مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: نعود في بداية هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من الأخ المستمع بشير شداد، أخونا بشير عرضنا له بعض الأسئلة في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة بقي له سؤال واحد، يقول فيه: ما هو الحكم في شخص كان لا يصوم رمضان، ثم تاب وعاد إلى الله وبدأ يصوم، ما حكم الأشهر التي أفطرها جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
الحكم في ذلك أن عليه أن يقضي ما ترك عند جمهور أهل العلم، مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى إذا كان يصلي، أما إذا كان لا يصلي فتارك الصلاة كافر وليس عليه إلا التوبة، ليس عليه قضاء لصوم ولا صلاة، بل عليه التوبة إلى الله عز وجل ثم يستقبل الأمر استقبالاً، أما إذا كان يصلي ولكنه تساهل في الصيام فإنه يقضي، فإنه مسلم عاصٍ فعليه التوبة والقضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره، يجمع ويعطاه بعض الفقراء عن جميع الأيام التي أفطرها، وعليه التوبة الصادقة إلى الله بالندم على ما مضى من فعله القبيح والعزم الصادق أن لا يعود في ذلك، والله المستعان.
الجواب: إذا كان المذكور لم يدخل بها ولم يخلو بها خلوة كاملة، بحيث أغلق عليهم الباب، فإنه يرد عليه نصف المهر، لقول الله جل وعلا: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ [البقرة:237] من عفا منهم فلا بأس، إن عفت سقط حقها، وإن عفا هو سقط حقه، وإلا فعليها أن ترد النصف مما وصل إليها منه من ذهب وغيره وليس عليها عدة، لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب:49].
الجواب: المزعفر هو المصبوغ بالزعفران، والزعفران معروف، فلا يجوز للرجل أن يلبسه وإنما هو من لبس النساء، ونهى المحرم أيضاً أن يلبس شيئاً من الثياب مسه الزعفران أو الورس.
الجواب: لا أعلم حاله الآن، مشهور ولكن لا أعلم حال سنده، يراجع إن شاء الله، ويكون الجواب عنه في حلقة أخرى إن شاء الله.
الجواب: نعم للضرورة، لأجل العناية بتعظيمه وتخليصه ممن يهينه من الأطفال أو إلقائه في الأرض، الواجب على من رأى ذلك وإن كان على غير طهارة أن يأخذه ويرفعه في المحل اللائق به، وأن لا يدعه مع الصبية الذين يعبثون به، وإذا وجد ورقة في الأرض فيها قرآن رفعها وصانها، أو مزقها تمزيقاً لا يبقى معه شيء من ذكر الله، أو دفنها في أرض طيبة.
الجواب: ينبغي عدم الإكثار من الأيمان، الله قال: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] فلا ينبغي الإكثار من الأيمان لأنها عرضة لإهمالها وعدم تنفيذ ما تضمنته وعدم الكفارة، فينبغي للمؤمن والمؤمنة التحرز من ذلك والحذر من الإكثار من الأيمان؛ لأن الله جل وعلا يقول: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زانٍ -يعني: شيبة زاني- وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته لا يبيع إلا بيمينه ولا يشتري إلا بيمينه) يعني: يكثر من الأيمان.
فينبغي الحذر من هذه الأيمان، ومتى وقع شيء من ذلك فعليك إما الصوم وإما الكفارة، إما أن تصومي ما قلت وهذا أفضل، وإما أن تكفري كفارة عن يمينك، وعليك أن تحسبي الأيمان وتعديها ثم تكفري عن كل يمين كفارة، أو تصومي ما قلت، وهكذا لو قال إنسان: والله لأكلمن فلاناً، ثم لم يكلمه في الوقت المحدد يكفر كفارة يمين، أو والله لأصلين اليوم ركعتين، ولا صلى كفارة يمين، أو قال: والله لأعودن فلاناً المريض يعوده في محل له في المستشفى ولم يعده في اليوم الذي حدد، عليه كفارة يمين، وهكذا.
المقدم: جزاكم الله خيراً هل تتفضلون بتذكيرها بكفارة اليمين؟
الجواب:كفارة اليمين مثلما بين الله في سورة المائدة في آخرها، قال جل وعلا: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:89] فأوضح سبحانه تفصيل الكفارة، وأوضح أيضاً ما ينبغي للمؤمن من حفظ اليمين، وأنه بين هذه الأمور ليشكره العباد ويحمدوه ويثنى عليه لأنه بين لهم الأحكام التي تهمهم في أيمانهم وحثهم على ما شرع لهم فيها فليشكروه سبحانه على بيانه وإيضاحه وما تفضل به من الأحكام التي جعلها كفارة للأيمان، فإطعام عشرة مساكين يعني: من قوت البلد، كل واحد يعطى نصف الصاع من قوت البلد أو يعشى أو يغدى، وإذا جعل مع نصف الصاع من التمر أو الرز أو نحو ذلك شيء من الإدام فهذا حسن، أو يكسوهم كسوة تجزئهم في الصلاة مثل القميص، أو إزار ورداء، أو يعتق رقبة مؤمنة من ذكر وأنثى، فإن لم يستطع هذه الأمور الثلاثة كلها صام ثلاثة أيام، والأفضل أن تكون متتابعة، أما من قدر فإنه يخرج واحدة من هذه الثلاث، إما إطعام وإما كسوة وإما عتق.
الجواب: صبغ الشعر مستحب، إذا كان شيباً يصبغ لكن بغير السواد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد) تصبغ بالحمرة أو بالصفرة أو بالحناء مع الكتم يعني: مخلوط سواد مع حمرة، حتى يكون الصبغ بين السواد وبين الحمرة، أما السواد الخالص فلا يجوز، لا للرجال ولا للنساء.
وأما الحمرة على الشفة فلا نعلم فيها شيئاً، مثل الديرم، كونها تحمر شفتها بالديرم أو بالبودرة أو بشيء آخر من باب الجمال بين النساء أو عند الزوج، مع التستر عن الأجنبي والحجاب، هذا لا بأس به.
الجواب: إذا كان والدك عاجزاً عن الحج لكبر سنه أو لمرض لا يرجى برؤه تحج عنه، وهذا من بره، أو أراد منك أن تحججه لأنه يستطيع الحج ولكن ما عنده مال، وأراد منك أن تحججه فأنت أيضاً ينبغي لك أن تحججه لأن هذا من بره، فيتأكد عليك أن تجيب دعوته إذا كنت قادراً وتحتسب في ذلك.
أما تفضيل ذلك على فتح مدرسة للقرآن فهذا محل نظر، ولعلك تستطيع هذا وهذا، تقوم بما شرع الله من بره بالحج عنه، أو بتحجيجه بنفسه إن كان يستطيع، مع فتح المدرسة إذا تيسر ذلك في المسجد أو في بناء خاص، والأقرب عندي في مثل هذا أنك تبدأ بأبيك إذا كان عاجزاً أو قادراً يطلب منك أن تلبي رغبته لأن حجه بر عظيم به، ولأن له في ذلك مصلحة عظيمة وفائدة كبيرة، فإذا قدمته ثم بعد ذلك تسعى في الدار التي تريدها، جمعت بين الخيرين إن شاء الله.
الجواب: نعم، له أن يأكل مما سقط على الأرض إذا كان مهملاً، أما إذا كان محفوظاً في بستان مصون فليس له أن يأخذ شيئاً إلا بإذن ربه، أما إذا كان متروكاً لم يصن فإذا مر به وأكل منه فلا بأس.
الجواب: لا حرج في ذلك إن شاء الله، عليك أن تجتهد في العود إليها أو حملها معك إذا أمكن، إذا كان سفرك إلى بلاد سليمة ليس فيها خطر، وإذا أمكنك أن تجتهد في سرعة الرجوع فلا تتأخر، وإذا كانت سامحة فلا بأس أيضاً.
المقصود: أن سفرك في طلب الرزق أو طلب العلم ثمانية أشهر أو أقل أو أكثر حسب الحاجة لا حرج فيه، لكن كلما قل فهو أولى وأحوط، حرصاً على سلامة دينك ودينها، وعفتك وعفتها.
الجواب: نرى أن تتصل بالمحكمة وتسألها، وفيما تراه المحكمة الكفاية إن شاء الله، وإذا كنت في المملكة لا مانع أن تتصل بي شخصياً حتى أنظر في الأمر إن شاء الله.
الجواب: هذا دعاء ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا ويقول: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال) ثابت عنه صلى الله عليه وسلم، وهذا من دعواته العظيمة، التي رواها مسلم وغيره.
فغلبة الدين معروف، يعني: ثقل الدين وعجزه عن تسديده.
وغلبة الرجال.. أن يغلبوه.. أن يقهروه حتى يقتلوه أو يأخذوا ماله أو يهينوه ويضربوه.. إلى غير ذلك، فهو يستعيذ بالله من غلبة الدين وقهر الرجال، فالدين إذا عجز عنه يشغل فكره كثيراً ويهمه كثيراً، وربما أتعبه أهله أيضاً أهل الدين بالمطالبات والخصومات، وهم لا يعرفون عجزه وحقيقة أمره، وقهر الرجال لاشك أنه مصيبة عظمى، سواء قهروه على قتله، أو قهروه على أخذ ماله أو بعض ماله، أو قهروه على ضربه، أو قهروه على غير ذلك مما يضره، فكله شر وكله بلاء عظيم ومصيبة عظيمة، فلهذا شرع الله الاستعاذة من ذلك.
الجواب: القبور فتن بها كثير من الناس، فيما مضى وفي هذه الأمة، وكانت اليهود والنصارى فتنت بذلك، وعبدوا القبور واتخذوها أوثاناً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وقال عليه الصلاة والسلام لما أخبرته اثنتان من نسائه في الحبشة أنهما رأتا كنيسة في الحبشة وما فيها من الصور قال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله) فجعلهم بهذا العمل شرار الخلق؛ لأنهم يعظمونهم بالتصوير والبناء، ويسألونهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب، ويتبركون بتراب قبورهم، إلى غير هذا من أعمالهم القبيحة، ولهذا استحقوا اللعنة على ذلك.
وقال عليه الصلاة والسلام في حديث جندب فيما رواه مسلم في الصحيح : (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) وقال في حديث ابن مسعود : (إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد).
فالواجب الحذر من هذه الخصلة الذميمة التي سار عليها اليهود والنصارى وهي تعظيم القبور بالبناء عليها، واتخاذ المساجد عليها والقباب والتبرك بها ودعاء أهلها والاستغاثة بهم، والذبح لهم والنذر لهم، وطلبهم المدد، وهذا بلاء عظيم، بعضه بدعة وبعضه شرك.
فاتخاذ المساجد على القبور بدعة، اتخاذ القباب وتجصيصها كل ذلك من البدع، ومن أسباب الشرك ووسائله. ولهذا ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه) لأن التجصيص والبناء عليه وسيلة للشرك والتعظيم، وهكذا اتخاذ القبة فوقه والمسجد فوقه كل هذا من أسباب الشرك، وهكذا القراءة عنده والصلاة عنده من البدع.
أما سؤال المدد وطلبه الغوث فهذا هو الشرك الأكبر، هذه عبادة لغير الله سبحانه وتعالى، فالواجب على الأمة الحذر من ذلك، والواجب على العلماء بيان ذلك للأمة وتحذيرهم من هذا الشرك وهذه البدع لعلهم يسلمون منها، وهكذا كل من لديه علم يبثه في الناس ويعلمه الناس، يقول الله سبحانه: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33].
والرسول عليه السلام يقول: (بلغوا عني ولو آية) ويقول صلى الله عليه وسلم: (نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها، ثم أداها كما سمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) وكان إذا خطب عليه الصلاة والسلام يقول للناس: (ليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع) وهذه البلية انتشرت في العالم في البلاد الإسلامية وغيرها، وهي التعلق على القبور والبناء عليها والتمسح بها وسؤالها الحاجات وتفريج الكروب والمدد، وهذا بلاء عظيم وشر كبير يجب الحذر منه، والبدعة دائماً تكون وسيلة للشرك، فأسباب هذا الشرك تعظيم القبور بالبناء عليها، واتخاذ المساجد عليها، والصلاة عندها والقراءة عندها، فلما وجدت هذه البدع جرت الناس إلى الشرك والغلو في القبور وعبادتها من دون الله بالدعاء والاستغاثة والذبح لها والنذر لها، وطلبها المدد، وهذا هو الشرك الأكبر.
فيجب الحذر من ذلك والتوبة إلى الله من ذلك، ويجب هدم البناء الذي على القبور من مساجد وغيرها، وأن تكون القبور بارزة ليس عليها بناء، كما كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، وهكذا في البلاد الإسلامية السليمة من هذه الفتنة، وعلى العلماء وعلى الأمراء أن يعالجوا هذه الأوضاع، وأن يزيلوها من بينهم، وأن يحذروا الناس منها، وأن تكون القبور بارزة ليس عليها بناء لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، رزق الله الجميع الهداية والبصيرة.
الجواب: ليس لك أن توصي له وليس لك أن تحرمه، بل عليك أن تجتهد في إصلاحه وهدايته، وأن تستعين بالله على ذلك، وأن تدعو له بظهر الغيب بينك وبين الله أن يهديه الله، وأن يرده للصواب، وأن تستعين بإخوانك أيضاً وقراباتك الطيبين على دعوته إلى الله، والأخذ على يديه، حتى يستقيم على البر والصلة للرحم، وحتى يدع ما هو عليه من الباطل، فإن لم يفعل فاهجره هجراً وأبعده عنك، وإذا مت فالله يتولى الأمر، وعلى المحاكم أن تنظر في الأمر، أما أنت فلا توصي له بشيء ولا توصي بحرمانه، قد يهديه الله، قد يرجع إلى الصواب والمحكمة تنظر في الأمر، فإن كان كافراً إذا مت لم يرث منك وأنت مسلم، وإن كانت معصيته لم تلحقه بالكفر أعطي حقه والإثم عليه، أما أنت فلا تعمل، لا تهدي له ولا توصي له، ولكن تنصحه وتجتهد في طلب الهداية له من الله عز وجل، وتستعين أيضاً بإخوانك الطيبين على نصيحته وتوجيهه إلى الخير لعل الله يهديه بأسبابك وأنت حي.
الجواب: شفاك الله وعافاك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية من كل سوء، وأن يصلح قلبك ودينك، وأن يعيذنا وإياك من كل سوء وسائر المسلمين، وإذا كنت يضرك الماء فلا مانع من التيمم، والله سبحانه يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] والذي يضره الماء حكمه حكم من لم يجد الماء، يتيمم والحمد لله، يضرب التراب بيديه ويمسح وجهه وكفيه بذلك، ويكتفي بهذا عن الماء، أما الصلاة فعليك أن تصلي على حسب طاقتك، إن استطعت قائمة صليت قائمة، وإن استطعت قاعدة صليت قاعدة، بدلاً من القيام إذا عجزت عن القيام، فإن لم تستطيعي القيام ولا القعود فعليك أن تصلي على الجنب، والأفضل على الجنب الأيمن إذا تيسر ذلك، فإن عجزت فصلي مستلقية، ورجلاك إلى القبلة.
ولا يجوز ترك الصلاة أبداً، بل عليك أن تصلي على إحدى هذه الصفات حسب الطاقة ما دام العقل موجوداً.
إن قدرت قائماً صليت قائمة، وإن عجزت عن القيام صليت قاعدة، وإن عجزت عن القعود صليت على جنب، وإن عجزت صليت مستلقية، هكذا أجاب النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله بعض المرضى، قال له صلى الله عليه وسلم: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقياً) هكذا رواه البخاري في الصحيح بدون ذكر الاستلقاء، وزاد النسائي بإسناد جيد ذكر الاستلقاء على الظهر.
فالحاصل: أن هذا هو الواجب على كل مريض أن يصلي على حسب طاقته، ما دام العقل موجوداً، أما إذا زال العقل سقط التكليف كالمجانين وأشباههم.
نسأل الله لك الشفاء والعافية، وأن يمن عليك بالصحة التي تعينك على طاعة الله كما شرع سبحانه وتعالى.
المقدم: جزاكم الله خيراً، يا أختنا الصابرة صبر أيوب من الضفة الغربية قضاء الخليل، سنعود إلى رسالتك في حلقة قادمة إن شاء الله تعالى.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحته، وأنتم أيها الإخوة المستمعون! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر