعروض التجارة هذه لا بد فيها من السنة، الزكاة لا تجب إلا في السنة مرة، كل سنة يزكيها.
الجواب: لم أطلع عليها، لكن المعنى صحيح، العلاج بالقرآن وبالسنة طيب، كونه يقرأ على نفسه الفاتحة ويكررها، يقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين، أو بعض الآيات الأخرى ينفث على صدره، ينفث على محل المرض كل هذا طيب، ولا بأس، هذا هو العلاج الصحيح، العلاج بالقرآن وبالدعوات الطيبة النبوية كله طيب، لكن إذا تداوى بأشياء أخرى مباحة غير القرآن من أعشاب أو حبوب أو إبر أو غير ذلك مما ينفع فلا بأس بذلك، الحمد لله، الله يقول جل وعلا في كتابه الكريم: كُلُوا وَاشْرَبُوا [البقرة:60] يعني: المباح، ويقول: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ [البقرة:172]
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله) فالله أمرنا أن نأكل من الطيبات وأن نتداوى، وعلينا أن نتقيد بالقيد الشرعي، بأن يكون الدواء ليس فيه تحريم، يعني: يتداوى بالمباحات، يقول صلى الله عليه وسلم: (عباد الله! تداووا ولا تداووا بحرام) وقال له رجل: (يا رسول الله! إني أصنع الخمر للدواء لا للشرب، قال: إنها ليست بدواء ولكنها داء) فالخمر والخنزير والكلاب، وأشباه ذلك لا يتداوى به؛ لأنها محرمة.
الجواب: زيارة القبور سنة مؤكدة من فعل النبي وقوله عليه الصلاة والسلام؛ لما فيها من التذكير بالموت، والتذكير بالآخرة، والسنة أن يزورها المؤمن بخشوع ورغبة في الآخرة، وقصد للاعتبار والذكر، ورحمة الأموات والدعاء لهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة) خرجه مسلم في صحيحه: (زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة) وكان النبي عليه الصلاة والسلام يزورها بين وقت وآخر في الليل والنهار يزورها ويسلم عليهم عليه الصلاة والسلام ويدعو لهم، ويقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، يغفر الله لنا ولكم) كان هذا من فعله عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يسن له أن يزورها؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ولقوله، قوله: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة) والمقصود من الزيارة الدعاء لهم الدعاء للميتين بالمغفرة والرحمة وذكر الآخرة، وذكر الموت، والتأهب لذلك، هذا المقصود.
ومن آدابها: أنه لا يصلي عند القبور، ولا يجلس عندها للدعاء والقراءة، إنما يسلم بخشوع ورغبة في الآخرة، وخوف من عذاب الله، وقصد علاج قلبه حتى لا يموت؛ لأنه إذا تذكر الموت والقبور صار هذا أدعى لاستعداده للآخرة، وألين للقلب، يذكر الموت ويذكر الآخرة، ويذكر جمع الناس يوم القيامة، فيلين قلبه، فزيارة القبور تلين القلوب، وتذكرها بالآخرة وبالموت، فيكون ذلك من أسباب الاستعداد والحذر من الركون إلى الدنيا، لكن لا يصلي عندها، ولا يطوف بها،ولا يسأل أهلها شيئاً، الصلاة عندها بدعة، من وسائل الشرك، والقراءة عندها بدعة، والجلوس عندها للدعاء بدعة، أما الطواف بها فشرك بالله، إذا طاف يتقرب إلى أصحاب القبور فهذا شرك أكبر، كالدعاء، كدعائها والاستغاثة بأهلها، والنذر لهم، والذبح لهم هذا شرك أكبر، كما يفعل عند بعض القبور.
يقول: يا سيدي انصرني أو اشف مريضي، أو أنا في حسبك، أو اشفع لي أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر، لا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند قبر الصحابة ولا عند غيرهم، إنما يسلم عليهم ويدعو لهم، يقول: (السلام عليكم أهل القبور ..) (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية) هكذا.
وليس للمؤمن أن يسألهم أو يستغيث بهم أو ينذر لهم أو يذبح لهم، كل هذا من الشرك الأكبر، ولا يطوف تقرباً إليهم، فهذا شركاً أكبر، أما لو طاف يحسب أنه مشروع، يقصد التقرب إلى الله بالطواف، هذا بدعة منكر؛ لأنه من وسائل الشرك الطواف خاص بالكعبة، أما إذا طاف يتقرب إليهم ويريد شفاعتهم، أو من أجل ينفعوه فهذا شرك أكبر، كدعائهم من دون الله والاستغاثة بهم والنذر لهم كله شرك أكبر، كما يفعل عند البدوي وعند الشيخ عبد القادر في العراق، أو عند قبر أبي حنيفة أو عند قبر الحسن والحسين ، عند قبر الحسين في مصر.
كل هذا شرك أكبر، دعاؤهم والاستغاثة بهم والنذر لهم، وهكذا ما يفعله بعض الجهال عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم من دعائه والاستغاثة به وطلبه النصر، طلبه شفاء المرضى كل ذلك من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية، أما النساء فلا، أما النساء فليس لهم زيارة القبور، النساء لا يزرن القبور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهاهن عن هذا ولعن زائرات القبور؛ ولأنهن فتنة وصبرهن قليل.
وأما قوله: وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ [التوبة:84] فهذا نهي للرسول صلى الله عليه وسلم عن الوقوف على قبور المنافقين والصلاة عليهم، أما المسلم يوقف على قبره ويدعى له بعد الدفن، إذا دفن يوقف عليه ويسأل له التثبيت والمغفرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم.. لأنه كان إذا فرغ من دفن الميت عليه الصلاة والسلام قال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت) كان هذا يفعله صلى الله عليه وسلم، فإذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل) فالمؤمن يوقف عند قبره ويسأل له المغفرة والثبات، أما المنافق فلا، لا يصلى عليه ولا يوقف عند قبره، نسأل الله العافية والسلامة.
الجواب: جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلاً يمشي في نعليه بين القبور فأمره بخلعها قال: (يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك) احتج العلماء بأنه يكره المشي بين القبور بالنعال، إلا عند الحاجة، إذا كان في المقبرة شوك أو الشمس حارة في وقت الشمس، فلا بأس، أما من غير حاجة فيكره له المشي في النعلين، كما يكره الجلوس على القبر أو الوطء عليه، أو توسده، كل هذا ما يجوز، لا يطأ القبر ولا يجلس عليه؛ لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام، ولا يجصص القبر، ولا يبنى عليه قبة ولا مسجد، كله منكر، نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور وعن القعود عليها، وعن البناء عليها عليه الصلاة والسلام، وعن اتخاذها مساجد، وقال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
وما ذاك إلا لأن هذا من أسباب الشرك البناء عليها، واتخاذ المساجد والقباب من أسباب الشرك، كما وقع في بني إسرائيل وغيرهم، وهكذا وقع الآن في المسلمين، في بلاد المسلمين لما بني على القبور وجعلت في المساجد دعيت من دون الله كما جرى عند قبر الحسين ، والبدوي وغيرهما، فالواجب الحذر من هذا وأن لا يبنى على القبور لا مساجد ولا غيرها.
الجواب: إذا كان هناك حاجة ضيق وهناك أرض فلا بأس، وإلا تبقى القبور على حالها ويقبر الجديدون في أرض أخرى، كل ميت يبقى على حاله، وليحدث مقابر أخرى جديدة للباقين وهكذا، إلا عند الضرورة القصوى فلا بأس أن يجمع الاثنان والثلاثة في قبر واحد، أو ينبشون ويجعلون في محل خاص في حفرة خاصة، لكن بقاؤهم على حالهم هو الواجب، إلا عند الضرورة. نعم.
المقدم: عند الضرورة؟
الشيخ: نعم.
المقدم: إذاً إذا كانت هذه العادة موجودة توجهون إلى الابتعاد عنها؟
الشيخ: نعم، نعم تبقى القبور على حالها، كل ميت في قبره، ويحدث قبور أخرى في الصحراء، خارج البلد، والسيارات موجودة والحمد لله.
المقدم: الحمد لله جزاكم الله خيراً، قد يلجأ إلى ذلكم الأمر لأمر واحد هو كون المقبرة قريبة داخل البلد فحينئذٍ
الشيخ: ليس بعذر.
المقدم: ليس بعذر؟
الشيخ: نعم.
الجواب: لا حرج في هذا الإنسان يستعمل الماء الدافي حتى يتمكن من الكمال والتمام في وضوئه والإسباغ، وهذا الذي قال لك ليس عنده خبر، ليس عنده بصيرة، أما حديث: (ألا أخبركم بما يرفع الله به الدرجات، ويحط به الخطايا إسباغ الوضوء في المكاره) فهذا عند الحاجة إليه، عند الحاجة إلى البارد وعدم وجود الدافي لا بأس، الحمد لله، أما إذا تيسر الماء الدافي فهو أولى؛ لأنه أبلغ في الوضوء وأكمل. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم والمستمعون على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.
شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم، ونحن نرحب برسائلكم على عنوان البرنامج: المملكة العربية السعودية، الرياض، الإذاعة، برنامج نور على الدرب.
مرة أخرى: شكراً لكم مستمعي الكرام ولكم تحيات زميلي من الإذاعة الخارجية فهد العثمان ، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر