مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب. رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين فأهلاً وسهلاً.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من ليبيا، باعثة الرسالة إحدى الأخوات المستمعات من هناك تقول: فائزة أحمد . الأخت فائزة عرضنا بعض أسئلة لها في حلقة مضت وبقي لها جمع آخر سنعرضه في هذه الحلقة إن شاء الله تعالى، أختنا تقول: ماذا نقول عن السحر؟ وكيف نقي أنفسنا منه جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالسحر محرم على المسلمين وهو من عمل الشياطين وأتباع الشياطين وهو كفر وضلال؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن من دون الله عز وجل، قال الله سبحانه: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102] فأخبر أنهم كفروا بهذا التعليم، قال بعده: وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ [البقرة:102]، يعني: هاروت وماروت .. ويقول سبحانه: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] فدل على أن تعليمه كفر؛ لأنهما يقولان للمتعلم: فلا تكفر، فدل على أن تعلمه له كفر، فالواجب الحذر من ذلك، وقال بعده: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102]، يعني: من حظ ونصيب، ثم قال بعده: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:103] فدل على أن السحر ضد الإيمان وضد التقوى.
المقصود: أن تعلم السحر يكون بعبادة الشياطين والاستغاثة بهم والذبح لهم والنذر لهم ونحو ذلك فهو من الكفر الأكبر، فلا يجوز تعلمه ولا تعليمه ولا العمل به ولا المجيء إلى أهله وسؤالهم ولا تصديقهم، بل يجب الحذر من ذلك ويكفي في هذا قوله جل وعلا: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102]، وقول الملكين للمتعلم: (لا تكفر) دل على أن تعلمه كفر، وقوله في حق الشياطين يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102]، فالمقصود أنه محرم وشره عظيم وفيه فساد كبير مع كونه عبادة لغير الله وكفراً بالله عز وجل.
فالواجب توقيه والحذر منه، ومن أسباب التوقي: أن يتعوذ المسلم بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباحاً ومساء ثلاث مرات، يقول: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، صباحاً ومساء وفي كل وقت، هذا من أسباب الوقاية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك)، وقال له رجل: (يا رسول الله! ما لقيت من عقرب لدغتني هذه الليلة فقال: أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك)، وهكذا يقول صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يصبح أو حين يمسي: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات لم يضره شيء)، فيستحب للمسلم أن يقول هذا صباح ومساء ثلاث مرات، (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)، فهذا من أسباب الوقاية.
ومن أسباب الوقاية: قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة وعند النوم فهي من أسباب السلامة من الشياطين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي يقرؤها عند النوم: (لم يزل عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى يصبح) قاله الشيطان لـأبي هريرة وصدقه النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (لقد صدقك وهو كذوب)، وكذلك قراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين ثلاث مرات بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب من أسباب السلامة من كل شيء، وقراءة هذه السور الثلاث بعد الظهر وبعد العصر وبعد العشاء مرة واحدة كذلك من أسباب السلامة، فنوصي السائلة وغيرها ممن يستمع هذا البرنامج أن يستفيد من هذه الأشياء التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام، وأن يتوقى الشر بتعاطي هذه الأذكار الشرعية وهذه التعليمات الشرعية التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام، فنوصي جميع إخواننا في ليبيا وأخواتنا في ليبيا وفي غيرها في أفريقيا وفي أوروبا وفي كل مكان نوصي الجميع بالعناية بهذا البرنامج نور على الدرب، فإنه برنامج مفيد ويقوم عليه علماء معروفين بالخير والعلم والفضل فنوصي جميع إخواننا في كل مكان وجميع أخواتنا في كل مكان في ليبيا وغيرها، نوصي الجميع باستماع هذا البرنامج وباستماع إذاعة القرآن من الإذاعة السعودية فإن برنامج نور على الدرب وكذلك ما يذاع في إذاعة القرآن من المحاضرات والخطب كله مفيد، وهكذا ما يذاع من القرآن الكريم الذي هو أصل كل خير القرآن، فنوصي الجميع بالاستماع لهذه الإذاعة إذاعة القرآن والاستماع لهذا البرنامج نور على الدرب، والاستماع لمحاضرات علماء السنة علماء الحق علماء العقيدة الطيبة في كل مكان؛ لأن هذا من باب تعلم العلم من باب التفقه في الدين، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) متفق على صحته، هذا حديث عظيم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، وسماع هذا البرنامج نور على الدرب من التفقه في الدين وسماع إذاعة القرآن من المملكة العربية السعودية من التفقه في الدين، والتعلم على علماء السنة والأخذ عنهم في كل مكان من التفقه في الدين، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)رواه مسلم في الصحيح.
فنوصي جميع إخواننا وأخواتنا في كل مكان بالتعلم والتفقه في الدين والعناية بالقرآن الكريم، والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه عن ظهر قلب أو من المصحف، وسؤال أهل العلم علماء السنة المعروفين بالعلم والفضل والعقيدة الطيبة سؤالهم عن كل ما أشكل مع سماع هذا البرنامج والمحافظة على سماعه نور على الدرب في أوقاته وسماع إذاعة القرآن في كل مكان فإن في ذلك خيراً كثيراً وعلماً جما، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
الجواب: الواجب المبادرة بكفارة اليمين إذا حنث الواجب المبادرة هذه قاعدة في الأوامر المبادرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه)، ويقول الله جل وعلا: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، ويقول سبحانه: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] فالواجب على المؤمن أن يتقي الله في كل شيء، ومن ذلك المبادرة بأداء الواجب في وقته وأداء كفارة اليمين في وقتها إذا حنث، كفارة الظهار في وقتها كفارة الجماع في رمضان في وقتها وهكذا، يجب على المؤمن أن يبادر بما أوجب الله عليه في وقته مع الاستطاعة، وكفارة اليمين وضحها الله في سورة المائدة في قوله سبحانه: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ [المائدة:89] يعني: اليمين إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89]، فهذه كفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام لا من أعلاه ولا من أدناه الأوسط، وإذا أخرج من الأعلى كان أفضل، إذا أنفق من الأعلى كان أطيب وأفضل، فإذا حنث قال: والله ما أكلم فلان وكلمه أو: والله ما أسافر وسافر أو ما أشبه ذلك يبادر بالكفارة، فإذا حنث بترك ما حلف عليه أو فعل ما حلف على تركه يبادر بالكفارة بإطعام عشرة مساكين كل مسكين له نصف الصاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، من قوت البلد قوت بلده، رز أو تمر أو شعير أو ذرة أو حنطة قوت بلده فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم [التغابن:16] أو يكسوهم كسوة كل واحد له قميص أو إزار ورداء أو عتق رقبة عتق عبد وإلا عبدة مخير.
ومقدار نصف الصاع كيلو ونصف تقريباً كيلو ونصف تقريباً هذا نصف الصاع، من قوت البلد بلده هو، ولا يتكلف، من متوسط قوت بلده، وإن أخذ من الأعلى كان أفضل وأكثر، لكن لا يجوز أن يخرج من الأدنى، الله يقول سبحانه: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ [البقرة:267]، الخبيث: الرديء، ولكن المؤمن يخرج من الوسط أو من الأعلى، وهكذا الزكاة تكون من الوسط أو من الأعلى.
فإن عجز صام ثلاثة أيام، والأفضل أن تكون متتابعة لأن بعض أهل العلم أوجب أن تكون متتابعة، فالأفضل الاحتياط وأن يصومها متتابعة، إذا عجز عن الإطعام وعن الكسوة وعن الرقبة.
الجواب: لا مانع من جلوس المطلقة مع مطلقها سواء كان لها أولاد أو ما لها أولاد، الله يقول: وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة:237] فإذا جلست معه أو سلمت عليه أو ردت عليه السلام أو سألته عن حاله وحال عياله كل هذا لا بأس به، لكن من دون خلوة يكون معهم غيرهم، بحضرة أخيها أو أبيها أو أبي زوجها أو أمه أو بعض أخواته، فالمقصود لا تخلو به، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الخلوة، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)، فإذا كلمته من غير خلوة أو سلمت عليه أو جلست في مجلس هو فيه للتحدث بالحديث الجائز فلا حرج في ذلك والحمد لله.
الجواب: نوصيك بالإحسان إلى والديك ولو بزوجة ثانية تكون عندهما إذا استطعت تزوج ثانية تكون عندهما في بيتهما تخدمهما وأنت على خير، ولا تعجل في الطلاق لأم أولادك، وعليك بنصيحتها وتوجيهها إلى الخير وإخبارها بأن لوالديك حقاً عليك عظيماً وأن لها أجراً عظيماً إذا أحسنت إليهما وساعدتك على برهما فلا تعجل في الطلاق وادع لها بالهداية وانصح لها وقل لأبيها أو أمها أو أخواتها أن ينصحوها، وعلى والديك أن يتسامحا معها وأبشر بالخير العظيم، وعلى والديك التسامح والصبر لأن بقاءها مع أولادها قد يكون فيه الخير العظيم والمصلحة.
فالوصية أن لا تعجل وأن تنصحها وتوصيها بالخير وترفق، وهكذا والداك عليهما أن يتحملا بعض الشيء وأن يصبرا بعض الشيء، وعلى والديها وأقاربها أن ينصحوها ويوجهوها إلى الخير، وإذا تيسر لك زوجة ثانية تكون عند والديك تخدمهما ولعلها تكون أطيب من هذه بالنسبة إليهما فهذا طيب.
الجواب: مس المصحف قد بين النبي الحكم عليه الصلاة والسلام وقال: (لا يمس القرآن إلا طاهر) والله يقول جل وعلا: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79] فالواجب على من أراد مس المصحف أن يتوضأ وأن يمس المصحف ويقرأ فيه أو يقرأ عن ظهر قلب، لكن إذا دعت الحاجة إلى مسه فإنه يمسه بحائل يكون في يديه، كالقفازين أو غيرهما عند الحاجة، وإلا فالواجب الوضوء حتى يتمكن من مسه بدون كلفة وبدون مشقة وبدون حائل.
أما الجنب فلا يقرأ حتى يغتسل ولا يمس المصحف أيضاً، وهكذا الحائض لا تمس المصحف ولكن تقرأ عن ظهر قلب على الصحيح، لأن مدتها تطول وهكذا النفساء ليست من جنس الجنب مدة الحيض تطول والنفاس أكثر، فلهما أن تقرأا على الصحيح عن ظهر قلب، وإذا دعت الحاجة إلى مس المصحف يكون من وراء حائل للحاجة كمراجعة آية أو آيات أو المعلم يحتاج إلى ذلك.
الجواب: هذا يتعلق بالمحكمة والدولة فيراجع المحكمة وفيما تراه المحكمة الكفاية إن شاء الله.
الجواب: لا حرج في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل)، فالسنة أن يسألوا كلهم، كل واحد يقول: اللهم اغفر له، اللهم ثبته عند السؤال، اللهم ثبته على الحق، وإذا قال ذلك واحد وأمن الباقون فالحمد لله لا حرج في ذلك، ولكن الأفضل أن كل واحد يدعو مثلما قال صلى الله عليه وسلم: (استغفروا لأخيكم) كل واحد يقول: اللهم اغفر له اللهم ثبته على الحق، هذا من حق المسلم على أخيه ويكفي والحمد لله، وإن قام واحد وقال: اللهم اغفر له اللهم ثبته على الحق فقالوا: آمين حصل المقصود إن شاء الله، لكن كون كل واحد يدعو بنفسه يمتثل الأمر فهذا هو الأفضل.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إن كنت أردت بقولك: إذا رجعت فامرأتك طالقة الامتناع من الرجوع وليس قصدك إيقاع الطلاق قصدك منع نفسك من الرجوع، وليس قصدك بذلك تطليق امرأتك، فهذا حكمه حكم اليمين وعليه كفارة يمين، أما إن كنت قصدت الطلاق فإنه يقع الطلاق.. مانع من وقوعه.
فالحاصل: أنك تسأل قاضي البلد عندك تحضر مع المرأة ووليها حتى يرشدك القاضي إلى الواجب، فالمقصود أن هذا فيه تفصيل وفي قرار المحكمة لديكم إن شاء الله الكفاية.
الجواب: هذه من نعم الله، التوبة من نعم الله العظيمة والحمد لله الذي من الله عليك بالتوبة، وإذا كانت التوبة صادقة قد اشتملت على شروطها الثلاثة وهي: الندم على الماضي من المعاصي وتركها والحذر منها والعزم أن لا يعود فيها وهو صادق في ذلك، حمله على هذا خوف الله وتعظيمه والإخلاص له فإن الذنوب تمحى بهذه التوبة، والمعصية الجديدة عليه التوبة منها وحدها والتوبة السابقة قد محا الله بها ما مضى ولا يخف ما دام تاب توبة صادقة خالصة لله نادماً على الماضي تاركاً للماضي عازماً عزماً صادقاً أن لا يعود فيه فإن الله يمحو بذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (التوبة تجب ما قبلها)، أي: تهدم ما قبلها، ويقول عليه الصلاة والسلام: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).
أما المعصية الجديدة فعليه التوبة منها توبة جديدة وإذا تاب من المعصية الجديدة محاها الله عنه أيضاً، إذا تاب توبة صادقة بالندم عليها والإقلاع منها والحذر منها والعزم أن لا يعود فيها عزماً صادقاً خائفاً من الله تعظيماً لله مخلصاً لله محاها الله مثل التي قبلها، إلا إذا كانت المعصية تتعلق بالمخلوق تعدي على مخلوق أخذ ماله ضربه سفك دمه هذه لها شرط رابع لا بد من إعطاء المخلوق حقه أو تحلله، فلا تتم التوبة من حق المخلوق إلا بشرط رابع وهو أن يعطيه حقه أو يتحلله من حقه ويسمح له.
الجواب: تقوم من الليل حسب التيسير ما يسر الله لك تقوم، الأفضل في آخر الليل الثلث الأخير وإذا صليت في وسط الليل أو في أول الليل كله طيب، وتصلي ثنتين ثنتين ثم تختم بواحدة تقرأ فيها الْحَمْدُ [الفاتحة:2]، و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] وليس في هذا حد محدود، صل ما تيسر لك من ثلاث خمس سبع تسع إحدى عشر ثلاثة عشر هذا أكثر ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر وإن صليت أكثر من ذلك عشرين أكثر وتوتر بواحدة كله طيب.
فالمقصود: مثلما قال صلى الله عليه وسلم: (اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله ما دام عليه صاحبه وإن قل) ولو قليل، بعد صلاة العشاء تصلي واحدة ركعة واحدة وتر بعد الراتبة أو تصلي ثلاث، تسلم من ثنتين ثم تصلي واحدة وتر أو تصلي خمس تسلم من كل ثنتين أو تسردها جميعاً كله لا بأس على حسب التيسير لا تكلف، اتق الله ما استطعت وهي نافلة ليست واجبة والأفضل إذا تيسر لك أن تكون الصلاة في آخر الليل في الثلث الأخير فهذا أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول سبحانه: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ حتى ينفجر الفجر)، فإذا تيسر لك آخر الليل فهذا أفضل، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من خاف ألا يقوم في آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل)، ويقول أبو هريرة رضي الله عنه: (أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث: بصلاة ركعتي الضحى وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وأن أوتر قبل النوم)، وهكذا أوصى أبا الدرداء والسبب والله أعلم أنهما كانا يدرسان الحديث في أول الليل ويخشيان أن لا يقوما من آخر الليل فأوصاهما بالقيام والوتر في أول الليل أما الذي يطمع في آخر الليل ويستطيع فهو أفضل كما تقدم، وفق الله الجميع.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم: اللهم آمين مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء. شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم ونحن نرحب برسائلكم على عنوان البرنامج: المملكة العربية السعودية، الرياض، الإذاعة، برنامج نور على الدرب.
مرة أخرى: شكراً لكم مستمعي الكرام وإلى الملتقى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر